الغد لنا
الغد لنا
تبدّل قلبي من ضلالته رشدا
فلا أرب فيه لهند و لا سعدى
و لم تخب نار الوجد فيه و لا انطوت
و لكن هيامي صار بالأنفع الأجدى
و ما الزهد في شيء سوى حبّ غيره
أشدّ الورى نسكا أشدهم وجدا
أحبّ سواي العيش لهوا وراحة
و انكرته لهوا فأحببته كدّا
و ما دام في الدنيا سمو ورفعه
فما أنا من يرضى و يقنع بالأردا
هو الموت أن نحيا شياها وديعه
و قد صار كلّ الناس من حولنا أسدا
و أن نكتفي بالأرض نسرح فوقها
و قد ملكوا من فوقنا البرق و الرعدا
و أن ينشروا في كلّ أفق بنودهم
و أن لا نرى فوق السّماك لنا بندا
تأملت ماضينا المجيد الذي انقضى
فزلزل نفسي أنّه انهار و انهدا
و كيف امّحت تلك الحضارات كلّها
و صارت بلاد أنبتتها لها لحدا
و صرنا على الدنيا عيالا و طالما
تعلّم منا أهلها البذل و الرفدا
و نحن الألى كان الحرير برودهم
على حين كان الناس ملبسهم جلدا
إذا الأمس لم يرجع فإنّ لنا غدا
نضيء به الدنيا و نملأها حمدا
و تلبسنا في الليل آفاقه سنا
و تنشرنا في الفجر أنسامه ندّا
فإنّ نفوس العرب كالشهب، تنطوي
و تخفى، و لكن ليس تبلى و لا تصدا
و مثل اللآلي لا يخيس جمالها
و إن هي لم ترصف و لم تنتظم عقدا
إذا اختلفت رأيا فما اختلفت هوى،
أو افترقت سعيا فما افترقت قصدا