تائية دعبل
(حولت الصفحة من القصيدة التائية)
| ||
تَجاوَبنَ بِالإِرنانِ وَالزَّفَراتِ | نَوائِحُ عُجمِ اللَّفظِ وَالنَّطِقاتِ | |
يخِّبرنَ بالأنفاسِ عن سرِّ أَنفسٍ | أسارى هوى ً ماضٍ وآخر آتِ | |
فأَسْعَدْنَ أَو أَسْعَفْنَ حَتَّى تَقَوَّضَتْ | صفوفْ الدجى بالفجرِ منهزماتِ | |
على العرصاتِ الخاليات من المها | سَلامُ شَج صبٍّ على العَرصاتِ | |
فَعَهْدِي بِهَا خُضرَ المَعاهِدِ، مَأْلفاً | من العطرات البیض والخفرات | |
لياليَ يعدين الوصالَ على القلى | ویعدی تدانینا علی الغربات | |
وإذ هنَّ يلحظنَ العيونَ سوافرا | ويسترنَ بالأيدي على الوجناتِ | |
وإذْ كلَّ يومٍ لي بلحظيَ نشوة ٌ | یبیت بها قلبی علی نشواتِ | |
فَكَمْ حَسَراتٍ هَاجَهَا بمُحَسِّرٍ | وقوفي يومَ الجمعِ من عرفاتِ! | |
أَلَم تَرَ للأَيَّامِ مَا جَرَّ جَوْرُها | على الناسِ من نقصٍ وطولِ شتاتِ ؟ | |
وَمِن دولِ المُستَهْترينَ، ومَنْ غَدَا | بهمْ طالباً للنورِ في الظلماتِ ؟ | |
فكَيْفَ؟ ومِن أَنَّى يُطَالِبُ زلفةً | إلَى اللّهِ بَعْدَ الصَّوْمِ والصَّلَواتِ | |
سوى حبِّ أبناءِ النبيِّ ورهطهِ | وبغضِ بني الزرقاءِ والعبلاتِ ؟ | |
وهِنْدٍ، وَمَا أَدَّتْ سُميَّة ُ وابنُها | أولو الكفرِ في الإسلامِ والفجراتِ ؟ | |
هُمُ نَقَضُوا عَهْدَ الكِتابِ وفَرْضَه | وحُلْمٌ بِلاَ شُورَى، بِغَيرِ هُدَاة ِ | |
وَلَم تَكُ إلاَّ مِحْنَة ٌ كَشَفتْهمُ | بدعوى ضلالٍ منْ هنٍ وهناتِ | |
تُراثٌ بِلا قُربى وَمِلكٌ بِلا هُدىً | وَحُكمٌ بِلا شورى بِغَيرِ هُداةِ | |
رزايا أرتنا خضرة َ الأفقِ حمرةً | وردتْ أجاجاً طعمَ كلَّ فراتِ | |
وَمَا سهَّلَتْ تلكَ المذاهبَ فِيهمُ | على الناس إلاّ بيعة ُ الفلتاتِ | |
وما نالَ أصحابُ السقيفة جهرة | بدعوى تراثٍ، بل بأمرِ تراتِ | |
ولو قلَّدُوا المُوصَى إليهِ أمورها | لَزُمَّتْ بمأمونٍ مِن العَثَراتِ | |
أخا[1] خاتمِ الرسلِ المصفى من القذى | ومفترسَ الأبطال في الغمراتِ | |
فإِنْ جَحدُوا كانَ الْغَدِيرُ شهيدَهُ | وبدرٌ وأحدٌ شامخُ الهضباتِ | |
وآيٌ مِن الْقُرآنِ تُتْلَى بِفضلهِ | وإيثاره بالقوتِ في اللزباتِ | |
وغرُّ خلالٍ أدركتهُ بسبقها | مناقبُ كانتْ فيهِ مؤتنفاتِ | |
مناقبُ لمْ تدركْ بكيدٍ ولم تنلْ | بشيءٍ سوى حدَّ القنا الذرباتِ | |
نجيٌ لجبريلَ الأمين وأنتمُ | عكوفٌ على العزي معاً ومناةِ | |
بَكَيتُ لِرَسمِ الدارِ مِن عَرَفاتِ | وَأَذرَيتُ دَمَعَ العَينِ في الوَجَناتِ | |
وبان عُرَى صَبْرِي وَهَاجَتْ صَبابَتي | رسومُ ديارٍ قد عفتْ وعراتِ | |
مَدَارسُ آيَاتٍ خَلَتْ مِن تلاوةٍ | ومنزلُ وحيٍ مقفرُ العرصاتِ | |
لِآلِ رَسولِ اللَهِ بِالخَيفِ مِن مِنى | وبالرُّكنِ والتَّعَريفِ والْجَمَرَاتِ | |
دیار لعبد الله بالخیف من منی | وللسید الداعی إلی الصلوات | |
دِيارُ عليِّ والحُسَيْنِ وجَعفَرٍ | وحَمزةَ والسجَّادِ ذِي الثَّفِناتِ | |
ديارٌ لعبدِ اللّهِ والْفَضْلِ صَنوِهِ | نجيَّ رسول اللهِ في الخلواتِ | |
وسبطی رسول الله وابنی وصیه | ووارث علم الله والحسنات | |
مَنَازِلُ وَحيُ اللّهِ يَنزِلُ بَيْنَها | عَلَى أَحمدَ المذكُورِ في السُّورَاتِ | |
منازلُ قومٍ يهتدى بهداهمُ | فَتُؤْمَنُ مِنْهُمْ زَلَّة ُ الْعَثَراتِ | |
مَنازِلُ كانَتْ للصَّلاَة ِ وَلِلتُّقَى | وللصَّومِ والتطهيرِ والحسناتِ | |
مَنازِلُ لا تیم یحلُّ برَبعِها | ولا ابن صهاک فاتک الحرمات | |
ديارٌ عَفاها جَورُ كلِّ مُنابِذٍ | ولمْ تعفُ للأيامِ والسنواتِ | |
قفا نسألِ الدارَ التي خفَّ أهلها | متى عهدها بالصومِ والصلواتِ ؟ | |
وَأَيْنَ الأُلَى شَطَّتْ بِهِمْ غَرْبَة ُ النَّوى النوی | أفانينَ في الآفاقِ مفترقاتِ | |
هُمُ أَهْلُ مِيرَاثِ النبيِّ إذا اعَتزُّوا | وهم خيرُ سادات وخيرُ حماة | |
إذ ألم نناج الله فی صلواتنا | بأسمائهم لم یقبل الصلوات | |
مطاعيمُ في الاقتار في كل مشهدِ | لقد شرفوا بالفضلِ والبركاتِ | |
وما الناسُ إلاَّ حاسدٌ ومكذبٌ | ومضطغنٌ ذو إحنة ٍ وتراتِ | |
إذا ذكروا قتلى ببدرٍ وخيبرٍ | ويوم حنينٍ أسلبوا العبراتِ | |
وكيفَ يحبونَ النبيَّ ورهطه | وهمْ تركوا أحشاءهم وغراتِ | |
لقد لا يَنُوه في المقالِ وأضمروا | قُلُوباً على الأحْقَادِ مُنْطَوِياتِ | |
فإنْ لَمْ تَكُنْ إِلاَّ بقربَى مُحَمَّدٍ | فهاشمُ أولى منْ هنٍ وهناتِ | |
سقى اللهُ قبراً بالمدينة ِ غيثهَ | فقد حلَّ فیه الأمن بالبرکاتِ | |
نَبيّ الهدَى، صَلَّى عَليهِ مليكُهُ | وَبَلَّغَ عنَّا روحَه التُّحفَاتِ | |
وصلى عليه اللهُ ما ذَرَّ شارقٌ | ولاحَتْ نُجُومُ اللَّيْلِ مستدرات | |
أفاطمُ لو خلتِ الحسين مجدلاً | وقد ماتَ عطشاناً بشطَّ فراتِ | |
إذًا للطمتِ الخدَ فاطمُ عندهُ | وأَجْرَيتِ دَمْعَ العَيِنِ فِي الْوَجَناتِ | |
أفاطمُ قومي يا ابنةَ الخيرِ واندبي | نُجُومَ سَمَاواتٍ بأَرضِ فَلاَةِ | |
قُبورٌ بِكُوفانٍ وَأخرى بِطيبة | وأخرى بفخِّ نالها صلواتِ | |
وأخرى بأرضٍ الجوزجانِ محلها | وَقَبرٌ بباخمرا، لَدَى الغربات | |
وقبرٌ بِبَغْدَاد لِنَفْسٍ زَكيَّةٍ | تَضَمَّنها الرَّحمن في الغُرُفاتِ | |
وقبر بطوس یا لها من مصیبة | الحت علی الأحشاء بالزفرات | |
إلی الحشر حتی یبعث الله قائما | یفرج عنا الغم والکربات | |
علی بن موسی أرشد الله امره | وصلی علیه أفضل الصلوات | |
فأما الممضّاتُ التي لستُ بالغاً | مَبالغَها منِّي بكنهِ صِفاتِ | |
قُبورٌ بِجَنبِ النَهرِ مِن أَرضِ كَربَلا | مُعَرَّسُهُم مِنها بِشَطِّ فُراتِ | |
توفوا عطاشاً بالعراءِ فليتني | توفيتُ فيهمْ قبلَ حينَ وفاتي | |
إلى اللّهِ أَشكُو لَوْعَة ً عِنْدَ ذِكرِهِمْ | سقتنی بکأس الذل والقصعات | |
أخافُ بأنْ أزدادهم فتشوقني | مصارعهمْ بالجزعِ والنخلاتِ | |
تَقسَّمَهُمْ رَيْبُ الزَّمَانِ، فَما تَرَى | لَهُمْ عقرةً مَغْشيَّة َ الْحُجُراتِ | |
خلا أَنَّ مِنهمْ بالمَدِينَة ِ عُصبة | مدینین أنضاءًا من اللزبات | |
قَليلة ُ زُوَّارٍ، سِوَى ان زُوَّرا | منَ الضَّبْعِ والْعِقبانِ وَالرّخَمَاتِ | |
لهمْ كلَّ يومِ تربة بمضاجع | ثوَت فِي نَواحِي الأرضِ مفترقات | |
تنكبُ لأواءُ السنينَ جوارهمْ | فلا تصطليهم جمرةُ الجمراتِ | |
وقدْ كانَ منهمْ بالحجاز وأرضها | مغاويرُ نحّارونَ في السنواتِ | |
حمی لم تزرهُ المدينات وأوجهٌ | تضيء لدى الأستارِ في الظلماتِ | |
إذا وردوا خيلاً بسمر من القنا | مساعیر حرب اقحموا الغمرات | |
فإنْ فخروا يوماً أتوا بمحمدٍ | وجبریلَ والفٌرقانِ والسُوراتِ | |
وَعَدُّوا عليّاً ذا المنَاقبِ والعُلى | وفاطمةَ الزهراء خيرَ بناتِ | |
وحمزِة َ والعَبّاسَ ذا الهَدي والتُقى | وجعفرها الطیار فی الحجباتِ | |
أولئكَ لا منتوج هند وحربها | سمیة من نوکي ومن قذرات | |
ستُسألُ تَيمٌ عَنهمُ وعديُّها | وبيعتهمْ منْ أفجرِ الفجراتِ | |
همُ مَنَعُوا الآباءَ عن أخذِ حَقِّهمْ | وهمْ تركوا الأبناءَ رهنَ شتاتِ | |
وهمْ عَدَلوها عن وصَيّ مُحَمَّدٍ | فَبيعتُهمْ جاءتْ عَلى الغَدَراتِ | |
ولیّهم صِنو النبی محمد | أبو الحسن الفرّاج للغمرات | |
ملامكَ في آلِ النبيَّ فإنهمْ | أحبايَ ما عاشوا وأهلُ ثقاتي | |
تخيرتهمْ رشداً لنفسی إنهم | على كلَّ حالٍ خيرةُ الخيراتِ | |
نَبَذتُ إليهمْ بالموَّدةِ صادِقاً | وسلَّمتُ نفسي طائِعاً لِولاتي | |
فياربَّ زدني منْ يقيني بصيرةً | وزِدْ حُبَّهم - يا ربِّ - في حَسَناتي | |
سأبكيهمُ ما حَجَّ لِلّهِ راكبٌ | وما ناحَ قمريٌّ عَلى الشّجَراتِ | |
وإنّي لمولاهم وقالٍ عدوّهم | وإنّي لمحزونٌ بطول حیاتي | |
بنفسي أنتم منْ كهولٍ وفتيةٍ | لفكَّ عناة ٍ أولحملِ دياتِ | |
وللخيلِ لم قيّد الموتُ خطوها | فأَطْلَقْتُمُ مِنهُنَّ بالذَّرِباتِ | |
أحِبُّ قَصِيَّ الرَّحمِ مِن أجْلِ حُبّكُمْ | وأهجرُ فيكم زوجتي وبناتي | |
وأَكْتُمُ حُبِّيكمْ مَخافة َ كاشِحٍ | عَنيدٍ لأهلِ الحَقِّ غير مُواتِ | |
فيا عَينُ بكِّيهمْ، وجُودي بِعْبَرةٍ | فقدْ آنَ للتسكابِ والهملاتِ | |
لَقَد خِفتُ في الدُنيا وَأَيّامِ سَعيِها | وَإِنّي لَأَرجو الأَمنَ بَعدَ وَفاتي | |
ألمْ ترَ أني منْ ثلاثينَ حجةً | أروحُ وأغدو دائمَ الحسراتِ | |
أرى فيأهمْ في غيرهمْ متقسماً | وأيديهم من فيئهم صفراتِ | |
فكيفَ أداوي منْ جوى ً ليَ، والجوى | أميَّةُ أَهْلُ الكفر واللعنات | |
وآل زیاد فی الحریر مصونةًٌ | وآل رسول الله منهتکات | |
سأَبْكيهمُ ما ذَرَّ في الأفق شَارِقٌ | ونادى منادي الخيرِ بالصلواتِ | |
وما طلعتْ شمسٌ وحانَ غروبُها | وباللَّيلِ أبْكيهمْ، وبالغَدَواتِ | |
ديارُ رَسولِ اللّهِ أَصْبَحْنَ بَلْقعاً | وآل زيادٍ تسكنُ الحجراتِ | |
وآلُ رسول الله تدمى نحورُهمْ | وآلُ زيادٍ ربّة الحجلاتِ | |
وآلُ رسولِ اللهِ تسبى حريمهمْ | وآل زيادٍ آمنوا السرباتِ | |
إِذَا وُتِروا مَدُّوا إِلَى واتِريهمُ | أَكُفّاً عَن الأَوتارِ مُنْقَبِضَاتِ | |
فَلَولا الَّذِي أَرجُوه في اليومِ أَو غدٍ | تَقطَّعَ نَفسي إثْرَهمْ حَسَراتِ | |
خُروجُ إِمامٍ لا مَحالَة َ خارجٌ | يَقُومُ عَلَى اسمِ اللّهِ وَالْبَرَكاتِ | |
فيا نفسُ طيبي، ثم يا نفسُ أبشري | ويَجزِي على النَّعمَاءِ والنَّقِماتِ | |
فيا نفسُ طيبي، ثم يا نفسُ أبشري | فَغَيْرُ بَعيدٍ كُلُّ ما هُو آتِ | |
وَلاَ تَجْزَعي مِنْ مُدَّة ِ الجَوْرِ، إِنَّني | أری قوّتي قد آذنَت بثبات | |
فإنْ قَرَّبَ الرحْمنُ مِنْ تِلكَ مُدَّتي | وأخَّر من عمري ووقت وفاتي | |
شَفيتُ، ولَم أَتْركْ لِنَفْسي غصةً | وَرَوّيتُ مِنهمْ مُنصِلي وَقَناتي | |
فإِنِّي مِن الرحمنِ أَرْجُو بِحبِّهمْ | حیاة لدی الفردوس غیر تبات | |
عسى اللهُ أنْ يرتاحَ للخلقِ إنهُ | إلى كُلِّ قومٍ دَائِمُ اللَّحَظَاتِ | |
فإنْ قُلتُ عُرْفاً أَنْكَرُوهُ بِمُنكرٍ | وغَطَّوا عَلَى التَّحْقِيقِ بالشُّبَهاتِ | |
تقاصر نفسي دائماً عنْ جدالهم | كفاني ما ألقي من العبراتِ | |
أحاولُ نقلَ الصمَّ منْ مستقرِّها | وإسماعَ أحجارٍ من الصلداتِ | |
فحسبيَ منهمْ أنْ أموتَ بغصةٍ | تُردَّدُ في صدري وفي لهواتي | |
فَمنْ عارِفٍ لَم يَنْتَفِعْ، وَمُعَانِدٍ | تمیل به الأهواء للشهواتِ | |
كأَنَّكَ بالأَضْلاعِ قَدْ ضاقَ ذرعها | لما حملت منْ شدة ِ الزفراتِ[2] |