الكامل في اللغة/الجزء الثاني

باب لحسان بن ثابت يهجو مسافع بن عياض التيمي قال أبو العباس: قال حسان بن ثابت يهجو مسافع بن عياض التيمي، من تيم بن مرة بن كعب بن لؤي، رهط أبي بكر الصديق رحمه الله: لو كنت من هاشم أو من بنـي أسـدٍ أو عبد شمس أو اصحاب اللوا الصيد أو من بني نوفل أو رهط مطـلـبٍ لله درك لم تـهـمـم بـتـهـديدي أو في الذؤابة من قوم ذوي حـسـبٍ لم تصبح اليوم نكساً ثانـي الـجـيد أومن بني زهرة الأخيار قد علمـوا أومن بني جمح البيض المـنـاجـيد أو في السرارة من تيم رضيت بهـم أو من بني خلف الخضر الجلاعـيد يا آل تيم ألاينـهـى سـفـيهـكـم قبل القذاف بقول كـالـجـلامـيد لولا الرسول فإني لسـت عـاصـية حتى يغيبني في الرمس ملـحـودي وصاحب الغار إني سوف أحفظـك وطلحة بن عبد الـلـه ذو الـجـود

لقد رميت بها شنعاء فـاضـحة يظل منها صحيح القوم كالمودي قوله:" لو كنت من هاشم" يريد هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، والنضر أبو قريش، ومن كان من بني كنانة لم يلده النضر فليس بقرشي. وبنو أسد بن عبد العزى بن قصي. وعبد شمس هو عبد شمس، بن عبد مناف بن قصي. وأصحاب اللواء بنو عبد الدار بن قصي. واللواء ممدود إذا أردت به لواء الأمير، ولكنه احتاج إليه فقصره، وقد بينا جواز ذلك، فأما اللوى من الرمل فمقصور، قال امرؤ القيس : بسقط اللوى بين الدخول وحومل كذا يرويه الأصمعي، وهذه أصح الروايات. وقوله:" أو من بني نوفل" فهو نوفل بن عبد مناف بن قصي. والمطلب الذي ذكره هو ابن عبد مناف بن قصي. وقوله:" لم تصبح اليوم نكساً"، فالنكس الدنيء المقصر. ويقول بعضهم: إن أصل ذلك في السهام، وذلك أن السهم إذا ارتدع أو نالته أفة نكس في الكنانة ليعرف من غيره قال الحطيئة: قد ناضلوك فأبدوا من كنانتهم مجداً تليداً و نبلا غير أنكاس قوله:" مجداً تليداً"، قالوا: نواصي الفرسان" الذين كان يمن عليهم. وقوله:" ثاني الجيد" قد مر تفسيره في قول الله عز وجل:" ثانى عطفه ليضل عن سبيل الله" الحج: 9 وقوله:" أو من بني زهرة"، فهو زهرة بن كلاب بن مرة. ويروى أن رسول الله قال:" خلقت من خير حيين: من هاشم وزهرة" وبنو جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي. وقوله:" الناجيد" مفاعيل، من النجدة، والواحدة منجاد، وإنما يقال ذلك في تكثير الفعل، كما تقول: رجل مطعان بالرمح، ومطعام للطعام. وقوله: أو في السرارة من تيم رضيت بهم يقول: في الصميم منهم والموضع المرضي، وأصل ذلك في التربة، تقول العرب: إذا غرست فاغرس في سرارة الوادي، ويقال: فلان في سر قومه، والسرة مثل ذلك، قال القرشي: هلا سألت عن الذين تبطحوا كرم البطاح وخير سرة واد وعن الذين أبو فلم يستكرهوا أن ينزلوا الولجات من أجياد يخبرك أهل العلم أن بيوتنـا منها بخير مضارب الأوتاد وقوله :" أو من بني خلف الخضر"، فإنه حذف التنوين لالتقاء الساكنين. وليس بالوجه، وإنما يحذف من الحرف لالتقاء الساكنين حروف المد واللين، وهي الألف، والياء المكسور ما قبلها، والواو المضموم ما قبلها، نحو قولك: هذا قفا الرجل، وقاضي الرجل، ويغزو القوم، فلأما التنوين فجاز فيه هذا. لأنه نون في اللفظ، والنون تدغم في الياء والواو، وتزاد كما تزاد حروف المد واللين، ويبدل بعضها من بعض، فتقول: رأيت زيداٌ فتبدل الألف من التنوين، وتقول في النسب إلى صنعاء وبهراء صنعاني وبهراني، فتبدل النون من ألف التأنيت، وهذه جملة وتفسيرها كثير، فلذلك حذف، ومثل هذا من الشعر: عمرو الذي هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف وقال آخر : حمـيد الـذي أمـــجٌ داره أخو الخمر ذو الشيبة الأصلع وقرأ بعض القراء :" قل هو الله أحد الله الصمد " الإخلاص 1- 2 وسمعت عمارة بن عقيل يقرأ:" ولا الليل سابق النهار وكلٌ في فلك يسبحون " يس 40، فقلت: ما تريد ? فقال :" سابقٌ النهار ". وقوله: " أواصحاب اللوا"، فإنما خفف الهمزة، وتخفف إذا كان قبلها ساكنٌ، فتطرح حركتها على الساكن وتحذف، كقولك: من أبوك ? وقوله عز وجل: " الذي يخرج الخبء في السموات والأرض " النمل 25 وخلف الذي ذكره من بني جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي . وقوله:"الخضر الجلاعيد " يقال فيه قولان: أحدهما أنه يريد سواد جلودهم، كما قال الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهبٍ : وأنا الأخضر من يعرفـنـي أخضر الجلدة في بيت العرب فهذا هو القول الأول. وقال آخرون :شبههم في جودهم بالبحور. وقوله:" الجلاعيد "، يريد الشداد الصلاب، واحدهم جلعدٌ، وزاد الياء للحاجة، وهذا جمعٌ يجيء كثيراً، وذلك أنه موضع تلزمه الكسرة، فتشبع فتصير ياءً، يقال في خاتم: خواتيم، وفي دانقٍ دوانيق، وفي طابق طوابيق قال الفرزدق في مثل هذا الجمع : تنفي يداها الحصى في كل هاجرةٍ نفي الدراهيم تنقاد الـصـياريف

وقوله: " قبل القذاف" يريد المقاذفة، وهذه تكون من اثنين فما فوقهما، نحو المقاتلة والمشاتمة، فباب " فاعلت" إنما هو للاثنين فصاعداً، نحو قاتلت وضاربت، وقد تكون الألف زائدة في فاعلت فتبنى للواحد، كما زيدت الهمزة أولاٌ في " أفعلت " فتكون للواحد، نحو عاقبت اللص، وعافاه الله، وطارقت نعلي. وقوله:" وصاحب الغار "، يعني أبا بكر رحمه الله، لمصاحبته النبي في الغار، وهذا مشهور لايحتاج إلى تفسيره . وطلحة بن عبيد الله نسبه إلى الجود لأنه كان من أجود قريش. وحدثني التوزي قال: كان يقال لطلحة بن عبيد الله: طلحة الطلحات، وطلحة الخير، وطلحة الجود. وذكر التوزي عن الأصمعي أنه باع ضيعةٌ له بخمسة عشر ألف درهم، فقسمها في الأطباق. وفي بعض الحديث أنه منعه أن يخرج إلى المسجد أن له بين ثوبين. وحدثني العتبي في إسناد ذكره قال: دعا طلحة بن عبيد الله أبا بكر وعمر وعثمان رحمة الله عليهم، فأبطأ عنه الغلام بشيء أراده، فقال طلحة: يا غلام، فقال الغلام: لبيك فقال طلحة: لا لبيك فقال أبو بكر: ما يسرني أني قلتها وأن لي الدنيا وما فيها. وقال عمر: ما يسرني أني قلتها ولي نصف الدنيا. قال عثمان: ما يسرني أني قلتها وأن لي حمر النعم قال: وصمت عليها أبو محمد، فلما خرجوا من عنده باع ضيعةً بخمسة عش ألف درهم، فتصدق بثمنها . وقوله : يظل منها صحيح القوم كالمودي فالمودي في هذا الموضع الهالك، وللمودي موضع آخر يكون فيه القوي الجاد، حدثني بذلك التوزي في كتاب الأضداد، وأنشدني: مودون السبيل السابلا لرجل من العرب يرثي وقال رجل من العرب : خليلي عوجا بارك الله فيكمـا على قبر أهبان سقته الرواعد فذاك الفتى كل الفتى كان بينه وبين المزجى نفنف متباعـد إذا نازع القوم الأحاديث لم يكن عيياٌ ولا عبئاٌ على من يقاعـد قوله:" على قبر أهبان" فهذا اسم علم كزيد وعمرو، واشتقاقه من وهب يهب، وهمز الواو لانضمامها، كقوله عز وجل:" وإذا الرسل أقتت " المرسلات 11 فهو "فعلت"، من الوقت . وقد مضى همز الواو إذا انضمت. وهو لاينصرف في المعرفة وينصرف في النكرة، وكل شيء ينصرف فصرفه في الشعر جائز، لأن أصله كان الصرف، فلما احتيج إليه رد إلى أصله، فهذا قول البصريين. وزعم قوم أن كل شيء لاينصرف فصرفه في الشعر جائز، إلا" أفعل" الذي معه "منك"، نحو : أفضل منك، وأكرم منك . وزعم الخليل وعليه أصحابه أن هذا إذا كانت معه "منك" بمنزلة "أحمر" لأنه إنما كمل أن يكون نعتاٌ "منك"، وأحمر لا يحتاج إليها، مع "منك" بمنزلة "أحمر" وحده، قال: والدليل على أن "منك" ليست بمانعته من الصرف أنه زال عن بناء "أفعل" انصرف، نحو قولك: مررت بخير منك، وشر منك، فلو كانت "منك" هي المانعة لمنعت هنا،فهذا قول بين جداٌ . وقوله :"المزجى"، فهو الضعيف: يقال: زجى فلان حاجتي :أي خف عليه تعجيلها، والمزجاة من البضائع : اليسيرة الخفيفة المحمل. والنفنف وجمعها النفانف :كل ما كان بين شيئين عالٍ ومنخفض، قال ذو الرمة: في نفنف يتطوح". وقوله:" ولا عبئاٌ على من يقاعد"، فالعبء: الثقل، يقال حمل عبئاٌ ثقيلاٌ، ووكده بقوله:"ثقيلاٌ"، ولو لم يقله لم يحتج إليه لرجل يذكر ابنه وقال آخر يذكر ابنه: ألايا سمية شبـي الـوقـودا لعل اللـيالـي تـؤدي يزيدا فنفسي فداؤك مـن غـائب إذا ما المسارح كانت جليدا كفاني الذي كنت أسعى لـه فصار أباٌ لي وصرت الوليدا قوله :"شبي"، يقال: شببت النار والحرب إذا أوقدتهما، يقال: شب يشب شباٌ، قال الأعشى: تشب لمقرورين يصطليانـهـا وبات على النار الندى والمحلق وقوله: ذا ما المسارح كانت جليدا فالمسارح الطرق التي يسرحون فيها، واحدها مسرح، والجليد يقع من السماء، وهو ندى فيه جمود، فتبيض له الأرض، وهو دون الثلج، يقال له: الجليد، والضريب، والسقيط، والصقيع. وقالو في قوله: رجلا عقاب يوم دجن تضرب أي يصيبها الضريب .

وقوله:"وصرت الوليد"،الوليد: الصغير، وجمعه ولدان، وهو في القرآن . ونظير وليد وولدان ظليم وظلمان، وقضيب وقضبان، وباب "فعال فعلان"، نحو عقبان وذبان وغربان . وقولهم:" أمر لاينادى وليده"، يقال فيه قولان يتقاربان، فأحدهما أنه لا يدعى له الصغار، والوجه الآخر لأصحاب المعاني، يقولون: ليس فيه وليد فيدعى، ونظير ذلك قول النابغة الجعدي: سبقت صياح فراريجـهـا وضرب نواقيس لم تضرب أي ليست ثم، ولكن هذا من أوقاتها .وقالت أخت طرفة بن العبد: عددنا له ستاٌ وعشـرين حـجة فلما توفاها استوى سيداٌ ضخما فجعنا به لمـا رجـونـا إيابـه على خير حال لا وليداٌ ولا قمحا الوليد: ما ذكرنا، والقحم: الرجل المتناهي سناٌ ويقال ذلك في البعير قحم وقحر ومقلحم، ويقال للبعير خاصةٌ: قحارية، في وزن قراسية، وأنشد الأصمعي: رأين قحماٌ شاب واقلحما طال عليه الدهر فاسلهما المسلهم:الضامر. لرجل آخر يرثي ابنه وقال آخر لابنه يرثيه: ومن عجب أن بت مستشعر الثرى وبت بما زودتني مـتـمـتـعـا ولو أنني أنصفتك الـود لـم أبـت خلافك حتى ننطوي في الثرى معا ابراهيم بن عبد الله يرثي أخاه وقال إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن حسن يرثي أخاه محمداٌ: أبا المنازل يا عبر الفوارس مـن يفجع بمثلك في الدنيا فقد فجعـا الله يعلم أنـي لـو خـشـيتـهـم أو آنس القلب من خوف لهم فزعا لم يقتلوك ولم أسلم أخـي لـهـم حتى نعيش جميعاٌ أو نموت معـا قوله :"يا عبر الفوارس، يصفه بالقوة منهم وعليهم، كما يقال : ناقة عبر الهواجر وعبر السرى وقوله: أوآنس القلب من خوف لهم فزعا يقول: أحس، وأصل الإيناس في العين، يقال آنست شخصاٌ، أي أبصرته من بعد وفي كتاب الله عز وجل :" ءانس من جانب الطور ناراٌ" القصص29 لمتمم بن نويرة يرثي أخاه وقال متمم بن نويرة : وقالوا: أتبكي كل قبـر رأيتـه لميتٍ ثوى بين اللوى والدكادك فقلت لهم: إن الأسى يبعث البكا ذروني فهذا كله قبر مـالـك الأسى :الحزن وقد مر تفسيره. لعلي بن عبد الله بن العباس يفخر قال علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب رحمة الله ورضوانه عليه : أبي العباس قرم بني قصي وأخوالي الملوك بنو وليعه هم منعوا دماري يوم جاءت كتائب مسرف وبنو اللكيعة أراد بي التي لا عز فيهـا فحالت دونه أيدٍ منـيعـه قوله:" بنو وليعة"، فهم أخواله من كندة، وأمه زرعة بن مشرحٍ الكندية ثم إحدى بني وليعةٍ. وقوله:" كتائب مسرفٍ" يعني مسلم بن عقبة المري صاحب الحرة، وأهل الحجاز يسمونه مسرفاً وكان أراد أهل المدينة جميعاً على أن يبايعوا يزيد بن معاوية على أن كل واحدٍ منهم عبد قن له إلا علي بن الحسين، فقال حصين بن نمير السكوني من كندة:" ولا يبايع ابن أختنا علي بن عبد الله إلا على ما يبايع عليه علي بن الحسين، على أنه ابن عم أمير المؤمنين، وإلا فالحرب بيننا، فأعفي علي بن عبد الله، وقبل منه ما أراد، فقال هذا الشعر لذلك. وقوله:" بنو اللكيعة"، فهي اللئيمة، ويقال في النداء للئيم: يا لكع، وللأنثى: يا لكاع، لأنه موضع معرفة، كما يقال: يا فسق ويا خبث، فإن لم ترد أن تعدله عن جهته قلت للرجل: يا ألكع، وللأنثى يا لكعاء، وهذا موضع لا تقع فيه النكرة، وقد جاء في الحديث والأصل ما ذكرت لك:" لا تقوم الساعة حتى يلي أمر الناس لكع ابن لكع "، فهذا كناية عن اللئيم ابن اللئيم، وهذا بمنزلة عمر ينصرف في النكرة، ولا ينصرف في المعرفة. ولكاع يبنى على الكسر، وسنشرح باب"فعال" للمؤنث على وجوهه الأربعة عند أول ما يجري من ذكره إن شاء الله. وقد اضطر الحطيئة فذكر "لكاع"في غير النداء، فقال يهجو امراته: أطوف ما أطوف ثم آوي إلى بيتٍ قعيدته لكـاع قعيدة البيت: ربة البيت، وإنما قيل قعيدة لقعودها وملازمتها، ويقال للفرس قعدة من هذا، وهو الذي يرتبطه صاحبه فلا يفارقه، قال الجعفي :

لكن قعيدة بيتنـا مـجـفـوةٌ بادٍ جناجن صدرها، ولها غنى الجناجن : ما يظهر عن الهزال من أطراف الصدر، واحداها جنجنٌ. لهشام أخي ذي الرمة وقال هشام أخو ذي الرمة: تعزيت عن أوفى بغيلان بعـده عزاءً وجفن العين بالماء مترع ولم تنسني أوفى المصيبات بعده ولكن نكء القرح بالقرح أوجع غيلان: هو ذو الرمة، وكان هشام من عقلاء الرجال. حدثني العباس بن الفرج في إسناده له يعزوه إلى رجل أراد سفراً، فقال: قال لي هشام بن عقبة. إن لكل رفقةٍ كلباً يشركهم في فضله الزاد، ويهر دونهم، فإن قدرت ألا تكون كلب الرفقة فافعل، وإياك وتأخير الصلاة عن وقتها، فإنك مصليها لا محالة، فصلها وهي تقبل منك. لحسان بن ثابت الأنصاري وقال حسان بن ثابت الأنصاري: تقول شعثاء لو صحوت عـن ال كأس لأصبحت مثـري الـعـدد أهوى حديث الندمان في قلق الص بح وصوت المسامـر الـغـرد لا أخدش الخدش بالجـلـيس ولا يخشى نديمي إذا انتـشـيت يدي يأبى لي السيف و اللسـان وقـو م لم يضامـوا كـلـبـدة الأسـد لبيدة الأسد : ما يتطارق من شعره بين كتفيه، ويقال : أسدٌ ذو لبدةٍ وذو لبيدٍ. لجرير في مرضه حين عادته قيس وحدثني عمارة قال: مرض جريرٌ مرضةً شديدةً، فعادته قيس، فقال: نفسي الفداء لقوم زينوا حسبـي وإن مرضت فهم أهلي وعوداي لو خفت ليثاً أبا شبلـين ذا لـبـدٍ ما أسلموني لليث الغابة العادي إن تجر طيرٌ بأمرٍ فيه عـافـيةٌ أو بالرحيل فقد أحسنتـم زادي لعبد الرحمن بن ثابت يهاجي عبد الرحمن بن الحكم وقال عبد الرحمن بن حسان بن ثابت بن المنذر بن حرامٍ، وهو يهاجي عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاصي بن أمية بن عبد شمس : فأما قولك: الخلـفـاء مـنـا فهم منعوا وريدك من وداجي ولو لا هم لكنت كحوت بحـر هوى في مظلم الغمرات داج وكنت أذل من وتـد بـقـاع بشجج راسه بالفهر واجـي فكتب معاوية إلى مروان أن يؤدنهما وكانا تقاذفا، فضرب عبد الرحمن بن حسان ثمانين، وضرب أخاه عشرين، فقيل لعبد الرحمن بن حسان: قد أمكنك في مروان ما تريد، فأشد بذكره، وارفعه إلى معاوية، فقال: إذاً والله لا أفعل، وقد حدني كما تحد الرحل الأحرار، وجعل أخاه كنصف عبد. فأوجعه بهذا القول. ويروى أن عبد الرحمن بن حسان لسعه زنبور فجاء أباه يبكي، فقال له: ما لك فقال: لسعني طائر كأنه ملتف في بردي حبرة. قال: قلت والله الشعر : ويروى أن معلمه عاقب صبياناً على ذنب وأراده بالعقوبة، فقال : الله يعلم أني كنت مـنـتـبـذاً في دار حسان أصطاد اليعاسيبا وأعرق قوم كانوا في الشعر آل حسان فإنهم كانوا يعتدون ستة في نسق كلهم شاعر، وهم سعيد بن عبد الحمن بن حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام، وبعد هؤلاء في الوقت آل أبي حفصة، فإنهم أهل بيت كلهم شاعر، يتوارثونه كابراً عن كابر . ويروى أن ابنة لابن الرقاع وقف بباب أبيها قوم يسألون عنه، فقالت: ما تريدون فقالوا: جئنا لنهاجيه فقالت وهي صبية. تجمعتم من كل أوب ووجهة على واحد لا زلتم قرن واحد فهذه بلغت بطبعها على صغرها مبلغ الأعشى في قلب هذا المعنى، حيث يقول لهوذة بن علي يرى جمع ما دون الثلاثين قصرة ويعدو على حمع الثلاثين واحدا باب نبذ من كلام الحكماء قال أبو العباس: قال عمر بن الخطاب رحمه الله: علموا أولادكم العوم والرماية، ومروهم فليثبوا على الخلل وثباً، ورووهم ما يجمل من الشعر. وفي حديث آخر: وخير الخلق للمرأة المغزل. ويروى عن الشعبي أنه قال: قال عبد الله بن العباس: قال لي أبي: يا بني، إني أرى أمير المؤمنين قد اختصك دون من ترى من المهاجرين والأنصار، فاحفظ عني ثلاثاً: لا يجربن عليك كذباً، ولا تغتب عنده مسلماً، ولا تفشين له سراً، قال: فقلت له: يا أبه، كل واحدةٍ منها خير من ألف، فقال كل واحدة منها خير من عشرة آلاف.

وحدثني العباس بن الفرج في إسناد ذكره قال: نظرإلى عمرو بن العاص على بغلةٍ قد شمط وجهها هرماً، فقيل له: أتركب هذه وأنت على أكرم ناخرةٍ بمصر فقال: لا ملل عندي لدابتي ما حملت رجلي، ولا لامرأتي ما أحسنت عشرتي، ولا لصديقي ما حفظ سري، إن الملل من كواذب الأخلاق. قوله:" على أكرم ناخرة" يريد الخيل، يقال للواحد ناخر، وقيل : ناخرة يراد جماعة، كما تقول: رجل بغال وحمار، والجماعة البغالة والحمارة، وكذلك تقول: أتتني عصبة نبيلة، وقبيلة شريفة، والواحد نبيل وشريف. مشاورة معاوية عمرو بن العاص في أمر عبد الله بن هاشم بن عتبة وشاور معاوية عمراً في أمر عبد الله بن هاشم بن عتبة بن مالك بن أبي وقاص وكان هاشم بن عتبة أحد فرسان علي رحمه الله فإتي بابنه معاوية، فشاور عمراً فيه، فقال،أرى أن تقتله، فقال له معاوية: إني لم أر في العفو إلا خيراً، فمضى عمرو مغضباً، وكتب إليه: أمرتك أمراً حازماً فعصيتنـي وكان من التوفيق قتل ابن هاشم أليس أبوه يا مـعـاوية الـذي أعان علياً يوم حز الغـلاصـم فقتلنا حتى جرى مـن دمـائنـا بصفين أمثال البحور الخضارم وهذا ابنه، والمرء يشبه عيصه ويوشك أن تلفى به جـد نـادم فبعث معاوية بأبياته إلى عبد الله بن هاشم، فكتب إليه عبد الله بن هاشم: معاوية إن المرء عمراً أبـت لـه ضغينه خب غشهـا غـير نـائم يرى لك قتلي يا ابن هند وإنـمـا يرى ما يرى عمرو ملوك الأعاجم على أنهم لا يقتـلـون أسـيرهـم إذا كان منه بيعة لـلـمـسـالـم فإن تعف عني تعف عن ذي قرابةٍ وإن تر قتلي تستحل محـارمـي فصفح عنه. من كلام عمرو بن العاص لعائشة وقال عمرو لعائشة رحمة الله عليهما : لوددت أنك كنت قتلت يوم الجمل فقالت: ولم لا أبا لك فقال : كنت تموتين بأجلك، وتدخلين الجنة، ونجعلك أكبر التشنيع على علي. ما قاله عمرو بن العاص حين احتضر وحدثني العباس بن الفرج الرياشي في إسنادٍ ذكره، آخره" ابن عباس " قال : دخلت على عمرو بن العاص وقد احتضر، فدخل عليه عبد الله بن عمرو فقال له: يا عبد الله، خذ ذلك الصندوق، فقال : لا حاجة لي فيه، قال إنه مملوء مالاً، قال: لا حاجة لي به، فقال عمرو: ليته مملوء بعراً قال: فقلت: يا أبا عبد الله، إنك كنت تقول: أشتهي أن أرى عاقلاً يموت حتى أسأله كيف يجد فكيف تجدك قال: أجد السماء كأنها مطبقة على الأرض وأنا بينهما، وأراني كأنما أتنفس من خرت إبرةٍ، ثم قال: اللهم خذ مني حتى ترضى. ثم رفع يديه فقالت: اللهم أمرت فعصينا، ونهيت فركبنا فلا بريء فأعتذر، ولا قوي فأنتصر، ولكن لا إله إلا الله ثلاثاً، ثم فاظ. وقد روينا هذا الخبر من غير ناحية الرياشي بأتم من هذا، ولكن اقتصرنا على هذا لثقة إسناده. قوله:" من خرت إبرة"، يعني من ثقب إبرةٍ، يقال للدليل: خريت. وزعم الأصمعي أنه أريد به أنه يهتدي لمثل خرت الإبرة. وقوله:" فاظ" أي مات، يقال : فاظ، وفاد، وفطس، وفاز، وفوز، كل ذلك في معنى الموت، ولا يقال : بالضاد إلا للإناء، قال رؤية: لا يدفنون منهم من فاظا وقال ابن جريج:" أما رأيت الميت حين فوظه". ومن قال ذلك للنفس قال: فاضت نفسه، يشببها بالأناء. وحدثني أبو عثمان المازني أحسبه عن أبي زيد قال: كل العرب يقولون: فاضت نفسه إلا بني ضبة فإنهم يقولون: فاظت نفسه، وإنما الكلام الصحيح فاظ بالظاء إذا مات. وفي الحديث أن امرأة سلام بن أبي الحقيق قالت: فاظ، وإله يهود. نبذ من أقوال الحكماء وحدثني مسعود بن بشر قال: قال زياد: الإمرة تذهب الحفيظة، وقد كانت من قوم إلي هنات جعلتها تحت قدمي، ودبر أذني، فلو بلغني أن أحدكم قد أخذه السل من بغضي ما هتكت له ستراً ولا كشفت له قناعاً حتى يبدي لي عن صفحته، فإذا فعل لم أناظره. وسمع زياد رجلاً يسب الزمان فقال: لو كان يدري ما الزمان لضربت عنقه، إن الزمان هو السلطان. وفي عهد أزدشير: وقد قال الأولون منا: عدل السلطان أنفع للرعية من خصب الزمان.

وقال المهلب بن أبي صفرة لبنيه: إذا وليتم فلينوا للمحسن، واشتدوا على المريب، فإن الناس للسلطان أهيب منهم للقرآن. وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه: إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن. قوله:" يزع" أي يكف، يقال : وزع يزع إذا كف، وكان أصله" يزع" مثل يعد فذهبت الواو لوقوعها بين ياء وكره واتبعت حروف المضارع الياء لئلا يختلف الباب، وهي الهمزة، والنون، والتاء، والياء نحو أعد ونعد، وتعد، ويعد، ولكن انفتحت في " يزع" من أجل العين لأن حروف الحلق إذا كن في موضع عين الفعل أو لامه فتحن في الفعل الذي ماضيه" فعل "، وإن وقعت الواو مما هي فيه فاء في " يفعل " المفتوحة العين في الأصل صح الفعل، نحو: وحل يوحل، ووجل يوجل، ويجوز في هذه المفتوحة ياحل وياجل وييحل وييجل، وكل هذا كراهية للواو بعد الياء، تقول: وزعته: كففته، وأوزعته: حملته على ركوب الشيء وهيأته له، وهو من الله عز وجل توفيق، ويقال: أوزعك الله شكره، أي وفقك له. وقال الحسن مرة: ما حاجة هؤلاء السلاطين إلى الشرط فلما ولي القضاء كثر عليه الناس، فقال: لا بد للسلاطين من وزعة. خبة الحجاج في أهل العراق وخطب الحجاج بن يوسف ذات يوم، يوم جمعة، فلما توسط كلامه سمع تكبيراً عالياً من ناحية السوق، فقطع خطبة التي كان فيها، ثم قال: يا أهل العراق، ويا أهل الشقاق، ويا أهل النفاق، وسيئي الأخلاق، يا بني اللكيعة، وعبيد العصا، وأولاد الإماء، إني لأسمع تكبيراً ما يراد الله به، إنما يراد به الشيطان، وإن مثلي ومثلكم قول ابن براقة الهمداني: وكنت إذا قوم رموني رميتهـم فهل أتا في ذا يال همدان ظالم متى تجمع القلب الذكي وصارماً وأنفاً حمياً تجتنبك المـظـالـم قوله:" يا أهل الشقاق"، فالمشقة المعاداة، وأصله أن يركب ما يشق عليه، ويركب منه مثل ذلك. والنفاق أن يسر خلاف ما يبدي، هذا أصله، وإنما أخذ من النافقاء، وهو أحد أبواب : جحر اليربوع، وذلك أنه أخفاها فإنما يظهر من غيره، ولجحره أربعة أبواب: النافقاء والراهطاء والداماء والسابياء، وكلها ممدودة، ويقال للسابياء: القاصعاء، وإنما قيل له السابياء لأنه لا ينفذه فيبقي بينه وبين إنفاذه هنة من الأرض رقيقة، وأخذ من سابياء الولد، وهي الجلدة الرقيقة التي يخرج فيها الولد من بطن أمه. قال الأخطل يضرب ذلك مثلاً ليربوع بن حنظلة لأنه سمي باليربوع: تسد القاصعاء عليك حتى تنفق أو تموت بها هزالاً والعرب تزعم أنه ليس من ضب إلا وفي جحره عقرب، فهو لا يأكل ولد العقرب، وهي لا تضربهفهي مسألمة له، وهو مسالم لها، وأنشد: وأخدع من ضب إذا خاف حارشاً أعد له عند الذنـابة عـقـربـا وقوله:" بنو اللكيعة" يريد اللئيمة، وقد مر تفسير هذا في موضعه، قال ابن قيس الرقيات يذكر قتل بن الزبير: إن الـرزية يوم مــس كين والمصيبة والفجيعة بأبن الـحـواري الـذي لم يعده أهل الوقـيعـه غدرت به مضر العـرا ق، وأمكنت منه ربيعـه فأصبحت وترك يا ربـي ع وكنت سامعة مطيعة يا لهف لو كـانـت لـه بالطف يوم الطف شيعه أولم يخـونـوا عـهـده أهل العراق بنو اللكيعه لو جدتـمـوه حـين يغ ضب لا يعرج بالمضيعه وقوله:" عبيد العصا " يريد أنهم لا ينقادون إلا بالإذلال، كما قال ابن مفرغ الحميري : العبد يقرع بالعصـا والحر تكيفه الملامه وقال جرير يهجو التيم: ألا إنما تيم لعـمـرو ومـالـك عبيد العصا لم يرج عتقاً قطينها من كلام بن الأشعث حين ظهور الحجاج عليه وخطب الناس عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بالمربد عند ظهور أمر الحجاج عليه فقال: أيها الناس، إنه لم يبق من عدوكم إلا كما يبقى من ذنب الوزغة تضرب به يميناً وشمالاً فلا تلبث أن تموت. فسمعه رجل من بني قشير بن كعب بن عامر بن صعصعة فقال: قبح الله هذا: يأمر أصحابه بقلة الاحتراس من عدوهم ويعدهم الغرور. كلام عرار بن شأس لعبد الملك حينما حمل إليه رأس ابن الأشعث

وروت الرواة أن الحجاج لما أخذ رأس ابن الأشعث وجه به إلى عبد الملك بن مروان مع عرار بن عمرو بن شأس الأسدي وكان أسود دميماً فلما ورد به عليه جعل عبد الملك لا يسأل عن شيء من أمر الوقعة إلا أنبأه به عرار، في أصح لفظ، وأشبع قول، وأجزاء اختصار، فشفاه من الخبر، وملأ أذنه صواباً وعبد الملك لا يعرفه، وقد اقتحمته عينه حيث رآه فقال متمثلاً: 

أرادت عراراً بالهوان ومـن يرد لعمري عراراً بالهوان فقد ظلـم وإن عراراً إن يكن غير واضـح فإني أحب الجون ذا المنكب العمم فقال له عرار: أتعرفني با أمير المؤمنين قال: لا، قال: فأنا والله عرار فزاده في سروره، وأضعف له الجائزة. كتاب صاحب اليمن إلى عبد الملك في وقت محاربته ابن الأشعث وكتب صاحب اليمن إلى عبد الملك وقت محاربته ابن الأشعث: إني قد وجهت إلى أمير المؤمنين بجارية اشتريها بمال عظيم لم ير مثلها قط، فلما دخل بها عليه رأى وجهاً جميلاً وخلقاً نبيلاً فألقى إليها قضيباً كان في يده فنكست لتأخذه فرأى منها جسماً بهره، فلما هم بها أعلمه الآذن أن رسول الحجاج بالباب، فأذن له، ونحى الجارية، فأعطاه كتاباً من عبد الرحمن، فيه سطور أربعة: سائل مجاور جرم: هل جنيت لها حرباً تزيل بين الجيرة الخلـط وهل سموت بجرار له لـجـب جم الصواهل بين الجم والفرط وهل تركت نساء الحي ضاحـيه في ساحة الدار يستوقدن بالغبط وتحتها : قتل الملوك وسار تحـت لائه شجر العرى وعراعر الأقوام قال: فكتب إليه عبد الملك كتاباً، وجعل في طيه جواباً لابن الأشعث: ما بال من أسعى لأجبر عظمـه حفاظاً وينوي من سفاهته كسري أظن خطوب الدهر بيني وبينهـم ستحملهم مني على مركب وعر وإني إياهم كمن نبـه الـقـطـا ولو لم باتت الطير لا تـسـري أناة وحملماً وانتظر بـهـم غـداً فما أنا بالواني ولا الضرع الغمر وينشد:" بالفاني" . ثم بات يقلب كف الجارية ويقول: ما أفدت فائدة أحب إلي منك، فتقول: فما بالك ياأمير المؤمنين وما يمنعك قال: يمنعني ما قال الأخطل لأني إن خرجت منه كنت ألأم العرب: قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم دون النساء ولو باتت بأظهار فما إليك سبيل أو يحكم الله بيني وبين عدو الرحمن، ابن الأشعث، فلم يقربها حتى قتل عبد الرحمن . قوله:"فرأى منها جسماً بهره"، يقال: بهر الليل إذا سد الأفق بظلمته، وبهر القمر إذا ملأ الأرض ببهائه، ومن ثم قيل: القمر الباهر، أنشدني المازني لرجل من بني الحارث بن كعب: والقمر الباهر السماء لـقـد زرنا هلالاً بجحفل لجـب تسمع زجر الكماة بينـهـم: قدم، وأخر، وأرحبي، وهبي من كل هداءةٍ كعالـية الـر مح أمونٍ وشيظم سـلـب وقال طفيل الغنوي يصف كيف تزجر الخيل، فجمعه في بيت واحد: وقـيل اقــدمـــي و اقـــدم وأخ وأخـــري وها، وهلاً واضرح وقادعها هبي قال أبو الحسن: وأج. ومن زجر الخيل أيضاً:" هقب وهقط"، وأنشدني المازني: لما سمعت زجرهم هقط علمت أن فارساً منحط وقوله:" بين الجم والفرط" هما موضعان بأعيانهما. وقوله: " في ساحة الدار يستوقدن بالغبط" يقال فيه قولان متقاربان: أحدهما أنهن قد يئسن من الرحيل فجعلن مراكبهن حطباً، هذا قول الأصمعي. وقال غيره: بل قد منعهن الخوف من الاحتطاب، والغبيط من مراكب النساء: وكذلك الحدج قال امرؤ القيس : تقول وقد مال الغبيط بنـا مـعـاً: عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزل فأعلمك أن الغبيط لها، والمحامل إنما أول من اتخذها الحجاج، ففي ذلك يقول الراجز: أول عبدٍ عمل المحامـلا أخزاه ربي عاجلاً وآجلاً وقوله:" شجر العرا" فالعرا : نبت إن ضم العين، والعراء ممدوداً وجه الأرض، قال الله عز وجل:" لنبذ بالعراء وهو مذوم" القلم : 49 . وقال الهذلي : رفعت رجلاً لا أخاف عثارها ونبذت بالبلد العراء ثـيابـي

وهذا التفسير والإنشاد عن أبي عبيدة. وقوله: " دون النساء ولو باتت بأطهار" معناه أنه يجتنبها، في طهرها، وهو الوقت الذي يستقيم له غشيانها فيه، وأهل الحجاز يرون" الأقراء" الطهر، وأهل العراق يرونه الحيض، وأهل المدينة يجعلون عدد النساء الأطهار، ويحتجون بقول الأعشى: وفي كل أنت جاشـم غـزوة تشد لأقصاها عزيم عـزائكـا مؤرثه مالاً، وفي الحي رفعة لما ضاع فيها من قروء نسائكا وقوله:" ولو باتت بأطهار "، ف "لو" أصلها في الكلام أن تدل على وقوع الشيء لوقوع غيره، تقول: لو جئتني لأعطيك، ولو كان زيد هناك لضربته، ثم يتسع فتصير في معنى" إن" الواقعة للجزاء تقول: أنت لا تكرمني ولو أكرمتك، تريد"وإن" قال الله عز وجل:" وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين" يوسف: 107، فأما قوله عز وجل:" فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهباً ولو افتدى به" آل عمران: 91 فإن تأويله عند أهل اللغة : لا يقبل أن يتبرأ به وهو مقيم على الكفر، ولا يقبل إن افتدى به، ف"لو" في معنى "إن" وإنما منع "لو" أن تكون من حروف المجازاة فتجزم كما تجزم "إن" أن حروف المجازاة إنما تقع لما لم يقع، ويصير الماضي معها في معنى المستقبل تقول: إن جئتني أعطيتك، وإن قعدت عني زرتك، فهذا لم يقع.،وإن كان لفظ الماضي لما أحدثته فيه" إن " وكذلك متى أتيتني أتيتك.،و "لو" تقع في معنى الماضي، تقول: لو جئتني أمس لصادفتني، ولو ركبت إلي أمس لألفيتني، فلذلك خرجت من حروف الجزاء،فإذا أدخلت معها "لا" صار معناها أن الفعل يمتنع لوجود غيره، فهذا خلاف ذلك المعنى، ولا تقع إلا على الأسماء، ويقع الخبر محذوفاً لأنه لا يقع فيها الأسم إلا وخبره مدلول عليه، فاستغني عن ذكره، لذلك تقول: لولا عبد الله لضربتك، والمعنى في هذا المكان: من قرابتك، أوصداقتك، أو نحو ذلك، فهذا معناها في هذا الوضع، ولها موضع آخر تكون فيه على غير هذا المعنى، وهي " لولا " التي تقع في معنى " هلا " للتحضيض، ومن ذلك قوله:"لولا إذا سمعتوه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً "،النور 12 أي هلا، وقال الله عز وجل:" لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم ".المائدة 63 فهذه لا يليها إلا الفعل.، لأنها للأمر والتحضيض، مظهراً أو مضمراً.،كما قال: تعدون عقر النيب أفضل مجدكـم بني ضوطري لولا الكمي المقنعا أي هلا تعدون الكمي المقنعا،"ولولا " الأولى لا يليها إلا الاسم على ما ذكرت لك.،ولا بد في جوابها من اللام أو معنى اللام.، تقول: لولا زيدٌ فعلت، والمعنى لفعلت، وزعم سيبويه أن "زيداً " من حديث " لولا " واللام والفعل حديثٌ معلقٌ بحديث " لولا "، وتأويله أنه للشرط الذي وجب من أجلها وامتنع لحال الاسم بعدها، و " لو " لا يليها إلا الفعل مضمراً أو مظهراً.، لأنها تشارك حروف الجزاء في ابتداء الفعل وجوابه، تقول: لو جئتني لأعطيتك.، فهذا ظهور الفعل، وإضماره، قوله عز وجل:" قل لو أنتم تملكون خزآئن رحمة ربي ".الإسراء100 والمعنى والله أعلم: لو تملكون أنتم.، فهذا الذي رفع " أنتم " ولما أضمر ظهر بعده ما يفسره، ومثل ذلك: "لو ذات سوارٍ لطمتني " أراد لو لطمتني ذات سوارٍ، ومثله: ولو غير أخوالي أرادوا نقيصتي جعلت لهم فوق العرانين ميسماً وكذلك قول جرير: لو غيركم علق الزبير بحبله أدى الجوار إلى بني العوام فنصب بفعل مضمر يفسره ما بعده، لأنها للفعل، وهو في التمثيل: لو علق الزبير غيركم، وكذلك كل شيء للفعل نحو: الاستفهام، والأمر، والنهي، وحروف الفعل نحو: " إذ وسوف " وهذا مشروح في الكتاب " المقتضب " على حقيقة الشرح. وأما قوله: " وعراعر الأقوام " فمعناها رؤوس الأقوام.، الواحد عرعرة، وعرعرة كل شيءٍ أعلاه، من ذلك كتاب يزيد بن المهلب إلى الحجاج بن يوسف: " وإن العدو نزلوا بعرعرة الجبل، ونزلنا بالحضيض "، فقال الحجاج: ليس هذا من كلام يزيد، فمن هناك? قيل: يحيى بن يعمر، فكتب إلى يزيد أن يشخصه إليه. الحجاج و يحيى بن يعمر وزعم التوزي قال: قال الحجاج ليحيى بن يعمر: أتسمعني ألحن? قال: الأمير أفصح من ذلك! قال:فأعاد عليه القول وأقسم. فقال نعم.، تجعل " أن " مكان " إن "، فقال له: ارحل عني ولا تجاورني. قال أبو العباس: هذا على أن يزيد لم تؤخذ عليه زلةٌ في لفظ إلا واحدةٌ، فإنه قال على المنبر - وذكر عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب - فقال: " هذه الضبعة العرجاء "، فاعتدت عليه لحناً، لأن الأنثى إنما يقال لها الضبع، ويقال للذكر الضبعان، فإذا جمع قيل ضبعان،وونما جمع على التأنيث دون التذكير، والباب على خلاف ذلك، لأن التأنيث لا زيادة فيه، وفي التذكير زيادة الألف والنون، فثني على الأصل، وأصل التأنيث أن يكون زائداً على بناء التذكير، أنه منه يخرج، مثل قائم وقائمة وكريم وكريمة، فمن حيث قلت للأنثى والذكر في التثنية كريمان على حذف الزيادة قلت: ضبعان، وتقول: له ابنان إذا أردت: له ابن وابنة، ولا تقول: في الدار رجلان إذا أردت رجلاً وامرأة، إلا على قول من قال للأنثى رجلةٌ.، فقد جاء ذلك، قال الشاعر: كل جارٍ ظل مغتبطـاً غير جيراني بني جبله خرقوا جيب فتاتـهـم لم يبالو حرمة الرجله ولا يقال للناقة والجمل جملان، ولا الثوران للثور والبقرة، لاختلاف الاسمين، إنما يكون ذلك فيما ذكرنا إلا في قول من قال للأنثى: ثورةٌ، قال الشاعر: جزى الله الأعورين مـلامةً وعبدة ثفر الثورة المتضاجم قال أبو الحسن: المتضاجم: المتسع باب للراعي في النسيب قال أبو العباس: قال الراعي: ومرسلٍ ورسولٍ غـير مـتـهـمٍ وحاجةٍ غير مزجاةٍ من الـحـاج طاوعته بعد ما طال النجي بـنـا وظن أني عليه غير مـنـعـاج ما زال يفتح أبواباً ويغـلـقـهـا دوني، وأفتح باباً بـعـد إرتـاج حتى أضاء سراجٌ دونـه بـقـرٌ حمر الأنامل عينٌ طرفها سـاج يا نعمها ليلةً حتـى تـخـونـهـا داعٍ دعا في فروع الصبح شحاج! لما دعا الدعوة الأولى فأسمعنـي أخذت بردي واستمررت أدراجي قوله: وحاجة غير مزجاة من الحاج المزجاة: اليسيرة الخفيفة المحمل، قال الله عز وجل:" وجئنا ببضاعةٍ مزجاةٍ "يوسف 88، والحاج: جمع حاجةٍ، وتقديره فعلةٌ وفعل، كما تقول: هامةٌ وهام، وساعة وساع، قال القطامي: وكنا كالحريق أصاب غاباً فيخبو ساعةً ويشب ساعا فإذا أراد أدنى العدد قلت: ساعات، فأما قولهم: في جمع حاجةٍ حوائج فليس من كلام العرب على كثرته على ألسنة المولدين، ولا قياس له، ويقال: في قلبي منك حوجاء، أي حاجة، ولو جمع، على هذا لكان الجمع حواجٍ يا فتى، وأصله حواجي يا فتى، ولكن مثل هذا يخفف، كما تقول في صحراء : صحار يا فتى، وأصله صحاري. وقوله: طاوعته بعدما طال النجي بنا يريد المناجاة، فأخرجه على لفظ " فعيل ".،ونظيره من المصادر الصهيل، والنهيق، الشحيج، ويقال: شب الفرس شبيباً، ولذلك كان " النجي " يقع على الواحد والجماعة نعتاً، كما تقول: امرأة عدلٌ ورجل عدلٌ وقوم عدلٌ: لأنه مصدر قال الله عز وجل: " وقربناه نجياً "، مريم 52 أي مناجياً، وقال للجماعة: " فلما استيئسوا منه خلصوا نجياً "، يوسف 80 أي متناجين. وقوله: " منعاج ": أي منعطف، يقال: عجت عليه أي عرجت عليه، وعجت إليه أعيج، أي عولت عليه. وقوله " بعد إرتاج " أي بعد إغلاق، يقال: أرتجت الباب إرتاجاً، أي أغلقته إغلاقاً، ويقال: لغلق الباب الرتاج، ويقال للرجل إذا امتنع عليه الكلام أرتج عليه. وقوله: حتى أضاء سراج دونه بقرٌ يعني نساء، والعرب تكني عن المرأة بالبقرة والنعجة، قال الله عز وجل:" إن هذآ أخى له تسعٌ وتسعون نعجةً " ص 23 وقال الأعشى: فرميت غفلة عينه عن شاته فأصبت حبة قلبها وطحالها

وقوله: " عينٌ "، إنما هو جمع عيناء، وهي الواسعة العين، وتقديره:"فعل "، ولكن كسرت العين لتصح الياء، ونحو ذلك بيضاء وبيض، وتقديره حمراء وحمر، ولو كان من ذوات الواو لكان مضموماً على أصل الباب، لأنه لا إخلال فيه، تقول: سوداء وسود، وعور. وقوله:" طرفها ساج " ولم يقل: " أطرافها " لأن تقديرها تقدير المصدر، من طرفت طرفاً، قال الله عز وجل:" ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم "، البقرة 7 لأن السمع في الأصل مصدر. قال جرير: إن العيون التي في طرفها مرضٌ قتلننا ثم لـم يحـيين قـتـلانـا وقوله:" ساج " أي ساكن، قال الله عز وجل:" والضحى والليل إذا سجى " الضحى 1 - 2 وقال جرير: ولقد رمينك يوم رحن بأعينٍ يقتلن من خلل الستور سواج وقال الراجز: يا حبذا القمراء والليل الساج وطرقٌ مثل ملاء النسـاج وقوله:" حتى تخونها ": يريد تنقصها، يقال: تخونني السفر، أي تنقصني، والداعي: المؤذن. وقوله:" شحاج "، إنما هو استعارة في شدة الصوت، وأصله للبغل، والعرب تستعير من بعضٍ لبعض، قال العجاج ينعت حماراً: كأن في فيه إذا ما شحجـا عوداً دوين اللهوات مولجا وقال جرير: إن الغراب بما كرهت لمولعٌ بنوى الأحبة دائم التشحـاج وقوله:" واتمررت أدراجي " أي فرجعت من حيث جئت، تقول العرب: رجع فلان أدراجه، ورجع في حافرته، ورجع عوده على بدئه، وإن شئت رفعت فقلت: رجع عوده على بدئه، أما الرفع فعلى قولك: رجع وعوده على بدئه، أي وهذه الحاله، والنصب على وجهين: أحدهما أن يكون مفعولاً كقولك: رد عوده على بدئه.، والوجه الآخر أن يكون حالاً في قول سيبويه، لأن معناه رجع ناقضاً مجيئه، ووضع هذا في موضعه.، كما تقول: كلمته فاه إلي في، أي مشافهةً، وبايعته يداً بيدٍ، أي نقداً، ويجوز أن تقول: فوه إلى في: أي وهذه حاله، ومن نصب فمعناه في هذه الحال. قال أبو العباس: فأما " بايعته يداً بيدٍ " فلا يكون فيه إلا النصب، لأنك لست تريد بايعته ويدٌ بيدٍ كما كنت تريد في الأول، وإنما تريد النقد، ولا تبالي: أقريباً كان أم بعيداً. لأعرابي يشكو حبيبته ؤقال أعرابي : شكوت فقالت كـل هـذا تـبـرمـا بحبي! أراح الله قلبك مـن حـبـي فلما كتمت الحـب قـال: لـشـدمـا صبرت، وما هذا بفعل شجي القلـب وأدنو فتقصيني فـأبـعـد طـالـبـاً رضاها، فتعتد التباعد مـن ذنـبـي فشكواي تؤذيها وصبـري يسـوءهـا وتجزع من بعدي، وتنفر من قربـي فيا قوم من حيلة تـعـرفـونـهـا? أشيروا بها واستوجبوا الشكر من ربي قوله:" كل هذا تبرماً"، مردود على كلامه، كأنها تقول له: أشكوتني كل هذا تبرما ولو رفع رافع" كلا" لكان جيداً، يكون " كل هذا " ابتداء وتبرم خبره. وشجي مخفف، من شددها فقد أخطأ، والمثل: " ويل للشجي من الخلي"، الياء في الشجي مخففة، وفي " الخلي " مثقلة، وقياسه أنك إذا قلت: فعل يفعل فعلاً، فالاسم منه على فعل، فرق يفرق فرقاً فهو فرق، وحذر يحذر حذراً فهو حذرٌ، وبطر يبطر بطراً فهو بطرٌ فعلى هذا شجي يشجى شجى فهو شجٍ يا فتى، كما تقول: هوي يهوى فهو هوٍ يا فتى. وقوله : فيا قوم هل من حيلة تعرفونها موضع "تعرفونها" خفضٌ، لأنه نعت للحيلة وليس بجواب، ولو كان ههنا شرط يوجب جواباً لا نجزم، تقول : ائتني بدابة أركبها، أي بدابةٍ مركوبة، فإذا أردت معنى: فإنك إن أتيتني بدابة ركبتها قلت:" أركبها"، لأنه جواب الأمر، كما أن الأول جواب الاستفهام، وفي القرآن:" خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها" التوبة103، أي مطهرة لهم، وكذلك:" أنزل علينا ماءدة من السماء تكون لنا عيداً " المائدة 114 أي كائنة لنا عيداً، وفي الجواب:" فذرهم يخوضوا ويلعبوا" الزخرف 83، أي إن تركوا خاضوا ولعبوا، وأما قوله عز وجل:" ثم ذرهم في خوضهم يلعبون" الأنعام 91 فإنما هو فذرهم في هذه الحال لأنهم كانوا يلعبون، وكذلك: " ولا تمنن تستكثر" المدثر 6، إنما هو "لا تمنن" مستنكثراً فمعنى هذا: هل معروفة عندكم ?. لأعرابي في الملح وقال أعرابي أنشدنيه أبو العالية:

ألاتسأل ذا العـلـم مـاالـذي يحل من التقبيل في رمضان? فقال لي المكي : أما لـزوجةٍ فسبع، وأما خلةٍ فثـمـانـي قوله:" خلةٍ" يريد ذات خلة، ويكون سماها المصدر، كما قالت الخنساء : فإنما هي إقبال وإدبار يجوز أن تكون نعتتها بالصدر لكثرته منها، ويجوز أن تكون أرادت ذات إقبال وإدبار، فحذفت المضاف وأقامت المضاف إليه مقامه، كما قال عز وجل:" ولكن البر من ءامن بالله" البقرة 177فجائز أن يكون المعنى بر من آمن بالله، وجائز أن يكون ذا البر من آمن بالله، والمعنى يؤول إلى شيء واحد: وفي هذا الشعر عيب، وهو الذي يسميه النحويون العطف على عاملين، وذلك أنه عطف "خلةٌ" على اللام الخافضة لزوجة، وعطف " ثمانيا" على "سبع"، ويلزم من قال هذا أن يقول : مر عبد الله بزيد وعمرو وخالد، ففيه هذا القبح، وقد قرأ بعض القراء وليس بجائز عندنا:" واختلف اليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به بعد موتها" الجاثية 5 وبث فيها من كل دابة" وتصريف الريح آيات" الجاثية 5 فجعل "آيات " في موضع نصب وخفضها لتاء الجميع فحملها على "إن" وعطفها بالواو، وعطف "اختلافا" على "في" ولا أرى ذا في القرآن جائزاٌ لإنه ليس بموضع ضرورة، وأنشد سيبويه لعدي بن زيد العبادي: أكل امرىء تحسبين امرأ ونار توقد باللـيل نـارا فعطف على " امرئ " وعلى المنصوب الأول . " قال أبو الحسن: وفيه عيب آخر أن " أما " ليست من العطف في شيء، وقد أجرى" خلة " بعدها مجراها بعد حروف العطف حملاً على المعنى، فكأنه قال: لزوجةٍ كذا ولخلة كذا " وقوله:" أما لزوجة " فهذه مفتوحة، وهي التي تحتاج إلى خبر، ومعناها: إذا قلت: أما زيدٌ فمنطلقٌ مهما يكن من شيء فزيدٌ منطلقٌ. وكذلك:" فأما اليتيم فلا تقهر" الضحى : 9 إنما هي: مهما يكن من شيء فلا تقهر اليتيم، وتكسر إذا كانت في معنى " أو " ويلزمها التكرير، تقول: ضربت إما زيداً وإما عمراً، فمعناه ضربت زيداً أو عمراً، وكذلك: " إما شاكراً وإما كفوراً " الإنسان 3، وكذلك:" إما العذاب وإما الساعة " مريم 75، و " إما تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسناً " الكهف 86، وإنما كررتها لأنك إذا قلت: ضربت زيداً أو عمراً، أو قلت: اضرب زيداً أو عمراً فقد ابتدأت بذكر الأول، وليس عند السامع أنك تريد غير الأول، ثم جئت بالشك، أو التخيير، وإذا قلت: ضربت إما زيداً وإما عمراً، فقد وضعت كلامك بالابتداء على التخيير أو على الشك، وإذا قلت: ضربت إما زيداً وإما عمراً، فالأولى وقعت لبنية الكلام عليها، والثانية للعطف، لأنك تعدل بين الثاني والأول، فإنما تكسر في هذا الموضع. وزعم سيبويه أنها إن ضمت إليها "ما" فإن اضطر شاعر فحذف"ما" جاز له ذلك لأنه الأصل، وأنشد في مصداق ذلك: لقد كذبتك نفسك فاكذبنـهـا فإن جزعاً وإن إجمال صبر ويجوز في غير هذا الموضع أن تقع "إما" مكسورة، ولكن "ما" لاتكون لازمة، ولكن تكون زائدة في "إن" التي هي للجزاء. كما تزداد في سائرالكلام نحو: أين تكن أكن، وأينما تكن أكن، وكذلك متى تأتني آتك، ومتى ما تأتني آتك،فتقول: إن تأتني آتك، وإما تأتني آتك، تدغم النون في الميم لاجتماعهما في الغنة، وسنذكر الإدغام في موضع نفرده به إن شاء الله، كما قال امرؤالقيس: فإما ترينـي لاأغـمـض سـاعةٌ من الليل إلا أن أكب فأنـعـسـا فيارب رب مكروب كررت وراءه وطاعنت عنه الخيل حتى تنفسـا وفي القرآن: "فإماترين من البشر أحدا" مريم26 وقال:" وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها" الإسراء 28 فأنت في زيادة "ما" بالخيار في جميع حروف الجزاء، إلا في حرفين،فإن "ما" لابد منها لعلة نذكرها إذا أفردنا باباٌ للجزاء إن شاء الله، والحرفان: حيثما تكن أكن،كما قال الشاعر: حيثما تستقم يقدرلك اللـه نجاحاٌ في غابر الأزمان والحرف الثاني "إذاما" كما قال العباس بن نرداس: إذ ما أتيت على الرسول فقل له حقاٌ عليك إذا اطمأن المجلـس لايكون الجزاء في "حيث" و"إذ" إلا بما. قال أبو العباس: وأنشدني أبو العالية: سل المفتي المكي هل في تزاور ونظرة مشتاق الفؤاد جـنـاح


فقال :معاذ الله أن يذهب التقى تلاصق أكباد بهـن جـراح وأنشد لبعض المحدثين: تلاصقنا وليس بنا فسـوق ولم يرد الحرام بنا اللصوق ولكن التباعد طال حـتـى توقد في الضلوع بنا حريق فلما أن أتيح لنا التـلاقـي تعانقنا كما اعتنق الصديق وهل حرجاٌ تراه أو حراماٌ مشوق ضمه كلف مشوق وأنشدني غيره: وماهجرتك النفس يامي أنهـا قلتك ولا أن قل منك نصيبها ولكنهم يا أملح الناس أولعـوا بقول إذا ما جئت: هذا حبيبها أنها في موضع نصب، وكان التقدير"لأنها"، فلما حذفت اللام وصلا الفعل، فعمل، تقول: جئتك أنك تحب الخير، فمعناه لأنك، وكذلك أتيتك أن تأمر لي بشيء، أي لأن وتقديره في النصب أن :"أن" الثقيلة واسمها وخبرها مصدر، تقول بلغني أنك منطلق، أي انطلاقك، فإذا قلت: جئتك أنك تريد الخير، فمعناها إرادتك الخير: أي مجيئي لأنك تريد الخير إرادة يافتى، كما قال اشاعر: وأغفر عوراء الكريم ادخـاره وأعرض عن شتم اللئيم تكرما قوله: وأغفرعوراء الكريم ادخاره أي أدخره ادخاراٌ، وأضافه إليه، كما ثقول: ادخاراٌ له، وكذلك قوله:"تكرماٌ" إنما أراد للتكرم فأخرجه مخرج أتكرم تكرماٌ . قال أبو العباس : وأنشدني أبو العالية: مازلت أبغي الحي أتبع ظلـهـم حتى دفعت إلى ربـيبة هـودج قالت: وعيش أبي وأكبر إخوتـي لأنبهن الحي إن لـم تـخـرج فخرجت خفية قولها، فتبسمـت فعلمت أن يمينها لـم تـخـرج فلثمت فاها آخذاٌ بـقـرونـهـا شرب النزيف ببرد ماء الحشرج وزاد فيها الجاحظ عمرو بن بحر: وتناولت رأسي لتعرف مسـه بمخضب الأطراف غير مشنج تقول العرب: هودج، وبنو سعد زيد مناة ومن وليهم يقولون فودج. وقوله: فعلمت أن يمينها لم تحرج يقول: لم تضق عليها، يقال: حرج يحرج إذا دخل في مضيق والحرجة: الشجر الملتف المتضايق ما بينه، قال الله عز وجل:" فلا يكن في صدرك حرج منه " الأعراف 2 وقال تعالى:" يجعل صدره ضيقاٌ حرجا " الأنعام 125 وقرىء" حرجاٌ"، فمن قال:" حرجاٌ " أراد التوكيد للضيق، كأنه قال: ضيق شديد الضيق. ومن قال:"حرجاٌ" جعله مصدراٌ، مثل قولك: ضيق ضيقاٌ. وقوله :"ببرد ماء الحشرج " فهو الماء الجاري على الحجارة. لقيس بن معاذ في النسيب وقال قيس بن معاذٍ أحد بني عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة وهو المجنون و حدثني عبد الصمد بن المعذل قال: سمعت الأصمعي يثبته ويقول: لم يكن مجنوناٌ، إنما كانت به لوثة كلوثة أبي حية: ولم أر ليلى بعد موقـف سـاعةٍ ببطن منى ترمي جمار المحصب ويبدي الحصا منها إذا قذفـت بـه من البرد أطراف البنان المخضب فأصبحت من ليلى الغداة كناظـر مع الصبح في أعقاب نجم مغرب ألا إنمـا غـادرت يا أم مـالـك صدى أينما تذهب به الريح يذهب هذا البيت من أعجب ما قيل في النحافة. ومما يستطرف في هذا الباب قول عمر بن أبي ربيعة: رأت رجلاٌ أما إذا الشمس عارضت فيضحى وأما بالعشي فيخـصـر أخا سفر جواب أرض تـقـاذفـت به فلوات فهو أشـعـثٌ أغـبـر قليلاٌ على ظهر المطـية ظـلـه سوى ما نفى عنه الرداء المحبـر ومن هذا الباب قول القائل: فأصبحت في أقصى البيوت يعدنني بقية ما أبقين نـصـلاٌ يمـانـيا بقية بدل من الياء في يعدنني بدل الاشتمال تجمعن من شتى، ثلاثٌ وأربعٌ وواحدةٌ حتى كملن ثمـانـيا يعدن مريضاٌ هن هيجن ما به ألا إنما بعض العـوائد دائيا وفي هذا الباب أشياء كثيرة تأتي في موضعها إن شاء الله تعالى، ومن الإفراط فيه قوله: فلو أن ما أبقيت مني معلقٌ بعود ثمام ما تأود عودهـا الثمام: نبت ضعيف، واحدته ثمامة، وهذا متجاوز كقول القائل: ويمنعها من أن تطير زمامها

وأحسن الشعر ما قارب فيه القائل إذا شبه، وأحسن منه ما أصاب به الحقيقة، ونبه فيه بفطنته على ما يخفى عن غيره، وساقه برصفٍ قوي واختصار قريب. وقال قيس بن معاذ: وأخرج من بين الجلوس لعلنـي أحدث عنك النفس في السر خاليا وإني لأستغشي وما بي نـعـسة لعل خيالاٌ منك يلقـى خـيالـيا وفي هذا الشعر: أشوقاٌ ولما تمض لي غير ليلةٍ رويد الهوى حتى تغب لياليا هذا من أحسن الكلام واوضحه معنى. ويستحسن لذي الرمة قوله في مثل هذا المعنى: أحب المكان القفر من أجل أنني به أتغنى باسمها غير معـجـم لبعض القرشيين وأنشد ابن عائشة لبعض القرشيين: وقفوا ثلاث منى بمنزل غبطةٍ وهم على غرض هنالك ما هم متجاورين بـغـير دار إقـامةٍ لو قد أجد تفرقٌ لم ينـدمـوا ولهن بالبيت العـتـيق لـبـانةٌ والركن يعرفهن لو يتـكـلـم لو كان حياٌ قبلهن ظـعـائنـاٌ حيا الحطيم وجوههن وزمـزم وكأنهن وقد صدرن لواغـبـاٌ بيض بأفنية المقـام مـركـم اللاغب المعيي، قال الله عز وجل: "وما مسنا من لغوب" ق 38 والمركم: الذي بعضه على بعض، والمرأة تشبه ببيضة النعامة كما تشبه بالدرة، قال الله عز وجل:" كأنهن بيض مكنون" والمكنون: المصون، والمكن: المستور، يقال : أكننت السر، قال الله عز وجل:" أو أكننتم في أنفسكم " البقرة 235 وقال أبو دهبل، وأكثر الناس يرويه لعبد الرحمن بن حسان: وهي زهراء مثل لؤلؤة الغوا ص ميزت من جوهر مكنون وقال ابن الرقيات : واضحٌ لونها كـبـيضة أدح ي لها في النساء خلقٌ عميم العميم: التام، والأدحي: موضع بيض النعامة خاصة، وشعر عبد الرحمن هذا شعر مأثور مشهور عنه. لعبد الرحمن بن الأشعث في بنت معاوية وروى بعض الرواة أن أبا دهبل الجمحي كان تقياٌ وكان جميلاٌ، فقفل من الغزو ذات مرة، فمر بدمشق، فدعته امرأةٌ إلى أن يقرأ لها كتاباٌ، وقالت: إن صاحبته في هذا القصر، وهي تحب أن تسمع ما فيه، فلما دخلت به برزت له امرأةٌ جميلة، وقالت له: إنما احتلت لك بالكتاب حتى أدخلتك. فقال لها: أما الحرام فلا سبيل إليه، فقالت: فلست تراد حراماٌ، فتزوجته، وأقام عندها دهراٌ حتى نعي بالمدينة، ففي ذلك يقول وقد استأذنها ليلم بأهله ثم يعود، فجاء وقد اقتسم ميراثه، فلما هم بالعود إليها نعيت له، فهذا ما روي من هذا الوجه والذي كأنه إجماع أنه لعبد الرحمن بن حسان، وهو في بيت معاوية: صاح حيا الإلـه أهـلاٌ وداراٌ عند أصل القناة من جـيرون هن يساري إذا دخلت من البا ب وإن كنت خارجاٌ فيمينـي فبتلك ارتهنت بالشأم حـتـى ظن أهلي مرجمات الظنون وهي زهراء مثل لؤلؤة الغوا ص ميزت من جوهر مكنون إذا ما نسبتها لـم تـجـدهـا في سناءٍ من المكـارم دون ثم خاصرتها إلى القبة الخضر راء تمشي في مرمرٍ مسنون تجعل المسك واليلنجوج والن د صلاءً لها على الكـانـون قبةٌ من مراجلٍ ضربـتـهـا عند برد الشتاء في قيطـون المسنون: المصبوب على استواء. والمراجل: ثياب من ثياب اليمن، قال العجاج: بشيةٍ كشية الممرجل والقيطون: البيت في جوف بيت. وقال آخر: وأبصرت سعدى بين ثوبي مراجلٍ وأثواب عصبٍ من مهلهلة اليمن ويروى أن يزيد بن معاوية قال لمعاوية: أما سمعت قول عبد الرحمن بن حسان في ابنتك? قال: وما الذي قال? قال : قال: وهي زهراء مثل لؤلؤة الغوا ص ميزت من جوهر مكنون قال معاوية: صدق، فقال يزيد: وقال: وإذا ما نسبتها لم تجـدهـا في سناءٍ من المكارم دون قال: صدق، فقال إنه قال: ثم حاصرتها إلى القبة الخضر راء تمشي في مرمر مسنون قال معاوية: كذب. باب عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب عند رسول الله قال أبو العباس: حدثني مسعود بن بشر، قال: حدثني محمد بن حربٍ، قال: أتى عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب رسول الله فكساه حلةً وأقعده إلى جانبه، ثم قال:" إنه ابن أمي، وكان أبوه يرحمني ". لرجل من بني ضبة يخاطب بني تميم قال: وأنشدني مسعود قال: أنشدني طاهر بن علي بن سليمان قال: أنشدني منصور بن المهدي لرجل من بني ضبة بن أد، يقوله لبني تميم بن مر بن أد: أبني تميم إنني أنا عمـكـم لا تحرمن نصيحة الأعمام إني أرى سبب الفناء وإنما سبب الفناء قطيعة الأرحام فتداركوا بأبي وأمي أنتـم أحسابكم برواجح الأحـلام خطبة عبد الله بن الزبير حين ورد عليه خبر قتل أخيه مصعب ويروى أنه أتى عبد الله بن الزبير" خبر " قتل مصعب بن الزبير خطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال : إنه أتانا خبر قتل المصعب فسررنا به، واكتأبنا له، فأما السرور فلما قدر له من الشهادة. وحيز له من الثواب، وأما الكآبة فلوعةٌ يجدها الحميم عند فراق حميمه، وإنا لله ما نموت حبجاً كميتة آل أبي العاص، إنما نموت قتلاً بالرماح، وقعصاً تحت ظلال السيوف، فإن يهلك المصعب فإن في آل الزبير منه خلفاً. قوله:" حبجاً "، يقال: حبج بطنه، إذا انفتخ، وكذلك حبط بطنه. المقعص:المقتول. واللوعة: الحرقة، يقال: لاع يلاع لوعة يا فتى فهو لائع، ويقال: لاع يافتى، على القلب، وأنشد أبوزيد: ولا فرحٍ بخـيرٍ إن أتـاه ولا جزعٍ من الحدثان لاع من كلام زياد قال: وحدثني مسعود في إسنادٍ ذكره قال: قال زياد لحاجبه: يا عجلان، إني وليتك هذا الباب، وعزلتك عن أربعة. عزلتك عن هذا المنادي إذا دعا للصلاة فلا سبيل لك عليه، وعن طارق الليل فشرٌ ما جاء به، ولو جاء بخير ما كنت من حاجته، وعن رسول صاحب الثغر فإن إبطاء ساعةٍ يفسد تدبير سنة، وعن هذا الطباخ إذا فرغ من طعامه. قال : وحدثني مسعود قال: قال زياد: يعجبني من الرجل إذا سيم خطة الضيم أن يقول:" لا" بملء فيه، وإذا أتى نادي قومٍ علم أين ينبغي لمثله أن يجلس فجلس، وإذا ركب دابة حملها ما تحب ولم يبعثها إلى ما تكره. بلاغة جعفر بن يحيى وكتب إلى جعفر بن يحيى: إن صاحب الطريق قد اشتط فيما يطلب من الأموال، فوقع جعفر: هذا رجل منقطع عن السلطان، وبين ذؤبان العرب بحيث العدد والعدة، والقلوب القاسية، والأنوف الحمية، فليمدد من المال بما يستصلح به من معه ليدفع به عدوه، فإن نفقات الحروب يستظهر لها. ولا يستظهر عليها. ورفع قوم إليه شكية عاملهم. فوقع في قصتهم: يا هذا، قد كثر شاكوك،" وقل حامدوك "، فإما عدلت، وإما اعتزلت. وزعم الجاحظ قال: قال ثمامة بن أشرس النميري: ما رأيت رجلاً أبلغ من جعفر بن يحيى و المأمون. وقال مويس بن عمران: ما رأيت رجلاً أبلغ من يحيى بن خالد، وأيوب بن جعفر. وقال جعفر بن يحيى لكتابه: إن قدرتم أن تكون كتبكم كلها توقيعاتٍ فافعلوا. نبذ من الأقوال الحكيمة وقال رسول الله : " لو تكاشفتم ما تدافنتم"، يقول: لو علم بعضكم سريرة بعض لاستثقل تشييعه ودفنه. وقال عليه السلام:، "اجتنبوا القعود على الطرقات، إلاأن تضمنوا أربعاٌ: رد السلام وغض الأبصار، وإرشاد الضال. وعون الضعيف". وقالت هند بنت عتنة :إنما النساء أغلال، فليختر الرجل غلاٌ ليده وذكرت هند بنت المهلب بن أبي صفرة النساء فقالت: ما زين بشيء كأدب بارع، تحته لب ظاهر. وقالت هند بنت المهلب بن أبي صفرة :إذا رأيتم النعم مستدرة فبادروا بالشكر قبل حلول الزوال. وقال رسول الله :" افصلوا بين حديثكم بالاستغفار". وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: قيدوا النعم بالشكر، وقيدوا العلم بالكتاب . وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: العجب لمن يهلك والنجاة معه، فقيل: كيف يا أمير المؤمنين? قال: الاستغفار. وقال الخليل بن أحمد: يعني الخليل: كن على مدارسة ما في قلبك أحرص منك على حفظ ما في كتبك . وقال ابن أحمد يعني الخليل: اجعل ما في كتبك رأس مال، وما في صدرك للنفقة وقيل لنصر بن سيار: إن فلاناٌ لا يكتب، فقال: تلك الزمانة الخفية.

وقال نصر بن سيار لولا أن عمر بن هبيرة كان بدوياٌ ما ضبط عمال العراق وهو لا يكتب . وفادى رسول الله من رأى فداءه من أسرى بدرٍ، فمن لم يكن له فداءٌ أمره أن يعلم عشرة من المسلمين الكتابة، ففشت الكتابة بالمدينة. ومن أمثال العرب: خير العلم ما حوضر به، يعني: ما حفظ وكان للمذاكرة. وقال رسول الله  :" لاتزال أمتي صالحاٌ أمرها ما لم تر الفيء مغنماً، والصدقة مغرماً ". وقال علي بن أبي طالب عليه السلام:" يأتي على الناس زمان لا يقرب فيه إلا الماحل، ولا يظرف فيه إلا الفاجر، ولا يضعف فيه إلا المنصف، يتخذون الفيء مغنماً، والصدقة مغرماً، وصلة الرحم مناً، والعبادة استطالةً على الناس، فعند ذلك يكون سلطان النساء، ومشاورة الإماء، وإمارة الصبيان ". نبذ من أخبار الحجاج ويروى عن محمد بن المنتشر بن الأجدع الهمداني، قال: دفع إلي الحجاج أزاد مرد بن الهربذ، وأمرني أن أستخرج منه وأغلظ عليه، فلما انطلقت به قال لي: يا محمد، إن لك شرفاً وديناً، وإني لاأعطي على القسر شيئاً، فاستأدني وارفق بي، قال: ففعلت، فأدى إلي في أسبوع خمسمائة ألف، قال: فبلغ ذلك الحجاج فأغضبه، وانتزعه من يدي، ودفعه إلى رجل كان يتولى له العذاب، فدق يديه ورجليه، ولم يعطهم شيئاً. قال محمد بن المنتشر: فإني لأمر يوماً في السوق إذا صائحٌ بي: يا محمد، فالتفت فإذا به معرضاً على حمارٍ، مدقوق اليدين والرجلين، فخفت الحجاج إن أتيته، وتذممت منه، فملت إليه، فقال لي: إنك وليت مني ماولي هؤلاء فأحسنت، وإنهم صنعوا بي ما ترى ولم أعطهم شيئاً، وههنا خمسمائة ألف عند فلان، فخذها فهي لك، قال: فقلت: ما كنت لآخذ منك على معروفي أجراً، ولا لأرزأك على هذه الحال شيئاً، قال: فأما إذا أبيت فاسمع أحدثك: حدثني بعض أهل دينك عن نبيك " " كثيراً، قال: إذا رضي الله عن قوم أمطرهم المطر في وقته، وجعل المال في سمحائهم، واستعمل عليهم خيارهم، وإذا سخط عليهم استعمل عليهم شرارهم، وجعل المال عند بخلائهم، وأمطرهم المطر في غير حينه. قال: فانصرفت فما وضعت ثوبي حتى أتاني رسول الحجاج، فأمرني بالمسير إليه، فالفيته جالساً على فرشه والسيف منتضىً في يده، فقال لي: ادن، فدنوت شيئاً، ثم قال: ادن، فدنوت شيئاً، ثم صاح الثالثة: ادن لا أبا لك! فقلت: ما بي إلى الدنو من حاجة، وفي يد الأمير ما أرى. فأضحك الله سنه، وأغمد سيفه عني، فقال لي: اجلس، ما كان من حديث الخبيث? فقلت له: أيها الأمير، والله ما غششتك منذ استنصحتني، ولا كذ بتك منذ استخبرتني، ولا خنتك منذ ائتمنتني. ثم حدثته الحديث، فلما صرت إلى ذكر الرجل الذي المال عنده أعرض عني بوجهه، وأومأ إلي بيده، وقال: لا تسمه، ثم قال: إن للخبيث نفساً، وقد سمع الأحاديث. ويقال: كان الحجاج إذا استغرب ضحكاً والى بين الإستغفار، وكان إذا صعد المنبر تلفع بمطرفه ثم تكلم رويداً فلا يكاد يسمع، ثم يتزيد في الكلام، حتى يخرج يده من مطرفه ويزجر الزجرة فيفزع بها أقصى من في المسجد وكان يطعم في كل يوم ألف مائدة، على كل مائدة ثريدٌ وجنبٌ من شواءٍ وسمكة طريةٌ، ويطاف به في محفةٍ على تلك الموائد ليتفقد أمور الناس، وعلى كل مائدة عشرة، ثم يقول: يا أهل الشأم، اكسروا الخبز لئلا يعاد عليكم. وكان له ساقيان، أحدهما يسقي الماء والعسل، والآخر يسقي اللبن. ويروى أ ن ليلى الأخيلية قدمت عليه فأنشدته: إذا ورد الحجاج أرضاً مريضةً تتبع أقصى دائها فشـفـاهـا شفاها من الداء العقام الذي بها غلامٌ إذا هز القناة ثـنـاهـا

فقال لها:لا تقولي: غلام، قولي: همامٌ، ثم قال لها: أي نسائي أحب إليك أن أنزلك عندها الليلة?قالت: ومن نساؤك أيها الأمير? قال أم الجلاس بنت سعيد بن العاصي الأموية، وهند بنت أسماء بن خارجة الفزارية، وهند بنت الملهب بن أبي صفرة العتكية، فقالت: القيسية أحب إلي. فلما كان الغد دخلت عليه فقال: يا غلام أعطها خمسمائة، فقالت:أيها الأمير، اجعلها أدماً فقال قائل: إنما لك بشاء، قالت: الأمير أكرم من ذلك، فجعلها إبلاً إناثاً استحياء، وإنما كان أمر لها بشاءٍ أولاً. والأدم: البيض من الإبل وهي أكرمها.ويروى عن بعض الفقهاء قال: دعاني الحجاج فسألني عن الفريضة المخمسة وهي أمٌ وجدٌ وأخت، فقال لي:ما قال فيها الصديق رحمه الله?قلت، أعطى الأم الثلث والجد ما بقي لأنه كان يراه أباً، قال:فما قال فيها أمير المؤمنين? يعني عثمان رحمه الله قلت: جعل المال بينهم أثلاثاً،قال:فما قال فيها ابن مسعود? قال: قلت أعطى الأخت النصف، والأم ثلث ما بقي والجد الثلثين?لأنه كان لا يفضل أما على جد. قال:فما قال فيهازيد بن ثابت?قال: قلت أعطى الأم الثلث، وجعل ما بقي بين الأخت والجد.، للذكر مثل حظ الأنثيين، لأنه كان يجعل الجد كأحد الإخوة إلى الثلاثة، قال:فزم بأنفه ثم قال: فما قال فيها أبو ترابٍ? قال: قلت أعطى الأم الثلث والأخت النصف والجد السدس، قال: فأطرف ساعة ثم رفع رأسه فقال: فإنه المرء يرغب عن قوله. وجلس الحجاج يأكل ومعه جماعة على المائدة منهم محمد بن عمير بن عطارد بن حاجب بن زرارة، وحجار بن أبجر بن بجير العجلي، فأقبل في وسطٍ من الطعام على محمد بن عمير بن عطاردٍ فقال: يا محمد، أيدعوك قتيبة بن مسلم إلى نصرتي يوم رستقباذ فتقول: هذا أمر لاناقة لي فيه ولا جمل لا جعل الله لك فيه ناقة ولا جملاٌ ?????????????????????????????????! ياحرسي، خذ بيده وجرد سيفك فاضرب عنقه، فنظر إلي حجاربن أبجر وهو يبتسم، فدخلته العصبية، وكان مكان حجارٍ من ربيعة كمكان محمد بن عمير من مضر، وأتى الخباز بفرنيةٍ فقال: اجعلها مما يلي محمداً فإن اللبن يعجبه، يا حرسي، شم سيفك وانصرف. وكان محمدٌ شريفاً، وله يقول الشاعر: علم القبائل من معد وغيرها إن الجواد محمدٌ بن عطارد وذكرت بنو دارم يوماً بحضرة عبد الملك، فقالوا: قوم لهم الحظ، فقال عبد الملك: أتقولون ذلك وقد مضى منهم لقيط بن زرارة ولا عقب له، ومضى القعقاع بن معبد بن زرارة ولا عقب له، ومضى محمد بن عمير بن عطارد ولا عقب له، والله لاتنسى العرب هؤلاء الثلاثة أبداً. قوله:" شم سيفك "، يقول: اغمده، ويقال: شمت السيف: إذا سللته، وهو من الأضداد، ويقال: شمت البرق إذا نظرت من أي ناحية يأتي. قال الأعشى: فقلت للشرب في درنى وقـد ثـمـلـوا: شيموا، وكيف يشيم الشارب الشارب الثمل! وقال الفرزدق: بأيدي رجالٍ لم يشيموا سيوفهم ولم تكثر القتلى بها حين سلت وهذا البيت طريف عند أصحاب المعاني، وتأويل لم يشيموا: لم يغمدوا ولم تكثر القتلى، أي لم يغمدوا سيوفهم إلا وقد كثرت القتلى " بها " حين سلت. علي بن جبلة والحسن بن سهل وحدثني الحسن بن رجاء قال: قدم علينا علي بن جبلة إلى عسكر الحسن بن سهل والمأمون هناك بانياً على خديجة بنت الحسن بن سهل المعروفة ببوران، فقال الحسن: ونحن إذا ذاك نجري على نيف وسبعين ألف ملاحٍ، وكان الحسن بن سهل يسهر مع المأمون، يتصبح فيجلس الحسن للناس إلى وقت انتباهه، فلما ورد علي قلت: قد ترى شغل الأمير، قال: إذن لا أضيع معك. قلت: أجل. فدخلت على الحسن بن سهل في وقت ظهوره فأعلمته مكانه، فقال: ألاترى ما نحن فيه? قلت: لست بمشغول عن الأمر له، فقال: يعطى عشرة آلاف درهمٍ إلى أن نتفرغ له، فأعلمت ذلك علي بن جبلة، فقال في كلمة له: أعطيتني يا ولي الحق مبتـدئاً عطيةً كافأت مدحي ولم ترني ما شمت برقك حتى نلت ريقه كأنما كنت بالجدوى تبادرنـي باب للمفضل بن الملهب بن أبي صفرة في الشجاعة والنجدة قال أبو العباس: قال المفضل بن المهلب بن أبي صفرة: هل الجود إلا أن تجود بـأنـفـسٍ على كل ماضي الشفرتين قضيب وما خير عيشٍ بعد قتل مـحـمـدٍ ويعد يزيد والـحـرون حـبـيب ومن هو أطراف القنا خشية الردى فليس لمجدٍ صالـح بـكـسـوب وما هي إلا رقدة تورث الـعـلا لرهطك ما حـنـت روائم نـيب وقوله ؛ ومن هر أطراف القنا خشية الردى يقول: من كره، قال عنترة بن شداد : خلفت لهم والخيل تردى بنا معاً نفارقهم حتى يهروا العوالـيا عوالي زرقاً من رماح ردينةٍ هرير الكلاب يتقين الأفاعـيا والردى: الهلاك، وأكثر ما يستعمل في الموت. يقال: ردي يردى ردًى، قال الله عز وجل: " وما يغنى عنه ماله إذا تردى " الليل 11، وهو " تفعل " من الردى في أحد التفسيرين، وقيل: إذا تردى في النار، أي إذا سقط فيها. وقوله: "الحرون" فإن حبيب بن المهلب كان ربما انهزم عنه أصحابه فلا يريم مكانه، فكان يلقب الحرون . وقوله: وما هي إلا رقدة تورث العلا فهذا مأخوذ من قول أخيه يزيد بن المهلب، وذلك أنه قال في يوم العقر وهو اليوم الذي قتل فيه : قاتل الله ابن الأشعث ما كان عليه لو غمض عينيه ساعة للموت، ولم يكن قتل نفسه وذلك أن ابن الأشعث قام في الليل وهو في سطح، للبول، فزعموا أنه ردى نفسه، وغير أهل هذا القول يقولون: بل سقط منه بسنة النوم . وقوله:" تورث العلا لرهطك " فالمعنى تورث العلا رهطك، وهذه اللام تزاد في المفعول على معنى زيادتها في الإضافة، تقول: هذا ضاربٌ زيداً، وهذا ضاربٌ لزيدٍ، لأنها لا تغير معنى الإضافة إذا قلت: هذا ضارب زيدٍ وضارب له. وفي القرآن:" وأمرت لأن أكون أول المسلمين " الزمر12. وكذلك " إن كنتم للرءيا تعبرون " يوسف43 ويقول النحويون في قوله تعالى:" قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون " النمل 72 إنما هو " ردفكم " والنيب : جمع ناب، وهي المسنة من الإبل، وتقديرها "فعل" ساكنة، وأبدلت من الضمة كسرة لتصح الياء، كما قلت في أبيض: بيضٌ، وإنما هو مثل أحمر وحمرٍ، وكذلك أشيب وشيبٌ، فتقدير ناب ونيب إذا جاء على"فعل" و"فعل" تقدير أسد وأسدٍ، ووثنٍ ووثن، وناب تقديرها " فعلٌ " وإنما انقلبت الباء ألفاً فسكنت، وإنما تنقلب إذا كانت في موضع حركة. والروائم قد مضى تفسيرها . شيخ من الأعراب وامرأته وأنشدني الزيادي قال :أنشدني أبو زيد، نظر شيخٌ من الأعراب إلى امرأته تتصنع وهي عجوز فقال: عجوز ترجي أن تـكـون فـتـيةٌ وقد لحب الجنبان واحدودب الضهر تدس إلى العطار سلـعة بـيتـهـا وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر قال أبو الحسن: وزادني غير أبي العباس في شعر هذا الأعرابي: وماغرني إلا خضابٌ بكفهـا وكحل بعينيها وأثوابها الصفر وجاؤوا بها قبل المحاق بلـيلةٍ فكان محاقاً كله ذلك الشهـر قال: فقالت له امرأته: ألم تر أن الناب تحلـب عـلـبةٌ ويترك ثلب، لا ضرابٌ ولا ظهر قال: ثم استغاثت بالنساء. وطلب الرجال فإذا هم خلوفٌ، فاجتمع النساء عليه فضربنه. قوله:" قد لحب الجنبان"،يقول: قل لحمهما، يقال :بعير ملحوبٌ وقد لحب مثل عرق. وقوله: تدس إلى العطار سلعة بيتها يريد السويق والدقيق وما أشبه ذلك، وكل عرضٍ فالعرب تقول له: سلعة، أنشدني عمارة بن عقيل شعراٌ يمدح به خالد بن يزيد بن مزيد الشيباني ويذم تميم ابن خزيمة بن حازم النهشلي: أأترك إن قلـت دراهـم خـالـدٍ زيارتـه? إنـي إذاٌ لـلـــئيم وقد يسلع المرء اللئيم اصطناعـه ويعتل نقد المـرء وهـو كـريم فتى واسطٌ في ابني نزارٍ، مجبـبٌ إلى ابني نزارٍ، في الخطوب عميم فليت ببرديه لـنـا كـان خـالـدٌ وكان لبكرٍ في الـثـراء تـمـيم فيصبح فينا سابـقٌ مـتـمـهـلٌ أغر، وفي بـكـرٍ أغـم بـهـيم قوله : وقد يسلع المرء اللئيم اصطناعه أي يكثر سلعته لا صطناعه. وقوله:" أغم بهيم"، فالغم كثرة شعر الوجه والقفا، قال هذبة بن خشرمٍ العذري:

فلا تنكحي إن فرق الدهر بيننا أغم القفا والوجه ليس بأنزعا والعرب تكره الغمم. والبهيم: الذي لا يخلط لونه غيره من أي لون كان . وقولها: ألم تر أن الناب تحلب علبة تقول فيها منفعة على حال، والعلبة: إناء لهم من جلود يحلبون فيه، من ذلك قوله: لم تتلفع بفضل مئزرها دعدٌ، ولم تغد بالعلـب ومن أمثال العرب:" قد تحلب الضجور العلبة"، يضربون ذلك للرجل البخيل الذي لا يزال ينال منه الشيء القليل، والضجور: الناقة السيئة الخلق، إنما تحلب حين تطلع عليها الشمس فتطيب نفسها، والثلب: الذي قد انتهى في السن من الإبل . من أقوالهم في الفقر و الغنى وقال آخر : لم أر مثل الفقر أوضع للفـتـى ولم أرى مثل المال أرفع للـرذل ولم أر عزاً لامرئ كـعـشـيرةٍ ولم أر ذلاً مثل نأي عن الأصـل ولم أر من عدم أضر على امرئٍ إذا عاش بين الناس من عدم العقل وقال آخر : لعمري، لقوم المرء خـير بـقـيةٍ عليه، وإن عالوا به كل مـركـب من الجانب الأقصى وإن كان ذا غنى جزيل ولم يخبرك مثـل مـجـرب وإن خبرتك النـفـس أنـك قـادرٌ على ما حوت أيدي الرجال فكـذب إذا كنت في قومٍ عداً لست منـهـم فكل ما علفت من خبـيثٍ وطـيب العدا: الغرباء في هذا الموضع، ويقال للأعداء عداً، والعداة الأعداء لا غير. وقال أعرابي من باهلو: سأعمل نص العيس حتى يكفنـي غنى المال يوماً أو غنى الحدثان فللموت خيرٌ من حياة يرى لـهـا على المرء ذي العلياء مس هوان متى يتكلم يلغ حـكـم مـقـالـه وإن لم يقل قالـوا عـديم بـيان كأن الغنى في أهله بورك الغنـى بغير لسانٍ نـاطـقٌ بـلـسـان من أخبار حارثة بن بدر الغداني ونظير هذا الشعر ما حدثنا به في أمر حارثة بن بدرٍ الغداني، فإنا حدثنا عن حارثة بن بدر، وكان رجل بني تميم في وقته. وكان قد غلب على زيادٍ، وكان الشراب قد غلب عليه، فقيل لزيادٍ: إن هذا قد غلب عليك وهو مستهترٌ بالشراب، فقال زياد: كيف لي بأطراح رجلٍ هو يسايرني منذ دخلت العراق، لم يصكك ركابي ركباه، ولا تقدمني فنظرت إلى قفاه، ولا تأخر عني فلويت عنقي إليه، ولا أخذ علي الشمس في شتاءٍ قط، ولا الروح في صيف قط، ولا سألته عن علم إلا ظننت أنه لم يحسن غيره. فلما مات زيادٌ جفاه عبيد الله، فقال له حارثة: أيها الأمير، ما هذا الجفاء مع معرفتك بالحال عند أبي المغيرة فقال له عبيد الله: إن أبا المغيرة كان قد برع بروعاً لا يلحقه معه عيب، وأنا حدثٌ، وإنما أنسب إلى من يغلب علي، وأنت رجل تديم الشراب، فمتى قربتك فظهرت رائحة الشراب منك لم آمن أن يظن بي، فدع النبيذ وكن أول داخل علي وآخر خارج عني، فقال له حارثة: أنا لا أدعه لمن يملك ضري ونفعي، أفأدعه للحال عندك قال : فاختر من عملي ما شئت، قال: توليني رامهرمز، فإنها أرض عذاةٌ، وسرق فإن بها شراباً وصف لي. فولاه إياهما، فلما خرج شيعه الناس، فقال أنس بن أبي أنيس: أحار بن بدرٍ قد ولـيت إمـارةً فكن جرذاً فيها تخون وتسـرق ولا تحقرن يا حار شيئاً وجدتـه فحظك من ملك العراقين سرق وباه تميماً بالغنى إن للـغـنـى لساناً به المرء الهيوبة ينطـق فإن جميع الناس، إما مـكـذبٌ يقمل بما يهوى وإما مصـدق يقولون أقوالاً ولا يعلمـونـهـا ولو قيل: هاتوا حققوا لم يحققوا ورثى حارثة بن بدرٍ زياداً وكان زياد مات بالكوفة، ودفن بالثوية فقال: صلى الله على قـبـر وطـهـره عند الثوية يسفي فوقـه الـمـور زفت إليه قريشٌ نعـش سـيدهـا فثم كل التقى والبـر مـقـبـور أبا المغيرة والـدنـيا مـفـجـعةٌ وإن من غرت الدنيا لـمـغـرور وقد كان عندك بالمعروف معـرفةٌ وكان عندك للنكـراء تـنـكـير وكنت تغشي وتعطي المال من سعةٍ إن كان بيتك أضحى وهو مهجور

الناس بعدك قد خفت حلومهم كأنما نفخت فيها الأعاصير ونطير هذا قول مهلهل يرثي أخاه كليباً، وكان كليبٌ إذا جلس لم يرفع بحضرته صوت، ولم يستب بفنائه اثنان: ذهب الخيار من المعاشر كلهـم واستب بعدك يا كليب المجلـس وتقاولوا في أمر كل عـظـيمة لو كنت حاضر أمرهم لم ينسبوا قول حارثة:" الثوية"، فهي بناحية الكوفة، ومن قال الثوية: فهو تصغير الثوية، وكل ياء أخرى فوقعت معتلةً طرفاً في التصغير فوليتها ياء التصغير فهي محذوفة، وذلك قولك في عطاءٍ: عطي، وكان الأصل عطييٌ، كما تقول في سحاب: سحيب، ولكنها تحذف لاعتلالها، واجتماعياءين معها، وتقول في تصغير أحوى: أحي، في قول من قال في أسود: أسيد، وهو الوجه الجيد، لأن الياء الساكنة إذا كانت بعدها واو متحركة قلبتها ياء، كقولك: أيام، والأصل" أيوام"، وكذلك سيد، والأصل سيودٌ، ومن قال في تصغير أسود: أسيودٌ فهو جائز، وليس كالأول قال في تصغير أحوى أحيو يا فتى، فتثبت الياء، لأنه ليس فيها ما يمنعها نم اجتماع الياءات، ومن قال أسود، فإنما أظهر الواو، لأنها كانت في التكبير متحركة، ولا تقول في عجوز إلا عجيزةٌ لأنها ساكنة، وإنما يجوز هذا على بعدٍ إذا كانت الواو في موضع العين من الفعل، أو ملحقة بالعين، نحو واو جدول، وإنما استجازوا إظهارها في التصغير للتشبيه بالجمع،لأن ما جاوز الثلاثة فتصغيرهعلى مثال جمعه، ألا تراهم يقولون في الجمع: أساود وجداول. فهذا على التشبيه بهذا. فإن كانت الواو في موضع اللام كانت منقلبة على كل حال، تقول في غزوة: غزيةٌ، وفي عروة : عريةٌ، فهذا شرح صالح في الموضوع، وهو مستقصى في الكتاب المقتضب. وقوله:" يسفي فوقه المور"، فمعناه أن الريح تسفيه، وجعل الفعل للمور وهو التراب، وتقول: سقاك الله الغيث، ثم يجوز أن تجعل الفعل للغيث، فتقول: سقاك الغيث يا فتى، وقال علقمة بن عبدة: سقاك يمانٍ ذو حبي وعارضٌ تروح به جنح العشي جنوب وقوله : زفت إليه قريش نعش سيدها يقال: زففت السرير، وزففت العروس. وحدثني أبو عثمان المازني قال: حدثني الزيادي قال : سمعت قوماً من العرب يقولون: أزففت العروس، وهي لغةٌ. وقوله:"نعش سيدها" يريد موضعه من النسب، لأنه نسبه إلى أبي سفيان. وكان رئيس قريش من قبل مبعث النبي ، وله يقول رسول الله :" كل الصيد في بطن الفرا". وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يفرش فراشاً في بيته في وقت خلافته فلا يجلس عليه إلا العباس بن عبد المطلب وأبو سفيان بن حرب، ويقول: هذا عم رسول الله ، وهذا شيخ قريش. وكان حرب بن أمية رئيس قريش يوم الفجار، فكان آل حرب إذا ركبوا في قومهم من بني أمية قدموا في المواكب، وأخليت لهم صدور المجالس، إلا رهط عثمان رضي الله عنه، فإن التقديم لهم في الإسلام بعثمان. وكان أبو سفيان صاحب العير يوم بدرٍ، وصاحب الجيش يوم أحد وفي يوم الخندق، وإليه كانت تنظر قريش في يوم فتح مكة، وجعل له رسول الله أنه من دخل في داره فهو آمن قي حديث مشهور. وقوله : كأنما نفخت فيها الأعاصير هذا مثل، وإنما يراد خفة الحلوم. والإعصار فيما ذكر أبو عبيدة: ريح تهب بشدة فيما بين السماء والأرض. ومن أمثال العرب :" إن كنت ريحاً فقد لاقيت إعصاراً"، يضرب للرجل يكون جلداً فيصادف من هو أجلد منه، قال لله عز وجل :" فأصابها إعصارٌ فيه نارٌ فاحترقت" البقرة 266 وقول رسول الله :" كل الصيد في بطن الفرا" يعني الحمار الوحشي، وذلك أن أجل شيء يصيده الصائد الحمار الوحشي، فإذا ظفر به، فكأنه قد ظفر بجملة الصيد، والعرب تختلف فيه، فبعضهم يهمزه فيقول: هذا فرأ، كما ترى، وهو الأكثر، وبعضهم لا يهمزه، ومن أمثالهم " أنكحنا الفرا، فسنرى" أي زوجنا من لا خير فيه فسنعلم كيف العاقبة، وجمعه في القولين جميعاً" فراءٌ" كما ترى، ونظيره: جملٌ وجمالٌ، وجبلٌ وجبالٌ قال الشاعر : بضرب كآذان الفراء فضولـه وطعنٍ كإيزاع المخاض تبورها

الإيزاع: دفع الناقة ببولها، يقال : أوزعت به إيزاعاً، وأزغلت به إزغالً، وذلك حين تلقح، فعند ذلك يقال لها: خلفةٌ، وللجميع المخاض، وقد مر هذا. والبور: أن تعرض على الفحل ليعلم أهي حامل أم حائل ? لضابئ البرمجي وهو في السجن وقال ضابئ بن الحارث البرمجي : ومن يك أمسى بالمدينة رحـلـه فإني وقـياراً بـهـا لـغـريب وما عاجلات الطير تدني من الفتى نجاحاً ولا عن ريثـهـن يخـيب ورب أمور لا تضـيرك ضـيرةً وللقلب من مخاشتهـن وجـييب ولا خير فيمن لا يوطن نـفـسـه على نائبات الدهر حين تـنـوب وقوله : فإني وقياراً بها لغريب أراد: فإني لغريب بها وقياراٌ، ولو رفع لكان جيداٌ، تقول: إن زيداٌ منطلقٌ وعمراٌ وعمرو، فمن قال:"عمراٌ" فإنما رده على زيد، ومن قال:" عمرو" فله وجهان من الإعراب: أحدهما جيد، والآخر جائز، فأما الجيد فأن تحمل عمراٌ على الموضع، لأنك إذا قلت: إن زيداٌ منطلق فمعناه زيد منطلق فرددته على الموضع، ومثل هذا لست بقائم ولا قاعداً، والباء زائدةٌ، لأن المعنى لست قائماٌ ولا قاعداٌ، ويقرأ على وجهين:"أن الله برىءٌ من المشركين ورسوله" التوبة 3 "ورسوله" التوبة 3 والوجه الآخر لأن يكون معطوفاٌ على المضمر في الخبر، فإن قلت إن زيداٌ منطلق هو وعمرو حسن العطف لأن المضمر المرفوع إنما يحسن العطف عليه إذا أكدته، كما قال الله تعالى :" فاذهب أنت وربك فقاتلا" المائدة 24 و" اسكن أنت وزجك الجنة" البقرة35 إنما قبح العطف عليه بغير تأكيد لأنه لا يخلو من أن يكون مستكنا في الفعل بغير علامة، أو في الاسم الذي يجري مجرى الفعل، نحو إن زيداً ذهب وإن زيداٌ ذاهب فلا علامة له، أو تكون له علامة يتغير لها الفعل عما كان نحو ضربت، سكنت الباء التي هي لام الفعل من أجل الضمير لأن الفعل والفاعل لاينفك أحدهما عن صاحبه فهما كالشيء الواحد، ولكن المنصوب يجوز العطف عليه، ويحسن بلا تأكيد، لأنه لا يغير الفعل إذ كان الفعل قد يقع ولا مفعول فيه، نحو ضربتك وزيداً، فأما قول الله عز وجل: " لو شاء الله ما أشركنا ولا ءاباؤنا" الأنعام 148 فإنما يحسن بغير توكيد لأن "لا" صارت عوضاً، والشاعرإذا احتاج أجراه بلا توكيد لا حتمال الشعر ما لا يحسن في الكلام. وقال عمر بن أبي ربيعة : قلت إذا أقبلت وزهرٌ تهادى كنعاج الملا تعفسن رملا وقال جرير : ورجا الأخيطل من سفاهة رأيه ما لم يكن وأبٌ لـه لـينـالا فهذا كثير. فأما النعت إذا قلت إن زيداً يقوم العاقل فأنت مخير إن شئت قلت العاقل فجعلته نعتاً لزيد، أو نصبته على المدح وهو بإظمار أعني، وإن شئت رفعت على أن تبدله من المضمر في الفعل، وإن شئت كان على قطع وابتدءٍ، كأنك قلت إن زيداً قام، فقيل من هو فقلت: العاقل، كما قال الله عز وجل:"قل أفأنبئكم بشرٍ من ذلكم النار" الحج : 72، أي هو النار والآية تقرأ على وجهين على ما فسرنا:" قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب" سبأ: 48 و" علام الغيوب" سبأ : 48. وقوله: وما عاجلات الطير تدني من الـفـتـى نجاحاً ................................... يقول: إذا لم تعجل له طير سانحةٌ فليس ذلك بمبعدٍ خيراً عنه، ولا إذا أبطأت خاب، فعاجلها لا يأتيه بخير، وآجلها لا يدفعه عنه، إنما له ما قدر له، والعرب تزجر على السانح وتتبرك به، وتكره البارح وتتشاءم به، والسانح: ما أراك مياسره فأمكن الصائد، والبارح: ما أراك ميامنه فلم يمكن الصائد، إلا أن ينحرف له، وقد قال الشاعر: لا يعلم المرء ليلاً ما يصبحه إلا كواذب مما يخبر الفـال والفال والزجر والكهان كلهم مضللون، ودون الغيب أقفال وقوله: ورب أمورٍ لا تضيرك ضيرةً وللقلب من مخشلتهم وجيب فإن العرب تقول: ضارة يضيرة ضيرةً، ولا ضرر عليه، وضره يضره، ولا ضرر عليه ولا ضر عليه، ويقال أصابه ضر بمعنى، والضر مصدر، والضر اسم، وقد يكون الضر من المرض، والضر عاماً، وهذا معنى حسن، وقد قال أحد المحدثين، وهو إسماعيل بن القاسم أبو العتاهية:


وقد يهلك الإنسان من باب أمنه وينجو بإذن الله من حيث بحذر وقال الله عز وجل:" فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً" النساء : 19. وقال رجل لمعاوية: والله لقد بايعتك وأنا كاره، فقال معاوية: قد جعل الله في الكره خيراً كثيراً . وقوله : ولا خير فيمن لا يوطن نفسه على نائبات الدهر حين تنوب نظيره قول كثير : أقول لها يا عز كل مـصـيبةٍ إذا وطنت يوماً لها النفس ذلت وكان عبد الملك بن مروان يقول: لو كان قال هذا البيت في صفة الحرب لكان أشعر الناس . وحكي عن بعض الصالحين أن ابناً له مات فلم ير به جزعٌ، فقيل له في ذلك، فقال : هذا أمر كنا نتوقعه، فلما وقع لم ننكره. باب جرير بن عبد الله البجلي عند معاوية قال أبو العباس: وجه علي بن أبي طالب رضي الله عنه جرير بن عبد الله البجلي إلى معاوية رحمه الله يأخذه بالبيعة له، فقال له: إن حولي من ترى من أصحاب رسول الله من المهاجرين والأنصار، ولكني اخترتك لقول رسول الله فيك: "خير ذي يمن"، إيت معاوية فخذه بالبيعة، فقال جرير: والله ياأمير المؤمنين ما أدخرك من نصرتي شيئاً، وما أطمع لك في معاوية، فقال علي رضي الله عنه: إنما قصدي حجة أقيمها عليه، فلما إتاه جرير دافعه معاوية، فقال له جريرٌ: إن المنافق لا يصلي حتى لا يجد من الصلاة بداً، ولا أحسبك تبايع حتى لا تجد من البيعة بداً فقال له معاوية: إنها ليست بخدعة الصبي عن اللبن إنه أمر له ما بعده، فأبلعني ريقي. فناظر عمراً، فطالت المناظرة بينهما، وألح عليه جرير، فقال له معاوية: ألقاك بالفصل في أول مجلس إن شاء الله تعالى. ثم كتب لعمرو بمصر طعمة، وكتب عليه:" ولا ينقض شرطٌ طاعة"، فقال عمرو: يا غلام اكتب، ولا تنقض طاعة شرطاً، فلما اجتمع له أمره رفع عقيرته ينشد ليسمع جريراً: تطاول ليلي واعترتني وساوسي لآتٍ أتى بالترهات البسـابـس أتاني جريرٌ والحـوادث جـمةٌ بتلك التي فيها اجتداع المعاطس أكايده والسيف بينـي وبـينـه ولست لأثوب الدني بـلابـس إن الشأم أعطت طاعةً بمـنـية تواصفها أشياخها في المجالس فإن يفعلو أصدم علياً بجـبـهةٍ تفت عليه كل رطـبٍ ويابـس وإني لأرجو خير ما نال نـائلٌ وما أنا من ملك العراق بيائس كتاب معاوية إلى علي وكتب إلى علي رضي الله عنه: بسم الله الرحمن الرحيم، من معاوية بن صخر إلى علي بن أبي طالب : أما بعد: فلعمري لو بايعك القوم الذين بايعوك وأنت بريء من دم عثمان كنت كأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين، ولكنك أغريت بعثمان المهاجرين، وخذلت عنه الأنصار، فأطاعك الجاهل، وقوي بك الضعيف. وقد أبى أهل الشام إلا قتالك حتى تدفع إليهم قتلة عثمان، فإن فعلت كان شورى بين المسلمين. ولعمري ما حجتك علي كحجتك على طلحة والزبير، لأنهما بايعاك ولم أبايعك. وما حجتك على أهل الشام كحجتك على أهل البصرة لأن أهل البصرة، أطاعوك ولم يعطك أهل الشام، وأما شرفك في الإسلام، وقرابتك من رسول الله وموضعك من قريش فلست أدفعه. ثم كتب في كتاب إليه في آخر الكتاب بشعر كعب بن جعيل، وهو: أرى الشأم تكره ملك العراق وأهل العراق لهم كارهينـاً وكلا لصاحبه مـبـغـضـاً يرى كل ما كان من ذاك دينا إذا ما رمونـا رمـينـاهـم ودناهم مثل ما يقرضـونـا فقالوا: عـلـي إمـامٌ لـنـا فقلنا: رضينا ابن هند رضينا وقالوا: نرى أن تدينـوا لـه فقلنا: ألا لا نرى أن نـدينـا ومن دون ذلك خرط القتـاد وضربٌ وطعنٌ يقر العيونـا وأحسن الروايتين:" يفض الشؤونا". وفي آخر هذا الشعر ذم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أمسكنا عن ذكره. قوله:" ولكنك أغريت بعثمان المهاجرين" فهو من الإغراء وهو التحضيض عليه، يقال أغريته به، وآسدته الكلب على الصيد أوسه إيساداً، ومن قال: أشليت الكلب في معنى أغريت فقد أخطأ، إنما أشليته دعوته إلي وآسدته أغريته. وقول ابن جعيل: وأهل العراق لهم كارهينا محمول على " أرى" ومن قال : وأهل العراق لهم كارهونا فالرفع من وجهين: أحدهما قطعٌ وابتداءٌ، ثم عطف جملة على جملة بالواو، ولم يحمله على أرى، ولكن كقولك كان زيدٌ منطلقاً، وعمرو منطلقٌ الساعة، خبرت بخبر بعد خبر، والوجه الآخر أن تكون الواو وما بعدها حالاً، فيكون معناها"إذ"، كما تقول رأيت زيداً قائماً وعمرو منطلق، تريد إذ: عمٌرو منطلق. وهذه الآية تحمل على هذا المعنى، وهو قول الله عز وجل: "يغشى طائفةً منكم وطائفةٌ قد أهمتهم أنفسهم" آل عمران: 154، والمعنى والله أعلم: إذ طائفةٌ في هذه الحال وكذلك قراءة من قرأ:" ولو أنما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمده من بعده سبعة أبحرٍ" لقمان:" 27، أي والبحر هذه حاله، وإن قرأ "والبحر" فعلى"أن"0 وقوله: ودناهم مثل ما يقرضونا يقول جزيناهم. وقال المفسرون في قوله عز وجل:" مالك يوم الدين" الفاتحة: 4. قالوا: يوم الجزاء والحساب، ومن أمثال العرب:" كما تدين تدان"، وأنشد أبو عبيدة: واعلم وأيقن أن ملكك زائلٌ واعلم بأن كما تدين تـدان وللدين مواضع منها كا ذكرنا، ومنها الطاعة ودين الإسلام من ذلك يقال: فلان في دين فلانٍ، أي لم يكونوا في دين ملك، وقال زهيرٌ: لئن حللت بجو في بنـي أسـدٍ في دين عمرو وحالت بيننا فدك فهذا يريد: في طاعة عمرو بن هند، والدين: العادة، يقال: ما زال هذا ديني ودأبي وعادتي وديدني وإجرياي، قال المثقب العبدي: تقول إذا درأت لها وضيني أهذا دينـه أبـداً ودينـي أكل الدهر حل وارتحـالٌ أما تبقي علي وما تقينـي وقال المكيت بن زيدٍ : على ذاك إجرياي وهي ضريبتي وإن أجلبوا طراً علي وأحلبـوا وقوله: فقلنا: رضينا ابن هند رضينا يعني معاوية بن أبي سفيان، وأمه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف. وقوله:" أن تدينوا له "، أي أن تطيعوه وتدخلوا في دينه: أي في طاعته: وقوله: ومن دون ذلك خرط القتاد فهذا مثل من أمثال العرب، القتاد: شجيرة شاكة غليظة أصول الشوك، فلذلك يضرب خرطه مثلاً في الأمر الشديد، لأنه غاية الجهد. ومن قال:" يفض الشؤونا"، فيفض يفرق، تقول: فضضت عليه المال. والشؤون، وأحدها شأن، وهي مواصل قبائل الرأس، وذلك أن للرأس أربع قبائل، أي قطع مشعوبٌ بعضها إلى بعض، فموضع شعبها يقال له: الشؤون، واحدها شأنٌ، وزعم الأصمعي قال: يقال إن مجاري الدموع منها، فلذلك يقال استهلت شؤونه، وأنشد قول أوس من حجرٍ: لا تحزنيني بالفراق فإنـنـي لا تستهل من الفراق شؤوني ومن قال " يقر العيونا"، ففيه قولان: أحدهما للأصمعي، وكان يقول: لا يجوز غيره، يقال: قرت عينه وأقرها الله، وقال: إنما هو بردت من القر، وهو خلاف قولهم: سخنت عينه وأسخنها الله، وغيره يقول: قرت هدأت، وأقرها الله أهدأها الله، وهذا قول حسن جميل، والأول أغرب وأطرف. جواب علي بن أبي طالب لمعاوية فكتب إليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه جواب هذه الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم، من علي بن أبي طالب إلى معاوية بن صخر، أما بعد: فإنه أتاني منك كتاب امرىء ليس له بصرٌ يهديه، ولا قائدٌ يرشده، دعاه الهوى فأجابه، وقاده فاتبعه، زعمت أنك إنما أفسد عليك بيعتي خطيئتي في عثمان. ولعمري ما كنت إلا رجلاً من المهاجرين أوردت كما أوردوا، وأصدرت كما أصدروا، وما كان الله ليجمعهم على ضلال، ولا ليضربهم بالعمى.

وبعد، فما أنت وعثمان إنما أنت رجل من بني أمية، وبنو عثمان أولى بمطالبة دمه، فإن زعمت أنك أقوى على ذلك، فادخل فيما دخل فيه المسلمون، ثم حاكم القوم إلي. وأما تمييزك بينك وبين طلحة والزبير وأهل الشام وأهل البصرة، فلعمري ما الأمر فيما هناك إلا سواءٌ، لأنها بيعةٌ شاملة، لا يستثنى فيها الخيار، ولا يستأنف فيها النظر. وأما شرفي في الإسلام، وقرابتي من رسول الله ، وموضعي من قريش، فلعمري لو استطعت دفعه لدفعته". ثم عاد النجاشي أحد بني الحارث بن كعب فقال له: إن ابن جعيلٍ شاعر أهل الشام، وأنت شاعر أهل العراق، فأجب الرجل، فقال: ياأمير المؤمنين، أسمعني قوله، قال: إذاً أسمعك شعر شاعرٍ، فقال النجاشي يجيبه: دعاً يا معاوي مالن يكونـا فقد حقق الله ما تحـذرون أتاكم عليٌ بأهل الـعـراق وأهل الحجاز فما تصنعونا وبعد هذا ما نمسك عنه. قوله: " ليسي له بصر يهديه "،فمعناه يقوده، والهادي: هو الذي يتقدم فيدل، والحادي: الذي يتأخر فيسوق، والعنق يسمى الهادي لتقدمه، قال الأعشى: إذا كان هادي الفتى في البلا د صدر القناة أطاع الأميرا يصف أنه قد عمي فإنما تهديه عصاً، ألا تراه يقول: وهاب العثار إذا ما مشـى وخال السهولة وعثاً وعورا وقال القطامي: إني وإن كان قومي ليس بينهم وبين قومك إلا ضربة الهادي وقال أيضاً: قربن يقصون من بزل مخـيسة ومن عرابٍ بعيداتٍ من الحادي وقوله:"ولا قائد يرشده" قد أبان به الأول. وقوله:"دعاه الهوى" فالهوى من" هويت" مقصور، وتقديره " فعل"، فانقلبت الياء ألفاً، فلذلك كان مقصوراً، وإنما كان كذلك لأنك تقول: هوي يهوى، كما تقول: فرق يفرق وهو هو، كما تقول: هو فرق، كما ترى، وكان المصدر على"فعل"، بمنزلة الفرق والحذر والبطر. لأن الوزن واحد في الفعل واسم الفاعل، فأما الهواء، من الجو فمدود، يدلك على ذلك جمعة إذا قلت: أهويةٌ، لأن أفعله إنما تكون جمع فعالٍ و فعالٍ و فعولٍ و فعيل، كما تقول قذالٌ وأقذلةٌ وحمار وأحمرةٌ، فهواءٌ كذلك، والمقصور جمعه أهواء فاعلم، لأنه على فعل، وجمع فعل أفعالٌ كما تقول: جمل وأجمال وقتب وأقتاب، قال الله عز وجل:"واتبعوا أهواءهم" محمد: 14. وقوله هذا هواء يا فتى في صفة الرجل إنما هو ذمٌ، يقول: لا قلب له، قال الله عز وجل: " وأفئدتهم هواء" إبراهيم: 43 أي خالية، وقال زهير: كأن الرحل منها فوق صعلٍ من الظلمان جؤجؤه هواء وهذا من هواء الجو، قال الهذلي: هواءٌ مثل بعلك مستمـيتٌ على ما في وعائك كالخيال وكل واو مكسورة وقعت أولاً فهمزها جائز ينشد:"على ما في إعائك"، ويقال: وسادةٌ وإسادةٌ وشاحٌ وإشاحٌ. وأما قوله:" فما أنت وعثمان " فالرفع فيه الوجه لأنه عطف اسماً ظاهراً على اسم مضمر منفصل وأجراه مجراه، وليس ههنا فعل، فيحمل على المفعول، فكأنه قال: فما أنت وما عثمان، هذا تقديره في العربية، ومعناه لست منه في شيء، قد ذكر سيبويه رحمه الله النصب وجوزه جوازاً حسناً وجعله مفعولاً معه، وأضمر كان من أجل الاستفهام، فتقديره عنده: ما كنت و فلاناً. وهذا الشعر كما أصف لك ينشد: وأنت امرؤ من أهل نجدٍ وأهلنا تهامٍ وما النجدي والمتـغـور وكذلك قوله: تكلفني سويق الكرم جـرمٌ وما جرمُ وما ذاك السويق فإن كان الأول مضمراً متصلاً كان النصب، لئلا يحمل ظاهر على مضمر، تقول: ما لك وزيداً وذلك أنه أضمر الفعل، فكأنه قال في التقدير: وملابستك زيداً، وفي النحو تقديره: مع زيد. وإنما صلح الإضمار لأن المعنى عليه إذا قلت: ما لك وزيداً فإنما تنهاه عن ملابسته، إذا لم يجز "وزيدٍ" وأضمرت لأن حروف الاستفهام للأفعال، فلو كان الفعل ظاهراً لكان على غير إضمار، نحو قولك: ما زلت و عبد الله حتى فعل، لأنه ليس يريد: ما زلت ومازال عبد الله، ولكنه أراد: وما زلت بعبد الله. فكان المفعول مخفوضاً بالياء، فلما زال ما خفضه وصل الفعل إليه فنصبه، كما قال تعالى:" واختار موسى قومه سبعين رجلاً" الأعراف 155، فالواو في معنى مع، وليست بخافضة، فكان ما بعدها على الموضع، فعلى هذا ينشد هذا الشعر:

فما لك والتلدد حول نجـدٍ وقد غصت تهامة بالرجال ولو قلت: ما شأنك وزيداً لا ختير النصب، لأن زيداً لا يلتبس بالشأن، لأن المعوطف على الشيء أبداً في مثل حاله، ولو قلت: ما شانك وشأن زيد لرفعت، لأن الشأن يعطف على الشأن، وهذه الآية تفسر على وجهين من الإعراب: أحدهما هذا، وهو الأجود فبها وهو قوله عز وجل:" فأجمعوا أمركم وشركاءكم" يونس : 71. فالمعنى والله أعلم: مع شركائكم، لأنك تقول: جمعت قومي، وأجمعت أمري، ويجوز أن يكون لما أدخل الشركاء مع الأمر حمله على مثل مثل لفظه. لأن المعنى يرجع إلى شيء واحد، فيكون كقوله: ياليت زوجك قد غدا مقتلداً سيفاً ورمحا وقال آخر: شراب ألبانٍ وتمرٍ أقط" وهذا بين. خالد بن يزيد بن معاوية عند عبد الملك بن مروان ويروى أن عبد الله بن يزيد بن معاوية أتى أخاه خالداً، فقال: يا أخي، لقد هممت اليوم أن أفتك بالوليد بن عبد الملك فقال له خالد: بئس والله ما هممت به في ابن أمير المؤمنين، وولي عهد المسلمين فقال: إن خيلي مرت به فعبث بها وأصغرني، فقال له خالد: أنا أكفيك، فدخل خالد على عبد الملك و الوليد عنده، فقال: يا أمير المؤمنين، الوليد ابن أمير المؤمنين، وولي عهد المسلمين، فقال: إن خيلي مرت به فعبث بها وأصغرني، فقال له خالد: أنا أكفيك، فدخل خالد على عبد الملك والوليد عنده، فقال يا أمير المؤمنين، الوليد ابن أمير المؤمنين، وولي عهد المسلمين، مرت به خيل ابن عمه عبد الله بن يزيد فعبث بها، وأصغره، وعبد الملك مطرق، فرفع رأسه، فقال:" إن الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون" النمل 34، فقال خالد :" وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرنها تدميراً" الإسراء: 16، فقال عبد الملك: أفي عبد الله تكلمني والله لقد دخل علي فما أقام لسانه لحناً فقال له خالد: أفعلى الوليد تعول فقال عبد الملك: إن كان الوليد يلحن فإن أخاه سليمان، فقال له خالد: وإن كان عبد الله يلحن فإن أخاه خالد، فقال له الوليد : اسكت يا خالد، فوالله ما تعد في العير ولا في النفير، فقال خالد: اسمع يا أمير المؤمنين، ثم أقبل عليه وقال: ويحك فمن العير والنفيرغيري? جدي أبو سفيان صاحب العير، وجدي عتبة بن ربيعة صاحب النفير، ولكن لو قلت: غنيمات، و حبيلات، والطائف ورحم الله عثمان لقلنا: صدقت أما قوله:" في العير" فهي عير قريش التي أقبل بها أبو سفيان من الشأم فنهد إليها رسول الله وندب إليها المسلمين، وقال:" لعل الله ينفلكموها"، فكانت وقعة بدر، وساحل أبو سفيان بالعير، فكانت الغنيمة ببدر، كما قال الله عز وجل:" وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم" الأنفال: 7 . أي غير الحرب، فلما ظفر رسول الله بأهل بدر، قال المسلمون: انهد بنا يا رسول الله إلى العير، فقال العباس رحمه الله: إنما وعدكم الله إحدى الطائفتين. وأما النفير فمن نفر من قريش ليدفع عن العير، فجاؤوا فكانت وقعة بدر، وكان شيخ القوم عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وهو جد خالد من قبل جدته هند، أم معاوية بنت عتبة، ومن أمثال العرب : لست في العـير يوم يحـدون بالعير ولا في النفير يوم النفير ثم اتسع هذا المثل حتى صار يقال لمن لا يصلح لخير ولا لشر ولا يحفل به: لا في العير، ولا في النفير. وقوله:"غنيمات، وحبيلات" يعني أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لما أطرد الحكم بن أبي العاصي بن أمية. وهو جد عبد الملك بن مروان لجأ إلى الطائف، فكان يرعى غنيمات، ويأوي إلى حبيلة وهي الكرمة. وقوله:" رحم الله عثمان ": أي لرده إياه. وقولنا" أطرده": أي جعله طريداً، وطرده: نحاه، كما تقول حمدته: أي شكرته، وأحمدته: أي صادفته محموداً. وكان عثمان رحمه الله استأذن رسول الله في رده متى أفضى الأمر إليه، روى ذلك الفقهاء. باب لرجل من بني أسد يمدح يحيى بن حيان قال أبو العباس: قال رجل من بني أسدٍ بن خزيمة يمدح يحيى بن حيان أخا النخع بن عمرو بن علة بن جلد مذحج، وهو مالك:

ألا جعل الله اليمانين كـلـهـم فدى لفتى يحيى بـن حـيان ولولا عريق في من عصبـيةٍ لقلت وألفا من معد بن عدنان ولكن نفسي لم تطب بعشيرتي وطابت له نفسي بأبناء قحطان وهذا من التعصب المفرط. وحدثني شيخ من الأزد ثقة عن رجل منهم أنه كان يطوف بالبيت، وهو يدعو لأبيه، فقيل له: ألاتدعو لأمك فقال: إنها تميمية. وسمع رجل يطوف بالبيت، وهو يدعو لأمه ولا يذكر أباه، فعوتب، فقال: هذه ضعيفة، وأبي رجل يحتال لنفسه. وحدثني المازني عمن حدثه قال: رأيت رجلاً يطوف بالبيت، وأمه على عنقه، وهو يقول: أحمل أمي وهي الحماله ترضعني الدرة والعلاله لا يجازى والد فعالـه قوله:" الدرة " فهو اسم ما يدر من ثدييها، ابتداء كان ذلك أو غير ذلك والعلالة لا تكون إلا بعد، يقال: عله يعله و يعله علاً، والاسم العلالة، وكل شيء كان على " فعلت" من المدغم. فمضارعه إذا كان متعدياً إلى مفعول يكون على يفعل، نحو رده يرده، وشجه يشجه، وفر يفره، فإذا قلت: فر يفر، فإنما ذلك لأنه غير متعد إلى مفعول، ولكن تقول: فررت الدابة أفره. وجاء "فعل يفعل" من المتعدي في ثلاثة أحرف يقال: عله يعله و يعله، وهره يهره ويهره: إذا كرهه،ويقال: أحبه يحبه، وجاء حبه يحبه، ولا يكون فيه " يفعل " قال الشاعر : لعمرك إنني وطلاب مصر لكالمزداد مما حب بعـدا وقال آخر: وأقسم لولا تمره ما حـبـبـتـه وكان عياض منه أدنى و مشرق وقرأ أبو رجاء العطاردي:" فاتبعوني يحبكم الله" آل عمران31، ففعل في هذا شيئين أحدهما أنه جاء به من " حببت" والآخر أنه أدغم في موضع الجزم وهو مذهب تميم وقيس وأسد وجماعة من العرب يقولون: رد يا فتى، يدغمون، ويحركون الدال الثانية لالتقاء الساكنين فيتبعون الضمة الضمة. ومنهم من يفتح لالتقاء الساكنين فيقول: رد يا فتى، لأن الفتح أخف الحركات، ومنهم من يقول رد يافتى فيكسر: لأن حق التقاء الساكنين الكسر، فإذا كان الفعل مكسوراً ففيه وجهان: تقول: فر يا فتى للإتباع وللأصل في ألتقاء الساكنين، وتفتح. لأن الفتح أخف الحركات، وإذا كان مفتوحاً فالفتح للإتباع، ولأنه أخف الحركات، والكسر على أصل التقاء الساكنين، نحو. عض، يا فتى، وعض يا فتى، فإذا لقيته ألف ولام فالأجود الكسر، من أجل ما بعده، وهي لام المعرفة، نحو : فغض الطرف إنك من نمير فلا كعباً بلغت ولا كلابـا ومنهم من يجري مجرى الأول، فتقع لام المعرفة بعد انقضاء الحركة في الأول فيقول: ذم المنازل بعد منزلة اللوى والعيش بعد أولـئك الأيام ومن كان من شأنه أن يتبع أو يكسر فعلى ذلك، ومما جاء في القرآن على لغة من يكسر قوله عز وجل " ومن يشاق فإن الله شديد العقاب " الحشر 4 وأما أهل الحجاز فيجرونه على القياس الأصلي، فيقول: اردد و اغضض، ويقولون: افرر من زيد واعضض. لما سكن الثاني ظهر التضعيف لأنه لا يلتقي ساكنان، وكل ذلك من قولهم وقول التميميين قياس مطرد بين، وقد شرحناه في الكتاب المقتضب على حقيقة الشرح. لرجل في الصبر وقال آخر : إذا ضيقت أمراً ضاق جـداً وإن هونت ما قد عز هانـا فلا تهلك لشيء فـات يأسـاً فكم أمر تصعب ثـم لانـا سأصبر عن رفيقي إن جفاني على كل الأذى إلا الهوانـا فإن المرء يجزع في خـلاءٍ وإن حضر الجماعة أن يهانا لعبيد بن أيوب العنبري وقال آخر أحسبه من لصوص بني سعد. قال أبو الحسن: هو عبيد بن أيوب العنبري، وأنشد هذا الشعر ثعلب: فإني وتركي الإنس من بعد حبهـم وصبري عمن كنت ما إن أزايلـه لكالصقر جلى بعد ما صاد قـنـية قديراً ومشوياً عبيطـاً خـرادلـه أهابوا به فـازداد بـعـداً وصـده عن القرب منهم ضوء برقٍ ووابله ألم ترني صاحبت صفراء نـبـعة لها ربذي لم تفلـل مـعـابـلـه وطال احتضاني السيف حتى كأنما يلاط بكشحي جفنه و حـمـائلـه أخو فلواتٍ صاحب الجن وانتحـى عن الإنس حتى قد تقضت وساءله

له نسب الإنسي يعرف نجره وللجن منه شكله و شمائله وقوله: وصبري عمن كنت ما إن أزايله إن: زائدة، وهي تزاد مغيرة للإعراب، وتزاد توكيداً، وهذا موضع ذلك، فالموضع الذي تغير فيه الإعراب هو وقوعها بعد"ما" الحجازية، تقول: ما زيدٌ أخاك، وما هذا بشراً، فإذا أدخلت إن هذه بطل النصب بدخولها، فقلت: ما إن زيد منطلق، قال الشاعر: وما إن طبنا جبنٌ ولكن منايانا ودولة آخرينـا فزعم سيبويه أنها منعت"ما" العمل كما منعت"ما" إن الثقيلة أن تنصب تقول: إن زيداً منطلق، فإذا أدخلت"ما" صارت من حروف الابتداء، ووقع بعدها المبتدأ وخبره والأفعال، نحو: إنما زيد أخوك،" إنما يخشى الله من عباده العلمؤأ " فاطر28 ولولا"ما" لم يقع الفعل بعد"إن" لأن"إن" بمنزلة الفعل، ولا يلي فعل فعلاً لأنه لا يعمل فيه، فأما كان يقوم زيدٌ،" كاد يزيع قلوب فريق منهم" التوبة 117 ففي كان وكاد فاعلان مكنيان. و" ما " تزاد على ضربين، فأحدهما أن يكون دخولها في الكلام كإلغائها، نحو " فبما رحمة من الله لنت لهم " آل عمران 159 أي فبرحمة، وكذلك :"مما خطيئتهم أغرقوا " نوح 25 وكذلك" مثلاً ما بعوضةً" البقرة 26 وتدخل لتغيير اللفظ، فتوجب في الشيء ما لولا هي لم يقع، نحو ربما ينطلق زيد، و"ربما يود الذين كفروا " الحجر 2، ولولا "ما" لم تقع رب على الأفعال، لأنها من عوامل الأسماء، وكذلك جئت بعد ما قام زيد، كما قال المرار: أعلقة أم الوليد بـعـد مـا أفنان رأسك كالثغام المخلس فلولا "ما" لم يقع بعدها إلا اسم واحد، وكان مخفوضاً بإضافة" بعد" إليه، تقول: جئتك بعد زيد. وقوله:" كالصقر جلى"، تأويل التجلي أن يكون يحس شيئاً فيتشوف إليه، فهذا معنى "جلى"، قال العجاج : تجلى البازي إذا البازي كسر أي نظر، ويقال: تجلى فلانٌ فلانه تجلياً، وأجتلاها اجتلاءً، أي نظر إليها وتأملها، والأصل واحد . وقوله: "قديراً:، هو ما يطبخ في القدر، يقال: قدير ومقدور، كقولك: قتيل ومقتولٌ . وقوله:"عبيطاً خرادله"، فالعبيط الطري، يقال: لحم عبيط إذا كان طرياً، وكذلك دم عبيطٌ، ويقال اعتبط فلان بكرته إذا نحرها شابةً من غير علةٍ وكذلك اعتبط فلان إذا مات شاباً، قال أمية: من لم يمت عبطة يمت هرماً للموت كأس فالمرء ذائقهـا وحدثني الزيادي إبراهيم بن سفيان بن سليمان بن ابي بكر بن عبد الرحمن ابن زياد. قال تحدث رجل من الأعراب، قال: نزلت برجل من طيئ، فنحر لي ناقة فأكلت منها، فلما كان الغد نحر أخرى، فقلت: إن عندك من اللحم ما يغني ويكفي، فقال: إني والله لا أطعم ضيفي إلا لحماً عبيطاً، قال: وفعل ذلك في اليوم الثالث وفي كل ذلك آكل شيئاً، ويأكل الطائي أكل جماعةٍ ثم نؤتى باللبن فأشرب شيئاً، ويشرب عامة الوطب، فلما كان في اليوم الثالث ارتقبت غفلته فاضطجع، فلما امتلأ نوماً استقت قطيعاً من إبله فأقبلته الفج، فانتبه واختصر علي الطريق حتى وقف لي في مضيق منه، فألقم وتره فوق سهمه، ثم نادى بي: لتطب نفسك عنها قلت أرني آية، فقال. انظر إلى ذلك الضب، فإني واضع سهمي في مغرز ذنبه، فرماه فأندر ذنبه، فقلت زدني، فقال: انظر إلى أعلى فقاره، فرماه فأثبت سهمه في الموضع، ثم قال لي: الثالثة والله في كبدك فقلت: شأنك بإبلك فقال: كلا حتى تسوقها إلى حيث كانت. قال: فلما انتهيت بها قال: فكرت فيك فلم أجد لي عندك ترة تطالبني بها، وما أحسب الذي حملك على أخذ إبلي إلا الحاجة. قال: قلت هو والله ذاك. قال: فاعمد إلى عشرين من خيارها فخذها، فقلت : إذاٌ والله لاأفعل حتى تسمع مدحك: والله ما رأيت رجلاٌ أكرم ضيافةٌ، ولا أهدى لسبيلٍ، ولا أرمى كفاٌ، ولا أوسع صدراٌ، ولا أرغب جوفاٌ، ولا أكرم عفواٌ منك قال: فاستحيا فصرف وجهه عني، ثم قال: انصرف بالقطيع مباركاٌ لك فيه وقوله:" خرادله" يعني قطعه، يقال: ضرباٌ خردله، وتأويله قطعه، كما قال: والضرب يمضي بيننا خرادلا وقوله:" أهابوا به"، يقول: دعوه، يقال: أية به، وأهاب به: أي ناداه، قال القرشي: أهاب بأحزان الفؤاد مهـيب وماتت نفوس للهوى وقلوب


وقوله: " ضوء برق ووابله"، أراد صده عنهم ضوء برقٍ ووابله، فأضاف الوابل من المطر إلى البرق. وإنما الإضافة إلى الشيء على جهة التضمين، ولا يضاف الشيء إلى الشيء إلا وهو غيره أو بعضه، فالذي هو غيره: غلام زيدٍ ودار عمرو، والذي هو بعضه: ثوب خز، وخاتم حديد، وإنما أضاف الوابل إلى البرق، وليس هو له، كما قلت: دار زيد، على جهة المجاورة، وأنهما راجعان إلى السحابة، وقد يضاف ما كان كذا على السعة، كما قال الشاعر: حتى أنخت قلوصي في دياركم بخير من يحتذي نعلاً وحافيها فأضاف الحافي إلى النعل، والتقدير: حافٍ منها. ألم ترني صاحبت صفراء نبعة فالنبع خير الشجر للقسي، ويقال : إن النبع والشوحط والشريان شجرة واحدة، ولكنها تختلف أسماؤها وتكرم وتحسن بمنابتها، فما كان في قلة الجبل منها فهو النبع، وما كان في سفحه فهو الشوحط، وما كان في الحضيض فهو الشريان. وقوله:" لها ربذي"، يريد وتراً شديد الحركة عند دفع السهم، يقال رجل ربذ اليد إذا كان يكثر التحريك ليديه والعبث بهما، ويوصف به الفرس لكثرة حركة قوائمه، وكان الأصل ربذاً لأنه "ربذ"، ولكن ما كان من " فعل " فنسب إليه فتح موضع العين منه استثقالاً لاجتماع ياءي النسب وكسرة اللام، لأن ياءي النسب تكسران ما تليانه، فلم يدعوا مع ذلك العين مكسورة، تقول في النسب إلى النمر بن قاسط: نمري، وإلى الحطبات: حبطي، وإلى شقرة وهو الحارث ابن تميم بن مر: شقري، وفي النسب إلى عم عموي يا فتى. وقوله:" لم تفلل معابله"، يريد لم ينكسر حدها، من الفلول. ويروى أن عروة بن الزبير سأل عبد الملك أن يرد عليه سيف أخيه عبد الله بن الزبير فأخرجه إليه في سيوف منتضاةٍ، فأخذه عروة من بينها، فقال له عبد الملك: بم عرفته فقال: بما قال النابغة: ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب والمعبلة: واحد المعابل، وهي سهم خفيف، قال عنترة : وآخر منهم أجررت رمحي وفي البجلي معبلة وقـيع بإسكان الجيم لاغير . قال أبو الحسن : بجيلة: قبيلة من بني الهجيم، من اليمن . باب لبعض الشعراء يحرض على خالد بن يزيد قال أبوالعباس: تزوج خالد بن يزيد بن معاوية نساء هن شرف من هن منه، منهن أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وآمنة بنت سعيد بن العاصي بن أمية، ورملة بنت الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي، ففي ذلك يقول بعض الشعراء يحرض عليه عبد الملك: عليك أمير المؤمنين بخـالـدٍ ففي خالدٍ عما تحب صـدود إذا ما نظرنا في مناكح خالـدٍ عرفنا الذي ينوي وأين يريد? فطلق آمنة بنت سعيد، فتزوجها الوليد بن عبد الملك، ففي ذلك يقول خالد: فتاة أبوها ذو العصابة، وابنه، وعثمان، ما أكفاؤها بكثـير فإن تفتلتها والخلافة، تنقلـب بأكرم علقي منبر وسـرير قوله :"أبوها ذو العصابة"يعني سعيد بن العاصي بن أمية، وذلك أن قومه يذكرون أنه كان إذا اعتم لم يعتم قرشي إعظاماٌ له، وينشدون : أبو أحيحة من يعتـم عـمـتـه يضرب وإن كان ذا مالٍ وذا عدد ويزعم الزبيريون أن هذا البيت باطل موضوع. وقوله: "فإن تفتلتها ":يقول : تأخذها فجاءةٌ، ومن ذلك قول الشاعر: من يأمن الأيام بعـد صبيرة القرشي ماتا سبقت منيته المشيب وكان ميتته افتلاتـا وفي الحديث أن رجلاً قال: يا رسول الله إن أمي افتلتت، أي ماتت فجاءة. ?????????????????لخالد بن يزيد في رملة بنت الزبير ويروى أن آمنه لبثت عند الوليد، فلما هلك عبد الملك سعى بها ساع إلى الوليد. قال أبو العباس: وبلغني أنها سعت بها إحدى ضراتها إلى الوليد بأنها لم تبك على عبد الملك كما بكى نظائرها فقال لها الوليد في ذلك، فقالت: صدق القائل، أكنت قائلة ماذا أقول ياليته كان بقي حتى يقتل أخاً لي آخر كعمرو بن سعيد! وفي رملة بنت الزبير يقول خالد: تجول خلاخيل النساء ولا أرى لرملة خلخالاً يجول ولا قلبا فلا تكثروا فيها الملام فإننـي تخيرتها منهم زبيرية قلـبـا

أحب بني العوام طراً لحبهـا ومن أجلها أحببت أخوالها كلبا وزيد فيها: فإن تسلمي أسلم وإن تتنصري يعلق رجال بين أعينهم صلبا فيروى أن عبد الملك ذكر له هذا البيت، فقال له: يا خالد، أتروي هذا البيت فقال: يا أمير المؤمنين، على قائلة لعنة الله زواج الحجاج بن يوسف بابنة عبد الله بن جعفر ثم طلاقه لها وذكر العتبي أن الحجاج بن يوسف بن الحكم الثقفي لما أكره عبد الله بن جعفر على أن زوجه ابنته استأجله في نقلها سنة، ففكر عبد الله بن جعفر في الانفكاك منه، فألقي في روعه خالد بن يزيد، فكتب إليه يعلمه ذلك، وكان الحجاج تزوجها بإذن عبد الملك، فورد على خالد كتابه ليلاً، فاستأذن من ساعته على عبد الملك، فقيل له: أفي هذا الوقت فقال: إنه أمر لا يؤخر، فأعلم عبد الملك بذلك. فأذن له، فلما دخل عليه، قال له عبد الملك : فيم السرى يا أبا هاشم قال: أمر جليل لم آمن أن أؤخر، فتحدث علي حادثة فلا أكون قضيت حق بيعتك، قال: وما? قال : أتعلم أنه ما كان بين حيين من العداوة والبفضاء ما كان آل الزبير وآل أبي سفيان ? قال لا. قال: فإن تزويجي إلى آل الزبير حلل ما كان لهم في قلبي، فما أهل بيت أحب إلي منهم، قال: فإن ذلك ليكون، قال: فكيف أذنت للحجاج أن يتزوج في بني هاشم، وأنت تعلم ما يقولون ويقال فيهم، والحجاج من سلطانك بحيث علمت قال: فجزاه خيراٌ، وكتب إلى الحجاج بعزمةٍ أن يطلقها فطلقها، فغدا الناس عليه يعزونه عنها، فكان فين أتاه عمرو بن عتبة بن أبي سفيان، فأوقع الحجاج بخالد، فقال: كان الأمر لآبائه فعجز عنه حتى انتزع منه. فقال له عمرو بن عتبة: لاتقل ذا أيها الأمير، فإن لخالد قديماٌ سبق إليه، وحديثاٌ لم يغلب عليه، ولو طلب الأمر لطلبه بحد وجد، ولكنه علم علماٌ، فسلم العلم إلى أهله، فقال الحجاج: يا آل أبي سفيان، أنتم تحبون أن تحلموا ولا يكون الحلم إلا عن غضب، فنحن نغضبكم في العاجل ابتغاء مرضاتكم في الآجل، ثم قال الحجاج: والله لأتزوجن من هو أمس به رحماٌ، ثم لا يمكنه فيه شيء، فتزوج أم الجلاس بنت عبد الله بن خالد بن أسيد .أما قوله :" ألقي في روعه "، فإن العرب تقول ألقي في روعي، وفي قلبي وفي جخيفي وفي تاموري كذا كذا، ومعناه كله واحد، إلا أن لهذه الأشياء. مواضع مختصة، وفي الحديث عن النبي  :" إن روح القدس نفث في روعي"، فالروع والجخيف غير مختلفين، والعرب تقول: أذهب الله قلبه، ولا قلب له. ولا تقول: لاروع له، فكأن الروع هو متصل بالقلب، وعنه يكون الفهم خاصة، ويقال: رأيت قلب الطائر. ولا يقال : رأيت روع الطائر، والتامور عند العرب: بقية النفس عند الموت، وبعضهم يفصح عنه فيجعله دم القلب خاصة الذي يبقى للا نسان ما بقي، يقال: ضعه في تامورك وفي قلبك وفي روعك وفي جخيفك. والذماء، ممدود: مثل التامور سواء تقول العرب: ليس في الحيوان أطول ذماء من الضب، وذلك أنه يذبح ثم يطرح في النار بعد أن ظن أنه قد برد فربما سعى من النار . نبذ من أقوال الحكماء وقال رجل لإبراهيم بن أدهم: عظني، فقال: اتخذ الله صاحباً وذر الناس جانباً. قال سعيد بن المسيب: كنت بين القبر والمنبر مفكراً، فسمعت قائلاً ولم أره: اللهم إني أسألك عملاً باراً. ورزقاً داراً. وعيشاً قاراً قال سعيد: فلزمتهن فلم أر إلا خيراً . وقال الأصمعي: كان من دعاء أبي المجيب: اللهم اجعل خير عملي ما قارب أجلي . قال: وكان يقول في دعائه: اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا فنعجز، ولا إلى الناس فنضيع. أعرابي في حلقة يونس

قال: وحدثني أبو عثمان المازني قال: حدثني أبو زيد قال: وقف علينا أعرابي في حلقة يونس النحوي فقال: الحمد لله كما هو أهله، وأعوذ بالله أن أذكر به وأنساه، خرجنا من المدينة، مدينة رسول الله صلى الله عليه سلم، ثلاثين رجلاً ممن أخرجته الحاجة، وحمل على المكروه، لا يمرضون مريضهم، ولا يدفنون ميتهم، ولا ينتقلون من منزلٍ إلى منزل وإن كرهوه. والله يا قوم لقد جعت حتى أكلت النوى المحرق، ولقد مشيت حتى انتعلت، وحتى خرج من قدمي بخص ولحم كثير. أفلا رجل يرحم ابن سبيل، وفل طريق، ونضو سفر فإنه لا قليل من الأجر، ولا غنى عن ثواب الله عز وجل، ولا عمل بعد الموت، وهو الذي يقول جل ثناؤه:" من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له " البقرة 245 ملي وفي ماجد واجد جوادٌ، لا يستقرض من عوزٍ، ولكنه يبلو الأخيار. قال: فبلغني أنه لم يبرح حتى أخذ ستين ديناراً .

قوله:" بخص"، يريد اللحم الذي يركب القدم، هذا قول الأصمعي، وقال غيره: هو لحم يخلطه بياض من فساد يحل فيه، ويقال: بخصت عينه، بالصاد، ولا يجوز إلا ذلك، ويقال. بخسته حقه، بالسين: إذا ظلمته ونقصته، كما قال الله عز وجل:" ولا تبخسوا الناس أشياءهم" الأعراف 85، وفي المثل: "تحسبها حمقاء وهي باخسٌ" ويدل على أنه اللحم الذي قد خالطه الفساد قول الراجز : قال أبو الحسن علي بن سليمان الأخفش: الراجز هو أبو شراعة يا قدمي لا أرى لي مخلصاً مما أراه أو تعودا بخصـا وقوله"فل" فالفل في أكثر كلامهم: المنهزم الذاهب . وفي خبر كعب بن معدان الأشعري" إنا آثرنا الحد على الفل". يعني مجاهدتهم عبد ربه الصغير، لأنه كان مقبلاً على حربهم وتركهم قطرياً لأنه كان منهزماً. خبر الحجاج بن علاط السلمي مع قريش وفي حديث الحجاج بن علاط السلمي. وكان قد أسلم ولم تعلم قريش بإسلامه، فاستأذن رسول الله يوم خيبر في أن يصيرإلى مكة فيأخذ ما كان له من مال، وكانت له هناك أموال متفرقة، وهو غريب بينهم إنما هو أحد بني سليم بن منصور، ثم أحد بني بهزٍ فأذن له رسول الله ، فقال: يا رسول الله، إني أحتاج أن أقول، قال: فقل. قال أبو العباس: وهذا كلام حسن ومعنى حسن، يقول: أقول على جهةالاحتيال غير الحق، فأذن له رسول الله لأنه من باب الحيلة، وليس هو من باب الفساد، وأكثر ما يقال في هذا المعنى تقول، كما قال المولى عز وجل:" أم يقولون تقوله" الطور 33 فصار إلى مكة فقالت قريش: هذا لعمر الله عنده الخبر. قال: فقولوا: بلغنا أن القاطع قد خرج إلى أهل خيبر، فقال الحجاج: نعم، فقتلوا أصحابه قتلاً لم يسمع بمثله، وأخذوه أسيراً، وقالوا: نرى أن نكارم به قريشاً، فندفعه إليهم، فلا تزال لنا هذه اليد في رقابهم. وإنما بادرت لجمع مالي لعلي أصيب به من محمدٍ وأصحابه قبل أن تسبقني إليه التجار ويتصل بهم الحديث. قال: فاجتهدوا في أن جمعوا إلي مالي أسرع جمعٍ، وسروا أكثر سروراً، وقالوا بلا رغم، وأتاني العباس وهو كالمرأة الواله فقال: ويحك يا حجاج ما تقول قال: فقلت: أكاتمٌ أنت علي خبري ? فقال:إي والله قال: فقلت: فالبث علي شيئاً حتى يخف موضعي. قال فسرت إليه، فقلت. الخبر والله على خلاف ما قلت لهم، خلفت رسول الله وقد فتح خيبر، وخلفته والله معرساً بابنة ملكهم، وما جئتك إلا مسلماً، فاطو الخبر ثلاثاً حتى أعجز القوم، ثم أشعه، فإنه والله الحق، فقال: العباس: ويحك، أحق ما تقول? قلت إي والله قال: فلما كان بعد ثلاثة تخلق العباس، وأخذ عصاه وخرج يطوف بالبيت قال: فقالت قريش: يا أبا الفضل، هذا والله التجلد لحر المصيبة فقال: كلا، ومن حلفتم به لقد فتحها رسول الله ، وأعرس بابنة ملكهم فقالوا: من اتاك بهذا الحديث? فقال: الذي أتاكم بخلافه، ولقد جاءنا مسلماً، ثم أتت الأخبار من النواحي بذلك، فقالوا: أفلتنا الخبيث، أولى له . وأصل الفل مأخوذ من فللت الحديدة إذا كسرت حدها. والنضو: البالي المجهود، ويقال ناقة نضوٌ: إذا جهدها السير، وجمعه أنضاءٌ، وفلان نضوً من المرض .

وقوله :"لا يستقرض من عوزٍ"، فالعوز: تعذر المطلوب، يقال: أعوز فلان فهو معوز إذا لم يجد، والمعاوز في غير هذا الموضع: الثياب التي تبتذل ليصان بها غيرها . وقوله:" ولكن ليبلوا الأخيار"، يقال: الله يبلوهم ويبتليهم ويختبرهم في معنى، وتأويله: يمتحنهم، وهو العالم عز وجل بما يكون كعلمه بما كان، قال ال جلله ثناؤه " ليبلوكم أيكم أحسن عملا" هود 7 قال: وحدثني أبو عثمان المازني قال: رأيت أبا فرعون العدوي، ومعه ابنتاه، وهو في سكة العطارين بالبصرة يقول : بنيتي صابرا أباكـمـا إنكما بعين من يراكما الله ربي سيدي مولاكما ولو يشاء عنهم أغناكما وكان أبو فرعون، وهو من بني عدي بن الرباب بن عبد مناة بن أد، وقال اليزيدي: هو مولاهم وكان فصيحاً، وقدم قوم من الأعراب البصرة من أهله، فقيل له: تعرض لمعروفهم، فقال: ولست بسائل الأعراب شيئاً حمدت الله إذ لم يأكلونـي ?حديث رجل من الصيارفة افتقر وروى الأسدي أنه افتقر أنه رجل من الصيارفة بإلحاح الناس في أخذ أموالهم التي كانت لهم لديه، وتعذر أمواله التي كانت له عند الناس، فسأل جماعة من الجيران أن يصيروا معه إلى رجل من قريش كان موسراٌ من أولاد أجوادهم ليسد من خلته، فصاروا إليه، فجلسوا في الصحن، فخرج إليهم يخطر بقضيب في يده، حتى ثنى وسادةٌ فجلس عليها، فذكروا حاجتهم وخلة صاحبهم، مع قديم نعمته وقريب جواره، فخطر بالقضيب . ثم قال متمثلاٌ : إذا المال لم يوجب عليك عطاءه صنيعة تقوى أو صديق توامقه بخلت وبعض البخل حزم وقوة فلم يفتلذك المال إلاحقـائقـه ثم أقبل على القوم، فقال: إنا والله ما نجمد عن الحق، ولا نتدفق في الباطل، وإن لنا لحقوقاٌ تشغل فضول، وما كل من أفلس من الصيارفة احتلنا لجبره، قوموا رحمكم الله قال: فابتدر القوم الأبواب. قوله :" فلم يفتلذك المال "، يقول : لم يقتطع منك، يقال فلذ له من العطاء: أي قطع له، وقال رسول الله يوم بدرٍ حين قال الغلامان: في القوم عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو الحكم بن هشام بن هشام، وأمية بن خلف وفلان وفلان، فقال رسول الله صلى عليه وسلم :"هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها". وقال أبو قحافة أعشى باهلة يعني المنتشر بن وهب الباهلي: تكفيه فلذة كبدٍ إن ألـم بـهـا من الشواء ويكفي شربة الغمر رجل من أزد شنوءة بين يدي عتبة بن أبي سفيان قال عبد الملك بن عمير، استعمل عتبة بن أبي سفيان رجلاٌ من آله على الطائف، فظلم من أزد شنوءة، فأتى الأزدي عتبة، فمثل بين يديه، فقال : أمرت من كان مظلوماٌ ليأتيكم فقد أتاكم غريب الدار مظلوم ثم ذكر ظلامته، فقال له عتبة: إني أراك أعرابياً جافياً، والله ما أحسبك تدري كم تصلي في كل يوم وليلة فقال: أرأيت إن أنبأتك ذلك، أتجعل لي عليك مسألة? قال نعم، فقال الأعرابي : إن الصلاة أربع وأربـع ثم ثلاث بعدهـن أربـع ثم صلاة الفجر لا تضيع فقال: فاسأل: فقال: كم فقار ظهرك فقال: لا أدري، فقال: أفتحكم بين الناس وأنت تجهل هذا من نفسك قال: ردوا عليه غنيمته . قوله:" فقار"، إنما هو جمع فقارة، ويقال فقرة، فمن قال في الواحدة فقرة قال في الجميع: فقر، كسرة وكسر، ومن قال للواحدة: فقارة، قال للجميع: فقارٌ، كقولك دجاجة ودجاج، وحمامة وحمامٌ . أعرابي عند معاوية وشهد أعرابي عند معاوية بشيء كرهه، فقال له معاوية: كذبت فقال الأعرابي: الكاذب والله متزمل في ثيابك. فقال معاوية وتبسم:هذا جزاء من عجل . حديث السواقط قال أبو العباس: قرأت على عبد الله بن محمد المعروف بالتوزي عن أبي عبيدة معمر بن المثنى التيمي، قال: كانت السواقط ترد اليمامة في الأشهر الحرم لطلب التمر، فإن وافقت ذلك، وإلا أقامت بالبلد إلى أوانه، ثم تخرج منه في شهر حرام، فكان الرجل منهم إذا قدم يأتي رجلً من بني حنيفة، وهم أهل اليمامة، أعني بني حنيفة بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط ابن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربعة بن نزار فيكتب له على سهم أو غيره:"فلان جار فلان" والسواقط: من ورد اليمامة من غير أهلها، وقد كان النعمان بن المنذر أراد أن يجليهم منها، فأجارهم مرارة بن سلمي الحنفي. ثم أحد بني ثعلبة بن الدول بن حنيفة، فسوغه الملك ذلك، فقال أوس بن حجرٍ يحض النعمان عليه : زعم ابن سلمي مـرارة أنـه مولى السواقط دون آل المنذر منع اليمامة حزنها وسهولهـا من كل ذي تاجٍ كريم المفخر

وذكر أبو عبيدة أن رجلاً من السواقط من بني أبي بكر بن كلاب قدم اليمامة، ومعه أخ له، فكتب له عمير بن سلمى أنه له جار وكان أخو هذا الكلابي جميلاً فقال له قرين، أخو عمير: لا تردن أبياتنا بأخيك هذا، فرآه بعد بين أبياتهم، فقتله. قال أبو عبيدة: وأما المولى فذكر أن قريناً أخا عميرٍ كان يتحدث إلى امرأة أخي الكلابي، فعثر عليه زوجها فخافه قرين عليها فقله، وكان عمير غائباً، فأتى الكلابي قبر سلمي أبي عمير وقرين فاستجار به وقال : قال أبو الحسن الأخفش، قال أبو العباس: قرينٌ، ووجدته بخط دماذ، صاحب أبي عبيدة قرين. وإذا استجرت من اليمامة فاستجر زيد بن يربوع وآل مـجـمـع وأتيت سلمياً فعـذت بـقـبـره وأخو الزمانة عائدٌ بـالأمـنـع أقرين إنك لو رأيت فـوارسـي بعمامتين إلى جوانب ضلـفـع حدثت نفسك بالوفاء ولم تـكـن للغدر خائنة مغـل الإصـبـع فلجأ قرينٌ إلى قتادة بن مسلمة بن عبيد بن يربوع بن ثعلبة بن الدول بن حنيفة، فحمل قتادة إلى الكلابي دياتٍ مضاعفةً، وفعلت وجوه بني حنيفة مثل ذلك فأبى الكلابي أن يقبل، فلما قدم عمير قالت له أمه وهي أم قرين: لا تقتل أخاك، وسق إلى الكلابي جميع ماله، فأبى الكلابي أن يقبل، وقد لجأ قرينٌ إلى خاله السمين بن عبد الله فلم يمنع عميراً منه، فأخذه عميرٌ فمضى به حتى قطع الوادي فربطه إلى نخلة، وقال للكلابي: أما إذ أبيت إلا قتله فأمهل حتى أقطع الوادي، وارتحل عن جواري فلا خير لك فيه، فقتله الكلابي، ففي ذلك يقول عمير: قتلنا أخانا للوفاء بجـارنـا وكان أبونا قد تجير مقابره وقالت أم عمير: تعد معاذراً لا عذر فيها ومن يقتل أخاه فقد ألاما وقوله : "ولم تكن للغدر خائنةً"، ولم يقل خائناً. فإنما وضع هذا في موضع المصدر والتقدير: ولم تكن ذا خيانة . وقوله"للغدر": أي من أجل الغدر، وقال المفسرون والنحويون في قول الله عز وجل:"وإنه لحب الخير لشديد" العاديات8 : أي لشديدٌ: من أجل حب الخير، والخير ههنا: المال، من قوله تعالى:" إن ترك خيراً الوصية" البقرة 180 وقوله" لشديدٌ": أي لبخيل، والتقدير والله أعلم: إنه لبخيل من أجل حبه للمال، تقول العرب: فلان شديد ومتشدد أي بخيل، قال طرفة : أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي عقيلة مال الفاحش المـتـشـدد وقلما يجيء المصدر على فاعل، فمما جاء على وزن"فاعل": قولهم عوفي عافيةً، وفلج فالجاً، وقم قائماً: أي قم قياماً، وكما قال: ولا خارجاً من في زور كلام أي و لايخرج خروجاً، وقد مضى تفسير هذا . والمغل الذي عنده غلول، وهو ما يختان ويحتجن، ويستعمل مستعاراً في غير المال، يقال: غل يغل كقول الله عز وجل:" ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة" آل عمران161. ويقال: أغل فهو مغل إذا صودف يغل، أو نسب إليه، ومن قرأ:"وما كان لنبيٍ أن يغل" آل عمران161. فتأويله أن يأخذ ويستأثر، ومن قرأ" يغل" فتأويله على ضربين يكون أن يقال ذلك فيه، ويكون وهو الذي يختار أن يخون، فإن قال قائل كيف يكون التقدير، وقد قال: ما كان لنبي أن يغل فيغل لغيره، وأنت لا تقول ما كان لزيد أن يقوم عمرو? فالجواب أنه في التقدير على معنى: ما ينبغي لنبي أن يخون، كما قال:"وما كان لنفسٍ أن تموت إلا بإذن الله" آل عمران 145. ولو قلت: ما كان لزيد أن يقوم عمرو إليه لكان جيداً، على تقديرك: ما كان زيدٌ ليقوم عمرو إليه، كما قلنا في الآية . والإصبع، أفصح ما يقال وقد يقال: أصبع وإصبع وأصبع موضعها ههنا موضع اليد. يقال: لفلان عليك يدٌ، ولفلان عليك إصبعٌ، وكل جيدٌ، وإنما يعني ههنا النعمة. وأما قوله : قتلنا أخانا للوفاء بجارنا فيكون على ضربين: أحدهما أن يكون فخم نفسه وعظمها، فذكرها باللفظ الذي يذكر الجميع به، والعرب تفعل هذا ويعد كبراً، ولا ينبغي على حكم الإسلام أن يكو هذا مستعملاً إلا عن الله عز وجل، لأنه ذو الكبرياء، كما قال الله تبارك وتعالى:"إنا أنزلنه في ليلة القدر" القدر1 و"إنا أوحينا إليك" النساء 163، وكل صفات الله أعلى الصفات وأجلها، فما استعمل في المخلوقين على تلك الألفاظ وإن خالفت في الحكم فحسن جميل، كقولك: في فلان عالم، وفلان قادرٌ، وفلان رحيم، وفلان ودودٌ، إلا ما وصفنا قبل من ذكر التكبر، فإنك إذا قلت: فلان جبار أو متكبر كان عليه عيباً ونقصاً، وذلك لمخالفة هاتين الصفتين الحق. وبعدهما من الصواب، لأنهما للمبدئ المعيد الخالق البارئ، ولا يليق ذلك بمن تكسره الجوعة، وتطغيه الشبعة، وتنقصه اللحظة، وهو في كل أموره مدبرٌ. وأما القول الآخر في البيت وهو "قتلنا أخانا" فمعناه أنه له ولمن شايعه من عشيرته . وأما قولها: ومن يقتل أخاه فقد ألاما تقول: أتى ما يلازم عليه، يقال: ألام الرجل إذا تعرض لأن يلام. باب مما أنشد أبو محلم السعدي قال أبو العباس: انشدني السعدي أبو محلمٍ: إنا سألنا قومنا فخـيارهـم من كان أفضلهم أبوه الأول أعطى الذي أعطى أبوه قبله وتبخلت أبناء من يتبـخـل وأنشدني أيضاً: لطلحة بن حبيب حين تسـألـه أندى وأكرم من فند بن هطال وبيت طلحة في عز ومكـرمةٍ وبيت فندٍ إلى ربقٍ وأحـمـال ألا فتى من بني ذبيان يحملنـي وليس يحملني إلا ابن حمـال فقلت طلحة أولى من عمدت له وجئت أمشي إليه مشي مختال مستيقناً أن حبلي سوف يعلقـه في رأس ذيالةٍ أو رأس ذيال قوله:"إلى ربق وأحمال"، إنما أراد جمع حملٍ على القياس، كما تقول في جميع باب فعل: جملٌ وأجمالٌ، وصنمٌ وأصنامٌ . وقوله : ألا فتى من بني ذبيان يحملني يعني ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر، وأنشد بعضهم: وليس حاملني إلا ابن حمال وهذا لايجوز في الكلام، لأنه إذا نون الاسم لم يتصل به المضمر، لأن المضمر لا يقوم بنفسه، فإنما يقع معاقباً للتنوين، تقول: هذا ضارب زيداً غداً، وهذا ضاربك غداً، ولا يقع التنوين ههنا، لأنه لو وقع لا نفصل المضمر، وعلى هذا قول الله تعالى:"إنا منجوك وأهلك" العنكبوت33. وقد روى سيبويه يتين محمولين على الضرورة، وكلاهما مصنوع، وليس أحد من النحويين المفتشين يجيز مثل هذا في الضرورة، لما ذكرت من انفصال الكناية، والبيتان اللذان رواهما سيبويه : هم القائلون الـخـير والأمـرونـه إذا مال خشوا يوماً من الأمر معظما وأنشد : ولم يرتفق والناس محتضرونه جميعاً وأيدي المعتفين رواهقه وإنما جاز أن تبين الحركة إذا وقفت في نون الاثنين والجميع لأنه لا يلتبس بالمضمر، تقول: هما رجلانه، وهم ضاربوه، إذا وقفت، لأنه لا يلتبس بالمضمر إذ كان لا يقع هذا الموقع، ولا يجوز، تقول ضربته، وأنت تريد ضربت، والهاء لبيان الحركة، لأن المفعول يقع في هذا الموضع، فيكون لبساً، فأما قولهم: ارمه واغزه فتلحق الهاء لبيان الحركة، فإنما جاز ذلك لما حذفت من أصل الفعل، ولا يكون في غير المحذوف . وقوله:" في رأس ذيالة"، يعني فرساً أنثى أو حصاناً، والذيال: الطويل الذنب، وإنما يحمد منه طول شعر الذنب، وقصر العسيب، واما الطويل العسيب فمذموم، ويقال ذلك للثور ايضاً أعني ذيالاً، قال امرؤ القيس: فجال الصوار واتقين بفرهـب طويل القرا والروق أخنس ذيال ويقال أيضاً للرجل: ذيالٌ إذا كان يجر ذيله اختيالاً، ويقال له: فضفاضٌ في ذلك المعنى. من كلام عمر بن عبد العزيز ويروى عن عمر بن عبد العزيز أنه قال لمؤدبه: كيف كانت طاعتي إياك وأنت تؤدبني? فقال أحسن طاعةٍ. قال: فأطعني الآن كما أطيعك إذ ذاك خذ من شاربك حتى تبدو شفتاك، ومن ثوبك حت تبدو عقباك . وقال رسول الله :"فضل الازار في النار" . لرجل يخاطب آخر اسمه دد

وقال آخر : 

ما لدد ما لـددٍ مـا لـه يبكي وقد أنعمت ما باله ما لي أراه مطرقاً سامياً ذا سنةٍ يوعد أخـوالـه وذاك منه خـلـق عـادةٌ أن يفعل الأمر الذي قاله إن ابن بيضاء وترك الندى كالعبد إذ قيد أجمـالـه آليت لا أدفن قـتـلاكـم فدخنوا المرء وسربالـه والدرع لا أبغي بها نثـرةً كل امرئٍ مستودعٌ ماله والرمح لا أملأ كفي بـه واللبد لا أتبـع تـزوال قوله:" ما لدد"، يعني رجلاٌ، ودد في الأصل . هو اللهو، قال رسول الله  :"لست من وددٍ ولاددٌ مني"، وقد يكون في غير هذا الموضع مأخوذاٌ من العادة، وهذه اللام الخافضة تكون مكسورة مع الظهر ومفتوحة مع المضمر، والفتح أصلها، ولكن كسرت مع الظاهر خوف اللبس بلام الخبر، تقول إن هذا لزيد، فيعلم أنه شيء في ملك زيد: فإن قلت: إن هذا لزيدٌ في الوقف، علم قبل الإدراج إنه زيد، ولو فتحت المكسورة لم يعلم الملك من المعنى الآخر في الوقف، وأما المضمر فبين فيه، لأن علامة المخفوض غير علامة المرفوع، تقول: إن هذا لك، وإن هذا أنت. وقوله: ......... وقد أنعمت ما باله ف " ما" زائدة، والبال ههنا: الحال، وللبال موضع آخر، وحقيقته الفكر، تقول: ما خطر هذا على بالي. وقوله:"مطرقاً سامياً" فالسامي الرافع رأسه، يقال سما يسمو إذا ارتفع، والمطرق: الساكت المفكر المنكس رأسه، فإنما أراد سامياً بنفسه. وقوله:" ذا سنةٍ " يقول: كأنه لطول إطراقه في نعسةٍ. وقوله: كالعبد إذ قيد أجماله يريد أنه غير مكترث لاكتساب المجد والفضل، وذلك أن العبد الراعي إذا قيد أجماله لف رأسه ونام حجرةٌ، وهذا شبيه بقوله: واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي وقوله: فدخنوا المرء وسرباله يروي أنه طعن فارساً فأحدث، فقال: نظفوه فإني لا أدفن القتيل منكم إلا طاهراً، وقوله : والدرع لا أبغي بها نثرة فالنثرة: الدرع السابغة، يقول: درعي هذه تكفيني، وقوله: كل امرىءٍ مستودعٌ ماله أي مسترهن بأجله، وهو كقول الأعشى: كنت المقدم غـير لابـس جـنةٍ بالسيف تضرب معلماً أبطالهـا وعلمت أن النفس تلقى حتفـهـا ما كان خالقها الفضيل قضى لها وقوله: الرمح لا أملأ كفي به يتأول على وجهين: أحدهما أن الرمح لا يملأ كفي وحده، أنا أقاتل بالسيف وبالرمح وبالقوس وغير ذلك. والقول الآخر أني لا أملأ كفي به إنما أختلس به كما قال الشاعر: ومدجج سبقت يداي لـه تحت الغبار بطعنه خلس وقوله: واللبد لا أتبع تزواله يقول: إن انحل الحزام فمال اللبد لم أمل معه، أي أنا فارس ثبتٌ. للفرزدق وقد نزل به ذئب فأضافه وقال الفرزدق، ونزل به ذئبٌ فأضافه: وأطلس عسالٍ وما كان صاحباً رفعت لناري موهناً فأتـانـي فلما دنا قلت أدن دونك إنـنـي وإياك في زادي لمشتـركـان فبت أقد الزاد بينـي وبـينـه على ضوء نارٍ مرة ودخـان وقلت له لمت تكشر ضاحكـاً وقائم سيفي من يدي بمـكـان تعش فإن عاهدتني لاتخوننـي نكن مثل من يا ذئب يصطحبان وأنت امرؤٌ يا ذئب والغدر كنتما أخيين كانا أرضعا بـلـبـان ولو غيرنا نبهت تلتمس القـرى رماك بسهمٍ أو شباة سـنـان قوله:"وأطلس عسال"، فالأطلس الأغبر. وحدثني مسعود بن بشرٍ قال: أنشدني طاهر بن علي الهاشمي قال: سمعت عبد الله بن طاهر بن الحسين ينشد في صفة الذئب : بهم بني محـاربٍ مـزداره أطلس يخفى شخصه غباره في شدقه شفرته ونـاره قوله:"يخفي شخصه غباره"، يقول: هو في لون الغبار، فليس يتبين فيه. وقوله:"عسال"، فإنما نسبه إلى مشيته، يقال: مر الذئب يعسل، وهو مشيٌ خفيف كالهرولة، قال الشاعر يصف رمحاً: لدنٌ بهز الكف يعسل متـنـه فيه كما عسل الطريق الثعلب وقال لبيدٌ:

عسلان الذئب أمسى قارباً برد الليل عليه فنـسـل قال أبو عبيدة: نسل في معنى عسل، وقال الله عز وجل:" فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون " يس 51. وخفض بهذه الواو لأنها في معنى"رب"، وإنما جاز أن يخفض بها لوقوعها في معنى" رب" لأنها حرف خفض، وهي أعني الواو تكون بدلاً من الباء في القسم لأن مخرجها في مخرج الباء من الشفة، فإذا قلت: والله لأفعلن، فمعناه: أقسم بالله لأفعلن، فإن حذفتها قلت: الله لأفعلن، لأن الفعل يقع على الاسم فينصبه، والمعنى معنى"الباء" كما قال عز وجل:" واختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقاتنا" الأعراف155 . وصل الفعل فعمل، والمعنى معنى"من" لأنها للتبعيض، فقد صارت"الواو" تعمل بلفظها عمل"الباء"، وتكون في معناها، وتعمل عمل "رب" لاجتماعها في المعنى للاشتراك في المخرج. وقوله:"رفعت لناري"، من القلوب، إنما أراد رفعت له ناري والكلام إذا لم يدخله لبسٌ جاز القلب للاختصلر، قال الله عز وجل:" وءاتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوأ بالعصبة أولى القوة" القصص76 . والعصبة تنوء بالمفاتيح، أي تستقل بها في ثقلٍ، ومن كلام العرب: إن فلانة لتنوء بها عجيزاتها، والمعنى لتنوء بعجيزاتها، وأنشد أبو عبيدة للأخطل: أما كليب بن يربوع فليس لـهـا عند التفاخـر إيرادٌ ولا صـدر مخلفون ويقضي الناس أمرهـم وهم بغيبٍ وفي عمياء ما شعروا مثل القنافذ هداجون قد بلـغـت نجران أو بلغت سوءاتهم هجـر فجعل الفعل للبلدتين على السعة. ويروى أن يونس بن حبيبٍ قال لأبي الحسن الكسائي: كيف تنشد بيت الفرزدق? فأنشده: غداة أحلت لابن أصرم طـعـنةٌ حصين عبيطات السدائف والخمر فقال الكسائي لما قال : "غداة أحلت لابن أصرم طعنة حصين عبيطات السدائف 00" تم الكلام. فحمل الخمر على المعنى، أراد: وحلت له الخمر، فقال له يونس: ما أحسن ما قلت ولكن الفرزدق أنشدنيه على القلب، فنصب الطعنة ورفع العبيطات والخمر على ما وصفناه من القلب. والذي ذهب إليه الكسائي أحسن في محض العربية، وإن كان إنشاد الفرزدق جيداً. وقوله:"لما دنا قلت ادن دونك" أمر بعد أمرٍ، وحسن ذلك لأن قوله:"أدن" للتقريب، وفي قوله:"دونك"،أمره بالأكل، كما قال جرير لعياش بن الزبرقان : أعياش قد ذاق القيون مواسـمـي وأوقدت ناري فادن دونك فاصطل وقوله: على ضوء نارٍ مرة ودخان يكون على وجهين : أحدهما على ضوء نار، وعلى دخانٍ أي على هاتين الحالتين ارتفعت النار أو خبت. وجائز أن يعطف الدخان على النار، وإن لم يكن للدخان ضياءٌ، ولكن للاشتراك كما قال الشاعر: ياليت زوجك قد غدا متقلداً سيفاً ورمحا لأن معناها الحمل، وكما قال: شراب ألبانٍ وتمرٍ وأقط فأدخل التمر في المشروب لاشتراك المأكول والمشروب في الحلوق وهذه الآية تحمل على هذا:" يرسل عليكما شواظ من نارٍ ونحاس " الرحمن: 35، والشواظ: اللهب لا دخان له والنحاس: الدخان، وهو معطوف على النار، وهي مخفوضة بالشواظ لما ذكرت لك، قال النابغة الجعدي: تضيء كمثل سراج الذبا ل لم يجعل الله فيه نحاسا وقوله: نكن مثل من يا ذ ئب يصطحبان ف " من " تقع للواحد والاثنين والجميع والمؤنث على لفظ واحد، فإن شئت حملت خبرها على لفظها فقلت: من في الدار يحبك، عنيت جميعاً أو اثنين أو واحداً أو مؤنثاً، وإن شئت حملته على المعنى فقلت: يحبانك،وتحبك إذا عنيت امرأة ويحبونك إذا عنيت جميعاً كل ذلك جائز جيد، وقال الله عز وجل :" ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به" يونس: 40 . "ومنهم من يقول ائذن لى ولا تفتنى" . التوبة: 49 : 49 .وقال فحمل على المعنى:" ومنهم من يستمعون إليك" . يونس:42 . وقرأ أبو عمرو:" ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صلحاً" الأحزاب: 31 فحمل الأول على اللفظ والثاني على المعنى. وفي القرآن:" بلى من أسلم وجهة لله وهو محسنُ فله أجره عند ربه" البقرة: 112 . فهذا كله على اللفظ، ثم قال:" ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون" البقرة: 62 على المعنى. وقوله:" أو شباة سنان" فالشبا والشباة واحد وهو الحد. في وصف الجود

ومما يستحسن في وصف الجود والحث على المبادرة به، وتعريف حد العاقبة فيه، قول النمر بن تولب العكلي، أحد بني عكل بن عبد مناة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر: 

أعاذل إن يصبح صداي بقفـرةٍ بعيداً نآني صاحبي و قريبـي تري أن ما أبقيت لم أك ربـه وأن الذي أنفقت كان نصيبـي وذي إبل يسعى ويحسبهـا لـه أخي نصب في رعيها ودؤوب غدت وغدا رب سواه يقودهـا وبدل أحجاراً و جال قـلـيب قوله:" إن يصبح صداي بقفزة" فالصدى: على ستة أوجه: أحدها ما ذكرنا وهو ما يبقى من الميت في قبره، والصدى: الذكر من البوم، قال ابن مفرغ : وشريت برداً ليتـنـي من بعد بردٍ كنت هامة هتافة تـدعـو صـدى بين المشقر و اليمامة و يقال: فلان هامة اليوم أوغدٍ، أي يموت في يومه أو في غده. ويقال ذلك للشيح إذا أسن، والمريض إذا طالت علته، والمحتقر لمدة الآجال. وفي الحد يث أن حسلاً أباحذيفة بن حسل بن اليمان قال لشيخ آخر تخلف معه في غزوةأحدٍ : انهض بنا ننصر رسول الله ، فإنما نحن هامة اليوم أو غدٍ وكانا قد أسنا. والصدى : حشوة الرأس. يقال لذلك: الهامة والصدى وتأويل ذلك عند العرب في الجاهلية أن الرجل كان عندهم إذا قتل فلم يدرك به الثأر أنه يخرج من رأسه طائر كالبومة وهي الهامة والذكر: الصدى فيصيح على قبره. اسقوني اسقوني فإن قتل قاتله كف ذلك الطائر. قال ذو الإصبع العدواني أحد بني عدوان بن عمرو بن قيس بن عيلان بن مضر: ياعمرو إلا تدع شتمي ومنقصتـي أضربك حيث تقول الهامة اسقوني و الصدى: ما يرجع عليك من الصوت إذا كنت بمتسع من الأرض، أو بقرب جبل، كما قال: إني على كل إيساري و معسرتي أدعو حنيفاً كما تدعى ابنة الجبل يعني الصدى، وتأويله أنه يجيبني في سرعة إجابة الصدى. وقال آخر: كأني إذ دعوت بني سلـيم دعوت بدعوتي لهم الجبالا والصدأ، مهموز: صدأ الحديد وما أشبه، قال النابغة الذبياني: سهكين من صدإ الحديد كأنهم تحت السنور جنة البـقـار وقال الأعشى: فأمـا إذا ركـبـوا فـالـوجـو ه في الروع من صدإ البيض حم والصدى: مصدر الصدي، وهو العطشان، يقال: صدي يصدى صدى وهو صدٍ، قال طرفة: ستعلم إن متنا صدى أينا الصدي وقال القطامي: فهن ينبذن من قولٍ يصـبـن بـه مواقع الماء من ذي الغلة الصادي تأويل قوله: "نآني"يكون على ضربين، يكون أبعدني، وأحسن من ذلك أن يقول :"أنآني ".وقد رويت هذه اللغة الأخرى، وليست بالحسنة، وإنما جاءت في حروف: يقال غاض الماء وغضته، ونزحت البئر ونزحته، وهبط الشيء وهبطنه، وبنو تميم يقولون: أهبطته، وأحرف سوى هذه يسيرة. والوجه في "فعل أفعلته "، نحو دخل وأدخلته، مات وأماته الله، فهذا الباب المطرد.ويكون " نآني" في موضع "نأى عني"، كما قال عز وجل:" وإذا كالوهم أو وزنونهم يخسرون" المطففين 3 : أي كالوا لهم أو وزنوا لهم . وقوله:" ودؤوب"، يقول: وإلحاح عليه، تقول: دأبت على الشيء، قال الشاعر : دأبت إلى أن ينبت الظل بعدمـا تقاصر حتى كاد في الآل يمصح وقوله عز وجل :" كدأبءال فرعون" آل عمران 11 يقول: كعادتهم وسنتهم، ومثله الدين والديدن، وقد مر هذا.وقوله: وبدل أحجاراٌ وجالٌ قليب فالجال الناحية، يقال لكل ناحية من البئر والقبر وما أشبه ذلك: جال وجول، وقال مهلهل: كأن رماحهم أشطان بئر بعيد بين جاليها جرور ويقال: رجل ليس له جول، أي ليس له عقل، وهذا الشعر نظير قول حاتم الطائي : أماوي إن يصبح صداي بقـفـرةٍ من الأرض، لا ماء لدي ولا خمر ترى أن ما أبقـيت لـم أك ربـه وأن يدي مما بخلت به صـفـر للحارث بن حلزة اليشكري في الجود وقال الحارث بن حلزة اليشكري في هذا المعنى: قلت لعمرو حين أرسلته وقد خبا من دوننا عالج لا تكسع الشول بأغبارها إنك لا تدري من الناتج واصبب لأضيافك ألبانها فإن شر اللبن الوالـج

لاتكسع الشول بأغبارها فإن العرب كانت تنضح على ضروعها الماء البارد ليكون أسمن لأولادها التي في بطونها. والغبر: بقية اللبن في الضرع، فيقول: لاتبق ذلك اللبن لسمن الأولاد، فإنك لاتدري من ينتجها، فلعلك تموت، فتكون للوارث أو يغار عليها . وروي عن رسول الله أنه قال:" ابن آدم مالي مالي، وما من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو أعطيت فأمضيت ". ويرى عن بعضهم أنه قال: إني أحب البقاء، وكالبقاء عندي حسن الثناء. وأنشد أبو عثمان عمرو بن الجاحظ: فإذا بلغتم أرضكم فتحدثـوا ومن الحديث متالف وخلود وأنشد : فأثنوا علينا لاأبا لأبـيكـم بأفعالنا، إن الثناء هو الخلد وقال معاوية لابن الأشعث بن قيس: ما كان قيس بن معد يكرب أعطى الأعشى ? فقال : أعطاه مالاٌ، وظهراٌ، ورقيقاً، وأشياء أنسيتها، فقال معاوية: لكن ما أعطاكم الأعشى لا ينسىوقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لابنة هرم بن سنان المري: ما وهب أبوك لزهير ? فقالت: أعطاه مالاٌ وأثاثاٌ أفناه الدهر. فقال عمر: لكن ما أعطاكموه لا يفنيه الدهر . وقال المفسرون في قول الله عز وجل عن إبراهيم صلوات الله عليه:"وآجعل لى لسان صدق في الأخرين" الشعراء 84 أي ثناء حسناٌ، وفي قوله تعالى:"وتركنا عليه في الأخرين سلم على إبراهيم " الصافات 108 - 109 أي يقال له هذا في الآخرين. والعرب تحذف هذا الفعل من " قال" ويقول " استغناءٌ عنه، قال الله عز وجل:" فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمنكم " آل عمران 106، أي فيقال لهم. ومثله:" والذين اتخدوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى" الزمر 3 أي يقولون، وكذلك:"والملكة يدخلون من كل باب سلم عليكم"الرعد 23 -24 باب من خطبة لعلي بن أبي طالب قال أبو العباس: قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه في خطبة له: أيها الناس، اتقوا الله الذي إن قلتم سمع، وإن أضمرتم علم. وبادروا الموت الذي إن هربتم منه أدرككم، وإن أقمتم أخذكم . خطبة الحجاج حين قدم أميراٌ على العراق قال: وحدثني التوزي في إسناد ذكره آخره عبد الملك بن عمير الليثي، قال: بينما نحن في المسجد الجامع بالكوفة، وأهل الكوفة يومئذ ذوو حالٍ حسنةٍ، يخرج الرجل منهم في العشرة والعشرين من مواليه، إذ أتى آتٍ فقال :هذا الحجاج قدم أميراٌ على العراق. فإذا به قد دخل المسجد معتماٌ بعمامة غطى بها أكثر وجهه، متقلداٌ سيفاً، متنكباٌ قوساٌ، يؤم المنبر، فقام الناس نحوه، حتى صعد المنبر، فمكث ساعة لا يتكلم، فقال الناس بعضهم لبعض: قبح الله بني أمية حيث تستعمل مثل هذا على العراق حتى قال عمير بن ضابيء البرجمي: ألاأحصبه لكم ? فقالوا: أمهل حتى ننظر، فلما رأى عيون الناس إليه حسر اللثام عن فيه ونهض وقال: أنا ابن جلا وطلاع الثـنـايا متى أضع العمامة تعرفوني ثم قال: يا أهل الكوفة، إني لأرى رؤوساٌ قد أينعت وحان قطافها، وإني لصاحبها، وكأني أنظر إلى الدماء بين العمائم واللحى، ثم قال : هذا أوان الشد فاشتـدي زيم قد لفها الليل بسواق حطـم ليس برلعي إبلٍ ولا غـنـم ولا بجزارٍ على ظهر وضم ثم قال : قد لفها الليل بعصلبـي أروع خراج من الدوي مهاجر ليس بأعرابي وقال : قد شمرت عن ساقها فشدوا وجدت الحرب بكم فجدوا والقوس فيها وتـرٌ عـرد مثل ذراع البكر أو أشـد لابد مما ليس منـه بـد


إني والله يا أهل العراق، ما يقعقع لي بالشنان، ولا يغمز جانبي كتغماز التين. ولقد فرزت عن ذكاء، وفتشت عن تجربة، وإن أمير المؤمنين أطال الله بقاءه نثر كنانته بين يديه، فعجم عيدانها، فوجدني أمرها عوداً. وأصلبها مكسراً، فرماكم بي. لأنكم طالما أوضعتم في الفتنة، واضطجعتم في مراقدالضلال. والله لأحزمنكم حزم السلمة، ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل، فإنكم لكأهل قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان، فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون. والخوف بما كانوا يصنعون. وإنى والله ما أقول إلا وفيت ولا أهم إلا أمضيت، ولا أخلق إلا فريت، وإن أمير المؤمنين أمرني بإعطائكم أعطياتكم، وأن أوجهكم لمحاربة عدوكم مع المهلب بن أبي صفرة. وإني أقسم بالله لا أجد رجلاً تخلف بعد أخذ عطائه بثلاثة أيام إلا ضربت عنقه يا غلام اقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين. فقرأ : " بسم الله الرحمن الرحيم: من عبد الله عبد الملك أمير المؤمنين إلى من بالكوفة من المسلمين سلامٌ عليكم " فلم يقل أحد منهم شيئاً، فقال الحجاج: اكفف يا غلام، ثم أقبل على الناس، فقال : أسلم عليكم أمير المؤمنين، فلم تردوا عليه شيئاً هذا أدب ابن نهية أما والله لأؤدبنكم غير هذا الأدب أو لتستقيمن. اقرأ يا غلام كتاب أمير المؤمنين، فلما بلغ إلى قوله:" سلامٌ عليكم " لم يبق في المسجد أحد إلا قال: وعلى أمير المؤمنين السلام. ثم نزل فوضع للناس أعطياتهم، فجعلوا يأخذون حتى أتاه شيخ يرعش كبراً، فقال: أيها الأمير، إني من الضعف على ما ترى، ولي ابنٌ هو أقوى على الأسفار مني فتقلبه بدلاً مني. فقال الحجاج: نفعل أيها الشيخ، فلما ولى قال له قائل: أتدري من هذا أيها الأمير? قال: لا قال: هذا عمير بن ضابئ البرمجي الذي يقول أبوه: هممت ولم أفعل وكدت وليتنـي تركت على عثمان تبكي حلائله ودخل الشيخ على عثمان مقتولاٌ فوطىء بطنه، هلا فكسر ضلعين من أضلاعه، فقال ردوه ! فلما رد قال الحجاج: أيها الشيخ، هلا بعثت إلى أمير المؤمنين عثمان بدلاٌ يوم الدار! إن في قتلك أيها الشيخ لصلاحاٌ للمسلمين :يا حرسي، اضربن عنقه. فجعل الرجل يضيق عليه أمره فيرتحل، ويأمر وليه أن يلحقه بزاده، ففي ذلك يقول عبد الله بن الزبير الأسدي: تجهز فإما أن تزور ابن ضابىءٍ عميراٌ وإما أن تزور المهلـبـا هما خطتا خسفٍ نجاؤك منهمـا ركوبك حوليا من الثلج أشهبـا فأضحى ولو كانت خراسان دونه رآها مكان السوق أو هي أقربا قوله:" أنا ابن جلا "، إنما يريد المنكشف الأمر، ولم يصرف "جلا " لأنه أرادالفعل فحكى، والفعل إذا كان فاعله مضمراٌ أو مظهراٌ لم يكن إلاحكاية، كقولك: تأبط شرأ، وكماقال الشاعر: كذبتم وبيت الله لاتأخـذونـهـا بني شاب قرناها تصر وتحلب وتقول: قرأت:" اقتربت الساعة وانشق القمر" القمر 1 لأنك حكيت، وكذلك الابتداء، تقول : قرأت:" الحمد لله رب العلمين" الفاتحة 2 0 وقال الشاعر: والله ما زيد بنام صاحبه وقوله : أنا ابن جلا وطلاع الثنايا لسحيم بن الرياحي، وإنما قاله الحجاج متمثلاً. وقوله: "وطلاع الثنايا "الثنايا: جمع ثنيةو الثنية: الطريق في الجبل. والطريق في الرمل يقال له: الخل، وإنما أراد به أنه جلد يطلع الثنايا في ارتفاعها وصعوبتها، كما قال دريد بن الصمة يعني أخاه عبد الله: كميش الإزار خارجٌ نصف ساقه بعيد من السوءات طلاع أنجـد والنجد: " ما ارتفع من الأرض، وقد مضى تفسير هذا. وقوله:" إني لأرى رؤوساٌ قد أينعت"، يريد أدركت، يقال : أينعت الثمرة إيناعاٌ وينعت ينعاٌ، ويقرأ :" انظروا إلى ثمره إذآ أثمر وينعه" الأنعام 99 و"وينعه" كلاهما جائز. قال أبو عبيدة: هذا الشعر يختلف فيه، فبعضهم ينسبه إلى الأحوص وبعضهم ينسبه إلى يزيد بن معاوية. قال أبو الحسن: الصحيح أنه ليزيد يصف جارية وهو: ولها بالمـاطـرين إذا أكل النمل الذي جمعا خرفة حتى إذا ربعت سكنت من جلقٍ بيعا في قباب حول دسكرةٍ حولها الزيتون قد ينعا قال أبو الحسن: أول هذه الأبيات :

طال هذا الهم فاكتنعا وأمر النوم فامتنعـا وبعد هذا ما أنشد أبو العباس، ويروى" بالماطرون". قال أبو العباس: وقوله: هذا أوان الشد فاشتدي زيم يعني فرساٌ أو ناقة، والشعر للحطم القيسي . وقوله: قد لفها الليل بسواق حطم فهو الذي لا يبقي من السير شيئاٌ، ويقال: رجل حطمٌ للذي يأتي على الزاد لشدة أكله، ويقال للنار التي لا تبقي: حطمةٌ . وقوله:" على ظهر وضم"، فالوضم: كل ما قطع عليه اللحم. قال الشاعر: وفتيان صدقٍ حسان الوجـو ه لا يجدون لـشـيء ألـم من آل المغيرة لا يشهـدو ن عند المجازر لحم الوضم وقوله : قد لفها الليل بعضلبي أي شديد. وأروع. أي ذكي. وقوله:"خراج من الدوي، يقول: خراجٍ من كل غماء شديدة ويقال للصحراء دوية، وهي التي لا تكاد تنقضي،وهي منسوبة إلى الدو، والدو: صحراء ملساء لاعلم بها ولا أمارة، قال الحطيئة: وأنى اهتدت والدو بيني وبينـهـا وما خلت ساري الليل بالدو يهتدي والداوية: المتسعة التي تسمع لها دوياٌ بالليل، وإنما ذلك الدوي من أخفاف الإبل تنفسح أصواتها فيها. وتقول جهلة الأعراب: إن ذلك عزيف الجن وقوله: والقوس فيها وترعرد فهو الشديد ويقال عرند في هذا المعنى. وقوله:"إني والله ما يقعقع لي بالشنان"، واحدها شن، وهو الجلد اليابس، فإذا قعقع به نفرت الإبل منه، فضرب ذلك مثلاٌ لنفسه، وقال النابغة الذبياني: كأنك من جمال بني أقيش يقعقع بين رجليه بشـن وقوله:"ولقد فررت عن ذكاء "، يعني تمام السن. والذكاء على ضربين: أحدهما تمام السن، والآخر الحدة حدة القلب، فمما جاء في تمام السن قول قيس بن زهير:" جري المذكيات غلاب". وقال زهير: يفضله إذا اجتهدا عليه تمام السن منه والذكاء وقوله :"فعجم عيدانها "، يقول: مضغها لينظر أيها أصلب، يقال : عجمت العود، إذا مضغته، وكذلك في كل شيء، قال النابغة: فظل يعجم أعلى الروق منقبـضـاٌ في حالك اللون صدق غير ذي أود والمصدر العجم، يقال عجمته عجماٌ: ويقال لنوى كل شيء: عجمٌ مفتوح، ومن أسكن فقد أخطاٌ، كما قال الأعشى: وجذعانها كلقيط العجم وقوله:" طالما ما أوضعتم في الفتنة"، الإيضاع: ضرب من السير. وقوله : فأضحى ولو كانت خراسان دونه يعني دون السفر رآها مكان السوق للخوف والطاعة. خبر ضابىء البرجمي مع عثمان وكان من قصة عمير بن ضابىء أن أباه ضابىء بن الحارث البرجمي وجب عليه حبسٌ عند عثمان رحمه الله وأدب وذلك أنه كان استعار من قوم كلباٌ فأعاروه إياه ثم طلبوه منه وكان فحاشاٌ فرمى أمهم به، فقال في بعض كلامه : وأمكم لا تتركوها وكلبكم فإن عقوق الوالدات كبير فاضطغن على عثمان ما فعل به فلما دعي به ليؤدب شد سكيناً في ساقه ليقتل بها عثمان، فعثر عليه، فأحسن أدبه، ففي ذلك يقول: وقائلةٍ إن مات في السجن ضابىء لنعم الفتى نخلو به ونواصـلـه وقائلة لايبعدن ذلـك الـفـتـى ولا تبعدن أخلاقه وشـمـائلـه وقائلة لايبـعـد الـلـه ضـابـئاً إذالكبش لم يوجد له من ينازلـه وقائلةٍ لا يبعـد الـلـه ضـابـئاٌ إذ الخصم لم يوجد له من يقاوله فلا تتبعيني إن هلـكـت مـلامةً فليس بعارٍ قتل من لاأ قاتـلـه هممت ولم أفعل، وكدت وليتنـي تركت على عثمان تبكي حلائله وما الفتك ما آمرت فيه ولا الذي تخبر من لاقيت أنك فـاعـلـه حديث أبي شجرة السلمي مع عمر بن الخطاب قال أبو العباس: وشبيه بقوله ما حدثنا به عن أبي شجرة السلمي وكان من فتاك العرب فأتى عمر بن الخطاب رحمه الله يستحمله، فقال له عمر: ومن أنت ? فقال :أنا أبو شجرة السلمي،فقال له عمر: أي عدي نفسه، ألست القاتل حيث ارتددت: ورويت رمحي من كتيبة خـالـدٍ وإني لأرجو بعدها أن أعـمـرا وعارضتها شهباء تخطر بالقـنـا ترى البيض في حافاتها والسنورا

ثم انحنى عليه عمر بالدرة، فسعى إلى ناقته فحل عقالها وأقبلها حرة بني سليم بأحث السير هرباٌ من الدرة، وهو يقول: قد ضن عنها أبو حفص بـنـائلـه وكل مخـتـبـط يومـاٌ لـه ورق مازال يضربني حتى خـذ يت لـه وحال من دون بعض الرغبة الشفق ثم التفت إلـيهـا وهـي حـانـية مثل الرتاج إذا ما لزه الـغـلـق أقبلتها الخل من شوران مجتـهـداٌ إني لأزري عليها وهي تنطـلـق ويروى أنه كان يرمي المسلمين يوم الردة فلا يغني شيئاٌ، فجعل يقول: ها إن رميي عنهم لمعـبـول فلا صريح اليوم إلا المصقول وقوله: وكل مختبط يوماٌ له ورق أصل هذا في الشجرة أن يختبطها الراعي.، وهو أن يضربها حتى يسقط ورقها، فضرب ذلك مثلاً لمن يطلب فضله، وقال زهير: وليس مانع قربى وذي نسـبٍ يوماً ولا معدم من خابط ورقا وقوله:" حتى خذيت له". يقول: خضعت له، وأكثر ما تستعمل العامة هذه اللفظة بالزيادة.، تقول: استحذيت له. وزعم الأصمعي أنه شك فيها، وأنه أحب أن يستثبت، أهي مهموزة أم غير مهموزة ? قال: فقلت لأعرابي: أتقول: استحذيت أم استحذأت ? قال: لاأقولهما، قلت: ولم فقال: لأن العرب لاتستخذي. وهذا غير مهموز. واشتقاقه من قولهم: أذن خذواء وينمة خذواء، أي مسترخية. قال أبو الحسن: الينمة: نبت مسترخٍ على وجه الأرض تأكله الإبل فتكثر عنه ألبانها. قال الأصمعي: وقلت لأعرابي: أتهمز الفارة ! قال: تهمزها الهرة. وقوله:" إني لأزري عليها "، يقول: أستحثها، يقال: زرى عليه: أي عاب عليه، وأزرى به أي قصر به، فيقول: إنها لمجتهدة، وإني لأزري عليها، أي أعيب عليها لطلبي النجاء والسرعة، وقال الأخطل: فظل يفديها وظلـت كـأنـهـا عقاب دعاها جنح ليلٍ إلى وكر وقوله:" ها إن رميي عنهم لمعبول "، يقول: مخبول مردود. والصريح: المحض الخالص، يقال ذلك للبن إذا لم يشبه ماء، ويقال عربي صريح ومولى صريح، أي خالص. خطبة لعمر بن الخطاب حين سمع أن قوماٌ يفضلونه على أبي بكر قال: وحدثني محمد بن إبراهيم الهاشمي في إسناد ذكره قال: بلغ عمر بن الخطاب رحمه الله أن قوماٌ يفضلونه على أبي بكر الصديق رحمه الله، فوثب مغضباٌ حتى صعد المنبر، فحمد الله وأثنىعليه، وصلى على نبيه ثم قال : أيها الناس، إني سأخبركم عني وعن أبي بكر، إنه لما توفي رسول الله اردتدت العرب، ومنعت شاتها وبعيرها، فأجمع رأينا كلنا أصحاب محمد أن قلنا له: يا خليفة رسول الله، إن رسول الله كان يقاتل العرب بالوحي والملائكة يمده الله بهم، وقد انقطع ذلك اليوم، فالزم بيتك ومسجدك، فإنه لاطاقة لك بقتال العرب. فقال أبو بكر الصديق: أو كلكم رأيه على هذا ? فقلنا: نعم فقال: والله لأن أخر من السماء فتخطفني الطير أحب إلي من أن يكون هذا رأيي ثم صعد المنبر، فحمد الله وكبره وصلى على نبيه صلى عليه وسلم، ثم أقبل على الناس فقال: أيها الناس، من كان يعبد محمداٌ فإن محمداٌ قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لايموت. أيها الناس، أإن كثر أعداؤكم، وقل عددكم، ركب الشيطان منكم هذا المركب? والله ليظهرن الله هذا الدين على الأديان كلها ولو كره المشركون. قوله الحق، ووعده الصدق،" بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهقٌ " الأنبياء18، و " كم من فئة قليلةٍ غلبت فئة كثيرة بإذن الله و الله مع الصابرين" البقرة 249. والله أيها الناس. لو أفردت من جميعكم لجاهدتهم في حق جهاده حتى أبلي بنفسي عذراً أو أقتل قتيلاً، والله أيها الناس لو منعوني عقالاً لجاهدتهم عليه، واستعنت عليهم الله وهو خير معينٍ. ثم نزل فجاهد في الله حق جهاده حتى أذعنت العرب بالحق . قوله:"كم من فئة" فهي الجماعة، وهي مهموزة، وتخفيف الهمز في هذا الموضع أن تقلب الهمزة ياءً، وإن كانت قبلها ضمة وهي مفتوحة قلبتها واواً نحو جؤنٍ تقول جونٌ.

وقوله:" لو منعوني عقالاً لجاهدتهم عليه" على خلاف ما تتأوله العامة ولقول العامة وجهٌ قد يجوز، فأما الصحيح فإن المصدق إذا أخذ من الصدقة ما فيها ولم يأخذ ثمنها قيل: أخذ عقالاً، وإذا أخذ الثمن قيل: أخذ نقداً، قال الشاعر: أتانا أبو الخطاب يضرب طبله فرد ولم يأخذ عقالاً ولا نقـدا والذي تقوله العامة تأويله: لو منعوني ما يساوي عقالاً، فضلاً عن غيره وهذا وجه، والأول هو الصحيح، لأنه ليس عليهم عقال يعقل به البعير فيطلبه فيمنعه، ولكن مجازه في قول العامة ما ذكرنا. ومن كلام العرب: أتانا بجفنةٍ يقعد عليها ثلاثةٌ، أي لو قعد عليها ثلاثة لصلح. من أبيات للحطيئة حين ارتد بعض العرب وكان ارتداد من ارتد من العرب أن قالوا: نقيم الصلاة ولا نؤتي الزكاة، فمن ذلك قول الحطيئة: ألا كـل أرمـاح قـصـارٍ أذلةٍ فداء لأرماحٍ نصبن على الغمـر فباست بني عبس وأستـاه طـيئٍ وباست بني دودان حاشا بني نصر أبوا غير ضربٍ يجثم الهام وقعـه وطعن كأفواه المزفتة الحـمـر أطعنا رسول الله إذ كان بـينـنـا فيا لهفتا، ما بال دين أبي بـكـر! أيورثها بكـراً إذا مـات بـعـده فتلك وبيت الله قاصمة الظهـر! فقوموا ولا تعطوا اللـئام مـقـادةً وقوموا ولو كان القيام على الجمر فدى لبني نصرٍ طريفي وتـالـدي عشية ذادوا بالرماح أبـا بـكـر قوله:" يجثم الهام وقعه"، إنما هو مثلٌ، يقال: جثم الطائر، كما يقال: برك الجمل، وربض البعير. وكان قيس بن عاصم بن سنان بن خالد بن منقرٍ عاملاً على صدقات بني سعدٍ، فقسم ما كان في يده من أموال الصدقات على بني منقرٍ، وقال: فمن مبلغ عني قريشـاً رسـالةً إذا ما أتتها محكمـات الـودائع حبوت بما صدقت في العام منقراً وأيأست منها كل أطلس طامـع قوله:"فأجمع رأينا كلنا أصحاب محمد"،فإنما خفض"كلا" على أنه توكيد لأسمائهم المضمرة، والظاهرة لا تكون بدلاً من المضمر الذي يعني به المتكلم نفسه، أو يعني به المخاطب. لايجوز أن تقول مررت بي زيدٍ، لأن هذه الياء لا يشركه فيها شريك فتحتاج إلى التبيين، وكذلك لا يجوز: ضربتك زيداً، لأن المخاطب منفرد بهذه الكاف، فأما الهاء نحو مررت به عبد الله، فيجوز لأنا نحتاج إلى أن يعرفنا مبيناً: من صاحب الهاء? لأنها ليست للذي يخاطبه فلا ينكر نفسه، وإنما يحدث به عن غائب فيحتاج إلى البيان. وقوله:"أصحاب محمد" اختصاص: وينتصب بفعل مضمر، وهو" أعني" ليبين من هؤلاء الجماعة، كما ينشد: نحن بني ضبة أصحاب الجمل أراد: نحن أصحاب الجمل، ثم عين من هم، لأن هذا قد كان يقع على من دون بني ضبة معه، وعلى من فوقها إلى مضر ونزار ومعد ومن بعدهم، وكذلك: نحن العرب أقرى الناس لضيف، ونحن الصعاليك لا طاقة لنا على المروءة. ويختار من الشعر: إنا بني منقر ذوو حسـبٍ فينا سراة بني سعد وناديها وقليل هذا يدل عل جميع هذا الباب، فافهم. ^ الجزء الثاني باب في المختار من أشعار المولدين قال أبو العباس: هذه أشعار اخترناها من أشعار المولدين حكيمة مستحسنة.يحتاج إليها للتمثل،لأنها أشكل بالدهر،ويستعار من ألفاظها في المخاطبات والكتب. لعبد الصمد بن المعذل قال ابن المعذل: تكلفني إذلال نفسـي لـعـزهـا وهان عليها أن أهان لتكـرمـا تقول سل المعروف يحيى بن أكثم فقلت سليه رب يحيى بن أكثمـا لبشار بن برد وقال بشار بن برد يذكر عبيد الله بن قزعة، وهو أبو المغيرة أخو الملوي المتكلم، قال : وقال المازني لم أر اعلم من الملوي بالكلام، وكان من أصحاب إبراهيم النظام : خليلـي مـن كـعـب أعـينـا أخـاكـمـا علـى دهـره إن الـكـريم مــعـــين ولا تبخلا بخل ابن قزعة إنه بخل ابن قزعة إنه مخـافة أن يرجــى نـــداه حـــزين كأن عـبـيد الـلـه لـم يلـق مــاجـــداً ولـم يدر أن الـمـكـرمـات تـكـــون

فقل لأبي يحيى متى تدرك العلا وفي كل معروف عليك يمـين إذا جثته في حاجة سـد بـابـه فلم تلقـه إلا وأنـت كـمـين نظير قوله: وفي كل معروف عليك يمين قول جرير: ولاخير في مال عليه آلية=ولا في يمين عقدت بالمآثم لإسماعيل بن القاسم أبي العتاهية وقال إسماعيل بن القاسم: اطلع الله بجـهـدك عامداً أودون جهدك أعط مولاك كما تط لب من طاعة عبدك لمحمود الوراق وقال محمود: تعصي الإله وأنت تظهر حبه هذا محال في القياس بـديع لو كان حبك صادقاً لأطعمته إن المحب لمن يحب مطيع وقال أيضاً: إني شكرت لظالمي ظلمـي وغفرت ذاك له على علمي ورأيت أسـدى إلـــي يداً لما أبان بجهله حـلـمـي رجعت إساءته عـلـيه وإح ساني مضاعـف الـجـرم وغدوت ذا اجر ومحـمـدة وغدا بكسب الظلم والإثـم فكأنما الإحسـان كـان لـه وأنا المسيء إليه في الحكم مازال يظلمني وأرحـمـه حتى بكيت له من الظـلـم اخذ هذا المعنى من قول رجل من قريش لرجل قال له:إني مررت بقوم من قريش من آل الزبير أو غيرهم يشتمونك شتماً رحمتك منه، قال : فسمعتني أقول إلا خيراً! قال: إياهم فارحم. وقال الصديق:رحمه الله لرجل قال له: لأشتمنك شتماً يدخل معك في قبرك،قال :معك والله يدخل ، لامعي. وقال ابن مسعود : إن الرجل ليظلمني فأرحمه. وقال رجل للشعبي كلاماً اقذع له فيه، فقال الشعبي : إن كنت صادقاٌ فغفر الله لي، وإن كنت كاذباٌ فغفر الله لك. ويروى انه أتى مسجداً فصادف فيه قوماً يغتابونه فأخذ بعضادتي الباب، ثم قال: هنيئاً مريئاً غير داء مخاطـر لعزة من أعراضنا ما استحلت وذكر ابن عائشة أن رجلاً من أهل الشام قال:دخلت المدينة فرأيت رجلاً ركباً على بغلة لم أر أحسن وجهاً ولا سمتاً ولاثوباً ولا دابة منه، فمال قلبي إليه ، فسألت عنه ، فقيل: هذا الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، فامتلأ قلبي له بغضاً، وحسدت علياً أن يكون له أبن مثله ، فصرت إليه، فقلت له: أنت ابن أبي طالب ? فقال: أنا ابن ابنه فقلت: فبك وبأبيك أسبهما . فما انقضى كلامي قال لي: أحسبك غريباً. فقلت : أجل ، قال: فمل بنا ، فإن احتجت إلى منزل أنزلناك ، أو إلى مال آسيناك ، أو إلى حاجة عاوناك ، قال: فانصرفت عنه ، ووالله ما على الأرض أحد احب إلي منه . لمحمود الوراق أيضاً وقال محمود الوراق: ياناظراً يرنو بـعـينـي راقـدٍ ومشاهداً للأمر غير مشـاهـد منيت نفسك ضلةً وأبـحـتـهـا طرق الرجاء وهن غير قراصد تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي درك الجنان بها وفور العـابـد ونسيت ان الـلـه اخـرج آدمـاً منها إلى الدنيا بـذنـب واحـد لابي نواس الحسن بن هانئ وقال الحكم للفضل بن الربيع: ما من يدٍ في الناس واحدةٍ كيدٍ أبو العباس مولاهـا نام الكرام على مضاجعهم وسرى إلى نفسي فأحياها قد كنت خفتك ثم أمننـي من أن أخافك خوفك الله فعفوت عني عفو مقتـدر حلت له نقم فألـغـاهـا لعبد الله بن محمد بن عيينه وقال عبد الله بن أبي عيينه لذي اليمينين: لما رأيتك قاعداً مستقـبـلاً أيقنت أنك للهمـوم قـرين فارفض بها وتعر من أثوابها إن كان عندك للقضاء يقـين مالا يكون فلا يكون بحـيلةٍ أبداً وما هو كائن سـيكـون يسعى الذكي فلا ينال بسعيه حظاً و يحظى عاجز ومهين سيكون ما هو كائن في وقته وأخو الجهالة متعب محزون الله يعلم أن فـرقة بـينـنـا فيما أرى شيء علي يهـون لصالح بن عبد القدوس وقال صالح بن عبد القدوس: إن يكن مابه أصبت جليلاً فذهاب العراء فيه أجل

كل آتٍ لاشك آتٍ وذو الجـه ل معنى و الغم والحز نفضل مكن الأبيات المنفردة وأنشد منشد من الأبيات المنفردة القائمة بأنفسها: إذا أنت لم تعطي الهوى قادك الهوى إلى بعض ما فيه علـيك مـقـال ومنها قول ابن وهيب الحميري: وإني لأرجو الله حتى كأنـنـي أرى بجميل الظن ما الله صانع وقال آخر: ويعرف وجه الحزم حتى كأنما تخاطبه من كل أمر عواقبـه وقال أشجع السلمي: رأي سرى وعيون الناس راقدة ما أخر الحزم رأي قدم الحذرا وقال آخر: فلله مني جانب لا أضيعه=وللهو مني والبطالة جانب وقال آخر: يرى فلتات الرأي مقـبـل كأن في اليوم عيناً على غد لعبد ا لصمد بن المعذل أيضاً وقال عبد الصمد بن المعذل: أمن على المجتـدي وما أتبع المن مـن كان لم يزل ما أتـى وما قد مضى لم يكن أرى الناس أحـدوثة فكوني حديثاً حسـن وقال أيضاً: زعمت عاذلتي أنـي لـمـا حفظ البخل من المال مضيع كلفتني عذرة الـبـاخـل إذا طرق الطارق والناس هجوع ليس لي عذر وعندي بـلـغة إنما العذر لمن لا يستـطـيع للحسن بن هانئ أبي نواس إليك غدت بي حاجة لم أبح بها اختف عليها شامتـاً فـأداري فأرخ عليها ستر معروفك الذي سترت به قدما على عـواري وقال أيضاً: قد قلت للعبـاس مـعـتـذراً من ضعف شكريه ومعترفـاً أنت امرؤ جللتنـي نـعـمـاً أوهت قوى شكري فقد ضعفا فإليك بـعـد الـيوم تـقـدمة لاقتك بالتصريح منكـشـفـاً لاتـحـدثـن إلـي عـارفة حسبي أقوم بشكر ما سلـفـا لدعبل بن علي الخز اعي أحببت قومي ولم أعدل بحـبـهـم قالوا تعصبت جهل قول ذي بهت دعني أصل رحمي إن كنت قاطعها لا بد للرحم الدنيا مـن الـصـلة فاحفظ عشيرتك الأدنين إن لـهـم حقاً يفرق بين الـزوج والـمـرة قومي بنوا مذحج والأزد أخوتـهـم وآل كيندة والأحـياء مـن عـلةٍ ثبت الحلوم فإن سلت حفائظـهـم سلوا السيوف فأرادوا كل ذي عنت لاتعرضن بمزح لامـرئٍ طـبـن ما راضه قلبه أجراه في الشـفة فرب قافـية بـالـمـزح جـارية مشؤومة لم يرد إنماؤهـا نـمـت إني إذا قلت بـيت مـات قـائلـه ومن يقال له والبـيت لـم يمـت وقال أيضاً: نعوني ولما ينعني غـير شـامـت وغير عدو قد أصيبت مقـاتـلـه يقولون إن ذاق الردى مات شعـره وهيهات عمر الشعر طالت طوائله سأقضي ببيتٍ يحمد النـاس أمـره ويكثر من أهل الرواية حامـلـه يموت ردي الشعر من قبل أهـلـه وجيده يبقـى وإن مـات قـائلـه لإسماعيل بن القاسم أيضاً وقال إسماعيل بن القاسم: يا من يعيب وعيبه متشـعـب كم فيك من عيب وأنت تعيب! لله درك كـيف أنـت وغـايةٌ يدعوك ربك عندها فتجـيب وقال أيضاً : يا علي بن ثابت بـأمـن مـنـي صاحب جل فقـده يوم بـنـتـا يا علـي بـن ثـابـت أي أنـت أين أنت أنت بين القبور حيث دفنتا قد لعمري حكيت لفي قصص المو ت وحركتني لهـا وسـكـنـتـا وقال أيضاً: صاحب كان لي هلك والسبيل التي سلـك يا علي بن ثـابـت غفر الله لي ولـك كل حي مـمـلـك سوف يفنى ومالـك وقال أيضاُ: طوتك خطوب دهرك كبعد نشرٍ كذاك خطوبه نـشـراً وطـيا فلو نشرت قواك لي المـنـايا شكوت إليك ما صنعـت إلـيا بكيتك يا أُخي بدمـع عـينـي فلم يغني البكاء عـلـيك شـيا كفى حزناً بدفـنـك ثـم إنـي نفضت تراب قبرك عـن يديا

وكانت في حياتك لي عضات وأنت اليوم أوعظ منك حـيا وكان إسماعيل بن القاسم لا يكاد يخلي شعر من تقدم من الأخبار والآثار فينظم ذلك الكلام المشهود،ويناوله أقرب متناول، ويسرقه أخفى سرقة. فقوله:وأنت اليوم أوعظ منك حيا، إنما أخذه من قول الموبذ لقباد الملك حيث مات ، فإنه قال في ذلك الوقت :كان الملك أمسى أن انطق منه اليوم. وهو اليوم أوعظ منه أمس . واحذ قوله: قد لعمري حكيت لي قصص المو ت وحركتني لهـا وسـكـنـت من قول نادب الإسكندر فإنه لما مات بكى من بحضرته فقال نادبه حركنا بسكونه. لإسماعيل بن القاسم أيضا وقال إسماعيل بن القاسم : ياعجباً للناس لو فكـرروا، حاسبوا أنفسهم أبـصـروا وعبروا الدنيا إلى غـيرهـا فإنما الدنيا لهم مـعـبـر الخير مما ليس يخفى هو ال معروف والشر هو المنكر والموعد الموت وما بعده ال حشر الموعـد الأكـبـر لافخر إلا فخر أهل التقـى غداً إذا ضمهم المحـشـر ليعلمنّ الناس ان الـتّـقـى البر كانا خير مـا يذخـر عجبت للإنسان في فخـره وهو غداً في قبره يقـبـر ما بال من أوّلـه نـطـفة وجـيفة آخـره يفـخـر! أصبح لا يملك تـقـديم مـا يرجو ولا تأخير ما يحـذر وأصبح الأمر إلـى غـيره في كل ما يقضى وما يقدر أما قوله: ياعجباً للناس لو فكـروا وحاسبوا أنفسهم أبصروا

فمأخوذ من قولهم: الفكرة مرآة تريك حسنك من قبيحك. ومن قول لقمان لابنه: يا بنيّ لعاقل أن يخلي نفسه من أربعة أوقات: فوقت منها يناجي فيه ربّه، وقت يحاسب فيه نفسه، ووقت يكسب فيه لمعاشه، ووقت يخلي فيه بين نفسه وبين ذاتها، ليستعين بذلك على سائر الأوقات. وقوله: وعبروا الدنيا إلى غيرها فإنما الدنيا لهم معبـر مأخوذ من قول الحسن: اجعل الدنيا كالقنطرة تجوز عليها ولا تعمرها. وقوله: الخـير مـمـا لـيس يخـفـى هو المعروف والشر هو المنكر مأخوذ من حديث عبد الله بن عمر بن العاص، قال : قال رسول الله :"يا عبد الله كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس مرجت عهودهم وأماناتهم، وصار الناس هكذا".وشبه بين أصابعه، فقلت: مرني يا رسول الله، فقال "خذ ما عرفت" ودع ما أنكرت، وعليك بخويصّة نفسك، وإياك وعوامّها". قوله :"في حثالة الناس "أما الحثالة فهو ما يبقى في الإناء من ردي الطعام، وضربه مثلاً. وقوله:"مرجت عهودهم".يقول : اختلطت وذهبن بهم كل مذهب، يقال: مرج الماء إذا سال ولم يكن له مانع، قال الله عز و جل:"مرج البحرين يلتقيان"الرحمن:19. وقوله: ليعلمن الناس إن التقـى والبر كانا خير ما يذخر مأخوذ من قول أبي هريرة عن النبي قال: " إذا حشر الناس في صعيد واحد نادى منادٍ من قبل العرش: ليعلمن أهل لا لموقف، من أهل الكرم اليوم? ليقم المتقون!ثم تلا رسول الله صلى الله وعليه وسلم:" عن أكرمكم عند الله أتقاكم " وقوله: ما بال من أوله نطفة وجيفة آخره يفخـر مأخوذ منقول علي بن أبي طالب رشي الله عنه: "وما ابن آدم والفخر إنما أوله نطفة،آخره جيفة، لا يرزق نفسه، ولا يدفع حتفه. لابن أبي عيينة وقال ابن أبي عيينة: ما راح يوم على حي ولا ابتـكـرا إلا رأى عبرة فيه إن اعـتـبـرا ولا أنت ساعة في الدهر فانصرمت حتى تؤثر في في قوم لهـا أثـرا إن اللـيالـي والأيام أنـفـسـهـا عن غير أنفسها لم تكتم الـخـيرا

فأخذ هذا المعنى حبيب بن أوس الطائي وجمعه في ألفاظ يسيرة فقال: عمري لقد نصح الزمان إنه لمن العجائب ناصح لا يشفق

فزاد بقوله:ناصح لا يشفق على قول ابن أبي عيينة شيئاً طريفاً، وهكذا يفعل الحاذق بالكلام. ولو قال قائل: إن أقرب ما تأخذ منه أبو العتاهية: ليعلمن الناس أن التقـى والبر كانا خير ما يذخر من قول خليل بن أحمد: قال أبو الحسن: زعم النسابون أنهم لا يعرفون أنهم منذ وقت النبي صلى الله وعليه وسلم إلى الوقت الذي ولد فيه احمد أبو الخليل أحداً سمي بأحمد غيره. وإذا افتقرت إلى الذخائر لم تجد ذخراً يكون كصالح إلى الأعمال لكان قد قال قولاً. وقال العباس بن الفرح: أملي من دونه أجلـي فمتى أفضي إلى إملي للخليل بن أحمد وقال الخليل بن أحمد، وكان مظر في النجوم فابعد ثم لم يرضها فقال: ابلغا عني المنـجـم أنـي كافر بالذي قضته الكواكب عالم،أن ما يكون ومـا كـا ن بحتم من المهيمن واجب لمحمد بن بشير يعيب المتكلمين قال محمد بن بشير يعيب المتكلمين، أنشدنيه الرياشي: يا سائلي عن مقالة الـشـيع وعن صنوف الأهواء والبدع دع من يقود الكلام نـاحـيةً فما يقود الـكـلام ذو وزع كل أناس بـد يّهـم حـسـن ثم يصيرون بعد للـشّـنـع أكثر ما فـيه أن يقـال لـه لم يك في قوله بمنقـطـع وأنشد الرياشي لغيره: قد نقّر الناس حتى أحدثـوا بـدعـاً في الدين بالرأي لم تبعث بها الرّسل حتى استخف بحق الله أكـثـرهـم وفي الذي حملوا من حقه شـغـل وقال محمد بن بشير: ويل لمن لم يرحـم الـلـه ومن تكون النار مـثـواه يا حسرتا في كل يوم مضى يذكرني الموت وأنـسـاه من طال في الدنيا به عمره وعاش فالموت قـصـاره كأنه قد قيل في مجـلـس قد كنت آتـيه وأغـشـاه صار البشيري إلـى ربـه يرحـمـنـا الـلـه وإيّاه وقال أيضاُ: أي صفو إلا إلـى تـكـدير ونـعـيم إلا إلـى تـغـيير وسـرورٍ ولـذّةٍ وحـبـورٍ ليس رهناً لنا بيوم عـسـير عجباً لي ومن رضاي بدنـيا أنا فيها على شفا تـغـرير! عالم لا أشك أني إلى الـلـه إذا متّ أو عذاب السـعـير ثم ألهو ولست أدري إلـى أي هما بعدة يصير مـصـيري أي يوم عليّ أفظـع مـن يو م به تبرز النّعـاة سـريري كلما مرّ بي على أهـل نـادٍ كنت حسناً بهمم كثير المرور قيل: من ذا على سرير المنايا قيل هذا محمد بـن بـشـير للحكمي أبي نواس أيضاُ وقال الحكمي أبو نواس: أخي ما بال قلبك ليس ينفـي كأنك لاتظن الموت حـقـاً ألا يا أبن الذين فنـوا وبـادوا أما والله ما ذهبوا لتبـقـى وما أحد بزادك منك أحظـى وما أحد بزادك منك أشقـى ولا لك غير تقوى الـلـه زادٌ إذا جعلت إلى اللّهوات ترقى ومما يستحسن من شعره قوله: لا أذود الطير عن شجر قد بلوت المر من ثمرة فمثل هذا لو تقدم لكان في صدور الأمثال، كذالك قوله أيضاً: فامض لاتمنن علـيّ يداً منك المعروف من كدرة وكان يقول : ذكر المعروف من المنعم إفساد له، وكتمانه من النعم عليه كفر له، وفي الشعر أبيات مختارة ، فمنها: وإذا مجّ القـنـا عـلـقـا وتراءى الموت في صورة راح في ثنيي مفاضـتـه أسد يدمى شبـا ظـفـره تتأبّى الـطـير غـدوتـه ثقة بالشبع مـن جـزره فاسل عن نوء تـؤمـلـه حسبك العباس من مطـره لا تعطّى عنـه مـكـرمة بربـا واد ولا خـمــره ذللت تلك الفجاج له=فهو مجتاز على بصره وقد عابوا عليه قوله: كيف لا يدنيك من أمـل من رسول الله من نفره وهو لعمري كلام مستهجن موضوع في غير موضعه ، لأن حق رسول الله صلى الله وعليه وسلم أن يضاف إليه، ولا يضاف إلى غيره، ولو اتسع متسع فأجراه في باب الحيلة لخرج على الاحتيال ، ولكنه عسر موضوع في غير موضعه ، وباب الاحتيال فيه أن، تقول: قد يقول القائل من بني هاشم لغيره من أفناء قريش: منا رسول الله صلى الله وعليه وسلم ، وحق هذا أ،ه من القبيل الذي أنا منه. فقد أضاف إلى نفسه، وكذلك يقول القرشي لسائر العرب ، كما قال حسان بن ثابت: مازال في الإسلام من آل هاشم دعائم عز لاترام ومـفـخـر بهاليل منهم جعفر وابـن أمـه عليّ ومنهم أحمد المتـخـيّر فقال: منهم كما قال من نفره ، من النفر الذين العباس هذا الممدوح منهم. وأما قول حسّان : منهم جعفر وابن أبن أمه عليّ ومنهم أحمد المتحيز فإن، العرب إذا كان العطف بالواو قدمت وأخرت ، قال الله تبارك وتعالى:" هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن" التغبان2، وقال:" يا معشر الجن والإنس"الرحمن 33، وقال:" واسجدي واركعي مع الراكعين"آل عمران 43، ولو كان بثم أو بالفاء لم يصلح إلا تقديم المقدم، ثم الذي يليه واحداً: أحدا. وأما قوله في هذا الشعر: وكريم الخال من يمـنٍ وكريم العم من مضره فأضاف مضر إليه ، فهو كلام لا يمنع منه ممتنع ، قال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه يوم الحمل للأشتر وهو مالك بن الحارث أخذ النخع ابن مرو بن علة بن جلد وكان على الميمنة: احمل . في أصحابه فكشف من بإزائه، ثم قال لهاشم بن عتبة بن مالك أحد بني زهرة بن كلاب وكان على المسيرة احمل . فحمل في المضرية فكشف من بإزائه. فقال عليّ رضي الله عنه لأصحابه: كيف رأيتم مضري ويمني! ???????????????????????????????????????????????????????????????????????????????فأضاف القبيلتين إلى نفسه،قال جرير: إن الذين ابتنوا مجداً ومكـرمةً تلكم قريشي والأنصار أنصاري لإسحاق بن خلف البهراتي ومما يستحسن من أشعار المحدثين قول إسحاق بن خلف البهراتي، ونسبه في بني حنيفة لسباء وقع عليه، يقول لعلي بن عيسى بن مريم بن موسى بن طلحة الأشعري المعروف بالقمي: وللكرد منـك إذا زرتـهـم بكيدك يوم كيوم الـحـمـل ومازال عيسى بن موسى له مواهب غير النطاف المكل لسل السيوف وشق الصفوف لنقض الترات وضرب القلل ولبس العجاجة والخافـقـات تريك المنا برؤوس الأسـل وقد كشرت عن شبا نابـهـا عروس المنية بين الشعـل وجاءت تهادى وأبـنـاؤهـا كأن عليهم شروق الطفـل خروسٌ نطوق إذا استنطقت جهول تطيش على من جهل إذا خطبت أخذت مهـرهـا رؤوساً تحادر قبل النـقـل ألد إليه من المسـمـعـات وحث الكؤوسه في يوم طل وشرب المدام ومن يشتهـيه معاط له بمزاح الـقـبـل بعثنا النّواعج تحت الرحـال تسافه أشدقها في الـجـدل إذا ما حدين بمـدح الأمـير سبقن لحاظ المحثّ العجـل قوله: تريك المنا يريد المنايا وهذه كلمة تخف على ألسنتهم فيحذفونها، وزعم الأصمعي أنه سمع العرب تقول: درس المنا ، يريدون المنازل، وجاء في التخفيف أعجب من هذا، حدثنا بعض أصحابنا عن الأصمعي وذكره سيبويه في كتابه ولم يذكر قائله، ولكن الأصمعي قال: كان أخوان متجاوران لا يكلم كل واحد منهما صاحبه سائر سنته حتى يأتي وقت الرعي.فيقول أحدهما لصاحبه : ألاتا? فيقول الآخر: بلى فا ، يريد: ألا تنهض? فيقول الآخر، فأنهض . وحكى سيبويه في هذا الباب: بالخير خيراتٍ وإن شراً فا ولا أريد الشر إلا أن تـا يريد: وإن شراً فشر، ولا أريد الشر إلا أن تريد. وهذا خلاف ما تستعمله الحكماء، فإنه يقال: إن اللسان إذا كثرت حركته، رقت عذ بته. وحدثني أبو عثمان الجاحظ قال: قال لي محمد الجهم : لما كانت أيام الزّط أدمنت الفكر، وأمسكت عن القول، فأصابتني حبسةً في لساني. وقال رجل من الأعراب يذكر آخر منهم: كأن فيه لفـفـاً إذا نـطـق من طوال تحبيسٍ وهم وأرق

وقال رجل لخالد بن صفوان: إنك لتكثر، فقال: أكثر لضربين: أحدهما فيما لاتغني فيه القلّة، والآخر لتمرين اللسان ، فإن حبسه يورث العقلة. وكان خالد يقول: لا تكون بليغاً حتى تكلم أمتك السوداء في الليلة الظلماء، في الحاجة المهمة ، بما تكلم به في نادي قومك، فإنما اللسان عضوٌ إذا مرنته، مرن، وإذا أهملته خار، كاليد التي تخشنها بالممارسة، والبدن الذي تقويه برفع الحجر وما أشبه، والرّجل إذا عودته المشي مشت. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا تزالون أصحاء ما نزعتم ونزوتم.فتزعم في القسي، نزوتم على طهور الخيل. وقال بعض الحكماء : لا ينبغي للعاقل إن يخلي نفسه من ثلاث في غير إفراط الأكل، والمشي، والجماع .فأما الأكل فإن الأمعاء تضيق لتركه، وكان ابن الزبير رحمه الله يواصل فيما ذكروا بين خمس عشرة من يوم وليلة،ثم يفطر على سمن وصبر ليفتق أمعاءه. قال أبو العباس: قال الأول: والمشي، إن لم تتعهده أوشكت ان تطلبه فلا تجده، والجماع كالبئر إن نزحت جمّت ، وإن تركت تحيّر ماؤها، وحق هذا كله القصد. وقوله: كأن عليهم شروق الطّفل يريد: تألق الحديد، كأنه شمس طالعة عليهم، وإن لم تكن شمس وأحسن من هذا قوله سلامه بن جندل:

كأن النّعام باض فوق رؤوسهم وأعينهم تحت الحديد جواحـم فهذا التشبيه المصيب: وأما قوله: أحب إليه من المسمعات فقد قال مثله القاسم بن عيسى بن إدريس أبو ذلف العجلي: يوماي يوم في أويس كالدمى لهوي، ويوم في قتال الديلـم هذا حليف غلائل مكـسـوة مسكاً وصافية كنضح العندم ولذاك خالصة الدروع وضمّرٌ يكسوننا رهج الغبار الأقتـم وليومهن الفضل لـولا لـذّة سبقت بطعن الدّيلميّ المعلم

وأول هذه القصيدة طريق مستملح، وهو:

طواه الهوى فطوى من عدل وحالف ذا الصبوة المختبل وأما قوله: تسافه أشداقها في الجدلفتسافه من السفه، وإنما يصفها بالمرح، زانها تميل ذا كذا مرة، كما قال رؤية:يمشي العرضنى في الحديد المتقنوكما قال الآخر: وإن آنست حسا من السوط عارضت

والجدل: جمع جديل وهو الزمام المجدول، كما تقول: قتيل ومقتول، وأدنى العدد أجدلة، كقولك: قضيب وقضب وأقضبة، وكذلك كثيب ورغيف وجريت، وفعلان في المثير ، يقال قضبان ورغيفان وجربان، ومثل قوله. تسافه أشداقها في الجدل قول حبيب بن أوس الطائي: سفيه الرمح جاهله إذا مـا بدا فضل السفيه على الحليم لإسحاق أيضاُ يمدح الحسن بن سهل ومما يستحسن من شعر إسحاق هذا قوله في الحسن بن سهل: باب الأمير عـراء مـا بـه أحـد إلا امرؤ واضع كفا عـلـى ذقـن قالت وقد أملت ما كـنـت آمـلـه هذا الأمير ابن سهل حاتم الـيمـن كفيتك الناس لا تلقى أخـا طـلـب بفيء دارك يستعدي على الـزمـن إن الرجاء الذي قد كـنـت آمـلـه وضعته ورجاء الناس في كـفـن في الله منه وجدوى كفـه خـلـفٌ ليس السدى والندى في راحة الحسن

وإسحاق هذا هو الذي يقول في صفة السيف: ألقى بجانـب خـصـره أمضى من الأجل المتاح وكأنـمـا ذر الـهـبـا ء عليه أنفاس الـرياح

إسحاق هذا هو الذي يقول في مدح العربية: النحو يبسط من لسان الألكن والمرة تكرمه إذا يلحـن وإذا طلبت من العلوم اجلها فاجلها منها مقيم الألسـن

وقال أبو العباس: واحسبه أخذ قوله: والمرء تكرمه إذا لم يلحن من حديث حدثناه أبو عثمان الخز اعي عن الأصمعي قال: كان يقال: ثلاثة يحكم لهم بالنبل حتى يدرى من هم: رجل رأيته راكباً، أو سمعته يعرب، أو شممت منه طيباً. وثلاثة يحكم عليهم بالاستصغار حتى يدري من هم. وهم: بالفارسية، أو رجل رأيته على ظهر طريق ينازع في القدر. لشاعر في عبد الله بن طاهر قال أبو العباس: أنشدني أحد الأمراء لشاعر من أهل الري يكنى أبا يزيد، شيئاً يقوله لعبد الله بن طاهر أحسن فيه وأصاب الفص، وقصد بالمدح إلى معدنه،واختاره لأهله:


اشرب هنيئاً عليك التاج مرتفعـاً في شاذ مهر ودع غمدان لليمن فأنت أولى بتاج الملك تلبـسـه من هوذة بن علي وابن ذي يزن فأحسن الترتيب جداً ، وإن كانت الملوك كلها تلبس التاج في ذلك الدهر.

وإنما ذكر ابن ذي يزن لقول أمية بن أبي الصلت الثقفي حيث يقول: اشرب هنيئاً عليك التاج مرتفـعـاً في رأس غمدان داراً منك محلالاً

وقال الأعشى في هوذة بن علي ، وإن لم يكن هوذة ملكاً: من ير هوذة يسجد غير متئب إذا تعمم فـوق الـتاج أو وضعا له أكاليل بالـياقوت فصلهـا صواغها لاترى عـيبـاً ولاطبعاً

وقال أبو العباس: وحدثني التّوّزي قال: سمعت أبا عبيدة يقول عن أبي عمرو، قال : لم يتتوج معدي قط ، وإنما كانت التيجان لليمن، فسأليه عن هوذة بن علي الحنفي ، إنما خرزات تنظم له. قال أبو العباس: وقد كتب رسول الله إلى هوذة بن علي يدعوه كما كتب إلى الملوك، وكان يجيز لطيمة كسرى في البر بجنبات اليمامة. واللطيمة: الإبل تحمل الطيب والبر. ووفد هوذة بن علي على كسرى بهذا السبب فسأله عن بنيه، فذكر منهم عدداً فقال: أيهم أحب إليك? فقال: الصغير حتى يكبر،والغائب حتى يقدم، والمريض حتى يصح . فقال له كسرى: ماغذاؤك في بلدك? فقال: الخبز، فقال كسرى لجلسائه : هذا عقل الخيز، يفضله على عقول أهل البوادي الذين يغتذون اللبن والتمر. وقد روي عن النبي أنه قال: لقد هممت ألا أقبل هدية ويروى : أن لا أتهب هبةً إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي . وروى بعضهم : أو دوسي وذلك أن أعرابياً أهدى إليه هدية فمن بها، فذكر رسول الله أهل الأمصار تفضيلاً على أهل البوادي. لعبد الله بن محمد بن أبي عيينه وقال عبد الله بن محمد بن أبي عيينه يعاتب رجلاً من الأشراف: أتيتك زائراً لقضـاء حـق فحال الستر دونك والحجاب وعندك معشر فيهم أخ لـي كأن إخاءه الآل السـراب ولست بساقط في قدر قـوم وإن كرهوا كما يقع الذباب ورائي مذهب عن كل نـاء بجانبه إذا عـز الـذهـاب

وقال أيضاً: كنا ملوكـاً إذا كـان أولـنـا للجود والبأس والعلا خلـقـوا كانوا جبالاً عـزا يلاذ بـهـا ورائحاتٍ بالوبل تـنـبـعـق كانوا بهم ترسل السماء على ال أرض غياثاً ويشـرق الأفـق لا يرتق الراتقون إن فتـقـوا فتقاً ولا يفتقون مـارتـقـوا ليسوا كمعزى مطيرةٍ بـقـيت فما بها من سـحـابةٍ لـثـق والضعف والجبن عنـد نـائبةٍ تنوبهم والحـذار والـفـرق لهذا زمانٌ بالناس منـقـلـبٌ ظهراً لبطنٍ جـديده خـلـق الأسد فيه على بـراثـنـهـا مستأخراتٌ تـكـاد تـمـزق

وكان سبب قوله هذا الشعر أن إسماعيل بن جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس كان له صديقاً ، وكان عبد الله بن محمد بن أبي عيينه من رؤساء من اخذ البصرة للمأمون في أيام المخلوع، وكان معاضداً لطاهر بن الحسين في حروبه، وكان إسماعيل بن جعفر جليل القدر، مطاعاً في مواليه وأهله،وكانت الحال بينهما ألطف حال، فوصله ابن أبي عيينه بذي اليمينين فولاه البصرة وولى ابن أبي عيينه اليمامة والبحرين وغوص البحر فلما رجعا إلى البصرة تنكر إسماعيل لابن أبي عيينه، فهاج بينهما من التباعد على مثال ما كان بينهما من المقاربة،ثم عزل ابن أبي عيينه فلم يزل يهجو من أهله من يواصل إسماعيل ، وكان أكبر أهله قدراً في ذلك الوقت يزيد بن المنجاب، وكان أعود قائم العين لم يطاع على علته إلا بشعر ابن أبي عيينه ، وكان منهم. وكان سيد أهل البصرة محمد بن عباد بن حبيب بن الملهب ، ومنهم سعيد بن المهلب بن المغيرة بن حرب بن محمد بن ملهب بن أبي صفرة، وكان قصيراً، وكان ابن عباد احول، فذلك حيث يقول ابن أبي عيينه في هذا الشعر الذي أمليناه: تستقدم النعجتان والـبـرق في زمن سرو أهله الملق

عور وحول ثالث لهم كأنه بين أسطرٍ لحق ولهم يقول ولاثنين ظن أنهما معهم، وقد مروا به يريدون إسماعيل بن جعفر: ألا قل لرهـطٍ خـمـسةٍ أو ثـلاثة يعدون من أبنـاء آل الـمـلـهـب على باب إسماعيل روحوا وبكـروا دجاج القرى مبثوثة حول ثعـلـب وأثنوا عليه بـالـجـمـيل فـإنـه يسر لكم حبا هو الحـب واقـلـب يلين لكم عنـد الـلـقـاء مـواربـاً يخالفكم منه بـنـاتٍ ومـخـلـب ولولا الذي تولونه لـتـكـشـفـت سريرته عن بغـضةٍ وتـعـصـب أبعد بـلائي عـنـده إذا وجـدتـه طريحاً كنصل القدح لمـا يركـب به صدأ قـد عـابـه فـجـلـوتـه بكفي حتى ضوؤه ضوء كـوكـب وركبته فـي خـوط نـبـع وريشة بقادمتي نسر ومـتـن مـعـقـب فما إن أتـانـي مـنـه إلا مـبـوأ إلي بنصل كـالـحـريق مـذرب ففللـت مـنـه حـده وتـركـتـه كهدية ثوب الخـز لـمـا يهـدب رضيتم بأخلاق الـدّنـي وعـفـتـم خلائق ماضيكم من الـعـم والأب وفي هذا يقول لطاهر بن الحسين: مالي رأيتك تدني منتكثٍ إذا تغيب مـلـتـاثٍ إذا حـضـرا إذا تنسم ريح الـغـدر قـابـلـهـا حتى إذا نفخت في انـفـه غـدراً 3 ومن يجيء على التقرب منك له=وأنت تعرف فيه الميل والصعرا أحلك الله مـن قـحـطـان مـنـزلةً في ا لرأس حيث احل السمع والبصرا فلا تضع حق قحطان فتغـضـبـهـا ولاربـيعة كـلا لا ولا مـضــرا أعط الرجال على مقدار أنفـسـهـم وأول كلا بما أولـى ومـا صـبـرا ولا تقولن وإنـي لـسـت مـن أحـد لا تمحق النيرين الشمس والـقـمـرا وقول له في أخرى: هو الـصـبـر والـتـسـلــيم لـــلـــه والـــرضـــا إذا نـــزلـــت بـــي خـــطة لا أشـــاؤهـــــا إذا نـحـن أبـنـا ســـالـــمـــين بـــأنـــفـــس كرام رجـــت أمـــراً فـــخـــاب رجـــاؤهـــا فأنـفـسـنــا خـــير الـــغـــنـــيمة إنـــهـــا تؤوب وفـــيهـــا مـــاؤهـــا وحـــياؤهــــــا هي الأنفس الكبر التي إن تقدمت أو استأخرت فالقتل بالسيف داؤها سيعلم إسماعيل انه عداوتي له ريق أفـــعـــى لايصــــــاب دواؤهـــــــا ولما حمل إسماعيل مقيداً ومعه أبناه أحدهما في سلسلة مقروناً معه، وكان الذي تولى ذلك أحمد بن أبي خالد في قصة كانت لإسماعيل أيام الخضرة فقال ابن أبي عيينه في ذلك: مرّ إسماعـيل وابـنـا ه معاً فـي الأسـراء جالساً في محملٍ ضـن كٍ على غير وطـاء يتغنى القيد في رجلـي ه ألـوان الـغـنــاء باكـياً لا رقـأت عـين اه من طول البـكـاء يا عقاب الدّجن في الأم ن وفي الخوف ابن ماء وقد كان تطير عليه بمثل ما نزل به، فمن ذلك قوله: لا تعدم العزل يا أبا الـحـسـن ولا هزالاً في دولة الـسـمـن ولا انتقـالاً مـن دار عـافـيةٍ إلى ديار الـبـلاء والـفـتـن ولا خروجاً إلى القفـار مـن ال أرض وترك الأحباب والوطـن كم روحه فيك لـي مـهـجـرةٍ و دلجةٍ في بـقـية الـو سـن في الحر والقرّ كي تولى على ال بصرة عين الأمصار والـمـدن إني أحـاجـيك يا أبـا حـسـنٍ ما صورةٌ صورت فلم تـكـن? وما بهيّ في العين مـنـظـره لو وزنوه بـا لـزّفّ لـم يزن? ظاهـره رائعٌ وبـاطـنـــه ملآن مـن سـوءٍ ومـن درن وهذا الشعر اعترض له فيه عمر بن زعبل، مولى بني مازن بن مالك بن عمرو بن تميم، وكان منقطعاً إلى إسماعيل وولده، وكان لا يبلغ ابن أبي عيينه في الشعر ولا يدانيه، ومن أمثل شعره وما اعترض له به قوله: إني أحاجيك ما حنيفٌ على ال فطرة باع الرباح بالـغـبـن وما شييخٌ من تحت سـدرتـه معلقٌ نعله على غـصـن? ما سيوفٌ حمـرٌ مـصـقـلةٌ قد عرّيت من مقابض السفن? وما سهـامٌ صـفـرٌ مـجـوّفةٌ تخشى خيوط الكتان والقطـن? وما ابن ماءٍ إن يخرجوه إلى الأر ض تسل نفـسـه مـن الأذن? وما عقاب زوراء تلـحـم مـن خلف فتهوي قصداً على سنن? لها جناحـان يحـفـزان بـهـا نيطاً إليها بـجـذوتـي وسـن يا ذا اليمينين اضرب عـلاوتـه يدفع و ماني في النار في قرن فأجاب إبراهيم السواق مولى آل المهلب وكان مقدماً في الشعر بأبيات لا أحفظ اكثرها، منها: قد قـــبـــل مـــا قـــيل فـــي أبـــي حـــســـــــن فانـــتـــحـــروا فـــي تـــطـــاول الـــزمـــــــن وهذا السواق هو الذي يقول لبسر بن داود بن يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب: سماؤك تمطر الذهبا وحـــربـــك تـــلـــتـــظـــي لـــهــــبـــــــا وأي كـــــــتــــــــــــيبةٍ لاقـــــــــــــــت ك لـــم تـــســـتـــحـــســـن الـــهـــربـــــــا ومن شعره السائر: هبيني يا معذبـتـي أسـأت وبالهجران قبلـكـم بـدأت فأين الفضل منك فدتك نفسي عليّ إذا أسأت كما أسـأت! ولابن أبي عيينه في هذا المعنى أشعار كثيرة في معاتبات ذي اليمينين وهجاء إسماعيل وغيره، سنذكرها بعد في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى. ومن شعره المستحسن قوله في عيسى بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس، وكان تزوج امرأة منهم يقال لها فاطمة بنت عمر بن حفص هزارمرد، وهو من ولد قبيصة بن أبي صفرة، ولم يلده المهلب، وكان يقال لأبي صفرة ظالم ين سرّاق: أفاطم قد زوجت عيسى فـأيقـنـي بذل لـديه عـاجـلٍ غـير آجـل فإنك قد زوجت من غـير خـبـرةٍ فتى من بني العباس ليس بعـاقـل فإن قلت من رهط النبـي فـإنـه وإن كان حر الأصل عبد الشمـائل فقد ظفرت كفاه مـنـك بـطـائل وما ظفرت كفاك منـه بـطـائل وقد قال فيه جعـفـر ومـحـمـدٌ أقاويل حتى قالـهـا كـل قـائل وما قلت ما قـالا لأنـك أخـتـنـا وفي السر منا والذرا والكـواهـل لعمري لقد أثبته فـي نـصـابـه بأن صررت منه في محلل الحلائل إذا ما بنو العباس يومـاً تـبـادروا عرا المجد وابتاعوا كرام الفضائل رأيت أبا العباس يسمو بـنـفـسـه إلى بيع بياحاتـه والـمـبـاقـل يرخم بيض العام تحـت دجـاجـه ليخرج بيضاً من فراريج قابـل وقال أبو العباس: وولد عيسى من فاطمة هذه لهم شجاعةٌ ونجدةٌ وشدة أبدان، وفاطمة التي ذكرها هي التي كان ينسب بها أبو عيينه أخو عبد الله ويكني عنها بدنيا ، ومن ذلك قوله لها: دعوتك بالقرابة والجـوار دعاء مصرحٍ بادي السرار لأني عنك مشتغل بنفسـي ومحترقٌ عليك بغير نـار وأنت توفرين وليس عنـدي على نار الصبابة من وقار فأنت لأن ما بك دون ما بي تدارين العـيون ولا أدري ولو والله تشتاقين شـوقـي جمحت إلي خالعة العذار وقال عبد الله يعاتب ذا اليمينين: من مبلغ عنـي الأمـير رسـالةً محصورةً عندي عن الإنـشـاد كل المصائب قد تمر على الفتى فتهون غير شماتة الـحـسـاد وأظن لي منهـا لـديك خـبـيثةً ستكون عنـد الـزاد آخـر زاد مالي أرى أمري لـديك كـأنـه من ثقله طـود مـن الأطـواد! وأراك ترجيه وتمضـي غـيره في سـاعة الإصـدار والإيراد الله يعـلـم مـا أتـيتـك زائراً من ضيق ذات يد وضيق بـلاد لكن أتـيتـك زائراً لـك راجـياً بك رتـبة الآبـاء والأجــداد قد كان لي بالمصر يومٌ جـامـعٌ لك مصلحٌ فيه لـكـل فـسـاد ودعوت منصوراً فأعلـن بـيعةً في جمع أهل المصر والأجنـاد في الأرض منفسحٌ ورزق واسع لي عنك في غوري وفي إنجادي وقال أيضاً يعاتبه: أيا ذا الـيمـينـين إن الـعـتـا ب يغري صدوراً ويشفي صدوراً

وكنت أرى أن تـرك الـعـتـا ب خـير وأجـدر ألا يضـيرا إلى أن ظننت بأن قد ظـنـنـت بأني لنفسي أرضى ألا الحقـيرا فأضمرت النفس في وهمـهـا من الهم هما يكد الـضـمـيرا ولابد لـلـمـاء فـي مـرجـل على النار مـوقـدة أن يفـورا ومن أشرب اليأس كان الغـنـي ومن أشرب الحرص كان الفقيرا علام وفـيم أرى طـاعـتــي لديك ونصري لك الدهر بـورا ألم أك بالمصير أدعو الـبـعـيد إليك وأدعو القريب العـشـيرا ألـــم اك أول آتٍ أتــــاك بطاعة من كان خلفي بـشـيرا وألزم غرزك فـي مـاقـط ال حروب عليها مقيمـاُ صـبـوراً ففـيم تـقـدم جـــفـــالةً إليك أمـامـي وأدعـي أخـيرا كأنك لـم تـر أن الـفـتـى ال حمـي إذا زار يومـاً أمــيرا فقـدم مـن دونـه قـبـلـــه ألست تـراه يسـخـطٍ جـديراً! ألست ترى أن سـف الـتـراب به كـان أكـرم مـن أن يزورا ولست ضعيف الهوى والـمـدى أكون الصبا وأكـون الـدبـورا ولكن شهـاب فـإن تـرم بـي مهما تجد كوكبي مـسـتـنـيراً فهل لك في الإذن لـي راضـياً فإني أرى الإذن غنمـاً كـبـيرا وكان لك الله فيما ابـتـعـثـت له من جهاد ونصـر نـصـيراً ولاجـعـل الـلـه فــي دولةٍ سبقت إلـيهـا وريح فـتـورا فإن ورائي لـي مـذهـبـــاً بعيداً من الأرض قاعـاً وقـورا به الضب تحسـبـه بـالـفـلاة إذا خفق الآل فـيهـا بـعـيرا ومالاً ومصراً عـلـى أهـلـه يد الله مـن جـائر أن يجـورا وإني لـمـن خـير سـكـانـه وأكثرهم بـنـفـيري نـفـيراً وقال عبد الله لعلي بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وكان دعاه إلى نصرته حين ظهرت المبيضة فم يجبه ، فتوعده علي، فقال عبد الله: أعلي إنك جاهل مغرور=لاظلمةٌ لك، لا ولا لك نود أكتبت توعدني إذا استبطأتنـي إني بحربك ما حييت جـدير فدع الوعيد فما وعيدك ضائري أطين أجنحة البعوض يضـير وإذا ارتحلت فإن نصري للألى أبوهم المهدي والمنـصـور نبتت عليه لحومنـا ودمـاؤنـا وعليه قدر سعينا المشـكـور وقال عبد الله قتل داود بن يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب من قتل بأرض السند بدم أخيه المغيرة بن يزيد: أفنى تميماً سعدها و ربابهـا بالسند قتل مغيرة بـن يزيد صعقت عليهم صعقةٌ عتكيةٌ جعلت لهم يوماً كيوم ثمـود ذاقت تميمٌ عركتين عذابـنـا بالسند من عمر ومـن داود قدنا الجياد من العراق إليهـم مثل القطا مستـنةً لـورود يحملن من ولد المهلب عصبةً خلقت قلوبهم قلوب أسـود وفي المغيرة يقول في قصيدة مطولة: إذا كر فيهم كرةً أفـر جـوالـه فرار بغاث الطير صادفن أجـدلا وما نيل إلا من بعيد بـحـاصـبٍ من النيل والنشاب حتى تـجـدلا وإني لمثن بالـذي كـان أهـلـه أبو حاتم إن ناب دهر فأعضـلا فتى كان يستحيي من الذم أن يرى له مخرجاً يوماً عليه ومـدخـلاً وكان يظن الموت عاراً على الفتى يد الدهر إلا أ، يصاب فيقـتـلا منيّة أبناء الـمـهـلـب أنـهـم يرون بها حتماً كتاباً مـعـجـلاً وقد أطلق الله اللسان بقتـل مـن قتلنا به منهم ومـنّ وأفـضـلا أناخ بهـم داود يصـرف نـابـه ويلقي عليهم كلـلاً ثـمّ كـلـلاً يقتلهم جوعاً إذا ما تـحـصـنـوا وتقربهم هوج المجانيق جـنـدلا وهذا الشعر عجيب من شعره: وفي هذه القصة يقول: أبت إلا بكاءً وانتحابـا وذكرا للمغيرة واكتئاباً

ألم تعلم بـأن الـقـتـل ورد لنا كالماء حين صفا وطابـا وقلت لها: قري وثقي بقولي كأنك قد قرأت به كـتـابـا فقد جاء الكتاب به فقـولـي ألا لا تعدم الرّأي الصّوابـا جلبنا الخيل من بغداد شعـثـاً عوا بس تحمل الأسد الغضابا بكل فتى أعزّ مـهـلّـبـيّ تخال بضوء صورته شهابـاً ومن قحطان كل أخي حفاظٍ إذا يدعى لـنـائبـه أجـايا فما بلغت قرى كرمان حتـى تخدّد لحمها عنهـا فـذابـا وكان لهنّ في كـرمـان يوم أمر على الشراة بها الشرابا وإنّا تاركـون غـداً حـديثـاً بأرض السّند سعداً والرّبابـا تفاخر بابن أحورهـا تـمـيمٌ لقد حان المفاخر لي وخابـا وفي مثل هذا البيت الأخير يقول أبو عيينه: أعاذل صه لست من شيمتي وإن كنت لي ناصحاً مشفقا أراك تـفـرقـنـي دائبـاً وما ينبغي لي أ، أن أفرقـا أنا ابن الذي شاد لي منصبـاً وكان السّماك إذا حـلـقـا قريع العراق وبطريقـهـم وعزهم المرتجى المتّـقـى فمن يستطيع إذا مـا ذهـب ت أنطق في المجد أن ينطقا أنا ابن المهلب مـا فـوق ذا لعالٍ إلى شرفٍ مرتـقـى فدعني أغلب ثياب الصـبـا بجدّتها قبل أن تـخـلـقـا قال أبو الحسن: وهذا شعر حسنٌ، أوله: ألم تنه نفسك أن تعـشـقـا وما أنت والعشق لولا الشّقا أمن بعد شربك كأس النّهـى وشمك ريحان أهل النّـقـا عشقت فأصبحت في العاشقي ن أشهر من فرس أبلـقّـا ثم قال: أعاذل صه لست من شيمتي ثم قال بعد قوله فدعني أغلي ثياب الصّبا أدنياي من غمر بحر الهوى خذي بيدي قبـل أن أغـرقـا أنا لك عبدٌ فكـونـي كـمـن إذا سره عـبـده أعـتـقـا وقال أبو الحسن: قوله "أنا لك عبدٌ" فوصل بالألف، فهذا إنما يجوز في الضرورة، والألف تثبت في الوقف لبيان الحركة، فلم يحتج إلى الألف، زمن أثبتها في الوصل قاسه على الوقف للضرورة، ظن كقوله: فإن يك غثّاً أو سميناً فإنّني=سأجعل عيينة لنفسه مقنعا لأنه إذا وقف على الهاء وحدها، فأجرى الوصل على الوقف، وأنشدوا قول الأعشى: فكيف أنا وانتـحـال الـقـوا ف بعد المشيب كفى ذاك عاراً والرواية الجيدة: فكيف يكون انتحـالـي ال قواف بعـد الـمـشـيب سقى الله دنيا على نـأيهـا من القطر منبعقـاً ريّقـاً ألم أخدع النّاس عن حبّهـا وقد يخدع الكيس الأحمقـا بلى وسبقـتـهـم إنّـنـي أحب إلى المجد أن اسبقـا ويوم الجنازة إذا أرسـلـت على رقبةٍ أن جيء الخندقا إلى السال فاختر لنا مجلساً قريباً وإياك أن تخـرقـا هذا مما يغلط فيه عامة أهل البصرة، يقولون:السال بالخفيف، وإنما هو السال يا هذا، وجمعه سلاّن، وهو الغالّ وجمعه غلاّنٌ، وهو الشّقّ الخفيّ في الوادي: فكنّا كغصنـين مـن بـانةٍ رطيبين حدثان ما أورقـا فقالت لترب لها استنشـديه من شعره الحسن المنتقى فقلت أمرت بكتـمـانـه وحذرت إن شاع أن يسرقا فقالت بعيشك! قولـي لـه تمتّع لعلّك إن تـنـفـقـا قوله: لعلك أن تنفقا اضطرار، وحقه لعلك تنفق. لأن لعلّ من أخوات إن فأجريت مجراها، ومن أتى بأن فلمضارعتها عسى، كما قال متمم بن نويرة: لعلك يوماً أن تـلـم مـلـمةٌ عليك من الللاّئي يدعنك أجدعا وهو كثير. قال أبو العباس: وزعم أبو معاذ النميري أنه يعتاد عبد الله بن محمد بن أبي عيينة، ويكثر المقام عنده، وكان راوية للشعره، وأم أبن أبي عيينة بن المهلب يقول لها:خيرة وهي من بني سلمة الخير بن قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر ابن صعصعة، فأبطأت عليه أياماً فكتب إلي:

تمادى في الجفاء أبو معاذ وراوغني ولاذ بلا ملاذ ولولا حق أخوالي قشـير أتته قصائد غير الـلّـذاذ كما راح الهلال بن حرب به سمة على عنق وحاذ

يعني محمد بن حرب بن قبيصة بن مخارق الهلالي، وكان من أقعد الناس. ولقبيصة بن المخارق صحبة لرسول الله ، وكان قد سار إليه فأكرمه وبسط له رداءه وقال: "مرحباً بخالي"!، فقال: يا رسول الله، رق جلدي، ودق عظمي، وقلي مالي، وهنت على أهلي! فقال له رسول الله :"لقد أبكيت بما ذكرت ملائكة المساء". ومحمد بن حرب هذا ولي شرطة البصرة سبع مرات، وكان على شرطة جعفر بن سليمان على المدينة، وكان كثير الدب عزيزة،فأغضب ابن أبي عيينة في حكم جرى عليه بحضرة إسحاق بن عيسى - وكان على شرطته إذا ذاك - ففي ذلك يقول عبد الله بم أبي عيينة:

بأخوالي وأعمامي أقـامـت قريشٌ ملكها وبها تـهـاب متى ما أدع أخوالي لحـرب وأعمامي لنائبـه أجـابـوا أنا أبن أبي عيينة فرع قومي وكعب والدي وأبي كـلاب خلا ابن عكابة الظربان سهل له فسو تصاد به الضّبـاب وآخر من هلال قد تداعـى فصار كأنه الشّيء الخراب

باب نبذ من أقوال الحكماء قال أبو العباس: كان ابن شبرمة إذا نزلت به نازلةٌ قال: سحابة ثم تنقشع. وكان يقال: أربع من كنوز الجنة: كتمان المصيبة، وكتمان الصدقة، وكتمان الوجع. قال عمر بن الخطاب رحمه الله: لو كان الصبر والشكر بعيرين ما باليت أيهما ركبت. للعتبي يذكر ابناً له مات وقال العتبّي محمد بن عبد الله، يذكر ابناً له مات: أضحت بخدّي للدّموع رسـوم أسفاً عليك وفي الفؤاد كلـوم والصبر يحمد فيا لمصائب كلها إلا علـيك فـإنـه مـذمـوم

وقال أبو العباس: وأحسب أنّ حبيباً الطائي سمع هذا فاسترقه في بيتين: أحدهما قوله في إدريس بن بدر الشامي: دموع أجابت داعي الحزن همّـع توصل منّا عن قلوب تـقـطّـع وقد كان يدعى لابس الصّبر حازماً فأصبح يدعى حازماً حين يجـذع والآخر قوله: قالوا الرّحيل! فما شككت بأنهـا نفسي عن الدنيا تـريد رحـيلاً الصّبر اجمل غـير أن تـلـذّذاً في الحب أحرى أن يكون جميلاً وقال سابق البربري: وإن جاء ما لا تستطيعان دفـعـه فلا تجرعا مما قضى الله واصبرا وقال آخر أيضاً: اصبر على القدر المجلوب وارض به وإن أتاك بما لا تشتـهـي الـقـدر فما صفا لامـرئٍ عـيشٌ يسـرّ بـه إلاّ سيتبـع يومـاً صـفـوة كـدر

خالد بن صفوان مع بلال بن أبي بردة وكان خالد بن صفوان يدخل على بلال بن أبي بردة يحدثه فيلحن، فلما كثر ذلك على بلال قال له: أتحدثني أحاديث الخلفاء، وتلحن لحن السقّاءات!وقال التّوّزيّ: فكان خالد بن صفوان بعد ذلك يأتي المسجد ويتعلم الإعراب، وكفّ بصره فكان إذا مرّ به موكب بلال يقول: ما هذا? فيقال له: الأمير، فيقول خالد: سحابة صيفٍ عن قليل تقشّع فقيل ذلك لبلال،فاجلس معه من يأتيه بخبرة، ثم مرّ به بلال، فقال خالد كما كان يقول، فقيل ذلك لبلال،فأقبل على خالد فقال:لا تقشّع والله حتى تصبيك منها بشؤبوب بردٍ! فضربه مائتي سوط. وقال بعضهم: بل أمر به فديس بطنه. قوله:بشؤبوب مهزوم، وهو الدّفعة من المطر بشدة، وجمعه شآبيب.وقال النابغة يخاطب القبيلة: ولا تلاقي كما لاقت بنو أسدٍ فقد أصابهم منها بشؤبـوب يريد ما نال بني أسد من غارة النعمان عليهم، وضرب الشؤبوب مثلاً للغارة، والغارة تضرب لذلك مثلاً، كما يقال شنّ عليهم الغارة، أي صبها عليهم ، قال ابن هرمة: كم بازلٍ قد وجأت لبّتها بمستقبلّ الشؤبوب أو جمل يريد ما وجأها به من جديدة، يقول: لمّا وجأتها دفعت بشؤبوب من الدم، فكأنه قال: بسنان مستهل الشؤيوب، أما ما أشبه بذلك. خالد بن صفوان وسليمان بن علي وكان خالد بن صفوان أحد من إذا عرض له القول قال،فيقال إن سليمان بن علي سأله عن ابنيه جعفر ومحمدٍ، فقال:كيف إحمادك جوار همايا أبا صفوان?فقال: أبـو مـالـكٍ جـارٌ لـهـا وابـن بـرثـنٍ فيا لك جاري ذلّة وصغار???????????! ?????ش قوله: أبو مالك، صوابه أبو نافع وهو مولى لعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه. فأعرض عنه سليمان، من أحلم الناس وأكرمهم، وهو في الوقت الذي أعرض فيه عنه والي البصرة وعم الخليفة المنصور، والشعر الذي تمثل به خالد ليزيد بن مفرّغ الحميري، قال: سقى الله داراً لي وأرضاً تركتها إلى جنب داري معقل بن يسار أبو مالكٍ جارٌ لها وابن بـرثـنٍ فيالك جاري ذلّة وصـغـار! وكان الحسن يقول: لسان العاقل من وراء قلبه: فإن عرض له القول نظر، فإن كان له أن يقول قال، وإن كان عليه القول أمسك،ولسان الأحمق أمام قلبه،فإذا عرض له القول قال، كان عليه، أو له. وخالدٌ لم يكن يقول الشّعر.ويروى أنه وعد الفرزدق شيئاً فأخّره عنه، وكان خالد أحد البخلاء، فمر به الفرزدق فهدّده،فامسك عنه حتى جاز الفرزدق، ثم أقبل على أصحابه فقال: عن هذا قد جعل إحدى يديه سطحاً، وملأ الأخرى ثم أقبل على أصحابه فقال: إن هذا قد جعل إحدى يديه سطحاً، وملأ الأخرى سلحاً، وقال: إن عمرتم سطحي، وإلا نضحتكم بسلحي! من أخبار إياس بن معاوية وقال إياس بن معاوية المزنّي أبو واثلة - وكان أحد العقلاء الدّهاة الفضلاء - لخالد: لا ينبغي أن نجتمع في مجلس، فقال له خالد: وكيف يا أبا واثلة? فقال:لأنك لا تحب أن تسكت، وأنا لا أحب أن أسمع! وخاصم إلى إياس رجلٌ رجلاً في دينٍ وهو قاضي البصرة، فطلب منه البينة، فم يأته بمقنع، فقيل للطالب: استجر وكيع بن أبي سودٍ حتى يشهد لك، فإن إياساً لا يجترئ على رد شهادته، ففعل، فقال وكيعٌ: فهم إياسٌ عنه فأقعده إلى جانبه، ثم سأله عن حاجته، فقال: جئت شاهداً، فقال له: يا أبا المطرف، أشهد كما تفعل الموالي والعجم? أنت تجل عن هذا? فقال:إذن والله لاأشهد، فقيل لوكيع بعد: إنما خدعك، فقال أولى لابن اللّخناء! شهد رجل من جلساء الحسن بشهادة، فأتاه الحسن فقال: يا أبا واثلة، لم رددت شهادة فلان? فقال: يا أبا سعيد، إن الله تعالى يقول:" ممّن ترضون من الشهداء "البقرة:282 وليس فلان ممن أرضى. من أخبار أبي دلامة واختلف نصرانيّ إلى أبي دلامة مولى بني أسد يتطبّب لابنٍ له، فوعده إن برأ على يديه أن يعطيه ألف درهم، فبرأ ابنه، فقال للمتطبّب: إن الدراهم ليست عندي، ولكن والله لوصّلنّها إليك، ادّع على جاري فلان هذه الدراهم فإنه موسر، وأنا وابني نشهد لك، فليس د ون أخذها شيء، فصار النصرانيّ بالجار إلى ابن شبرمة، فسأله البينة، فطلع عليه أبو دلامة وابنه، ففهم القاضي، فلمال جلس بين يديه قال أبو دلامة: إن النّاس غطّوني تغطّيت عنهم وإن يحثوني كان فيهم مباحـث وإن حفروا بئري حفرت بئارهم ليعلم قومٌ كيف تلك النّـبـائث فقال ابن شبرمة: من ذا الذي يبحثك يا أبا دلامة? ثم قال للمدّعي : قد عرفت شاهديك! فخل عن خصمك، ورح العشيّة إليّ، فراح إليه فغرمها من ماله. من أخبار عبيد الله بن الحسن العنبري وشهد أبو عبيدة عند عبيد الله بن الحسن العنبري على شهادة ، ورجل عدل . فقال عبيد الله للمدّعي: أما أبو عبيدة فقد عرفته، فزدني شاهداً. وكان عبيد الله أحد الأدباء الفقهاء الصّلحاء. وزعم ابن عائشة قال: عتبت عليه مرة في شيء، قال : فلقيني يدخل من باب المسجد يريد مجلس الحكم، وأخرج فقلت معرضاً به: طمعت بليلى ان تريع وإنّمـا تقطع أعناق الرجال المطامع فأنشدني معرّضاً تاركاً لما قصدت له: وباينت ليلى في خلاءٍ ولم يكن شهود على ليلى عدولٌ مقانع وكان ابن عائشة يتحدث عنه حديثاً عجيباً، ثم عرف مخرج ذلك الحديث.وذكر ابن عائشة ، وحدثني عنه جماعة لا أحصيهم كثرة: أن عبيد الله بن الحسن شهد عنده رجل من بني نهشل على أمر أحسبه ديناً فقال له: أتروي قول الأسود بن يعفر: نام الخلي فما أحسن رقادي. فقال له الرجل : لا! فردّ شهادته وقال: لو كان في هذا خير روى شرف.