الكتاب الأخضر/الفصل الأول/الاستفتاء


لاستفتاء تدجيل على الديمقراطية .إن الذين يقولون (نعم) والذين يقولون(لا) لم يعبروا في الحقيقة عن إرادتهم ، بل ألجموا بحكم مفهوم الديمقراطية الحديثة ، ولم يسمح لهم بالتفوّه إلا بكلمة واحدة وهي : إما (نعم) ، وإما (لا)!. إن ذلك أقسى وأقصى نظام دكتاتوري كبحي.إن الذي يقول (لا) يجب أن يعبر عن سبب ذلك ، ولماذا لم يقل (نعم) ، والذي يقول (نعم) يجب أن يعلل هذه الموافقة ، ولماذا لم يقل (لا) ، وماذا يريد كل واحد، وما سبب الموافقة أو الرفـض ؟! إذن ما هو الطريق الذي ينبغي أن تسلكه الجماعات البشرية لتتخلص نهائياً من عصور الاستبداد والدكتاتورية ؟. بما أن المشكل المستعصي في قضية الديمقراطية هو أداة الحكم الذي عبرت عنه الصراعات الحزبية والطبقية والفردية ، وما ابتداع وسائل الانتخابات والاستفتاء إلا تغطية لفشل تلك التجارب الناقصة في حل هذه المشكلة - إذن ، الحل يكمن في إيجاد أداة حكم ليست واحدة من كل تلك الأدوات محل الصراع ، والتي لا تمثل إلا جانباً واحداً من المجتمع ، أي إيجاد أداة حكم ليست حزباً ولا طبقة ولا طائفة ولا قبيلة ، بل أداة حكم هي الشعب كله .. وليست ممثلة عنه ولا نائبة. ( فلا نيابة عن الشعب ) و( التمثيل تدجيل ). وإذا أمكن إيجاد تلك الأداة ، فإذن ، انحلت المشكلة وتحققت الديمقراطية الشعبية ، وتكون الجماعات البشرية قد أنهت عصور الاستبداد والنظم الدكتاتورية وحلت محلها سلطة الشعب. إن الكتاب الأخضر يقدم الحل النهائي لمشكلة أداة الحكم ، ويرسم الطريق أمام الشعوب لتعبر عصور الدكتاتورية إلى عصور الديمقراطية الحقيقية .. إن هذه النظرية الجديدة تقوم على أساس سلطة الشعب دون نيابة أو تمثيل … وتحقق ديمقراطية مباشرة بشكل منظم وفعال ، غير تلك المحاولة القديمة للديمقراطية المباشرة المفتقرة إلى إمكانية التطبيق على أرض الواقع والخالية من الجدية لفقدانها للتنظيم الشعبي على المستويات الدنيا.