اللمعة الماردينية في شرح الياسمينية

​اللمعة الماردينية في شرح الياسمينية​ المؤلف سبط المارديني


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله الذي أحصى كل شيء عدداً، وجعل الأموال لمن أعطى واتقى، ومدت بالحسنى سعادة سرمداً، وعلى من بخل واستغنى، وكذب بالحسنى، كعوب شؤم نفسه توقع في الردى.

أحمده وأشكره أن جعلنا أمة وسطا لنكون على الناس شهداء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له عالم الغيب، فلا يظهر على غيبه أحد إلا من ارتضي من رسول، فإِنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رَصَداً، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله المبعوث رحمة وهدى ، وعلى آله واصحابه صلاتاً وسلاماً دائمين أبدا.

وبعده فيقول فقير رحمة ربه محمد بن محمد سبط الماردني: هذا تعليق على الأرجوزة المسماة الياسمينية في علم الجبر والمقابلة مختصر جداً، لم يسألني فيه أحد، وإنما اولعت به من البطالة والكسل هروباً من الاشتغال والملل، فجاء بحمد الله تحبة رائقة وتحفة فائقة، ولقبته باللمعة الماردينية في شرح الياسمينية، وأسأل الله تعالى أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، وأن يعصمنا من الشيطان الرجيم.

عَلى ثَلاثَةٍ يدورُ الجَبرُ
المالُ والأعدادُ ثُمَّ الجذرُ

سائل علم الجبر وتسمى ضروباً دائرة على ثلاثة أنواع فقط وهي العدد والجذر والمال والمراد والجذر جنسهما فيتناول الجذر الواحد وبعض الجذر وما زاد على الجذر وكذا في المال ولعدد.

فالمالُ كلُّ عَدَدٍ مُربَّعِ
وَجَذرُهُ واحِدُ تِلكَ الأضلُعِ
والعَدَدُ المُطلَقُ مَا لَم يُنسب
لِلمالِ أَو للجَذرِ فافهَم تُصِب

اخذ يعرف كل واحد من العدد والجذر والمال فالعدد عند الجبريين يطلق على الواحد والكسر وغيرهما، والجذر هو العدد الذي ضرب في مثله والحاصل من ضرب الجذر في مثله يسمى مالاً فينسلخ العدد المضروب في مثله عن اسم العدد ويكتب باعتبار حاصل الضرب اسماً آخر وهو الجذر وينسلخ العدد الحاصل من الضرب عن اسم العدد ويكتسب باعتبار حصوله من ضرب عدد في مثله اسم المال وكل عدد ضرب في عدد سمي الحاصل مسطحاً وكل من العددين ضلعاً له فإن تساوي المضروبان سمى الحاصل مربعاً أيضاً ولهذا المراد بقوله واحد تلك الأضلع، والعدد هو المطلق الذي لم ينسب إلى جذر ولا إلى مال ولا غيرهما فالاثنان عدد فإذا ضرب في مثله صار باعتبار الحاصل جذراً والأربعة الحاصلة باعتباره مالاً.

والشَّيءُ والجَذرُ بمَعنَى واحِدٍ
كَالقُولِ في لَفظِ أبٍ وَوالِدِ

لفظاً الشيء والجذر مترادفان عند الناظم وابن البنا وأبي كامل وغيرهم كما أن لفظ أب ووالد مترادفان فالمضروب في مثله كما يسمى جذراً يسمى أيضاً شيئاً سواء كان الجذر معلوماً أو مجهولاً واعترض على المصنف في دعوي الترادف بأن الشيء أعم من الجذر لانطلاقه على القدر المجهول وإن لم يكن جذراً وهذا لا يستعمله الجبريون.

فَبَعضُها يَعدِلُ بعضاً عَدَدا
مُرَكَّباً مَع غَيرِهِ أو مُفرَدا
فَتِلكَ سِتٌّ نَصفُها مُركَّبَه
وَنِصفُها بَسيطَةٌ مُرَتَّبه

لما ذكر ان مسائل الجبر تدور على ثلاثة وهي العدد والمال والجذر ذكر انه لا بد فيها من المعادلة بان يفرض نوع واحد من الثلاثة مساويا للنوعين الآخرين فيكون أحدها في جانب والآخر ان في جانب أو يفرض نوع واحد مساوياً لنوع واحد من النوعين الآخرين فتقع المعادلة بين الثلاثة أو بين الاثنين منها ويختلف اللفظان فالحالة الأولى تنحصر في ثلاث صور فهي عدد يعدل أموالاً وجذوراً ثم جذور تعدل أموالاً وعددا ثم أموال تعدل جذوراً، وعدد الان المنفرد منها لا يخلو من أن يكون واحداً من الأنواع الثلاثة فيتعين اقتران الاخرين وتسمى هذه الصور الثلاث بالمسائل المركبات والمقترنات أيضاً، والحال الثانية منحصرة في ثلاث صورا أيضاً وهي أموال تعدل جذوراً ثم أموال تعدل عدداً ثم جذور تعدل عدداً وتسمى هذه الصور والثلاث بالمسائل المفردة والبسيطة أيضاً لمعادلة مفرد منها لمفرد وكان ينبغي للناظم أن يقدم المفردة على المركبة لان المفرد مقدم طبعاً وقوله مرتبة أي ترتيب اصطلاحياً.

أَوَّلُها في الاصطِلاحِ الجارِي
أَن تَعدِلَ الأموالَ بلأجذارِ
وَإن تَكُن عَادَلتَ الأعدادَا
فَهِي تَليها فافهَمِ المُرادا
وَإن تُعَادِل بالجذورِ عَدَدا
فَتِلك تَتلوها عَلى ما حُدِّدا

شرع يبين ترتيب المسائل المعروفة في الاصطلاح الجاري عند أهل الجبر وبدأ بالمسائل المعروفة في الاصطلاح الجاري عند أهل الجبر وبدأ بالمسائل المنفرة لأنه الأولى فذكر أن المسالة الأولى أن تعادل الأموال الأجذار والثانية أن تعادل الأموال العدد والثالثة أن تعادل الجذور وأعلم أن العدد كثير اما يعبر عنه بالدراهم والدنانير ونحوهما.

فَاقسِم عَلى الأموال إن وَجَدتَها
واقسِم عَلَى الأجذارِ إن عَدِمتَها
فَهَذِهِ المسائِلُ البَسيطَه
خَارِجُها الجَذرُ سوى الوَسيطَه
فَإنَّما يَخرُجُ فِيها المالُ
بِحَسبِ ما قَد اقتَضَى السُّؤالُ

ذكر في هذه الأبيات طريق العمل الموصل لمعرفة القدر المجهول في كل مسألة من المسائل البسيطة وهو أن تقسم في المسألة الأولى عدة الجذور على عدة الأموال أيضاً وهذا مراده بقوله فاقسم على الأموال أن وجدتها أي في الأولى والثانية واقسم على الأجذار أن عدمتها أي عدمت الأموال وذلك في الثالثة فالخارج في القسمة هو مقدار الجذر في المسألة الأولى والثالثة ويخرج مقدار المال في المسألة الوسيطة وهي الثانية لان المسئول عنه فيها هو مقدار المال خاصة لان عديله وهو العدد معلوم ضرورة مثال المسألة الأولى ما لان يعدلان عشرة أجذار كم الجذر وكم المال فاقسم عشرة عدة الأجذار على اثنين عدة الأموال يخرج خمسة وهي مقدار الجذر الواحد فالمال خمسة وعشرون ولو قيل نصف مال يعدل ثلاثة أجذار فاقسم ثلاثة على نصف فالجذر ستة فالمال ستة وثلاثون ومثال الثانية ثلاثة أموال تعدل خمسة وسبعين درهما فاقسم الدراهم على ثلاثة عدة الأموال يخرج المال الواحد خمسة وعشرون ولو قيل نصف مال يعدل عشرة دراهم فاقسمها على النصف فالمال عشرون ومثاله الثالثة عشرة أجذار تعدل خمسين ديناراً فاقسم الخمسين على عشرة عدة الأجذار يخرج مقدار الجذر خمسة دنانير ولو قيل ثلث جذر يعدل دينارين فأقسم اثنين على ثلث يخرج الجذر ستة.

واعلَم هداكَ رَبُّنا أنَّ العَدَد
في أوَّلِ المُرَكَّباتِ انفَرَد
وَوَحَّدوا أيضا جُذور الثّانِية
وَأَفرَدوا أموَالهم في التالِية

لما نهى الكلام على المسائل البسيطة شرع بذكر المسائل المركبات وبدأ بترتيبها فالمسألة الرابعة وهي أول المركبات ينفرد فيها العدد ويقترن فيها الجذور والأموال، والمسألة الخامسة وهي ثانية المركبات ينفرد فيها الجذور وتقترن الأموال والعدد والمسألة السادسة وهي ثالثة المركبات تنفرد فيها الأموال ويقترن فيها الجذر والعدد وهذا الترتيب متفق عليه وأشار إلى اتفاقهم بقوله ولوحدوا بالحاء المهملة وأفردوا أي الجبريون كلهم ووضعوا لضبط ترتيب النوع المنفرد في كل مركبة لفظ عجم فالعين للعدد والجيم للجذر والميم للمال.

فَرَبَّع النِّصفَ مِنَ الأشَياء
وَاحمِل عَلَى الأعداد باعتِناءِ
وَخُذ مِنَ الَّذي تَناهَى جذرُه
ثمَّ انقصِ التَّنصيفَ تفهَم سِرَّه
فَما بقي فَذاكَ جَذرُ المال
وَهذِه رابِعَةُ الأحوال

ذكر في هذه الأبيات معرفة استخراج الجذر في المسألة الرابعة ومنه يعرف المال فتنصف عدة الأشياء ويسمى ذلك التنصيف ثم تربع نصف عدة الأشياء بأن تضربه في مثله ويسمى الحاصل التربيع ثم احمله على العدد المفروض في المسألة ثم استخرج جذر المجتمع ثم انقص التنصيف من هذا الجذر الذي أخذته فما بقي بعد التنصيف فهو جذر المال فربعه المال مثال مال وعشرة أجذار تعدل خمسة وسبعين من العدد كم الجذور وكم المال فنصف عدة الأجذار خمسة هو التنصيف ربعه يحصل التربيع خمسة وعشرين احمله على العدد يحصل مائة خذ جذرها يكن عشرة اطرح منه التنصيف فالباقي خمسة هو الجذر الواحد فالمال خمسة وعشرون ولو قيل مال وثلاثة أجذار تعدل أربعة من العدد فالتنصيف واحد ونصف وتربيعه اثنان وربع وحاصل جمعه مع العدد ستة وربع وجذره اثنان ونصف اطرح منه التنصيف وهو واحد ونصف فالباقي واحد وهو الجذر فالمال أيضاً واحد.

واطرح مِن التَّربيع في الأخرى العدد
وجَذرُ ما يَبقى عَلَيهِ يُعتَمَد
فانقِصه من تَنصيفِك الأجذارا
وإن تَشَأ جَمَعتَهُ اختيارا
فَذاكَ جذرُ المَالِ بالنُّقصان
وَذاكَ جَذرُ المالِ بالحُملان
وَإن غَدا التربيعُ مِثلَ العَدَدِ
فَجذرُه التَّنصِيفُ دونَ فَنَد
وَإن يكُن يُربو عَلَيهِ العَدَد
أَيقَنتَ أنَّ ذاكَ لا يَنعَضِد

ذكر في هذه الأبيات طريق استخراج الجذر من المسألة الخامسة وهي المركبة الثانية وهي أن تعرف التنصيف وتربعه ثم نطرح العدد من التربيع وتستخرج جذر الباقي من التربيع بعد طرح العدد وهذا معنى البيت الأول ثم تطرح هذا الجذر من التنصيف أن شئت أو أجمعه معه أن شئت فما بقي أو حصل فهو جذر المال المفروض في المسألة فيحصل له جذران جذر بالنقصان في الأول وجذر بالزيادة في الثاني وكل صحيح مثاله عشرة أجذار تعدل مالاً واحدى وعشرون درهماً فالتنصيف خمسة والتربيع خمسة وعشرون اطرح منه العدد وهي الدراهم يبقى أربعة وجذره اثنان فإن شئت طرحته من التنصيف وهو خمسة يفضل ثلاثة هي مقدار الجذر فالمال تسعة وعشرة أجذاره ثلاثون وان شئت جمعته للتنصيف يحصل سبعة وهي مقدار الجذر فالمال تسعة واربعون وعشرة أجذاره سبعون ولو قيل مال واثنا عشر درهماً وثلاثة ارباع درهم يعدل ذلك عشرة أجذار كم الجذر وكم المال فالتنصيف خمسة والتربيع خمسة وعشرون والباقي منه بعد طرح الدراهم اثنا عشر وربع وجذره ثلاثة ونصف فان طرحته من التنصيف بقى مقدار الجذر درهم ونصف فعشرة الأجذار خمسة عشر والمال درهمان وربع وان زدته على التنصيف كان الجذر ثمانية ونصفا والمال اثنين وسبعين وربعا ومتى كان التربيع مساوياً للعدد المعروض في السؤال فجذر المال هو التنصيف ويكون المال مساوياً للعدد والتربيع أيضاً ولا يحتاج لعمل كما لو قيل عشرة أجذار تعدل مالاً وخمسة وعشرون درهماً وكما قيل ثلاثة أجذار تعدل مالاً ودرهمين وربع درهم والضمير في قوله فجذره التنصيف راجع للمال المذكور في البيت قبله لإنه المحدث عنه فان كان العدد أكثر من التربيع فالمسألة مستحيلة إخراجها كما لو قيل عشرة أجذار تعادل مالاً وثلاثين درهماً وهذا معنى قوله وان يكن يربو عليه العدد أي يزيد على التربيع ايقنت ان ذاك لا ينعضد أي لا يستعان عليه بحيلة.

وَإذ فَرَغنا مِن بَيانِ الخامِسَة
فلنُوضِّح الآنَ بَيانَ السَادِسَة
فَاجمَع إلى أعدادِكَ التَّربيعاً
واستَخرِجَن جَذرَهُما جَمِيعا
وَاحمِل عَلى التَّنصيفِ مَا أَخَذتا
فَذلِك الجذرُ الَّذي أرَدتا

لما فرع من بيان طريق المسألة الخامسة شرع في بيات طريقه المسألة السادسة هي ثالثة المركبات وهي ان تربع التنصيف كما سبق وتجمع التربيع إلى العدد وتستخرج جذر المجموع كما في الرابعة ثم احمل الجذر المأخوذ على التنصيف يحصل جذر المال مثاله مال يعدل خمسة أجذار وستة دنانير فالتنصيف اثنان ونصف وتربيعه ستة وربع ومجموعه مع العدد اثنا عشر وربع وجذر هذا المجموع ثلاثة ونصف زده على التنصيف يحصل الجذر ستة فالمال ستة وثلاثون ولو قيل ماله يعدل ستة أجذار وأربعة دنانير وأربعة اتساع دينار فالتنصيف ثلاثة وتربيعه تسعة ومجموعه مع الدنانير ثلاثة عشر وأربعة اتساع وجذره ثلاثة وثلثان اجمعه إلى التنصيف يحصل الجذر ستة وثلثان والمال أربعة واربعون وأربعة اتساع.

وَحُطّ الأموالَ إذا ما كَثُرت
واجبُر كُسورَها إذا ما قَصُرَت
حَتى يَصيرَ الكلُّ مالاً مُفرَدا
وَخُذ بِذاك الاسمِ مِمّا قَد عدا

شرط العمل السابق في المركبات الثلاث ان يكون المال المفروض في المسألة مالاً واحدا كاملا كما مثلنا فان كان أكثر في من مال أو اقل من مال فيحتاج إلى زيادة عمل وفيه طريقان احدهما ما ذكره في هذين البيتين وهو انه إذا كان المال المفروض في المسألة اكثر من مال واحد فحطه إلى مال واحد وان كان اقل من مال فأجبره إلى مال كامل وحط ما عدا الأموال من الأجذار والعدد أو اجبر كلا منها كما فعلت في الأموال بان تقسم كلا منهما على عدة الأموال قبل الحط أو على كسر المال قبل الجبر وهذا مراده بقوله وخذ بذلك الاسم مما قد عدا ثم عادل وكمل العمل السابق يحصل مقدار جذر المال ومنه يعلم المال مثاله أربعة أموال وثمانية أجذار تعدل ستين درهما فحط الأموال إلى مال واحد واقسم كلا من الجذر والدراهم على أربعة عدة الأموال يخرج جذران وخمسة عشر درهما فقل خمسة عشر درهما تعدل مالاً وجذرين وهي الرابعة فالتنصيف واحد وتربيعه واحد ومجموعه مع العدد ستة عشرة وجذره أربعة اطرح منه التنصيف فالباقي جذر المال وهو ثلاثة فالمال تسعة ولو قيل أربعة أجذار تعدل خمسين مال وعشرة دراهم فهذه هي المسألة الخامسة لانفراد الجذور فيها فاجبر خمسي المال إلى المال كامل واقسم كلا من الجذور والدراهم على الخمسين فالحاصل عشرة أجذار تعدل مالاً وخمسة وعشرون درهماً فالجذر خمسة والمال خمسة وعشرون.

أَو فاضرِب الأموالَ في الأعدادِ
وكن عَلى ما مَرَّ في اعتِمادِ
وَاقسِم نَظيرَ الجَذرِ من بَعد عَلى
عَدَدِ الأموالِ وخُذ ما أُصِّلا

أي وأن شئت ان تعمل المسألة بدون جبر وحط وهو الطريق الثاني فاضرب عدة الأموال المفروضة أو كسر المال المفروض في العدد المفروض في السؤال واقم الحاصل مقام العدد المفروض سواء كان منفرداً أو مقارنا بالجذر أو بالأموال ثم اعتمد في استخراج الجذر على ما مر من طريق المسائل فما خرج قدر الجذر فليس هو الجذر المطلوب بل هو نظير الجذر في العمل والاستخراج فاقسمه على عدد الأموال المفروضة أو على كسر المال المفروض في السؤال وهو الذي ضربته في العدد فما خرج من القسمة فهو جذر المال المطلوب وهذا مراده بقوله وخذ ما أصلا مثاله ثمانون درهما تعدل مالين ونصف مال وعشرة أجذار فاضرب عدة الأموال وهي اثنان ونصف في العدد يحصل مائتان فكانه العدد المفروض فالتنصيف خمسة وتربيعه خمسة وعشرون اجمعه مع العدد وخذ جذر الحاصل فهو خمسة عشر اسقط منه التنصيف الباقي عشرة هي نظير الجذر اقسمها على عدة الأموال يخرج الجذر أربعة والمال ستة عشر ولو قيل نصف مال يعدل جذرين ودينارين ونصف دينار فهذه هي المسألة السادسة لانفراد المال فيها فاضرب نصفا في الدينارين والنصف يحصل واحد وربع كانه العدد فالتنصيف واحد وتربيعه واحد اجمعه للعدد يحصل اثنان وربع وجذره واحد ونصف زده على التنصيف نظير الجذر اثنان ونصف اقسمه على النصف يخرج الجذر خمسة وعشرون.

وَكُلَّما استَثنيتَ في المسائِل
صَيّره إيجاباَ مَع المُعادِل
وَبَعدَما تَجبُر فَالتُقابِل
بِطَرحِ مَا نَظيرُهُ يُماثِل

ذكر في هذين البيتين معنى الجبر والمقابلة وذلك انه إذا كان في احدى الجملتين المتعادلتين أو في كليتهما استثناء وجب ازالته بان تريد المستثنى من احد الجانبين أو من كليهما على كل منهما مثاله خمسة أموال الاجذرين تعادل ثمانية أجذار فالمستثنى من الأموال جذران صيره إيجابا بان تزيده على خمسة الأموال الاجذرين تصير خمسة أموال كاملة وزال الاستثناء واثبت المستثنى أيضاً في عديل المستثنى منه وهو في هذا المثال ثمانية الأجذار تصير عشرة أجذار تعدل خمسة أموال فالشيء اثنان لأنك إذا قسمت العشرة على الخمسة حصل اثنان وهو الجذر فالجذر اثنان والمال أربعة فقوله صيره إيجابا مع المعادل أي القدر المستثنى موجباً مع عديل المستثنى منه بان تزيده عليه كما تزيده على المستثنى منه والايجاب هو الاثبات المقابل للنفي فيصير المنفي مثبتاً في الجملتين ولو قيل خمسة أشياء إلا عشرة دراهم تعدل ثلاثين درهما إلا خمسة أشياء فزد على كل من الجانبين مستثناهما وهما عشرة دارهم وخمسة أشياء تبلغ عشرة أشياء تعدل أربعين درهماً فاقسم أربعين على عشرة يخرج قدر الجذر وهو أربعة فالشيء أربعة وأشار بقوله وبعد ما تجبر فالتقابل الخ إلى انه إذا حصل بعد الجبر اشتراك في الجملتين المتعادلتين بان يماثل بعض هذه بعض هذه فلابد فيه من المقابلة وهي إزالة القدر المشترك من الجانبين بحيث لا يبقى في المسألة اشتراك فالمقابلة تحصل بطرح المماثل من الجملتين المتعادلتين مثاله عشرة أشياء إلا عشرة دراهم تعدل خمسة أشياء فإذا جبرت صارت المسألة عشرة أشياء تعدل خمسة اشياء وعشرة دراهم فوقع الاشتراك بين الجانبين في خمسة أشياء فقابل بان تطرح من كل منهما خمسة أشياء تصير المسألة خمسة أشياء تعدل عشرة دراهم فالشيء درهمان ولو قيل عشرة أموال إلا عشرة أشياء تعدل خمسة عشر مالاً غير ثلاثين شيئاً فإذا زدت على كل منهما مستثناهما أربعون شيئاً صار عشرة أموال وثلاثين شيئاً تعدل خمسة عشر مالاً وعشرة أشياء فقابل بطرحهما من الجانبين تصير المسألة إلى خمسة أموال تعدل عشرين فالشيء أربعة والمال ستة عشر.

ثُمَّ أَقولُ بَعدُ في المنازِل
مقالَ إيجازٍ بِلفظٍ شامِل
الجَذرُ في الأولى يَليه المالُ
وبَعدَهُ كَعبٌ لَهُ استئصال
وهكذا رَكب عَلَيهِ أَبَدا
مَا بَلَغت ومَأ تَناهَت عَدَدا

لما فرع من ذكر المسائل الست وما يتعلق بها شرع يذكر منازل الأنواع وترتيبها بلفظ مختصر شامل لها والمنازل هي المراتب التي تحصل فيها الأنواع وهي اصلية وفرعية فالأصلية ثلاثة المنزلة الأولى هي منزلة الجذر والمنزلة الثانية هي منزلة المال والمنزلة الثالثة هي منزلة الكعب والمراد يكون الأولى منزلة الجذر انها التي يحل فيها نوع الجذر وكثيرها وقليلها وكذا الباقي وقد عرفت أول الكتاب تعريف الجذر والمال وأما الكعب فهو الحاصل من ضرب الجذر في المال وقوله له استئصال أي هو اصل من الأنواع الأصلية وكان ينبغي للناظم تقديم هذا وما بعده على المسائل الست كما فعله غيره من المتأخرين لإنه من المبادي وأشار بالبيت الأخير إلى ان المنازل الفرعية تلي المنازل الأصلية الثلاث فهي مرتبة عليها فقوله وهكذا ركب عليه أي ركب على الكعب من حيث المنزلة منازل سائر الأنواع فقل المنزلة الرابعة منزلة مال المال والخامسة منزلة مال الكعب والسادسة كعب الكعب والسابعة مال مال الكعب وهكذا إلى غير نهاية.

وَما ضَربتَه فَخُذ مَنازلَه
تَعرِف بذَاك الأخذ أُسّاً لِحَاصِلِه
ثلاثة لِكُلِّ كَعبٍ كرَّرا
واثنان للمالِ مَتَى ما ذُكرا
وإن ضَرَبتَ عَدَداً في جِنس
فالخارجُ الجِنسُ بِغَيرِ لَبسِ

أشار إلى ضرب الأنواع بعضها في بعض وهو انك إذا ضربت نوعاً في نوع كأموال في أشياء فاضرب عدة مقادير احد النوعين في عدة مقادير النوع الاخر كالعدد فما حصل احفظه واجمع أس المضروبين فما حصل فهو أس حاصل الضرب وأعلم ان الأشياء أسها واحد لإنها في المنزلة الأولى والأموال أسها اثنان لإنها في الثانية والكعوب أسها ثلاثة لإنها في الثالثة وهكذا اما بعدها أس كل مرتبة سميها فإذا تكرر معك في النوع لفظ المال نحو المال أو لفظ الكعب نحو كعب الكعب أو لفظيهما نحو مال الكعب فخذ لكل لفظ مال اثنين ولكل لفظ كعب ثلاثة واجمع المأخوذ فهو أس مرتبة حاصل الضرب فخذ منه لكل اثنين لفظ مال ولكل ثلاثة لفظ كعب وأضف المأخوذ بعضه إلى بعض فالحاصل من ضرب الأشياء في الأشياء أموال لان مجموع اسيهما اثنان وهما أس الأموال والحاصل من ضرب الأشياء في الأموال كعوب ومن الأموال في الأموال أموال مال ومن ضرب الأموال في الكعوب أموال كعوب ومن ضرب الكعوب في الكعوب كعوب فخمسة أشياء في ثلاثة أشياء بخمسة عشر مالاً وفي مالين بعشرة اكعب وفي أربعة اكعب بعشرين مال مال وفي خمسة أموال مال بخمسة وعشرين مال كعب والحاصل من ضرب خمسة أموال في أربعة أموال عشرون مال مال وفي خمسة اكعب خمسة وعشرون مال كعب وفي ستة أموال مال ثلاثون كعب كعب وان ضربت عددا في جنس من المجهولات فالخارج ذلك الجنس بعينه فالحاصل من ضرب العدد في الجذور جذور وفي الأموال أموال وفي الكعوب كعوب فإذا ضربت ثلاثة في جذرين حصل ستة أجذار وفي مالين حصل ستة أموال وفي عشرة اكعب حصل ثلاثون كعب وقوله بغير لبس كمل به البيت.

وَخارجُ القِسمَةِ في النَّوعَين
مَقامُهُ عَد بِغَير مَين

لما فرغ من الضرب شرع في بيان القسمة واعلم إذا المقسوم والمقسوم عليه اما ان يكونا من جنس واحد بان تقسم نوعاً على نوع مثله واما يكون المقسوم اعلا منزلة من المقسوم عليه واما بالعكس فإذا قسمت نوعا على نوع مثله كان الخارج عددا سواء قسمت كثيرا على قليل أو عكسه فإذا قسمت عشرة أشياء على خمسة أشياء أو قسمت عشرين مالاً على عشرة أموال أو ثمانية أكعب على أربعة أكعب خرج اثنان من العدد في الكل وان عكست خرج نصف في الكل فقوله في النوعين أي المتحدين وقوله عد مقامه الخارج من هذه القسمة عدد ولما كان الموضع الذي يحل فيه العدد لا يسمى منزلة سماه مقاما وقوله بغير مين كمل البيت والمين هو الكذب أي بغير كذب.

وَقِسمَةُ الأعلى مِنَ الجِنسَينِ
خَأرِجُها زِيادَةُ الأسَّين
أَعني بِهذا مالَهُ مِن مَنزِلَه
وَعَكـسُها جَوابُه كالمسئله

أي إذا قسمت نوعا اعلى منزلة على نوع انزل منه منزلة فتقسم عدة المقادير المقسومة على عدة مقادير المقسوم عليه فالخارج أسه أي عدد منزلة هو زيادة الأسين أي هو زيادة أس المقسوم على أس المقسوم عليه فإذا قسمت عشرة أموال على خمسة أشياء فاقسم عشرة على خمسة يخرج اثنان واسهما واحد لان زيادة أس المقسوم على أس المقسوم عليه واحد فالخارج شيئان فان قسمت عشرين كعبا على خمسة أشياء فاقسم عشرين على خمسة يخرج أربعة وزيادة أس المقسوم أثنان فهو أربعة أموال وأن قسمت خمسة أكعب على عشرة أشياء خرج نصف المال وقس على ذلك وقوله وعكسها جوابه كالمسألة أي وقسمة الأدنى من الجنسين منزلة على الأعلى جوابها كالسؤال أي كلفظ السؤال أي لفظ جوابه كلفظ سؤاله من غير عمل فإذا قيل اقسم مالين على خمسة اكعب فالجواب مالان مقسومان على خمسة اكعب وإذا قيل اقسم نصف شيء مقسوم على كعبين فالجواب نصف شيء مقسوم على كعبين ولو قيل اقسم عشرة دراهم مقسومة على خمسة أجذار.

وَضَربُ كُلِّ زايِدٍ وَناقِصِ
في مثله زِيادةٌ للفاحِصِ
وَضربُهُ في ضِدِّهِ نُقصانُ
فَافهَم هَداكَ المَلكُ الدّيَان

اعلم انه إذا كان معك استثناء في احد المضروبين أو في كل من المضروبين سمى المثبت زايد والمنفي ناقصاً والحاصل من ضرب الزائد في الزائد زائد ومن ضرب الناقص في الناقص زائد أيضاً وهذا مراده بالبيت الأول وقوله للفاحص أي للباحث عن المسائل الحسابية والحاصل من ضرب الزائد في الناقص أو ضرب الناقص في الزائد يسمى ناقصاً وهذا معنى قوله وضربه في ضده نقصان فتطرح الحاصل الناقص من الحاصل الزائد فالباقي هو الجواب فلو قيل اضرب خمسة أموال في ثلاثة أموال إلا أربعة أشياء فالأموال من الجانبين زائدة لإنها مثبته والأشياء ناقصة لان المستثنى من المثبت منفي فاضرب خمسة الأموال في ثلاثة أموال يحصل خمسة عشر مال مال زائدة لان المضروبين زائدان واضرب خمسة الأموال ايضاً في أربعة الأشياء يحصل عشرون كعبا ناقصة لإنها من ضرب المختلفين فاستثنى الحاصل الناقص من الحاصل الزائد يفضل الجواب وذلك في هذا المثال خمسة عشر مال مال إلا عشرين كعباً ولو قيل اضرب خمسة أشياء في مالين إلا ثلاثة أشياء فالجواب عشرة اكعب إلا خمسة عشر مالاً ولو قيل اضرب عشرة دراهم إلا خمسة أشياء في عشرة دراهم وثلاثة أشياء فخمسة الأشياء ناقصة وما عداها زائد فاضرب عشرة الدراهم في الدراهم العشرة وفي ثلاثة أشياء يحصل مائة درهم وثلاثون شيئاً والحاصلان زائدان فاضرب خمسة الأشياء الناقصة في الدراهم العشرة وفي ثلاثة الأشياء الناقصة في الدراهم العشرة وفي ثلاثة الأشياء أيضاً يحصل خمسون شيئاً وخمسة عشر مالاً والحاصلان ناقصان فأسقطهما من مجموع الزائدين فالجواب مائة درهم إلا عشرين شيئاً وخمسة عشر مالا ولو قيل اضرب عشرة دراهم إلا خمسة أشياء في عشرة دراهم إلا ثلاثة أشياء فالدراهم زائدة في المضروبين وإلا شيئاً ناقصة فيهما فاضرب الزائد في الزائد يحصل خمسة عشرة مالاً والحاصلان زائدان واضرب دراهم الأول في ثلاثة الأشياء وخمسة الأشياء في دراهم الثاني فالحاصلان ناقصان ومجموعهما ثمانون شيئاً فأسقطهما من مجموع الزائدين فالجواب مائة درهم وخمسة عشر مالاً غير ثمانين شيئاً فافهم ذلك فانه اصل كبير.

ثُمَّ صَلاةُ الله والسَّلام
عَلَى النَّبِيِّ ما انجَلى الظَّلام

لما انتهى الكلام على ما أراد ذكره في هذه الأرجوزة ختمها بالصلاة السلام على سيدنا محمد صلى الله وسلم وعلى آله واصحابه وازواجه وسلم تسليماً كثيراً ففي الشفا وغيره أن صلى الله عليه وسلم قال من صلى على في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام اسمي في ذلك الكتاب وهذا ما قصدنا من التعليق والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً.

المصادر عدل

مخطوطات التالية على موقع مكتبة الكونغرس:

  1. هذا كتاب اللمعة الماردنية في شرح الياسمينية في علم الجبر والمقابلة
  2. اللمعة الماردينية