المحبرة في التاريخ/الفصل الأول
الحمدُ لِلهِ المُعيدِ المُبدي
حمداً كثيراً وهو أهل الحمدِ
ثم الصلاةُ أولاً وآخِرا
على النبي باطناً وظاهِرا
يا سائلي عن ابتداءِ الخَلقِ
مسألةَ القاصدِ قصدَ الحقِّ
أَخبرني قومٌ من الثقاتِا
أولو علومٍ وأولو هيئآتِ
وفهموا التوراة والإنجيلا
وعرفوا حقائقَ الأخبارِ
تقدَّموا في طلب الآثارِ
وأحكموا التنزيل والتأويلا
أن الذي يفعلُ ما يشاءُ
ومن له العزةُ والبقاءُ
أنشأ خلقَ آدمٍ إنشاءا
وقدَّ منه زوجهُ حَواءا
مبتدئاً ذلك يومَ الجُمعَة
حتى إذا أكمل منه صُنعَه
أسكنهُ وزوجهُ الجِنانا
فكانَ من أمرهما ما كانا
غرَّهما إبليسُ فاغترَّا بهِ
كما أبانَ الله في كتابهِ
دلَّاهما الملعون فيما صنعا
فأُهبِطا منها إلى الأرض معا
فوقع الشيخُ أبونا آدمْ
بجبلٍ في الهندِ يُدعى واسِمْ
لَبئسما اعتاضَ من الجِنانِ
وعن جوارِ الملكِ المنانِ
والضعفُ من خليقةِ الإنسانِ
لا سيما في أولِ الزمانِ
ما لبِثا في الفوزِ يوماً واحدا
حتى استعاضا منه جهداً جاهِدا
فشقيا وورَّثا الشقاءَ
نسلَهما والهمَّ والعَناءَ
ولم يزل مستغفراً من ذَنبه
حتى تلقى كلِماتِ ربهِ
فأمِنَ السَخطَةَ والعقابا
واللهُ توابٌ على من تابا
ثم استملَّا وأحبَّا النسلا
فحملت حوَّاءُ منه حملا
ووضعت ابناً وبنتاً توأما
فسُرَّ لما سلِمَت وسلِما
واقتنيا الإبنَ فسُمِّي قايِنا
وعايَنا من أمرهِ ما عايَنا
ثم أغَبَّت بعدهُ قليلا
فوضعت متئمةً هابيلا
فشبَّ هابيلُ وشبَّ قايِنُ
ولم يكُن بينهما تباينُ
فقرَّبا لحاجةٍ قربانا
وخضعا للهِ واستكانا
فقُبلَ القُربانُ من هابيلِ
ولم يَفُز قايِن بالقَبولِ
فثار للحِين الذي حُيِّنَ له
إلى أخيه ظالماً فقتله
ثم استفزَّ أختهُ فهربا
وفارقا أماً ألوفاً وأبا
فبعدت دارهما من دارهِ
وزهدا في الخيرِ من جوارهِ