المحبرة في التاريخ/الفصل التاسع

​المحبرة في التاريخ​ المؤلف علي بن الجهم
ملاحظات: الفصل التاسع


حَتّى أَتى اللَهُ وَلِيُّ النِعمَه
بِالحَقِّ مِنهُ رَأفَةً وَرَحمَه
وَاِختارَ لِلناسِ أَبا العَباسِ
مِن أَنجَدِ الناسِ خَيارِ الناسِ
آلِ النَبِيِّ مِن بَني العَبّاسِ
أَئِمَّةٍ أَفاضِلٍ أَكياسِ
فَعادَ نَصلُ المُلكِ في قُرابِهِ
وَرَجَعَ الحَقُّ إِلى أَصحابِهِ
ثُمَّ رَقى المَنبَرَ يَومَ الجُمعَه
في مَسجِدِ الكوفَةِ يُذري دَمعَه
فَقامَ في الدينِ قِيامَ مِثلِهِ
بِرَأيِهِ المَيمونِ حَسبَ فِعلِهِ
وَماتَ بَعدَ أَربَعٍ كَوامِلِ
وَسَبعَةٍ مِن أَشهُرٍ فَواضِلِ
وَقامَ بِالخِلافَةِ المَنصورُ
فَاِستَوسَقَت بِعَزمِهِ الأُمورُ
فَعاشَ ثِنتَينِ وَعِشرينَ سَنَه
يَحمي حِمى المُلكِ وَيُفني الخَوَنَه
ثُمَّ تُوُفّي مُحرِماً بِمَكَّه
فَوَرِثَ المَهدِيُّ عَنهُ مُلكَه
فَعاشَ عَشرَ حِجَجٍ وَشَهرا
وَنِصفَ شَهرٍ ثُمَّ زارَ القَبرا
وَاِستَخلَفَ الهادِيَ موسى بَعدَهُ
وَكانَ قَد وَلّاهُ قَبلُ عَهدَهُ
وَعاشَ موسى سَنَةً وَشَهرَين
تَنقُصُ يَوماً واحِداً أَو اِثنَين
وَقامَ بِالخِلافَةِ الرَشيدُ
المُلكُ المُمَنَّعُ السَعيدُ
فَعاشَ عِشرينَ وَوَفّى عَدَّها
وَعاشَ عامَينِ وَعاماً بَعدَها
وَنِصفَ شَهرٍ ثُمَّ وافاهُ الأَجَل
بِطوسَ يَومَ السَبتِ فَاِنهَدَّ الجَبَل
وَبايَعوا مُحَمَّدَ الأَمينا
وَنَكَثوا البَيعَةَ أَجمَعينا
إِلّا قَليلاً وَالقَليلُ أَحمَدُ
وَالمَوتُ لِلناسِ جَميعاً مَوعِدُ
فَأَمَّنوهُ ثُمَّ قَتَلوهُ
ما هكَذا عاهَدَهُم أَبوهُ
ما عاشَ إِلّا أَربَعاً وَأَشهُرا
حَتّى تَهادوا رَأسَهُ مُعَفَّرا
وَبايَعوا المَأمونَ عَبدَ اللَهِ
فَبايَعوا يَقظانَ غَيرَ ساهِ
وَفّاهُمُ خِلافَةَ المَنصورِ
في عَدَدِ السِنينَ وَالشُهورِ
ثُمَّ أَتى الرومَ فَماتَ غازِيا
كانَ البَذَندونَ المَحَلَّ القاصِيا
وَقُلِّدَ الأَمرَ أَبو إِسحاقِ
فَاِنقَضَّ كَالصَقرِ عَلى العِراقِ
مُعتَصِماً بِاللَهِ غَيرَ غافِلِ
فَأَيَّدَ الأَمرَ بِرَأيٍ فاضِلِ
وَقامَ فيهِم حُجَجاً ثَمانِيا
وَمِثلَها مِنَ الشُهورِ باقِيا
وَنَحوَ عِشرينَ مِنَ الأَيّامِ
وَخَمسٍ اَدْنَتهُ مِنَ الحِمامِ
وَماتَ في شَهرِ رَبيعِ الأَوَّلِ
وَعُمرُهُ خَمسونَ لَم يَستَكمِلِ
فَبايَعوا مِن بَعدِهِ لِلواثِقِ
وَكانَ ذاكَ بِالقَضاءِ السابِقِ
وَلَم يَزَل في بَسطَةٍ وَمَنعَه
خَمسَ سِنينَ وَشُهوراً تِسعَه
وَزادَ أَيّاماً عَلَيها خَمسَه
مَعدودَةً ثُمَّ تَوارى رَمسَه
وَبايَعَ الناسُ الإِمامَ جَعفَرا
خَليفَةَ اللَهِ الأَغَرَّ الأَزهَرا
بَعدَ ثَلاثينَ وَميتَي عامِ
وَبَعدَ حَولَينِ سِوى أَيّامِ
خَلَت مِن الهِجرَةِ في الحِسابِ
في العَرَبي المُحكَمِ الصَوابِ
لِسِتَّةٍ بَقينَ مِن ذي الحِجَّةِ
فَأَوضَحَ السَبيلَ وَالمَحِجَّه
وَقامَ في الناسِ لَهُم خَليفَه
خِلافَةً مُنيفَةً شَريفَه
قَد سَكَّنَ اللَهُ بِهِ الأَطرافا
فَما تَرى في مُلكِهِ خِلافا
أَقامَ عَشراً ثُمَّ خَمساً بَعدَها
مِنَ السِنينَ فَأَبانَ مَجدَها
ثُمَّ تَوَلّى قَتلَهُ الفَراغِنَه
وَساعَدَتهُم عِصبَةٌ فَراعِنَه
لِأَربَعٍ خَلَونَ مِن شَوّالِ
فَأَصبَحَ المُلكُ أَخا اِختِلال
وَبايَعوا مِن بَعدِهِ لِلمُنتَصِر
فَأَصبَحَ الرابِحُ مِنهُم قَد خَسِر
فَعاشَ في السُلطانُ سِتَّةَ اَشهُرِ
أَخرَجَهُم مِن مُلكِهِ وَالعَسكَرِ
ثُمَّ أَتاهُ بَغتَةً حَمامُهُ
سُبحانَ مَن يُعاجِلُ اِنتِقامُهُ
فَاِنتَخَبَ اللَهُ لَهُم إِماما
يُؤَيِّدُ اللَهُ بِهِ الإِسلاما
وَبايَعوا بَعدَ الرِضا لِأَحمَدِ
المُستَعينِ بِالإِلهِ الأَحَدِ
وَكانَ في العِشرينَ مِن وُلاتِها
مِن آلِ عَبّاسٍ وَمِن حُماتِها
فَنَحنُ في خِلافَةٍ مُبارَكَه
خَلَت عَن الإِضرارِ وَالمُشارَكَه
فَالحَمدُ لِلَّهِ عَلى إِنعامِهِ
جَميعُ هذا الأَمرِ مِن أَحكامِه
ثُمَّ السَلامُ أَوَّلاً وَآخِرا
عَلى النَبِيُّ باطِناً وَظاهِرا