المحبرة في التاريخ/الفصل الثامن
ثُمَّ تولّى أمرهم معاويه
فعاش عشراً بعدَ عشر خاليَه
حَتّى إِذا أَوفاهُمُ عِشرينا
ماتَ مِن التاريخِ في سِتّينا
وَمَلَكَ الأَمرَ اِبنُهُ يَزيدُ
لا حازِمُ الرَأيِ وَلا رَشيدُ
وَقُتِلَ الحُسَينُ في زَمانِهِ
أَعوذُ بِالرَحمنُ مِن خُذلانِهِ
وَإِنَّ ما عاشَ ثَلاثُ حُجَجِ
وَأَشهُرٌ مِن بَعدِ حَملِ المَخرَجِ
ثُمَّ ابنه مُعَيَّةُ المُضعَّفُ
كان له دينٌ وعقلٌ يُعرفُ
فدام شهراً ثمَّ نصفَ شهرِ
وجاءه الموتُ عزيزَ الأمرِ
وتركَ الناسَ بغير عهدِ
توقّياً منهُ وفضلَ زهدِ
وَفُوِّضَ الأَمرُ إِلى مَروانِ
بَعدَ يَزيدَ وَهُوَ شَيخٌ فانِ
فَقَتَلَ الضَحّاكَ في ذي القِعدَه
بِدارِصٍ ثُمَّ اِستَمالَ جُندَه
وَلَم يَعِش إِلّا شُهوراً عَشرَه
وَلَيسَ شَيءٌ يَتَعَدّى قَدرَه
وَلَم يَزَل اِبنُ الزُبيرِ بَعدَهُ
تِسعَ سِنينَ لَيسَ يَألو جُهدَهُ
مُعتَصِماً بِالكَعبَةِ الحَرامِ
مُمتَنِعاً مِن إِمرَةِ الشآمِ
حَتّى تَوَلّى قَتلَهُ الحَجّاجُ
مِن بَعدِ ما ضاقَت بِهِ الفِجاجُ
وَكانَ هَدمُ الكَعبَةِ المَصونَه
وَوُقعَةُ الحَرَّةِ بِالمَدينَه
وَقامَ عَبدُ المُلكِ بنُ مَروان
مُستَنهِضاً لِلحَربِ غَيرَ وَسنان
حَتّى إِذا دانَت لَهُ الآفاقُ
وَأَقفَرَت مِن مُصعَبَ العِراقُ
وَمِن أَخيهِ البَلَدُ الحَرامُ
وَخافَ مِن سَطوَتِهِ الأَنامُ
ماتَ وَقَد عاشَ ثَلاثَ عَشرَه
وَأَشهُراً أَربَعَةً بِالإِمرَه
وَمَلَكَ الناسَ اِبنُهُ الوَليدُ
وَعِندَهُ الأَموالُ وَالجُنودُ
سَبعَ سِنينَ بَعدَها ثَمانِيَه
كامِلَة مِن الشُهورِ وافِيَه
ثُمَّ سُلَيمانُ بنُ عَبدِ المُلكِ
اِختيرَ لِلعَهدِ وَلَمّا يَترُكِهُ
فَعاشَ حَولَينَ وَثُلثَ حولِ
ثُمَّ أَتى دابِقِ مُرخى الذَيلِ
فَماتَ وَاِستَولى عَلى الأَمرِ عُمَر
بِسيرَةٍ مَحمودَةٍ بَينَ السِيَر
فَعاشَ عامَينِ وَنِصفَ عامِ
بِديرِ سَمعانَ سِوى الأَيّامِ
ثُمَّ تَوَلّى أَمرَهُم يَزيدُ
وَاللَهُ فَعالٌ لِما يُريدُ
وَهُوَ مِن أَولادِ عَبدِ المَلِكِ
ثالِثُهُم في عَهدِهِ المُشتَرِكِ
فَعاشَ حَولَينِ إِلى حَولَينِ
تَزيدُ أَشهُراً قَريرَ العَينِ
ثُمَّ تَوَلّى بَعدَهُ هِشامُ
أَخوهُ فَاِعتَدَّت لَهُ الأَقوامُ
فَلَم يَزَل عِشرينَ عاماً والِيا
إِلّا شُهوراً خَمسَةً بِواقِيا
ثُمَّ الوَليدُ بنُ يَزيدَ القاتِلُ
تَعاوَرَتهُ الأُسُدُ البَواسِلُ
مِن بَعدِ شَهرَينِ وَبَعدَ عامِ
وَبَعدَ عِشرينَ مِن الأَيّامِ
وَنَصَبَ الحَربَ لَهُ اِبنُ عَمِّهِ
مُستَنكِراً سيرَتَه بِزَعمِهِ
فَقُتِلَ الوَليدُ بِالبَخراءِ
مِن بَعدِ أَن أَثَخنَ بِالأَعداءِ
ثُمَّ يَزيدُ بنُ الوَليدِ الناقِصُ
عافَصَه الحينُ الَّذي يُعافِصُ
فَلَم يَعِش إِلّا شُهوراً سِتَّه
حَتّى أَزالَتهُ المَنايا بَغتَه
وَبايَعوا مَروانَ أَجمَعينا
فَكانَ حِصناً لَهُمُ حَصينا
وَلَم يَزَل خَمسَ سِنينَ وافِيَه
يَملُكُهُم وَأَشهُراً ثَمانِيَه