المحبرة في التاريخ/الفصل السابع
ثُمَّ أَزالَ الظُلمَةَ الضِياءُ
وَعاوَدَت جِدَّتَها الأَشياءُ
وَدانَتِ الشُعوبُ وَالأَحياءُ
وَجاءَ ما لَيسَ بَهِ خَفاءُ
أُتاهُمُ المُنتَجَبُ الأَواهُ
مُحَمَّدٌ صَلّى عَلَيهِ اللَهَ
أَكرَمُ خَلقِ اللَهِ طُرّاً نَفسا
وَمَولِداً وَمَحتَداً وَجِنسا
يَغشى لَهُ بِالشَرفِ الأَشرافُ
لا مِريَةٌ فيهِ وَلا خِلافُ
أَقامَ في مَكَّتِهِ سِنينا
حَتّى إِذا اِستَكمَلَ أَربَعينا
أَرسَلَهُ اللَهُ إِلى العِبادِ
أَشرِف بِهِ مِن مُنذِرٍ وَهادِ
فَظَلَّ يَدعوهُم ثَلاثَ عَشرَه
بِمَكَةٍ قَبلَ حُضورِ الهِجرَه
ثُمَّ أَتى مَحَلَّةَ الأَنصارِ
في عُصبَةٍ مِن قَومِهِ خِيارِ
أَوَّلُهُم صاحِبُهُ في الغارِ
أَفضَلُ تِلكَ العِصبَةِ الأَبرارِ
صِدّيقُها الصادِقُ في مَقالِهِ
المُحسِنُ المُجمِلُ في أَفعالِهِ
وَذاكَ في شَهرِ رَبيعِ الأَوَّلِ
لِلَيلَتَينِ بَعدَ عَشرٍ كُمَّلِ
فَسُرَّتِ الأَنصارُ بِالمُهاجِرَه
وَكُلُّهُم يُؤثِرُ دارَ الآخِرَه
وَاِحتَشَدَت لِحَربِهِ القَبائِلُ
فَثَبَتَ الحَقُّ وَزالَ الباطِلُ
فَلَم يَزَل في يَثرِبٍ مُهاجِرا
عَشرَ سِنينَ غازِياً وَنافِرا
حَتّى إِذا ما ظَهَرَ الإيمانُ
وَخَضَعَت لِعِزِّهِ الأَوثانُ
وَبَلَّغَ الرِسالَةَ الرَسولُ
وَوَضَحَ التَأويلُ وَالتَنزيلُ
وَعُرفَ الناسِخُ وَالمَنسوخُ
وَكانَ مِن هِجرَتِهِ التاريخُ
ناداهُ مَن رَبّاهُ فَاِستَجابا
مِن بَعدِ ما اِختارَ لَهُ أَصحابا
عَدَّلَهُم في مُحكَمِ الكِتابِ
لِعَبدِهِ وَلِذَوي الأَلبابِ
مِن سورَةِ الحَشرِ وَفي آياتِ
من القُرَانِ غيرِ مُشكِلاتِ
قامَ أَبو بَكر الَّذي وَلّاهُ
أَمرَ صَلاةِ الناسِ وَاِرتَضاهُ
فَعاشَ حَولَينِ وَعاشَ أَشهُرا
ثَلاثَةً تَزيدُ ثُلثاً أَوفَرا
وَماتَ في شَهرِ جمادى الآخِرَه
يَومَ الثُلاثاءِ لِسَبعٍ غابِرَه
وَكانَتِ الرِدَّةُ في أَيّامِهِ
فَصَلَحَ النَقضُ عَلى إِبرامِهِ
وَقامَ مِن بَعدِ أَبي بَكرٍ عُمَرْ
فَبَرَزَت أَيّامُهُ تِلكَ الغُرَرْ
تَضَعضَعَت مِنهُ مُلوكُ فارِسِ
وَخَرَّتِ الرومُ عَلى المَعاطِسِ
أَسلَمَ كِسرى فارِسٍ إيوانُهُ
وَأَصبَحَت مَفروسَةً فُرسانُهُ
وَأَجلَت الرومُ عَن الشآمِ
وَأَدبَرَت مَخافَةَ الإِسلامِ
وَدانَتِ الأَقطارُ لِلفاروقِ
وَاِتَّسَعَت عَلَيهِ بَعدَ الضيقِ
وَوَهَبَ اللَهُ لَهُ الشَهادَهْ
جاءَ فَدَلَّتهُ عَلى السَعادَهْ
وَذاكَ مِن بَعدِ سِنينَ عَشرِ
وَشَطرِ حَولٍ يا لَهُ مِن شَطرِ
وَقامَ عُثمانُ بنُ عَفّانَ الرِضا
بِالأَمرِ ثِنتَي عَشرَةٍ ثُمَّ مَضى
مُستَشهداً عَلى طَريقِ الحَقِّ
لَم يَثنِهِ عَنهُ بِبابِ الطُرقِ
وَفُوِّضَ الأَمرُ إِلى عَلِيِّ
الهاشِمِيِّ الفاضِلِ الزَكِيِّ
فَقامَ بِالأَمرِ سِنينَ أَربَعا
وَتِسعَةً مِن الشُهورِ شَرعا
ثُمَّ مَضى مُستَشهداً مَحمودا
عاشَ حَميداً وَمَضى مَفقودا
وَكانَ هذا عامَ أَربَعينا
مِنها اِنقَضَت مِن عِدَّةِ السِنينا
وَاِنتَقَلَ الأَمرُ عَن المَدينَهْ
وَكانَ حَقاً ما رَوى سَفينَه
عَن النَبِيِّ في وُلاةِ الأُمَّه
مِنَ المُلوكِ وَمِنَ الأَئِمَّه