المحبرة في التاريخ/الفصل السادس

​المحبرة في التاريخ​ المؤلف علي بن الجهم
ملاحظات: الفصل السادس


وَلَم يَزَل اِبنُ الخطوبِ اليَسَعُ
يَردَعُهُم دَهراً فَلَم يَرتَدِعوا
وَسُلِبوا التابوتَ مِن بَعدِ اليَسِعْ
وَماتَ اليادُ اِسمُهُم مِن الحَذعْ
وَظَهَرَت عَلَيهِمُ الأَعداءُ
وَعَمَّهُم بَعدَ الهُدى العَماءُ
فسأَلوا نبيَّهم سُمويلا
أنَّ يستقيل الملكَ الجليلا
وَسَأَلوهُ أَن يُوَلّي والِيا
عَلَيهِمُ يُقاتِلُ الأَعادِيا
وَعاهَدوهُ أَن يُطيعوا أَمرَهُ
وَأَن يُعِزّوهُ وَيُعلوا قَدرَهُ
فَبَعَثَ اللَهُ لَهُم طالوتا
فَاِتَّبَعوهُ وَغَزوا جالوتا
وَكانَ داودُ أَقامَ بَعدَهُ
في أَهلِهِ ثُمَّ أَتاهُ وَحدَهُ
وَكَلَّمَتهُ صَخرَةٌ صَمّاءُ
نادَتهُ حَيثُ يَسمَعُ النِداءُ
خُذني فَإِنّي حَجَرُ الخَليلِ
يُقتَلُ بي جالوتُ عَن قَليلِ
وَكانَ أَيضاً سَأَلَتهُ قَبلَها
صَخرَةُ إِسحاقَ النَبِيِّ حَملَها
فَشاهَدَ الحَربَ عَلى أَناتِهِ
وَاِصطَكَّتِ الأَحجارُ في مُخلاتِهِ
وَكُلُّها يَطمَعُ في إِسدائِهِ
مُنتَقِمٌ لِلَّهِ مِن أَعدائِهِ
فَنالَ داودُ بِبَعضِهِنَّهْ
جالوتَ إِذ كانَت لَهُ مَظَنَّهْ
فَأَهلَكَ اللَهُ لَهُ عَدُوُّهْ
وَفازَ بِالمُلكِ وَبِالنُبُوَّهْ
وَكانَ طالوتُ لَهُ حَسودا
فَأَظفَرَ اللَهُ بِهِ داودا
وَكانَ قَد أَسَّسَ بَيتَ المَقدِسِ
بورِكَ في الأَساسِ وَالمُؤَسِّسِ
وَإِنَّما تَمَمَّهُ سُلَيمانْ
مِن بَعدِهِ حّتى اِستَقَلَّ البُنيانْ
وَكانَ قَد وَصّاهُ بِاِستِمامِهِ
داودُ إِذ أَشفى عَلى حِمامَهِ
وَقامَ بِالمُلكِ سُلَيمانُ المُلِكْ
نَحوَ اَربَعينَ سَنَةً حَتّى هَلَكْ
وَكانَ مِن أَولادِهِ عِشرونا
مِن بَعدِهِ بِالمُلكِ قائِمونا
ثُمَّ أَزالَ المُلكَ بُختَنَصَّرُ
عَنهُم فَقامَ بَعدَهُم وَقَصَّروا
وَخَرَّبَ الشَقِيُّ بَيتَ المَقدِسِ
وَكانَ مَشغوفاً بِقَتلِ الأَنفُسِ
وَماتَ بِالرَملَةِ عَن بَنينا
مِن بَعدِهِ بِالمُلكِ قائِمينا
فَقَتَلَ الأَخيرَ مِن بَنيهِ
دارا وَصارَ مُلكُهُم إِلَيهِ
وَكانَ في زَمانِهِ أَيّوبُ
الصابِرُ المُحتَسِبُ المُنيبُ
وَبَعدَ أَيّوبَ اِبنُ مَتّى يونُسُ
وَفيهِ لِلَّهِ كِتابٌ يُدرَسُ
وَيونِسٌ وَلّى فَقامَ شَعيا
فَأَنزَلَ اللَهُ عَلَيهِ الوَحيا
وَقيلَ إِنَّ الخِضرَ مِن إِخوانِهِ
وَإِنَّهُ قَد كانَ في زَمانِهِ
وَزَكَرِيّاءُ وَيَحيى الطاهِرُ
قَد أَنذَروا لَو أَغَنتَ المَناذِرُ
كِلاهُما أُكرِمَ بِالشَهادَهْ
فَسَعِدا وَأَيَّما سَعادَهْ
وَكانَ يَحيى أَدرَكَ اِبنَ مَريَمِ
طِفلاً صَغيراً في الزَمانِ الأَقدمِ
وَبَعدَ ذاكَ مَلَكَ الإِسكِندَرُ
وَالإِسمُ ذو القَرنينِ فيما يَذكُرُ
وَكانَ عيسى بَعدَ ذي القَرنينِ
بِنَحوِ خَمسينَ وَمائَتَينِ
يَنقُصُ حَولاً في حِسابِ الرومِ
بِذِكرِهِ في الخَبَرِ المَعلومِ
وَكانَ في أَيّامِهِ الأَشغانون
وَهُم مُلوكٌ لِلبِلادِ غَرين
فَجَذَّهُم بِالسَيفِ أَردَشيرُ
ثُمَّ اِبنُهُ مِن بَعدِهِ سابورُ
وَاِنقَطَعَ الوَحيُ وَصارَ مُلكا
وَأَعلَنوا بَعدَ المَسيحِ الشِركا
فَخَصَّ بِالطَولِ بَني اِسماعيلِ
أَضافَهُم بِالشَرَفِ الجَليلِ
فَلَزِمَت مَكَّةَ وَالبَوادِيا
وَحَلَّت الأَريافَ وَالحَواشِيا
وَظَهَرَت بِاليَمنِ التَبابِعَهْ
شَمرُ بنُ عَبسِ وَمُلوكٌ خالِعَهْ
وَاِستَولَتِ الرومُ عَلى الشاماتِ
فَآثَرَت رَفاهَةَ الحَياةِ
وَأجمَعَت لِلفُرسِ أَرضَ بابِلِ
وَقَنَعَت بِآجِلٍ مِن عاجِلِ
فَهذِهِ جُملَةُ أَخبارِ الأُمَمْ
مَنقولَةٌ مِن عَرَبٍ وَمِن عَجَمْ
وَكُلُّ قَومٍ لَهُمُ تكثيرُ
وَقَلَّما تُحَصَّلُ الأُمورُ
وَعُمِّيَتْ في الفَترَةِ الأَخبارُ
إِلّا الَّتي سارَت بِها الأَشعارُ
وَالفُرسُ وَالرومُ لَهُم أَيّامُ
يَمنَعُ مِن تَفخيمِها الإِسلامُ
وَإِنَّما يَقنَعُ أَهلُ العَقلِ
بِكُتبِ اللَهِ وَقَولِ الرُسلِ