النفس الضـائعة
النفس الضـائعة
أئنّـي أنا؟ أم ذاك رمزٌ لغابرِ
لأنكرتُ من نفسي أخصّ شعائري!
لأنكرتُ إحساسي وأنكرتُ منزعي
وأنكرتُ آمالي، وشتّى خواطري
وأنكرتُ شعري: وهو نفسي بريئةٌ
ممحضة من كل خلطٍ مخامرِ
وتفصلني عما مضى من مشاعري
عهـود وآباد طوال الدياجرِ!
وأحسبها ذكرى، ولكنّ بُعدها
يخيل لي: أن لم تمر بخاطري!
أنقبُ عن ماضيّ بين سرائري
فألمحهُ كالوهمِ، أو طيف عابرِ
أعيشُ بلا ماضٍ كأنيَ نبتةٌ
على السطح تطفو في مهب الأعاصر
وما غابرُ الإنسان إلا جذورهُ
فهل تمّ نبتٌ دون جذرٍ مؤازر؟
وقد يتعزّى المرء عن فقد قابلِ
فكيف عزاء المرء عن فقد غابرِ؟
أنقب عن نفسي التي قد فقدتها
بنفسي التي أحيا بها غير شاعرِ!
وأطلبها في الروض إذ كان همها
تأمله يفضي بتلك الأزاهر
وفي الليل إذ يغشى، وكانت إذا غفا
تيقّظ فيها كل غاف و سادر!
وفي الليلة القمراء إذ تهمس الرؤى
وتومئ للأرواح إيماء ساحرِ
وفي الفجر والأنداء يقطرن والشذى
يفوح، ويشجى سمعَهُ لحن طائر
وفي الحب إذ كانت شواظا وحرقة
ومهبط آمال ومطمح ثائر
وفي النكبة النكباءُ والغبطة التي
تجود بها الأقدار جود المحاذرِ
ولكنني أيئستُ أن ألتقي بها
وتاهت بواد غامر التيهِ غائر
سأحيا إذن كالطيف ليست تحسه
يدان ولا يجلوهُ ضـوء لناظرِ!