بان السفاه وأودى الجهل والسرف
بانَ السَّفاهُ وأودى الجهلُ والسَّرَفُ
بانَ السَّفاهُ وأودى الجهلُ والسَّرَفُ
وفي التُّقى بعدَ إفراط الفتى خَلَفُ
وقد كَسَانيَ شيباً قد غَنيتُ بهِ
مر الليالي مع الأيام تختلف
وزال أيدي، وشيبي ما يزايلني
وآل مني وشيب الرأس مختلف
حتى إذا الدهر بلاني وغيرني
كما يُغيِّرُ جسْمَ المُخصِبِ العَجفُ
قالت لي النفس سراً إذ خلوت بها
والنفس صادقةٌ لو أنها تقف
من ير في ولده أيداً يسر به
تَهِنْ قُوى شيخِهِ والشيخُ منحذفُ
ذَرِ الشبابَ فلا تتَبعْ لذاذتَهُ
إنَّ الذي يتبعُ اللذاتِ مُقترِفُ
إنَّ الشبابَ جُنونٌ شَرْخُ باطِلِهِ
يُقيمُ غضّاً زماناً ثمّ ينكشف
من يعله الشيب لم يحدث له عظةً
فذاك من سوسه الإفراط والعنف
والناسُ منهمْ أفينٌ مالَهُ سَبَدٌ
ومنهُمُ جامعٌ للمالِ مُحترفُ
ليسوا سواءً، جسورٌ ذو مُزابنةٍ
عندَ الأمورِ ولا الهيّابة القُصُفُ
إني امرؤٌ صاف عني من يشاحنني
وردني أهل ودي معشرٌ أنف
ومعشرٌ أكلوا لحمي بلا ترةٍ
ولو ضربت أنوفاً منهم رعفوا
لا يأسفون وقد أعذبت ألسنهم
ولو يظنون أن أعنى بهم أسفوا
ألست أبين منهم غير أنهم
همُ اللئامُ إذا ما استُشْرِفوا عُرِفوا
وقد تكنفهم لؤمٌ أحاط بهم
كما أحاطَ برأسِ النخلةِ السَّعَفُ
ومن يكن ذا عدو لا يواقعه
إلا وعيداً فإن الهيبة الصلف
فلا تهابن أسفاراً وإن بعدت
إن هابَها عاجزٌ في عودِهِ قَصَفُ
قد يرجع المرء لا ترجى سلامته
وقد يُصيبُ طويلَ القِعْدةِ التَّلَفُ
هذا لهذا، فمال بال التي وعدت
وكان من وعدها الليان والخلف
لا تتقي الله في صادٍ يهيم بها
متيمٍ مقصدٍ كأنه دنف
فإن تصب قلبه يوماً بأسهمها
يكنْ عَلَيْها ومِنْها الإثْمُ والجَنَفُ
وإن تنله يعش ميتٌ به رمقٌ
أَحْياهُ مِنْ جودِها الإفضالُ والعُرُفُ
تسبي القلوب بوجهٍ لاكفاء له
كالبدر تم جمالاً حين ينتصف
تحت الخمار لها جثلٌ تعكفه
مثلُ العثاكيلِ سُوداً حِينَ تُقْتَطَفُ
لها صحيفة وجهٍ يستضاء بها
لم يَعْلُ ظاهِرَها بَثْرٌ ولا كَلَفُ
عَيْناءُ حَوْراءُ في أشفارِها هَدَبٌ
ولَيْسَ في أَنْفِها طولٌ ولا ذَلَفُ
تفتر عن واضحٍ غر مناصبه
عَذْبٌ يَهَشُّ لهُ ذو النّيقةِ الطَّرِفُ
ما قرقفٌ خالطت مسكاً تشاب به
يوماً بأطيبَ منها حين تُرْتَشَفُ
لها كلامٌ تخل القلب بهجته
كأنَّهُ زَهْوُ نَخْلٍ منهُ يُخترفُ
ترتج أوصالها لما مشت فضلاً
عجزاءُ عبهرَةٌ في كشحِها هَيَفُ
وقد غداها صَريفُ المَحْضِ تَشْربُهُ
وقارِصٌ والذي مِنْ دونهِ الخَصَفُ
أضحت شطيراً بدارٍم تلائمني
وحالَ من دونِها الصَمّانُ والنَّجَفُ
حَلَّتْ بِيَثرِبَ داراً ـ دارَ نعمتِهاـ
وحالَ من دونِها الأبوابُ والغُرَفُ
فقد غَشيتُ لها داراً تُشَوِّقُني
فالعين ساكبةٌ بملئها تكف
دارٌ تغربلها ريحٌ وتنخلها
فكل تربٍ بها بالهيف منتسف
وقد أَرَبَّ بِها مُستَأْسِدٌ ذَكَرٌ
جَوْنُ السَّحابِ مُلِثُّ الهَمْرِ مُؤْتَلَفُ
منه رُكامٌ على غَيْمٍ تَجَلَّلَهُ
مُرقَّعٌ بِرَبابِ المُزْنِ مُخْتَصِفُ
إذا تألَّقَ من جَوْنٍ بَوارقُهُ
تكاد أبصار عين الوحش تختطف
وإن تلهف خلت الأرض قد رجفت
وجاد منه روايا كلها قطف
روّى القراراتِ منهُ فهي مُفْعَمةٌ
كما ارتوتْ من حياضِ المُستقى الزُّلَفُ
فالنبت منه خضوبٌ بعدها ورقٌ
واخضر من صوبه الصبغاء والغرف
وقد كَسَاها رياضاً زانَها صَبَحٌ
بها كواكب زهرٌ كلها سرف
فالعين مطفلةٌ ترعى مساربه
وهْي لأوْطانِها من خِصْبِها أُلُفُ
والحمر تطردها ربعٌ محنبةٌ
تفوت أرجلها أيدٍ لها خنف
كأنّهُ فوقَهُ لمّا علا، الكَسَفُ
تَخْدي بِها نُقَضٌ مِنْ تحتِهَا نُسُفُ
يرفع فوديه إن جد الجراء به
أَوْرَقُ أَخْرَجُ في ظُنْبوبِهِ سَقَفُ
كلُّ الوُحوشِ مطافيلٌ تَرَبَّعُها
تَرْعى بُقَيْلاً وبَقْلاً وهو مُؤْتَنِفُ
فالربع عافٍ ودمع العين منسكبٌ
أبكي الرسومَ بها طوْراً وأعترِفُ
نُؤْيٌ وسُفْعٌ ومَشْجوجٌ ومُلْتَبِدٌ
ومائلٌ رأسُهُ بالفِهْر مُنقَصِفُ
وما بُكائيَ في رَبْعٍ شُعِفتُ بهِ
وخلتي غربةٌ من دارها قذف
وحُرْمةٍ بعدَها مَجْهولةٌ حُرَمٌ
ما إنْ بِها جُوفةٌ تُرعى ولا لَصَفُ
كأن أصداءها والليل كاربها
أصواتُ قوْمٍ إذا ما أَظْلموا هَتَفوا
يسمع فيها الذي يجتاب قفرتها
أَصْواتَ جِنٍّ إذا ما أَعْتَموا عَزَفوا
للجُونِ فيها عِيالٌ فيي أفاحِصِها
بِجَوْفَةٍ ما بِها أَثْلٌ ولا نَضَفُ
خوضٌ مزغبةٌ تحتك قد بثرت
كأنَّما ثارَ في أبشارِها الحَصَفُ
قد جُبْتُها وظلامُ الليلِ أقطعُهُ
وقد عراني من شمس الضحى كنف
تَشْوي جَنادبَها من حَرِّ جاحِمِها
لمّا توقَّدَ منها السهلُ والظلف
أظل بعض المها بعضاً إذا كنست
كما تُظِلُّ ظِباءَ القفرةِ القَطَفُ
بِجسْرةٍ كَعلاةِ القَيْنِ دَوْسَرَةٍ
في حد مرفقها عن زورها جنف
تسمو بأتلع مثل الجذع يقدمها
عَرْفاءُ غَرْباءُ في حَيْزومِها جَوَفُ
قد قذفت بلكيك النحض أعظمها
كأنَّ غارِبَها من طُولِهِ هَدَفُ
ما راجنٌ من بنات الفحل قد رجنت
ونوقت وبناها الزرد والعلف
يوماً بأنجبَ منها حينَ تركبُها
ولا بأبخل ذِلاًّ يومَ تُعْتَنَفُ
كأنّها بعدَما طالَ الهِبابُ بِها
مُوَلَّعٌ أَسْفَعُ الخدَّينِ مُشْتَرِفُ
تلوح منها على الأصبار دابرةٌ
كأنَّها بَيْن رَوْقَيْ رأسِهِ كَشَفُ
بات بفيحان يجلو البرق متنته
كأنّهُ من ثيابِ القِهْزِ مُلتَحِفُ
مجتابَ أرطاةِ حِقْفٍ فهي تَسْتُرُه
مع كل وجهٍ يكف الريح منصرف
تَبُلُّهُ فَيْضَحٌ بِالوَدْقِ تَغْسِلُهُ
كأنه فوق ضاحي متنه النطف
حتى إذا الصبح ساق الليل يطرده
وزال عنه وعن أرطاته السدف
ثارت به ضمرٌ قبٌّ مقلدةٌ
كالقدح يجذمها صوحان أوثقف
فجال منها على وحشيه عجلاً
لايجعل الشد ديناً حين يغترف
وهي سراعٌ تثير النقع شاحيةً
كأنه فوق لما علا الكسف
تَخْضَعُ طَوْراً وتَطْفو كلّما طَحَرتْ
مثلَ اليعاسيبِ في آذانِها غَضَفُ
حتّى إذا أَرْهَقَتْهُ كَرَّ مُمْتنِعاً
كأنه طالبٌ بوتره أسف