بحمد مولانا البديع يفتتح

بحمدِ مولانا البديع يُفتتحْ

​بحمدِ مولانا البديع يُفتتحْ​ المؤلف رفاعة الطهطاوي


بحمدِ مولانا البديع يُفتتحْ
بديعُ نظمٍ زانه نَظْمُ المُلَحْ
من الأراجيز ولكن قد رجَحْ
ميزانُ بحره بلقطِ الدر
ممدوحُنا محمدٌ السعيدُ
عزيزُ مصر بالعلا معيدُ
وهل مجال في الولا بعيدُ
إلا ويَرقاهُ بأدنى يُسرِ
تحسينُ مصر صار جُلَّ مقصده
وجالَ في مصدره وموردِه
وفي جليلِ فكره وخَلده
قد انجلى تخليدُ عالي الفخر
أنعشَ روحَ الفتية المصريهْ
براح حب الوطن القسريه
حتى غدت نفوسهم سَرِيَّةْ
فصحَّ فوزُ صحوِهم بالسُّكرِ
هاموا بحب الوطن العزيزِ
فصار ميلُهم لدى غريزي
ومذ كسوْه حليةَ التعزيزِ
وأنفقوا فيه نَفِيسَ العمرِ
حمىً حوى نهايةَ الأصانه
وغايةَ التمكّن والحصانَه
روضٌ إذا هزَّ الصبا أغصانه
ترى عواملَ القنا والسمرِ
حمىً منيعُ الجاه من له التجا
أشارتْ البشرى إليه بالرجا
ما حله عافٍ لجا إلا نجا
من ضيقِ أمرٍ أو حلولِ أسر
فياله من حرمٍ وركنِ
صرِّح بذكر أمرِه وكنِّي
عليه منطقُ الملوك يُثنِّي
عزيزه درةُ تاجِ العصر
إن رمتَ وصفه على التحقيقِ
فمنظرُ العدل به حقيقي
وفىَّ له بأكمل الحقوقِ
ولم يزلْ مآلنا في البر
أميرُ عصر هل يُرى نظيره
حبُّ الفخار والعلا سَميره
نصيرهُ مولاه بلى ظهيره
بعون مولاه قويِّ الظهر
أعلا عمادَ الملك نحو الأوجِ
بعد اضطرابٍ وهياجِ موْجِ
بنظم فوْجٍ أو بنثر فوج
والنظمُ ما أحلاه بعد النثر
يا حبذا نظمُ الصنوف الأربعِ
من الصفوف في مقامٍ أرفعِ
نوعُ السواري وضروبُ المدفع
ومعشرُ المشاة أُسْدُ الكرِّ
رجالُها قد أحرزوا فنونَها
أبطالها قد أبرزوا مكنونَها
وطالما سام السَّوَى مرصونَها
وجادَ بالروح لها في المهر
هل بَلغ اسكندرٌ أن مصرَا
ترجفُ مُلكَ قيصرٍ وكسرى
كم قَلْبِ جيشٍ أورثته كَسْراً
وقلَّ أن يُجبرَ بعد الكسر
هل بلغ الماضين أن النيلا
يخصُّ بالثناءِ إسماعيلا
عموم نفعِه غدا جَزيلا
كل لياله ليالي القدرِ
من قبله صعيدنا الخصيبُ
هل خصَّهُ من الهنا نَصيبُ
عزيزنا اجتهاده يصيبُ
يَروى حديث مجده عن بشر
أيامُه لعزنا مظاهرُ
جدٌ وإقبالٌ ومجدٌ باهرُ
يمنٌ وإسعادٌ جليٌّ ظاهرُ
أوضحُ من ضوء الدراري الغرِّ
بوارقُ المجد إلهي تُنسبُ
سرادقُ الحمد عليه تُنصبُ
وصادقُ الوعد لسانٌ يُعرب
عن مابه يبسم ثغرُ الدهر
أنجاله قرتْ بهم عيونُ
فَلاحهم محققٌ مضمونُ
وجوهرُ المجد لهم مكنون
على المدا يشرحُ كل صدر
كل كريم يجلبُ الإسعَادا
وينجبُ الأبناء والأحفادا
شاد العلا بين الملا وسادا
لا غروَ أن نعيذهم بالفجر
ونسأل المولى بلوغَ القصدِ
للداوري واكتمالِ السعد
إدراكُ آمالٍ بغير عدّ
طلابها متوجٌ بالنصر