بدا والصبح غار على الظلام

بدا والصُّبحُ غَارَ على الظَّلامِ

​بدا والصُّبحُ غَارَ على الظَّلامِ​ المؤلف عبد الغفار الأخرس


بدا والصُّبحُ غَارَ على الظَّلامِ
وعِقدُ النَّجم محلول النظامِ
فحيَّا بالرُّضاب وبالحميّا
فأحيا بالرّضاب وبالمدامِ
إذا ما الشيخ في الكأس احتساها
غدا في الحال أنشط من غلام
لئنْ علَّلتني يا صاح يوماً
بأحبابي فَعَلَّلْني بجام
دعا عنّي الملامة في التصابي
فقد روَّعتماني بالملام
ألا صاحبيَّ وبي غرام
أعيناني على داءِ الغرام
ويا ريح الصَّبا النجديّ بلِّغْ
سليمى يا صبا نجد سلامي
ومن لي بالكرى يوماً لعلي
أرى طيفَ المليحة بالمنام
وما أنسى لها في الركب قولي
وقد نظرت لأجفان دوامي
نحولي ما بخصرك من نحولٍ
وسقمي ما بطرفك من سقام
سقى الأثلاث في سلع سيولاً
فقد جَلَبَتْ حمائِمها حمامي
بكيتُ وما بكت في الدَّوح وُرْقٌ
تظنّ هيامها أبداً هيامي
ولو كان الهوى من غير دمع
قضينا بالغرام على الحمام
أداوي مهجةً يا سعد جرحى
رماها من رماة الحسن رام
رمين قلوبنا غزلانُ سلع
فما أخطأت هاتيك المرامي
فبتّ جريح ألفاظ مراضٍ
ورحتُ طعين ذياك القوام
قدود البيض لا سمر العوالي
ولحظ السرب لاحد الحسام
كتمتُ الحبَّ متّهماً عليه
وما لي طاقة بالإكتتام
وكيفَ أطيقُ والعبرات منّي
تعبرّعن فؤاد مستهام
وما نقص اشتياق الصَّبِّ شيئاً
على وجه حكى بدر التمام
يدبُّ هواك يا سلمى بروحي
دبيبَ الصَّرخدية في العظام
وفيتُ بعهد من نقضت عهودي
وما لوفاء ميّ من دوام
فليتَ المالكّية حين صدَّت
رَعَيْتُ ذمامها وَرَعَتْ ذمامي
صبرتُ على الحوادث صبرَ حرٍ
يَرى بالصَّبرِ إبلاغ المرامي
وقلتُ معلِّلاً نفسي ولكنْ
مقالي كان أصدق من حذام
سأحْمد عند محمود السجايا
عواقبَ أمرِ أخطار عظام
واستغني به عَمّا سواه
كما يغني الركام عن الجهام
وأرجو أن تظفِّرني سريعاً
عنايَتُه بغايات المرام
لقد دَرَّتْ سحائبه إلى أنْ
زهتْ فيهنّ أزهار الكلام
فَحَدِّثْ عن مكارمه فإنّي
لتعْجِبُني أحاديثُ الكرام
إذا ما جئتني بحديث جودٍ
لقرم جوده كالغيث هامي
فما حَدَّثتُ إلاّ عن أشم
ولا أخبرت إلاّ عن همام
ذكاءٌ فيه أورى من زنادٍ
وكفٌّ منه أندى من غمام
وآراءٌ إذا نَفَذَتْ لأمرٍ
فهنّ اليوم أنفَذُ من سهام
يرى فعل الجميل عليه فرضاً
كمفترض الصَّلاة مع الصّيام
وقامَ له على الأعناق شكر
فلا يُقضى إلى يوم القيام
سريع الجود إنْ يُدْعَ لحسنى
وها هو ذا بطيء الانتقام
أياديه حَطَمْنَ المال جُودا
فما أبقتْ يداه من حطام
على أبوابه الآمال منّا
قَدْ ازدحمت لنا أيَّ ازدحام
تخيّرْ ما تشاء وسله تعطى
من ابن المصطفى خير الأنام
تيقَّنْ أن أمرك سوف يقضى
إذا ما شمت منه سنا ابتسام
أخو الهمم التي تحكي المواضي
وتفيك فتك خواض القتام
تسامى مجده فعلاً محلاً
وإنَّ مَحَلَّ أهلِ المجد سامي
جميلك قاطن في كلّ أرضٍ
وذكرك سار جوّان الموامي
طميتَ وأنْتَ يوم الجود بحر
وبحرك لا يزال الدهر طامي
ومن جدواك كم قد سال سيلٌ
فروّى سيلاُ جودك كل ظامي
لقد أوليتني نِعَماً جساماً
فما أهداك للنعم الجسام
دَعاك لأمره المولى عليٌّ
فكنْتَ وأنتَ في أعلى مقام
وعدتَ لديه يا عين المعالي
برأيك ناظراً أمر النظام
فتمّ لجيشه المنصور أمر
وإنَّ الأمر يحسن بالتمام