بدت عقدات الرمل والجرع العفر
بَدَتْ عَقِداتُ الرَّمْلِ وَالجَرَعُ العُفَرُ
بَدَتْ عَقِداتُ الرَّمْلِ وَالجَرَعُ العُفَرُ
فمسنا كما يعتنُّ في المرحِ المهرُ
وَدُسْنا بِأَخفافِ المَطِيَّ بِها ثَرى ً
يَنُمُّ على مَسْرى الغَواني بِهِ العِطْرُ
كأَنَّ ديارَ الحيِّ في جنباتها
صَحائفُ، وَالرَّكْبَ الوُقوفَ بِها سَطْرُ
تَزيدُ عَلى الإقْواءِ حُسْناً كَأَنَّهُمْ
حُلولٌ بِها، والدَّارُ مِنْ أَهْلِها قَفْرُ
مَحا آيَها صَرْفُ اللَّيالي وَقَلَّما
يُرَجَّى لَما تَطْويهِ أَيدي البِلى نَشْرُ
بما قد ترى مخضرَّة ً عرصاتها
يُجِيب صَهيلَ الأَعْوَجِي بِها الهَدْرُ
ويأوي إليها من لؤيِّ بن غالبٍ
إذا شبَّتِ الهيجاءُ ذو لجبٍ مجرُ
وَكُلُّ فَتًى يَرْدِي بِهِ الطَّرْفُ في الوَغى
مشيحاً كما أوفى على المرقبِ الصَّقرُ
وَأَرْوَعُ وافي اللُّبِّ والسِّلْمِ جامِعٌ
وَفي الحَرْبِ إِنْ حَكَّتْ بِهِ بَرْكَها غَمْرُ
وكم في هوادي سر بهم من مهفهفٍ
إذا خطرَ استعدى على الكفلِ الخصرُ
يَمِيسُ اهْتِزازَ الخُوطِ غازَلَهُ الصَّبا
وينظرُ عن نجلاءَ أضعفها الفترُ
وَمِنْ رَشَأٍ يَثْني عَلَيَّ وِشاحَهُ
بِما حَدَّثَتْهُ عَنْهُ مِنْ عِفَّتي أُزْرُ
لَهُ ريقَة ٌ ماذُقْتُها غَيرَأَنَّني
أظنُّ، وظنِّي صادقٌ أنّها خمرُ
وَوَجْهٌ يَرُدُّ اللَّيلَ صُبْحاً بِهِ السَّنا
وفرعٌ يريكَ الصُّبحَ ليلاً به الشَّعرُ
وجيدٌ كما يعطو إلى البانِ شادنٌ
تفيءُ عليه الظِّلَّ أفنانهُ الخضرُ
وَعَينٌ كَما تَرْنو المَهاة ُ إِلى طَلاً
إذا غابَ عنها اغتالَ خطوتهُ الذُّعرُ
أقولُ لهُ- واللَّيلُ واهٍ عقودهُ
كأنَّ توالي شهبهِ اللُّؤلؤُ النَّثرُ-:
أتَهْجُرُ مَن غادَرْتَ بَيْنَ ضُلوعِهِ
جوى ً يتلظّى مثلما يقدُ الجمرُ
وَتُلْزِمُهُ أَنْ يَكْتُمَ السِّرَّ بَعْدَما
أطيعَ له الواشي، فسرُّ الهوى جهرُ
وتزعمُ أنّ الهجرَ لا يعقبُ الرَّدى
وَهَل حادِثٌ يَخْشى إِذا أُمِنَ الهَجْرُ
وَقَفْنا بِمُسْتَنِّ الوَداعِ وَراعَنا
بحزوى غرابُ البينِ، لا ضمَّهُ وكرُ
وألَّفَ ما بينَ التَّبسُّمِ والبُكا
سلوٌّ ووجدٌ عيلَ بينهما الصَّبرُ
فواللهِ ما أدري أثغركِ أدمعي
غداة َ تفرَّقنا- أمِ الأدمعُ الثَّغرُ
تَبَرَّمَتِ الأجْفانُ بَعْدَكِ بِالكَرى
فَلا تَلْتَقي أوْ نَلْتَقي، وَلَها العُذْرُ
تغيبُ فلا يحلى بعينيَ منظرٌ
وَيَكْثُرُ مِنِّي نَحْوَهُ النَّظَرُ الشَّزْرُ
ويلفظُ سمعي منطقاً لم تفه بهِ
على أنَّهُ كالسِّحرِ، لا بل هو السِّحرُ
فَفيه- وما كُلُّ الكَلامِ بِمُشْتَهى
سوى مَدْحِ فَخْرِ الدِّينِ - عَنْ مِثْلِهِ وَقْرُ
خطا فوقَ أعناق الأعادي إلى علاً
لها بينَ أطرافِ القنا مسلكٌ وعرُ
بِماضي الشَّبا، رَطْبِ الغِرارَيْنِ لَمْ يَزَل
يُراعُ بِهِ صِيدُ الكُماة ِ أَوِ الجزْرُ
ومرتعدِ الأنبوبِ يروي سنانهُ
دمٌ مائرٌ، والدُّهمُ من نضحهِ شقرُ
لهُ طعناتٌ إن سبرنَ تخاوصتْ
إلى من يداويهنَّ أعينها الخزرُ
إذا ما دعا لبَّاهُ كلُّ سميدعٍ
تُعَلُّ بِكَفَّيْهِ الرُّدَيْنِيَّة ُ السُّمْرُ
يظلُّ وفي ظهرِ الحصانِ مقيلهُ
ويمسي وبطنُ المضرحي لهُ قبرُ
مِنَ المَزْيَدِيّينَ الذّينَ نَداهُمُ
لمستمطريهِ لا بكيٌّ ولا نزرُ
أَكُفٌ سِباطٌ تُمْتَرى نَفَحاتُها
إذا لم يكن في درِّ جاذبة ٍ غزرُ
وخيرٌ من المالِ الثَّناءُ لماجدٍ
يراقبُ أعقابَ الأحاديثِ، والذِّكرُ
وَلِلجارِ فيهُمْ ذِمَّة ٌ لَم يُهِبْ بِها
وقد أطفأَ المثرونَ نارَ القرى غدرُ
يحلُّ يفاعاً يخزرُ النَّجمُ دونهُ
وَيَعْتَنِقُ الجَوْزاءَ في ظِلِّهِ الغَفْرُ
أَذَلُّوا بِسَيفِ الدَّولَة ِ ابنِ بَهائها
رِقاباً فَأَرْخَى مِنْ عَلابِيِّها القَسْرُ
أغرُّ إذا ما النِّكسُ أرتجَ بابهُ
فما دونَ ناديهِ حجابٌ ولا سترٌ
وإن شامَ من ألوى به المحلُ برقه
تيقَّنَ أنَّ العسرَ يتبعهُ اليسرُ
تُبيدُ يَداهُ ما يُفيدُ بِبَأْسِهِ
فَلَيسَ سِوى الذِّكْرِ الجَميلِ لَهُ ذُخْرُ
عليه رداءُ لم يشن صنفاتهِ
أثامٌ وَلَمْ يَعْلَقْ بأَذْيالِهِ وِزْرُ
إذا القُبَّة ُ الوَقْصاءُ مالَ عَمودُهَا
وَقَصَّرَ مِنْ أطْنابِها نُوَبٌ تَعْرو
ولم يسرِ مرقوعُ الأظلِّ على الوجى
رَذِيّ مَطايا حَطَّ أكْوارَها السَّفْرُ
رجا البدوُ منهُ ما يرجَّى من الحيا
وأَمَّلَهُ تَأْميلَ وابِلِهِ الحَضْرُ
لَهُ نِعَمٌ تَنْمِي على الشُّكْرِ في الوَرَى
وإنْ جَحَدوها لَمْ يَحُلْ دونَها الكُفْرُ
هو العُرْفُ، إنْ يُشْكَرْ يُضاعَفْ، وإنْ يُثَبْ
يتابع، وإن يكفر ففي بذلهِ الأجرُ
وحربٍ عوانٍ لم يخض غمراتها
سوى أسديٍّ همُّهُ الفتكة ُ البكرُ
إذا وردتها البيضُ يلهثنَ من صدى ً
رجعنَ رواءٍ وهيَ قانية ٌ حمرُ
يَئنُّ لها الأَبطالُ مِنْ حَذَرِ الرَّدى
أنِينَ هَوامِي العِيسِ أضْجَرَها العِشْرُ
وَيَزْأرُ في حافاتِها كُلُّ ضَيْغَمٍ
إذا كَلَّ فيها نابُهُ خَدَشَ الظُّفرُ
سَما نَحوها في غِلْمة ٍ ناشِريَّة ٍ
لَهُمْ في صَهيلِ الخَيْلِ أَوْ نَقْعِها نُذْرُ
يَفوتونَ بالأوتارِ مَن علِقوا بِهِ
وَتَأْبى العَوالي أنْ يَفوتَهُمُ وِتْرُ
إذا صِيحَ بالشَّعواءِ في الحَيِّ أُسرِجَت
نَزائِعُ مَعصوبٌ بِأَعرافِها النَّصرُ
يَنُمُّ عَلى أَعْراقِها مِنْ رُوائِها
تَباشيرُ عِتقٍ قبلَ أَنْ يُخبَرَ الحُضرُ
فَما راعَهُمْ جَرْسُ الخَلاخيلِ والبُرى
ولا زالَ رُعباً عَنْ مَعاقِدها الخُمْرُ
بَني أَسَدٍ أَنْتُمْ مَعاقِلُ خِنْدِفٍ
إذا ما شَحا فاهُ لَها حَادِثٌ نكرُ
ولا خيرَ إلاَّ في نزارٍ وَخَيرُها
إذا حُصِّلَ الأحسابُ-دُودَانُ والنَّضرُ
وَفَرعُ بني دُودَانَ سَعْدُ بنُ مالِكٍ
وَكهفُ بني سَعدٍ سواءَة ُ أو نَصرُ
ونَاشِرَة ٌ أَعلى سُواءَة َ مَحْتِداً
إذا قيل: أينَ العِزُّ والعَدَدُ الدَثرُ؟
وَأَثْبَتُها في حَوْمَة ِ الحَرْبِ مالِكٌ
وَعَوفٌ وذو الرُّمحَينِ جدُّكُم عَمروُ
وَمَن كَحُيَيٍّ أَو كَجِلدٍ وَمَرثَدٍ
وَرَيّانَ، والآفاقُ شاحِبَة ٌ غُبْرُ
وَأَرحَبُهُمْ باعاً عَليٌّ وَمَزْيَدٌ
إذا السَّنواتُ الشُّهبُ قَلَّ بها الفَطر
وَمَن كَدُبيسٍ حينَ تُفْتَرشُ القَنَا
إذا النَّقْعُ لَيْلٌ والظُّبى أَنْجُمٌ زُهْرُ
ومازالَ مَنصورٌ يُنيفُ على الوَرى
بِهِ الشَّرَفُ الوَضَّاحُ والحَسَبُ الغَمْرُ
فسِرتَ على آثارِهِ مُتَمهِّلاً
وَلَمْ يَخْتَلِفْ في السَّعْي بَيْنَكُما النَّجْرُ
وَمِنْ أَيِّ عِطْفَيْكَ الْتَفَتَّ تَعَطَّفَتْ
عَلَيكَ بِهِ الشَّمسُ المُضيئَة ُ والبَدرُ
وَمَجْدٌ مُعَمٌّ في العَشيرَة ِ مُخْوَلٌ
أَحَلَّ أَبا المِظفارِ ذِرْوَتَهُ كِسرْ
خَلَفْتُهُمُ في المَكرُماتِ وفي العُلا
كمَا تَخْلُفُ السُّمْرَ المهَنَّدَة ُ البُتْرُ
وَلَو لَمَ يَكنْ فيهم مؤَثَّلُ سؤددٍ
كَفَتْهُمْ مَساعيكَ المُحَجَّلَة ُ الغُرُّ
وَكَم شَيَّدَت أَيَّامُكُمْ مِنْ مَناقِبٍ
يُحَدِّثُ عَنها في مَجَالِسِهَا فِهْرُ
نَشَأْنَ وظِئراها القَواضِبُ والقَنَا
لَدَيْكُمْ وَتِرْباها الكَواكِبُ والدَّهْرُ
وَقائِعُ رَدَّتْ في قُضاعَة َ مَذْحِجاً
يَهَشُّ لِذِكراها ذؤالة والنَّسْرُ
وَقَد شارَكَتْ غَسّانَ فِيهنَّ حِمْيرٌ
ومَا سَلِمَتْ مِنْهُنَّ قَيْسٌ وَلا بَكْرُ
وَهانَ على حَيَّيْ خُزَيمة َ أَنْ ثَوى
عُتَيْبَة ُ أو ذاقَ الرَّدى صاغِراً حُجْرُ
فَإِنَّ سُيوفاً أَغْمَدَتْها حلومُهُمْ
لَتَفْري طُلى يَلْوي أخادعَها الكِبْرُ
وَآثارُها مَشْهورَة ٌ وَغُمودُها
إذا جُرِّدَتْ هامُ المُلوكِ، ولا فَخرُ
عُرِفْنَ بِحَيْثُ الشّمْسُ تُلْقِي جِرانَها
وفي حَيْثُ يَجْلو عَنْ مَباسِمِهِ الفَجْرُ
وَفي أَيّ عَصْرِ الجاهِلِيَّة ِ لَمْ يَسُدْ
لَكُم سَرَواتِ العُربِ مَنْ أَمرهُ الأَمرُ
وَلَمّا أَتى الإسْلامُ قُمْتُمْ بِنَصْرِهِ
فَلَمْ يَفْتَتَحْ إلاّ بِأَسْيافِكُمْ مِصْرُ
وَأَنتم إذا عُدَّت مَعَدٌّ بِمَنزلٍ
يُجَاوِرُ أَحْناءَ الفُؤادِ بِهِ الصَّدْرُ
وَمُنْتَعِلاتٍ بالنَّجيعِ زَجَرْتُها
وَهُنَّ بقايا هَجْمَة ٍ، سَوْطُها الزجْرُ
عَدا نَسَلانَ الذِّئبِ في أُخرياتِها
أُشَيْعِثُ مَشْدودٌ بِأَمْثالِهِ الأُزْرُ
رَحيضُ حواشي البُرْدِ، ماشانَهُ الخنى
خَفيضُ نَواحي النُّطقِ، ما شابَهُ الهُجْرُ
نَهوضٌ بِأَعباءِ الرَّفيقِ، وإنْ غَلا
عَلى مُنْحنَى الأَضْلاعِ مِنْ صَحْبِهِ غِمْرُ
إذا ماسِراجُ اليَومِ أَطْفَأَهُ الدُّجى
مَشَى كَنَزيفِ القَوْمِ رَنَّحَهُ السُّكرُ
يَجوبُ بِها، والنَّومُ حُلْوٌ مَذاقُهُ
أَديمَ الفَلا وَهناً، وَإسآدها مُرٌ
لَواغِبُ يُحْذَيْنَ السَّريحَ مِنَ الحَفا
وَأوْساطُها يِشْكُو بِها القَلَقَ الضُّفْرُ
أُنِخْنَ وَقَد دانى خُطاها كَلالُها
إليكَ، فَأّدْنَتْها البَشاشَة ُ والْبِشْرُ
وَقَد شَمِلَتْ عَدنانَ نِعْمَتُكَ التي
نَعَشْتَ بِها قَحْطانَ إذْ خانَها الوَفْرُ
فَإِنَّكَ بَحْرٌ، والقَوافي لآلىء ٌ
فَما لِخُزَيْمِيٍّ يُحالِفُهُ الفَقْرُ؟
وَلَو لَمْ أُجاوِرْ تَغْلِبَ بْنَة َ وائِلٍ
قَرَعْتُ ظَنابيبَ النَّوى، وَيَدِي صِفْرُ
كثيرونَ إلاَّ أَنْ يُقَلِّلَهُمْ خُبْرُ
وقَد ساءَني طُولُ الصُّدودِ فَلَم أَبُح
بِذَاكَ، وَأعناقُ العِدا دُونَنا صُعْرُ
وَمِنْ أَيْنَ يَسْتَوفي مَناقِبَكَ الشِّعرُ
وَفَضُلُكَ لا يَسْتَوعِبُ الحَصْرُ وَصْفَهُ
وَمَجْدُكَ يَكْبو دونَ غاياتِهِ الفِكْرُ
وَمِنْ شِيَمي أَنْ أُبليَ العُذْرَ فاستَمِعْ
ثَناءً كَما يُثني عَلى الوابِلِ الزَّهْرُ
فَإنَّكَ بَحْرٌ، والقَوافي لآلئُ
وَلا غَرْوَ أَنْ يُستَودَعَ الُّلؤلُؤَ البَحْرُ
وَكُلُّ مَديحٍ فيكَ يَخلُدُ ذِكرُه
فَمَجْدُكَ والمَدْحُ القِلادَة ُ والنَّحرُ
وَخَيرُ قريضِ القَومِ ما طالَ عُمْرُهُ
عَلى عُقَبِ الأَيّامِ، طالَ لَكَ العُمْرُ