برنامج حزب الاخوان المسلمين

'(إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ)

برنامج حزب الإخوان المسلمين

المحتويات المقدمة 2 الباب الأول : مبادئ وتوجهات الحزب 6 • الفصل الأول: الأسس والمنطلقات 6 • الفصل الثاني: الأهداف 7 • الفصل الثالث: السياسات والاستراتيجيات 8 الباب الثاني: الدولة والنظام السياسي 11 • الفصل الأول: الدولة 12 • الفصل الثاني: النظام السياسي 15 • الفصل الثالث: الأمن القومي والسياسة الخارجية 20 الباب الثالث: التعليم والتنمية البشرية 24 • الفصل الأول: التعليم والبحث العلمي 25 • الفصل الثاني : الصحة والبيئة والدواء 30 الباب الرابع: الاقتصاد والتنمية المستدامة 33 • الفصل الأول: مرجعية التنمية المستدامة 34 • الفصل الثاني: السياسات الإنمائية 28 • الفصل الثالث: السياسات المساندة 50 الباب الخامس : الدين والمجتمع 55 • الفصل الأول : الشئون الدينية والوحدة الوطنية 59 • الفصل الثاني: قضايا ومشكلات المجتمع 63 الباب السادس: النهضة الثقافية 79 • الفصل الأول : البناء الثقافي 80 • الفصل الثاني: البرنامج الإعلامي 87

المقدمة إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، ونصلي ونسلم علي رسول الله صلي الله عليه وسلم وعلي آله وصحبه من والاه.. وبعد. فإن العالم الآن يعيش حالة متزايدة من الاضطراب والتوتر والحروب التي راح ضحيتها ملايين من الأبرياء كل ذلك بسبب رغبة شديدة ممن يملكون القوة الباطشة لنهب الثروات وفرض السيطرة والهيمنة علي العالم شعوباً ودولاً. ولم تكن منطقتنا العربية والإسلامية بمنأى عن هذه الهيمنة التي استهدفت ثقافتنا وأبناءنا ومقدساتنا وثرواتنا وهددت أمننا بزرع الكيان الصهيوني في فلسطين ليغتصب أرضها ويشتت شعبها ويقسمها إلى كيانات متفرقة ومتصارعة وينصب أنظمة فاسدة ومستبدة وظالمة لتأمين هذا الكيان الغاصب وللمحافظة علي أمن ومصالح هذه القوي المهيمنة، على الرغم مما تقترفه – إلى جانب المأساة الفلسطينية- من احتلال لأفغانستان ومحاصرة لإيران وتمزيق للعراق وتهديد لسوريا وإثارة للفتن في لبنان واستنزاف لدول الخليج وتدخل في الصومال وتطويق للسودان وتفريق بين دول المغرب العربي. ومما لا شك فيه أن وطننا "مصر" ليس بمعزل عن كل هذا الكيد والمكر والعدوان و هو قلب الأمة النابض وحامل لواء تحررها ونهضتها ونقطة انطلاقها في التصدي لعدوها الغاشم علي مر العصور ومازالت مصر تمتلك من مقومات النهضة و أسباب التقدم ما يؤهلها لقيادة صحوة شاملة تعم كل الوطن العربي والإسلامي، وتنشر العدل والحرية والمساواة في كافة أرجاء المعمورة وتخلص العالم من القوي الغاشمة والأنظمة المهيمنة التي لم يخف عليها هذه الحقيقة التاريخية فسعت إلى تهميشها وتحييدها وإثقال كاهلها بالديون الداخلية والخارجية وإضعاف شعبها بمشكلات خطيرة وعديدة في كافة المجالات السياسة والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ففي المجال السياسي نجد الانسداد والجمود وحالة الاختناق التي تظهر واضحة في سيطرة قلة من أصحاب النفوذ والهوى والمطامع الشخصية علي السلطة تعبر عن مصالحها بعيداً عن مصالح الوطن وتسخِّر في سبيل بقائها واستمرار إحكام قبضتها علي مقاليد الأمور كل مؤسسات الدولة وخاصة الأمنية، وتسعي في الوطن بالفساد والإفساد، وتبيع الأصول وتغير الثوابت، وتخضع للابتزاز الصهيوني – الأمريكي من أجل أهدافها الخاصة الضيقة، وهي في ذلك لا تأبه بالشعب ولا تحسب لمصالحه أي حساب، وتستخدم كل أدوات البطش والقهر والظلم، فتحدث حالة من الاضطراب وعدم الاستقرار في المجتمع بأسره، الأمر الذي يعد من أكبر عوامل التهديد للأمن القومي المصري الداخلي والخارجي.

وفي مجال حقوق الإنسان تتعدد المظاهر السلبية لحقوق الإنسان في مصر فإذا كانت قضية الاعتقالات والتعذيب في السجون والمعتقلات تمثل الصدارة في هذا الملف، فإن كثيراً من موضوعات حقوق الإنسان تستوجب الإشارة إليها من غياب الحقوق السياسية والقانونية بل والاقتصادية والبيئية أيضاً. وقد أشارت مصادر من منظمات وجمعيات حقوق الإنسان إلى أن أعداد المعتقلين في السجون المصرية في ازدياد مستمر ولا يتم الإفصاح عن الأعداد الحقيقية للمعتقلين، وهم يعانون من الأمراض والأوبئة مع حالات كثيرة من التعذيب بأشكاله المختلفة، والتي تتنافي مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان، مثل الجلد بالسياط والصعق بالكهرباء، ونري أن عمليات التعذيب تفضي في بعض الحالات إلى الموت. وفي المجال الاقتصادي، حيث تواضع معدلات النمو الاقتصادي، وكذلك انخفاض المدخرات والاستثمارات القومية، وغياب وجود سياسة تنموية تسعي لتوظيف موارد وإمكانيات المجتمع، والتشجيع علي تبني سلوكيات استهلاكية واستهجان العمل الإنتاجي، مما دفع الكثيرين إلى الدخول في المضاربات سعياً وراء الربح السريع، والتضحية بوجود مشروعات إنتاجية تحقق قيمة مضافة وتولد فرص العمل لملايين العاطلين. وقد أدي هذا كله إلى زيادة أعداد العاطلين، وتفاقم حدة الفقر، وانتشار الفساد، وارتفاع الواردات وتواضع الصادرات، فانخفضت قيمة العملة الوطنية. ولم يسلم القطاع المصرفي من تفريغه من الدور التنموي حيث انتشر به الفساد وزادت ظاهرة الائتمان نظير الولاء السياسي، فتعثرت القروض، وعرفت مصر ظاهرة هروب رجال الأعمال، بل وتهريب رؤوس الأموال الوطنية للخارج، ولم يكن لأداء الحكومة بالموازنة العامة بعيداً عن الأداء الاقتصادي المتواضع بل والردئ، فالعجز بالموازنة العامة وزيادة الدين العام، وغياب الاستثمارات العامة وضعفها، أدي إلى سوء تخصيص الموارد، واتساع شريحة محدودي الدخل. وفي مجال الصحة فإن الأمراض المزمنة والفتاكة بسبب الإهمال وضعف الموازنات المخصصة لقطاع الصحة والتلوث البيئي المناخي باتت تهدد الملايين من أبناء هذا الشعب، الأمر الذي يهدد كل إمكانيات التنمية المحتملة والقليل القائم منها الآن. وفي مجال التعليم الذي يعد الركيزة الأساسية للنهضة والتنمية فإن الأحوال تتفاقم يوماً بعد يوم، حيث سوء السياسة التعليمية واضطرابها وكثرة تضارب القرارات بل أحياناً والقوانين المنظمة لها في التعليم العام والفني قبل الجامعي، والجامعي، وكذلك التعليم الأزهري بكل مراحله، وتتعدد الآن المشكلات القائمة من ضعف العملية التعليمية وتراجع – بل وأحياناً انعدام – دور المدرسة والاعتماد بالأساس علي الدروس الخصوصية في التعليم قبل الجامعي، وكذلك في الجامعات وفي كل المجالات والفروع وانتشار الرشوة والمحسوبية في التعيينات، وضعف واهتراء عمليات التقويم والامتحانات وانتشار الغريب من التصرفات والأخلاق المسيئة بين الطلبة والطالبات وغير ذلك من المشكلات التعليمية، بالإضافة إلى ضعف البحث العلمي وعدم ارتباط القائم منه – علي قلته – بخطة التنمية العامة للدولة ومشاكل المجتمع، ولعل من أهم أسباب هذه المشكلات المتراكمة المعقدة هي قلة الموازنات المخصصة للتعليم والتي تمثل أقل من ربع ما يجب أن يخصص له ( 25 مليار جنيه ويقدر الخبراء ما يحتاجه التعليم بحوالي 100 مليار جنيه علي الأقل). وفي المجال الإعلامي حدث ولا حرج فقد أضحت الآلة الإعلامية المصرية بوقاً لأكاذيب النظام ومنبراً للفساد الأخلاقي ولتغييب الشعب المصري وإقصائه عن مهمته التاريخية وإلهائه وتخديره لينسي همومه ومشاكله وواقعه الأليم الذي أوصله إليه هذا النظام المستبد. ومن هنا نري – والأمة كذلك – أن الحاجة ملحة إلى منهج إصلاحي متكامل متوازن وإلي برنامج عملي واقعي، تعمل به وتطبقه كي يعود إليها دورها وتستعيد عافيتها بإرادتها واختيارها. وها نحن نتقدم بهذا البرنامج الإصلاحي إلى الشعب المصري بكل فئاته، بما فيه من خصائص متميزة وما له من أصول معلنه واضحة، طبقاً للدستور وإعمالاً لحق التعبير عن الرأي والفكر، واستناداً إلى المادة الثانية من دستورنا المصري، التي تنص على أن دين الدولة الرسمي هو الإٍسلام، وأن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، وطبقاً لما قررته المحكمة الدستورية في تفسيرها لهذه المادة المحكمة التي تعتبر بحق النظرة الوسطية والاعتدال في المنهج الإسلامي. ونحب هنا أن نؤكد علي أن الإسلام عقيدة وشريعة، وأنه لا إكراه في الدين وأن الشريعة الإسلامية تعني بحقوق جميع المواطنين، وتضمن لهم حرياتهم في الاعتقاد وفي كل أمور الحياة بتوازن تشريعي متكامل ينظم كل شئون المجتمع والدولة، والإسلام ملك للجميع فلا احتكار له، ولا تطرف فيه، كما أنه دين الوسطية ومنهج التسامح (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ) [ يوسف : الآية 108]، ونضع أمام أعيننا دائماً قول الحق سبحانه وتعالي : (قُلْ أن صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)(الأنعام: الآية 162)، وقوله تعالى: ((وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)) [ المائدة : من الآية 8]، وقوله عز من قائل:(( وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أن يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ)) [المائدة: من الآية 49]. ويشتمل هذا البرنامج علي ستة أبواب بعد المقدمة، حيث يعلن الباب الأول مبادئ وتوجهات الحزب في ثلاثة فصول نؤكد في الفصل الأول منه علي أسس ومنطلقات البرنامج المرتكزة علي هويتنا الإسلامية صائغين من خلالها في الفصل الثاني الأهداف المنشودة من خلال سياسات واستراتيجيات منصوص عليها في الفصل الثالث، ويعرض الباب الثاني رؤيتنا للدولة ونظامها السياسي ففي الفصل الأول نعرض رؤية الحزب للدولة وخصائصها، وفي الفصل الثاني نطرح النظام السياسي الذي نسعى لتحقيقه من خلال تضافر جهود الشعب والحكومة ومؤسسات الدولة والمجتمع، ثم يأتي الفصل الثالث حاملاً الأطروحات الخاصة بتعزيز الأمن القومي المصري وتحقيق الريادة المصرية الإقليمية والعالمية من خلال صياغة استقلالية لأطر السياسة الخارجية، ومن بعده يتناول الباب الثالث تصورا متكاملا للتعليم والتنمية البشرية، حيث يتناول الفصل الأول من هذا الباب التعليم والبحث العلمي كقاطرة للاقتصاد المصري ودافعاً لعجلة التنمية، ويتناول الفصل الثاني منه رؤيتنا للنهوض بالصحة والبيئة والدواء بصورة شاملة ومتكاملة بأجنحتها البشرية والإنتاجية، ثم يأتي الباب الرابع ويحمل عنوان الاقتصاد والتنمية المستدامة من خلال سياسات اقتصادية إنمائية وداعمة للقطاعات الخدمية والإنتاجية وبه ثلاثة فصول الفصل الأول منه مرجعية التنمية المستدامة والفصل الثاني السياسات الإنمائية والفصل الثالث السياسات المساندة وهذه الفصول الثلاثة في مجملها تؤدي في النهاية إلى العدالة الاجتماعية التي تمثل عنوان الباب الخامس من هذا البرنامج والذي يهدف الجزء الأول منه إلى تحقيق السلام الاجتماعي من خلال فصله الأول الشئون الدينية والوحدة الوطنية والجزء الثاني إلى الوصول إلى المجتمع المنشود في فصله الثاني من خلال إرساء قيم وطرح حلول لأهم القضايا والمشكلات الاجتماعية وأخيراً وليس آخراً يأتي الباب السادس بعنوان النهضة الثقافية ليتوج التصور المتكامل للنهوض بالدولة المصرية من خلال البناء الثقافي في الفصل الأول والبرنامج الإعلامي في الفصل الثاني من هذا الباب. وفي النهاية ندعو الله أن يرقي هذا البرنامج إلى طموحات وآمال شعبنا المصري الحبيب بعلمائه ومفكريه من أصحاب الرأي والأقلام والمخلصين وبكل طوائفه، وألا يبخلوا علينا بمقترحاتهم ونصائحهم وتوجيهاتهم وتصويباتهم، ونسعد بالنقد البناء ولا نغضب ممن لا يتفق معنا أو حتى يهاجمنا طالما أن مصلحة مصرنا الحبيبة هي هدفنا جميعاً وأن الحوار البناء هو أسلوبنا وأن العدل والإنصاف والموضوعية هي منهجيتنا لتحقيق هذا الهدف. والله نسأله أن يوفقنا جميعاً إلى ما يحبه ويرضاه، و أن يحفظ مصر وشعبها من الفتن وأن يقيها شر المحن وأن يمن علينا جميعاً بالرحمة والمغفرة والرضوان.. والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل،،



الباب الأول مبادئ وتوجهات الحزب

مقدمة: نتقدم ببرنامجنا هذا لتحقيق نهضة شاملة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية طبقاً للشرعية الدستورية واحتراماً لكافة الأعراف والمواثيق والمعاهدات الدولية وكافة الاتفاقات التي تدعو إلى التعاون بين الشعوب وتحقيق العدل والمساواة، والسعي إلى خير البشرية وذلك بحشد كل طاقات وخبرات الوطن دونما إقصاء لأي فئة أو فصيل، في نظام يقوم علي حماية البيئة ويتناغم مع الطبيعة ويحد من النزعة الاستهلاكية واستنزاف الموارد وينتهج التعامل الرشيد مع الثروات الوطنية والمصادر الطبيعية. مرتكزا علي الشريعة الإسلامية - بتاريخها ومدارسها وتطبيقاتها- التي تمثل واحدة من أهم المدارس في الفقه السياسي والدستوري، والتي تدرس في مختلف أنحاء العالم. وهي تمثل اختيارنا للمنهج الإسلامي كنظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعاً وأنه كل لا يتجزأ وهذا ما ندعو إليه المسلم وغير المسلم.. ويقوم هذا البرنامج علي ما يلي : الفصل الأول: الأسس والمنطلقات 1. مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، الأمر الذي يحقق العدل في سن القوانين وفي التطبيق وفي الأحكام لكل المصريين بغض النظر عن عقائدهم أو الاختلاف في ثقافتهم وأفكارهم وألوانهم وأجناسهم. 2. الشورى هي جوهر الديمقراطية وهي السبيل لتحقيق مصالح الوطن حتى لا يستبد فرد أو فئة بالتصرف في الأمور العامة التي تتأثر بها مصالح الشعب. 3. الإصلاح الشامل مطلبٌ مصري وعربي وإسلامي، والشعوب هي المعنيَّة أساسًا بأخذ المبادرة لتحقيق الإصلاح، الذي يهدف إلى إنجاز آمالها في حياةٍ حرةٍ كريمةٍ ونهضةٍ شاملةٍ وحريَّة وعدلٍ ومساواةٍ وشورى. 4. الإصلاح السِّياسي والدستوري هو نقطةُ الانطلاق لإصلاح بقيَّة مجالات الحياة كلها. 5. القيام بريادةِ هذا الإصلاح لا تقوي عليه حكومة، ولا أي قوة سياسيَّة منفردة؛ بل هو عبءٌ يجب أن يحمله الجميع. 6. المواطن هو هدف التَّنميَة الأول، وهذا البرنامج يستهدف بناء الإنسان المصري الذي يمتلك مُقَوِّمَات وأدوات التَّقدُّم. ولذلك فهو حجر الزاوية وبصلاح الإنسان يتم الإصلاح فهو أداة التغيير. 7. الحرية والعدالة والمساواة منح من الله للإنسان، لذا فهي حقوق أصيلة لكل مواطن بغير تمييز بسبب المعتقد أو الجنس أو اللون مع مراعاة ألا تجور حرية الفرد علي حق من حقوق الآخرين أو حقوق الأمة المجمع عليها، وأن تحقيق العدل والمساواة هو الهدف النهائي للديمقراطية في النظام السياسي الذي نطالب به. 8. كفالة حق المواطن في الحياة والصحة والعمل والتعليم والسكن وحرية الرأي والاعتقاد.


الفصل الثاني : الأهداف 1. تحقيق الإصلاح السياسي و الدستوري وإطلاق الحريات العامة وخاصة حرية تكوين الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني و إقرار مبدأ تداول السلطة طبقًا للدستور الذي يقره الشعب بحرية وشفافية واعتبار الأمة مصدر السلطات، وأن الشعب هو صاحب الحق الأصيل في اختيار حاكمه ونوابه والبرنامج الذي يعبر عن طموحاته وأشواقه. 2. نشر وتعميق الأخلاق والقيم والمفاهيم الحقيقية لمبادئ الإسلام كمنهج تعامل في حياة الفرد والمجتمع وإعمال المادة الثانية من الدستور لتشمل كافة مستويات التشريع. 3. تحقيق دولة المؤسسات التي تعتبر سيادة القانون عنوان الحياة الإنسانية المتحضرة الرشيدة. 4. استعادة الدور الريادي لمصر في محيطها الإقليمي والعربي والإسلامي والعالمي. 5. بناء نسقٍ من العلاقات الدولية يُحقق التواصل الإنساني، بين الشعوب بعيداً عن كل أشكال الهيمنة ويحقق تفاعل وتكامل الحضارات لصالح البشرية. 6. تعزيز الأمن القومي ببناء وتطوير القوة الشاملة للدولة في النواحي السياسية والاقتصادية، والعسكرية والاجتماعية والثقافية، بما يؤهلها للقيام بأدوار فاعلة علي المستويين الإقليمي والدولي، وفق هويتنا الحضارية، واستجابة لما تفرضه التطورات الدولية من تحديات. 7. النهوض بالاقتصاد المصري بإحداث عملية تنمية اقتصادية متوازنة ومستدامة. 8. توفير الحياة الكريمة للمواطن وتأمين الاحتياجات والخدمات الأساسية له (المأكل – الملبس – المسكن - الصحة- التعليم – وسائل الانتقال...) 9. بناء الإنسان المصري بناء متكاملا روحياً وثقافياً وعقلياً وبدنياً بما يحفظ عليه هويته وانتماءه. 10. الحفاظ علي البيئة وحمايتها من مصادر التلوث وصيانة الموارد والعمل علي تحسينها وضمان استدامتها. 11. الارتقاء والاعتناء بالتعليم والبحث العلمي وتوطين التكنولوجيا باعتبارها أحد أهم الوسائل في بناء المواطن والنهوض بالاقتصاد والتنمية.


الفصل الثالث

 السياسات   والاستراتيجيات

1- مقاصد الشريعة الإسلامية التي تهدف إلى تحقيق الضروريات والحاجيات والتحسينات في مجال الدين والنفس والعرض والعقل والمال، تمثل السياسة الحاكمة في تحديد أولويات الأهداف والسياسات والاستراتيجيات وهذه المقاصد تمثل حجر الزاوية في قيمنا الحضارية والتي انتمى لها المسلم عقيدة وحضارة وانتمى لها غير المسلم حضارة. 2- والمرجعية الأساسية للشريعة الإسلامية بإجماع فقهاء المسلمين، قاصرة على مصدريها الأصليين، وهما القرآن الكريم، كتاب الله المعجز، والسنة النبوية الصحيحة الثابتة عن رسول الله  : قولية وفعلية، وهي مبينة للقرآن ومفصلة لأحكامه، وما عداهما من آراء العلماء والفقهاء والمجتهدين فهي تفسيرات واستنباطات واجتهادات بالعقل البشري، يؤخذ منها ويترك في كل عصر وفي كل بيئة بقدر موافقتها لمراد الشارع الحكيم ورجحان دليلها الشرعي وتحقيقها لمصلحة الجماعة وموافقتها لصحيح الوقائع والأحداث والعادات المتغيرة زماناً ومكاناً. وباستقراء نصوص القرآن والسنة النبوية الصحيحة يتأكد أن الشريعة الإسلامية شريعة شاملة تتناول بالتنظيم أمور الدين وأمور الدنيا معاً، كما تتميز بالمرونة الكاملة والقدرة على مواجهة الأحداث المستجدة وسائر المتغيرات والأعراف والعادات، وقد صاغها العليم الخبير على نحو يكفل لها الصلاحية والاستدامة على امتداد الزمان والمكان وتعدد البيئات والحضارات تأكيداً لرسالتها العالمية واعتبارها خاتمة الشرائع السماوية وحجيتها باقية إلى قيام الساعة وحتى لا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل. وعملاً بذلك، تنوعت نصوصها – بحسب المسائل التي تنظمها – إلى ثلاثة أنواع: النوع الأول: نصوص تنظم أموراً ثابتة لا تتأثر باختلاف الأزمنة والأمكنة والبيئات والعادات فجاءت مفصلة تفصيلاً دقيقاً وهي الأمور الخاصة بالعقائد والشعائر الدينية وتطبق كما وردت بلا اجتهاد ولا زيادة ولا نقصان، وهذا النوع هو ما يطلق عليه في المفهوم الحديث الجانب الديني البحت، وهو غير داخل في هذا البرنامج وله رسالته الدعوية الخاصة به. النوع الثاني: نصوص تنظم أموراً تتأثر بالمتغيرات تأثراً قليلاً، فجاءت قواعده جامعة بين المبادئ العامة والتفاصيل الضرورية كمسائل الأحوال الشخصية الأسرية والأسس الاجتماعية والأخلاقية، وهي الأمور التي تشكل القواعد التي يقوم عليها بناء المجتمع المسلم ولا قيام له بدونها وإذا فقدها فقد صبغته المميزة كمجتمع إسلامي. النوع الثالث: نصوص تنظم العلاقات المدنية الحياتية الدنيوية بكل أنواعها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بين الأفراد وبعضهم، وبينهم والدولة، وبين الدول وبعضها، وهذه المسائل هي التي تتأثر بظروف الزمان والمكان وتختلف باختلاف البيئات والعادات والحضارات. وفي هذا النوع اكتفت الشريعة بوضع المقاصد العامة والأصول الكلية والمبادئ والأهداف المرنة التي تستجيب عند التطبيق للمتغيرات، ولم تتعرض الشريعة في هذه المجالات لشئ من التفصيل إلا نادراً وتركت الوسائل والشكليات والكيفيات الموصلة إلى تحقيق تلك المقاصد والأهداف العامة، كما تركت الفروع والأحكام الجزئية والكثير من التفاصيل لاجتهاد العقل البشري مسايرة للظروف والمصالح المتغيرة في نطاق المبادئ العامة والأصول الكلية. كما شرحت الشريعة الكثير من المبادئ مثل أن الأصل في الأشياء الإباحة وأن التحريم هو الاستثناء في حالات محددة على سبيل الحصر ولا تحريم إلا بدليل شرعي معتبر، وأن المسكوت عنه في محل العفو، ومبدأ التيسير، ورفع الحرج ودفع المشقة، وأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها وبقدر طاقتها واحتمالها وأن الضرورات تبيح المحظورات ولكن تقدر بقدرها وغير ذلك كثير. كما تنوعت النصوص بحسب قوتها إلى نصوص قطعية الثبوت والدلالة ولا مجال للاجتهاد فيها، وهي النصوص الأقل عدداً ونصوص ظنية الثبوت أو ظنية الدلالة، وهي التي تحتمل وجوهاً عدة وهي المجال الأرحب الأوسع للاجتهاد وتعدد الأراء والأفكار باعتبارها النصوص ذات الكثرة الغالبة وخاصة في الأحكام التي تنظم أمور الحياة الدنيوية وفي هذه الحدود والضوابط تكون قاعدة وأنتم أعلم بشئون دنياكم ليست على إطلاقها ولكنها مفيدة بما لم يرد فيه دليل شرعي معتبر الدلالة. وبما تقدم تكون الشريعة الإسلامية قد فتحت الباب واسعاً للنظر والاجتهاد بالرأي لمن تتوافر فيه شروط الاجتهاد مع الالتزام بوسائله الأصولية والفقهية، كما جمعت بين الثابت والمتغير وتلافت معه عيوب التقنين الحديث واحتفظت بمحاسبته وفـق أحدث نظريات الصياغة القانونية وكانت بحق خاتمة الشرائع السماوية إلى يوم الدين. ونعيد التأكيد على أن النوع الأول الخاص بالعقائد والعبادات والشعائر الدينية وهو الشق الديني في الإسلام وإن كان يدخل في الجانب الدعوي للجماعة كهيئة إسلامية جامعة، ولكنه غير داخل في معنى الشريعة الإسلامى بالمفهوم القانوني الدستوري الوارد في المادة الثانية من الدستور وهو المفهوم الذي يعمل في إطاره هذا البرنامج، والذي يقتصر على المفهوم المدني والاقتصادي والاجتماعي والسياسي في الإسلام، والذي يحكم الحياة الدنيوية بذات الإطار القانوني والدستوري ولا علاقة له بالجانب الديني البحت في الإسلام أو في غيره من الديانات. 3- تطبق مرجعية الشريعة الإسلامية بالرؤية التي تتوافق عليها الأمة من خلال الأغلبية البرلمانية في السلطة التشريعية المنتخبة انتخاباً حراً بنزاهة وشفافية حقيقية دون تدليس ولا تزوير ولا إكراه بالتدخل الأمني المباشر أو المستتر، والتي تتم تحت رقابة المؤسسات المدنية داخلية وخارجية وبعيداً عن هيمنة السلطة التنفيذية. ويجب علي السلطة التشريعية أن تطلب رأي هيئة من كبار علماء الدين في الأمة علي أن تكون منتخبة أيضاً انتخاباً حراً ومباشراً من علماء الدين ومستقلة استقلالا تاماً وحقيقياً عن السلطة التنفيذية في كل شئونها الفنية والمالية والإدارية، ويعاونها لجان ومستشارون من ذوي الخبرة وأهل العلم الأكفاء في سائر التخصصات العلمية الدنيوية الموثوق بحيدتهم وأمانتهم، ويسري ذلك علي رئيس الجمهورية عند إصداره قرارات بقوة القانون في غيبة السلطة التشريعية ورأي هذه الهيئة يمثل الرأي الراجح المتفق مع المصلحة العامة في الظروف المحيطة بالموضوع، ويكون للسلطة التشريعية في غير الأحكام الشرعية القطعية المستندة إلى نصوص قطعية الثبوت والدلالة القرار النهائي بالتصويت بالأغلبية المطلقة علي رأي الهيئة، ولها أن تراجع الهيئة الدينية بإبداء وجهة نظرها فيما تراه أقرب إلى تحقيق المصلحة العامة، قبل قرارها النهائي ويتم، بقانون، تحديد مواصفات علماء الدين الذين يحق لهم انتخاب هيئة كبار العلماء والشروط التي يجب أن تتوافر في أعضاء الهيئة. 4- إن النص في المادة الثانية من الدستور علي أن دين الدولة الإسلام وأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع، لا يعني سوي التأكيد علي مرجعية الشريعة الإسلامية إما نصاً أو دلالة أو اجتهاداً وأن المخاطب بها هو السلطة التشريعية ورئيس الدولة في كل ما يصدر عنه من قوانين أو قرارات أو سياسات داخلية وخارجية بحكم شمول وتكامل وأحكام الشريعة الإسلامية وأن مقصدها العام الأساسي هو تحقيق المصالح المثلي للعباد في المعاش والمعاد. ولكل ذي مصلحة – أياً ما كانت – الطعن أمام المحكمة الدستورية علي أي من هذه القوانين والقرارات والسياسات بمخالفتها لأحكام الشريعة الإسلامية المتفق عليها من جمهور الفقهاء المعاصرين المعتد بآرائهم. 5- أقرت الشريعة الإسلامية حق غير المسلمين في الاحتكام إلى دياناتهم في أمور العقيدة والشعائر الدينية والأحوال الشخصية المتعلقة بالأسرة وهي الأحكام التي يوجد فيها اختلاف عن أحكام الشريعة الإسلامية، أما غير ذلك من أمور الحياة الدنيوية بكل أنواعها، والنظام العام والآداب فتحكمها القاعدة الإسلامية التي تقرر أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، وهو ما يمثل أسمي قواعد العدل والإنصاف والمساواة بين المواطنين جميعاً دون استثناء. 6- احترام الشرعية الدستورية، والعمل من خلال القوانين والدستور لإحداث التغيير بالطرق التي نص عليها واحترام الأعراف والاتفاقات الدولية التي تدعو إلى التعاون بين الشعوب وخير البشرية. 7- الحوار هو السبيل لتحقيق الوفاق الوطني والثقة بين أبناء الوطن، وتحقيق التوافق أو الإجماع ركيزة أساسية للشرعية الدستورية للنظام السياسي. 8- الأمانة والحرص علي المال العام خلق أصيل يجب أن يتوافر في كل من يعملون في مؤسسات الدولة، والأصل في تولي المهام الكفاءة والخبرة. 9- استقلال وتوازن سلطات الدولة وتكامل مؤسساتها مع مؤسسات المجتمع المدني، يمثل السياسة الرئيسية التي تحقق استقرار الدولة.














الباب الثاني الدولة و النظام السياسي


الفصل الأول: الـــدولـــــــة رسخ الإسلام نموذجاً للدولة تحققت فيه أركانها الأساسية وقواعدها، من مبادئ الاختيار والمسئولية والمحاسبة والتقاضي، واعتبرت قواعد أساسية لإدارة نظام الدولة، وتحقيق مبدأ الفصل الواضح بين السلطات دون أن تفقد عناصر تكامل أدوارها ووظائفها، وكان هذا الجانب واضحاً في الوظيفة القضائية التي قامت بدور مهم في الحد من هيمنة الحكام ومحاسبتهم، إلى جانب استقلال المجتمع، كما ساهم العلماء والفقهاء المستقلون عن سيطرة الحكام في زيادة رصيد الأمة العلمي والفقهي والحضاري. ثم نشأت في الغرب دول قومية في مواجهة الكنيسة الكاثوليكية، ساهمت في وضع نظم جديدة لإدارة الدولة، والوصول بها إلى دولة المؤسسات، وقد صاحب الدولة القومية الأوربية نزعة توسعية لغزو بلدان أخرى، مما يهدد فكرة السيادة نفسها، ويتيح حرية التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للدولة تحت أي ذريعة كانت. وبعد ذلك نشأت دول قومية في العالم الإسلامي علي النسق الغربي، لم تصل إلى مرحلة الاستقرار والنضج، نتيجة خضوعها للتغريب، والتبعية والتجزئة، والفساد، والاستبداد والتخلف. ويقوم منهجنا الإسلامي لإصلاح الدولة وفق الخصائص الآتية : أ - دولة تقوم علي مبدأ المواطنة مصر دولة لكل المواطنين الذين يتمتعون بجنسيتها وجميع المواطنين يتمتعون بحقوق وواجبات متساوية، يكفلها القانون وفق مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص. ونعتبر المواطنة هي القاعدة التي تنطلق عنها المطالبة بالديمقراطية، ليس بغرض تداول السلطة فحسب، بل بغرض ممارسة الديمقراطية، المتجاهل لمبدأ الأغلبية. ويجب أن تعزز النصوص القانونية معاملة كل المواطنين علي قدم المساواة دون تمييز، وعلي الدولة والمجتمع العمل علي ضمان قيام الأوضاع الاجتماعية اللازمة لتحقيق الإنصاف، وأن يمكن الأفراد من المشاركة بفاعلية في اتخاذ القرارات التي تؤثر في حياتهم، وخاصة في القرارات السياسية. ب - دولة دستورية استقر بناء الدولة الدستورية علي دعامات ثلاث؛ السلطة التشريعية، والسلطة القضائية، والسلطة التنفيذية، والتي تعمل بشكل متمايز ومتكامل ومتضامن في آن واحد، باعتبار هذه الدعامات مانعاً من الاستبداد واحتكار السلطة والمقرر شرعاً هو سد ذرائع الفساد ومالا يتم الواجب إلا به فهو واجب. وإلي جانب ما يتيحه تعدد السلطات من توزيع للمسؤوليات والسلطة ومنع احتكارها من قبل أي قوة واحدة، ينبغي أن تشتمل كل سلطة من هذه السلطات علي كيانات مؤسسية ترسخ دعائم مستقرة وقواعد عمل واضحة وسياسات محددة، بشكل يعكس الشفافية والمشاركة، فهي أمور تعني أن تعددية السلطة هي الحافظة لمعادلة أن كل سلطة لابد أن ترتبط بالمسئولية، وكل مسئولية لابد أن تتلازم مع المساءلة. وتقوم الدولة الدستورية علي السلطات التالية : ـ 1. السلطة التشريعية والتي تشكل من نواب منتخبين من الشعب بالاقتراع السري المباشر، ويتولون سن القوانين والرقابة علي السلطة التنفيذية. 2. السلطة التنفيذية وتتولاها الحكومة، وهي مسئولة أمام السلطة التشريعية. 3. السلطة القضائية ويتولاها قضاة يتمتعون بالاستقلال الكامل وهي تتولي تطبيق وتنفيذ الدستور والقوانين التي تسنها السلطة التشريعية. ج - دولة تقوم علي الشورى تعد الشورى مبدأ أساسيا تقوم عليه الدولة بكل أبعادها فهي ليست مجرد مبدأ سياسي يحكم أشكال العلاقات السياسية فحسب.. بل هي نمط سلوك ومنهج عام لإدارة مختلف جوانب الحياة في الدولة... بالإضافة إلى كونه قيمة إيمانية وخلقية توجه سلوك الأفراد وعلاقاتهم الاجتماعية، يتربي عليها الفرد والمجتمع والحكام لتصبح جزءاً من مكونات الشخصية الوطنية وأحد مقوماتها، ويصطبغ بها كل المواطنين. والشورى التي نؤمن بها ونسعى إلى تحقيقها وتأسيس نظام الحكم عليها ليست قالباً جامداً ولكنها تعني إرساء مبدأ تداول السلطة وحق الشعب في تقرير شؤونه واختيار نوابه وحكامه ومراقبتهم ومحاسبتهم وضمان التزامهم في ما يصدر عنهم من قرارات أو تصرفات لتسيير الشئون العامة ً برأي الشعب مباشرة أو عن طريق نوابه حتى لا يستبد بالأمر فرد أو ينفرد به حزب أو تستأثر به فئة، وهي إلى جانب ذلك مصدراً لتحديد القواعد الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم ودستور الدولة. إن عدم تحديد شكل معين للشورى مع القواعد الإسلامية المقررة لتحقيق مصلحة العباد والبلاد يوجب علينا أن نأخذ بأحسن ما وصلت إليه المجتمعات الإنسانية في ممارستها الديمقراطية في عصرنا الراهن من أشكال وقواعد وطرق إجرائية وفنية لتنظيم استخلاص الإجماع وتحسين ممارسة السلطة وضمان تداولها سلمياً وتوسيع دائرة المشاركة الشعبية فيها وتفعيل المراقبة عليها. د - دولة سيادة القانون تعد سيادة القانون مبدءاً من مبادئ الدولة الدستورية العادلة، ولتعزيز هذا المبدأ وتجسيده في الواقع العملي لابد من: 1. ضمان المشاركة الحقيقية للمواطنين، عبر الهيئات التشريعية في تقديم مقترحات بالتشريعات والقوانين وإقرارها، وفي اختيار ممثليهم. 2. بسط وتعزيز سلطان القضاء وضمان استقلاله والعمل علي تنفيذ أحكامه. 3. ضمان خضوع سلطات الدولة للقانون، وانضباطها به، واحتكامها إليه، واعتبار كل تصرف يصدر عن السلطات العامة مخالفاً للدستور والقانون باطلاً يستوجب المساءلة، بل يجب أن يتضمن الدستور كل ما يؤكد علي عناصر الرقابة والمساءلة والمحاسبة. هـ - دولة مدنية الدولة الإسلامية هي دولة مدنية بالضرورة، لأن الوظائف فيها أساس توليها الكفاءة والخبرة الفنية المتخصصة والأدوار السياسية يقوم بها مواطنون منتخبون، تحقيقاً للإرادة الشعبية الحقيقية،والشعب مصدر السلطات، وصولاً لحفظ أمن المجتمع، إذ تنشأ علاقة بين السلطة والشعب تقوم علي التكامل والتكافل لتحقيق المصلحة العليا للمجتمع، وتعظيم المجال المشترك بينهما، فالشعب الناهض ليس بديلاً عن الدولة الشرعية الفاعلة ولا مزاحما لها، بل يعد مصدرا من مصادر قوة الدولة. والدولة المتصفة بالشرعية والفاعلية أهم مصدر من مصادر قوة الشعب، بما تسمح به من قيام مؤسسات أهلية تتمتع بالاستقلال المالي والإداري، وبما تتيحه من مجالات وما ترسمه من خطط للنهوض والتقدم أمام المواطنين. والدولة هي وكيل عن الأمة تقوم بكل ما لا تستطيع الأمة القيام به، وتقوم بالمهام المركزية مثل الدفاع والأمن والخارجية، وهي مسئولة عن التخطيط المركزي، وتوجيه القطاع الخاص والأهلي بسياسة الحوافز، كما أنها مسئولة عن مواجهة الأزمات والمشكلات الكبرى، وتعويض النقص في الخدمات والحاجيات الأساسية، وهي في كل هذا تعمل وفق تعاقدها الدستوري مع الأمة كوكيل لها، ومن خلال مراقبة السلطة التشريعية لأداء الدولة نيابة عن الأمة.

وللدولة وظائف دينية أساسية، فهي مسئولة عن حماية وحراسة الدين، والدولة الإسلامية يكون عليها حماية غير المسلم في عقيدته وعبادته ودور عبادته وغيرها، ويكون عليها حراسة الإسلام وحماية شئونه والتأكد من عدم وجود ما يعترض الممارسة الإسلامية من العبادة والدعوة والحج وغيرها. وتلك الوظائف الدينية تتمثل في رئيس الدولة أو رئيس الوزراء طبقا للنظام السياسي القائم. ولهذا نري أن رئيس الدولة أو رئيس الوزراء طبقا للنظام السياسي القائم عليه واجبات تتعارض مع عقيدة غير المسلم. مما يجعل غير المسلم معفي من القيام بهذه المهمة، طبقا للشريعة الإسلامية، والتي لا تلزم غير المسلم بواجب يتعارض مع عقيدته، كما أن قرار الحرب يمثل قرارا شرعيا، أي يجب أن يقوم علي المقاصد والأسس التي حددتها الشريعة الإسلامية، مما يجعل رئيس الدولة أو رئيس الوزراء طبقا للنظام السياسي القائم، إذا أتخذ بنفسه قرار الحرب مساءلا عن استيفاء الجانب الشرعي لقيام الحرب، وهو بهذا يكون عليه واجب شرعي يلتزم به.


و- دولة تحقق وحدة الأمة تعمل الدولة المنشودة علي قيام وحدة الأمة العربية أولا ثم الأمة الإسلامية في ظل التكتلات الكبيرة والعولمة.فالأمة الإسلامية أمة واحدة، لأن الأخوة التي جمع الإسلام عليها القلوب أصل من أصول الإيمان لا يتم إلا بها ولا يتحقق إلا بوجودها، ولا يمنع ذلك حرية الرأي وبذل النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فالدين النصيحة.ولقد جمع الإسلام في مجتمعه بين الإخوة الإنسانية و الإسلامية. ولا تجوز الفرقة في الشئون الجوهرية الأساسية في الأمة الإسلامية والخلاف في الفروع لا يضر ولا يوجب بغضًا ولا خصومة. ولأن الدولة وكيل عن الجماعة السياسية المصرية، لذا يكون عليها تحقيق آمال هذه الجماعة في الوحدة العربية ثم في الوحدة الإسلامية، والتي تمثل الانتماء الحضاري والديني، والذي جمع رابطة العقيدة مع رابطة الحضارة، وجعل كل مكونات أمتنا مع اختلاف الدين واللغة وغيرها، ينتمون لوعي جمعي يؤصل لوحدتهم. وللوحدة أشكال كثيرة، وكل ما صلح من تلك الأشكال هو هدف لنا، وكل عمليات الوحدة تتم تدريجيا، وهدفها النهائي الوصول لكيان مؤسسي جامع، في شكل اتحاد عربي ثم اتحاد إسلامي).

الفصل الثاني النظــــام السيـــــاســـي إن المشروعية السياسية، تتطلب وصول المجتمع بكل فئاته لحالة التوافق الديمقراطي حول القضايا والمسائل الوطنية الكبرى، وخاصة قواعد إدارة النظام السياسي والنشاط السياسي ولن يتم ذلك إلا بتوفير مناخ الثقة المتبادل بين كل الفئات كشرط لتحسين الأداء داخل النظام السياسي والذي نرى أن يكون نظاماً رئاسياً - برلمانياً وذلك في ظل الواقع المصري الحالي والمناخ السائد على المستوى الإقليمي والدولي، ويمكن أن يتغير هذا الاختيار في المستقبل إذا ما تغير الواقع المحلي والمناخ الإقليمي والعالمي وطبقاً لإرادة الأمة وباختيارها الحر عبر آليات الديمقراطية الحقيقية، ويتطلب ذلك:

أولاً: توافر المناخ الملائم للتحول الديمقراطي وتعميق الشورى 

أ – تعزيز آليات الديمقراطية ومبادئ الشورى يتم ذلك في إطار مبادئ وقواعد أساسية تقوم علي : 1. توسيع قاعدة المشاركة السياسية لكل القوى، وإشراك كل الفئات وجميع الراغبين في المشاركة، وذلك من خلال استراتيجيه الدمج والإدخال بديلاً عن الإقصاء والاستبعاد واحترام قواعد المنافسة التي تتم من خلال آلية الانتخابات الدورية النزيهة لضمان استقرار العمل السياسي السلمي. 2. التوافق الديمقراطي حول القواعد الأساسية للنظام السياسي، والتي تمثل قاسماً مشتركاً بين كل القوي السياسية، والحفاظ علي المصالح الأساسية لكل فئات وشرائح المجتمع المصري 3. التوافق المجتمعي مقدم علي التنافس السياسي، والوصول إلى الحد الأدنى أو الحد الضروري من توافق أو إجماع الأمة علي نظامها السياسي ودستورها، مقدم علي التنافس القائم علي أغلبية ومعارضة، ونري أن دورنا الأساسي يقوم علي تجميع الأمة لتأسيس نظامها القائم علي الشورى والديمقراطية، وتحديد مبادئها الدستورية الأساسية، مما يمكن من قيام التنافس السياسي في ظل توافق مجتمعي صلب. ب - ضمانات الحرية الحرية كأصل إسلامي وتراث إنساني ركن أصيل في العلاقة التعاقدية بين المواطن أو مؤسسات المجتمع المختلفة من جهة، وبين السلطة الحاكمة من جهة أخرى، بما يوفر عدالةً تُساوي بين الأفراد، وتضمن حرياتهم في الاعتقاد، والتصرف والتملك، وإبداء الرأي والتعبير والتنقل و الاجتماع وتكوين الأحزاب والجمعيات و إصدار الصحف. إن ضمان الحرية، وصيانة الحقوق للمواطن، وفئات المجتمع المختلفة، يتحملها النظام السياسي بكل مفرداته، من نظم ومؤسسات وإجراءات وتوجهات إدارية وعملية، ولا تقتصر الحرية علي الحريات الدينية والسياسية فحسب، ولكنها تشمل التحرر من كل أنواع وأشكال القهر والاستبداد، والنيل من الكرامة الإنسانية. ولمنع استبداد السلطة يجب العمل على : 1. سن التشريعات والقوانين واللوائح الضامنة للحرية. 2. تفعيل نظام للتنشئة السياسية لكل أفراد المجتمع يجعلهم فاعلين ومشاركين في الحياة السياسية، مشاركة إيجابية وسلمية. 3. تطوير النظام التعليمي والثقافي والإعلامي لأجل تكوين المواطن الصالح الناضج والمؤهل للمشاركة السياسية الفعالة، والداعمة للتنمية المستدامة وهذه كلها تضمن؛ تعليم الحقوق والواجبات، وتنمية القدرات الفردية والجماعية، وبث قيم الحوار والمشاركة وتأصيل قواعد المسئولية والمساءلة. 4. تطوير نظام للتنشئة الاجتماعية يدعم احترام الدولة لقيم الشعب المصري وثوابته الأساسية، وخاصة الدينية بكل أطيافها، والتي تعلي من قيمة مدنية الدولة بين أفراد المجتمع. 5. العمل علي أن يعكس الدستور الهوية الجامعة للأمة بأبعادها الإسلامية و الحضارية والعربية ولا يكون متصادما معها، وهذا شرط أساسي لتوليد مناخ تعاقدي توافقي بين الأفراد والمجتمع والدولة. جـ) منظمات المجتمع الأهلي ومؤسسات الشعب تتمثل هذه المنظمات في الأحزاب السياسية والنقابات المهنية والعمالية والاتحادات التجارية والصناعية والطلابية والجمعيات الأهلية وغيرها، وهي تمثل الرأي العام للمجتمع في التعبير عن مصالحه وإبداء رأيه في الشئون العامة ووجود هذه المنظمات المتعددة واستقلالها، يعد ضرورة لاستقرار النظام السياسي، وإقامة الديمقراطية، تضفي الحيوية علي الأنشطة الاجتماعية والثقافية والتربوية، ولذلك فإن تسهيل إنشاء هذه المنظمات واستقلالها ودعمها يعد من أولويات السياسات العامة. ويعني استقلال هذه المنظمات، أن تكون قادرة وممكنة في إدارة شئونها الداخلية وفقاً لأهدافها المعلنة ونظامها الأساسي دون تدخل إداري من السلطة الحاكمة يعطل أعمالها ويقصي فاعليتها الحقيقية، شريطة عدم مصادمة أعمالها للقانون و حريات الآخرين والقيم الأساسية للمجتمع وقواعد النظام العام، وأن تتسم أعمالها بالشفافية وتوسيع قـاعدة المشاركة الطــوعية أمام المواطنين والإفصاح عن مصادر التمويل وطرق الإنفاق.


ثانياً: الفصل بين السلطات سبق القول بأن الفصل بين السلطات من أسس النظام السياسي الدستوري الإسلامي. ولإحداث إصلاح حقيقي يجب مراعاة هذا المبدأ وهو يقوم علي : أ- تحديد الاختصاصات : تختص السلطة التشريعية بمجلسيها الشعب والشورى بعملية التشريع وسن القوانين والرقابة علي السلطة التنفيذية. ونهدف في برنامجنا إلى تعزيز هذه السلطة بضم كافة الأجهزة الرقابية المركزية لمجلس الشعب لتعظيم دوره الرقابي وضم المجالس القومية المتخصصة لمجلس الشورى لتعظيم دوره التشريعي في كافة القوانين والتشريعات وتعظيم دوره التخطيطي خاصة في ما يتعلق بالمشاريع والبرامج القومية. وتختص السلطة القضائية بإعمال سيادة القانون وحسن تطبيقه وإنفاذ أحكامه علي أفراد المجتمع والدولة وتختص السلطة التنفيذية بوضع الخطط التنفيذية وإدارة دولاب العمل الإداري في الدولة وإصدار القرارات اللازمة لتنفيذ القانون والمساعدة علي تنفيذ الأحكام القضائية. إن ضبط نقاط التماس والتداخل بين السلطات آلية مهمة للحفاظ علي استقرار المجتمع وفعالية المؤسسات، لذا يجب البدء بإجراءات تصحيحية تضمن قيام كل سلطة باختصاصاتها، والتأكيد علي ضرورة التوازن والفصل بين السلطات كمبدأ دستوري، وتعزيزه بتشريعات مساندة في سياق عملية تحول سياسي تؤدي لتأسيس نظام نيابي برلماني فعال وقضاء مستقل استقلالاً كاملاً وحقيقياً. ب- حياد جهاز الإدارة العامة: كما يتضمن هيكل النظام السياسي نظاماً فعالاً للإدارة العامة الرشيدة، يقوم علي بُني مؤسسية مستقرة تتسم بمعايير الكفاءة والنزاهة والحياد، وذلك بطرح نظرة شاملة لإصلاح الجهاز الإداري في الدولة تؤهله للقيام بوظائفه التنموية، والخدمية بصورة أكثر كفاءة وحيادية بغض النظر عن تداول السلطة بين الأحزاب المختلفة. فمن المهم أن لا يكون الجهاز الإداري للدولة حزبيا وتابعا لنخبة بعينها، وأن لا يتم السيطرة علي الحكم من خلال السيطرة عليه، مما يجعل أجهزة الدولة طرفا في التنافس السياسي، ويفقدها وظيفتها الأساسية ويعرضها للفساد. ولضمان كفاءة الجهاز الإداري وحياده، يجب أن تخضع الترقيات لقواعد موضوعية ثابتة ومستقرة، مع وضع نظام واضح للمساءلة والمحاسبة، وضمان نظام عادل للأجور والمكافآت يحد من الاستغلال السياسي والفساد المالي والإداري. ولضمان عدالة جهاز الشرطة المركزي ونزاهته في التعامل مع الأفراد والمؤسسات فيجب أن يتبع هذا الجهاز لوزارة العدل لتتمكن من القيام بمهمتها الأساسية المنوطة بها وهي نشر العدل والأمن بين المواطنين بدلا من المهمة الحالية التي فرضها عليها النظام للتحكم في السلطة القضائية وتعطيل أدائها.

جـ - نظام الإدارة المحلية: لتطوير الإدارة المحلية يتبني البرنامج نظام الحكم المحلي وليس مجرد الإدارة المحلية، بما يستتبعه من اللامركزية وتعميق الممارسة الديمقراطية الأمر الذي يستلزم الآتي : 1. اختيار المحافظ بالانتخاب الحر المباشر. 2. منح أعضاء المجالس الشعبية المحلية المنتخبة بمختلف مستوياتها وسائل الرقابة المختلفة كالسؤال وطلب الإحاطة والاستجواب وطلب المناقشة العامة وسحب الثقة وغيرها. 3. منح المجالس الشعبية المحلية المنتخبة حق اقتراح المراسيم المحلية وضبط الميزانيات المحلية في إطار القانون و الخطة العامة للدولة. 4. تبعية أجهزة الأمن علي مستوي المحافظة للمحافظ المنتخب وليس للإدارة المركزية. د-المجتمع الأهلي والرأي العام: يقوم المجتمع الأهلي بتوفير مظلة أمان لاستقرار النظام السياسي، وتعزيز دور المؤسسات، ويتجلي ذلك في سعي الرأي العام ممثلاً في الأحزاب السياسية، والنقابات المهنية والعمالية، والاتحادات التجارية والطلابية و الجمعيات الأهلية وغيرها من المؤسسات للتعبير عن مصالحه وإبداء رأيه في الشئون العامة، وحرية النشاط في مختلف مؤسسات المجتمع الأهلي، والتي هي مؤسسات الأمة، خاصة في النقابات واتحادات الطلاب غيرها، تمثل الأساس لترسيخ مفاهيم المشاركة، لذا لا يجوز السيطرة عليها من قبل الدولة أو من قبل السلطة الحاكمة. ونؤكد هنا أن مؤسسات الأمة الأهلية، هي أساس نشاط الأمة، ولا يجب خضوعها لجهة الإدارة، بل تخضع للقانون فقط. حتى يكون للأمة حريتها في تحديد توجهاتها المستقبلية والحضارية، وبهذا تقوم الأمة بدورها الأساسي ووظيفتها الأولى، وهي النهوض الحضاري. ثالثاً: حرية تداول البيانات والمعلومات إن إتاحة البيانات والمعلومات ضرورة لازمة لتفعيل المشاركة السياسية والمجتمعية وتحسين مناخ الاستثمار. ولتحقيق ذلك يجب إصدار قانون يتيح للأفراد الحق في الحصول عليها وذلك من خلال: 1. تدقيق وتصحيح البيانات الرسمية. 2. إتاحة البيانات المتوافرة لدي المؤسسات القومية للنشر العام. 3. تعزيز حرية الصحافة والنشر والتعبير عن الرأي. 4. الإفراج عن الوثائق المتعلقة بالأمن القومي التي يحددها القانون بعد مضي 25 عامًا. رابعاً: المساءلة والمحاسبة إن غياب المساءلة يفقد النظام السياسي حيويته، ويجعله غير قادر علي التحول نحو النضج المؤسسي، كما يقعده عن القيام بوظائفه الأساسية، باعتبار أن الإصلاح السياسي شرط ضروري لحدوث التنمية الاقتصادية، فلابد من تحسين المناخ السياسي لجذب الاستثمارات وتوفير فرص لنمو المشروعات، مع التركيز علي بناء سياسات لمكافحة الفساد. ويحتاج ذلك إلى: 1. إلغاء تبعية المؤسسات والهيئات الرقابية للسلطة التنفيذية وضمها للسلطة التشريعية متمثلة في مجلس الشعب،ونشر تقاريرها بحرية وشفافية تامة. 2. تعزيز دور السلطة القضائية في تثبيت سيادة القانون واحترام أحكام القضاء. 3. تفعيل دور الرأي العام في عملية الرقابة علي عمل المؤسسات، وذلك من خلال إعطاء حرية الصحافة والنشر أهمية في التشريعات القانونية، والتأكيد علي حرية التعبير للأفراد والجماعات. 4. إصدار قانون جديد لمحاكمة الوزراء. خامساً: التعددية السياسية التعددية السياسية تعكس اختلاف المصالح والاهتمامات والأولويات في المجتمع، وهذا الاختلاف يمكن التعبير عنه بواسطة الأحزاب السياسية، والتجمعات الاقتصادية والثقافية، والجمعيات الأهلية والنقابات المهنية والعمالية بما يحقق الدفاع عن مصالح الأطراف المتنوعة، ولتحقيق هذه التعددية يجب العمل علي : 1. إنهاء هيمنة واحتكار الحزب الحاكم للسلطة ومنع استخدامه لموارد ومؤسسات الدولة وخاصة الأمنية لتحقيق مصالحه. 2. إطلاق حرية تكوين الأحزاب دون تدخل من السلطة التنفيذية،وأن تنشأ الأحزاب بمجرد الإخطار، وذلك بشرط عدم وجود تشكيلات عسكرية لها وألا تتضمن برامجها أي تمييز بين المواطنين. 3. إتاحة فرص أوسع لنشر ثقافة التعددية الحزبية، علي المستوي الوطني. 4. تقوية دور الجمعيات الأهلية والنقابات المهنية والعمالية وكافة مؤسسات العمل الأهلي وذلك بإتباع سياسات تضمن إزالة القيود علي إنشائها، و نشاطها في ظل الحفاظ علي سلطة الرقابة المالية علي الموارد والنفقات لها. سادساً: المساواة وتكافؤ الفرص يعد مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص ضرورياً لتحقيق العدالة و تعميق الانتماء للوطن ويتحقق ذلك عن طريق  : 1. عدم التمييز بين المواطنين في الحقوق والواجبات علي أساس الدين أو الجنس أو اللون كحق التملك والتنقل والتعلم والعمل وممارسة العمل السياسي والتعبير عن الرأي – في ظل الحفاظ على القيم الأساسية للمجتمع-والترشح للمجالس المحلية والنيابية وتولي كافة الوظائف القضائية والتنفيذية، في كل المجالات وعلى جميع المستويات باستثناء منصب رئاسة الدولة فيشترط فيمن يتولاه أو يترشح له أن يكون مسلماً، ونرى أن للمرأة الحق في كافة الوظائف الإدارية في الدولة ما عدا رئاسة الدولة التي اتفق الفقهاء على عدم جواز توليها لها. 2. توسيع المشاركة في الشئون العامة أمام جميع المواطنين علي كافة المستويات الاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية، والسياسية، لاستيعاب الجهود التطوعية، والمساهمة في مشاريع التنمية. 3. تبني سياسات عادلة لتوزيع الدخل القومي بشكل متوازن يمنع الاستغلال، ويوفر الأجر المناسب، ويقلل من سيطرة رأس المال ويحول دون قيام التكتلات الاحتكارية. 4. تمكين المرأة من كافة حقوقها وتكون ممارسة هذه الحقوق بما لا يتعارض مع القيم الأساسية للمجتمع. سابعاً: الانتخابات الحرة النزيهة إن الانتخابات الدورية النزيهة هي وسيلة للتعبير عن الإرادة الشعبية لتداول السلطة، والقضاء علي الاستبداد، ولذا يجب وضع معايير فعالة تقضي علي العيوب المزمنة في الانتخابات التي شهدت انحرافا وتزويرا للإرادة الشعبية وأبعدتها عن عملية تشكيل السلطة السياسية. وتتطلب الانتخابات الحرة ضمان ما يلي : 1. تولي لجنة قضائية مستقلة غير قابلة للعزل الإشراف الكامل علي إدارة الانتخابات والاستفتاءات بمجرد صدور قرار دعوة الناخبين، وتخضع لها كافة الأجهزة التنفيذية والمحلية والأمنية التي تتصل أعمالها بالانتخابات، بحيث تشمل مرحلة الترشيح والتصويت والفرز وإعلان النتائج. 2. إلغاء جداول القيد الحالية والتي لا تعبر بأي صورة من الصور عن الشعب المصري، وإعادة الجداول طبقا للرقم القومي. 3. إدلاء الناخبين بأصواتهم طبقا للرقم القومي، مع توقيع الناخب في كشوف الانتخابات أمام اسمه بإمضائه أو بصمته. 4. فرض عقوبات صارمة علي التزوير أو التلاعب أو التدخل في الانتخابات تصل إلى الأشغال الشاقة بالنسبة للموظف العام، واعتبارها جريمة لا تسقط بالتقادم. 5. وضع ضوابط دقيقة للإنفاق المالي في الانتخابات. 6. كف يد السلطات الأمنية عن التدخل في أي خطوة من خطوات العملية الانتخابية وقصر دورها علي حفظ الأمن ومنع الاحتكاك بين أنصار المرشحين.

الفصل الثالث الأمن القومي والسياسة الخارجية تقوم سياسات الأمن القومي والعلاقات الخارجية علي بناء وتطوير القوة الشاملة للدولة في النواحي السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والثقافية، بما يؤهلها للقيام بأدوار فاعلة علي المستويين الإقليمي والدولي، وفق هويتنا الحضارية الإسلامية، و باستجابة لما تفرضه التطورات الدولية من تحديات، وحماية للمصالح الوطنية في نطاق مصالح الأمة العربية والإسلامية. أولاًَ: الأمن القومي يقصد بالأمن القومي تلك المجموعة من السياسات الإستراتيجية والوقائية التي تعبر عن إرادة الدولة بهدف الحفاظ علي كيانها ونظامها السياسي ومصالحها وقيمها الوطنية، وأمن الشعب ورفاهيته، ومع الحفاظ علي الذات و الهوية الحضارية من دون انغلاق، وبدون التضحية بها لاعتبارات نفعية تحت التذرع بالمصالح الوطنية لأن هذه المصالح تفقد مشروعيتها وقيمها الإصلاحية، إذا لم تنعكس في شكل مصالح وسلوكيات داخلية وخارجية، وتغطي هذه السياسات المنطقة العربية، والعالم الإسلامي، ومنطقة القرن الإفريقي ووسط أفريقيا. أ) التحديات التي تواجه الأمن القومي المصري: تتضافر التحديات الداخلية مع التحديات الخارجية علي نحو يبرز ما أضحت عليه خصوصية معضلة الأمن القومي المصري حيث أن التحديات الداخلية تزيد من عواقب ومخاطر وتهديد التحديات الخارجية، وخاصة ولم تعد الأخيرة تقتصر علي الأنماط التقليدية ( العسكرية المباشرة). 1) التحديات الداخلية: 1. تزايد الاستبداد والفساد وانتهاك الحقوق والحريات السياسية والمدنية، وضعف التماسك الاجتماعي، وتزايد أزمة الهوية مما يهدد الأمن والاستقرار السياسي الداخلي. 2. اتساع الفجوة الغذائية، وزيادة الفقر والبطالة، والاعتماد علي الخارج في الصناعات الإستراتيجية، والموارد الغذائية الرئيسية مثل؛ القمح، وضعف القدرة الصناعية والتكنولوجية، مما يهدد الأمن الاقتصادي الداخلي. 2) التحديات الخارجية : 1. امتلاك "الكيان الصهيوني" المغتصب لأرض فلسطين لأسلحة الدمار الشامل، يمثل تهديداً مباشراً للأمن القومي المصري، ومع استمرار الاحتلال للأراضي الفلسطينية والعربية، وتزايد العدوان علي الشعب الفلسطيني يتزايد خطر التهديد وعواقبه في هذا المجال فإننا نؤكد على موقفنا الثابت من هذا الكيان المغتصب ونعتبر أرض فلسطين كلها أرضاً إسلامية مقدسة وبها المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومقصد المسلمين والمسيحيين وبها أيضاً كنيسة القيامة وهذه الأرض المقدسة كانت أرض الأنبياء ومهبط الوحي ويجب على الأمة أن تعمل على تحرير كل الأرض الفلسطينية وأن يعود اللاجئون إلى وطنهم فلسطين وأن يقيم الفلسطينيون دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس التي تتسع لكافة أصحاب الأديان طبقاً للتساوي في حقوق المواطنة وعملاً بالقاعدة الشرعية لهم ما لنا وعليهم ما علينا. 2. المشروعات والخطط الأمريكية المتتالية للشرق الأوسط - الكبير، والموسع والجديد-، وما تطرحه من الحروب الاستباقية، والتدخل في الشئون الداخلية للدول، باستخدام أدوات القوة المرنة، وباستغلال ورقة حقوق الإنسان، وخاصة حقوق الأقليات والمرأة، وإصلاح التعليم والخطاب الديني. 3. تمركز القوات الأجنبية في مناطق؛ الخليج العربي، ومدخل البحر الأحمر، والعراق، ولبنان، يمثل تهديداً مباشراً للأمن القومي المصري وانتهاكا للأمن العربي وتهديدا لأمن دول الجوار الإسلامية. 4. التدخلات الخارجية باستغلال أوراق الاختلافات المذهبية والقومية والدينية يكون له آثار سلبية علي الداخل المصري، وعلي العلاقات مع الجوار العربي والإسلامي والإفريقي. 5. تزايد الصراعات الداخلية في السودان ومنطقتي القرن الإفريقي، والبحيرات العظمى، وتزايد التدخلات الخارجية فيها يعد مصدر تهديد إستراتيجي يؤثر علي استقرار دول الجوار الإقليمي وعلي أمن الموارد المائية من النيل. ومواجهة هذه التحديات يتطلب مجموعة من السياسات المتساندة تعمل علي تحقيق التماسك الداخلي في المجتمع، وإعادة بناء قوة الدولة الشاملة من ناحية، والتعامل بكفاءة مع التحديات الخارجية من ناحية أخري، انطلاقا من رؤية كلية عن أهداف السياسة الخارجية المصرية تحقيقا للأمن المصري والعربي والإسلامي. ب) أهداف سياسة الأمن القومي: 1. العمل علي تقوية الجبهة الداخلية وضمان ثباتها وترابطها بما يؤهلها للصمود أمام التهديدات الداخلية والخارجية وذلك بإرساء مبدأ المواطنة وإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية تهدف إلى تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد البشرية والاقتصادية، اللازمين للتطوير، بما يحقق تلبية الاحتياجات المحلية، والتنمية الشاملة وتقوية العلاقات والروابط الاقتصادية الخارجية. 2. توزيع السكان ومشروعات التنمية بما يضمن إعادة توزيع الكثافة السكانية والعمرانية في مصر بصفة عامة وفي سيناء بصفة خاصة. 3. اتخاذ كافة الإجراءات والاحتياطات اللازمة لتأمين منابع النيل وضمان استمرار سريانه إلى الأراضي المصرية. 4. العمل علي تطوير التقنيات والصناعات الإستراتيجية، كقاعدة للصناعات العسكرية، والتنموية وتطوير مصادر الطاقة البديلة ومنها الطاقة النووية، لتلبية الاحتياجات التنموية، وكمصدر من مصادر المكانة العلمية والعالمية. 5. توظيف الإمكانات الثقافية الحضارية لمصر لتدعيم وتفعيل علاقاتها مع دوائر انتمائها الحضارية العربية والإفريقية والإسلامية. 6. دعم القوات المسلحة المصرية علي مستوي عنصري قوتها البشرية والتسليحية بما يضمن قيام جيش وطني قوي قادر علي الردع والحماية في ظل اقتصاد قوي يوفر عناصر القوي الأخرى. 7. بذل كافة الجهود للوصول إلى حل جذري وعادل للقضية الفلسطينية، يضمن لجميع الفلسطينيين داخل وخارج الأرض المحتلة حقهم في إقامة دولتهم وعاصمتها القدس علي كامل تراب فلسطين التاريخية. 8. تحسين وتقوية شبكة علاقات تكاملية مع الدول العربية و الإسلامية ودول الجوار الإقليمي ، وإحياء كل صور التعاون من أجل تفعيل حماية المصالح المصرية في امتداداتها المختلفة، وذلك لأن دروس التاريخ تؤكد أن الأمن القومي المصري يبدأ دائما في محيطها الإقليمي والعربي والإسلامي، ولا يبدأ عند حدودها فقط. ونري كذلك أن الوحدة العربية والإسلامية من شروط الأمن القومي، ومن أهم الأدوار الريادية التاريخية لمصر. 9. تدعيم شبكة العلاقات مع القوي الكبرى الصاعدة والمتجددة لموازنة الاعتماد علي القوي الغربية. 10. إقامة نسق من العلاقات الدولية مع كافة دول العالم، قائم علي ندية الوجود و استقلالية الإدارة والمصلحة المتبادلة. ثانياً : السياسة الخارجية، المبادئ والأسس تعكس السياسة الخارجية توجه الدولة ومشروعات إستراتيجيتها التي تحدد علاقاتها مع الشخصيات الاعتبارية الدولية الأخرى، وذلك بما يحقق سيادتها وفق القوانين والأعراف الدولية، وأولوية دوائر الانتماء الحضاري. أن مبدأ العلاقات السلمية مع الدول والشعوب الأخرى، ومؤسسات النظام الدولي، يعزز الاعتماد المتبادل والعلاقات المتكافئة، والتعايش السلمي، ويضمن قيام العلاقات الخارجية علي أساس من الأخوة الإنسانية، ويحقق قيم العدل، وعدم الاعتداء التي أرست قواعدها الشريعة الإسلامية. والتي تقر أيضا بأن العلاقات الخارجية تقوم على التكامل الحضاري كمبدأ لتحقيق التنمية والعمران، كما تقوم علي التعاون بين الحكومات وبين الشعوب المختلفة. وإن المبادئ والنظم التي وضعتها الجماعة الدولية لحل وتسوية الصراعات بين الدول، وخاصة ما يتعلق باتفاقيات عدم الاعتداء، وعدم الاعتداد بآثار الحرب غير الشرعية، واتفاقية جنيف لحماية المدنيين والأسري أثناء الحرب، وغيرها من الضمانات التي تجرم العدوان ونتائجه، وهذه المبادئ و الأصول يحققها وتدعو إليها الشريعة الإسلامية وهناك ضرورة لأن تجد هذه المبادئ طريقها للتطبيق العادل والمتوازن، بما لا يميز بين دولة وأخرى، أو شعب وآخر. وفي إطار ما تقدم فإن أهم مبادئ وأسس السياسة الخارجية هي: أ- الهوية الحضارية الإسلامية والعلاقات الإنسانية  : هناك ضرورة لبناء نسق من العلاقات الدولية يسهل التواصل الإنساني، وذلك بين الشعوب بدعم الجهد الإنساني الساعي نحو التقدم والازدهار، والتطور المعرفي في العلوم التطبيقية والتكنولوجية، ويكافح احتكار المعرفة وحبسها عن الشعوب الأخرى بما يضر بالمصلحة الإنسانية، لأن هذا الاحتكار يعد عمل لا أخلاقي. كما أن سياسات فرض الليبرالية الجديدة باسم حرية السوق والديمقراطية، وكذلك التدخل في الشئون الداخلية باسم حماية حقوق الإنسان، هي من أوجه التعبير عن الهيمنة السياسية والاقتصادية والثقافية، وهو ما يقوض الأساس السلمي للعلاقات الخارجية، ويزيد من مسافات التباعد بين الدول. ب- العلاقات الإقليمية يجب دعم كل من: الجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي والإتحاد الإفريقي، لتحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها هذه المنظمات وسعيا نحو تطوير العلاقات الاقتصادية، والعلاقات الثقافية، والتواصل بين شعوبها. ويجب أن تضطلع المنظمات الأهلية بدور إقليمي يساعد المنظمات المذكورة في تحقيق أهدافها، من خلال المشاركة في برامج العمل ومشروعات التنمية، ومكافحة الجفاف والتصحر، والإغاثة الإنسانية، وحماية حقوق الإنسان وتشجيع التبادل الثقافي. فيجب علي هذه المنظمات الإقليمية إتاحة فرص ملائمة للدور الشعبي، والمدني لأجل المساهمة في برامج عملها، لتوثيق الروابط بين الشعوب، وتوفير المساندة الفعالة لسياسة هذه المنظمات. جـ- المعاهدات والاتفاقات الدولية يحقق مبدأ احترام المعاهدات والاتفاقيات الدولية، الاستقرار في العلاقات بين الدول، كما يضع إطاراً قانونياً لتسوية الخلافات فيما بينها. ويتيح القانون الدولي، وكذلك المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وسائل للتحقق من مدي التزام الأطراف بالمعاهدات، كما يتيح طرق مراجعتها إذا ما رأي أحد أطرافها أن ثمة غبن في المعاهدة يضر بموقفه أو وضعه الأمني، وهذه المراجعة للمعاهدات والاتفاقيات الثنائية، هي عملية مستقرة في المعاملات الدولية، وقد ينص عليها في بنود المعاهدات، وتعتبر إجراءً عادياً، ونرى أن اتفاقية كامب ديفيد قد تم توقيعها في ظروف لم تتوفر فيها ضمانات وتوازنات القوى وهي بذلك لم تعبر عن إرادة الأمة الرافضة لوجود الكيان الصهيوني المغتصب لأرض فلسطين وقد مارست أمريكا ضغوطاً واستخدمت اغراءات عديدة لكي توقع عليها مصر ولم يتحقق - حتى بنصوصها الجائرة غير المقبولة من الأمة – من خلالها سلام ولا استقرار للمنطقة ولم يحصل الفلسطينيون على أي من الحقوق المنصوص عليها في هذه الاتفاقية التي رفضناها في حينها (عام 1979) ومازلنا نرفضها بموقفنا الثابت من القضية الفلسطينية، ونرى أن تعرض الاتفاقية على الأمة في استفتاء شعبي لتقرير موقف الدولة المصرية منها. ويعد احترام العهود والمواثيق الخاصة بحقوق الإنسان في القانون الدولي، ضمانة مهمة لرعاية حقوق الإنسان وحمايته من التعذيب والتمييز، فيجب الالتزام بالاتفاقيات المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية، والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، والعمل علي وضعها حيز التطبيق. د - الموقف من سياسة الأمم المتحدة لقد وظفت بعض القوي الدولية – وخاصة أمريكا - منظمة الأمم المتحدة في خدمة مصالحها، مما جعلها لا تحقق الأهداف التي أنشئت من أجلها، فقد استخدمت في إضفاء شرعية زائفة علي التدخلات الخارجية في شئون الدول والشعوب بالقوة العسكرية أو بغيرها من الأدوات. ولأجل تحقيق السلم الدولي، يجب إصلاح منظمة الأمم المتحدة بما يجعلها قادرة علي الالتزام فعلاً بما نصت عليه من مبادئ وبالحيدة والتوازن بين المصالح المتعارضة، علي أن تقوم الأمم المتحدة علي أسس الديمقراطية الدولية السليمة التي ننادي بها، دون نظريات حكم الأقوى، والتي جعلت الديمقراطية تخص الشئون الداخلية للدول، دون الشئون العامة للنظام الدولي.











الباب الثالث التعليم والتنمية البشرية











الفصل الأول التعليم و البحث العلمي يهدف الحزب من خلال توجهاته إلى إصلاح وتطوير التعليم في كافة مراحله استشعارا للواجب والمسؤولية تجاه ديننا، تجاه وطننا، و تجاه أمتنا وإدراكا لأهمية و خطورة التربية والتعليم في إعداد وتكوين الأجيال المتعاقبة. وهذا الإصلاح والتطوير من شأنه أن يعمق الهويّة العربية والإسلامية ويقوي الانتماء ويعظم التنمية بما يحقق التقدم والريادة والصدارة للأمة. كذلك يهدف الحزب إلى إصلاح وتطوير البحث العلمي بما يجعله الأداة الرئيسية لتلبية احتياجات المجتمع والأمة وتحقيق طموحاتها وتقدمها في الداخل والخارج. فالتعليم والبحث العلمي هما قاطرة التنمية. ومن هنا نري أن يعطي التعليم والبحث العلمي أولوية في التمويل أو علي الأقل يكون من الأولويات القصوى الرئيسية. أولاً: التـعليم التعليم في مصر يعاني من مشكلات و سلبيات جسيمة جعلت منتج العملية التعليمية، سواء قبل الجامعي أو الجامعي وغير الجامعي، يفتقر لأبسط معايير الجودة التي يستطيع بها خدمة خطط الدولة للتنمية وغزو سوق العمل بكفاءة. وبناءاً علي هذا يقدم الحزب رؤيته الموجزة لإصلاح و تطوير التعليم. مبادئ عامة: يدرك الحزب ضرورة أن يكون هناك رسالة وفلسفة وأهداف ورؤية واضحة للتعليم تعبر عن هوية وآمال هذه الأمة وطموحاتها في الداخل والخارج. الرسالة: بناء الإنسان الصالح القوي الأمين وإعداد وتكوين الأجيال المتعاقبة المدربة في كافة التخصصات بما يحقق احتياجات وطموحات المجتمع والأمة نحو التقدم و الصدارة وعمارة الأرض و التواصل مع العالم و التعاون من أجل أمن واستقرار ورخاء البشرية. وذلك من خلال منظومة تعليمية متطورة، وتعليم متميز منافس يعمق الهوية العربية والإسلامية بما يسهم في التنمية المتكاملة. الفلسفة والأهداف: تكمن الفلسفة في أن التربية والتعليم هما السبيل للإصلاح والتطوير وهما الطريق للبناء و النهوض و إقامة مجتمعات المستقبل التي ينقل عنها العالم ويقصدها للتعلم، وأن طلب العلم فريضة علي كل مسلم و مسلمة والتخصص في كافة علوم العصر وتقنياته بما تتطلبه الأمة فرض كفاية. وأن التربية والتعليم هما الطريق إلى الوحدة الثقافية والفكرية في مصر والعالمين العربي والإسلامي حتى تتوحد الأهداف و يقوي نسيج المجتمع. وأن العملية التربوية التعليمية هي الوسيلة لإعداد الرجال وتحقيق الأهداف الآتية: 1. تعميق الهوية العربية والإسلامية و تعزيز الوحدة الوطنية فكراً وسلوكًا. 2. إنتاج المعرفة من خلال التعليم والبحث العلمي، و التي هي أساس النهضة. 3. توجيه التعليم والبحث العلمي لخدمة خطط الدولة للتنمية ولإنتاج ما نحتاجه واستمرار تحسينه وتطويره. 4. توظيف تقنيات العصر وإكساب المهارات وبناء القدرات بما يحقق الإبداع و الابتكار. 5. القضاء علي الأمية في مختلف المراحل السنية. الـرؤيـة: 1. أن تصبح مصر في الصدارة و قدوة للعالمين العربي والإسلامي في المنظومة التعليمية و ملاذاً للحصول علي كافة أنواع العلم و المعرفة ذات المستوي التنافسي. وأن يصبح الخريج المصري ذا مستوي مميز منافس في الداخل و الخارج. 2. بناءً علي هذا يتحتم وجود سياسة تعليمية عامة معلنة بمنأى عن أي عبث. هذه السياسة تسعي إلى خريج له المواصفات الآتية: • بناء عقلي و نفسي سليم • قوي الجسم سليم البدن • ومؤهل علميًا • مدرب عمليا • قادر علي المنافسة وفق احتياجات السوق الداخلي و الخارجي. وذلك من خلال خمس مقومات: التميز، الإيجابية، اليقظة، الالتزام بالهوية، الالتزام بالأخلاق، و التعاون. 3. وضع إستراتيجية للتعليم في مصر يبني عليها خطط تنفيذية علي مراحل مختلفة. 4. المتابعة و التقويم المرحلي المستمر و قياس مدي تحقق الأهداف. 5. ضبط سياسة التعليم الأجنبي بما يتفق مع سياسة الدولة و خطط التنمية. القواعد الحاكمة: 1. التعليم قبل الجامعي حق تكفله الدولة لجميع أفراد المجتمع، وتوفر كل أنواع التعليم بعد ذلك حسب القدرات العلمية، و تشرف عليه في كل مراحله. 2. ملازمة التربية للتعليم في كل مراحل التعليم. 3. إفراد اللغة العربية في المراحل الأولي للتعليم. 4. الأخذ بأسباب العصر في وضع الخطط الدراسية والمناهج مع تأهيل المعلمين والنهوض بهم لهذه المهمة. 5. تحقيق التوازن بين أنواع التعليم وتخصصاته و بين الكم والكيف طبقاً لاحتياجات المجتمع ومتطلبات التنمية. 6. توجيه عناصر العملية التعليمية من مقررات دراسية وأنشطة تربوية وتعليمية وتقويمية وغيرها لخدمة وتنمية عملية التعلم الذاتي والابتكار والإيجابية. 7. تعاون مؤسسات المجتمع مع المؤسسة التعليمية للوصول للشخصية المتكاملة. 8. يوفر التعليم قبل الجامعي الحد الأدنى من الإعداد لسوق العمل. ثانيا: عناصر الإصلاح و التطوير لمراحل التعليم المختلفة كما يراها الحزب: مخرجات التعليم قبل الجامعي هي مدخلات التعليم الجامعي. والتعليم قبل الجامعي هو الأساس الذي يبني عليه. والسياسات لإصلاح وتطوير التعليم تشمل الطريق بمراحله المختلفة، من رياض الأطفال حتى التخرج من الجامعة. وتكامل الإصلاح والتطوير مطلوب. عناصر عامة مشتركة: 1. توسيع التعليم نوعاً وكيفاً وجغرافياً بما فيه التعليم المفتوح والتعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني وغير ذلك، وتوفير التدريب والتعليم المستمر لمواكبة التقدم العلمي والتقني المذهل والمتسارع والتركيز علي تنمية قدرات التفكير الابتكاري و بناء المهارات. 2. العمل علي مشاركة المجتمع في سد فجوة التمويل والعودة إلى نظام الوقف للمشاركة في تمويل التعليم. 3. الربط بين التعليم وخطط التنمية للدولة بما يحقق تلبية احتياجات ومتطلبات المجتمع والأمة. 4. تحقيق مقومات الاستقرار النسبي في السياسة التعليمية. مرحلة رياض الأطفال: مرحلة رياض الأطفال جزء لا يتجزأ من المنظومة التعليمية، و لذا يجب: 1. وضع خطة زمنية لاستيعاب جميع أطفال هذه المرحلة السنية. 2. وضع البرامج المناسبة لخصائص هذه المرحلة. 3. التوسع في كليات رياض الأطفال مع الإعداد الجيد لمعلمات هذه المرحلة. مرحلة التعليم قبل الجامعي: 1. تطوير وتحديث المناهج والأنشطة بما يتناسب مع العصر وبما ينمي القدرات والمواهب ويحقق الأهداف والمواصفات المطلوبة. 2. الارتقاء بالمعلم مادياً واجتماعيا وإعداده بتدريبه وتأهيله تربوياً ومهنياً بما يحقق جودة العملية التعليمية و الارتقاء بالأداء المدرسي مع العمل علي سد النقص في المعلمين بالعناصر المؤهلة والمدربة. 3. تطوير برامج كليات التربية بما يؤهلها لتخريج المعلم القادر علي أداء رسالته. 4. السعي إلى تطبيق نظام المدرسة الإعدادية و الثانوية الشاملة بمقومات نجاحه والذي يجمع بين التعليم العام والتعليم الفني. 5. الاهتمام بالجودة الشاملة و تطبيق مشروع المعايير القومية للتعليم وتفعيله. 6. زيادة نسبة إنفاق الدولة علي التعليم لتصل بالتدريج إلى المعدلات العالمية وتشجيع المشاركة المجتمعية في بناء المدارس المتكاملة بخدماتها ومرافقها بما يحقق تخفيض كثافة الفصول وتيسير الإجراءات الحكومية في هذا المجال. 7. ضرورة التأهيل التربوي والإداري والفني للإدارة المدرسية والإدارة التعليمية مع المتابعة والتقويم المستمر للأداء المدرسي. 8. وضع خطة قومية بجدول زمني لمحو الأمية مع متابعة صارمة للتنفيذ، والعمل علي تجفيف منابعها. 9. إعادة الثقة بين المجتمع ومؤسساته التعليمية وتوطيد الصلة بين الأسرة والمدرسة من خلال جودة العملية التعليمية وإتقان أداء المعلم للحد من ظاهرة الدروس الخصوصية. 10. الحرص علي التربية المتكاملة لتلاميذ وطلاب كافة المراحل مع تعميق الوعي، خلقاً وسلوكاً، بالقيم الدينية. 11. توفير مقومات النجاح لنظام اللامركزية وتحقيق شروطها من خلال عناصر مؤهلة جادة مخلصة واعية تسعي لتفعيل المشاركة المجتمعية وتميز العملية التعليمية. 12. مراجعة مناهج وخطط التعليم الأزهري والارتقاء به وتحسين جودته وربطه باحتياجات الدولة والعالمين العربي والإسلامي من دعاة وعلماء وهيئة تدريس. 13. الارتقاء بدور الفتاة في المجتمع من خلال برامج دراسية إضافية متميزة. 14. توفير الرعاية التعليمية لذوي الاحتياجات الخاصة. 15. اكتشاف ورعاية ذوي المواهب الخاصة والقدرات الشخصية المتميزة و المبدعين في كافة المجالات. 16. تكامل مؤسسات الدولة التعليمية و الثقافية والإعلامية بمقومات الإصلاح والتطوير. 17. مراجعة جذرية وإعادة نظر شاملة للتعليم الفني مع جدية دراسة تطبيق نظام المدرسة الشاملة. مرحلة التعليم العالي (الجامعي وغير الجامعي): 1. تعديل قانون الجامعات ولائحته التنفيذية ويتضمن: • تعديل المواد التي ثبت بالممارسة أنها غير مناسبة و كذلك سد الثغرات في القانون القديم. • وضع محاور عامة لإصلاح و تطوير التعليم العالي. • تقنين مهام الجامعة و سبل القيام بها،المهام ثلاثة:- ( التعليم و التدريب – البحث العلمي وإعداد كوادر الباحثين – خدمة وريادة المجتمع في الإصلاح و التغيير و الفكر و الثقافة و حل مشكلاته و معالجة قضاياه). 2. زيادة أعداد و كفاءة أعضاء هيئة التدريس و معاونيهم وتحسين أحوالهم ووضع آلية لتقويم الأداء. 3. تطوير المناهج و البرامج الدراسية و نظم الامتحانات والتقويم بما يحقق الأهداف والمواصفات. 4. ضرورة وضع مواصفات للخريج يسعي لتحقيقها من خلال نظم دراسية متطورة. 5. تفعيل الأنشطة الطلابية المتنوعة في الجامعة و دعمها كجزء أصيل في تكوين الشخصية المتكاملة للطالب، وضرورة تعديل لائحة الطلابية بما يكفل حرية النشاط الطلابي. 6. تقييم الأداء في العملية التعليمية وضمان الجودة و الاعتماد من داخل المؤسسات التعليمية وخارجها. 7. رفع كفاءة الجامعات الحكومية وتقليل الكثافة الطلابية بها وتحسين الإمكانات في التعليم قبل الجامعي بما يؤهل خريجيه لسوق العمل. و جدية و موضوعية المتابعة والتقويم للجامعات والمعاهد الخاصة. 8. تطوير نظام القبول بالجامعات والمعاهد بما يناسب قدرات ورغبات ومواهب الطلاب واحتياجات سوق العمل. 9. إعادة النظر جذرياً في التعليم العالي غير الجامعي ودعمه بما يحقق الأهداف المرجوة وربطة بخطط الدولة للتنمية. 10. السعي إلى استقلال الجامعات استقلالاً فعلياً: إدارياً، مالياً ،تعليمياً، و بحثياً. 11. أن يتبني المجلس الأعلى للجامعات والنقابات خطة قومية لتعريب العلوم وتعريب التعليم من خلال التأليف بالعربية والترجمة إلى العربية. 12. تحرير الجامعات من التدخلات الأمنية وخصوصاً التعيينات والأنشطة الطلابية. ثانياً: البـحـث العـلمـــي البحث العلمي في مصر أبعد ما يكون عن خطط الدولة للتنمية ولا يؤدي أي دور لتطوير الإنتاج والخدمات والمرافق وذلك لغياب المشروع القومي وندرة التمويل، و من ثم يجب تبني سياسة واضحة للبحث العلمي يبني عليها إستراتيجية ينبثق عنها خطة تنفيذية تدفع للبلاد إلى الأمام. القيم الأساسية و القواعد الحاكمة: 1. سيادة التميز الأخلاقي بما يضمن الحفاظ علي البيئة و القيم الأساسية للمجتمع. 2. الريادة وعدم التبعية. 3. استشراف قضايا المجتمع والإبداع في حلها. الرسالة: تلبية متطلبات وطموحات المجتمع والأمة لامتلاك أسباب القوة والنهضة والإسهام في تحقيق الريادة والصدارة العلمية والتقنية. وذلك من خلال العناصر البشرية المدربة المبدعة والكوادر البحثية المتميزة المنافسة وتوفير بنية بحثية متكاملة. الأهداف: 1. إعداد الكوادر البحثية الصالحة المتميزة الفاعلة لقيادة مجال البحث العلمي والتقدم التقني إلى المنافسة والريادة. 2. تنمية الابتكار والإبداع وحماية حقوق الملكية الفكرية. 3. زيادة نسبة التمويل المخصصة للبحث العلمي تدريجياً حتى تصل إلى المعدلات العالمية. 4. الإضافة المستمرة للمعرفة الإنسانية في ضوء القيم الإسلامية. عناصر إصلاح وتطوير البحث العلمي: 1. تطوير نظم الدراسات العليا والبحوث بالجامعات ومراكز البحوث بما يحقق تكوين الباحث الملتزم بالأخلاقيات والقيم والهمة العالية، مع توفير كافة المقومات لتكوينه. 2. وضع إستراتيجية قومية تفعل نقل وتوطين وتطوير التقنيات. 3. وضع خطة قومية تحدد مجالات البحوث ذات الأولوية تشارك فيها الجامعات والمراكز البحثية بالوزارة والمؤسسات المختلفة. 4. تفعيل دور أعضاء هيئة التدريس والباحثين ومعاونيهم بالجامعات ومراكز البحوث في وضع خطط الدولة للتنمية ومتابعة تنفيذها. 5. ربط مؤسسات البحث العلمي بمراكز الإنتاج والخدمات والمرافق بما يحقق تنشيط وحدات البحث والتطوير، و تحفيز رجال الأعمال والمؤسسات المجتمعية لدعم إمكانات البحث العلمي. 6. نشر ثقافة البحث العلمي لتعزيز الدور الحيوي للعلم والعلماء في حل مشكلات المجتمع. 7. إنشاء مراكز تميز بحثية مختلفة بالجامعات المصرية مع تعزيز التعاون بينها. 8. تكوين قاعدة بيانات دقيقة في كافة مجالات البحث العلمي. 9. دعم البعثات الخارجية في مجال التخصصات الحديثة خصوصا التي نفتقر فيها إلى وجود خبرات محلية. 10. السعي إلى جذب العلماء و الباحثين المصريين العاملين بالخارج للاستفادة بجهودهم وخبراتهم لدعم القاعدة البحثية. 11. تشجيع الإسهام الجاد في المؤتمرات العلمية الداخلية والخارجية مع المتابعة والاستفادة بالمردود منها. 12. توفير الحياة الكريمة الآمنة والمناخ المناسب للعاملين في مجال البحث العلمي مع المتابعة وتقييم العائد تحقيقا لمتطلبات المجتمع والأمة. 13. إحياء نموذج الوقف الإسلامي لدعم تمويل التعليم والبحث العلمي.







الفصل الثاني الصحة والبيئة والدواء أولاً: الصحة: تُعَدُّ الرَّعايَة الصِّحيَّة أحد حقوق الإنسان الاجتماعيَّة الأساسيَّة، ويكفل الدَّستور هذا الحق، كما تكفلها التزامات الدَّولة تجاه المواثيق الدَّوليَّة المعنيَّة، وخاصة العهد الدَّولي الخاص بالحقوق الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والثقافيَّة. وبما أن الصحة هي نتاجٌ لعوامل اقتصاديَّة واجتماعيَّة مُتداخلة تختص بمجتمعٍ مُعينٍ وتنطوي علي ظروفٍ بيئيَّةٍ وتعليميَّةٍ واقتصاديَّةٍ مُتَعَدِّدَةٍ؛ فإن هذا البرنامج يتبنَّي رؤية لتطوير أوضاع القطاع الصِّحي علي النَّحوِ التَّالي: 1. توفير آليات لتقديم الرَّعايَة الصحيَّة بشكلٍ مستمرٍ إلى كافة المواطنين، أيًا كانت قُدُرَاتِهم الماليَّة، أو مكان سكنهم، بما يضمن سهولة تلقي المواطن الخدمة العلاجيَّة التي يرغب بها، مع التركيز علي غيرِ القادرين في هذا الشَّأنِ. 2. تقديم خدمة التَّأمين الصِّحي، بشكلٍ يسمح بالارتقاء بجودة الخدمة الصِّحيَّة ويضمن عدالة توزيعها بما يُوَفِّر لمحدودي الدَّخل القدرة علي الحصول علي الرَّعايَة الصِّحيَّة. 3. التَّوَسُّع في إنشاء وحداتٍ صحيَّةٍ صغيرةٍ في المُدنِ والقرى والمراكز، مع دعم الجهود التَّطوُّعيَّة، ودعم المستوصفات الخيريَّة التي تُقَدِّم الخدمات الصحيَّة للمواطنين بالمجان أو بالحد الأدنى من التَّكاليف. 4. توفير الإمكانات الماديَّة اللازمة لتزويد المُستشفيات العامة بأحدث الأجهزة الطبيَّة العلاجيَّة والجراحيَّة لضمان رعايةٍ أفضل للمرضى. 5. العناية بتدريب الأطباء وتعليمهم كيفيَّة التَّعامُل مع أحدث الأجهزة الطبيَّة، والاهتمام بمهنة التَّمريض من حيثُ تحسين أوضاعها الماليَّة والمهنيَّة. 6. الاهتمام بمعاهد الصحة العامة، وتنشيط الزيارات الصحيَّة والقوافل الطبيَّة في المُدُنِ والقُرى، وتوعية الأُسر بضرورةِ العناية الصحيَّة للوقاية من الأمراض. 7. تطوير البحوث الطبيَّة بالتَّعاوُن بين الجامعاتِ ووزارةِ الصِّحة، وبين مثيلاتها خارج مصر، وتبادل الخبرات معها للإفادة من التَّطورات الحديثة في هذا.

ثانياً: الدواء : وفيما يتعلق بقضية الدواء في مصر فإن البرنامج يتبني وجوب توفير الدواء الذي يشمل جميع أصناف القائمة الأساسية للدواء وبسعر مناسب وبفاعلية عالية وذلك عن طريق تبني سياسة دوائية تقوم علي : 1. ربط تراخيص الدواء لدي شركات الدواء بما يتناسب مع هذا الهدف. 2. تبني سياسة تسعيرية تتمشى مع قدرات المواطن العادي. 3. إقامة معامل علي مستوي تقني متطور لقياس مدي فاعلية الدواء المرخص في مصر. 4. العمل علي بناء قاعدة صناعية للدواء تتضمن صناعة المواد الفعالة وباقي المدخلات لسدِّ الاحتياجات الأساسيَّة في مختلف أنواع الدواء، لاسيما الأدوية الحيوية مثل أدوية القلب والسُّكَّر والسرطان، وإيجاد البديل الوطني لها بعيدًا عن البديل الخارجي الذي تتدخَّل فيه الاعتبارات السِّياسيَّة البحث العلمي في هذا المجال. 5. دعم البحوث والتطوير في مجال صناعة الدواء بصفة عامة والبدائل الطبيعية بصفة خاصة. ثالثاً: البيئة: يُعَدُّ الحفاظِ علي البيئة من التلوث من القضايا الأساسيَّة، لارتباطها بمهمة إعمار الأرض، ولكونها والموارد الطبيعيَّة ملك للأجيال القادمة، ولذا فإن هناك ضرورة للحفاظ علي التَّنَوُّع البيولوجي، وحمايَة التَّوازُن البيئي. كما تَعني البيئة توفير المُناخ الملائم ليُمارس النَّاس حياتَهُم بأمانٍ، ولذلك يجب العمل علي الوصول إلى المعايير البيئيَّة الملائمة، لتوفير صحةٍ أفضل للمواطنين، ذلك من خلال عملٍ مشتركٍ وفعَّالٍ بين الدَّولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص، والتَّنسيق مع المنظماتِ الدَّوليَّة، بشكلٍ يؤدي في النهاية إلى نظامٍ متكامل للتَّعامُل مع المُخلَّفاتِ بكافةِ أنواعها وحمايَة الموارد المائيَّة والطبيعيَّة. وتَتَمَحْوَر السِّياسة البيئيَّة العامَّة في هذا الإطار حول جُملة الإجراءاتِ التَّاليَّة: 1. توحيد وتنسيق الجهود بين الوزارة وجهاز شئون البيئة مع العمل علي ربطها بمؤسسات الصحة وباقي المؤسسات الصحية والبيئية وذلك بإنشاء مجلس أعلي للصحة والبيئة والدواء. 2. اتخاذ كافة الإجراءات التي من شأنها حماية نهر النيل ـ والذي يعد من أعظم نعم الله سبحانه وتعالي علي هذا الوطن ـ وذلك عن طريق إنشاء مجلس قومي لحماية نهر النيل والذي يجمع كل الهيئات ذات الصلة لتجنب تضارب المسئوليات مع سن التشريعات والقوانين التي تجرم تلويث هذا النهر العظيم والعمل علي سرعة وصرامة تنفيذ هذه التشريعات. 3. العمل علي حل مشكلة مياه الشرب والصرف الصحي في المدن والقرى وذلك باستخدام وسائل التنقية المعدلة بدلا من الطرق التقليدية وذلك لتقليل التكلفة الاستثمارية وضمان سرعة ومحلية التنفيذ وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في الزراعات غير الغذائية. 4. الحد من مشكلة التلوث الصناعي وذلك بسن وتطبيق التشريعات التي تغرم الملوث بصورة رادعه بالإضافة إلى نقل الصناعات شديدة التلوث خارج كردونات المدن وتقديم الحوافز المادية للصناعات النظيفة والمصانع المتميزة في أوضاعها البيئية. 5. حل مشكلة تلوث الهواء بعوادم السيارات وذلك بإعداد السياسات وسن وتطبيق القوانين والتشريعات التي تحد من أضرار هذه العوادم وذلك بتحفيز استخدام الغاز كوقود بديل وإجراء الفحص الدوري علي هذه العوادم وتغريم الملوث بصورة رادعة. 6. وضع حلول جذرية لمشكلة المخلفات الصلبة الناتجة عن تراكم القمامة وذلك عن طريق توظيف الطاقات المحلية وإعادة استخدام هذه المخلفات خاصة المخلفات الزراعية مثل قش الأرز في بعض الصناعات مثل صناعة الأسمدة الحيوية. 7. العمل علي الحد من تلوث التربة الزراعية ومياه الصرف الزراعي بالمبيدات والعناصر الثقيلة وذلك بتحفيز أساليب المقاومة اليدوية والبيولوجية ووضع ضوابط صارمة لمنع استخدام المبيدات المحظورة. 8. حماية الشواطئ المصرية من التلوث الناتج عن إلقاء فضلات السفن وناقلات البترول والكيماويات وذلك بتوفير آليات رقابة مستمرة في صورة دوريات بحرية وغيرها. 9. الحد من مشكلة التلوث السمعي والبصري وذلك بإعداد وتنفيذ السياسات والتشريعات التي من شأنها تجريم استخدام مكبرات الصوت في الأماكن العامة والعمل على إعادة التناسق بين أشكال البناء والعمارة وعلاقته بالبيئة المحيطة في المدن والقرى. 10. تبني مجموعة من السياسات والإجراءات التوعوية للمواطن المصري في مجال البيئة وذلك عن طريق المناهج التعليمية ووسائل الإعلام ودور العبادة.






















الباب الرابع الاقتصاد والتنمية المستدامة


الفصل الأول

مرجعية التنمية

مقدمة : تأسيساً على التنمية البشرية ودعماً لها يتناول هذا الباب عملية إحداث التنمية المستدامة في الاقتصاد المصري، ومن ثم يرتبط جذرياً بالتنمية الاجتماعية والنهضة الثقافية في البابين الآخرين : الخامس والسادس، كما يرتبط عضوياً بالإصلاح السياسي والدستوري في البابين الأول والثاني. التنمية الاقتصادية: لإخراج الاقتصاد المصري من حالة التخلف التي يعاني منها، والتي تنعكس في رداءة نوعية الحياة التي يعيشها المواطن، والانخفاض المستمر في مستوى معيشته، يهدف البرنامج إلى إحداث عملية تنمية اقتصادية، متوازنة قطعيًّا وإقليميًّا، ومستدامة زمانيًّا، ويتم ذلك باستخدام أشمل وأكفأ للموارد الطبيعية والبشرية والمالية والفنية المتاحة، والممكن إتاحتها، في إطار مرجعية النظام الاقتصادي الإسلامي، ومن خلال سياسات وإجراءات إنمائية ونقدية ومالية وتجارية، كلية وقطاعية، تتصدى بالمعالجة التشغيلية "الواقعية" المتدرجة لمشكلات الاقتصاد المالية والهيكلية، المزمنة والرئيسة. المشكلات: تشمل هذه المشكلات: انخفاض معدلات الادخار القومي وضعف التكوين الرأسمالي والاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتدني معدلات النمو في الناتج المحلي الإجمالي، وحدة الفقر الاقتصادي، وتفاقم مشكلة البطالة، والارتفاع الجامح في الأسعار، والعبء المتزايد للدين العام الداخلي والمديونية الخارجية، وزيادة الطاقات الإنتاجية العاطلة وضعف الإنتاجية، وضعف القطاعات السلعية (الزراعة والصناعة والتعدين والتشييد والبناء)، وتدهور مستويات القطاعات الخدمية (النقل والمواصلات والتخزين، والتجارة والمال، والسياحة، والصحة والتعليم، والخدمات الاجتماعية والثقافية والإعلامية)، وزيادة تلوث البيئة، وتفشي الفساد والاختلال المتزايد في الميزان التجاري والاختلال المزمن في ميزان المدفوعات، والاعتماد المتزايد على الخارج والتبعية الاقتصادية. مرجعية النظام الاقتصادي الإسلامي: ويستمد هذا البرنامج الاقتصادي مرجعيته مباشرةً وأساسًا من فلسفة وعناصر النظام الاقتصادي الإسلامي، والذي تتمثل غايته في عبادة الخالق تبارك وتعالى، عبادة بالمعنى الواسع، الذي يتضمن كل تصرفات الفرد، وعلى رأسها فرض تعمير الأرض تحقيقًا لطيب الحياة، وتوفيرًا لتمام الكفاية لكل فرد يعيش في المجتمع المسلم، مسلمًا كان أم غير مسلم؛ وفي ذلك يقول الأصوليون: إن البناء على المقاصد الأصلية يصيِّر تصرفات المكلف كلها عبادات، كانت من قبيل العبادات أو العادات. ومن ثمَّ يقوم النظام على قاعدة أن الأصل في المعاملات "الحِل" أخذًا بالأسباب وتعميرًا للأرض، وعلى الجمع في توازنٍ دقيقٍ وتزاوجٍ فطري بين الروح والمادة، والفرد والجماعة، والعبادات والمعاملات، مؤكدًا على تكامل هذه الثنائيات لا تنافرها، في عدالةٍ واعتدال، ودون إفراط أو تفريط، ومحددًا أدوار العمل ومسئوليات القطاعات- الوظيفية والإنتاجية-، وواضعًا الضوابط الحاكمة للأداء، والمعايير العادلة لتوزيع الناتج، لمنع كل الممارسات الخاطئة، الممكن حدوثها إنسانيًّا، والتي تعوق مسيرة المجتمع نحو حياةٍ أفضل. وعلى ذلك، يقوم النظام من خلال رقابة ذاتية متيقظة على التنفيذ في كافة المستويات، ووفقًا لإجراءات محددة للتوجيه والمتابعة والتقويم والمساءلة والثواب والعقاب، بتصحيح آني لما يقع من انحرافات. ومن ثمَّ، يعالج النظام- عمليًّا- كل صور الانحرافات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، مؤكدًا التحريم الصريح والقاطع: للقهر والاستبداد، والظلم والاستغلال، والربا والغرر، والرشوة والمحسوبية، والاحتكار والاكتناز، والتطفيف والبخس، والإسراف والتقتير، والغش والتدليس، والتزوير والتزييف... إلى آخر صور القهر السياسي والتخريب الاجتماعي والفساد الاقتصادي ، ومن ثمَّ، يقوم هذا النظام على أخلاقيات الإسلام كمتغير داخلي في آليته، ومحرك رئيس لفاعليته.

  • ولتحقيق غايته في عبادة الله وتعمير الأرض، ولإنجاز مقاصده التفصيلية والمتمثلة في حفظ فطري وتعميري للدين والنفس والعقل والمال والنسل، جعل العمل جزءًا أساسيًّا من العبادة، والتكافل الاجتماعي من خلال الزكاة والصدقات التطوعية والنفقات المفروضة ركنًا أصيلاً من بنيانه، والمشاركة الشعبية من خلال الشورى أداة رئيسة لحياة سياسية سليمة لتيسير الاقتصاد والمجتمع.

وينطلق النظام من حقيقة إيمانية، وهي أن الإنسان خليفة الله سبحانه وتعالى في الأرض: ملكيةً، وتثميرًا، وتعميرًا، وتكافلاً، وشورى، وتربيةً، وإخاءً وقدوةً.

  • ويتم النشاط الاقتصادي، وفقًا لهذا النظام من خلال السوق الإسلامية، التي تقوم على أساس آليات "المنافسة التعاونية"، المنضبطة والشريفة، من حرية اقتصادية مقيدة، تحكم إنتاج "الطيبات"، ومن خلال قوى العرض والطلب، وميكانيكية الأثمان، ووفقًا للمفاوضات المالية العادلة المؤسسة على المشاركة في الربح والخسارة، والقائمة على صيغ التمويل والاستثمار الإسلامي، الحقيقي والمخاطر، وعلى أساس نظام أولويات واضح ومحدد، يبدأ بالضروريات فالحاجيات فالتحسينيات، وفي ظل ملكية "متعددة" تشمل الملكية العامة، وملكية القطاع العام، والملكية الخاصة (جوهر موضوع الملكية في الإسلام)؛ شريطة أدائها لوظيفتها الاجتماعية من صدقات مفروضة وتطوعية وغيرها من النفقات؛ تحقيقًا لعدالة التصرف في المال، وإقامة للتكافل الاجتماعي، وضمانًا لأكفأ استخدام ممكن للموارد خلال الزمن، ومن خلال دور محدد للدولة على أساس الولايات السلطانية (الإدارات)، وبصفة خاصة ولايات الحكم والقضاء والمال والحسبة، وعن طريق أنظمة القطائع والحمى والتحجير والإحياء والوقف.
  • ووفقًا لهذا النظام، واستنادًا إلى فرض الكفاية "وفي إطار نظام الأولويات الإسلامي، وفي حدود الاستطاعة البشرية والإمكان المادي، يتم القيام بالجهد الإنمائي المستدام. وعلى أساسٍ من التكامل والتوازن والتدرج، يبذل هذا الجهد في كافة القطاعات، مؤسسيًّا أو وظيفيًّا: القطاع العام والقطاع الخاص، وإنتاجيًّا: القطاعات السلعية والقطاعات الخدمية، وسلعيًّا: الزراعة والصناعة، وصناعيًّا: الصناعات الثقيلة والصناعات الاستهلاكية، وإقليميًّا: المناطق الريفية والمناطق الحضارية، ودوليًّا: منتجات إحلال الواردات ومنتجات تنمية الصادرات، وتكامليًّا: التكامل العربي والتكامل الإسلامي. ويتم هذا الجهد، وفقًا لخطط إنمائية "تأشيرية"، مترابطة ومتناسقة من حيث الوسائل والأهداف، وواقعية من حيث الإمكانات والقدرة على التنفيذ.
  • ويقوم استخدام الموارد وفقًا لهذا النظام على أساسٍ شاملٍ ومتوازن، لا يعرف إهدار الإمكانات أو تبديد الطاقات.

ويستند هذا الاستخدام إلى دورٍ محددٍ للدولة أو القطاع العام يتركز في تنمية الهياكل الأساسية والمرافق العامة، والمشروعات الإستراتيجية، خاصةً التي يحجم عن الدخول فيها القطاع الخاص، إما لكبر حجم التمويل المطلوب لها، أو لارتفاع درجة مخاطرها أو لتدني العائد المتوقع منها، أو لعدم تحقيق عائد إلا بعد آجال طويلة نسبيًّا، أو لبعض أو كل هذه الأسباب. هذا، بالإضافة إلى المهمة الأساسية للدولة، والتي تتمثل في العمل المستمر على قيام بيئة "صحية"، ومناخ استثمار "مناسب" محيط بالعملية الإنتاجية، جوهره حماية كرامة الإنسان واحترام آدميته والحفاظ على حريته وصيانة حقوقه. أما الدور الرئيسي في الاستخدام الكفء للموارد وإحداث التنمية المستدامة، كهدفٍ لهذا النظام، ومن منطلق تكامل وتعاون مع الدولة والقطاع العام، فهو مسئولية القطاع الخاص، أي الأفراد، أو الناس، الذين يقومون بتبعة "الاستخلاف"، ويتحملون مسئولية إعمار الأرض، حتى تحدث التنمية المستدامة على أرض الواقع، لتشمل "توليفة" متكاملة من المشروعات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، وفقًا لاحتياجات وتطلعات أفراد المجتمع المشروعة والمنضبطة، وعلى أساس تكنولوجيا مستنبتة ومطوّعة لتتفق مع المرحلة التي يمر بها الاقتصاد، والظروف التي يعيشها المجتمع، وتتمشى مع خصائص الموارد الإنتاجية المتاحة؛ ومن ثمَّ يبدأ التيار التعميري يسري في الجسد المتخلف، وتحدث التنمية المستدامة خلال الزمن.

  • ويتولد النشاط الاقتصادي وفقًا لهذا النظام، ليس بطريقةٍ عشوائية، وإنما بحض مسئول ومنضبط على الإنفاق بمكوناته الثلاثة: الاستهلاكي والاستثماري، والصدقي بشقيه: الاستهلاكي والاستثماري. على أساس أن الإنفاق هو في حقيقة الأمر، الناتج الكلي من زاوية المستخدمين لهذا الناتج، مستهلكين ومنتجين, فبدون إنتاج لا يوجد دخل أو "كسب"، وبدون كسب لا يوجد إنفاق، وبدون إنفاق لا يتصور وجود أسواق، وبالتالي لا يتولد إنتاج. ومن ثم لا تقوم أصلاً دورة النشاط الاقتصادي، فالحض على الإنفاق، بمكوناته وضوابطه، هو حض على الإنتاج والكسب؛ أي دفع لعجلة إعمار الأرض.
  • وأخيرًا، يقوم هذا النظام على حقيقة أن الطريق السوي "العادل" لنماء المال هو الاشتراك الفعلي في النشاط الاقتصادي. فلا يوجد كسب "طيب" بدون عرق وجهد ومخاطرة. ومن ثمًَّ، لا يوجد فرد أو فئة أو طبقة، في ظل هذا النظام، تعيش على عرق وجهد ومال الآخرين، فالكل ينتج ويشترك في الإنتاج ويتحمل المخاطرة.

ويتم توزيع الناتج وفقًا لمعايير توزيع "عادلة" تتناسب مع الجهد المبذول أو المخاطرة المتضمنة أو وفقًا للتكافل الاجتماعي المنشود، وهذه المعايير هي: "الأجر" العادل لمَن يعمل أجيرًا، و"الضمان" أي المخاطرة- ربحًا كانت أم خسارة- للمال لمَن يخاطر بماله بالاشتراك الفعلي في العملية الإنتاجية، وفقًا لصيغ وأساليب الاستثمار الإسلامي المؤسسة على عقود الشركة وعقود البيوع وعقود الإجارة، ثم "الحاجة" لغير القادرين- جزئيًّا أو كليًّا- فبالنسبة لهذه الفئة الأخيرة، توجد مسئولية الدولة وبقية أفراد المجتمع، القادرين، في عملية التوزيع و"إعادة" التوزيع- من خلال الصدقات المفروضة، وعلى رأسها الزكاة، والصدقات والتطوعية وغيرها من النفقات، ومن خلال "التوظيفات المالية"؛ أي الضرائب، وفقًا لمعايير الحاجة لتوفير الحياة الطيبة الكريمة للفقراء والمساكين.

  • ومن المعروف في أدبيات "التنمية" أن المناهج أو الإستراتيجيات الإنمائية الوضعية "الشمالية" (التي استمدت من فكر وتطبيق الدول المتقدمة)، لم تسهم في معالجة "التخلف" في دول "الجنوب"، وإنما ساهمت في تعميقه، وذلك خلال أكثر من نصف قرن؛ حيث ضاع الإنسان في خضم توجيهاتها وآلياتها "المادية". وبغض النظر عن تعريف "التنمية"، فإن ما حدث من نمو في بعض الدول المتخلفة ومنها مصر، إذا كان شيئًا يُذكر، فهو "نمو بدون تنمية"، بل في حقيقة الأمر، وفي أغلب التجارب، ومنها مصر، ما حدث كان "تنمية للتخلف"، أي أن مشكلة التخلف زادت حدة، وتفرخ وتفرع عنها، وكنتيجة طبيعية لها وكتفصيل لمجملها العديد من المشكلات، التي عددناها في صدر هذه السطور، والتي تطحن "الإنسان" وتهدر كرامته، وتبدد طاقاته وجهوده الإبداعية، فيعجز بالتالي عن القيام بمسئولية "تعمير" الأرض.. ومظاهر ودروس الفشل على الصعيد العالمي لا يمكن إنكارها.

فبسبب الإهمال النسبي لقيمة ودور الإنسان، كانت المحصلة النهائية أن أكثر من أربعة أخماس البشرية يعيشون حالة حادة من التخلف الاقتصادي والاجتماعي، ومع ذلك، يوجد لهذه الصورة القاتمة استثناءات واضحة، تتمثل في دول جنوب شرق آسيا، ومنها ماليزيا الإسلامية.. فهذه الحالات الاستثنائية، والتي تُمثل جزرًا صغيرة في بحر التخلف، تؤكد حقيقة ما توصلنا إليه من الأهمية الإستراتيجية للاعتبارات الإنسانية في عملية التنمية، وعليه فإحداث التغيير المنشود في طريق "التعمير" المستدام يتطلب أولاً وقبل كل شيء تطهير الحياة الاقتصادية من جميع أشكال الظلم، وبالتالي تهيئة المناخ "المناسب" لكي يتعامل "الناس" تعاملاً تعميريًّا فاعلاً مع "الأشياء". فبدهيًا، الإنسان هو المحرك الأساسي للنظام الاقتصادي، وهو بالقطع الكائن الحي المسئول عن مستوى الأداء والإنسان "المظلوم" أي المقهور والمستغل "كَلٌّ" على مجتمعه لا يقدر حقيقةً على شيء، فالمشكلة إذن لم تعد "فقراء لا يملكون"، بقدر ما هي "فقراء مقهورون مستغَلَّون لا يعرفون" فعدم توافر قدر مناسب من المعرفة والحرية والعدل هو جوهر مشكلة التخلف. وهنا، يأتي الإسلام دينًا ونظام حياة لإخراج البشرية مرةً أخرى كما أخرجها من قبل من ظلمات وتخبط حياة "ضنك" تحياها، مليئةً بكل شرور الضلال ودروب الفساد وصنوف الظلم وألوان الشقاء، فيقدم بقواعده العامة المتكاملة- العقائدية والأخلاقية والتعبدية والتعاملية- تطهيرًا حقيقيًّا للحياة البشرية، في حياة البشر وبقدرات البشر، بالعمل الدائب على استئصال هذه الشرور، وبالتصحيح الدائم لهذه الانحرافات من خلال نظامه الاقتصادي، فهذا النظام التعميري يعيد- كشريعة- الأشياء في المجتمع الإنساني إلى طبيعتها، ويرد- كمنهاج- قضية التعمير إلى عمادها وهو الإنسان، فالإنسان وفقًا لهذا النظام هو أهم وأسمى منْ وما في هذا الوجود، وهو بحق الوسيلة الرئيسة لعملية التعمير، وهو في الوقت ذاته غايتها، شريطة أن يتحرر من القهر السياسي والاستغلال الاقتصادي، فالإنسان "الحر" "غير المستغل" هو الإنسان الذي يستطيع فعلاً أن ينهض بالتحاكم إلى منهج الله تعالى في كلِّ شئون حياته، بمسئولية "تعمير" الأرض، كفريضة تعبدية، يمثل الالتزام بها غاية التكليف، ومن ثمَّ، فبالشرك يكون "ظلم" الإنسان، وبالتالي "التخلف"، وبالتوحيد تكون "حرية" الإنسان و"عدالة" النظام الذي يعيش في كنفه، فيحدث "التعمير" المستدام. وعلى هذا الأساس المتين، يختار المجتمع بملء إرادته الحرة الآلية العملية والإستراتيجية "الفنية" التي تتناسب مع الخصائص والإمكانات الإنتاجية المتاحة لديه لإحداث التعمير، وفقًا لمقاصد محددة، ونظام أولويات منضبط، وسوق تنافسية تعاونية، وتحريم قاطع لكل صور الاستغلال، وصيغ استثمار حقيقي ومخاطـر، وحض على الإنفاق، وسياسات اقتصادية رشيدة، ودور محدد للدولة، وتوزيع عادل للدخل والثروة... إلى آخر العناصر الإيجابية الفاعلة للنظام الاقتصادي الإسلامي.



الفصل الثاني السياسات الإنمائية سياسات تنمية الاقتصاد: في ضوء مرجعية الاقتصاد الإسلامي ومعالجة لمشكلات الاقتصاد وتحقيقًا للتنمية المتوازنة والمستدامة، يتبنى البرنامج إستراتيجية تنمية اقتصادية واجتماعية تقوم بالإنسان ومن أجل الإنسان، وتستند إلى الاعتماد الجماعي على الذات، وتتكون هذه الإستراتيجية من "حزمة" من السياسات الإنمائية والنقدية والمالية والتجارية، وتعتمد "آليات" اقتصاد السوق، وتأخذ بأسلوب التخطيط التأشيري، الذي يجمع بين الكفاءة الإنتاجية والبعد الاجتماعي، وذلك على النحو التالي: السياسات الإنمائية تتأسس هذه السياسات على محورين رئيسين؛ هما النمو الكلي والنمو القطاعي 1. محور النمو الكلي لتحقيق نوعية حياة طيبة وكريمة للمواطن المصري برفع محسوس لمستوى العمالة وكفاءة استخدام الموارد والإنتاجية، وتخفيض ملموس في مستويات الدين العام والعجز المالي الداخلي والخارجي، وضمان الاستقرار السعري، واستعادة الثقة في العملة الوطنية، يتعين إنجاز رفع متزايد لمستويات النشاط الاقتصادي، وهذا يعني ضرورة تحقيق معدلات متصاعدة في الناتج المحلي الإجمالي بما يفوق وبشكلٍ متزايد خلال الزمن معدلات النمو السكاني، حتى يزيد وباضطراد متوسط الدخل "الحقيقي" للفرد. ويتطلب تحقيق هذا النمو الكلي، الذي يُقدَّر بنحو (7%) إلى (9%) سنويًّا في الناتج المحلي الإجمالي، استثمارات قومية تُقدَّر بحوالي (28%) إلى (36%) من هذا الناتج، على أساس معامل رأس مال/ إنتاج في حدود (4: 1) على المستوى الكلي، يضمن الاستخدام الكفء لتكنولوجيا متطورة، مع تطبيق فنون إنتاجية كثيفة العمل، ومع قصور القدرة الادخارية في الاقتصاد؛ إذ تقدر المدخرات المحلية في أقصى تقديرٍ لها بنحو (17%) من الناتج المحلي الإجمالي تظهر الفجوة بين الادخار المحلي والاستثمار المطلوب، ويتم العمل على معالجة هذه الفجوة التمويلية من خلال إجراءين اثنين حشد مقصود للمدخرات المحلية بهدف تنميتها تحقيقًا للاعتماد على الذات، وتشجيع مخطط للاستثمارات الأجنبية المباشرة؛ وذلك على النحو التالي: الإجراء الأول: حشد المدخرات المحلية، وذلك عن طريق: 1. تنمية الوعي الادخاري لدى الأفراد وتبصيرهم بحق الأجيال القادمة. 2. الحث على ترشيد الاستهلاك بعامة والإنفاق الحكومي بخاصة، والحث على عدم الإسراف والتبذير والإنفاق الترفي والمظهري. 3. إنشاء أوعية ادخارية تستوعب وتتناسب مع فئات الدخل المختلفة باستحداث منتجات مصرفية للتوفير والاستثمار. 4. ترشيد سوق الأوراق المالية (البورصة) كأداة رئيسة لتشجيع المدخرين من فئات الدخل المختلفة على توظيف أموالهم في استثمارات جديدة (السوق الأولية) بدلاً من المضاربة على توقعات الأسعار (السوق الثانوية). 5. ترويج ثقافة العمل الحر والتوظيف الذاتي، وتشجيع صغار المنتجين بإعداد خرائط بالمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، بما يسمح بدخول الفئات الفقيرة في أنشطة مولدة للدخل، والاعتياد على السلوك الادخاري والاستثماري. 6. ترشيد الدعم بحصر والتأكد ممن يستحقه وفقًا لمعايير واضحة، والتأكد من وصوله فعلاً إلى مستحقيه مما يشجعهم على تخصص جزءٍ من دخولهم المحدودة لأغراض الادخار والاستثمار. 7. إنشاء صناديق استثمار مستقلة لجزء من أموال الزكاة والوقف للإنفاق على الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية للفئات الفقيرة، ومن ثم تحرير جزء من دخولهم المحدودة، مما يساعدهم على التوفير والادخار والاستثمار. 8. محاربة الفساد بتطبيق صارم للقوانين المتعلقة بمكافحته كقانون الإفصاح عن الذمم المالية، وقانون الكسب غير المشروع، وقانون حرية الوصول إلى المعلومات، وتطوير دور الرقابة للهيئات التشريعية، وتعزيزي دور هيئات الرقابة العامة، ورفع السرية عن تقاريرها، مما يعالج التشوهات الحادة في مناخ الاستثمار ويقلل من الخسائر في قطاع الأعمال والمؤسسات العامة، ويزيد من القدرة الادخارية للمجتمع. الإجراء الثاني: تشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة: رغم أهمية الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تغطية الفجوة بين الادخار المحلي والاستثمار المطلوب، خاصةً في ظل اتساع هذه الفجوة؛ نظرًا لاحتياجات الاقتصاد المتزايدة لاستثمارات جديدة فإنَّ أحدث تقرير للبنك الدولي حول ظروف الاستثمارات في دول العالم يكشف حقيقة أن مصر تحتل مرتبة متدنية كدولة جاذبة للاستثمار (141) من بين (155) دولة شملها التقرير وفي الواقع، الاستثمارات الأجنبية الموظفة في الاقتصاد أكثر تدنيًا عن الأرقام المنشورة عنها؛ لأنها تشمل استثمارات البترول والتي يحصل على قيمتها الشريك الأجنبي كحصةٍ من البترول المستخرج، وتشمل أيضًا حصيلة بيع أصول عامة لمستثمر أجنبي، وهي أصول قائمة فعلاً، ومن ثم لا تمثل إضافة إلى الطاقة الإنتاجية للاقتصاد المصري. ومع ذلك يشدد البرنامج على ضرورة تشجيع هذا المورد التمويلي الخارجي، شريطةَ أن يتفق مع الأولويات الإنمائية للاقتصاد ولا يصطدم مع المبادئ العامة الحاكمة لعملية التنمية وفقًا للمرجعية المعتمدة، خاصةً أن التمويل عن طريق المداينة بفائدة مرفوض، إلا في حالة الضرورة أو الحاجة أو عموم البلوى، وعليه يعمل البرنامج على تشجيع الاستثمارات الأجنبية العربية أولاً، ثم بقية دول الجنوب ثم بقية دول العالم والمؤسسات الدولية؛ وذلك على النحو التالي: 1. وضع خرائط استثمارية مفصلة على مستوى أقاليم مصر، تشمل تعريف بالمشروعات الإنمائية المرشحة من حيث جدواها الفنية والاقتصادية، وبما يتفق واحتياجات عملية التنمية من تحديث للعملية الإنتاجية واستخدام تكنولوجيا جديدة وزيادة قدرة مصر التصديرية مع استقدام عمالة أجنبية في أضيق الحدود في مجالات الإدارة العليا أو التخصصات النادرة شرط الأمانة والخبرة. 2. توافر قاعدة بيانات دقيقة ومحدثة ومتاحة لكل مَن يطلبها، عن مختلف مجالات النشاط الاقتصادي، والقوانين واللوائح والإجراءات المتعلقة بهذه المجالات، مع توحيد هذه البيانات. 3. تحسين مناخ الاستثمار وتنقيته من البيروقراطية المعوقة والفساد المستشري في شتى قطاعات الاقتصاد ومؤسسات الإدارة العامة. 4. العمل على توافر المقومات الأساسية للعملية الاستثمارية من استقرارٍ سياسي وإدارة رشيدة للسياسة الاقتصادية الكلية، واستقرار في مستوى الأسعار وأسعار الصرف، واستقرار البيئة التشريعية، وتشجيعٍ للقطاع الخاص، واعتدال النظام الضريبي والجمركي، وتوحيد المعاملة الضريبية والجمركية وعدم التمييز بين المتعاملين في النشاط الواحد. 2. محور النمو القطاعي في إطار النمو الكلي ومحدداته، وتحقيقًا لأهداف عملية التنمية المستدامة بإتباع أسلوب التخطيط التأشيري توزع المهام والمسئوليات الإنمائية التفصيلية على القطاعات الوظيفية والإنتاجية المختلفة؛ وذلك على النحو التالي: القطاعات الوظيفية والخصخصة يعتبر القطاع الخاص هو القاطرة التي تقود التنمية في ظل اقتصاديات السوق، و لكن الخطأ الذي وقعت فيه الحكومات أنها – و قبل أن تطمئن إلى وجود ذلك القطاع الخاص القوي و القادر علي تحمل مسئولياته – تخلت عن القطاع العام الذي حالت بينه و بين التجديد و التوسع و جمدت استثماراته، و هكذا نشأت فجوة أثرت و بشدة علي النشاط الاقتصادي : فمن ناحية – لم يتم بعد خلق القطاع الخاص القوي، و من ناحية أخرى : القطاع الخاص مجمد، و تخلت الدولة أيضا عن دورها في الرقابة والإشراف علي القطاع الخاص الناشئ و توجيه نشاطاته نحو أولويات التنمية. و يعود ذلك الي عدم القدرة علي مواجهة الآثار الاجتماعية للخصخصة أو عدم التوازن بين اعتبارات الكفاءة الاقتصادية و الاجتماعية، وربما يعود السبب في ذلك إلى عدم القدرة علي تخصيص الاعتمادات اللازمة لتمويل الفراغات الناجمة عن انسحاب الدولة من مسئولياتها العامة. و جدير بالذكر أن دفع عملية التنمية يقتضي أن يرتاد رجال الأعمال و حائزوا الأموال مجالات جديدة و يقوموا بتأسيس شركات جديدة و ذلك لتفعيل دور القطاع الخاص في دفع عملية التنمية، بدلا من الابتعاد عن تحمل المخاطر، و التكالب علي ما هو قائم وفقا لمبدأ تسليم المفتاح.. إذ أن تطوير ما هو قائم يمكن انجازه من خلال عمليات خصخصة نظم الإدارة و الحوافز في شركات القطاع العام، في حين أن توسيع رقعة القطاع الخاص يكون بتأسيس وحدات جديدة تضيف إلى الطاقات الإنتاجية و توسع فرص التوظف في المجتمع. و إذا حاولنا رصد أهم نتائج برنامج الخصخصة، فانه يمكن تركيزها علي النحو التالي : 1- أدت عمليات الخصخصة إلى قطع الطريق علي تنفيذ استثمارات خاصة جديدة يحتاجها الاقتصاد، حيث أن الأموال التي دفعها القطاع الخاص لشراء أصول القطاع العام لا تعني سوي تمويل تداول أصول قائمة بالفعل، بدلا من استخدامها في بناء استثمارات جديدة، و بالتالي فان الخصخصة لم يمولها القطاع الخاص من فوائض مالية لديه، وإنما مولها مما كان سيخصصه للاستثمار، مما حرم الاقتصاد من عامل مهم لتنشيط النمو، وأسهم – إلى جانب عوامل أخرى – في دخوله فيما سمي بأزمة السيولة التي هي في الحقيقة أزمة تراجع و ركود. 2- بيع جانب من الأصول المملوكة للدولة اقتصر علي أفضل الشركات الرابحة، و استخدام عائد البيع في أغراض غير بناء أصول إنتاجية جديدة، و هو ما أدى إلى تحجيم القطاع العام و تقليل قدرة الدولة علي القيام بالدور المنوط بها و المتمثل في تحديث اقتصاد غير متقدم و دفعه للأمام. 3- أسهمت عملية الخصخصة في تكريس السمة الأساسية لفئة خاصة من الرأسماليين مفتقده روح الاقتحام و المبادرة، فكانت عملية الخصخصة برمتها بيع لمشروعات جاهزة و غالبيتها الساحقة تحقق أرباحا و لها سوقها الرائجة، و لا تنطوي علي مخاطرة. 4- أدت عمليات الخصخصة إلى ظهور عمليات فساد تتفاوت حدتها، و هناك العديد من صفقات الخصخصة التي ثار الكثير من الجدل حولها ( المراجل البخارية، الأهرام للمشروبات، النصر للإسكان، فندق آمون أسوان، حصة بنك الإسكندرية في البنك المصري الأمريكي، بيع 20% من أسهم الشركة المصرية للاتصالات، عمر أفندي، مصنع الغزل و النسيج ببورسعيد، شركة إسكو..) في ضوء الخلفية السابقة و من واقع الدراسات العديدة التي أجرتها هيئات دولية ( من بينها البنك الدولي)، يمكن أن نحدد ابرز التحفظات و المحاذير علي عملية الخصخصة فيما يلي : فيما يتعلق بالعمالة : يتعين إيجاد الحل المقبول اجتماعيا للعمالة التي يتم الاستغناء عنها، من خلال عدد من الحلول المقترحة، من بينها : 1. تحمل الحكومة أو صناديق معينة أو المشروعات التي يتم تخصيصها بتكلفة صرف معاشات كاملة للعمال و الموظفين الذين يخرجون من سوق العمل قبل السن القانونية. 2. توفير فرص عمل بديلة للعمالة التي يتم الاستغناء عنها. 3. التدريب التحويلي للعمالة بقصد تمكينها من العمل في وظائف او مجالات جديدة. 4. توفير قروض ميسرة لجزء من العمالة القادرة و الراغبة في تولي مسئولية اقامة مشروعات صغيرة جديدة في قطاعات ذات أولوية. فيما يتعلق بالدعم : من بين الحلول المقترحة لهذه المشكلة ما يلي : 1. تحمل الدولة بتكلفة دعم مؤقتة و مبرمجة للمشروعات. 2. تقديم إعانات مؤقتة للمنتجين. 3. مراقبة مستمرة للأسعار من خلال جهاز مخول بذلك قانونيا. 4. تقديم بدل نقدي للمستهلكين المضارين من خفض أو إلغاء الدعم السلعي. فيما يتعلق بموضوع المنافسة والاحتكار : يجب توفير الآليات التشريعية والتنظيمية اللازمة، ويقصد بذلك : 1. تفعيل قانون تنظيم المنافسة ومنع الاحتكار. فيما يتعلق بصعوبة تقييم الأصول : يثور جدل و اختلاف كبير حول أسس التقييم، مما يستدعي اللجوء إلى أجهزة تتمتع بالتخصص و النزاهة و الحيادية و القدرة الاحترافية. و من ثم.. فان وجود دور فعال للدولة بوصفها شريكا و محفزا و مسهلا أمر لابد منه لتحقيق الرؤية الشاملة للتنمية المستدامة، لذلك فان للدولة دورا مهما عليها أن تنهض به، من خلال التعليم و الحوافز والروادع، فإذا لم تنهض الدولة تنهض الدولة بهذا الدور بالفعل.. كان له تأثير سلبي علي التنمية و الرفاهية الاقتصادية، بل ربما يؤدي ذلك إلى الفوضى الاجتماعية و الانهيار الاقتصادي. و مع تعاظم التوجه نحو زيادة دور القطاع الخاص، فمن الضروري أن نؤكد علي استمرار أهمية دور الدولة في إدارة الاقتصاد، فاقتصاد السوق ليس مجرد إعطاء مزيد من الحرية للقطاع الخاص، بل لابد و أن يندرج ذلك في منظومة متناسقة من النظم القانونية و الاقتصادية و السياسية التي تحقق هذا الغرض، و يقصد بذلك : 1- تفعيل آلية السوق التي تؤدي إلى كفاءة تخصيص الموارد و تفعيل المنافسة الكاملة التي لا تتوافر إلا بتنظيم حكومي. 2- هناك حجم امثل للمشروع يحقق النفقات المتناقصة لا توفره المنافسة و يحتاج إلى التدخل الحكومي. 3- الحاجة إلى قانون ينظم العلاقات التجارية لتنظيم المبادلات و العقود. 4- أن الإنتاج الخاص لبعض السلع لا يحقق الكفاية، خصوصا حين ترجع الوفورات الخارجية و يحتاج إلى مساهمة القطاع العام. 5- لابد من رعاية الفقراء، و يحتاج الأمر إلى إعادة توزيع الدخل. 6- يتعرض العمال للبطالة و يحتاج الأمر إلى تدخل الدولة. أما فيما يتعلق باليات التنفيذ من خلال الخصخصة : فهي لا تعني أن نتحول إلى أسلوب البيع، لأنه يوجد أشكال وبدائل و صيغ للخصخصة قد تتنوع و تختلف من دولة لأخرى حسب ظروف كل دولة، و يمكن تقسيم هذه الأساليب إلى ثلاث مجموعات تتضمن : 1. أساليب البيع الكلي أو الجزئي لحصة الحكومة أو القطاع العام في ملكية الشركة عن طريق الطرح العام للأسهم في سوق المال. 2. أساليب لا تتضمن عملية البيع، و لكنها تقوم علي تفعيل قوي السوق في إدارة وتشغيل موارد القطاعات تحت الخصخصة. 3. أساليب تتم عن طريق التفويض أو التوكيل من الحكومة إلى القطاع الخاص للقيام بأداء الأعمال الصالحة أو لحساب الدولة بموجب عقود الإدارة أو التأجير التمويلي. حصيلة البيع : الحكومة قد تصرفت في عائد الخصخصة علي نحو من شانه أن يقلل الموارد المالية المتاحة للاستثمار، بالإضافة إلى أن معظم ما تم خصخصته من شركات قد تم تمويله محليا من المدخرات أو عن طريق تقديم تسهيلات ائتمانية من البنوك المصرية، ومن ثم لم تؤدي إلى خلق طاقات إنتاجية جديدة، بل استخدمت لتمويل طاقات إنتاجية قائمة بالفعل... هذا في الوقت الذي استخدمت الحكومة الأموال في تمويل المعاش المبكر أو سداد قروض القطاع العام.. و هكذا، و لم تعد هذه الأموال للتدفق مرة أخرى في شرايين الاقتصاد في صورة استثمارات جديدة، و بذلك تكون النتيجة النهائية للخصخصة هي تخفيض الموارد المتاحة للاستثمار. مما ساهم فيما نعانيه من ركود و بطالة.. الخ. فالحكومة لم تنجح في التوصل إلى تصور علمي صحيح حول دور الدولة في ظل التحول إلى نظام السوق، خصوصا حول دورها الاستثماري، فضلا عن دورها في الإشراف و الرقابة، و ذلك تحت تأثير جماعات الضغط من بعض العناصر داخل السلطة و خارجها، و التي تدعو عن وعي و عدم وعي إلى تقليص دور الحكومة في التأثير علي مختلف المتغيرات الاقتصادية و السياسية. نمو القطاعات الإنتاجية يمثل نمو القطاعات الإنتاجية (السلعية والخدمية) عصب عملية التنمية – ولتناول بعض القطاعات الخدمية في أجزاء أخرى من البرنامج، يركز هذا الجزء على تحديد الملامح الرئيسة لتنمية قطاعات : الزراعة والصناعة والإسكان والنقل والمواصلات والسياحة على الترتيب. 1- الزراعة والري والإنتاج الحيواني و الثروة السمكية تتمتع مصر بموارد زراعية متعددة تتمثل أساساً في خصوبة أرضها الزراعية، واتساع الرقعة القابلة للزراعة، وتدفق نهر النيل، وتوافر خزان ضخم من المياه الجوفية في الصحراء الغربية، وخبرة فلاحيها التي تراكمت عبر آلاف السنين، ومع ذلك يعاني هذا القطاع من اختلالات هيكلية ترجع بالأساس إلى ضعف الاستثمارات الموجهة لتنميته، وحدة التشوهات في سياسة تسعير الحاصلات الزراعية، وبالذات القطن والحبوب الغذائية، وعدم القدرة على التطور التكنولوجي والفني فيما يتصل بالملكية الزراعية والاستخدام الأمثل للمياه والبذور والأسمدة والمبيدات وعدم توفير الائتمان الزراعي بآجال وأسعار مناسبة، وعدم توافر خدمات تسويقية كافية، وزحف متزايد للبناء على الأراضي الزراعية، وهجرة متزايدة للعمالة الزراعية إلى المدن إلى آخر هذه المشكلات، وكانت النتيجة انخفاض في الإنتاجية وفجوة غذائية حادة، وبالذات في الحبوب والاعتماد في تغطيتها على الخارج، وتراجع حاد في القدرة التصديرية للسلع الزراعية التقليدية: القطن والقمح والأرز والبقول والحمضيات، لدرجة تهدد بخروج مصر من المنافسات في السوق الدولية. ولإحداث تنمية زراعية شاملة تحقيقاً للاكتفاء الذاتي وبخاصة الحبوب وإنتاج اللحوم والأسماك، وإعطاء دفعة قوية للتصدير، يحدد البرنامج عناصر إستراتيجية التنمية الزراعية فيما يلي: 1. زيادة الرقعة الزراعية عن طريق إحياء المشاريع العملاقة مثل مشروع تنمية سيناء، مشروع تنمية الساحل الشمالي، مشروع جنوب الوادي وشرق العوينات، مشروع تنمية حلايب وشلاتين وغيرها مع ترتيبها وفقا للأولوية. 2. سياسة زراعية تضمن إحداث تغيير في التركيب المحصولي بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي في محاصيل الحبوب والزيوت والألياف والأعلاف وإنتاج محاصيل ذات قيمة مضافة عالية للتصدير كالمحاصيل البستانية والخضروات والفاكهة. 3. ترشيد استخدام المياه عن طريق رفع الوعي الثقافي من خلال العقيدة وتطوير نظم الري القائمة في الأراضي القديمة ورفع كفاءة الري، نشر واستخدام نظم الري الحديثة (الرش والتنقيط) في الأراضي الجديدة. 4. تطوير جهاز الإرشاد الزراعي لنشر التطبيق التكنولوجي والفني في العمليات الزراعية لضمان الاستخدام الأمثل للمياه والأسمدة والمبيدات والبذور وربط العملية الإنتاجية بمؤسسات البحث العلمي والتكنولوجي. 5. تطوير التعاونيات للقيام بدورها في توفير مستلزمات الإنتاج الزراعي والحيواني والداجني والسمكي باستخدام أحدث وسائل التقنية العلمية. 6. إتاحة الائتمان الزراعي بآجال وأسعار مناسبة للعمليات الزراعية المختلفة. 7. إنشاء جهاز تسويقي يهدف إلى ضبط العمليات الإنتاجية وربطها باحتياجات السوق والتصدير بحيث يضمن عدم التذبذب في أسعار المنتج الزراعي. 8. إعداد وتنفيذ سياسة سمادية تضمن تغطية احتياجات قطاع الزراعة من الأسمدة وذلك عن طريق تطوير المنتجات السمادية وحسن استغلال الفضلات و تدويرها والتوسع في بناء مصانع جديدة وتشجيع الاستثمار في مجال تصنيع الأسمدة. 9. تشجيع الاستثمار الخارجي والداخلي في المجال الزراعي من خلال توفير مناخ اقتصادي مناسب وحوافز مشجعة، مالياً وفنياً. 10. تحقيق الاكتفاء الذاتي من إنتاج التقاوي المحسنة ذات الجودة العالية بما يتماشى مع التركيب المحصولي. 11. حماية الأراضي القديمة باعتبارها محميات طبيعية لا يجوز الاعتداء عليها. 12. تنشيط الاتفاقات المصرية – العربية، المصرية – الأوروبية بما يحقق أقصى استفادة فيها من خلال: • الاتفاقيات المشتركة لدول شرق وجنوب إفريقيا (الكوميسا) والبحث عن فرض تصديرية عالية. • اتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية ورفع القيود على المنتج المصري ذو الجودة العالية. الاهتمام بالتعليم الزراعي من خلال:- 1. إقامة وتنفيذ مشروع الجامعة الزراعية أسوة بالتجارب الناجحة في دول أخرى مثل باكستان والهند على أن يكون نواتها مركز البحوث الزراعية. 2. دعم التعليم الزراعي الفني والعالي والبحث العلمي. 3. ربط البحث العلمي بخطة الإنتاج. • إزالة العوائق لتحقيق التكامل الزراعي مع السودان لتحقيق الأمن الغذائي في المجال الزراعي. • الاهتمام والحفاظ على الأصول الوراثية والصحة النباتية الزراعية لكل المحاصيل والنباتات المصرية والسلالات المتميز في الإنتاج الحيواني. • تطوير التصنيع الزراعي للمحافظة على المنتج الزراعي وتصديره وضمان ثبات الأسعار. • توفير البروتين الحيواني والداجني والأسماك. وذلك عن طريق توفير الأعلاف بأحدث الوسائل التقنية والعلمية. • حظر استخدام المبيدات الممنوعة دوليا وتشجيع المكافحة البيولوجية. 2- الصناعة والطاقة والتعدين يُعدُّ التصنيع مرادفًا لتنمية ناجحة، ويمثل في مصر المحرك الرئيس لتحقيق هذه التنمية إذ تقدر مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلى الإجمالي بحوالي 17.5% بالإضافة إلى العلاقة التشابكية القوية التي تربطه بباقي القطاعات الإنتاجية والخدمية.

ولقد بدأت حركة التصنيع منذ أكثر من سبعين عامًا، وكانت مصر أسبق من دول شرق آسيا والهند، ولكنها طبقت سياسة إحلال الواردات، وكان هذا صحيحًا في المراحل الأولى من التنمية، إلا أنها ظلت متمسكة بها بعد استنفاد إمكانيات التصنيع الإحلالي في السلع الشعبية، ولم تنجح في النهاية بسبب البيروقراطية المعوقة للقطاع العام، في التحول نحو التصنيع التصديري، كما فعلت دول شرق آسيا.

ومن ثم تخلفت الصناعة المصرية، وظلت حبيسة السوق المحلية في ظل سياسة حمائية شديدة وأسعار صرف مغالى فيها فتدهورت جودة منتجاتها وارتفعت أسعارها، وأصبحت غير قادرة على المنافسة الجادة في السوق الدولية. وبعد تحرير الصناعة، وفي ظل عملية الخصخصة وما يفرضه النظام التجاري الدولي الجديد، ومع الأخذ في الاعتبار خطر الاعتماد على المصادر الريعية للاقتصاد المصري (قناة السويس، والبترول، والسياحة)، وحتى تحويلات العاملين في الخارج، فلا مناص من انطلاقة صناعية حقيقية تقوم على السياسات والاستراتيجيات التالية: 1. تحقيق التكامل بين الوزارات والهيئات والمؤسسات المعنية بالصناعة والطاقة والتعدين، وذلك بإنشاء مجلس أعلى يضم كافة الجهات ذات الصلة بهذه القطاعات الثلاث. 2. تضافر جهود الدولة والقطاع الخاص لإنشاء قاعدة صناعية متكاملة للصناعات الإستراتيجية، وتعظيم الاستفادة من هذه القاعدة في إنتاج مدخلات الصناعات الاقتصادية. 3. إعداد وتنفيذ السياسات العامة التي تهدف إلى صيانة الثروة الصناعية القائمة وتعظيم الاستفادة من هذه الثروة بتحديثها ورفع كفاءتها. 4. دعم وتطوير المواد والتقنيات الصناعية الملائمة للظروف والخامات المحلية، وتفعيل آليات نقل وتوطين وتطوير التقنيات،وذلك بزيادة الإنفاق على البحث العلمي والاستعانة بالخبرات الداخلية والخارجية، وتوفير المناخ الملائم من خلال التوسع في إنشاء الحاضنات التقنية وصياغة نظم تحفز الابتكار والإبداع في العلوم التطبيقية. 5. تبنى خطة قومية للنهوض بالصناعة المصرية تقوم على منهجية التسلسل الصناعي المتلاحق والذي يبدأ بصناعة المواد الإنشائية بالصناعات الهندسية ثم الصناعات الوسيطة والنهائية وذلك لتقليل التكلفة الكلية، وتعظيم الناتج المحلى في إنشاء المنظومة الصناعية. 6. العمل على وضع مواصفات قياسية شاملة للمنتجات الصناعية والحزم في تطبيقها ورفع مستوياتها في بعض المنتجات وبخاصة المواد الإنشائية لمضاعفة الإنتاجية وزيادة القدرة التنافسية العالمية. 7. إعادة صياغة السياسة التعليمية لربطها باحتياجات الصناعة والبحث العلمي، والارتقاء بمستوى التعليم الفني والتدريب الحرفي. 8. إعداد وتنفيذ السياسات التي تعمل على التوسع في إنشاء الصناعات ذات الميزة النسبية المحلية، وتحد من إنشاء الصناعات التي تفتقر إلى القدرة التنافسية، وتشجع التوسع في الصناعات الصغيرة والصناعات كثيفة العمالة، والصناعات اليدوية. 9. العمل على إعداد وتنفيذ السياسات التي تهدف إلى تعميق التصنيع وزيادة المكون المحلى في المنتج الصناعي، دون الإخلال بمعايير السلامة والجودة. 10. ربط خطة التنمية الصناعية بمخطط التنمية المتكاملة بشرياً وعمرانياً وقطاعياً، وذلك لتوفير المدخلات اللازمة لمشاريعها وتعظيم الاستفادة من مخرجاتها. 11. تبنى خطة قومية للطاقة في مصر، تهدف لتلبية احتياجات التنمية، وتعمل على إتباع سياسة متوازنة في توليد الطاقة بتنوع مصادرها من مصادر تقليدية،كالبترول والغاز الطبيعي أو مصادر بديلة كالرياح والطاقة الشمسية والطاقة النووية ( والتي تتبنى في مجالها الطاقة النووية الاندماجية التي تعتبر أوفر وقوداً، وأكثر أماناً، واقل تلوثاً، وأقرب ًإلى محاكاة الطبيعة)، وتهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في مصادر وقود المنشآت والمركبات باختلاف أنواعها. 12. التنقيب عن الثروات الطبيعية وحسن استغلالها والاستفادة من الجامعات المصرية كبيوت خبرة. 13. إعداد وتنفيذ السياسات التي تهدف إلى تحقيق المنفعة المتبادلة بين الدولة والشركات المحلية والعالمية في مجال استخراج وتصنيع الثروات البترولية والتعدينية والعمل على إجراء تشريعات تهدف إلى تعظيم الاستفادة من هذه الثروات والحد من إهدارها. 3- التنمية العمرانية والإسكان والمرافق: بالرغم من أن هناك تشابكًا بين القطاعات الإنتاجية المختلفة المكونة للاقتصاد القومي، وبالرغم من ازدياد درجة التشابك بازدياد درجة تقدم الاقتصاد، إلا أن قطاع التشييد والبناء يعد قطاعًا مفصليًّا لكل القطاعات الأخرى، ازدهاره ينعكس بالإيجاب عليها، وركوده ينعكس بالسلب، ولا شك أن احتكار مستلزمات إنتاج هذا القطاع، وبالذات حديد التسليح والأسمنت والسيراميك، قد أدى إلى عجز هذا القطاع عن القيام باحتياجات القطاعات الأخرى لإنتاجه، وأدَّى إلى تشوهات واضحة في المعروض من الوحدات السكنية لصالح الإسكان الترفي، وعلى حساب الإسكان المتوسط والشعبي، فبينما يتوافر الملايين من الشقق الخالية تتفاقم في الوقت نفسه أزمة الإسكان المتوسط والشعبي وتتزايد ظاهرة الإسكان العشوائي وتتخذ صورًا إنسانية غير مقبولة من سكن العشوائيات وسكن الإيواء وسكن المقابر وسكن الشرك وسكن المساجد وسكن قبوات السلالم وسكن المخابئ وسكن البدرومات وسكن القوارب وسكن العشش، ويقدر أن أكثر من (85%) من إجمالي الأسر في مصر تعيش في سكن غير ملائم ونحو (25%) من إجمالي السكان، أي نحو (19) مليونًا، يعيشون في العشوائيات. وتصحيح الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها هذا القطاع، ولإحداث تنمية عمرانية تتفق مع الاحتياجات الملحة للسكن الشعبي والمتوسط، يقدم البرنامج وسائل العلاج التالية: 1. تفعيل قانون تنظيم المنافسة ومنع الاحتكار، وجهاز حماية المستهلك لمواجهة الاحتكارات التي تمثل تشوهات في أداء الاقتصاد القومي في كثير من السلع الأساسية على رأسها الحديد والأسمنت والسيراميك. 2. وضع برنامج لتطوير العشوائيات بتقديم الخدمات والمرافق العامة لها من مياه وكهرباء ومدارس ووحدات صحية، وتقنين الملكيات، مع تفعيل دور المحليات حتى تقل الهجرة من الريف للمدينة للتخفيف من حدة مشكلة العشوائيات. 3. مشاركة القطاع الخاص في توفير المساكن المتوسطة والشعبية الملائمة، وتقوم الدولة بتوفير الأراضي بالمجان وتزويدها بالمرافق والخدمات الأساسية، مع دعم أسعار الوحدات السكنية من الموازنة العامة للدولة. 4. منح الأراضي الصحراوية لراغبي إقامة وحدات سكنية متوسطة وشعبية، أو للاستخدام الذاتي، بالمجان مع إمداد هذه الأراضي بالمرافق والخدمات الأساسية، وتشجيع المجتمع الأهلي على حجز هذه الأراضي والبناء عليها. 5. تركيز دور الدولة في الإسكان على بناء وحدات سكنية متوسطة وشعبية مع تقديم تسهيلات في دفع أثمانها على فترات طويلة نسبيًّا، مع تفعيل دور التمويل العقاري وتيسير شروطه وإجراءاته. 4- النقل والمواصلات يُعدُّ هذا القطاع من القطاعات الخدمية شديدة الأهمية في تنمية القطاعات الأخرى للاقتصاد من ناحية، وفي توطين الوحدات الإنتاجية وتوفير مستلزمات الإنتاج لها من الداخل والخارج، وفي توصيل منتجاتها النهائية إلى الأسواق المحلية والدولية من ناحية أخرى، وفي تقديم خدمات النقل والمواصلات والاتصالات للمواطنين، وبالتالي في توزيع السكان والإسكان على الخريطة الاقتصادية للدولة من ناحية ثالثة.ولا يزال هذا القطاع يعاني من ضعف شديد في مصر، في بعده الخارجي، حيث إن معظم تجارة مصر الخارجية والركاب من مصر وإليها تتم من خلال شركات أجنبية، كما يعاني من تشوهات واضحة على الصعيد الداخلي؛ حيث إنَّ معظم البضائع يتم نقلها برًّا بالسيارات رغم ارتفاع تكلفتها يليها السكك الحديدية، ثم النقل النهري منخفص التكاليف نسبيًّا، كما أن وسيلة السكك الحديدية والنقل البحري يحتاج إلى إعادة هيكلة وتحديث ومزيد من الرقابة والإشراف؛ حفاظًا على أرواح المواطنين وضمانًا لسلامة الركاب.وهذا يتطلب وضع خطة رئيسة لتكامل هذه الوسائل الأربع للنقل: البري والنهري والبحري والجوي، وكذلك شبكة الاتصالات السلكية واللاسلكية: التليفونات والبرق والمحمول، وأيضًا النت لرفع كفاءة أداء هذا القطاع داخليًّا وخارجيًّا؛ وذلك على النحو التالي: 1. ضرورة قيام وزارة النقل بالدور الرئيسي في الإشراف الكامل على كافة أنشطة القطاع المختلفة ورسم السياسات اللازمة لقيام هذا القطاع بدوره المنوط به بكفاءة عالية بدلا من الوضع لحالي الذي تتعدد فيه الجهات المختلفة للإشراف على القطاع والتي منها وزارة الداخلية – وزارة السياحة – وزارة البيئة – المحليات.... الخ. 2. ضرورة تحفيز القطاع الخاص للمشاركة للقيام بدور هام في كافة أنشطة قطاع النقل وذلك لما يتمتع به من مرونة في الإدارة ولتخفيف العبء عن ميزانية الدولة، على أن يكون هذا في إطار تنظيمي يسهل للدولة الإشراف الكامل عليه ومع مراعاة أن يتناسب سعر الخدمة المقدمة مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية لكافة شرائح المجتمع ولا مانع من أن تقوم الدولة بتقديم الدعم المالي اللازم للقطاع الخاص نظير قيامه ببعض الخدمات إذا أثبتت الجدوى الاقتصادية ذلك. 3. تشجيع النقل الجماعي على حساب النقل الخاص كأحد السبل الرئيسية لحل مشكلة الازدحام داخل وبين المدن على أن تكون أولوية الاستثمار سواء من الحكومة أو القطاع الخاص في هذا المجال وفي هذا الصدد يأتي ضرورة الإسراع في إنشاء خطوط مترو الأنفاق في القاهرة الكبرى وفي المدن الكبرى التي تثبت الجدوى الاقتصادية ضرورة تواجد مثل هذه الخدمة بها. 4. ضرورة قيام قطاعي السكة الحديد والنقل النهري بدورهما المناسب في نقل البضائع لمعالجة التشوه الحالي في نصيب هاتين الوسيلتين من إجمالي البضائع المنقولة على مستوى الجمهورية والذي لا يتعدى 5% مما يتسبب في تحمل الاقتصاد الوطني خسائر كبيرة نتيجة لهذا التشوه نظرا لارتفاع تكاليف النقل على الطرق بالمقارنة بالنقل بالسكة الحديد والنقل النهري بالإضافة إلى الأثر السلبي على البيئة وارتفاع معدلات الحوادث على الطرق نتيجة ارتفاع المنقول بالبضائع على الطرق. 5. ضرورة الاهتمام بإجراءات السلامة والأمان لكافة وسائل النقل وعلى الطرق والسكة الحديد والنقل الجوي والبحري بهدف التقليل من الحوادث وخاصة النقل على الطرق والذي يشهد في الآونة الأخيرة تصاعد في معدلاتها مما نتج عنه العديد من القتلى والمصابين والتلفيات التي تكلف الدولة خسائر اقتصادية كبيرة سنويا. 6. العمل على خلق محاور نقل جديدة لخدمة التطورات العمرانية ولتخفيف حدة الازدحام في المدن الكبيرة ولتشجيع السكان على الخروج من نطاق الوادي الضيق لاستثمار موارد التنمية وخلق فرص عمل جديدة ولتعزيز الأمن القومي، على أن يتم ذلك من خلال مخطط نقل شامل على المستوى القومي يتم تحديثه على فترات، وضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحديد الأولويات وكذلك لوضع آليات التنفيذ المناسبة والواضحة لمشروعات النقل المختلفة. 7. العمل على زيادة حصة مصر في نقل وارداتها وصادراتها بالتدريج حتى يمكن الاستغناء عن استخدام سفن النقل الأجنبية بتشجيع القطاع الخاص على إنشاء شركات تعمل في النقل البحري، مع إنشاء موانئ جديدة وصيانة الموانئ القائمة. 8. العمل على دعم النقل الجوي وزيادة كفاءة أسطول الطائرات كمًا وكيفًا، وتشجيع ودعم القطاع الخاص على الدخول في قطاع الطيران للارتقاء بالخدمة وخفض تكلفتها. 5- الاتصالات والمعلومات والبرمجيات يعتبر قطاع الاتصالات والمعلومات في مصر قطاعاً متميزاً مقارنة بالقطاعات التنموية الأخرى، والتي تعاني من مشكلات حيوية سواء على المستويين ؛ الإجمالي، أو التفصيلي: وتتلخص رؤيتنا في مجال الاتصالات والمعلومات فيما يلي:

إطلاق حرية المنافسة بين شركات الاتصالات بصفة عامة، وشركات المحمول بصفة خاصة دون التقيد بعدد معين من الشركات.

1- إنشاء شركة عامة للهاتف المحمول مملوكة للدولة لخدمة رجال القوات المسلحة ورجال الشرطة ورجال القضاء وكبار رجال الدولة ومن يشاء من المواطنين وذلك للحفاظ على أسرار رجال الدولة. 2- وضع برنامج قومي متكامل لتوطين صناعة وتقنيات الاتصالات ابتداء من المكونات وانتهاء بتصميم وتصنيع وإطلاق أقمار الاتصالات. 3- التوسع في إنشاء وتطوير البنية الأساسية المعلوماتية وخاصة في مجال الشبكة الدولية للمعلومات، مع العمل على إنشاء شبكة معلومات داخلية على المستويين ؛ الوطني والقومي. 4- دعم صناعة البرمجيات في مصر بكافة الوسائل المادية والمعنوية لما تتمتع به هذه الصناعة من قيمة مضافة مرتفعة للغاية وتوافر الكوادر المتميزة بالإضافة إلى ما تقدمه هذه الصناعة من الدعم التقني لكافة القطاعات الأخرى 7- السياحة والطيران المدني تتطلب إستراتيجية التنمية للاقتصاد المصري أن تحتل السياحة مكان الصدارة فمقومات السياحة في مصر من تراث حضاري فرعوني وقبطي وإسلامي ومناخ معتدل وطبيعة جميلة وشعب طيب مضياف لا نظير لها في العالم كله، والسياحة كصناعة ونشاط تصديري مصدر شديد الأهمية للعملات الأجنبية، ومكون أساسي من مكونات الدخل القومي وركيزة رئيسية لخلق فرص العمالة المنتجة لمئات الآلاف، بل الملايين من شبابنا وإذا وسعنا مفهوم الميزات النسبية لكي يشمل قطاعات الخدمات، فإن السياحة في مصر تكتسب أهمية قصوى، بل إنها تأخذ أسبقية على كافة القطاعات الأخرى، ففكرة الميزة النسبية ليست مجرد الكفاءة الإنتاجية الممكنة في القطاعات المختلفة، ولكنها الكفاءة الممكنة بالقياس إلى ما يمكن أن تحققه الدول الأخرى المتنافسة معنا، على هذا الأساس، فإن قدرة مصر على التفوق في قطاع السياحة تتجاوز بكثير قدرتها على التفوق في أي قطاع آخر بالمقارنة مع الدول الأخرى، وبالطبع، هذا التفوق ليس فقط مقومات وإنما هو أيضًا، بنية أساسية على مستوى رفيع، ومؤسسات خاصة وعامة على درجة عالية من الكفاءة وعقلية سياحية متفردة تستطيع أن تحول الإمكانات الهائلة إلى حقيقة واقعة. وتتعدد الخدمات السياحية من سياحة دينية، إلى سياحة علمية، إلى سياحة مؤتمرات، إلى سياحة علاجية، ثم إلى سياحة التسوق، ثم سياحة ترفيهية، وهنا بالنسبة للنوع الأخير نقف مع مبادئ وقيم وأحكام الإسلام العظيم، حيث يتعين على السائح أن يعلم مسبقًا بحدود هذه الضوابط الإسلامية، فلا يجهر عند حضوره لخلافها، فكرًا أو أسلوبًا فإذا ما التزم بذلك، فله أن ينهل معرفة بتراثنا الحضاري ويستمتع بمناخ مصر وينعم بطبيعتها الجميلة ويسعد بالتعامل مع شعبها الطيب المضياف، وإذا كانت المملكة المتحدة بها في اسكتلندا مناطق جافة يحرم فيها شرب الخمور، وإذا كان الفاتيكان يفرض على الزائرة الاحتشام عند دخول كنيسته الرئيسة، فمصر كدولة إسلامية أولى بالتمسك بقيمها الإسلامية، خاصةً أنها لن تشكل قيدًا على أن يستمتع السائح لكل ما هو من مقومات السياحة. وبالرغم مما قامت به وزارة السياحة من جهود جادة في سبيل تقديم تراثنا السياحي للعالم الخارجي ورفع مستوى الخدمات السياحية وتذليل بعض العقبات التي تعوق الانتعاش السياحي، فإن ما تحققه مصر من دخل سياحي ما زال شيئًا زهيدًا للغاية بالنسبة لإمكانيات مصر السياحية وبالنسبة لما تحققه بلاد الصف الأول السياحية مثل: إيطاليا وفرنسا وإسبانيا، رغم أنهم لا يملكون شيئًا يذكر مقارنةً بتراث مصر الحضاري. وهنا، تكمن المشكلة ويحدد البرنامج العناصر التالية لمعالجتها:- 1. وضع تخطيط لحماية المناطق السياحية في المدن المصرية القديمة، وعلى سواحل البحرين المتوسط والأحمر على أسس سياحية حديثة، ومنع النمو العشوائي للمباني حول هذه المناطق. 2. إقامة مستشفيات متخصصة على درجة عالية من الكفاءة والتوسع في إقامة المهرجانات وعقد المؤتمرات العلمية والثقافية والدولية، وتحويل مناطق مصر جميعًا إلى مناطق جذب سياحي، مع عدم التركيز على مدينتي القاهرة والإسكندرية. 3. تشجيع القطاع الخاص واستقطاب الاستثمارات الأجنبية لتعبئة مزيدٍ من الاستثمارات في قطاع السياحة مع تطوير القطاع المصرفي لكي يكون قادرًا على النهوض بدوره في تقديم التمويل اللازم للقطاع الخاص. 4. مضاعفة الطاقة الفندقية من خلال تطوير المقاصد السياحية الموجودة واستهداف مقاصد سياحية جديدة، مع تنويع الخدمات السياحية والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة. 5. توفير بنية أساسية متطورة من شبكة طرق ومياه وكهرباء ومواصلات سلكية ولاسلكية، ومطارات، داخلية وخارجية، مع معالجة مختلف المعوقات التي تؤثر على السائح. 6. تسويق المنتج السياحي على المستوى الدولي من خلال العمل على تنشيط السياحة المصرية في الأسواق الرئيسة المصدرة لها، ودراسة الأسواق المستهدفة، والعمل على فتح أسواق جديدة من خلال الدعاية الذكية ومضاعفة الإعلام السياحي بأسلوب موضوعي وعلمي. 7. العمل على توفير خدمة متميزة للسائح ابتداءً من استقباله مرورًا بتيسير الإجراءات الجمركية، فانتقاله إلى الفندق المناسب، فالخدمة الفندقية، فبرامج الزيارات للمناطق السياحية وحتى مغادرته مصر. 8. توجيه كافة الوزارات الخدمية المرتبطة بالسياحة مثل: وزارات الطيران والنقل والإعلام والثقافة والبيئة وغيرها من الوزارات والأجهزة المعنية بالنشاط السياحي في مصر بوضع هدف مساندة السياحة والترويج لها ضمن أهم أهداف خططها السنوية.



الفصل الثالث السياسات المساندة هي السياسات التي تستخدم كأدوات مساعدة في رسم وتنفيذ السياسة الإنمائية من خلال أسلوب التخطيط التأشيري، وتُسمَّى أيضًا بالسياسات التقليدية؛ لأنها كانت تطبق في الدول المتقدمة أساسًا قبل تطبيق السياسات الإنمائية في الدول المتخلفة والتي تحتاج إلى تغييرات هيكلية في جانب العرض الكلي من خلال هذه السياسات، والتي تُسمَّى بالسياسات الحديثة، وتشمل إذن السياسات المساندة أو التقليدية السياسة النقدية أو الائتمانية، والسياسة المالية والسياسة التجارية، وعليه يحدد البرنامج دور هذه السياسات، في المساعدة على تحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة للاقتصاد المصري، كلاًّ على حدة، على الترتيب. 1- السياسة النقدية بالرغم من أن السياسة النقدية (أو الائتمانية أو سياسة التحكم في العرض الكلي للنقود) سياسة غير مباشرة من حيث التأثير في قرارات المنتجين الاستثمارية، ومن ثم تعد ذات فعالية محدودة، خاصةً في الدول النامية، ومنها مصر، لتخلف أسواق النقد والمال فيها، إلا أنها تعد مؤشرًا مهمًّا لواقع الأداء الاقتصادي؛ وذلك من حيث معدلات التضخم، وسعر العملة الوطنية، ومعدلات الائتمان ومجالاتها، ومن هنا واستنادًا إلى مرجعية الاقتصاد الإسلامي، تشمل الخطوط العامة للبرنامج في هذا المجال ما يلي: • إحلال سعر الفائدة: تمثل أداة سعر الفائدة الأداة الرئيسة للتحكم في العرض الكلي للنقود، ومن ثم النشاط الاقتصادي من قِبل الجهاز المصرفي، ولكن اتساقًا مع الموقف الثابت من تحريم الربا يتم تفعيل مجموعة من الآليات والصيغ الأخرى القائمة على نظام المشاركة في الربح والخسارة بديلاً عن نظام المداينة بفائدة، والمستندة على العقود الشرعية: عقد الشركة، وعقود البيوع، وعقود الإجارة، وفق قواعد المصرفية الإسلامية وذلك للوصول لجوهر هذه المعاملات وليس تحقيقًا لإطارها الشكلي فقط، مع التدرج، في عملية التحول، للأخذ في الاعتبار، ومرحليًّا تعاملات مَن يرغب في التمويل وفق سعر الفائدة. • تقوية العملة الوطنية: وذلك بتحسين معدل النمو الاقتصادي من خلال السياسات الإنمائية وفق البرنامج بما يسمح بتخفيف الضغوط على الجنيه من جرَّاء التضخم السعري، المحلي أو المستورد، وبما يؤدي إلى استخدام أشمل وأكفأ للموارد المالية لدى الجهاز المصرفي، مع العمل على استهداف التضخم، بما يؤدي إلى تحقيق معدلات لا تُؤثِّر سلبًا على الودائع أو الاستثمارات أو مستوى معيشة المواطنين أو تدفع المدخرين نحو المضاربة في سوق الأوراق المالية (البورصة) أو في الأراضي والعقارات، أو نحو ممارسة أنشطة تندرج تحت مُسمَّى توظيف الأموال، والتي منعها المشرع المصري منذ عام 1988م مع تكوين سلة عملات لاحتياطات العملة الوطنية. ويبقى العلاج الناجع لتقوية الجنيه، والتصدي للمشكلات الهيكلية، متمثلاً في توسيع القاعدة الإنتاجية أساسًا من خلال استخدام ودائع الجهاز المصرفي حسب القواعد المصرفية والائتمانية الرشيدة في تمويل مشروعات، وفقًا للأولويات الإنمائية المعتمدة، تحقق قيمة مضافة عالية، وتساعد في زيادة تشغيل العمالة، وتزيد من التصدير. • تحسين الجانب المؤسسي: مع التأكيد على ضرورة احتفاظ الدولة ببعض البنوك كملكية عامة، والعمل على تطوير الجهاز المصرفي ليتواكب مع التطورات المصرفية التي يشهدها العالم من خلال الحصول على تكنولوجيا متقدمة والقيام بتدريب مكثف للعاملين وإدخال نظم حديثة للإدارة، يتعين أن تعمل الدولة على الحفاظ على استقلالية البنك المركزي، ليكون الصانع الحقيقي للسياسة النقدية، دون ضغوطٍ محلية أو خارجية باعتبار أن القانون رقم (8) لسنة 2003 لم يحقق الاستقلال المرغوب والمطلوب. 2- السياسة المالية تتضافر السياسة المالية، كسياسة اقتصادية مباشرة تعمل من خلال جانب موازنة الدولة- الإيرادات العامة والنفقات العامة- في التأثير في النشاط الاقتصادي لمعالجة المشكلات الهيكلية لتحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة من ناحية، وعدالة توزيع الدخل والثروة من ناحية أخرى, وعليه، تتمثل الخطوط العامة للبرنامج في هذا المجال فيما يلي: • تحقيق العدالة الضريبية: وذلك عن طريق إلغاء الازدواج والتعدد الضريبي ومكافحة جادة لظاهرة التهرب الضريبي، مع ربط الإعفاءات للأعباء العائلية بمستويات الحاجات الأصلية للمعيشة ومراعاة معدلات التضخم السائدة والنظر في تخفيض معدلات الضرائب بصفةٍ عامة، كما يتعين العمل على التوسع في سياسات الإعفاءات الضريبية لبعض الأنشطة الاستثمارية، وربطها بعدد العاملين في المنشأة من ناحية، وبالأنشطة الاقتصادية ذات العلاقة بالضروريات والحاجيات لجمهور الناس من محدودي الدخل من ناحية أخرى، مع العمل على تطوير الجهاز الضريبي فنيًّا وإداريًّا، والعمل على تغيير الثقافة السائدة لدى الممولين ومأموري الضرائب من أجواء عدم الثقة. • العمل على تنمية الإيرادات العامة: استنادًا إلى تطوير الجهاز الضريبي وتحقيقًا لمبدأ العدالة الضريبية، يتعين العمل الجاد على تحصيل الضرائب المستحقة، ومكافحة الفساد الجمركي، وإعادة النظر في الإعفاءات الجمركية بما لا يؤدي إلى المساس بالاعتبارات الإنمائية والاجتماعية من ناحية، أو خلل بالموارد العامة من ناحية أخرى؛ وذلك لتعظيم موارد الدولة حتى لا تضطر إلى الاقتراض من صناديق التأمينات الاجتماعية والمعاشات (بفائدة منخفضة) مما يلقي عبء التمويل الحكومي على أقل طبقات المجتمع قدرةً على احتماله من ناحية، أو "الاقتراض" من الخارج مما يفاقم مشكلة المديونية الخارجية من ناحيةٍ أخرى أو "طبع" نقود جديدة مما يشعل الأسعار ويزيد التضخم السعري حدة من ناحية ثالثة، والمخرج المؤقت لزيادة الموارد، وحتى يتسنى معالجة مشكلة الدين العام جذريًّا من خلال برنامج زمني محدد، يتمثل في إصدار أذون وسندات الخزانة؛ لأنه تمويل من مدخرات حقيقي على أن تُستبدل في أسرع وقتٍ ممكن، بوسيلة تمويل إسلامية وهي: سندات المضاربة فهذه الأداة تقدم أسلوبًا شرعيًّا لاستثمار أموال صغار المدخرين، وتحميهم من المقامرة في البورصة أو الذهب أو الأراضي والعقارات، وتبعد الدولة عن الاقتراض بفائدة. • ترشيد الإنفاق الحكومي: ويتم ذلك من خلال التخصيص الكفء والإنفاق الكفء على مصارف الإنفاق المختلفة عن طريق تفعيل سيادة القانون ومكافحة حقيقية للفساد، وترشيد جاد للإنفاق الحكومي، خاصةً ما يتعلق منه بمظاهر الإسراف والبذخ، أو بتبديد الأصول والموارد العامة ونشر وتعميق ثقافة حرمة المال العام بين كل أفراد الشعب، مع إعادة هيكلة العمالة الحكومية وإعادة توزيع وتأهيل العمالة الزائدة بما يعظم الاستفادة من الإنفاق عليها ويربط أيضًا ومباشرة بعملية الترشيد تصحيح برامج الدعم المباشرة وغير المباشرة، بما يتماشى مع الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، وبما يضمن وصول الدعم إلى مستحقيه. • سد عجز الموازنة العامة: أساسًا، وبالإضافة إلى سندات المضاربة الشرعية يتم سد العجز من خلال تفعيل دور مؤسستي الزكاة والوقف، على أن تشمل هاتان المؤسستان مجال العمل الخيري لدى الأخوة الأقباط، سواء من خلال الوقف أو ما يعرف بالعشور والبكور، وتكون مصارف إنفاق هذه الموارد على حاجات الفقراء، وفي مجالي الصحة والتعليم، ومن حيث عملية التنفيذ يقترح تقنين الزكاة، بجانب الضرائب مع تسوية مدفوعات الزكاة عند التحاسب الضريبي، بما يضمن تنظم العلاقة والتكامل بينهما؛ تجنبًا لازدواج الإلزام، ومن حيث آلية التنفيذ يتم إنشاء صندوق الزكاة في كل وحدة محلية لجمع الزكاة وإنفاقها حسب مصاريفها الشرعية؛ استنادًا لقاعدة بيانات يمكن من خلالها التوظيف السليم لهذه الموارد على أن يكون هناك نوع من التكامل بين الوحدات المحلية في حالات العجز أو الفائض، وتتطلب هذه الآلية إنشاء مصلحة للزكاة تتولى كافة الإجراءات المتعلقة بالزكاة على أن تكون هيئة أو مؤسسة غير حكومية مستقلة. 3- السياسة التجارية بالسياسة التجارية تكتمل منظومة السياسات الداعمة للسياسة الإنمائية. وتتضمن السياسة التجارية بطبيعتها مكونين الأول التجارة الداخلية، والثاني التجارة الخارجية. التجارة الداخلية: من خلال هذا المكون للسياسة التجارية، يتم في النهاية توصيل المنتجات الاقتصادية (سلع وخدمات) إلى مستخدميها من أفراد المجتمع مستهلكين ومنتجين، والتجارة الداخلية تتسم بطبيعة خاصة ومستويات مختلفة من حيث طبيعة النشاط والحجم، والتمويل وتنتظم في مساقات ثلاثة: التجزئة وشبه الجملة والجملة. وتعاني هذه التجارة في مصر من العديد من المشكلات، لعل أبرزها الممارسات الاحتكارية لبعض المنتجين التجار لسلعٍ معينة وفي مواسم محددة؛ مما يضر بالمواطنين كمستهلكين، فضلاً عن ممارسات سلبية تتعلق بالحجم والتمويل في المستويات الثلاث، أو في نوع السلعة أو الخدمة المقدمة، وتتطلب معالجة هذه السلبيات بعض السياسات والإجراءات، وذلك على النحو التالي: 1. اعتماد القوانين المنظمة لشئون التجارة الداخلية، بما يحافظ على حقوق التجار والمستهلكين وتفعيل قانون حماية المنافسة ومكافحة الاحتكار. 2. قيام الأجهزة الرقابية الحكومية وغير الحكومية (مؤسسات المجتمع الأهلي) بدورها بشكلٍ فعَّال، بما يؤدي إلى إحداث التوازن في السوق، وأن يكون للأجهزة الحكومية صلاحية إلزام التجار بالبيع بسعر المثل في حالة التأكد بشكلٍ قاطعٍ من أنهم يمارسون الاحتكار. 3. ضرورة نشر ثقافة حماية المستهلك، وتوعية المواطنين بحقوقهم من خلال التعاون مع مؤسسات المجتمع الأهلي، واعتماد شروط للسلامة والصحة تتناسب مع الحفاظ على صحة المواطنين بشكلٍ تام مع تحقيق الحماية الفعالة لحقوق المستهلك ووضع العقوبات الرادعة على مخالفتها. 4. توفير مصادر التمويل للعاملين بهذا النشاط وفق آليات تسمح للمؤسسات المالية بالتعامل مع متوسطي وصغار التجار، بالعمل على إيجاد هذه الآليات الجديدة أو مؤسسات تمويل تمارس هذا النشاط. 5. القيام من خلال مجتمع الأعمال (جمعيات المستثمرين والغرف التجارية وجمعيات رجال الأعمال.. إلخ) بتوجيه الاستثمارات في هذا القطاع بحيث لا يحدث ما هو مشاهد بالفعل، وهو ظاهرة "استثمار القطيع"؛ وذلك استنادًا إلى دراسات عن الأسواق لاكتشاف طبيعة وحجم الفجوات الموجودة بكل تجارة، ومن ثم يكون عدد الداخلين في النشاط التجاري الواحد مناسبًا لاحتياجات السوق، مع الأخذ في الاعتبار أن قرار الدخول أو الخروج من السوق يكون اختياريًّا تمامًا ودور المؤسسات الخاصة بمجتمع الأعمال استرشاديًّا. 6. العمل على توفير الأسواق المتخصصة لكل مستوى من مستويات التجارة من خلال القطاع الخاص، بما يتناسب مع ظروف وإمكانيات كل قطاع تجاري، مع تدخل الدولة لتوفير وتهيئة البنية الأساسية لتشجيع ودعم وجود أسواق في المناطق الفقيرة. التجارة الخارجية: تمثل التجارة الخارجية بصفة رئيسة محصلة الجهد الإنتاجي والإنمائي للمجتمع. و"صافي الصادرات" هو مكون أساسي من مكونات الاستثمار القومي، وهو: صافي الاستثمار الخارجي، والذي من خلاله يمول استيراد المكون الأجنبي للمشروعات الإنمائية الجديدة والسلع الوسيطة، والسلع الضرورية لسد العجز في المنتج منها محليًّا، وبالرغم من دخول مصر العديد من الاتفاقيات الثنائية والإقليمية والدولية لتشجيع التصدير، فما زالت الصادرات المصرية تراوح مكانها عند مستوى شديد التدني بالمقارنة بالواردات من ناحية، وبما أنجزته دول نامية أخرى من ناحية ثانية- مثل سنغافورة وهونج كونج وتايلاند والمكسيك وتركيا وكوريا الجنوبية وتايوان- كما أنها تعاني من درجة اعتماد رئيسة على المواد الخام التعدينية والزراعية. ويرجع ذلك بالأساس إلى إستراتيجية التنمية في مصر كانت- وما زالت- إلى حد كبير- ذات توجه داخلي بحت؛ مما أدَّى إلى تخلف الاقتصاد المصري الشديد عن عدد كبير من الدول النامية في استغلال الفرص الممكنة والكبيرة، التي تتيحها السوق الدولية، وبالقطع ليس بالاتفاقيات وحدها تتم زيادة ملموسة في الصادرات وإنما بالتنمية الحقيقية التي تنتج منتجًا رفيع الجودة ورخيص السعر نسبيًّا، ويكفي لتوفير احتياجات المواطنين بما يحقق لهم الحياة الطيبة الكريمة، ويولد فائضًا مناسبًا يلبي رغبات وأذواق المستهلكين في بقية دول العالم. وفي ضوء الاتفاقيات التي وقعت عليها مصر على الأصعدة الدولية والإقليمية والثنائية، يلاحظ أن خط الاتفاقيات الثنائية والإقليمية ضعيفًا بشكل عام، خاصةً ما يتعلق بالدوائر العربية والإسلامية والإفريقية والدول النامية بعامة أي دول الجنوب، بينما تسعى الحكومة المصرية جاهدةً لتفعيل اتفاقياتها مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، ولقد ترتب على هذا الوضع، بمعيار الفرصة البديلة، والمنافع الضائعة، عدد من الخسائر الجسيمة للاقتصاد الوطني. ولتصويب هذا الوضع، وعلاج الاختلال القائم في ميزان التجارة الخارجية والاختلال المزمن في ميزان المدفوعات، والسياسة الإنمائية المقترحة يؤكد البرنامج على الأسس والتوجهات التالية: 1. إعطاء الأولوية للتعاون "العربي"، "فالإسلامي"، "فالإفريقي"، "فالجنوبي"، ثم الدولي؛ لأن هذه الأولوية ذات جدوى اقتصادية وإنمائية واضحة، وفي الوقت نفسه تُبقي على هوية مصر في إطارها الصحيح تجاه التزاماتها ومصالحها العربية والإسلامية والإفريقية والجنوبية والدولية. 2. اعتماد قاعدة الانفتاح على الأسواق الخارجية، مع تحديد واضح لضوابط تعظيم المصالح الاقتصادية، والتعامل مع بقية دول العالم في ظل العولمة واتفاقيات منظمة التجارة العالمية وفقًا لهذا المبدأ، مع الحرص على تقليل أو تفادي السلبيات. 3. التزام واضح بجميع الاتفاقيات التي وقعتها مصر، حفاظًا على مكانتها الدولية مع الحق في مراجعة بعض أو كل هذه الاتفاقيات وفقًا للقوانين الدولية المنظمة لهذا الشأن، بما يعظم مصالح مصر الاقتصادية. 4. النظر قبل الدخول في اتفاقيات جديدة إلى إمكانيات الاقتصاد المصري لتحديد مدى الاستفادة الحقيقية من هذا التعاون، وعدم إتمامه إذا كان يسمح بوجود احتكارات داخل الاقتصاد الوطني تؤدي إلى خلل في القاعدة الإنتاجية واستنزاف للموارد، مع ضرورة عدم تضييع فرص حقيقية على المجتمع بحجة الحماية إذا كانت هذه الحماية لكيانات ضعيفة لا تعمل إلا خلف الحماية، وغير قادرة أصلاً على المنافسة محليًّا أو خارجيًّا. 5. اعتماد آليات تعظيم حصة مصر التصديرية، وفقًا للرؤية الإنمائية لهذا البرنامج، من خلال المنتج الجدي والسعر التنافسي، والعمل على توفير كل العوامل المساعدة على تحقيق ذلك. الموقف من مفاوضات مناطق التجارة الحرة مع الغرب تحمل مبادرة منطقة التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، والتي ما زالت في مرحلة التفاوض، ومشروعات الشراكة الأوروبية مع دول المنطقة العربية، مجموعة من الفرص كما تشمل على مجموعة من القيود والمخاطر والسلبيات السياسية والاقتصادية، فهذه المشروعات تهدف من بين ما تهدف إلى جذب الاقتصادات العربية فرادى بعيدًا عن مشروعات التكامل العربي باتجاه مشروعات بديلة، يتم من خلالها الترتيب لربط هذه الاقتصادات بحجة إدماجها في الاقتصاد العالمي، لإدماج الكيان الصهيوني في المنطقة مع إعطائه وضعًا أكثر تميزًا يسمح له بأن يكون المحور الرئيس لهذه المشروعات، والمثال الحي على ذلك هو الكويز. وبصفة عامة تكرس الاتفاقيات التي تتم بين أطراف غير متكافئة في الغالب الأعم، وضع التبعية، وهذه التبعية هي العلاقة الحاكمة بين الاقتصاديات العربية، ومنها الاقتصاد المصري، واقتصاديات الدول الكبرى، خاصةً أن المطروح حتى الآن من خلال هذه الاتفاقيات، ومشروعاتها، لا يتسم بالمرة بالتوازن في توزيع المنافع بين أطراف العلاقة. ضرورة التعاون العربي: وعليه المخرج الرئيس من فخ الاستقطاب والإلحاق والتبعية الاقتصادية، والذي يتفق مع تحقيق تنمية اقتصادية متوازنة ومستدامة هو تفعيل دوائر التعاون الاقتصادي: العربي ثم الإسلامي فالإفريقي فالجنوبي، وتمثل الدوائر العربية في هذه السلسلة البداية الصحيحة، وعلى ذلك يتعين الإسراع بتنفيذ مشروع منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى كخطوةٍ أولى ثم تنتقل المجموعة العربية إلى خطوات التعاون الاقتصادي بوتيرةٍ أسرع من: الاتحاد الجمركي، فالسوق المشتركة فالاتحاد الاقتصادي، وأخيرًا الوحدة الاقتصادية؛ حيث يتم في هذه المرحلة: - إلغاء القيود الجمركية وغير الجمركية بين الدول الأعضاء، وتوحيد التعريفة الجمركية على التبادل التجاري مع بقية دول العالم، وحرية انتقال عناصر الإنتاج، وأخيرًا تجانس أو توحيد السياسات الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى إقامة سلطة عليا يكون لها حق اتخاذ قرارات ملزمة لكل الدول الأعضاء لتصبح حقيقةً كياناً اقتصاديًّا واحدًا. وتعتبر "المشروعات المشتركة" و"الاندماجات" و"مثلثات النمو" و"تنسيق خطط التنمية القطرية" مداخل عملية ووسائل فعاَّلة للإسراع بإحداث التعاون الاقتصادي العربي، فالمشروعات المشتركة والاندماجات تزيدان من المصالح المشتركة، ومن مزايا الإنتاج والحجم الكبير، ومن القدرة على التنافس في السوق الدولية، وتنسيق خطط التنمية يزيد من التخصص وتقسيم العمل الكفء، ومن الاستخدام الأمثل للموارد ومن درجة التكامل والاندماج. ومفهوم "مثلث النمو" يستند إلى حقيقة أنه حاصل مجموع عناصر الإنتاج للشركاء أكبر من مجموع أجزائها؛ حيث تشارك الدول المتكاملة في رأس المال والعمل والموارد الطبيعية اللازمة لدخول الأسواق الإقليمية والعالمية فيقدم بلد رأس المال والآخر المهارات المهنية والأيدي العاملة والثالث الموارد الطبيعية، وبتجميع هذه الموارد تتكون الشراكة التي تقوي الروابط بين الدول المتكاملة، وتأتي بالنمو والازدهار للشركاء كمجموعةٍ وتزيد من قدرتهم التنافسية في السوق العالمي من خلال "الميزة النسبية" من ناحية، وعن طريق استخدام الموارد والمهارات والمعرفة المتوافرة لهم لإنتاج منتجات جيدة مطلوبة في أسواقهم، وفي السوق الدولية من ناحية أخرى، ومن هنا يتم التعاون الاقتصادي العربي راسخًا على أسس موضوعية ومصلحية وليس على اعتبارات عاطفية.











الباب الخامس الدين والمجتمع

مقدمة: يُعتبر البُعد الاجتماعي أحد أهم مُحدِّدات الأمن القومي طبقًا للمعايير التي اعتمدها العالم في غضون المائة عام الأخيرة؛ علي اعتبار أن السِّلم الأهلي والأمن الاجتماعي- بكل فئاته- هو أحدُ مكوِّناتِ استقرار الدَّولة وحمايَة تماسُكِها في مواجهةِ أيِّ طارئٍ. ومن جانبٍ آخر فإن قضيَّة التَّنميَّة البشريَّة هي قضيَّة ذاتَ طَابَعٍ اجتماعي بالأساس؛ لارتباطها بملفاتِ الخدمات الاجتماعيَّة وقطاعاتٍ اجتماعيَّة وشرائح بشريَّة ذات طبيعةٍ خاصة مثل المرأة والشَّبابِ وغير ذلك من ملفاتٍ. وفيما يتعلق بالتَّأصيل الشرعي لهذه القضيَّة؛ فإن العدالة الاجتماعيَّة تحتل مكانتها المُتَمَيِّزة في البُعدِ الاجتماعي؛ فقد أرسي الإسلام مبدأ العدالة الاجتماعيَّة بما تحمله من معانٍ وقِيَمٍ رفيعةٍ تُساعد علي قيام مُجتمع يتمتَّع بالسلامِ والإخاءِ والمحبَّةِ والرَّخاءِ، والتَّسامُح، والتَّعاوُن بين مختلف طوائف المُجتمع، والعدالة الاجتماعيَّة في الإسلام وفق هذا المفهوم لا تُطَبَّق فقط علي المسلمين، وإنَّما هي حق لجميع أفراد المُجتمع بغضِّ النَّظرِ عن مُعتقداتهم أو دياناتهم. والعدالة تعني تحقيق المساواة في إعطاء الحقوق والالتزام بالواجبات دون تفرقةٍ لأيِّ سببٍ من الأسباب، - بالتالي- هي إعطاء كل فردٍ ما يستحقه، وتوزيع الثَّروة القوميَّة والمنافع المَاديَّة والمعنويَّة في المُجتمع بقدرٍ مساوٍ للاحتياجات الأساسيَّة، كما أنَّها تعني المساواة في الفرصِ؛ أي أن يكون لكلِّ فردٍ الفرصة في الصُّعود الاجتماعي، عبر مجموعةٍ من المسارات التَّنمويَّة والخِدْميَّة المُتكافئة لكلِّ شرائح المُجتمع المختلفة، فلا يكون هناك تفاوتٌ كبيرٌ في أوضاع شريحةٍ أو طبقةٍ دون أُخري داخل المُجتمع. وقد أكَّدَ الإسلام علي اعتبار العدل أعلي قيم الإسلام بعد الوحدانيَّة في كونه صفة من صفات الله عز وجل، وكرَّرَ ٍرب العزةِ سبحانه في العديدِ من آياتِ كتابه الكريم، ولقد فرض الله العدل علي المسلمين ليشمل كل شيءٍ في حياتهم ابتداءً من العدل في الحكم إلى الشَّهادة ومعاملة الأسرةِ والزَّوجة وجميع الناس، حتي الأعداءِ والخصومِ فلقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إلى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ أن اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ أن اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)﴾ [سورة النساء، آيَّة 58]، كما يقول تعالي أيضًا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَي أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ أن اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8) [سورة المائدة، آيَّة 8]. والعدالة الاجتماعيَّة من أهم مكونات العدل في الإسلام، وتقوم العدالة الاجتماعيَّة في الدين الحنيف علي عددٍ من الرَّكائزٍ؛ أهمها: المساواة الإنسانيَّة الكاملة، والَّتكافُل الاجتماعي الوثيق، ويُقْصَدُ به التزام الأفراد بمعاونة بعضهم بعضًا؛ وفي داخل الأُسرة ثمَّ المُجتمع المحلي وصولاً إلى مسئوليَّة الدَّولة عن أفرادِ هذا المُجتمع.

أهميَّة التَّكافُل في الإسلام باستقراء النصوص الواردة في القرآن الكريم والسُّنَّة النَّبويَّة القوليَّة والفعليَّة وعمل الخلفاء الراشدين؛ نتأكد أن التَّكافُل الاجتماعي بكلِّ صوره هو من الأهداف العامة والمقاصد الأساسيَّة للشَّريعة الإسلاميَّة؛ فالمجتمع الإسلامي أساسه التَّعاون علي البرِّ والتَّقوى، والتَّكافُل بين الأغنياء والفقراء وإعانة بعضهم بعضًا في الضَّرَّاء والمشاركة في السَّرَّاء؛ من أهمِّ صورِ البرِّ. ويقوم التَّكافُل الاجتماعي في الإسلام علي مبدأَيْن يوليهما الإسلام أقصي درجة من الأهميَّة؛ المبدأ الأول الوحدة والأخوة الإنسانيَّة الكاملة بين البشر، والثَّاني مصلحة الجماعة وتماسُك بنيانها، باعتبار أن التَّكافل الاجتماعي من أهم القواعد الأساسيَّة لبناء التَّضامُن الاجتماعي وبما يُشيعه من ترابُط بين أفراد المجتمع، وبما يوفره لدعم قدرة الأفراد علي الزواج وبناء الأسر، كما يُعدُّ أحد المقاصد الشَّرعيَّة الهامَّة لتنظيم الكثير من التَّشريعات التي تُنظِّم المجتمع الإسلامي والتي تُعرف باسم العبادات الماليَّة؛ كالزَّكاة والنَّفقات بين ذوي القُربي والأمر بِصِلَةِ الرَّحمِ والقرض الحَسَن والكفَّارات والنُّذور، ونظام العاقلة وهي مشاركة أقارب الجاني من كلِّ العصبيَّات في تَحمُّل ديَّةِ القتل الخطأ، والأمر بعدالة توزيع الدَّخل القومي حتى لا يستأثر به الأغنياء {كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [سورة الحشر: من الآية (7)]، وغير ذلك. والتَّكافُل في الإسلام ليس صدقة طوعيَّة متروكة لإرادة الأفراد إن شاؤا أدوها أو منعوها؛ بل جعله الإسلام حقًّا معلومًا في مالِ الأغنياء واجل الأداء إلى مستحقيه دون منٍّ ولا أذىً، وشرع لضمان وُصوله إليهم نظامًا دقيقًا يجمع بين مسئوليَّة الأغنياء ومسئوليَّة أولي الأمر في الدَّولة، ويتأسس هذا الحقُّ علي أن المال في الحقيقة مملوكٌ للهِ عزَّ وجلَّ؛ فهو خالقُه وهو رازقُ النَّاسِ به، وهو الذي استخلفهم فيه ليحصلوا عليه ويتصرفوا فيه وفق أوامره ونواهيه؛ {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [سورة النور: من الآية (33)]، {وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} [سورة الحديد: من الآية (7)]. وتنبع فكرة التَّكافُل في الإسلام في دوائر متماسكة الحلقات؛ حتى تستوعب المجتمع كله بجميع طوائفه، أيًّا كانت ديانتهم، كما تشمل كل أنواع التَّكافُل المالي والمعنوي والاجتماعي؛ سواءً بين أفراد الأسرة الواحدة أو بين الأسر وبعضها، أو بين المجتمع والدَّولة، وله آلياتٌ لتحقيقه ما بين فرديَّةٍ وجماعيَّةٍ، وما بين تطوعيًّةٍ وإلزاميَّةٍ. والتَّكافُل في الإسلام يضمن لهم توفير حاجاتهم الأساسيَّة من الضروريَّات، في المسكن والمأكل والملبس والعلاج بالقدر الكافي لحاجة الشَّخص المُعتاد من أواسط النَّاس؛ ليس بأدناهم وليس بأعلاهم؛ فإذا لم تكفِ الزكاةِ المفروضة والصَّدقات الطَّوعيَّة لكفالة هذا الحَد؛ وجب شرعًا علي ولِّي الأمر في الدَّولة أن يفرض في مالِ الأغنياء ما يفي بكفاية الفقراء. والمستحقون للتَّكافُل في الإسلام هم كافة فئات المجتمع المقيمون في الدَّولة بصفةٍ دائمة أو مُؤقَّتة أيًّا كانت ديانتهم من غير القادرين علي الوفاء باحتياجاتهم الأساسيَّة، أو العاجزون عن العمل أو من لم يجدوا فعلاً عملاً يُناسب قدراتهم من اليتامى والضعفاء والمساكين والفقراء، والغارمون، وهم من أصابتهم الكوارث، وغيرهم من الفئات التي تستحق المعاونةِ شرعًا. وكما ترتبط قضيَّة البعد الاجتماعي بالعدالة الاجتماعيَّة؛ فإنَّها ترتبط- أيضًا- بقضيَّة الأمن الاجتماعي الذي يعني "كل ما يُطَمْئِن الفرد علي نفسهِ وعلي مالهِ، والشُّعور بالطِّمأنينةِ وعدمِ الخوفِ، والاعتراف بوجوده وبكيانه وبمكانته في المُجتمع"، ويكتسب الأمن الاجتماعي أهميَّة كبري لأنَّه يتعلق بالمجتمع وهو قاعدة الدَّولة، وأساس قوتها، وبالتَّالي فهو طريق تحقيق الأمن في مُخْتَلَفِ المستويات، ويجبَ التَّعامُل معه من خلال منظومة متكاملة تبتعد عن الإقصاء؛ فلا يمكن لإنسانٍ: فقير، مضطهد، معوز اجتماعيًّا.. إلخ، أن يكون مرآةً سليمة لحضارة المجتمع وتاريخه. ويسعي الحزب من خلال برنامجه هذا إلى الحفاظ علي مجموعة القيمِ الاجتماعيَّة التي تميِّز المجتمع المصري؛ وهي المنظومة التي توَّجَها وهذَّبَها الإسلام؛ فالحزب يعمل بكلِّ جهده لإشاعة مكارمِ الأخلاقِ واحترام الفرد لذاتِه وللآخرين؛ كذلك يدافع في برنامجه هذا عن كل أصيل في حياة هذا المجتمعِ من قيمٍ ماديَّة ومعنويَّة عبر مُختلف القنوات التي تُخاطب المجتمع من صحفٍ وكتبٍ ووسائط إعلاميَّة وثقافيَّة أُخرى، مع الاهتمام بمسارات العمل الاجتماعي التي من خلالها يُعَبِّر الإنسان المصري عن هُويَّتِه وقِيَمِه الثَّقافيَّة والأخلاقيَّة؛ ومن هذه القِيَمِ: 1. تحقيق الرَّبانيَّة والتَّديُّن في المجتمع لإحياء قِيَمِ الخير والأخلاق الفاضلة النابعة من الإيمان العميق بالله عز وجل، والبحث عن الرزق الحلال، واجتناب الحرام، وتأدية واجب التَّكافُل الاجتماعي والبذل في سبيل الله؛ حتى تسود المجتمع قيم التَّآخي والتَّواد. 2. الوحدة الوطنيَّة هي أساس الاستقرار الاجتماعي والسلام داخل المجتمع المصري الذي حقَّق انسجامًا بين مختلف أطيافه وطبقاته الاجتماعيَّة عبر تاريخه الطويل لم يحدث في أي مجتمعٍ إنساني آخر. 3. تشجيع القُدْوَة الحَسَنَة في مختلف المجالات؛ والمسئول قبل المواطن العادي. 4. صيانة الأخلاق بأكثر من وسيلة؛ بالتَّوجيه الهادئ المتزن والمُتدرِّج بكافة الوسائل الثَّقافيَّة والإعلاميَّة الحديثة من جهة، وبتحقيق الحريَّة والعدالة والضمان الاجتماعي من جهةٍ أُخرى. 5. مكافحة الجريمة والانحرافات بأنواعها، والأُميَّة، وكل ما من شأنه الانتقاص من القِيمَة الحضاريَّة لهذا المجتمع، ثمَّ بالنِّظام والقانون إذا اقتضت الضَّرورة ذلك. 6. دعم القيم الأُسريَّة وإقامة دَوْلَة التَّضامُن والتَّكافُل الاجتماعي. وفي إطار محاولة الحزب لرسم سياسة اجتماعيَّة تُعيد للمجتمع المصري قيمه وتديُّنِه وشكله الحضاري المتميِّز يقدِّم الحزب رؤية لكيفيَّة تحقيق هذه الغاية النبيلة في الفصلَيْن التَّاليَيْن:

الفصل الأول الشئون الدينية والوحدة الوطنية من الثوابت التاريخية أن للدين دورا جوهريا في بناء الشخصية الإنسانية بصفة عامة والمصرية بصفة خاصة، وهو المحرك الفعال في توجيه السلوك نحو تحقيق الأهداف والمصالح الإنسانية المُثلي التي أتي الدين ليربي الناس عليها. والإسلام منهج لجميع نواحي الحياة، فهو يعالج الجوانب الروحية والمادية كما أنه دين الحق والعدل والحرية والإخاء والمساواة الإنسانية والتضامن والتكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، ويحث علي العلم والتنمية الشاملة والمستدامة، وقد اعترف الإسلام بما سبقه من أديان و اقر للمؤمنين بها حرية الاعتقاد وحرمة دور العبادة كما اختصهم بمعاملة تقوم علي البر والقسط ولذلك فإن من مسئولية الحكومة وضع السياسات اللازمة لتحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية التي ينص الدستور علي أن مبادئها هي المصدر الرئيسي للتشريع و إقامة المؤسسات والهيئات اللازمة لتتولي تحقيق كل ذلك في المجتمع، في إطار متناسق متكامل، ومن أهمها المؤسسات التعليمية الدينية، وكذلك هيئات البر والصدقات والخيرات. أولاً: دور مؤسسة الأزهر: إن الأزهر الشريف مؤسسة فريدة في مصر والعالم الإسلامي؛ فقد قامت علي دراسة ونشر علوم القرآن والشريعة الإسلامية واللغة العربية و تخرج منه علماء من كل بلاد الإسلام فكانوا خير رسل لشعوبهم و لا شك أن للأزهر الشريف أدوارًا عديدة فهو جامعة إسلامية و منبر دعوي للإفتاء والوعظ والإرشاد، وصرح عالمي من حيث نشر الفكر والثقافة الإسلامية طبقًا لمنهج أهل السنة والجماعة علي مستوي العالم هذا بالإضافة إلى دور الأزهر التاريخي في حمل راية الجهاد وقيادة المجاهدين أمام كل غزوات الاحتلال الأجنبي علي مصر فضلاً عن صدعه بالحق في وجوه الحكام الظالمين ووقوفه بجانب المستضعفين والمظلومين، ولذلك يجب علي كل محب لمصر والإسلام وساع لرفع شأنهما أن يعمل علي تقوية الأزهر ودعمه وكفالة استقلاله استقلالًا تاماً عن السلطة السياسية و أن يتيح له حرية الفكر والحركة والدعوة،. ومن جوانب التطوير والنهوض بالمؤسسات الأزهرية ما يلي: 1. الاهتمام بالمعلم الأزهري، من حيث تكوينه الشخصي، وتأهيله العلمي، ورفع كفاءته في ضوء أحدث الوسائل التعليمية المعاصرة من خلال التدريب المستمر،ورفع مستواه المعيشي حتي يستطيع الإبداع والابتكار والتجويد في مهمته. 2. تطوير المناهج علي أساس الأصالة الفكرية والوسطية المعتدلة والتي تضمن تكوين العقلية الباحثة الناقدة المجتهدة لا الحافظة الملقنة فقط مع الحرص علي استخدام الوسائل المعاصرة، خاصة العمل علي إيجاد وسائل حديثة تعالج كافة المشكلات المعاصرة من وجهة النظر الإسلامية وتلك التي تحقق الشخصية الإسلامية القوية القادرة علي حمل الرسالة الإسلامية في العصر الحديث إلى جميع أرجاء العالم. 3. التوسع في إنشاء الكتاتيب والحضانات مع التركيز علي حفظ القرآن الكريم وجزء من السنة النبوية الشريفة وتعلم الأخلاق الفاضلة. 4. دعم المعاهد الأزهرية بالمعلمين الأكفاء و كافة وسائل الدعم المادي و التقني والتوسع في إنشائها وإتاحة الفرصة للجهود الأهلية التطوعية. 5. تطوير جامعة الأزهر مع ضمان الحفاظ علي سمتها المميز كأعظم جامعة إسلامية في العالم، والتوسع الجغرافي بإنشاء فروع لها ودعمها لتؤدي رسالتها. 6. دعم الكُليَّات الشَّرعيَّة بما يُؤهِّل المتخرجين منها للدعوة والتدريس والفُتيا والاجتهاد في علوم الشَّريعة. 7. الاهتمام بالكليات الأزهريَّة المدنيَّة حتى تخرج الطبيب والمهندس والمحاسب.. إلخ، الداعيَّة الذي يدعو إلى المعروف والإحسان بلسانه وكيانه وسلوكه وتعامله مع الناس. 8. تفعيل دور مجمع البحوث الإسلامية، بانتخاب أعضائه، من بين علماء وأساتذة الأزهر المبرزين ومن الجامعات المماثلة علي مستوي العالم الإسلامي، و العمل علي انتظام اجتماعاته ووضع آلية دقيقة للبحث والدراسة وتحديد نسبة معينة من الأصوات للوصول إلى الرأي النهائي ونسبة أعلي للعدول عنها والتزام كافة المؤسسات الرسمية والأهلية بهذا الرأي. 9. الاهتمام بقطاع الوعظ والإرشاد وتحريره من الضغوط السياسية والأمنية في إطارٍ من الوسطية والاعتدال. 10. ضرورة تحقيق استقلال الأزهر جامعاً وجامعة استقلالاً كاملاً وحقيقيًّا عن السلطة التنفيذية بكلِّ درجاتها. 11. دعم إدارة البعوث الإسلامية و رعاية المبعوثين و الوافدين. 12. زيادة الميزانيات الموجهة للأزهر و إعادة أوقافه إليه 13. إعادة تشكيل هيئة كبار العلماء بالانتخاب واختيار شيخ الأزهر بالانتخاب من بين أعضائها ثانياً: دور هيئة الأوقاف : من أهم سمات المجتمع الإسلامي التكافل والتضامن، والتنمية والرخاء ومن المؤسسات التي تقوم بهذا الدور مؤسسة الوقف ولكي تقوم بدورها علي الوجه الأكمل فإن دلك يتطلب : 1. رد الأموال الموقوفة للأزهر، وتمكين الهيئات العامة والجمعيات الأهلية من استرداد أوقافها وإدارتها في الأغراض التي نص عليها الوقف. 2. إعادة النظر في القوانين التي صدرت بشأن إلغاء نظام الوقف الأهلي و تحجيم الوقف الخيري، و وضعه تحت سلطات الدولة التي أدت إلى إحجام الناس عن وقف أموالهم مع التأكيد علي الالتزام بوصية الواقف. 3. إعداد بنية تشريعية و إدارية تضمن استقلال مؤسسات الوقف وإنشاء هيئة خاصة للإشراف علي الأموال الوقفية وحماية أموالها وتحقيق أهدافها التنموية و التكافلية والتضامنية تكون منتخبة من كبار الأوقاف والشخصيات العامة ذات الاهتمام وبعيدة عن هيمنة السلطة التنفيذية. 4. تجديد الاجتهاد الفقهي فيما يتعلق بالوقف بما يضمن تحقيق أهدافه التنموية والتكافلية بصيغ استثمار جديدة. 5. تشجيع الوقف في المجالات الآتية : - المجال التعليمي بصفة عامة، والأزهري بصفة خاصة. - البرامج العملية في محاربة الفقر والجهل. - تدريب المرأة الريفية، والأسر المعيلة., - تأهيل أطفال الشوارع والمشردين. - المجال الصحي. 6. إعفاءات ضريبية للمشروعات المشتركة بين الوقف ومؤسسات العمل الأهلي. ثالثاً: الشئون الدينية: حتى يمكن تحقيق مقاصد الشريعة الإسلاميَّة بين أفراد المجتمع بصفة عامة، يجب الاهتمام بالمؤسسات والهيئات ذات الصلة بالعبادات والإفتاء والوعظ والإرشاد وأعمال البر،مثل دور العبادة كالمساجد، والكنائس، لجان الإفتاء، لجان الوعظ والإرشاد،ولجان البر والإحسان. وهناك ضرورة لتطويرها وتفعيلها لكي تواجه التحديات المعاصرة ويتم ذلك علي النحو الآتي: أ) آفاق تطوير دور العبادة : توسعة نطاق نشاط دور العبادة فلا تقتصر علي أداء الشعائر فقط، بل يجب أن تؤدي الرسالة التي رسمها الإسلام للمسجد وتبعًا لسائر دور العبادة بأن تكون منارة هدي ومحبة لجميع المواطنين وتحقق رفاهية المجتمع بأنْ يكون لها دور ثقافي يرتكز إلى الأصالة، ودور اجتماعي يحقق التنمية الاجتماعية والبيئية، ودور قضاء مصالح الناس، ويجب أن يلحق بها قسم لمحو الأمية،ولجان للصلح والتحاكم الودي، وقسم لمناسبات الأفراح والأحزان، وقسم للخدمات الفنية، وقسم للخدمات التعليمية، وقسم للندوات والمحاضرات ومستوصفات علاجية. ب) آفاق لتطوير وتفعيل الإفتاء الإسلامي 1- تشكل هيئة مستقلة للإفتاء تكون من كبار العلماء يرأسها فضيلة المفتي وتفعيل دورها من خلال لجان متخصصة في جميع المجالات للبحث والدراسة بحيث لا تكون الفتوى مجرد رأي شخصي. 2- يجب التنسيق والتكامل بين جهات الإفتاء ذات العلاقة، وهي: لجنة الفتوى بالأزهر وفروعها بالمحافظات، دار الإفتاء التابعة لوزارة العدل، لجان الإفتاء بالمساجد، برامج الإفتاء في أجهزة الإعلام، كما يجب وضع ضوابط وشروط لمن يتصدي لعملية الإفتاء بحيث لا يتصدي للفتوى أحدٌ ممَّن لا تتوافر فيه الشروط المحددة. 3- الاستفادة من مزايا الحاسب الآلي، ومحاولة تجميع الجهود السابقة في الفتاوى وعمل موقع علي الإنترنت خاص بذلك. 4- آفاق لتطوير دور البر والإحسان تعتبر دور البر والإحسان في المجتمع ذات صلة بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي من ناحية والتربية الدينية من ناحية أخرى، ولها أثر فعال في تحفيز رجال المال من الصالحين علي إنفاق أموالهم في صورة زكاة أو صدقات أو هبات أو تبرعات إلى المؤسسات التي تعمل في مجال البر علي اختلاف أنشطتها بالأموال التي تساعد في تحقيق التكافل والتضامن الاجتماعي. ومن الاقتراحات العامة لتطوير مؤسسات البر و الإحسان ما يلي: 1. عدم فرض قيود سياسية علي أنشطتها ما دامت تلتزم بقوانين إنشائها، وبعيدة عن ما يؤدي إلى العنف بكافة صوره. 2. تحقيق التكامل والتنسيق بين دور البر والإحسان علي مستوي الدولة. 3. الاستفادة من البواعث الدينية لتحض الأفراد علي الإسراع في أعمال البر والإحسان. 4. دعم الجمعيات الخيرية التي تقدم برامج تنمية حقيقية. رابعاً: الكنيسة المصرية : ركيزة اجتماعية تُعْتَبَر الكنيسة المصريَّة – بمختلف طوائفها- إحدى مكوِّنات المجتمع المصري، وقد لعبت عبر تاريخها الطَّويل دورًا في خدمة القضايا الوطنيَّة المصريَّة، وجاء الفتح الإسلامي فساعد الكنيسة القبطيَّة المصريَّة علي القيام بدورها الرُّوحي للأقباط في مصر والشرق. ومن هنا فإن للكنيسة المصريَّة دور يجب أن تؤكد عليه وتُمارسه بكل فاعليَّة لتكون كما كانت دائمًا عونًا لجهودِ أبناء الوطن المصري الكبير بمختلف شرائحه للوصول إلى غاية الإصلاح والتَّغيير المنشودَيْن؛ وثورة 1919م التي أشعلتها الجماهير بكل طوائفها خير شاهدٍ علي ذلك. مُستهدفات ثقافيَّة وحضارية: 1- للكنيسة دورٌ مهم في دعمِ القّيم الثَّقافيَّة،عبر قنوات العمل الإعلامي والثَّقافي العام بمختلف أدواته، حتى تأخذ الكنائس المصريَّة بقياداتها الروحيَّة والدينيَّة مكانها في مواجهة التَّذويب والغزو الفكري والقيمي الذي تهب رياحه بصفةٍ دائمةٍ علي مصر والعالم العربي والإسلامي في هذا الوقت. 2- للكنيسة دور في تدعيم قِيَمِ المُشاركة والإيجابيَّة الاجتماعيَّة في عملية تنشئة تتكامل مع أدوار باقي مؤسسات المجتمع. 3- علي الكنيسة عبءٌ في التَّصدِّي للأزمة الأخلاقيَّة والقيميَّة التي تهدد المجتمع، وذلك بنشر القيم الروحيَّة، وفعل الخير، ونشر الأخلاق الفاضلة، وترسيخ قيمة الوحدة الوطنيَّة، والتَّرابُط بين أبناء الوطن الواحد، وتشجيع القُدْوَة الحَسَنَة، وفي دعم القيم الأسريَّة، ودعم التضامن والتكافل الاجتماعي بين المسلمين والمسيحيين. ويتمَّ ذلك من خلال مسارَيْن أساسيَّيْن: الأول: المُتَّصِل بالكنيسة ذاتها وطبيعتها الخاصة كمُؤسَّسةٍ دينيَّة وروحيَّة، بتركز جهودها في دعم رسالتها الروحية بين المسيحيين دون غيرها من أدوارٍ لا تتلاءم مع طبيعتها،. الثاني: من خلال تفعيل علاقات الكنيسة المصريَّة بمجتمعها الأهلي، وبقوي ومؤسسات المجتمع المدني المصريَّة من جمعيات ونقابات ومؤسسات أهلية. 4- المُشاركة في دعم الفئات المعوزة اجتماعيًّا كالأيتام والمعاقين والمسنين، والمُشاركة في معالجة مشكلات بعض الشَّرائح الاجتماعيَّة مثل المرأة والشباب وأطفال الشوارع، والتَّصدِّي في ذاتِ الإطار إلى متطلبات معالجة الظواهر الاجتماعيَّة السلبيَّة مثل البطالة والأميَّة والفقر والمرض. علي أن يكون هذا الدور علي مستويَيْن : الأول قيمي، بما يشمله من غرس لهذه القيم والأخلاقيَّات العامة في نفوس رعايا الكنيسة القبطيَّة المصريَّة، الثَّاني تطبيقي عبر التَّعاوُنِ مع مُختلف مُؤسَّساتِ الدولة والمجتمع المدني المصري؛ لتصويب مسارات الانحرافات القائمة.




الفصل الثَّاني

قضايا ومشكلات

1- الفقر يُمثِّل الفقر عقبةً أساسيَّة أمام التَّنميَة الشَّاملة والمُتواصلة ورفعِ مُعَدَّلاتِ النُّمو الاقتصادي، ورغم وجود اتِّجاه لربط الفقر بالدَّخل، إلا أنَّه- في رأينا- يجب أن يتم النَّظر إلى الفقر من منظورٍ أوسع، هو الحرمان من القُدُرَاتِ الأساسيَّة لا مُجرَّد انخفاض الدَّخل؛ ويجب التَّصدِّي لكلِّ هذه العوامل عند مناقشة مشكلة الفقر وارتفاع حدَّتِه وتزايُد أعداد المَعُوزين يقطع بعدم جدوى السِّياسَة الاقتصاديَّة الحالية، وبمسئوليَّتِها عن تفاقُم هذه الظَّاهرة. كما ترتبط هذه المُشكلة في آثارها وعلاقاتها بباقي الظَّواهر والمشكلات الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة في مصر بعددٍ آخر من الأمراض الاجتماعيَّة وعلي رأسها البطالة والجريمة. ويعتمد البرنامج للتَّصدِّي لمشكلة الفقر علي أربعة محاور، هي: - التَّنمية: وضع خطة تنميَة شاملة علي مسارَيْن؛ تنمية اقتصادية تعمل علي زِّيادة الإنتاج والثَّرْوَة القوميَّة بما يترتَّب عليه من زيادة مُعَدَّلات الدخل الفردي، وعدالة توزيع الدخل القومي، وتنمية اجتماعيَّة تعمل علي رفع مستوي الحياة الاجتماعيَّة، والارتقاء بمستوي الخدمات في التَّعليم والصِّحة وغير ذلك، مع إصلاح المسار الحالي للاقتصاد المصري باتِّجاه تلك الإستراتيجية التَنمويَّة الشاملة، خاصة للفئات الفقيرة. والعمل علي توفير المُقَوِّماتِ الأساسيَّة لحياةٍ كريمة لعموم الشعب المصري، وبالذَّاتِ للفئات الفقيرة وذات الدَّخلِ المُنْخَفِض، وتشمل هذه المقومات: المسكن الملائم الذي تتوافر فيه ضروريَّاتِ الحياةِ الكريمة، الغذاء المُتوازن والصِّحي، الملبس المُناسب، الرَّعايَة الصِّحيَّة الحقيقيَّة، والخدمات التَّعليميَّة الجادة والمجانيَّة. - التَّوعية: في الإعلام ودور العِبَادَة والمُؤَسَّسات الثَّقافيَّة والاجتماعيَّة بمخاطر عدد من السُّلوكيَّات الفرديَّة والمُجتمعيَّة التي تتسبَّب في ظهور بعض المُشكلات، مع إعادة الاعتبار للعديد من القيم التي بات المجتمع يفتقدها في هذه الأيام بسبب الفقر والمشكلة المَعيشيَّة في مصر؛ ولعل أبرز القيم الواجب التَّحرُّك لإنقاذها هي قِيَم التَّكافُل الاجتماعي بكلِّ آليَّاته الإسلاميَّة من نفقاتٍ واجبةٍ وزكاة مفروضة وصدقاتٍ تطوعيَّة وغير ذلك. - إجراءات تشريعيَّة: ضمان تطبيق القوانين الموجودة، واستحداث حزمة جديدة من القوانين- والدَّفع باتجاه طرح بعض التَّعديلات الدُّستوريَّة- تدعم الدُّور الاجتماعي للدَّولة، ومواجهة الفساد، واستحداث آليات جديدة من السِّياسات الاقتصاديَّة والتَّنمويَّة التي تضمن عدالة توزيع الثروة القوميَّة لتشمل كافة فئات المُجتمع وليس فئة أو طبقة واحدة منه فقط؛ حيث يستفيد- طبقًا لها- كل مُواطن وكل شريحة. - إجراءات عمليَّة تنفيذيَّة: وتهدف إلى : أولاً: إلى مستوي مهم وهو دعم جهود الدَّولة والجمعيات الأهليَّة وجمعيات النَّفع العام في كلِّ المجالات سباقة الذِّكر، وإدخال أموال الصَّدقات والزَّكاة بأنواعها المختلفة لتمويل مختلف الأنشطة التي تدعم برامج الرَّعايَة الاجتماعيَّة؛ مثل مشروعات الزَّواج الجماعي لمعالجة مشكلة العنوسة، أو تقديم دعم مالي شهري- أو لمرة واحدة لإقامة مشروع مُنْتِج يكون مجالاً للكسب الدَّائم ويُدخِل مبلغًا شهريًّا يكفي للوفاء بالحدِّ الأدني لمُتطلبات العيش الكريم. وثانيًا: تأسيس الصَّناديق المُتَخَصِّصة- صناديق تكافُل- لجمع التَّبرعات الطَّوعيَّة اللازمة لعلاج هذه المشكلات، إلى أن تأتي السِّياسات الاقتصاديَّة والتَّنمويَّة بثمارها في الجانب الاجتماعي، وهذه الصَّناديق تأخذ صورتَيْن: أُولاها حساباتٍ مصرفيَّة تقبل التَّبرُّعات الماديَّة والعينيَّة، والثَّانية تأسيس مكاتب تنفيذيَّة لتجميع البطاقات والمعلومات الخاصَّة بكلِّ مشكلةٍ علي حدة، وطرح تصوراتٍ وخُطط العلاج المُختلفة في صورةِ مشروعات أو أيَّةِ أنشطةٍ أُخرى، علي أن يكون هناك دعم فني ومادي من جانب الجهات صاحبة الخبرة في القطاعَيْن الحكومي والخاص في مجالات الأنشطة المُجْتَمَعيَّة المُخْتَلِفَة لهذه الصَّناديق، سواء في صورة دعم إداري أو خططي وصولاً إلى الدَّعم المالي المباشر وغير المُباشر. كما تهدف ثالثًا: إلى دعم القطاع الخاص وتقديم الحوافز الملائمةِ له لكي يتشجَّع علي خوض غمار معركة الخدمات الاجتماعيَّة. 2-البَطَالَة تُعَدُّ البَطَالَة إحدى أخطر المُشكلات التي تُواجه المُجتمع المصري؛ وخطورة البَطَالَة لا ترجع فقط إلى ما تُمثِّلُه من فقدانٍ للدَّخلِ، بل وأيضًا إلى النَّتائِج الأخرى بعيدةِ المَدى؛ كالأضرارِ النَّفسيَّة، وفُقْدانِ حافزِ العملِ والمهارةِ والثِّقة في النفس، وازدياد العِلَلِ المرضيَّة، بل وزيادة مُعَدَّلاتِ الوفاة، وإفساد العلاقات الأُسريَّة والاجتماعيَّة، وفقدان الانتماء والحس الوطني، وهجرة العقول إلى الخارج. وممَّا يُفاقم من خُطُورةِ المُعَدَّل المرتفع لنسبة البَطَالَة في مصر ما تتَّسمِ به كُتْلَةِ العاطلين من سِماتٍ خاصَّة، أبرزها: أنَّها في أوساط الشَّباب المُتعلِّم من الجنسَيْن، وبخاصة بين الرِّجال. ولحلِّ مُشكلة البَطَالَة، لابد من توافُر النَّظرة السَّليمة إلى عُنْصُرِ العَمل، وأهميَّته ودَوْره في تراكُم الثَّروة، وكونه مصدر رئيس للدَّخل لدي أغلب فئات الشَّعب، إلى جانبِ كونِه العُنصر الحاكم في استخدام عناصر الإنتاج الأُخرى. كما يحتاج حلُّ مُشكلةِ البَطَالَة إلى اتِّخاذ مجموعة من الإجراءات والسِّياسات العلاجيَّة علي المدى الطَّويل، وأُخري يتمُّ تنفيذها في المدى القصير. - الإجراءات قصيرة المدى: 1. العمل علي استغلال الطَّاقاتِ الموجودة في شتَّي قطاعاتِ الإنتاج المحلِّي؛ حيثُ أن ذلك لا يحتاج إلى استثماراتٍ إضافيَّةٍ. 2. وقف عمليات الخصخصة بالنسبة للشركاتِ الرَّابحة التي يتم تسريح جزء من العمالة بها، ودفعها إلى صفوف البطالة من خلال نظام المعاش المبكر، مع ترشيد هذا النِّظام في الشركات الخاسرة التي يتم خصخصتها. 3. حماية الصِّناعة الوطنيَّة من المُنافسة القادمة مع تحرير التِّجارة العالميَّة؛ وذلك من خلال الإعفاءات وفترات السَّماح الممنوحة للدِّول النَّامية في اتفاقية منظمة التجارة العالميَّة، لحماية المشروعات الصَّغيرة والمُتوسِّطَة التَّشغيل. 4. تشجيع المشروعات الصغيرة؛ حيث إنَّها تتميز بقلة حجم رأس المال المطلوب لكل فرصةِ عملٍ، ويتم هذا التَّشجيع من خلال خفض الضَّرائب، وإعطاء فترات سماح لمثل هذه المشروعات، وتخفيف القيود الإداريَّة والإجراءات المطلوبة للموافقةِ علي إنشائها، كما يُمْكِن إنشاء كياناتٍ مُسْتَقِلَّة تقوم بنشاط تسويق مُنتجات هذه المشروعات الصغيرة وفتح أسواق جديدة أمامها، وزيادة حجم صادراتها. 5. إعداد قاعدة بيانات عن نوعية الوظائف المطلوبة، والقيام بإعداد القوي العاملة لها، مع إعداد قاعدة بيانات عن واقع البَطَالَة في مصر، وبخاصة مواصفات ومؤهلات العاطلين عن العمل وأعدادهم. 6. تشجيع القطاع الخاص الوطني ومَنْحِه حوافزٌ مُشجِّعةٌ تساعده علي النُّمو، واستيعاب عمالة إضافيَّة. 7. زيادة حجم الاستثمارات الحكومية خاصة في القطاعات الخِدْميَّة؛ مثل: الصِّحَّة، والتَّعليم؛ حيث تؤدِّي هذه الاستثمارات إلى رفع مستوي هذه الخِدْمات وزيادة مُعدَّلاتِ التَّوظيف. 8. التَّوسُّع في إنشاء مراكز للتَّدريب المهني، لتأهيل الأيدي العاملة لمتطلبات سوق العمل، وإنشاء مظلَّة أو شبكة لإعانة العاطلين ورعايتهم لمدة زمنيَّة مُحدَّدة- ستة أشهر في المُتوسِّط- حتى يتسنَّى لهم الحصول علي عمل. الإجراءات طويلة المدى لحلِّ مشكلة البَطالة: 1. وَضعِ إستراتيجية تنمويَّة تُوضِّح الصُّورة المرغُوبَة لحالِ الاقتصادِ المصري في الفترة القادمة (25 عامًا)، تستهدف النُّمو المُتواصِل مع التَّوظيف الكامل، وهذا الهدف لنْ يتمَّ تحقيقُه إلا من خلال الاقتصاد المُختلط يجمع بين جهد القطاعَيْن العامِ والخاص، وذلك جنبًا إلى جنبٍ مع القطاعِ التَّعاوني، فالاعتماد المُطْلَق علي آلياتِ السُّوق لنْ يُحَقِّق هذا الهدف؛ فالسوق في مصر لا يزال يُعاني من تشوهاتٍ يصعب معها أن يعمل بكفاءة. 2. اختيار أساليب الإنتاج المُناسبة، فلابد من تطوير فُنونٍ إنتاجيَّة محليَّة تتناسب مع البيئة الاقتصاديَّة المصريَّة وما تتسم به من تَمَتُّعها بمَيزةٍ نسبيَّةٍ في الأيدي العاملة الماهرة ونصف الماهرة، بحيثُ يُمكن المُوازَنَة بين إخراج مُنتجٍ ذي جودةٍ عاليَّةٍ وتكلُفة مناسبةٍ، وتوظيف أكبر قدرٍ من العِمَالة، بمعني آخر اختيار صناعات وفُنون إنتاجيَّة تساهم في زيادة معدلات التَّوظيف [مشروعات كثيفة العِمَالة]. علي أن يتلازم مع هذه الخُطوة زيادة مُعدَّلاتِ الادِّخار المحلِّي للارتفاع بحجم الاستثمارات الوطنيَّة، بحيثُ يصل مُعدَّل الاستثمار المحلِّي إلى ما لا يقلُّ عن 30% من الدَّخلِ المحلِّي الإجمالي. 3. تنفيذ برنامج مُلائم وطموح للتَّنميَة البشريَّة للارتفاع بمستوي إنتاجيَّة العامل؛ لأنَّ عُنصر "العمل الوفير ثروةٍ وطنيَّة" ويعني ذلك ضرورة مُراعاة احتياجات التَّنميَة من الأيدي العاملة في المدى الطَّويل عندَ صياغة السِّياسات التَّعليميَّة والتَّدريبيَّة. 3- الجريمة تُعْتَبَر الجريمة بمستوياتها المُختلفة واحدة من أبرز مُفرزات الفقر في مصر بالنَّظرِ إلى تَعدُّدِ الأزمات الاجتماعيَّة والمُشكلات الاقتصاديَّة المُزمِنَة التي يعانيها المجتمع؛ فهناك جرائم السَّرقة التي تُعْتَبَر من أكثر الجرائم انتشارًا في مصر، وتتراوح ما بين السَّرقات البسيطة وسرقات المنازل إلى حد سرقات المُؤسَّسات التِّجاريَّة والمصرفيَّة، وهي السَّرقات المعروفة باسم "السَّرقات الكبرى"، كما تُعتَبْر جرائم الاغتصاب والشَّرفِ والقتل للثَّأر خاصة في مناطق الوجه القبلي أبرز الجرائم ذات الطابع الاجتماعي، وتُعبِّر تلك الجرائم عن اختلال في المنظومة القِيَمِيَّة للمجتمع المصري. ويضاف إلى ذلك جرائم المُخدرات، والبلطجة التي تُعدُّ واحدة من أخطر الظواهر الأمنيَّة والاجتماعيَّة التي تُهَدِّد المُجتمعات المعاصرة. هذه الجرائم جميعها تؤدِّي إلى الإخلالِ بالأمنِ العامِ والأمنِ الاجتماعي في نفس الوقت، كما أنَّها تُعَبِّر عن وجود أزمة قِيَمِيَّة في المُجتمع، وهي الأزمة التي تعد من أخطر ما يمكن أن يواجه المجتمعات من أزماتٍ اجتماعيَّة. المنهج الإسلامي في مكافحة الجرائم من المستحيل عمليًّا منع وقوع الجرائم تمامًا في المجتمع؛ لأنَّ ذلك يتنافي مع الطَّبيعة البشريَّة، وأقصي ما يُمكن تحقيقه هو تقليل نسبة وقوع الجرائم إلى أدني حدٍّ ممكن، وهو ثابت علميًّا واجتماعيًّا، وهو ما يتوافر للمنهج العقابي الإسلامي دون سائر المناهج الوضعيَّة؛ إذ يتمتَّع- المنهج الإسلامي- بعدَّة خصائص، هي: 1- يعتمد المنهج الإسلامي بصفةٍ أصليَّة وأساسيَّة في محاربة الجرائم علي التربية الإسلامية بكافة الوسائل الممكنة؛ بهدف تهذيب السلوك وتعميق الالتزام الأخلاقي للقيم والمبادئ الإسلامية الربانية، وإصلاح النفس وغرس الضمير الديني الذي يخشي الله في سره وعلانيته، ويحرص من تلقاء ذاته علي عدم الوقوع في المعاصي والكبائر، لا خوفًا من العقاب؛ فقد تتوافر له الوسائل للإفلات منه، ولكن خوفًا من الله عز وجل الذي يعلم السر وأخفى. ويقول الله تعالي في القرآن الكريم: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)} [سورة الشمس]، ويقول { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّي (14)} [سورة الأعلى]، ويقول {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّي يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [سورة الرعد من الآية (11)]، وفي نفس المعني الآية 53 من سورة الأنفال. 2- سد ذرائع الفساد بالقضاء علي كافة العوامل والأسباب المؤدية إلى ارتكاب الجرائم والتي تدفع الأفراد إلى التحلل من القيم والمبادئ والأخلاق وتنمِّي داخلهم الجرأة علي ارتكاب المعاصي والمنكرات، وهي قاعدة أصولية اتفق عليها علماء أصول الفقه الإسلامي استنباطًا من العديد من آيات القرآن الكريم ومن السُّنَّة النبوية، ومن ذلك قوله تعالى: { وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [سورة الأنعام من الآية (108)]، وقوله سبحانه { أن الَّذِينَ يُحِبُّونَ أن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (19)} [سورة النور]، وقوله تعالي أيضًا: {وَتَعَاوَنُوا عَلَي الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ أن اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [سورة المائدة من الآية (2)] 3- إذا نجح المجتمع في تحقيق الهدفَيْن السابقَيْن فلا يخلو الأمر من وجود أفراد تتمرد نفوسهم علي موجبات الصلاح والاستقامة واستحوذ عليهم الشيطان فأبوا إلا الفساد في الأرض، وهؤلاء يحقَّ عليهم توقيع العقوبات المقررة في الشريعة الإسلامية، وهي عقوباتٌ تتميَّز بأمرَيْن: 1- بالشدة البالغة وبالطابع الإنساني في ذاتِ الوقت في جرائم محددة وهي جرائم الحدود؛ لأنَّ المستفاد من الأحكام المنظمة لهذه الجرائم، أن المقصود الأصلي منها هو الردع وتقوية الجانب المناعي في الإنسان ضد الرغبة الجامحة لارتكاب الجريمة، ودليل ذلك أنَّه كلما اشتدت العقوبة اشتدت إجراءات إثباتها مما يتيح الفرصة للمتهم للإفلات من العقاب، وكان الرسول (صلي الله عليه وسلم) يلتمس أبسط الأعذار والمبررات لعدم تطبيق هذه العقوبات أو تأجيل تنفيذها، وطوال التاريخ الإسلامي لم تُنَفَّذ أغلب هذه العقوبات وخاصة القطع والرجم إلا على عدد محدود جدًا من المتهمين ونتيجة الإقرار الحازم المصمَّم عليه دون أي وسيلة أخرى. 2- أنَّها عقوبات مناسبة لحال المجرم الذي يخرج علي مجتمع هيأ له كلَّ أسباب ودوافع الاستقامة دون جدوى، وتتوافر فيها صفة الحسم والردع؛ بحيث تمنع المجرم من العودة إلى جرمه وردع غيره من ارتكاب مثل فعلته. والتاريخ خير شاهد وصدق هذا المنهج، وعلي أن الحضارة الإسلامية التي طبقت الشريعة تطبيقًا كاملاً كانت خير المجتمعات علي ظهر هذه الأرض وأكثرها استقرارًا وأمانًا وطمأنينة، وأقلها في عدد الجرائم. وهذا كله يتَّفِق مع الدستور المصري الذي يؤكد أن مصر دولة إسلاميَّة، وأنَّ الإسلام هو المصدر الأساسي للتَّشريع فيها، كما أنَّه يتفق مع ما ذهبت إليه الدراسات الحديثة- وبعضها غربي- من أن الحدود التي وردت في الشَّريعة الإسلاميَّة هي أكثر الأدوات فاعلية في السَّيطرةِ علي الجريمة وردعها في مختلفِ المُجتمعات بما في ذلك المجتمعات غير المُسلمة. أساليب مقترحة للتَّعامُل مع المشكلات السابقة 1. صياغة منظومة توعية دينيَّة تُستخدم فيها دور العبادة وكافة الأجهزة الإعلاميَّة والثقافيَّة للعمل علي تقويَّة الوازع الديني لدي المواطن المصري؛ حيث أدَّي الغياب النسبي للوازع الدِّيني لدي كثيرٍ من الشَّرائح في المجتمع إلى وقوع هذه الجرائم بنسبٍ عالية. 2. إعادة النَّظرِ في السِّياسات الاجتماعيَّة الحالية في الدَّولة، والتي ساهمت في تفاقم الجرائم علي النَّحوِ المُبيَّن سلفًا. مع ضرورة العمل علي تحسين المستوي المعيشي والاقتصادي للمواطن المصري، ويكون ذلك من خلال العمل علي تيسير إقامة المشروعات الصغيرة أمام المواطنين والعمل علي تقديم الدَّعمِ لهم في حالة التَّعثُّر بدلاً من سياسة حبس المُتَعَثِّرين من أصحاب هذه المشروعات، والسكوت علي تَعَثُّر كبار المُستثمرين، مع وضعِ الضَّوابط التي تحدُّ من جرائم الاستيلاء علي المال العام سواء من جانب المستثمرين أو المسئولين الحكوميِّين. 3. إعداد خطط عملية للحدِّ من وقوع تلك الجرائم إلى أدني درجةٍ ممكنةٍ للتوعيَّة الاجتماعيَّة تستند إلى معرفة دقيقة وحصريَّة بمختلف المُشكلات التي يواجهها المجتمع المصري للتعرُّف علي الأسبابِ الفعليَّة لتلك الجرائم، ووضع كافة السبل والوسائل لإزالتها، علي أن يعمل علي إعداد تلك الخطط لجان تتكون من المُفكرين والمُتَخَصِّصين من مُختلفِ الاتجاهات الفكريَّة، ويكون عملها باستقلاليَّة تامة عن الوصايَّة الحكوميَّة والأمنيَّة منعا لأيَّة تأثيرات سلبيَّة لتلك التدخلات، ويجب أن تكون تلك الخطط موضوعيَّة وحياديَّة، وشاملة تمامًا لكلِّ الجرائم، وتعتمد علي المعايير العلميَّة الدقيقة في صياغة الأفكار والحلول الممكنة لكل الأزمات الاجتماعيَّة التي تؤدي إلى نشوء تلك الجرائم في المجتمع المصري. 4. إعادة تأهيل رجال الأمن المصري بما يساعد في تطوير الأداء الأمني، وضرورة عدم المساس بأمن المواطن أو حريته أثناء العمل علي ضرب منابع لجريمة أو تعقب المجرمين. 5. صياغة منظومة تشريعيَّة تكفل العقوبة الملائمة لكل جريمة بعيدًا عن الإفراطِ في العقوبة، أو التَّفريط في حق المجتمع في معاقبة مرتكب الجرائم؛ بحيث لا تتساوي جريمة السَّرقة في العقوبة مع جريمة الاتجار في المخدرات، وجعْل الشَّريعة الإسلاميَّة وحدودها هي المصدر الرئيسي لإصدار تلك التَّشريعات؛ لأنَّ الله تعالي وضع لكل جريمة عقابها الملائم. 4- الأميَّة..تُعتبر مشكلة الأميَّة في مصر هي أحد أبرز المشكلات الثَّقافيَّة والمجتمعيَّة، ومُرتبطة بشكلٍ أو بآخر بمشكلاتِ الفقر والتَّنمية، ولعلاج هذه المشكلة تمَّ وضع عددٍ من الإجراءات لعلاجِ هذه المشكلة في إطارَيْن رئيسيَّيْن هما: التَّوعية والتَّنمية علي النَّحوِ التَّالي: 1. إلي جانب دعم المشروعات الرَّسميَّة لابد من تدعيم دور الجمعيَّات الأهليَّة والقطاع الخاص والشركات التي تُقدِم علي دخول هذا المجال من خلال بعض الحوافز الماليَّة والتَّسهيلات الإداريَّة للجمعيَّات، وكذلك الإعفاءات الضريبيَّة والجمركيَّة، مع إلزام الشركات والمصانع الكبيرة التي تحوي عمالة أكبر من 100 فرد بتنظيم فصول لمحو أميَّة العاملين فيها. 2. من الضروري وضع خطط جادة لمشروع قومي لمحو الأميَّة شامل لمختلف الأقاليم المصرية وذلك بإشراكِ كلٍّ من أمانات المرأة والأمانات الاجتماعية في الأحزاب السِّياسيَّة، وكذلك مراكز البحوث، ومراكز تعليم الكبار في الجامعات المصريَّة، وتأسيس المزيد من هذه المراكز في كافة الجامعات المصريَّة، مع تدعيم دور الأزهر الشريف ووجوده في هذا المجال من خلال كتاتيبه ومدارسه ومعاهده علي مستوي العناصر البشرية أو المنشآت أو مكونات العمليَّة التَّعليميَّة. 3. تحديث أساليب محو الأميَّة لكي تتناسب مع روح العصر الحديث، وتعديل مفهوم "الأميَّة" ذاته بحيث لا يكون مُجرَّد محو أميَّة القراءة والكتابة فحسب. 4. تطوير الجانب التَّشريعي الخاص بالتَّعامُل مع هذا الملف علي نحوٍ يضمن الكفاءة والفاعليَّة في الخطط الموضوعة لمحوِ الأميَّة. 5. أُميَّة الإناث ذات تأثيراتٍ متفاقمة علي دور المرأة الأسري والتربوي والاجتماعي- علي أهميَّة وحيويَّة هذا الدَّور- ومن هذا المنظور يهدف محو أميَّة الإناث تحقيق عدد من الأهداف؛ منها: - زيادة التَّمثيل الكمِّي للمرأة في البرامجِ التَّعليميَّة الرَّامية لمحو الأميَّة. - توفير التَّدريب والتَّأهيل السابق واللاحق للعمليَّة التَّعليميَّة. - توعية أفراد المجتمع بحقوق المرأة في جميع المجالات، وليس في التَّعليم فحسب. - أن يرتبط تعليم المرأة ومحو أميَّتِها بدخول المرأة سوق العمل وحسن أدائها فيه, ضمن الخُطَطِ الأوسع للتَّنمية البشريَّة في مصر. 6. تبنِّي حملة توعية إعلاميَّة أوسع في شأن محو الأميَّة العامة وأميَّة الإناثِ بشكلٍ خاص؛ تقوم علي أساس تغيير المفاهيم التَّقليديَّة والقِيَمِ السَّلبيَّة المُعَوِّقَة لهذه العمليَّة علي خصوصيَّة ذلك في المناطق الرِّيفيَّة في الوجهَيْن القبلي والبحري، وجعل محو الأميَّة إستراتيجية قائمة بذاتها ومُستقلة ضمن خُطَطِ التَّنمية البشريَّة والإصلاح الاجتماعي. 7. التَّركيز علي سياسات التَّدريب، وتوفير عددٍ كافٍ مِنَ المُدَرِّسين، وملائمة نظام الالتحاق بالفصول مع ظروف الأمييِّن والأُميَّات [مواعيد تلقي الدروس وأماكن الفصول]. 8. تطوير قواعد بيانات دقيقة وحصريَّة للأميَّة في مصر؛ وواقعها وإجراءات مواجهتها؛ بحيث يتيح ذلك المُتابعة الدقيقة للمشكلة وإجراءات التَّعامُل معها. 9. تطوير مجموعة من المشروعات علي المستويات المحليَّة الأصغر؛ بإشراك رموز الأحياء والقرى والمراكز- لاسيما في المناطق الرِّيفيَّة؛ لضمان التَّأثير علي الفئات التي لا تتقبل بسهولة "التَّعليم في الكِبَرِ"؛ مثل مشروع "الحي المتعلِّم"، أو "القريَّة المُتَعَلِّمَة"، علي أن يستمر المشروع الواحد ما بين ستَّةِ أشهرٍ إلى عامٍ. 10. الاستفادة في مشروعات محو الأميَّة من طاقاتِ وإمكانات شباب الخريجين,؛ كجزءٍ من سياسات مواجهة مشكلة البَطَالةِ أيضًا. 11. الاستفادة من تجارُب بعض الدول العربيَّة والإسلاميَّة في هذا المجال، مع التَّعاوُن مع مجموعة من المنظَّمات الإقليميَّة والدَّوليَّة المعنيَّة بهذا الملف مثل: اليونسكو ونظيراتها في العالم العربي والإسلامي؛ الإليكسو والإسيسيكو، وكذلك المنظمات التنمويَّة التَّابعةِ للأممِ المتحدة والأجهزة المثيلة في جامعة الدِّول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي. 5- الطُّفولة.. تعاني الطُّفولة في المجتمع المصري في الوقت الراهن من مجموعة من الظواهر السلبيَّة والمشكلات؛ سواء علي مستوي أطفال الشوارع والأحداث، أو علي مستوي عمالة الأطفال، أو فيما يخُص مسألة رعاية الأيتام. أطفال الشَّوارِع والأحداث تُعَبِّر قضيَّة أطفال الشَّوارِع عن واحدة من أخطر المُشكلات التي تواجه المُجتمع المصري ومرآة تعكس مشكلات وقضايا أُخري مُهمَّة وهي قضيَّة انهيار المنظومة الأسريَّة الراجعِ بدوره إلى انهيار في المنظومة القِيَمِيَّة للمُجتمع. ومن أبرز التَّحديات الاجتماعيَّة والظواهر الأخلاقيَّة والأمنيَّة التي أفرزتها ظاهرة أطفال الشَّوارِع: انتشار السَّرِقات الصَّغيرة في الشَّوارِع مثل جرائم النَّشل، الانخراط في مجال تجارةِ المخدراتِ، الإدمان الذي يعتبر خطرًا يُهَدِّد هؤلاء الأطفال، التَّسوُّل؛ وخاصة ممارسة التَّسوُّل لصالح كبار زعماء عصابات التَّسوُّل، الاستغلال الجنسي وأنشطة الدَّعارة والجرائم الأخلاقيَّة. كما أن استمرار هذه الظاهرة سيؤدِّي حتمًا إلى تفاقُم حالة الانحراف الأخلاقي والتَّبدُّل القيمي في المُجتمع؛ فأطفال الشَّوارِع اليوم هم الشَّباب في الغد، وآباء وأمهات الأعوام القادمة، وستظل الأخلاق والقِيَمِ السَّلبيَّة التي تتطبعوا بها في صِغَرِهم ملازمة لهم أو لعددٍ كبيرٍ منهم، وسوف يتحولون بمرور الوقت إلى خطرٍ حقيقي علي أمن المُجتمع واستقراره الأمني والأخلاقي، وهو ما سوف ينتقل إلى أطفالهم فيما بعد؛ فتتكرَّر دورة حياة هذه المشكلة. ويمكن التَّصدي لتلك الظَّاهرة من خلال عددٍ من المساراتِ التي تجمع ما بين مختلف عناصر الحلِّ دون الاقتصار علي الحلِّ الأمني الذي أثبتت التَّجرُبة أنَّه لا يقضي علي المشكلة، ولكنه قد يزيد من حجمها في بعضِ الأحوال، ولذا نقترح ما يلي: 1. زيادة مستوي التَّوعيَّة الدِّينيَّة والاجتماعيَّة لدي المواطنين بضرورة الحفاظ علي البناء الأسري، وبخطورة التَّخلِّي عن الأطفال تحت أي مسمَّي سواءً أكان الفقر وغيره من الأسباب التي تدفع بالأهل إلى ترك أولادهم للشوارع دون أي نوع من الرَعايَة، إلى جانب التَّوعيَّة الاجتماعيَّة بضرورة الحفاظ علي البناء الأُسَري، وتعميق الوازع الدِّيني لدي المُواطن نظرًا إلى أن التَّفَكُّك الأُسَري في الأساس يرجع إلى ضعف الوازع الدِّيني لدي الفرد نتيجة لتغييب هذا البُعد عن الحياةِ الاجتماعيَّة وانغماس المواطنين في المصاعب الماليَّة والمعيشيَّة. 2. تحسين مستوي مُؤَسَّساتِ رَعايَة الأحداث لتحقيق الهدف الرَّئيسي من تأسيسها وهو التَّربية الصَّالحة التَّأديب والإصلاح، بما يؤدِّي إلى نشوء مواطنٍ مُنتجٍ صالحٍ بدلاً من أوضاعها الحاليَّة التي تؤدي إلى العنصر الإجرامي الصغير إلى عنصرٍ إجراميٍّ مُحترف، وإعدادِ نظامٍ إداريٍّ قويٍّ وحسن إعداد القائمين عليها بما يكفُل عدم وجود أيَّة مُخالفاتٍ قد تصل إلى حدِّ الجرائم مثل جلبِ العاملين فيها للموادِ المخدرة للمقيمين فيها من أحداثٍ، أو تسهيل خروجهم منها في المساء والعودة قبل بدء الحياة اليوميَّة في الدَّار. 3. تطوير أداء الأجهزة الاجتماعيَّة والأمنيَّة الأخرى المعنيَّة بهذه المشكلة والعاملين فيها علي التَّعامُل مع ظاهرةِ أطفالِ الشَّوارِع بشكلٍ عادلٍ وعلميٍّ، وإنسانيٍّ أيضًا؛ بحيثُ لا يتم التَّعامُل مع الطِّفلِ أو الصَّبي أو الفتاة من المُشَرَّدين علي أنَّه "مشروع مُجرم"، وإنَّمَا علي أنَّه مشروع مُواطن لا يزال بالإمكان الاستفادة منه. 4. تسهيل تأسيس المُواطنين لجمعيَّاتِ الخدمات الاجتماعيَّة التي تستقطب أطفال الشَّوارِع؛ لدمجهم في القطاع المُنتج في المُجتمع، مع إخضاع تلك المُؤَسَّسات للرقابة الجادة منعًا لدخول العصابات المنظمة والفاسدين في هذا المجال مُتَسَتِّرين بالرَّغبةِ في العملِ الاجتماعي، ومن الضروري إقامة الصناديق الاجتماعيَّة المخصصة لرعاية أطفال الشوارع والأحداث، والتي يتعاون فيها القطاعان الخاص والأهلي، بدعمٍ من الدَّولة. 5. إلزام الدَّولة للمُؤَسَّسات الصِّناعيَّة الكبرى، والقطاعَيْن العام والخاص ومنظمات المجتمع الأهلي بالتعاون لمواجهة هذا الملف باستيعاب بعض من عناصر أطفال الشَّوارِع في مُؤَسَّسات التَّأهيل المهني التابعة لها، أو تأسيس مُؤَسَّساتٍ خاصة لهذا الغرض، مع تقديم الدَّولة لمجموعة من الحوافز للقطاع الخاص لإغرائه علي دخول هذا المجال، مثل بعض الإعفاءات الضَّريبيَّة. 6. تحسين المنظومة التَّشريعيَّة الموجودة في صدد التَّعامُل مع هذه الظاهرة؛ عبر استصدار مجموعة من القوانين الجديدة التي تضع أُطُرًا مُحَدَّدة وشاملة للتَّعامُل مع هذه المشكلة. أ) عِمَالَة الأطفال تمنع كافَّة الأعراف والتَّشريعات السَّماويَّة، وكذلك القوانين الإنسانيَّة الوضعيَّة الدَّفع بالأطفال إلى العمل مُبكرًا، وخصوصًا في المهن الخطرة، لما في ذلك من مخالفة للفطرة السَّليمة، وفي هذا الصَّدد للرسول (صلي الله عليه وسلم): "لا تُكَلِّفوا الصِّبيان الكَسْبَ، فإنَّكم متى كلَّفْتُمُوهُم الكَسْبَ سَرَقُوا"، وهو حديثٌ شريفٌ صحيحٌ يُشير إلى ضرورةِ اكتمال القدرة البدنيَّة والتَّربيَّةِ الخُلُقيَّة للإنسان قبل الدفع به لسوق العمل. فالدَّفعِ المُبَكِّر بالطفل إلى سوق العمل ضارٌ به جسديًّا، كما يمنعه من تلقِّي التَّربيَة الأخلاقيَّة ممَّا يدفع به إلى تيَّار الانحراف، ويؤدِّي إلى خسارة كبيرة للفرد وللمُجتمع نفسه. وقد اهتم المُجتمع الدولي بمحاربة ظاهرة عمالة الأطفال باعتبارها الظاهرة الأكثر خطورة في تاريخ المُجتمعات الإنسانيَّة؛ لأنَّها تضرب المُجتمع في أساسِه، إلى جانب الاعتراضات الأخلاقيَّة علي استغلالِ الأطفال في سوقِ العملِ التي لا يقدر العديد من الكبار والرَّاشدين علي التَّصدي لتَبِعَاتِه. وهو ملفٌ وثيق الصِّلَة بملف أطفال الشَّوارِع؛ حيثُ أن الغالبيَّة العظمي من أطفال الشَّوارِع المُشَرَّدِين باتوا من أصحاب المهن الدُّنيا مثل بيع المنتجات البسيطة ومسح زجاج السيارات في إشارات المرور وغير ذلك، وهناك العديد من المُشكلات الاجتماعيَّة والتَّنمويَّة التي دفعت إلى ظهور مشكلة عمالة الأطفال؛ حيث أن الأسباب الرئيسية للمشكلة هي: الفقر، والتَّفَكُّك الأُسَرِي، وبَطالة الكبار، وإيذاء الطفل، والإهمال، والتَّسَرُّب من التَّعليم، و- كذلك- تأثير المحيطين بهؤلاء الأطفال من نظرائهم عليهم، بالإضافة إلى العوامل الاجتماعيَّة والنَّفسيَّة الخاصة بشخصية الطفل، والتي منها حب الإثارة وجذب انتباه الآخرين. ويمكن التَّصدِّي لهذه المشكلة عن طريق سلسلة من الإجراءات علي النَّحوِ التَّالي: 1. بناء الإنسان: يأتي بناء الإنسان بالتربية وإصلاح نفسه كأحد الأهداف الرَّئيسيَّة في الدِّين الإسلامي، وتقوم التشريعات الإسلاميَّة في كلِّ شئون الحياة علي مبدأ التدرُّج ومناسبة الضرورات الاجتماعيَّة، ويقتضي ذلك أن تتمُّ عملية التَّربية بالتَّدريج وطوال المراحل العُمريَّة للطفل وللإنسان بصفة عامة. 2. دعم دور الدَّولة: أن دَوْر الدَّولة في التَّصدي لهذه الظَّاهرة والقضاء عليها إنَّما هو الدَّور الأساسي حيوية في هذا المقام، إلا أن الفساد الإداري والبيروقراطيَّة يقفان حائلاً كبيرًا أمام هذا الدَّور، فلم تقم الدَّولة بدعم مراكز استقبال الأطفال العاملين في المِهَنِ الخطرة والدُّنيا ولا عائل لهم، مع إنشاء مراكز إضافيَّة وذلك لتوفير الخدمات الصِّحيَّة والاجتماعيَّة لهؤلاء الأطفال؛ حيث أن غالبيتهم يكون بلا مأوي أو يقيمون في أماكنِ عملهِم مثلَ الوِرَش وغير ذلك، وتدريب الأخصائيِّين الاجتماعيِّين والنفسيين علي التَّعامُل معهم من منظور حقوق الطِّفل في الإسلام وفي مواثيق الأمم المتحدة. 3. تَقْوِيَة الحافز الدِّيني والاجتماعي لدي المواطنين: بما يقوي الاهتمام بمصلحة الطفل الجسميَّة والمعنويَّة لمنع تضحية الأسر بأبنائهم من أجل الحصول علي بعض مكاسب ماديَّة بسيطة وغير دائمة. 4. التَّنمية: عبر الاهتمام بالطَّبقات الفقيرة والمُهَمَّشة علي المستوي الاجتماعي؛ المادي والمعرفي، ومحاولة علاج مشكلة بطالة الكبار؛ وهي إحدى دواعي عمالة الأطفال، والصبر إلى حين انتهاء المرحلة السِّنِّيَّة التي يكونون فيها غير قادرين علي تحمُّل تبعات العمل. 5. المجتمع المدني: إطلاق حريَّة العمل للمنظمات المدنيَّة المُختلفة من خلال العمل وفق القواعد الدَّوليَّة التي يتم الاتفاق عليها مع الأمم المتحدة. 6. المستوي التَّشريعي: إطلاق حزمة من التَّشريعات التي تمنع وتُعاقب بشدة المُؤَسَّسات التي يتمَّ فيها ضبط أطفال يعملون دون السِّنِّ القانونيَّة، وتقرير نسبٍ معينةٍ من ميزانيَّة الدَّولة لصالح تأهيل الأطفال المُنضمين لسوق العمل. 7. التَّعاون الإقليمي والدَّولي: العمل علي الحصول علي الدَّعم القانوني والمادي الدَّولي بغرض تحقيق التأهيل النفسي والاجتماعي المناسب للأطفال الذين دخلوا إلى سوق العمل في سنٍّ مُبَكِّرة، والاستفادة من التجارُب الناجحة في هذا الشأن، علي أن تتشكل لجان مراقبة لمتابعة توزيع المنح الماليَّة وضمان وصولها لمستحقِّيها الحقيقيِّين، وتدعيم التَّعاوُن الفنِّي مع الهيئات الإقليميَّة والدَّوليَّة الناشطة في هذا المُقام، وكذلك مع الدِّول التي تُعاني من ذات الظاهرة. ب) رعاية الأَيْتَام من الضروري اتخاذ بعض الإجراءات التي تكفل حمايَّة هذه الشريحة الواسعة والمُهمَّة من الشَّعب المصري من السُّقوط في الانحرافات بسبب العوز الاقتصادي والاجتماعي، ومن بين تلك الإجراءات: 1. إنشاء دور أيتام قادرة علي استيعاب العددِ الكافي من هؤلاء الأطفال ممَّن لا عائل لهم، مع تحسين الأوضاع المتردِّيَة الدُّور القائمة بالفعل، وتوفير الدعم المالي الكافي لكي تقوم تلك المُؤسَّسات بدورها الإنساني والاجتماعي بصورةٍ تجعل من اليتيم مواطنا صالحًا. 2. إنشاء صناديق اجتماعيَّة متخصصة في هذا المجال من أجل الحصول علي مصادر تمويل جديدة للخدمات الحكوميَّة وغير الحكوميَّة المُقدمة للأيتام، وإيجاد حلول تضمن تمويلاً مستمرًا مثل تخصيص عوائد الأوقاف وجزء من أموال الزكاة لتقديم تلك الخدمات. 3. تفعيل الإشراف علي دور الأيتام الحاليَّة التي تتبع الجمعيات الخيريَّة الأهليَّة؛ من أجل ضمان الأداء الجيد لتلك الدور إلى جانب توفير التمويل الكافي لهذه الجمعيَّات لكي تتمكَّن من القيام بواجباتها الاجتماعيَّة. 4. تخطيط حملة توعيَّة إعلاميَّة شاملة بكافة وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئيَّة تستند إلى القيم الدينيَّة والاجتماعيَّة التي تَحَضُّ علي التَّعامُلِ مع اليتيم بصورةٍ إنسانيَّة، إلى جانب التَّوعيَة من المخاطر الاجتماعيَّة والإنسانيَّة التي تترتب علي عدم رعايَّة اليتيم، بحيث يُدرك المتلقي منها أن قضيَّة اليتيم جزءٌ أساسي من المجتمع ومن قضاياه، ومن واجبه بذل أقصي جهد لرعايتها. 5. توجيه إدارات المدارس ومختلف المؤسسات التي يتعامل معها الأيتام إلى حسن التَّعامُل مع الأطفال، وإشعار الطفل أن كونه يتيمًا لا يعتبر نقيصة أو مشكلة تجعله مختلفًا عن غيره. 6- الأسرة والمرأة.. المرأة شطر المجتمع و ميزان الأسرة (الزوجة والأم وربة المنزل) التي اعتبرها الإسلام شقيقةً للرجل "النساء شقائق الرجال" وعلي أهمية الدور الذي تلعبه المرأة في حقل العمل إلا أنَّه يلزم توازن هذا الدَّور مع الرسالة السامية التي تحملها المرأة في منزلها و بين أبناءها سعياً لاستقامة وصلاح لبنة المجتمع الأولي وتقوم رؤيتنا علي المساواة الكاملة في الكرامة الإنسانية بين الرجل والمرأة، وأهمية العمل علي الحفاظ علي التمايز بينهم في الأدوار الاجتماعية والإنسانية، دون أن يؤثر ذلك علي مكانة كل منهم. ودور المرأة في الأسرة، قائم علي أساس أنها المسئول الأول عن تربية الجيل الجديد، وعلي أن الأسرة في حضارتنا المصرية والعربية والإسلامية هي الوحدة الأساسية للمجتمع. وتقوم نهضة أمتنا علي نهضة الأسرة كبنية أساسية. لهذا نري أهمية تحقيق التوازن في أدوار المرأة، وتفعيل دورها في الأسرة والحياة العامة. دون أن نفرض عليها واجبات تتعارض مع طبيعتها أو مع دورها في الأسرة. ونري أن الوظائف التي تقوم بها المرأة هي نتيجة توافق مجتمعي قائم علي المرجعية الحضارية والإسلامية. والنقاش حول بعض الوظائف، وإمكانية عمل المرأة بها (مثل القضاء) يجب أن يكون حالة من الحوار الاجتماعي والشرعي، للتوصل إلى توافق مجتمعي، تشارك فيه المرأة والرجل بالرأي والقرار. ونحن من جانبا نري أن الواجبات المفروضة علي رئيس الدولة، وهو له مسئوليات في الولاية وقيادة الجيش، تعد من الواجبات التي لا تفرض علي المرأة القيام بها، لأنها تتعارض مع طبيعتها وأدوارها الاجتماعية والإنسانية الأخرى أ) المشكلات الاجتماعيَّة للأسرة والمرأة تُعاني الأسرة والمرأة في المجتمع المصري من مجموعة من المشكلات الآخذةِ في التَّنامي في هذه المرحلة بعضها خاص بالمرأة بصفتها امرأة وبعضها الآخر خاص بالأسرة ولكنها تنعكس أكثر علي المرأة، وهي: 1- بطالة رب الأسرة وتنعكس هذه علي المرأة ظاهرتَيْن؛ ظاهرة الأُسَرِ المَعِيلة- أي تلك التي ترأسها وتُنفق عليها امرأة- والتي تتركَّز في الشَّرائح الأكثرِ فقرًا من المجتمع المصري، كذلك ظاهرة الفئات المَعْوَزة اجتماعيًّا؛ ويقصد بهم كل من لا يوجد شخص واحد علي الأقل أو أُسرة يُعْنَي بأمره مثل بعض شرائح وفئات- وليس كل-: المُسِنِّين والأيتام وأطفال الشَّوارِع والنِّساء المُطَلَّقات، إذا لم يكن له عائل فردًا كان أو أسرة أو له عائل ولكن لا يستطيع أن يعوله. ويتطلب هذا الوضع بحثًا كافيًا وخطة محكمة للتغلُّب علي تلك الأوضاع ممَّا يؤدِّي في النهايَّة إلى تفعيل مُشاركة المرأة المُجتمعيَّة والإنسانيَّة والسِّياسيَّة بصورةٍ كافيَّة، بما يساهم في تسيير عجلة المُجتمع ككل. 2- انتشار ظواهر الزَّواج السِّري والعرفي بين الفتيات والنساء في المُجتمع المصري بسبب العديد من الظروف الاجتماعيَّة والمعيشيَّة، إلى جانب المشكلات النفسيَّة الناجمة عن تردِّي العلاقات الاجتماعيَّة داخل الأسرة، بالإضافة إلى الجهل بالمخاطر المترتبة علي الزواج العرفي. 3- الطَّلاق ويعتبر واحدة من أكثر المشكلات الاجتماعيَّة التي تعاني منها المرأة بسبب سوء نظرة المُجتمع للمرأة المطلقة بما يفرض عليها الكثير من القيود التي قد تحرمها من الكثير من الحقوق التي تتمتع بها الأرملة، كما يشكل الطلاق سببًا أساسيًّا للتفكك الأُسري، وقد بلغت حالات الطلاق نصف حالات الزواج سنويًّا تقريبًا مُنذ عدة سنوات. 4- العنوسة تُعتبر أيضًا واحدة من كُبريات المشكلات التي تواجهها المرأة في المُجتمع. 5- العنف المُمَارَس ضد المرأة يعتبر من أكثر المشكلات التي تتعرض لها المرأة خطورة؛ بالنَّظرِ إلى أنَّه قد يؤدِّي أحيانًا إلى القضاء علي المرأة نفسها، وذلك عن طريق القتل الخطأ أو الضَّرب الذي يفضي إلى الموت. 6- مشكلة ضعف الوعي الاجتماعي فيما يتعلق بقضايا المرأة ودورها الاجتماعي؛ ممَّا قد يؤدِّي إلى مشكلاتٍ عديدة مثل ضعف الرَّعايَة الأسريَّة، وبالذَّات بالنسبة للمرأة العاملة. ب) برنامج العمل لحلِّ هذه المشكلات: 1. تبنِّي حملة توعية إعلاميَّة واجتماعيَّة ودينيَّة تعمل بكافة الوسائل المُتاحة علي نشر ثقافة المُساواة بين الجنسَيْن في المُجتمع والتَّعريف بمخاطر الزَّواج العُرفي والسِّرِّي، وتحريمه شرعًا، وتصحيح النظرة الاجتماعيَّة السلبيَّة للمرأة، ومعرفة ظلمها والافتئات علي حقوقها، علي أن تستند تلك الحملة إلى المبادئ والقيم الأخلاقيَّة المُسْتَمَدَّة من التَّعاليم الإسلاميَّة وتقاليد المجتمع المصري، ولتقويَّة الوازع الديني لدي المواطن بما يمنعه ذاتيًّا من مخالفة تلك الأخلاقيات. كما تشمل الحملة تخصيص بعض ساعات الدِّراسة لكي تتمَّ التَّوعيَة بذلك سواء كان عن طريق مناهج دراسيَّة ضمن الأنشطة الفرعيَّة في العمليَّة التعليميَّة أو تخصيص فقرات في الإذاعة المدرسيَّة تستند إلى رؤي اجتماعيَّة واقعيَّة. مع العمل علي تطوير الجانب الخاص بدور الدراما التليفزيونيَّة والسينمائيَّة في صدد عرض وعلاج مشكلات المرأة، مع تحسين الصورة التي تعكسها الدراما للمرأة في مصر بعيدًا عن التَّشويه والتَّشويش. 2. إشراك القوي السِّياسيَّة وجمعيات حقوق الإنسان وقوي المجتمع المدني في علاج مشكلات المرأة المصريَّة من خلال تنظيم الفعاليات المختلفة من مؤتمراتٍ وحملات، وتشكيل قواعد المعلومات اللازمة لهذا الأمر. 3. تبنِّي حزمة من برامج عمليَّة الرَّعايَة الاجتماعيَّة والصِّحيَّة للمرأة وخاصة الأمهات، من خلال مُؤَسَّسات العمل المُختلفة المعنيَّة بذلك علي المستويَيْن الحكومي العام والأهلي الخاص، لتحسين أداء الأم وربَّة الأسرة المصريَّة علي القيامِ بأدوارها شديدة الأهميَّة. 4. تجريم كل أشكال المساس بالمرأة سواء كان لفظيًّا بالاعتداء علي سمعتها كامرأة أو بالتَّحريض علي الزواج العرفي أو الاعتداء المباشر عليها، ووضع التشريعات التي تكفُل التَّعامُل مع كلِّ المُشكلات التي تواجهها المرأة. 5. تدعيم جهود الجمعيَّات الأهليَّة الناشطة في مجال المرأة، وتوجيه أنشطتها إلى علاج مُشكلات المرأة، وتوعية المرأة بحقوقها، والوصول إلى الأماكن البعيدة نسبيًّا عن الخدماتِ العامَّة، مثل المناطق النائية وبعض الأوساط الرِّيفيَّة. 6. تكوين مجموعة متخصصة من الصناديق الاجتماعيَّة لمساعدة فئات معوزة بعينها من شرائح المرأة المصريَّة، مثل المرأة الرِّيفيَّة، والمطلقات، والأرامل. 7. تدعيم التَّعاوُن الفنِّي مع الدِّول والهيئات الإقليميَّة والدَّوليَّة الناشطة في هذا المُقام، والاستفادة من البروتوكولات والاتفاقيَّات الدوليَّة الخاصة بالمرأة والمرأة العاملة، والأخذ منها بما يتَّفق مع قيم المجتمع وأخلاقياته، وقيم ومبادئ الشَّريعة الإسلاميَّة، ومن الأفضل التَّعاون مع بلدان جامعة الدِّول العربيَّة ومنظمة المؤتمر الإسلامي في هذا المجال. ج) مشكلات المرأة العاملة وعلاجها..؛ المرأة العاملة تعاني العديد من المشكلات الاجتماعيَّة الخاصَّة بوضعها كفردٍ عاملٍ، ومن بين تلك المشكلات: 1. عدم كفاية التشريعات الحالية اللازمة لتحسين ظروف عمل المرأة العاملة، ممَّا يُؤثِّر بالسَّلْبِ علي قدرتها علي الاستمرار في العمل أو رَعايَة الأسرة بصورة كافيَّة الأمر الذي يؤدِّي إلى العديد من المُشكلات الاجتماعيَّة وغيرها مما ينقص كثيرًا من حقوق المرأة. 2. عدم وجود التَّشريعات التي تحمي حقوق المرأة الرِّيفيَّة العاملة في الأنشطة الزِّراعيَّة وهو ما يتمثل في أن المادة (12) من قانون العمل المصري تشمل حقوق كل العاملين في الدولة، فيما عدا النساء العاملات في الزَّراعة وهو ما يعني أن الفلاحة المصريَّة لا تتمتَّع بالحِمايَة القانونيَّة ولا التَّأمينات الاجتماعيَّة والصحيَّة الَّلازمة. ومن أجل التَّغَلُّب علي تلك المُشكلات يتعيَّن اتِّخاذ مجموعة من الخطوات، وهي: 1- سن التشريعات التي تكفُل حقوق المرأة العاملة في الرَّعايَة الاجتماعيَّة لأسرتها وأطفالها؛ بحيث لا يكون عملها عائقًا لها عن رَعايَة الأسرة وبما لا تؤدِّي هذه الرعاية إلى انهيار في أداءِ المرأة في عملها. 2- تصحيح أوضاع المرأة الرِّيفيَّة من خلال سنِّ التَّشريعات التي تضمن لهذه الفئة من النساء حقوقهن الوظيفيَّة والاجتماعيَّة، خاصة وأنَّ العديد من النساء الريفيات يقمن برَعايَة أسرٍ كاملة والانتقاص من هذه الحقوق سيؤثِّر بالتالي علي أوضاع هذه الأسر. 3- تدعيم الأنشطة الخاصة بالمرأة العاملة في جهود الجمعيَّات الأهليَّة الناشطة في مجال حقوق المرأة ومشكلاتها. 4- إلزام القطاع الخاص بتطبيق اللوائح والقوانين التي تنظم عمل المرأة بعيدًا عن التَّعسُّف الوظيفي الذي يَضرُّ بحقوق العاملات، إلى جانب إلزام السُّلْطات للشَّركات الخاصَّة بعدم رفض تعيين النساء المتزوِّجات؛ خشية الدُّخول معهنَّ في مُنازعاتٍ إداريَّة حول الإجازات وغيرها وتأثير التزاماتهن الاجتماعيَّة علي كفاءتهنَّ المهنيَّة. والخلاصة أننا نؤكد علي أهمية تفعيل دور المرأة السياسي والمجتمعي، ليتكامل مع دورها الأسري، حيث بات واضحا أن المرأة قادرة علي القيام بالعديد من المهام التي تناسبها ويحتاجها المجتمع، ولكن هذه الأدوار غير فاعلة بالصورة اللازمة. ويبدو أن الدعوات التي تنادي المرأة بترك دورها الأسري والتزامها المجتمعي، تحت دعوي التحرر، أدت إلى رد فعل متشدد من المجتمع، يحتاج منا إلى الدعوة للوسيطة والاعتدال، حتى تقوم المرأة بمسئوليتها نحو أمتها. 7- قطاع الشَّباب والمشكلات الثَّقافيَّة والاجتماعيَّة..؛ يتوقف نجاح مشروع النَّهضة والتَّقدُّم علي التَّنمية البَشرية في مجال الشَّباب الَّذين يُمثِّلُون أهم مصادر رأس المال الاجتماعي، وهذا ما يتطلَّب وضْعُ سياساتٍ تضمَن استيعاب طاقاتهم وقدُراتِهم لخدمة المُجتمع، وذلك من خلال تشغيل نظام للتَّربيَّة والتَّنشئة يُحَصِّن أنماط التَّفكير والاستهلاك لدي الشَّباب من التَّقليد والمَيْلِ نحو التَّغريب. وبوجهٍ عام يقتضي التَّعامُل مع مشكلات الشَّباب تغييرًا في الرُّؤى والسِّياسات؛ فالشَّبابِ ليسوا مُشكلةٍ وليسوا مصدر أزمة، ولكنهم أكثر من يتأثَّرُون بالأزماتِ العامَّةِ في المُجتمع، ويمكن القَول أن حلَّ وتجاوُزَ المُشكلات التي يُعاني منها الشَّبابُ والمُجتمع معًا إنَّما يكمن في: 1- تفعيل أدوار الشَّبابِ باعتبارهم أبرز مداخل الحل لأغلب المشكلات الاجتماعيَّة، ولكنَّهم يحتاجون إلى دعمٍ ومساندةٍ قويَّة، وإلي قدوةٍ ونماذجٍ صالحة من الأجيال الأكبر سنًا، ومن بين أقرانهم أيضًا. 2- إجراء تصفيَّة للسَّلبيَّات غير الملائمة للمجتمع المسلم الواعي المستنير سواءً المَوْرُوث الثَّقافي السَّلبي من عاداتٍ وأفكارٍ وتقاليدٍ، أو في المُسْتَحْدَث الثَّقافي والسلوكي المستورد من الغرب. 3- لابد من مُعالجة ازدواجيَّة عمليَّة التَّربيَّة والتَّنشئة الاجتماعيَّة الناتجة عن تَعَدُّد مصادر التَّنشئة السِّياسيَّة والاجتماعيَّة والتَّعليميَّة والإعلاميَّة؛ تحقيقًا للتَّوازُن النَّفسي والاجتماعي، وإشباعِ الاحتياجات الثَّقافيَّة لدي الشَّباب، وعدم المُغالاة في الاهتمام بجانبٍ دونَ آخرٍ، وتوسيع الفُرَصِ أمام الشَّباب لإثراءِ معرفتهم الثَّقافيَّة والعلميَّة. 4- يجب علي المُجتمع والدولة العمل معًا علي مُعالجة الأزمات الاجتماعيَّة التي يُعاني منها الشَّباب، مثل تأخُّر سنِّ الزَّواج والعُنوسة، والعنف، والاغتراب، والفجوة بين الأجيال، والبطالة؛ والتَّغريب؛ وغير ذلك لأجلِ خفضِ الرَّغبة الشَّديدة في الهجرة، وتأكيد الانتماء. 5- ضرورة استيعاب الشَّباب في العمل داخل المُؤسَّسات الرَّسميَّة والأهليَّة، وفي الأحزاب والجمعياَّت والاتحادات الطلابيَّة، والعمل علي إسناد المسئُوليَّات إليهم، لمعالجة فجوة الأجيال داخل هذه المُؤسَّسات، وخلق جيلٍ ثانٍ للعمل في مواقع العمل الوطني العام، مع إدارة العمل علي أساسٍ ديمُقراطي. قطاع الشباب في مجال الرياضة تتمحور الرؤيَّة الخاصة بإصلاح قطاع الرِّياضة في مصر في مجموعةِ الإجراءاتِ التَّالية: 1- تطوير المُنشآت الرِّياضيَّة كوسيلةٍ لبناءِ صحَّة الإنسان والتَّرفيه، واستخدام أحدث الأساليب العلميَّة في التَّخطيط الاستراتيجي للرِّياضة والإدارة الخاصَّة بالمُؤسَّسات الرِّياضيَّة والتَّدريب اللازم لتأهيل العاملين في هذا المجال. 2- توسيع قاعدة مُمارسة الرِّياضة واستهداف جميع المراحل السِّنِّيَّة وخاصة الشَّباب وذلك من خلال زيادة عمليَّة تخصيص الأراضي والأماكن لإنشاء المراكز الرِّياضيَّة- من ساحاتٍ وملاعب- والأنْديَّة ومراكز الشباب في جميع المُدُنِ الجديدة والقائمة والمراكز والقُرى من قِبَلِ وزارة الإسكان والمرافق والتَّنميَّة العمرانيَّة. 3- تعاوُن مُؤسَّسات المُجتمع الإعلاميَّة والثَّقافيَّة والرِّياضيَّة في عملِ حملات إعلاميَّة دوريَّة لتحفيز وحثِّ أفراد الشَّعبِ المصري من جميع الأعمار لممارسة الرِّياضة، مع توجيه ميزانيَّة المجلس القومي للرِّياضة للهدف السابق ومحاولة زيادتها. 4- تشجيع القطاع الخاص علي الاستثمار في مجال الرِّياضة من خلال تسهيل الحصول علي الأراضي اللازمة، وتسهيل المناحي الإجرائيَّة وغير ذلك من السِّياسات اللازمة. 5- إلزام الشركات والهيئات الكبيرة والتي يزيد عدد العاملين فيها عن عددٍ مُعيَّن- 100 فرد- بإنشاء نوادي رياضيَّة ومراكز للعاملين بها. 6- مُراقبة النَّوادي الرِّياضيَّة ماليًّا وإداريًّا لضمان تحقيقها الأهداف المرجوة من زيادة عدد ممارسي الرياضة وتيسيرها علي الراغبين. 7- استغلال سلطة المُحافظين والمجالس المحليَّة في دعم الأهداف السابقة ماليًا وفنيًّا وإداريًّا، مع تقنين الاشتراطات الخاصَّة بالمؤهلات المطلوبة للعاملين بمجال الرِّياضة واشتراط الخبرة والمؤهِّلات العُليا. 8- التَّشجيع ووضع الحوافز الماديَّة القويَّة عند حصول الرِّياضيين علي مراكز أولي إقليميًّا وعالميًّا، وأيضًا عند حُصول الرَّياضيِّين علي المُؤهلات العُليا. 9- تحديد ميزانيَّات الاتحادات الرِّياضيَّة بُناءً علي مستوي اللاعبين إقليميًّا وقاريًّا ودوليًّا، وعلي مدي نجاح هذه الاتحادات في تخريج أبطال عالميين والمحافظة علي مُستوياتهم، ومدي مُشاركتها في مشروع "البَطَل الأوُليمبي". 8- المعاقون وذوي الاحتياجات الخاصة.. المُعاق في إعلان الأمم المتحدة الخاص بالمُعاقين والصَّادر في العام 1975م هو الشَّخص العاجز كليًّا أو جزئيًّا عن ضمان حياة شخصيَّة واجتماعيَّة طبيعيَّة نتيجةِ نقصٍ خِلْقي أو غير خِلْقِي في قدراته الجسميَّة أو الفكريَّة. وأكثر أنواع المعاقين انتشارًا ذوي الإعاقة الحركيَّة أو الجسديَّة، ثم المعاقون عقليًّا، ثم ذوي الحاجات الخاصة بسبب ضعف الحواس أو فقدان إحدى الحواس كالبصر أو السمع أو النطق، وأخيرًا المعاقون المقعدون بما يشمل المرضي في حالاتٍ متقدمة لأمراض القلب والفشل الكلوي أو الكبدي. وتتنوع أسباب الإصابة بالإعاقة ما بين ما هو طبيعي- كالوراثة- أو من صنع الإنسان والظروف المُحيطة به مثل الحوادث والحروب والتَّلوث والفقر وسوء التغذية، وانتشار الأمراض مثل الفشل الكلوي والكبدي و- بشكلٍ خاص- انتشار مرض السُّكر الذي قد يؤدِّي إلى بعض أنواع الإعاقات وبالذات الإعاقات الحركيَّة والحواسيَّة كالإصابة بالعمى أو بتر القدم، كذلك انتشار بعض العادات غير الصحيَّة مثل الولادة في غير الأماكن المُخَصَّصَة لذلك علي أيدي القابلات. ومن بين الإجراءات المُقترحة في تطوير أوضاع هذه الفئة من أبناء المجتمع: أولاً: علي المستوي الإعلامي والتَّوعية العامَّة: تبنِّي مجموعة من الحملات الإعلاميَّة بكلِّ الوسائل المتاحة قوميًّا بما في ذلك دور الرعاية والعبادة من أجل إبراز أهمية ملف الإعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة لكي تأخذ حجمها الكافي من البحث في بيان الأسباب وطرح رؤى العلاج للحدِّ من هذه المشكلة، ونحو توظيف أمثل لقدرات هذه الفئة الكامنة، مع تحسين صورة المعاق في المجتمع وإزالة الأفكار الخاطئة لدي الناس عنهم واعتبارهم عالة علي المجتمع، مع رفع الروح المعنويَّة لدي المُعاقين وتبيان موقف الشريعة الإسلاميَّة من المعاق أوضاعًا ومُتَطلَّبات. ثانيًا: في الإجراءات التَّشريعيَّة والإجرائيَّة الرَّسميَّة: العمل علي استصدار مجموعة من القوانين التي تُحَدِّد حقوق المعاق والتزامات المجتمع تجاهه في مختلف المجالات؛ الرَّعايَة الاجتماعيَّة والعمل وغير ذلك، ورقابة مُؤَسَّسات الدَّولة المُخْتَلِفَة- في القطاعَيْن العام والخاص- وضرورة التزامها نسبة التَّعيين القانونيَّة المُخَصَّصَة للمُعاقين وهي 5% بموجب القانون، مع العمل علي زيادة هذه النِّسبة تبعًا لنسبة المُعاقين من إجمالي قوَّة العمل في مصر، علي أن يكون هناك إلزام تشريعي لأيَّة جهةٍ تعليميَّةٍ أو ثقافيَّةٍ أو ترفيهيَّةٍ بتخصيص نسبة من الأماكن فيها للمُعاقين. كذلك يجب وضع المزيد من الضَّوابط الإجرائيَّة والقانونيَّة التي تضمن حقوق المعاق في الحركة والانتقال الآمنَيْن، كأنْ يتم ترتيب مصاعد خاصة وممرات سير تلائم المعاقين في المحال والمكاتب والمُؤسَّسات الحكوميَّة والخاصَّة وأماكن التَّرفيه ووسائل النقل العام بما يُمكِّن المُعاق من استخدامها، وملاحظة حاجات المعاقين في أية خطة إسكانية مستقبلية. ثالثًا: في الإجراءات المُؤَسَّسِيَّة: 1- إنشاء مجلس قومي لرعاية المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة. 2- توجيه المزيد من الدَّعمِ الفنِّي والمالي للمؤسسات الأهليَّة والحكوميَّة التي تعمل في هذا المجال، وتأسيس أخري جديدة، مع تأسيس أكثر من صندوق تكافُلي لحساب هذه الفئة إذا لزم الأمر لتولِّي مهام تزويج المعاق، وتأهيله اجتماعيًّا ومهنيًّا، وخلق فرص عمل كريمة للمعاق؛ بحسب طبيعة ودرجة الإعاقة، مع ضمان كافة حقوقه من تأمينات ومعاشات ومخاطر عمل.. إلخ، أو رعاية غير القادرين منهم علي العمل من الأصل. رابعًا: في الخدمات: ضرورة الاهتمام إعلاميًّا وإجرائيًّا لمسألة ضمان حقوق المُعاق في الحصول علي الخدمات، الصحيَّة والتَّعليميَّة والاجتماعيَّة وغيرها في أي مكانٍ يتواجد فيه، مع ضمان وجود أماكن خاصة بالمعاقين في مجال الأنشطة التالية: 1. الأندية الرياضيَّة: أو تأسيس أنديَّة رياضيَّة خاصة بالمعاقين تُمارس فيها كافة الأنشطة الرِّياضيَّة التي تُمارس في أماكن الأصحاء. 2. الأندية الاجتماعيَّة: أو تأسيس أنديَّة اجتماعيَّة مزوده بأحدث الأساليب الترفيهية الموجودة في الأندية العادية، وكذلك مزودة بالخدمات والأنشطة الخاصة بهم، مثل الباحثين الاجتماعيين والمحاضرات المُتخصِّصة. 3. دور الترفيه الأخرى كالسينمات والمسارح. 9- المسنون.. ملف المسنين من الملفات التي تجمع بين عددٍٍ من القضايا؛ فهو ملف يقع في دائرة القضايا الاجتماعيَّة إلى جانب دائرة القضايا الاقتصاديَّة والمعيشيَّة؛ والتَّعامُل معه يستلزم عدة إجراءات من أجل القضاء علي أيَّة مُشكلات يتعرض لها المُسنون في المجتمع، ويضمن تكريمًا جيَّدًا لهذه الفئة، ومن بين هذه الإجراءات: 1- إصدار التَّشريعات الخاصة بحماية المسنين وحقوقهم، من الإهمال داخل الأسرة؛ بحيث يتم إلزام أحد أفراد الأسرة برعاية المُسن، مع تقديم دعم مالي مقابل هذه الرَّعاية مع استمرار المتابعة والرَّقابة. 2- إلزام الشركات ذات الملكية الخاصة بافتتاح مراكز رعاية وخدمة للمسنين في المناطق التي تحتاج بالفعل إلى وجود هذه المُؤسَّسات، مع منحها بعض الامتيازات مثل الضَّرائب ووضع نظام رقابي شديد لمنع استخدام هذه الخدمة بصورة غير ملائمة تفتح الباب أمام ممارسات الفساد. 3- تخطيط حملة توعية إعلامية شاملة تعتمد علي المبادئ والقيم الإسلاميَّة- مثل التكافل الاجتماعي واحترام الكبير والتراحُم والتَّقارُب- وتقوم هذه الحملة علي أساس التَّعريف بالمسنين وفضلهم في المجتمع وإشراك دور العبادة وجميع وسائل الإعلام والمؤسسات الحكومية والخاصة فيها. 4- تطوير أماكن رعاية المسنين والنُّزُل التي يقيمون فيها لضمان خدمةٍ مثلي للمسنين. 5- تطوير الدَّور الذي يلعبه المسنون في المجتمع بحيث يستمر إنتاجيًّا، وبالأخص القيام بعمليات توعية للأجيال الأصغر سنًا من خلال المشاركة في الأنشطة المدرسيَّة والجامعيَّة وغيرها لنقل خبراتهم إلى الشَّباب، والمساهمة في العمل بدور رعاية الأطفال والأيتام، بما يُساعد أيضًا في تطوير عمل المُؤسَّسات التي يعمل فيها المُسنُّون. 6- المشاركة الفردية والجماعية من الشباب والأطفال في رعاية المسنين أمر واجب تقديرًا للدَّور الذي أداه المسنون في تطوير المجتمع ووصوله إلى المستوي الذي عليه وتعميق ثقافة "رعاية المسنين" بين أفراد المجتمع كجزء أساسي من الثقافة الاجتماعية العامة.

















الباب السادس النهضة الثقافية



الفصل الأول

البنــاء الثقـــــافـــي

إنَّ الثقافة هي المرآة التي تعكس هُويَّة المجتمع وقِيَمِه وإرثه الحضاري وعند إمعان النَّظر في خصائص الثقافة المصرية نجد أنَّها تتشكَّل في الهوية الإسلامية والثقافة الإسلاميَّة المعبرة عن إرث هائل من الفنون والآداب، والتي شكلت في مجملها الوجدان المصري دونما تفريق بين أبناء الوطن الواحد؛ حيث امتدت تأثيرات الإسلام- في كل مفردات العمليَّة الثقافيَّة- بحيث طبعت بسماتها المجتمع المصري كله. وهنا علينا التأكيد علي أن الحضارة الإسلامية مثلت وعاءا جامعا للجماعة المصرية، ضم ميراثه الحضاري وأعرافه وتقاليده، في إطار القيم الإسلامية، دون إلغاء لدور المسيحية الذي مثل مرحلة من التاريخ المصري، ودون تذويب لتمايزات ثقافة المسيحيين. فالبعض يتصور أن الانتماء للحضارة الإسلامية يلغي التاريخ المصري السابق لها، كإرث حضاري إنساني، أو يلغي دور المسيحية في التاريخ المصري، أو يلغي تمايز الهوية المسيحية لدي المسيحيين في مصر، وكأن هناك صراع بين الهويات أو المراحل التاريخية. ولكننا نري أن الحضارة الإسلامية مثلت إطارا لوحدة الأمة، إطارا يجمع ويسمح بالتنوع، وإطارا أعاد تشكيل الميراث الحضاري للجماعة المصرية ولم يعاديه، فأقام مرحلة حضارية جديدة، وحقق وحدة الأمة العربية ووحدة الأمة الإسلامية، وحافظ علي التنوع الداخلي وتعدد العقائد. وعلي مدار أربعة عشر قرناً مثلت عمر الفتح الإسلامي لمصر اتسع مفهوم الثقافة ليشمل كل ملامح الإنتاج الإبداعي و الفكري للعقل المصري، وقادرًا علي البقاء والمقاومة لكافة أشكال الغزو الفكري والحضاري مستمدًّا هذه القدرة من هويته الإسلاميَّة التي ساهمت بقوة معتقدها في التصدي للثقافات الغازية. غير أن الحملات الاستعمارية بما حملته من قيم و سلوكيات ثقافية و من قبلها الموروثات الحضارية القديمة والسجل الممتد من آثار الإنجاز الإنساني القديم لم تصادرها الهوية الإسلامية المصرية بل استخلصت منها ما يتوافق معها وطورت ما تركه الأسلاف من رؤى و أفكار و أبقت علي آثار الماضي محترمة إرث الإنسانية الذي يعبر عن قدم المدنية المصرية القديمة وحضارتها. وانطلاقاً من الهوية الإسلامية فإن الثقافة لا تعبر فقط عن وسيلة بناء و تنمية و تحضر بل تمثل حائط صد لمحاولات النيّل المستمر من خصوصية الشخصية المصرية المتميزة في عالم تحكمه ثقافة أحادية غربية موجَّهة، ويصير لزاماً على المثقف المصري أن يعبر عن شموليَّة الفكرة وعمقها وإسلاميتها مع امتلاك أدوات المواجهة و الإنتاج الثقافي الحديث وقدرته علي تطوير أدواته ليتناول شتي دروب الإبداع ناقلا حيزه من حدود الوطن إلى عالمية التأثير الثقافي. ضوابط إدارة الحياة الثقافية 1- التَّأكيد علي عدم الفصل بين الجانب ألقيمي والأخلاقي وبين الفعل الإبداعي بأنواعه المختلفة وفي هذا الإطار يُطالب الحزب بحريَّة إبداع مضبوطة بأخلاقيات المجتمع وقيمه وآدابه. 2- الاعتماد في العمل الثَّقافي والإعلامي العام علي غرس وتعميق ثقافة المناعة الشخصيَّة والرقابة الذاتية للمواطن، بدلاً من ثقافة المنع والرقابة الفَوْقيَّة؛ بحيث يكون هناك نوع من الرَّقابة الذَّاتيَّة لدي المواطن تتركز في أعماقه من خلال منظومة من القِيَم والأخلاقيَّات التي يتم تدعيمها في وجدانه؛ ليرفض- عن قناعةٍ خاصةٍ وليس بأوامر من السلطة أو حجرًا عليه من أي طرفٍ كان-. 3- الخصوصيَّة والحياة الشخصيَّة الفرديَّة والأُسريَّة مُحترمة، ولا يجوز أن تتعرض لانتهاكات الصوت والصورة، أو التَّعرُّض لها أمام الميكروفونات العامَّة أو بواسطة القلم والكلمة. 4- الاعتماد علي الكفاءة والخبرة في العمل الإعلامي بمختلف وسائله-المرئي والمقروء والمسموع - دون أي إقصاء. وفتح الباب أمام إنشاء كافة وسائل الإعلام من قنواتٍ أرضيه وفضائيَّة ومواقع إليكترونيَّة وصحف، تُعبِّر عن هموم المجتمع المصري. 5- تفعيل المُؤَسَّسات الثَّقافيَّة القائمة بأنواعها وحسن إدارتها بما يكفل الإصلاح الثَّقافي المنشود. 6- دعم المواهب الجديدة في مختلف المجالات الفنيَّة والأدبيَّة والإعلاميَّة بفروعها المُختلفة. 7- ضرورة الحفاظ علي التراث الإنساني في مصر بكافة ألوانه مع ضرورة العمل علي استعادة ما نُهِبَ منه عبر العقود الطويلة الماضية. أهمية الثقافة في تشكيل الفكر والوجدان: يجب أن تنبثق ثقافة المجتمع من الهويَّة والحضارة الإسلاميَّة، في صياغة فكر ووجدان الإنسان المصري، بما يؤهِّله للتَّعامُل مع مختلف مفردات الحداثة والعصر الجديد، وكذلك المُشاركة الفعَّالة في عمليَّة التَّنميَّة الشاملة- تنميَّة الفرد والمجتمع- والارتقاء بدور الأمَّة الحضاري، وهذا يتطلَّب إصلاحًا جادًا لمفردات الثَّقافة القائمة ووسائلها من صحفٍ ومجلات وإذاعة وتلفازٍ، بحيث تتأسَّس مادتها وتنطلق من المبادئ والقِيَمِ الإسلاميَّة. كما يتطلَّب تقويَّة هذه الوسائل بما يجعلها قادرة علي مواجهة عصر السماوات المفتوحة والفضائيَّات الوافدة، والاتصالات والمعلومات، مع تبنِّي محاور خلاقة ومُتكاملة كمشروعاتٍ قوميَّة للتنمية الثَّقافيَّة. الفروع المتعددة للتنمية الثقافية 1. التَّرجمة والنَّشر: يعتبر قطاع التَّرجمةِ والنَّشرِ أحد المعايير الرَّئيسيَّة لمجتمع المعرفة التي اعتمدتها الأمم المتحدة في معاييرها العامة، وفي تقاريرها المختلفة التي يتم تحديثها سنويًّا، وعلي أهميَّة هذا القطاع يجب تبنِّي مشروع قومي للترجمة يشمل المحاور التَّالية لتطوير قطاع الترجمة والنشر في مصر: 1- تبنِّي حركة واسعة النِّطاق للتَّرجمة علي مختلف المُستويات المعرفيَّة؛ الكُتُبِ والموسوعات والرَّسائل العلميَّة والدَّوريَّات في مختلف صنوف المعرفة والعلوم والآداب، ولاسيما في المجال العلمي، علي ألا تقتصر حركة التَّرجمة ومشروعاتها علي ما هو موجودٌ في الخارج، بل علي نقلِ الأعمال الأدبيَّة والعلميَّة المصريَّة والتَّراث العربي الإسلامي الرَّاقي إلى الخارج؛ لإعادة تعريف العالم بمصر وثقافتها العربيَّة والإسلاميَّة، وتغيير الرؤية عنها في الخارج علي أُسس ومفاهيم جديدة. 2- إنشاء مجلس أعلي للترجمة. 3- وضع إستراتيجية مُستقبليَّة شاملة لقطاع التَّرجمة والمهن المُرتبطة بها تتصل في جانبٍ منها بقطاعِ التَّربية والتَّعليم، ولاسيما التَّعليم العالي، وإعادة النظر في المناهج الحالية في كليات الألسن والتَّرجمة، ونشر فروع هذه الكليَّات بالأقاليم، وغير ذلك من الإجراءات؛ لضمانِ وجود خريجين مؤهَّلين علي مستوي عالٍ يعملون في هذا القطاع الحيوي والضَّروري لمواجهة موجات الغزو الفكري وتطوير صناعة الكتاب المترجم والثَّقافة في مصر. 4- إنشاء قاعدة بيانات للكتاب المترجم والمُترجمين المُحترفين في مصر لضمان وضع خطة حركة دقيقة مستقبلاً. 5- توسيع نطاقِ التَّعاوُن مع الأكاديميَّات والهيئات الرَّسميَّة والأهليَّة في الخارج في هذا المجال عن طريق الوزارات المعنيَّة والمُلحقيَّات الثَّقافيَّة في السَّفارات المصريَّة في الخارج، وكذلك تنظيم التعاون مع الجهات العلمية المختلفة في أنحاء العالم. 6- تأسيس لجان مُتَخَصِّصَة لاختيار النُّصوص التي يتم ترجمتها من وإلي الُّلغات الأجنبيَّة، وعدم الاقتصار علي اللغة الإنجليزيَّة؛ بل التَّوسُّع في التَّرجمة والنَّقلِ من وإلي الُّلغات الأخرى كالفرنسيَّة و الألمانية والروسيَّة والإسبانيَّة والصِّينيَّة واليابانيَّة و العبرية وغيرها من اللغات. 7- إلزام كل جمعيَّة أو جهة أهليَّة أو مُؤسَّسة رسميَّة لها صلة بالعمل الثقافي بترجمة عدد مُعيَّن من الكُتُبِ. 2. الكتاب : من المهم تطوير ودعم الكتاب كأحد أكثر أدوات المعرفة انتشارًا وأهميَّة، بالرغم من عصر المعلومات وثورة الاتصالات الحالية، وفي هذا الإطار هناك مجموعة من المسارات للارتقاء بطباعة ونشر وتوزيع الكتاب علي النَحوِ التَّالي: 1- الدعم المُؤسَّسي للنَّشرِ وتوزيع الكتاب، وخاصة الكتاب العلمي، ومن ذلك دعم الإتحاد المصري للكتاب ونشر فروعه في الأقاليم و توسيع دائرة المشاركة فيه. 2- تبنِّي الاتجاهات الحديثة في نشر الكتاب وتوزيعه. 3- دعم تكنولوجيا المعلومات ودورها في الارتقاء بصناعة الكتاب. 4- توفير البيئة الإداريَّة والقانونيَّة لصناعة الكتاب. 5- تفعيل دور اتحادَيْ النَّاشرين المصريِّين والعرب في دعم صناعة الكتاب المصري والعربي. 6- وضع تصوُّر مستقبلي لصناعة الكتاب العربي، والاعتماد في هذا الإطار علي النشر الإلكتروني للكتاب، والتَّسويق الالكتروني له. 7- أن يُعهد بتنظيم وإدارة معرض القاهرة الدَّولي للكتاب إلى اتحاد الناشرين المصريين باعتبارها المؤسسة المدنية المعنية بهذا الأمر لخلق نوع من أنواع الاستقلالية و دعم حرية النشر. 8- الارتفاع بمستوي الكتاب فنياً من حيث الطباعة والإخراج، لكي يتمكَّن من مُنافسة وسائل المعرفة ووسائط المعلومات الأخرى مثل الإنترنت والحاسب الآلي، مع العمل علي تخفيض سعر الكتاب للمساعدة علي انتشاره وتشجيع قراءته ولتدعيم الرسالة الثقافيَّة والأخلاقيَّة المرجوة منه. 9- دعم دور النَّشر بإلغاء الرسوم الجمركيَّة والضرائب المفروضة علي مستلزمات الطباعة والورق أسوة بمعظم دول العالم ودعم تصنيع مختلف مستلزمات طباعة الكتاب محلياً. 10- زيادة عدد المكتبات العامَّة في كلِّ المحافظات، وضمان تزويدها بكافة ألوان المعرفة والأنشطة الثقافيَّة والفنيَّة الهادفة، مع الاهتمام بالمدن الجديدة والقرى في هذا المقام، وتفعيل عمليَّة الربط المعلوماتي بينها وكذلك التَّكامُل والتَّنسيق فيما بينها في شبكة معلومات واحدة. 11- حمايَّة التُّراث المصري من الكُتُبِ والمخطُوطات والوثائق، عبر تطوير نُظُم الحفظ والصِّيانة والعَرْض، والتَّسويق وفق أحدث المعايير العالميَّة للموروث الثقافي المصري والإسلامي في الداخل والخارج، كجزء من عمليَّة "التسويق" الحضاري للأمة، ودعم هويَّتِها. 12- تشجيع عمليَّة "تصدير الكتاب المصري" -باعتباره سلعة ذات ميزة نسبية- إلى الخارج وذلك عبر التَّوسُّع في عمليَّة التَّبادُل الثَّقافي، ودعمِ الوجود المصري في معارض الكتاب العربيَّة والعالميَّة، 13- تبنِّي الإجراءات التي تضمن حمايَّة حقوق الملكيَّة الفكريَّة، وضمان حقوق النَّاشرين المصريين في مواجهة عمليَّات السَّرِقَة والتَّزوير، مع التنسيق بين أجهزة الدولة التَّشريعيَّة والتَّنفيذيَّة لاستصدار وتنفيذ التَّشريعات واللوائح اللازمة لتحقيق هذا الهدف 3. القوالب الأدبيَّة: 1. إنشاء لجنة مُتَخَصِّصَة لدراسة واقع الرِّوايَّة والأدب عامَّةً في مصر، وتوجيه مسارات الإبداع الأدبي لخدمة قضايا المجتمع. 2. العناية بتنظيم المسابقات لاكتشاف المواهب الجديدة، والتَّنسيق بين الوزارات المعنيَّة في هذا الإطار، حتي في داخل المحافظات والوحدات المحليَّة الأصغر، ودعم تشكيل روابط الموهوبين و رعايتهم عبر المؤسسات الثقافية للدولة. 3. إعداد ميثاق للشَّرفِ الإبداعي طبقًا لقيم المجتمع وأخلاقياته وآدابه تعده لجنة من كبار المتصلين بالمسائل الأدبية، ويتمُّ طَرْحُه علي السَّاحة الأدبيَّة لإقراره بدون تَدخُّل بأي صورةٍ من الصُّور من جانب الدَّولة ومؤسساتها؛ ليكون بمثابة دستور غير مكتوب للإبداع الأدبي في مصر يلتزم به ضمير الأديب الإبداعي، وأجهزة الرقابة علي الإبداع الأدبي.

4. السِّينما والإنتاج الدرامي: 1. تشجيع صناعة السينما علي المستويَيْن المعنوي والمادي من خلال دعم وتوجيه عمليَّة الإنتاج، وإقرار مجموعة من الإجراءات لدعم عمليَّة الإنتاج مثل الإعفاءات الجمركيَّة علي الأدوات اللازمة لدعم صناعة سينما مصريَّة مُتقدمة، وتقديم التسهيلات الإجرائيَّة لرجال الأعمال والمستثمرين لتطوير هذه الصناعة. 2. توسيع نطاق عمليَّة الإنتاج المشترك في المجال الدِّرامي التِّليفزيوني والسِّينمائي، وخاصة مع البلدان العربيَّة والإسلاميَّة. 3. دعم صناعة الفيلم الديني والوطني والوثائقي والتاريخي الذي يتناول هموم وتاريخ مصر وقضاياها. 4. حمايَّة تراث السينما المصريَّة القديم من استلاب الآخرين، مع تبنِّي كافة الإجراءات المطلوبة لحمايَّة حقوق الملكيَّة الفكريَّة للفيلم المصري. 5. الارتقاء بمستوي المسلسل التِّليفزيوني والفيلم السِّينمائي والتَّليفزيوني المصري؛ ليُمارس دَوْرِه في نشرِ القِيَمِ الرَّفيعة، والامتناع عن الأعمال الهابطة والمثيرة للغرائز والدافعة لارتكاب الجرائم، وتحسين الذَّوْقِ العام؛ عبر انتقاء النصوص والشخصيَّات ضمن إستراتيجية أكبر لصناعة الرمز في مختلف مجالات السينما والرياضة والمسرح والأدب والصحافة والإعلام.. إلخ، وإعداد وتنفيذ خطة لتسويق الفيلم المحلي في الخارج.

5. المسرح والفنون الشعبيَّة: تنفيذ خُطَّة متكاملة لتطوير النشاط المسرحي في البلاد عن طريق مجموعة من الإجراءات التَّالية: 1. الارتقاء بالنَّصوص المسرحيَّة؛ لتكون عاملاً من عوامل التَّنمية البشريَّة والمجتمعيَّة، وغرس القيم والأخلاق والمعاني الفاضلة. 2. تطوير المناهج والعمليَّة التَّعليميَّة بوجهٍ عام في الكُليات والمعاهد العُليا المتصلة بفنون المسرح سواءً علي مستوي الإبداع الأدبي أو الفن المسرحي ذاته. 3. البحث عن المواهب الجديدة في مختلف مجالات الفن المسرحي. 4. التَّوسُّع في تشييد دور المسرح المجهزة ضمن خطة أكثر شمولاً لتطوير البنيَّة الأساسيَّة للفن المسرحي في مصر تتضمَّن مجموعة من الإجراءات من بينها حصر المسارح المُغْلَقة في مصر ودراسة أسباب إغلاقها وترميمها وإعادة افتتاحها. 5. تدعيم النَّشاط المسرحي بأنواعه لقصور الثقافة في الأقاليم؛ سواءً علي مستوي الفرق أو المُنشآت. 6. تبنِّي مجموعة من الإجراءات لتشجيع الجمهور علي الإقبال علي مسارح الدَّولة مثل تخفيض أسعار تذاكرها. 7. زيادة الاهتمام بالمسرح الجامعي والمدرسي، والتَّنسيق مع وزارتي التَّعليم والتَّعليم العالي لاكتشاف المواهب الجديدة في مختلف المستويات: الكتابة والتَّمثيل والإخراج.. إلخ. 8. زيادة الاهتمام بفرق الفنون الشعبية الموجودة سواءً علي مستوي الدعم المادي أو التأهيل الفني، ودعم مشاركاتها في المهرجانات الخارجيَّة، مع إعادة إنتاج إبداعاتها وشكلها لتعكس الثقافات والقيم المحليَّة لمجتمعاتها المُتمايزة عن غيرها من الثقافات المحيطة بها. 9. تأسيس حركة نقدية واعية, مرتكزة علي أسس علمية تستوعب مدارس المسرح المختلفة, تبصر الفنان والمتلقي بعوامل نجاح العمل و تقويمه. 6. الموسيقي والغناء: الموسيقي و الغناء أدوات تعبير و شحذ الهمم ، كما هي أدوات إمتاع و ترويح للنفوس ، و هما من الفنون التي لحقها إسفاف و هبوط فارتبطت ـ في أذهان الكثيرين ـ بتجاوز الأخلاق و إثارة الشهوات... والنهضة الشاملة للوطن ، تحتاج إلى كل السواعد المعطاة ، كل بحسب طاقته و بما يملك من صنعه أو موهبة ، و من هنا كان احتياج الوطن للكلمة الجميلة المعبرة ، و للعمل الفني المحفز ، الذي يبني و لا يهدم, يعبر و لا يدمر... و في سبيل ذلك يجب العمل علي :ــ 1. توجيه الأغنيَّة المصريَّة إلى أفق أكثر أخلاقيَّة وإبداعًا واتساقًا مع قيم المجتمع وهويته، ودعم شركات الإنتاج التي تلتزم بهذا التوجيه، مع المزيد من الاهتمام بالمواهب واكتشافها عن طريق المسابقات وتطوير المعاهد المُتَخَصِّصة في هذا المجال، إضافة إلى دعم الأغنيَّة الوطنيَّة والدِّينيَّة وإعادة الزَّخم السَّابقِ لها. 2. إعطاء اهتمام بالأغاني التي تميز الشعب المصري عن غيره من الشعب مثل الأغنية الفولكلورية والدينية ــ بأشكالها المختلفة. 3. تبني سياسة جديدة تكسر احتكار شركات الإنتاج المسيطرة علي سوق الغناء و تعطي للشركات الصغيرة الجادة نصيبا من السوق يظهر إبداعها ، و يحمي المواهب من الخضوع ــ غير الأخلاقي ــ لشروط الشركات المحتكرة. 4. تشجيع قيام حركة نقدية متخصصة تبرز التميز و تقوم المسار و تظهر المواهب و تبقي الساحة من الفن المسف و الهابط. 5. العمارة والآثار :الآثار المصريَّة هي نموذج لعمارة القدماء سواء الحضارة الفرعونية أو القبطية أو العربية الإسلامية، والتي وصلت إلى درجة من النبوغ لدرجة بقائها طيلة هذه القرون الطويلة مع ما تُمَثِّلُه من مخزونٍ حضاري وثقافي، وكمُعَبِّرٍ مُهمٍّ عن هويَّة المجتمع المصري ومخزن ذاكرته، وفي ظل كونها من أهم مقاييس الأمم الحضاريَّة الراقية، يهتم الحزب بملف الآثار المصريَّة، والسعي للحفاظ عليها وفق خطة واسعة علي المستوي الأفقي وممتدة زمنيًّا لحمايَّة الآثار المصريَّة من المخاطر التي تهددها، علي أن تشكيل لجنة تضم ممثلين عن مختلف الوزارات المعنيَّة بهذا الملف وغرفة عمليات لمتابعة تنفيذ هذه الخُطَّة، واعتماد التَّشريعات والتَّمويلات اللازمة لها، وتعتمد هذه الخطَّة علي الآتي: مواجهة التَّعديات القائمة علي المناطق الأثريَّة بما في ذلك تعديات المحليات، وتعويض الأسر التي سوف تتضرَّر من إزالة التَّعديات أو من نقل المناطق السَّكنيَّة الموجودة داخل المناطق الأثريَّة، والتَّنسيق مع المحليات لأجل تنميَّة المناطق السكنيَّة المحيطة بالآثار لكي تتوافق معها علي المستوي العمراني، وكذلك جعلها مناطق جذب سياحي. تبنِّي سياسة أكثر فاعليَّة لحراسة الآثار، وتأمينها من الحريق والعوامل الطبيعيَّة مثل الزلازل عبر توفير مُتطلَّبات السلامة الصناعيَّة فيها وفق مختلف معايير الأمان العالميَّة المعتمدة. تطوير الكوادر البشريَّة المُدَرَّبَة علي التعامل مع الآثار سواءً في مجال التسويق السياحي لها أو تنميتها والحفاظ عليها من التلف والضياع، مع توجيه اهتمامٍ خاص للمعاهد والكليات المُتَخَصِّصَة في هذه المجالات. إعادة النظر في شكل وتنظيم المجلس الأعلى للآثار مع دعم دور أكثر مرونة وفاعليَّة له. تنشيط حركة الكشوف الأثريَّة والأبحاث التَّاريخيَّة. إعداد خطة تثقيفيَّة وإعلاميَّة يتم تعميمها علي مختلف أركان القطر المصري. استعادة قطع الآثار المصريَّة التي تمَّ تهريبها من مصر سيتم دعم جهود أجهزة الأمن المُختلفة وكذلك أجهزة وزارة الثَّقافة والمجلس الأعلى للآثار، مع دعم الحزمة التَّشريعيَّة الخاصة بهذا الملف. تطوير مناهج كليات الهندسة و الفنون الجميلة للتأكيد علي ثقافة الابتكار و غرس قيم الجمال لضمان تخريج مؤهلات للعمل المعماري. العمل علي إعادة العمارة في المُدُنِ والقرى المصريَّة إلى طابعها الأصيل الذي يعكس هوية مصر وهو ما يفترض الأخذ بالمبادئ التالية: o إعادة تخطيط المدينة والقرية في مصر بالشكل المعماري الذي يحفظ لها قيمتها الحضارية ويقضي علي الكثير من العشوائيَّات التي طغت عليها نتيجة فوضي البناء في العقود الأخيرة. o إشراك القطاعَيْن الحكومي والأهلي في عمليات تجميل المدن المصرية الكبرى. o دعم المحليات بالخبرات والكفاءات البشريَّة والأُطُرِ العلميَّة التي تمكن هذا القطاع الحيوي من تحسين الوجه العمراني لمصر، وأنْ تخدم تراخيص البناء هذا الهدف، وتتوافق مع التصميمات الخاصة بالمباني الجديدة، ومدي ارتباطها بالمكان وتوائمها مع البيئة العمرانيَّة المحيطة بها ومكوناتها. o مراعاة الابتكار والعناصر الجمالية عند تخطيط وبناء المُدُنِ الجديدة. 6. السِّياحة الثَّقافيَّة : 1- تشجيع النَّدوات والمؤتمرات والمعارض. 2- إعادة العمل بنظام القوافل الجماهيريَّة لخدمة العمل الثقافي في مناطق الهامشيَّة الحضريَّة، وكذلك في المناطق النائية، وربط الأطراف بالمركز. 3- تشجيع السِّياحة العلميَّة والدِّينيَّة وسياحة المؤتمرات. 4- دعم المشروعات الثَّقافيَّة والسِّياحيَّة ذات الصِّلة بهذا القطاع التي تدعم الهويَّة المصرية وتبرزها بكافة أركانها مثل مشروع القاهرة الفاطميَّة، مسار رحلة العائلة المقدسة، مسار رحلة آل البيت الكرام إلى مصر، مع تدعيم التَّعاوُن بين قطاعات الآثار والسياحة والثقافة في هذا المجال، مع تبني قضايا مصرية تعبر عن وجه مصر الحضاري و لها ارتباط بمزارات السياح لها مثل ( قضية الألغام لسياح آثار الحرب العالمية ) و ( قضية التسامح الديني لسياح المزارات الدينية العديدة ) و ( قضية حوار الحضارات لسياح الآثار التاريخية في عصورها المتعددة ). 5- تطوير المناهج التعليمية في الكليات والمعاهد المعنية بما يحقق شعور الطلاب بمعرفة حقيقيَّة ببلدهم وبعلمهم بمسئولية النهوض بالسياحي.









الفصل الثاني البرنــامـج الإعـــــلامـــي للإعلام بكافة وسائله من صحافةٍ وإذاعةٍ وتليفزيون دورٌ بالغ الأهميَّة في تدعيم قيم المجتمع، وترسيخ هويته، مع دعم الاتجاه الإصلاحي داخل المجتمع، مثل فكرة المُشاركة الديمقراطيَّة وحقوق الإنسان، ودعم مفاهيم الانتماء، وإحياء روح الوطنيَّة والتَّسامُح، ورفض التَّعصُّب والتَّخَلُّف، مع دعم حقوق المرأة، والتعامل مع مختلف قضايا المجتمع دونما أي حساسيات. لذا يؤيد الحزب مطالب القوي السِّياسيَّة الوطنيَّة التي ترمي إلى أهميَّة رفع يد الدولة عن احتكار أجهزة الإعلام الجماهيري، وذلك عبر السماح بحريَّة تأسيس إنشاء محطات الإذاعة والتلفزيون الخاصة شريطة أن تتوافق في رسالتها العامَّة مع قيم ومبادئ المجتمع المصري، ولابد من إصلاح لغة الخطاب الإعلامي العام، والالتزام باللغة العربية الفصحي مع التيسير والتبسيط، وأنْ يعتمد علي الشفافيَّة والمصداقيَّة وحريَّة التَّخاطب وحياديَّة وواقعيَّة الطَّرح وبخاصة في البرامج الحواريَّة والمواد الإخباريَّة. كما أنَّه من اللازم تدعيم دور رموز الفكر داخل المجتمع المصري والعربي والإسلامي للظُّهور علي النَّاس لإخصاب الحياة الثَّقافيَّة والفكريَّة العامَّة داخل المجتمع، وتنوير الرأي العام المصري بمختلف القضايا وتعريفه بمختلف الآراء المطروحة حول القضايا التي تهمه. توجد حالة من القصور الكبير في أداء الكادر البشري العامل- مذيعون ومعدُّون وأطقم فنيَّة ومخرجين وغير ذلك- وفي التِّقنيات في الإعلام الرسمي والمُستقل في مصر ممَّا سَمَح بتراجُع مكانة الإعلام المصري مُقارنة مع أوساط إعلاميَّة عربيَّة أخري أكثر حداثة من الإعلام المصري، وتطوير هذه الأُطر في العمل كفيل بإحداث نقلة نوعيَّة في أداء الإعلام المصري، ويتم هذا التطوير علي النَّحو التَّالي: 1) الإذاعة والتليفزيون : 1- ترشيد الإنفاق عن طريق أدوات الرَّقابة الماليَّة والإداريَّة المختلفة، والتَّحقُّق من إدارة العمل بالكفاءة والفاعليَّة المناسبة. 2- يجب وضع سياسة متوازنة للتَّعامُل مع قضيَّة "التَّشفير" لخدمة عمليَّة تطوير الأداء الإعلامي، مع الاستمرار في تقديم خدمة إعلاميَّة ثقافيَّة وترفيهيَّة متطورة للمواطن. 3- تحديث الخُطَط البرامجيَّة وخرائط القنوات الحاليَّة [الأرضيَّة بأنواعها، والفضائيَّة] تأخُذ في اعتبارها حاجات وقيم وسلوكيَّات المواطن المصري المختلفة، وتعميق طابع الخصوصيَّة للقنوات المحليَّة، وتطويرها بحيث تكون قادرة علي الوصول برسالتها إلى خارج الإطار المحلي لها. 4- تطوير قطاع الفضائيَّات في مختلف القضايا بحيث يكون قادرًا علي مخاطبة كافة الأقليات المصريَّة والعربيَّة والإسلاميَّة الموجودة في العالم علي غرار تجربة الإذاعات المصريَّة المُوَجَّهة والتي تحتاج بدورها إلى تطوير يساعدها علي أداء رسالتها هذه بشكلٍ أكثر كفاءة وفاعليَّة، مع إنشاء العديد من الإذاعات المُتَخَصِّصَة وتطوير الموجود منها علي المستوي التقني و البرامجي. 5- ترشيد عمليَّة الرقابة علي مختلف المواد الإعلاميَّة والدراميَّة خاصة من الناحية الماليَّة، مع التَّركيز علي ثقافة الحوار في هذه المواد، ودعم احترام الأديان السماويَّة. 2) الصحافة : الصحافة حرة ولا تخضع لأي نوع من أنواع الرقابة إلا رقابة الضَّمير المِهَني وقيم المجتمع، ومن حقِّ الصحفي الحصول علي ما يرغب من معلومات لكشف مكامن الفساد ومكافحة الاعوجاج في أي مؤسَّسة من مؤسَّساتِ المُجتمع. وبناءً علي الأسس والمبادئ التي ذكرها الدُّستور في هذا الإطار يدعم برنامج الحزب الأُسُسِ التَّاليَّة للعملِ الصَّحفي في مصر: 1- التأكيد علي حُريَّة الصَّحافة وحريَّة إصدار الصُّحف والمَجَلات ومُختلف المطبوعات الورقيَّة بدون أي عائق قانوني أو إداري مادامت المطبوعة ملتزمة بالدستور والقانون وتُراعي الأخلاق العامَّة في عملها 2- إصلاح هياكل المُؤَسَّسات الصَّحفيَّة الحكوميَّة المسماة بالقوميَّة، وضرورة النظر في أصلِ وجودها ومبرراته، مع عدم وجود نظيرٍ لها في البلدان الديمقراطيَّة التي اختفت فيها من الأصل وزارات الإعلام، ومواجهة الفساد في هذه المؤسسات، وتحسين مستوي الصحفيين المبتدئين فيها، وفتح المجال فيها أمام الكفاءات والمواهب الشَّابَّة للتدريب والعمل، مع الاهتمام بعمليَّة تنميَّة الكادر الصحفي الموجود علي كل المُستويات المهنيَّة والفكريَّة والماديَّة. 3- إعادة النَّظر في هيكليَّة وأسلوب عمل المجلس الأعلي للصحافة، والعمل علي تحويله إلى نظام الانتخاب، علي أن ينتخب الصحفيون أنفسهم أعضاء المجلس. 4- تغيير قانون الصحافة المعمول به حاليًا وإبداله بآخر يعتمد مبادئ حريَّة الصحافة ولا يوجد فيه أيَّة قيود أمنيَّة أو إداريَّة علي العمل الصحفي، مع حظر حبس الصحفيين في قضايا النشر، وإتاحة المجال أمام الصَّحفيِّين بمُوجِب الدُّستور للحُصول علي المعلومات والتسهيلات اللازمة لهم لكي يؤدوا مهمتهم "في خدمة الشعب"، علي أن يُشارك الصحفيون علي المستوي الفردي أو من خلال نقابة الصحفيين وجمعيَّتها العموميَّة في وضع هذا القانون. 5- تدعيم حركة نشر الصَّحافة الرَّصينة، التي تعكس قضايا الوطن والمواطن وتعتمد حُرِّيَّة القلم في عملها، وفي تبنِّي وعرض مختلف الآراء والقضايا التي تمس صميم المصالح القَوْمِية للمجتمع المصري. 6- تحسين مستوي ظروف العمل الماديَّة والمهنيَّة أمام الصَّحفيين، ووضع نظام مُتكامل للضَّمانِ الاجتماعي؛ لمساعدتهم علي أداء وظائفهم التي بينها الدُّستور دون الإخلال بواجبات الصحفي تحت وطأة الحاجة الماديَّة. 7- تجديد ميثاق الشَّرف الصَّحفي بما يضمن التزامًا حقيقيًّا من الصُّحفِ المصريَّة بالضَّوابط الأخلاقيَّة، ورفض التَّمويل الأجنبي للصُّحف المصريَّة. 3) شبكة المعلومات الدولية : تعتبر شبكة المعلومات الدَّوليَّة (الإنترنت) ظاهرة العصر فيما يتعلَّق بثورة العلوم والتُّكنولوجيا وتطبيقاتها في المجالات المعرفيَّة والاتصاليَّة، ولا يُمكن الحديث عن تطوير الحالة الإعلاميَّة في مصر ضمن هذا البرنامج دون التَّعرُّض لموضوع الإنترنت وكيفيَّة العمل علي تطويرها علي مختلف المستويات في إطار عمليَّة مُتكاملة للتَّنمية التِّكنولوجيَّة وتطوير مجتمع المعرفة في مصر. ويعتمد البرنامج في هذا المجال علي الآتي: 1. تدعيم شبكات نقل البيانات من حيث التِّقنيات والسُّرعة وغير ذلك من الأمور الفنيَّة علي مُختلف أنحاء الجمهوريَّة ضمن منظومة مُتكاملة من شبكة الاتصالات السِّلكيَّة واللاسلكيَّة المُتَطَوِّرَة أخذًا بمفرداتِ العصر. 2. العمل علي تزويد كافة الكليَّات والمعاهد ودور العلم في مراحل التَّعليم المختلفة؛ الأساسي والمتوسط والجامعي.. إلخ، وكذلك المكتبات العامَّة بخدماتِ الإنترنت عالية الجودة والسُّرعة. 3. تطوير شبكة المعلومات الدَّاخليَّة في المصالح الحكوميَّة ( الإنترانت ) لتسهيل أداء الخدمات العامة وتيسير مصالح الجماهير، وكجزء أساسي من سياسة القضاء علي البيروقراطيَّة والتَّعقيد الإداري، مما يساهم أيضًا في جانبٍ منه في مكافحة الفساد الإداري، كتطوير لمشروع "الحكومة الإليكترونيَّة". 4. تطوير المُؤَسَّسات التَّعليميَّة في المراحل المُتوسطة والجامعيَّة وفي الدِّراسات العليا في مجال دراسات علوم الحاسب الآلي وتكنولوجيا المعلومات، وتزويدها بالمناهج المتطورة والمعامل ومختلف لوازم البحوث العمليَّة والتَّطبيقيَّة، مع تطوير آليات البحث العلمي في مصر في هذه المجالات لكي تنتقل البلاد من مرحلة التلقين المعلوماتي والتقني إلى مرحلة صناعة المعلومات والتِّقَنِية. 5. اعتماد "ميثاق شرف" لاستخدام شبكة المعلومات الدَّوليَّة يعتمد علي ثقافة التحصين الذاتي لا المنع الرقابي الخارجي؛ للمُساعدة علي حماية الأخلاقيَّات العامَّة والقِيَمِ في المجتمع المصري مع الاستفادة في ذات الوقت من فوائد الشَّبكة العنكبوتيَّة. 6. خلق شبكة مُتكاملة من المواقع تدعم الثَّقافة البنَّاءة والقِيَمِ المُجتمعيَّة والدِّينيَّة المصريَّة والعربيَّة- الإسلاميَّة ضمن سياسة شاملة تتكامل مع نظيراتها في العالم العربي والإسلامي لمواجهة موجات الغزو الفكري وحالة الفوضى والسِّيولة الفكريَّة الموجودة في العالم في الوقت الراهن. 7. تأسيس مجلس أعلي للإعلام الإليكتروني، مُسْتقلاً عن الحكومة جزئيًّا، علي أن يكون مُكوَّنًا من الجمعيات الأهليَّة والقطاع الخاص، وممثلين عن بعض الأجهزة الحكومية لرسم وتنفيذ خطة إعلام إليكتروني تعتمد المواصفات العالميَّة علي شبكة الإنترنت، ولكن بروح إسلاميَّة وقيمٍِ وأخلاقيَّات تدعم المشروع الحضاري المصري، وتكون الصحافة الإليكترونيَّة علي رأس أجندة العمل والتَّطوير بالنسبة لهذا المجلس. 8. تطوير خدمات الإنترنت المجانيَّة؛ بحيث تزداد سرعة وتنخفض تكلفتها، وأيضًا لا تكون خدمات الإنترنت المجاني عبر شبكة الاتصالات السلكيَّة حكرًا علي شركاتٍ مُعيَّنة؛ بل تكون مُتاحة مُباشرة من رقم الهاتف المنزلي. 9. اعتماد منظومة تشريعيَّة وإدارية لمواجهة جرائم النشر الإليكتروني سواءً تلك المُتَعَلِّقة بحقوق الملكيَّة الفكريَّة أو حماية الأخلاق العامَّة أو القرصنة وضرب المواقع المُنافسة. 10. تأسيس مشروع قومي لدعم نشاط الشباب علي الشبكة العنكبوتيَّة سواءً فيما يتعلَّق بالمُدوَّنات أو الإبداع بصنوفه المختلفة؛ الأدبيَّة والفنيَّة والصحفيَّة.

                                           عبد المحسن قمحاوى  -  مصر - دقهلية
                                                      14/ 11 / 2007'