بغير شفيع نال عفو المقادر

بغير شفيع نال عفو المقادر

​بغير شفيع نال عفو المقادر​ المؤلف الشريف الرضي


بغير شفيع نال عفو المقادر
أخُو الجَدّ لا مُسْتَنْصِراً بالمَعَاذِرِ
واعجب فعلا من قعودي على العلى
سُرَايَ بِأعْقَابِ الجُدُودِ العَوَاثِرِ
أُؤمّلُ مَا أبْقَى الزّمَانُ، وَإنّمَا
سوالفه معقودة بالغوابر
فخَلِّ رِقابَ العِيسِ يَجذِبُها السُّرَى
بامال قوم محصدات المرائر
فما التذ طعم السير الا بمنية
وان الاماني نعم زاد المسافر
ودون مدارات المطي على الوحي
مشاغبة الاشجان دون الضمائر
فلَيتَ قُلُوبَ العَاشِقِينَ إذا وَنَى
بها السير كانت في صدور الاباعر
ولله قلبي ما ارق على الهوى
واصبى الى لثم الخدود النواضر
يَحِنّ إلى ما تَضْمَنُ الخُمرُ وَالحِلَى
ويصدق عما في ضمان المآزر
ولما غدونا للوداع ونقرت
صروف النوى دون الخليط المجاور
عَنِيتُ مِنَ القَلْبِ العَفِيفِ بعاذِلٍ
ومن خدع الشوق السفيه بعاذر
عشية لاعراس الوفاء بمرمل
لَدَيْنَا، وَلا أُمُّ الصّفَاءِ بِعَاقِرِ
ومن لم ينل اطماعه من حبيبه
رضي غير راض بالخيال المزاور
وَكُنْتُ أذُودُ الدّمْعَ إلاّ أقَلَّهُ
لسقيا حمى من بعد بينك داثر
وَإنّيَ لا أرْضَى، إذا مَا تَحَمّلَتْ
إلَيْهِ مَرَابيعُ السّحَابِ المَوَاطِرِ
كليني الى ليل كان نجومه
تغازل طرفي عن عيون الجآذر
أمُرّ بِدارٍ مِنْكِ مَشجُوجَةِ الثّرَى
بمجرى نسيم الآنسات الغرائر
تَمُرّ عَلَيْهَا الرّيحُ، وَهيَ كأنّهَا
تَلَفّتُ في أعْطَافِ تِلْكَ المَقَاصِرِ
ويشهق فيها بالاصايل والضحى
حيا كل عراض الشآبيب ماطر
وَيَسْتَنّ فِيهَا البَرْقُ حَتّى تَخالهُ
يَفيضُ بفَيضِ القطرِ في كلّ حاجِرِ
وَلمّا رَأيتُ اللّيلَ مُستَرِقَ الخَطَى
واطرافه تجلو وجوه التباشر
ارقت لاجفان الركائب هبة
بِألحَاظِ جَوّالِ العَزَائِمِ سَاهِرِ
رسيما به يعتل بالاعين الكرى
وينشق عن مكنونه كل ناظر
ببهماء يستغوي الحداة سرابها
عَلى ظَمَإٍ بَينَ الجَوَانِحِ ثَائِرِ
ويحبو بها الاعياس حتى كانها
تُنَصّ عَلى أخفَافِهَا بالكَرَاكِرِ
ومولى ادانيه على السخط والرضى
ويبعط عني والقنا في الحناجر
يهز عليَّ السوط والرمح دونه
وهز العوالي غير هز المخاصر
عطفت له صدر الاصم وتحته
عَوَاطِفُ أسْبَابِ الحُقودِ النّوَافِرِ
فخر وفيه للطعان مناظر
يطالعها طير الفلا بالمناسر
فَما ظَفِرَتْ من نَفسِهِ أُمِّ قَشْعَمٍ
بما ظفرت من جسمه ام عامر
وَرَكْبٍ تَفادَى النّوْمُ أنْ يَستَخِفّه
اذا ما الكرى القى يداً في المحاجر
وردت به بحبوحة الورد فانثنى
يُقَلِّصُ صَافي مَائِهِ في المَشَافِرِ
وغادر احشاء الغدير ضوامراً
من الماء في ظميء النواحي الضوامر
ورود خفيف الورد اول وارد
طروقاً الى ماء واول صادر
اذا هز اطراف الخليج رمت به الــ
ـمَوَارِدُ خِفّاً في وَجُوهِ المَصَادِرِ
وَكَانَ إذا مَا عَاقَهُ بُعْدُ مَطْلَبٍ
يُضَعْضِعُ أعضَادَ المَطِيّ الزّوَافِرِ
تَمَرّسَ بِالأيّامِ حَتّى ألِفْنَهُ
وكر على احداثها والدوائر
واخطأ سهم القطر مقتل محله
فزم قسي العاديات الهوامر
فتى حين اكدت ارضه هجمت به
على لابنٍ من آل عدنان تامر
عَلى مَاجِدٍ لا يَسرَحُ اللَؤمُ عِندَهُ
وَلا تُدّرَى أفْعَالُهُ بِالمَنَاكِرِ
اذا راوح الرعيان ليلاً سوامه
فَقَدْ لَفّهَا جِنْحُ الظّلامِ بِعَاقِرِ
تَفَرّعْتُ حَتّى عَوّدَتْني رِمَاحُهُ
فعَوّدتُ مِنْ سُوءِ الظّنونِ سَرائِرِي
تشابه ايامي به فكأنما
أوَائِلُهَا مَمْزُوجَةٌ بِالأوَاخِرِ
هُوَ الوَاهِبُ الألفِ الّتي لَوْ تَسومُها
قبيلاً، فَدَاهَا بِالجَدِيلِ وَداعِرِ
يَطُولُ إذا مَدّ الرُّدَيْنيَّ بَاعُهُ
و عانق اعناق الرجال المساعر
فيفري طريقاً للسبار كانما
لهَا ذِمّةٌ في الطّعنِ، رِسْلُ المَسَابِرِ
تَعَلّقَ في ثِنْيِ العَرِينِ بِعَزْمَةٍ
تذلل امطاء الليوث الخوادر
فَطَرّدَهَا حَتّى استَبَاحَ شُبُولَها
وما ضعضعته اسدها بالزماجر
يخف اليه الجيش حتى كأنه
يمد باعناق النعام النوافر
جَزَى اللَّهُ عَنْهُ الخَيلَ ما تَستَحقّهُ
اذا رقصت بالدراعين المغاور
وَخَبّتْ عَلى بَيْداءَ تَشْرَقُ مَاءَهَا
عنِ الرّكبِ في طَيّ العُيونِ الغَوَائِرِ
تَمُرّ عَلى المَعْزَاءِ خَفّاقَةَ الحَصَى
و تحثو بوجه الشمس ترب القراقر
وَتَستَرْعِفُ الآفَاقُ لَمْعَ صَفائِها
بمُغبَرّةٍ تَمْحُو سُطُورَ الهَوَاجِرِ
حمى بيضة الاسلام بالحق فاحتمت
وَقَرّتْ بأعشاشِ الرّمَاحِ الشّوَاجِرِ
وَمِنْ قَبلُ ما كانَتْ تَقَلقَلُ خِيفَةً
و ترقب في الايام وهصة كاسر
إذا عَبّقَتْ أخْلاقُهُ أرَجَ العُلَى
تضوع في الحيين كعب وعامر
و لما انجلت من جوزة الشرك فرصة
تَقَنّصَها وَالدّينُ دامي الأظَافِرِ
تَدارَكَها وَالرّمْحُ يَرْكَبُ رَأسَهُ
فيرعف من قطر الدماء القواطر
بطعن كولغ الذئب ان زعزع القنا
سَقَاهَا شَآبِيبَ الدّمَاءِ المَوَائرِ
افاض على عدنان فضل وقاره
وَقَدْ مَسّهَا طَيشُ السّهامِ الغَوَائِرِ
فَبَوّأ أوْفاهُمْ يَداً قُلّةَ العُلَى
وَمَدّ بِأضْبَاعِ الرّجَالِ البَحَاتِرِ
اذا جنبوه للرهان اتوا به
جواداً يفدى شاؤه باليعافر
يغطي على اوضاحها بغباره
و يخرج سهلا من جنوب الاواعر
اذا ذكروه للخلافة لم تزل
تَطَلّعُ مِنْ شَوْقٍ رِقَابُ المَنَابِرِ
لعل زمانا يرتفي درجاتها
باروع من آل النبي عراعر
وَمَنْ لي بِيَوْمٍ أبْطَحيٍّ سُرُورُهُ
يُجَوِّلُ مَا بَينَ الصّفَا وَالمَشَاعِرِ
فها ان طوق الملك في عنق ماجد
وَإنّ حُسامَ الحَقّ في كَفّ شَاهِرِ
وَيَا رُبّ قَوْمٍ مَا استَعاضُوا لِذِلّةٍ
شَهِيقَ العَوَالي مِنْ حَنِينِ المَزَامِرِ
كُؤوسُهُمُ أسْيَافُهُمْ وَخِضَابُهَا
إذا جَرّدُوهَا مِنْ دِمَاءِ المَعَاصِرِ
رَضَوْا بخَيالِ المَجدِ وَالشّخصُ عندَه
وَما قيمَةُ الأعرَاضِ عِندَ الجَوَاهِرِ
هُمُ تَبِعُوهُ مُقْصِرِينَ، وَرُبّمَا
تَوَسّدَتِ الأظْلافُ وَقْعَ الحَوَافِرِ
إذا عَدّدُوا المَجدَالتّلِيدَ تَنَحّلُوا
عُلًى تَتَبَرّى مِنْ عُقُودِ الخَناصِرِ
حَرِيّونَ إلاّ أنْ تُهَزّ رِمَاحُهُمْ
ضنينون الا بالعلى والمفاخر
هُمُ انتَحَلُوا إرْثَ النّبيّ مُحَمّدٍ
ودبوا الى اولاده بالفواقر
وما زالت الشحناء بين ضلوعهم
تربي الاماني في حجور الاعاصر
إلى أنْ ثَنَوْهَا دَعْوَةً أُمَوِيّةً
زوتها عن الاظهار ايدي المقادر
وَلَوْ أنّ مِنْ آلِ النّبيّ مُقِيمَهَا
لَعَاجُوا عَلَيْهِ بالعُهُودِ الغَوَادِرِ
فما هرقوا في جمعها ريّ عامل
ولا قطعوا في عقدها شبع طائر
وَقَدْ مَلأُوا مِنْهَا الأكُفّ، وَأهلَها
فما ملئوا منها لحاظ النواظر
فَرَاشُوا لَهُمْ نَبلَ العَداوَةِ بَعدَمَا
بروها وكانت قبل غير طوائر
شَهِدْتُ لَقَدْ أدّى الخِلافَةَ سَيفُهُ
إلى جَانِبٍ مِنْ عَقْوَةِ الدّينِ عامِرِ
يفرّق ما بين الكؤوس وشربها
وَيَجْمَعُ مَا بَينَ الطُّلَى وَالبَوَاتِرِ
فيرفع صدر السيف ان حط كاسه
ويمري دماء الهام ان لم يعاقر
وَيَنهَضُ مُشتَاقاً إلى مَصرَخِ القَنَا
فيَسحَبُ بُرْدَيْ فاسقِ السّيفِ مُع
َظَّمُ حَيٍّ مَا رَمَتْهُ هَجِيرَةٌ
فقعقع في اعراضها بالهواجر
ولما طغت غيلان في عشق غيها
رماها من الكيد الوحي بساحر
رماهم من الرمح الطويل بحالب
ومن شفرة العضب الحسام بجازر
واضرم ناراً فاسترابوا بضؤها
وَمَا هيَ إلاّ للضّيُوفِ السّوَائِرِ
فلما تراخت في الضلال ظنونهم
تراخى فطارت ناره في العشائر
ولما اروه نفرة العار خافها
وَلَوْ نَفَرَتْ أرْمَاحُهُمْ لَمْ تُحاذِرِ
فارسلها شعواء تقدح نارها
عَلى جَنَبَاتِ الأمْعَزِ المُتَزَاوِرِ
شماطيط يجرون الحديد كانها
مَشَيْنَ عَلى مَوْجٍ من اليَمّ زَاخِرِ
عَلَيها مِنَ البِيضِ العَوَارِضِ فِتيَةٌ
خضاب قناها من دماء المناحر
مَفَارِقُ لا يَعْلُو عَلَيها مُطَاوِلٌ
غَداةَ وَغًى، إلاّ قِبَابُ المَغَافِرِ
فَجَاؤوكَ وَالخَيلُ العِتَاقُ طَلائِحٌ
تَضَاءلُ مِنْ عِبْءِ الرّماحِ العَوَاثِرِ
وَمَا حَرّكُوهَا للطّعَانِ، كأنّما
زجاج قناها علقت بالاشاعر
وجارت سهام الموت فيها وانما
دَلِيلُ المَنَايَا في السّهَامِ الجَوَائِرِ
وطأتهم بالاحقيات وطئة
تذلل خد الجانب المتصاغر
فازعجت داراً منهم مطمئنة
واخليتها من كل عاف وسامر
شَنَنْتَ بِهَا الغَارَاتِ حَتّى تُرَابُهَا
يثور على العادات من غير حافر
وَكُلُّ فَتَاةٍ مِنْ نِزَارٍ تَرَكْتَهَا
تَرِيعُ إلى ظِلّ الرّبُوعِ الدّوَائِرِ
تُحَشّشُ في أذْيَالِهَا مُسْتَكِينَةً
وَتَحْطِبُ ذُلاًّ في حِبَالِ الغَدَائِرِ
وَكُلُّ غُلامٍ مِنْهُمُ شَامَ سَيْفَهُ
رَأى فِيهِ وَجْهَ الحَقّ طَلْقَ المَناظِرِ
ولما امتطى ظهراً من الغي كاسياً
تَنَدّمَ أنْ أعْرَى ظُهُورَ البَصَائِرِ
جفته العلى فانسل من عقداتها
وما علقت اعطافه بالمآثر
وَلَوْ لَمْ تُمَسَّحْ بِالأمَانِ رُؤوسُهُم
بما انست هاماتهم بالغفائر
تَفَرّتْ قُلُوبُ القَوْمِ حَتّى تهَتّكتْ
بما استترت فيه بنات السرائر
أبَا أحْمَدٍ ثِقْ بِالمَعَالي، فإنّهَا
اذا لم ترع بالبخل غير غوادر
فما مالك المدخور الا لطالب
ولا ربعك المعمور الا لزائر
وَلا تَطْلُبَا ثَارَ الرّمَاحِ، وَإنّمَا
دماء المعالي في رقاب الجرائر
جَلَوْتَ القَذى عَن مُقلَتيَّ فباشَرَتْ
صَنِيعَكَ أجْفَاني بِألحَاظِ شَاكِرِ
فان هز يوماً فرع ملكك حاسد
فان المعالي محكمات الاواصر
هُوَ العُودُ سَهْلٌ للسّمَاحِ جَنَاتُهُ
ولكن على الاعداء وعر المكاسر
اذم على الايام من كل حادث
وحاط جناب الدين من كل ذاعر
وَضَمّ شِفَاهَ الوَحشِ حَتّى ظَنَنْتُهُ
سَيَصْدَى صِقَالاً في نيوبِ القَساوِرِ
وما زال يسمو بالمعالي كانها
تَجُرُّ إلَيْهِ بِالنّجُومِ الزّوَاهِرِ
لَهُ سَابِقاتُ القَبْلِ في كُلّ أوّلٍ
مضَى، وَبَقَاءُ البُعدِ في كلّ آخِرِ
ترفع في العلياء عن وصف مادح
ورفعت عن مدح الملوك خواطري
فما هو لولا ما اقول بسامع
وَلا أنَا لَوْلا مَا يَمُنّ بِشَاعِرِ