بلد في مجاهل الأبعاد
بَلَدٌ في مَجاهِلِ الأَبعادِ
عَشِقَ المَجدَ مُنذُ سُحرَةِ عُمرِه
فَغَزا سِرَّهُ بِأَسرارِ شِعرِه
شاعِرٌ يَسحَرُ الدُمى بِأَغاني
هِ فَتَجري فيها الحَياةُ بِسِحرِه
لَو أَصاخَ الماضي البَعيدُ إِلَيهِ
لَتَمَنّى لَو كانَ أُذناً لِعَصرِه
وَلَو أَنَّ الزُهورَ شَمَّت شَذاهُ
لَتَمَنَّت لَو خَبَّأَت بَعضَ عِطرِه
وَلَو أَنَّ جاراهُ في الري
حِ لَضَلَّ الخَيالُ عَن مُستَقَرَّه
وَلَو أَنَّ النسورَ خُبِّرنَ عَنهُ
لَتَمَنَّينَ لَو دَرَجنَ بِوَكرِه
طارَ في عالَمِ النُجومِ يُدِبُّ الر
روحَ في عالَمِ النُجومِ بِأَسرِهِ
يا لَهُ في العُلى جَناحاً كَأَنَّ
الطَيرَ غارَت مِنهُ فَهَمَّت بِكَسرِه
في الخُلودِ
عَلى ذُراك
طِر وَدَعني أَحَلّ
أَخشابَ نَعشِك
لَيسَ لِلشاعِرِ المُسجّى عَلى الأَح
لامِ نَعشٌ مِنَ الجُذوعِ حِجابَه
إِنَّ نَعشاً تَغَلغَلَ الخُلدُ فيهِ
عالَمٌ ضاقَ بِالشُموسِ رحابُه
أَلساميرُ فيهِ مِن مَنجَمِ النور
رِ وَمِن جَنَّةِ الرُؤى أَخشابُه
عالَمٌ أُفقُهُ الخَيالُ الإِلهِ
يُّ وَنورُ المُخَيّلاتِ سَحابُه
الشُعورُ النَقِيُّ كَوثَرُهُ المُن
سابُ وَالنَدُّ وَالبَخورُ تُرابُه
عالَمٌ قوتُهُ ثِمارٌ مِنَ الحُ
بِّ وَخَمرٌ مِنَ السَلامِ شَرابُه
نَسَماتُ الغُفرانِ هَبَّت عَلَيهِ
فَتَلاشَت أَتعابُهُ وَعَذابُه
عالَمُ الخُلدِ لَيسَ يُفتَحُ إِلّا
لِمُلوكِ الخَيالِ وَالحُبِّ بابُه
فُتِحَ النَعشُ لي فَأَبصَرتُ قَصرَ ال
روحِ قامَت عَلى قُلوبٍ عِمادُه
وَرَأَيتُ الفَجرَ المُذهَّبَ بِالنور
رِ أَحاطَت بِعَرشِهِ أَجنادُه
وَتَراءى ليَ الأَثيرُ بِلَونِ ال
عاجِ يَقتاتُ بِالشُعورِ جَمادُه
وَنُجومٌ تَموجُ فيها حَياةٌ
كُلُّ نَجمٍ مِنها يَسيلُ فُؤادُه
وَالأَعاصيرُ وَالصَواعِقُ في زِيِّ
حَمامٍ واللَيلُ ذابَ سَوادُه
وَرَأَيتُ الخَيالَ في ثَوبِ مَلكٍ
تَتَنَزّى مِنَ الرُؤى قُوّادُه
وَرَأَيتُ الفِكرَ الصَريحَ إِلهاً
لا يُرى غُلّهُ وَلا جَلّادُه
كانَ عيدٌ ذلِكَ النَعشِ لَو
أَصغى إِلَيهِ الوَرى لَزالَ حِدادُه
في يَدَيهِ رَبابَةٌ وَعَلى جَف
نَيهِ كُحلٌ تَحارُ في أَلوانِه
إِنَّ كُحلاً تَراهُ مُقلَةِ الشا
عِرِ تَحنيطُ حُبِّهِ وَحَنايِه
هُوَ فَوزي أَتى إِلى الخُلدِ لا يَح
مِلُ إِلّا العَفافَ مِن لُبانِه
وَسِوى آلةِ الشَقا في يَدَيهِ
وَجَفافِ الدُموعِ في أَجفانِه
فَأَحاطَت بِهِ مِنَ النورِ هالا
تٌ صِباحٌ كَأَنَّها مِن بَيانِه
وَأَتَتهُ النُجومُ في زَورَقِ الحُ
بِّ لِتُصغي سَكرى إِلى أَلحانِه
وَإِذا أَبَّلونُ يَأخُذُ تاجاً
لُؤلُؤيَّ الإِطارِ مِن تيجانِه
وَبِذَوبِ اللُبانِ يَمسَحُ صُدغَي
هِ وَعِطرُ الخُلودِ مِن أَدهانِه
قالَ لِلزُهرِ أَبَّلونُ أَطِلّي
وَاِسمَعي أَيّ ضَجَّةٍ مَشؤومَه
أَيّ صَوتٍ أَتى يَذُرُّ عَلَينا
في حِمانا كِبريتَهُ وَسُمومَه
ما سَمِعنا مِن قَبلُ نَدباً كَهذا
وَرياحاً كَهذِهِ مَحمومَه
فَأَطَلَّت كَواكِبُ الخُلدِ حَيرى
ثُمَّ قالَت بِمُهجَةٍ مَكلومَه
يَزعمونَ السَماءَ قَد ظَلَمتَهُم
فَغَزَت شَعبَهُم وَأَردَت نَديمَه
ثُمَّ سادَت سَكينَةٌ عَقِبتَها
خَلَجاتٌ مِنَ الحُسونِ العَظيمَه
وَرَأَيتُ الخُلودَ يُصغي وَشاهَد
تُ عَذارهُ خُشَّعاً وَنُجومَه
تَتَلَقّى طوالَ أَروِقَهِ الأَولَمبِ
أَلفاظَ أَبَّلونَ الحَكيمَه
أَيّ شَأنٍ لِلنّاسِ بِالشاعِرِ المُل
هَمِ لا شَأنَ لِلتُّرابِ بِنَفسِه
هُوَ مِن عالَمِ الخُلودِ فَفي عَي
نَيهِ نورٌ مِنَ الخُلودِ وَقُدسِه
أَطلَقَتهُ الأَرضُ الَّتي قَيَّدَتهُ
فَاِنثَنى عائِداً لِمَسقَطِ رَأسِه
نَحنُ أَولى بِهِ فَهُم ظَلَموهُ
يَومَ دَسّوا سُمّاً بِخَمرَةِ كَاسِه
يَومَ راحوا يُكَدّرونَ نَدى الوَح
يِ عَلَيهِ وَيَشتُمونَ بِبُؤسِه
أَزعَجوهُ عَهدَ الشَقاءِ وَلَمّا
زُفَّ لِلخُلدِ أَزعَجوهُ بِعُرسِه
وَإِذا بِالخُلودِ يُغلِقُ في وَج
هي فَأَهوي إِلى الفَناءِ وَيأسِه
وَبِقَلبي مِمّا سَمِعتُ نَشيدٌ
لَم أَزَل مُصغِياً لِرِقَّةِ هَمسِه