بلغتم كمال الرشد أبناء راشد

بَلَغْتُم كمالَ الرُّشد أبناءَ راشدِ

​بَلَغْتُم كمالَ الرُّشد أبناءَ راشدِ​ المؤلف عبد الغفار الأخرس


بَلَغْتُم كمالَ الرُّشد أبناءَ راشدِ
فبورِكْتُمُ أَولاد أكرمِ والدِ
إذا ما دعيتم دَعوة المجد كلّها
أقمتم على دعواكم ألفَ شاهد
وقُمْتم إليها رتبةً تَبْتَغُونها
فما قائم يبغي العلاءَ كقاعد
على أنّها فيكم لديكم وراثةٌ
وما هي في زيد وبكر وخالد
كَنَزْتُمْ من الفِعل الجميل صنائعاً
وقد تنفدُ الدنيا وليس بنافد
وما زالت الدُّنيا بحسن صنيعكم
مقلّدة أعناقها بالقلائد
أَرَدْتُم صلاح الناس بعد فسادها
وبالصارم الهندي إصلاح فاسد
فأجَّجتُم ناراً تسعَّر جمرُها
ولكنْ بحدِّ المرهفات البوارد
تسلُّونها في الخطب في كل شدّةٍ
ألا إنّها معروفةُ بالشدائد
وما فات قصدٌ من جسور الرَّعيَّة بينهم
وقد أوسع الطغيان خرق المفاسد
وقلّمتَ أظفارَ الطغاة وسُسْتَهم
بأَبيضَ حاد الزيغ عن كل حاسد
ولولاك ظلَّت في المجرَّة أهلُها
تُناشُ بأيدي اللوى قلبُ الأوابد
أَعدْتَ لنا أيامَ فهدٍ وبندرٍ
ومن قلبها أيّام عيسى وماجد
وأضحكتَ سنَّ المجد بعد بكائه
طويلاً على أجداث تلك الأماجد
ومنْ بعدِ ما كانت أمورٌ وأقلعتْ
تَذوبُ لها إذ ذاك صمُّ الجلامد
إذا ذَكَرَتْ ثار الغرام وهيَّجَتْ
كوامَن نيرانِ القلوبِ الخوامد
وهلْ يُفْلحُ القومُ الذين تسُوسُهم
بنو الجهل في عار من الحلم فاقد
وما كلّ مَن ساس الرعيَّة ساسَها
ولا كلّ من قاد الجيوش بقائد
تولَّيتها والطعنُ بالطعن يلتقي
وأخذ المنايا واحداً بعد واحد
فما بين مقتول وما بين قاتل
وما بين مطرودٍ وما بين طارد
وقد نزغَ الشَّيطان إذ ذاك بينهم
إذ الناس فوضى لا تدين لواحد
فأَرْشَدْتَهم للخير حتّى تركتَهم
يقولون إنَّ الرُّشْدٍ فعل کبن راشد
عَفَوْتَ بها عمّا جنى ذو قرابة
رماك بسهم القطع رمي الأباعد
ورحت وما في صدرك الحقد كامن
على حاقد جهلاً عليك وواجد
وقلت لمن يطوي على المكر كشحه
دع الزيف لا تنفقه في سوق ناقد
وما ساد في قوم حقودٍ عليهم
ولا حيزت النعماءُ يوماً لحاسد
فأسهرتَ عين الخط والخط ساهر
وما أَنْتَ عن ثار العدوّ براقد
أخو الحزم من يخشى شماتة كاشحٍ
ولا زال مشحوذاً غرار الحدائد
ولا يطأ الأَرضَ الفسيحة بقعةً
إذا اتصلت فيها حبال المكائد
لك الله منصورٌ لك الله ناصرٌ
وحسبك من حزب معين مساعد
وَثَبْتَ وثوبَ اللّيث تستفرس المنى
وما كنت عنها مُنْذُ كنتَ بلابد
وساعَدَك المقدورُ فيها وربّما
سعى قبل ما تسعى لنيل المقاصد
ومن لم تساعده العناية لم يكن
له ساعد يشتدُّ عن لين ساعد
لقد صلتَ حتى كان أوّلُ قائم
لسيفك يوم الرَّوع أوّلَ ساجد
وَجدْتَ وأعْطَيْتَ المكارم حقّها
برغمٍ على أنف الحسود المعاند
فأرغمتَ آنافاً وأكبتَّ حسَّداً
فأكرمْ وصلْ واقطع وقرِّب وباعد
وما فيكم إلاّ طموح إلى العلى
جموحٌ إلى مجد طريف وتالد
عقائدنا فيكم كما تشتهونها
وكلُّ بكم منا صحيح العقائد
فلم نَرَ في إحسانكم غير شاكر
مليٍّ بما يملي لسان المحامد
عرفناكم فيمن سواكم وهكذا
يكون امتياز الشيء عند التضادد
ومن جرّب الأيام والناس غيركم
رنا نحوهم لكن بناظر زاهد
وإنَّك ممَّن يشْفَع البأس بالندى
ويقبل با لبشرى على كلّ وافد
وقد كان تأسيس الوائل فيكم
فشَيدوا على تأسيس تلك القواعد
لئِن كنتَ أفْنَيْتَ الحُطام فإنما
حظيت على بيت من الذكر خالد
وعدتُ بك الجدوى إذا زرت والغنى
ولم يخلفِ الميعادَ نوءُ العوائد
فزرتَ فحيّى الله طلعة زائر
تعود على وفّادها بالفوائد
وأقبلتَ إقبال الغمام ببارق
تولَّيْتَ إصلاح الرَّعيَّة بينهم
فما کحتَجْتُ بعد السيل شرعة وارد
ولا احتجتُ بعد الروض ندى لرائد
بَلَغْتُ بك الآمال حتى كفيتَني
ركوبَ المطايا واجتناب الفدافد
ويا ربَّ يومٍ مثل وجهك ضاحكٍ
عَرَضْنا على علياك غُرَّ القصائد
وأمّا نداك العذب ما إنْ وردته
على كبدي الحرّى فأعذب بارد
مَلَكْتُم على أمري فؤادي ومِقْوَلي
وأصبح فيكم غائبي مثل شاهدي
رَفَعْتُم مناري بعد خفضٍ ورشْتمُ
جناحي وامْلأْتُمْ فمي بالغرائد
وأطْلَقْتُموني من وثاقٍ خصاصة
فلا غروَ إنْ قيّدتُ فيكم شواردي