بنفسي على قربه النازح
بِنَفْسِي عَلى قُرْبهِ النَّازِحُ
بِنَفْسِي عَلى قُرْبهِ النَّازِحُ
وإن غالَنِي خطبُهُ الفادِحُ
تصافَحَ تربتُهُ والنَّسمُ
فنشْرُ الصَّبا عطِرٌ فائحُ
كأنَّ المُغَرِّدَ فِي مَسْمَعِي
لِفَرْطِ اكْتِئابِي لَهُ نائِحُ
أَيا نازِلاً حيثُ يَبْلى الجديدُ
ويذْوِي أخُو البهجةِ الواضِحُ
ذكرتكَ ذكرى المُحبِّ الحبيبَ
هيَّجَها الطَّلَلُ الماصِحُ
فما عزَّني كَبِدٌ تلْتظِي
وَلا خانَنِي مَدْمَعٌ سَافِحُ
مُقيمٌ بحيثُ يصمُّ السميعُ
ويعْمى عنِ النَّظَرِ الطامِعُ
يَرِقُّ عَلَيكَ العَدُوُّ المُبِينُ
وَيَرْثِي لَكَ الْحاسِدُ الكاشِحُ
كأنْ لَمْ يَطُلْ بِكَ يَوْمَ الفَخارِ
سَرِيرٌ وَلا أجْرَدٌ سابِحُ
وَلَمْ تَقْتَحِمْ غَمَراتِ الخُطُوبِ
فَيُغْرِقَها قَطْرُكَ النّاضحُ
سقاكَ كجودِكَ غادٍ علَى
ثَراكَ بِوابِلهِ رائِحُ
يدبِّجُ في ساحتَيْكَ الرِّياضَ
كَما نمَّقَ الكَلِمَ المادِحُ
أرى كُلَّ يَوْمٍ لَنا رَوْعةً
كما ذُعِرَ النَّعَمُ السارحُ
نُفاجا بجدٍّ منَ المُعضِلاتِ
كأنَّ الزَّمانَ بِهِ مازِحُ
نُعَلِّلُ أنْفُسَنا بالمُقَامِ
وَفِي طَيِّهِ السَّفَرُ النَّازِحُ
حَياةٌ غَدَتْ لاقِحاً بالحِمامِ
ولا بُدَّ أنْ تُنتجَ اللاقِحُ
وكُلُّ تمادٍ إلى غايةٍ
وإنْ جَرَّ أرْسانَهُ الجامِحُ
وما العُمْرُ إلاّ كمهوى الرِّشاءِ
إلى حيثُ أسلمَهُ الماتِحُ
لقدْ نصحَ الدهرُ منْ غرَّهُ
فحتامَ يتهمُ النّاصحُ
حمى اللهُ أروعُ يحمِي البلادَ
مِنَ الجدْبِ معروفُهُ السّائحُ
أغَرُّ يزينُ التُّقى مجدَهُ
وَيُنْجِدُهُ الحَسَبُ الوَاضِحُ
أيا ذا المَكارِمِ لا رُوِّعَتْ
بِفَقْدِكَ ما هَدْهَدَ الصّادِحُ
فَما سُدَّ بابٌ مِنَ المَكْرُماتِ
إلاّ وأنْتَ لَهُ فاتِحُ
أبى ثِقَةُ المُلْكِ إلاّ حِماكَ
حمىً والزَّمانُ بهِ طائحُ
وَما كُلُّ ظِلٍّ بِهِ يَسْتَظِلُّ
مَنْ شَفَّهُ الرَّمَضُ الّلافِحُ
طَوى البَحْرَ يَنْشَدُ بَحْرَ السَّمَاحِ
إلى العَذْبِ يُقْتَحَمُ المالِحُ
فبادرتَ تخسأُ عنهُ الخطوبَ
دِفاعاً كَما يَخْسأُ النَّابِحُ
تَرُوعُ الرَّدى والعِدى دُونَهُ
كما رَوَّعَ الأعْزَلَ الرَّامِحُ
عَطَفْتَ عَليهِ أبِيَّ الحُظُوظِ
قَسْراً كَما يُورَدُ القامِحُ
وباتَ كَفيلاً لَهُ بالثَّراءِ
والعزِّ طائِرُكَ السّانِحُ
صَنائِعُ لا وَابِلُ المُعْصِراتِ
نَداها ولا طَلُّها الرّاشحُ
وأقسمُ لوْ أنَّ عزّاً حمى
مِنَ المَوْتِ ما اجْتاحَهُ جائِحُ
ولكنَّ أنْفُسَ هذا الأنامِ
منائحُ يرتَدُّها المانحُ
وأيُّ فَتًى ساوَرَتْهُ المَنُونُ
فمي يردهِ روقُها الناطِحُ
سَبَقَتَ إلى المَجْدِ شُوسَ المُلُوكِ
كَما سَبَقَ الْجَذَعَ القارِحُ