بني سقاك الله يابا محمد

بنيّ سقاك اللّه يابا محمد

​بنيّ سقاك اللّه يابا محمد​ المؤلف إبراهيم بن قيس


بنيّ سقاك اللّه يابا محمد
بنوَّ السماك الوابل المتهدد
بني فإن القلب فيك لواله
ودمعي كمثل اللؤلؤ المتبدد
كما عشت في دنياك بالبر والتقى
رحلت من الدنيا بزاد إِلى غد
ولكن ما أورثتنا من رزية
فنحن له في حجل قيد موصد
وأغلال حزن لا يفك أسيرها
وكيف وقد غيبت في بطن ملحد
يلذ لنا عيش وننظر زهرةً
بعين سرور أو نرى طيب مرقد
لقد كنت أخشى أن يفجر خطبها
عليَّ فأضحى في حجال التوجد
فلم يخطني ما كنت أخشى لأنني
رأيت الفنا يعتام أهل التعبد
فها أنا من بعد الجلادة والعزا
أقول لعيني بالبكاء له أسعدي
بدمعك إن الدمع فيه وسيلة
إلى الحسن القاضي إلى ذي التوحد
إذا كان دين الحق يصبح بعدما
رمته المنايا اقطع الرجل واليد
فلا لوم امَّا لامني اليوم لائم
إذا ما جرى دمعي وعيل تجلدي
يقول أبو قيس الفقيه محمد
سلالة إبراهيم عند التهجد
وقد سال للعينين دمع كأنه
رشاش سحاب حين أسبل الرمد
عزاؤك أولى من بكائك للأسى
أفق يا امام واصطبر وتشدد
فإن أخانا لم يغب غير شخصه
وآثاره في كل غور وأنجد
فقلت له يا ابن الكريم مضى الذي
به يقتدي للرشد من كان يقتدي
مضى العلم المفضال من يهتدى به
وكوكبها الوضَّاح بعد التوقد
نعاه فإني رام لا درَّ درَّه
جهول بصوت مرعد أيّ مرعد
فيا لك من ناع بعثت على الورى
جنود أسى فلّت جنود التجلد
نعيت فاصميت الامام بنباة
ألم تر ما جرت على كل مهتد
هددت خوارزماً ومن حل نحوها
ومن بنفوس والعراق وبدبد
وأرض عمان واليمان وشامها
ويثربها والزنج أصوات عوَّد
لأن كنت بالاسلام أصبحت شامتاً
وقلت تقضي ركنه فتأيد
فما مات إلا بعد ما كشف الدجى
وروى غرار السيف من كل معتد
ألما ترى الاسلام أعتق عصره
وعزت به الأخيار في كل مشهد
وكان صليب العود مراً إذا أبى
عطوفاً كمثل الشهد عند التودد
ملاذاً إذا الفرسان جالت بركنه
يرد إليه الحكم في كل محفد
على بابه كالجيش ما بين سائل
وشاك وخصم صدّراً بعد ورَّد
وما منهم إلا ينال سؤاله
بيسروان لم يسأل الرفد يرفد
لديه بهاليل كرام تبهللوا
لما نظروا من جوده والتعود
ترى نجله فيهم سعيداً لأنه
غرسية مجدٍ طائلاً بالتمجد
كذا كل أصل طاب طابت فروعه
فللَّه فرع طاب من طيب محتد
وكان خدوماً للضيوف مخدّماً
أبا مشفقاً لما تشأ في التجوّد
فيا حسن من للامام امامنا
إذا ما دهى الداهي بأمر كمحشد
يقود إلى جيش البغاة جيوشه
ويحمل في غماتها فوق أجرد
ومن ذا يقيم الحد بعدك نحوه
وينفذه من للأسير المقيد
ومن ذا يعم المرملين بفضله
ويمنعهم ممن طغى بالمهند
ومن ذا يلاقي معبداً أو محمداً
وخدنهما عبد الاله بن أحمد
ومن ذا لدهيا إن دهت لعظيمة
فيدفعها أو للهيف المطرد
كما كنت تلقانا بوجهك مسفراً
مع العلم العدل الامام المسدد
ألا ليت شعري اليوم أية بقعة
حوتك لقد راحت بمجد وسودد
بنزوى فيا نزوى سعدت بقبره
أأم بمناقى أم بأجبال يحمد
فإن قلت تسقي قرك الغر لم أكن
بمسد لبحر البر والجود من يد
ولكنني ما عشت أسأل ذا العلا
لقاءك في الفردوس دار الترغد
فرح سالماً واسلم سلمت من الردى
كما سلمت آباؤك الغر وأرشد
فمذ لم تزل حسناك حياً وميتاً
علي ومن يجحد أخا الجود يلحد
بذلت ولم تبخل حياتك لي يداً
ورودك يوم الحشر جل ئزود
فهذا ثناء الصدق إن كنت كاذباً
لحيت وإن أصدق فغير مفند
ألا إنني لا بد أن أجرع الفنا
وإن لم أرح في أول الليل اغتدي
فيا شامتاً للمسلمين بشربهم
كؤس الأسى اقصر لك الويل فاقصد
لئن غالهم حزن بواحد عصرهم
فقد كذب الغاوون عنه بأكمد
أظنهم أن الامام إذا مضت
دعامة دين لم يقمه بأعمد
فلما رأوه زاد وازداد شدة
وزاد هياجاً مات أهل التفند
ألا أنما دانت وطابت ولم تدن
له الأرض إلاّ بعد صرم ومحصد
فذاك الذي لا فخر إلا له كما
حمى حرمة الاسلام من كل مفسد
جزيرته في الأرض صارت كأنها
به البدر في جنح من الليل أسود
امام الهدى إنَّا كما قال قائل
تقدم في بيتي عزاء بسيد
فلو كان يفدى سيَّد من منية
فديناه عن مال طريف ومتْلد
ولكنه صبر جميل مقدر
من الأمس يستولي على ثابت الغد
وأيضاً فلوحيٌّ من الناس لم يمت
لكان ولكن هل بها من مخلد
أما ذاق كأس الموت فيها محمد
وما حملت أنثى بمثل محمد
فصلى عليه اللّه ما صاح صائحاً
بِحَيْعَلَةٍ في اثره والتشهد