بوخز القنا والمرهفات البواتر

بِوَخْزِ القنا والمرهفاتِ البواترِ

​بِوَخْزِ القنا والمرهفاتِ البواترِ​ المؤلف عبد الغفار الأخرس


بِوَخْزِ القنا والمرهفاتِ البواترِ
بلوغُ المعالي واقتناء المفاخر
وإنّ الفتى من لا يزال بنفسه
يخوض غمار الموت غير محاذر
يشيد له ما عاش مجداً مؤثلاً
ويبقي له في الفخر ذكراً لذاكر
إذا كنتَ مِمَّنْ عظّم الله شأنه
فثمِّر ألى الأمر العظيم وبادر
وإنّي امرؤ يأبى الهوان فلم يَدِن
إلى حكم دهر يا أميمة جائر
مضت مثل ماضي الشفرتين عزيمتي
وحلَّق في جوّ الأُبوّة طائري
لئن أنكر الغمر الحسود فضائلي
وأصبحَ بالمعروف أوَّلَ كافر
فتلك برغم الحاسدين شواردي
يسير بها الساري وتلك نوادري
فما عرفتْ منّي مدى الدهر ريبةٌ
ولا مَرَّ ما راب الرجال بخاطري
وما زلت مذ شَدَّتْ يدي عَقْد مئزري
بعيدَ مناط الهمّ عفَّ المآزر
صفوتُ فلم أكدر على من يودّني
ولا يتقي من قد صحبتُ بوادري
وكم مشمخر أنفُه بغروره
يرى نفسه في الجهل جمَّ المآثر
جدعتُ بحول الله مارنَ أنفهِ
وأوطأتُ نعلي منه هامة صاغر
ألا ثكلت أمُّ الجبان وليدها
وفازت بما حازته أمُّ المُخاطر
أحِنُّ إلى يوم عبوسٍ عصبصب
تتوق له نفسي حنين الأباعر
إلى موقفٍ بين الأسنّة والظبا
ومنزلةٍ بين القنا المتشاجر
يكثّر فيه الموت عن حدّ نابه
وتغدو المنايا داميات الأظافر
ترفعت عن قوم إذا ما خبرتهم
وجدتُ كباراً في صفات الأصاغر
أخو الحزم من لم يملك الحرصُ رقَّه
ولا ينتج الآمال من رحم عاقر
شديدٌ على حرب الزمان وسلْمِه
جريءٌ على الأخطار غير محاذر
خُلِقْتُ صبوراً في الأُمور ولم أكنْ
على الضَّيم في دار الهوان بصابر
إذا ما رأيت الحيَّ بالذلّ عيشه
فأولى بذاك الحيّ أهل المقابر
ألا إنَّ عُمر المرءِ ما عاش طوله
كطيف خيال أو كزورة زائر
تمرّ الليالي يا سعاد وتنقضي
وتمضي بباقٍ حيث كان وبائر
فكيف يعاني الحرُّ ما لا يسرُّه
ويأمنُ من ريب الزمان بغادر
ومن يأمنِ الدنيا يكنْ مثل واقف
على غرّةٍ بالموسيات الصواهر
أزيد على رزء الحوادث قسوة
وإنَّ معاناتي بها غير ضائر
كما فاح بالطيب الأريج وضوّعت
شذا المندليَّ الرطبَ نارُ المجامر
أرانا سليمان الزهيرُ وقومه
رجال المنايا فتك أروع ظافر
يريك بيوم الجود نعمة منعمٍ
ويوم الوغى واليأس قدرة قادر
يسير مواليه بعزٍّ وسؤدد
ويرجع شاتيه بصفقة خاسر
لقد ظفِرت آل الزهير بشيخها
بأشجع من ليث بخفّان خادر
يشقّ إلى نيل المعالي غبارها
ومن دونها إذ ذاك شقّ المرائر
فذا سيفه الماضي فهل من مبارز
وذا فخره العالي فهل من مفاخر
ففي الحرب إنْ دارتْ رحاها وأصبحَتْ
تدور على فرسانها بالدوائر
تحفّ به من آل نجد عصابة
شبيهة ما تأتي به بالقساور
وكم برز الأعداء في حومة الوغى
وثغر الردى يفتر عن ناب كاشر
فأوردها بالمشرفيّة والقنا
وارد حتف ما لها من مصادر
وكم أنهلَ الوّاردَ منهلَ جودِهِ
فَمِنْ واردٍ تلك الأكُفِّ وصادر
ألا إنَّ أبناء الزهير بأسرهم
أوائلهم متلُوَّةٌ بالأواخر
سلِ الحرب عنهم والصوارم والقنا
وما كان منهم في العصور الغوابر
فهم شيدوها في صدورهم عليَّ
وهم أورثوها كابراً بعد كابر
أكابرُ يعطون الرئاسة حقّها
ومعروفهم يسدى لبرٍّ وفاخر
وما برحت في كل مكرمة لهم
مناقب تورى بين بادٍ وحاضر
قد کستودعت أخبارُ ما فتكت لهم
صدور المعالي في بطون الدفاتر
يميناً بربّ البيت والركن والصفا
ومن فاز في تعظيم تلك المشاعر
بأنَّ سليمان الزهير محلُّه
محلٌّ سما فوق النجوم الزواهر
يقرّ لعيني أن ترى منه طلعةً
ترى العين فيها قرةً للنواظر
فأسمعُ منه ما يشنّف مسمعي
وأنظر فيه ما يروق لناظري
كريم أكاسير الغنى بالتفاته
فهل كان إلاّ وارثاً علم جابر
يصحّ مزاج المجد في رأي حاذق
طيب بأدواء الرئاسة قاهر
يمرّ بنادي الأكرمين ثناؤه
كما مرّ نجديُّ النسيم بعاطر
وقد نطقت في مدحه ألسُنُ الورى
فمن ناظمٍ فيه الثناء وناثر
أحامي الحمى بالبأس ما ينوبه
وصنديدها المعروف بين العشائر
إليك من الداعي لك الله مدحة
مقدَّمةً من حامد لك شاكر
فلا زلت في رزق الأسنة تحتمي
وتحمي بحدّ البيض سود الغدائر