بورك في خلقك المليح

بورك في خلقك المليح

​بورك في خلقك المليح​ المؤلف جبران خليل جبران


بورك في خلقك المليح
يا أشبه الخلق بالمسيح
وفي ذكاء له شعاع
يبدو على وجهك الصبيح
وفي خصال متممات
بالخلق الطاهر الصريح
وفي تناه بلا تباه
ذودا عن المبدإ الصحيح
أعدت قسا وأين قس
لو عاد من نده الفصيح
هل لنجيب إدراك شأو
في شوط عليائك الفسيح
بوهم يعثر المجلي
إن رامة عثرة الطليح
عظاتك البالغات طب
من التباريح والجروح
أراهم بديعا بذاك البديع
صفا جوهرا وحلا موردا
وباح لهم من كنوز النهى
بما يستفز لها الحسدا
كنوز سيغزون أعلاقها
ويسبون قيمها المرصدا
فإن فعلوا وهم فاعلون
وللمرء في الدهر ما عودا
كما استنزفوا الشرق برا وبحرا
فلا در أبقوا ولا عسجدا
فهذي الغوالي بقايا المعالي
تقر لنا الماضي الأمجدا
وما ضائر فخرنا أن تباح
ولا ضائر الجاه أن تجتدى
ألا ليتهم تركوا غيرها
قديما ومدوا إليها يدا
على أنهم علموا بعد لأي
كرامة أمتنا محتدا
لأن بيانا كهذا البيان
جدير كما شاء أن يخلدا
وأن نفوسا كتلك النفوس
لها رجعة في بنيها غدا
سما في المفاخر هذا الفخار
لنا وأبى الحق أن يجحدا
فلا تبتئس وهو ذاك النضار
إذا ما رأينا له نقدا
يريدون منا بناء القريض
كثير المناحي قصي المدى
وقد جهلوا البيت نبنيه فذا
فيستغرب الأمد الأبعدا
حلاه تنافس زهر الرياض
ومعناه يستنزل الفرقد
فيهن للجسم برء جسم
فيهن للروح برء روح
مولاي هذا مقال حق
ما فيه شيء من المديح
يا سعد قوم وليت فيهم
ولاية المصلح المشيح
خمس وعشرون قمت فيها
بأمرهم غير مستريح
نفاذ رأي شديد عزم
غير عتي ولا جموح
لك البييت الداني وتبني
للبر مرفوعة الصروح
تأخذ أخذ الجميل فيما
تبغي وتنهي عن القبيح
تغفر للخاطيء اقتداء
بربك الغافر السميح
لست لعذر عن أي قول
أو أي فعل بمستميح
والنصح ما زاده قبولا
كالصدق من جانب النصيح
لا تفتأ الدهر في حلول
لسد ثغر أو في نزوح
قلب إلى الخالدات يرنو
بناظر طاهر طموح
أو قلم كاتب وصوت
مردد ما إليك أوحي
ما إن رأينا له سميعا
وجفنه ليس بالقريح
رشيد أبلغ أجل حبر
تهنئة الوامق النصوح
وادع له بالبقاء حتى
يتم قدسية الفتوح
غير كثير لو عاش قطب
له مزاياه عمر نوح
فأي عصر وأي مصر
بمثله ليس بالشحيح