بسم الله الرحمن الرحيم.

بداية القصة عدل

قال: للّه ليلة ذات سوداء ذات جناح أحم كأنه طلى بالمداد أو لبس ثوب الحداد. لا يرى فيه بهرام و لا كيوان و لا عطارد، و كأن النجوم فيها مثل العيون رواقد. قد توارى قمرها بالمحاق، و قطعت ظلمتها أشواط الأحداق. و قد ألقت على الأرض بالجران، و وقف الفلك فيها عن الدوران. لا حس فيها و لا همس، كأنه الأحياء فيها حالفوا الموت. فاستولى علىّ السهاد، و بنا الوساد. فصحت بالغلام و قلت: قد طال الظلام، و شرد عن عينى المنام. فقم و أشعل الشمعة و هيئ المجلس و أحضر الشراب و استنطق الجنك و الرباب. فقام و النعاس يرنق فى عينيه، و الترف يميل بعطفيه. و جاء بشمعة كالذهب على رأسها تاج من الهلب. ثم جاء برحيق، و رمان كصرر عقيق، و سفرجل كأنه سرر حبيب، و أترج كأنه يفوح عن مسك سحيق و عنبر فتيق. فقعد بين يدىّ ينقر الجنك و يترنم، و يسقينى المداوم و يزمزم. ثم قال: إن كنت لا تنام فأصغ الىّ حتى أقرأ عليك من الكتاب الفهلوى قصة لتنظمها. و كان يقرأ و أنا أنظم. و لما نظمت الحكاية قلت أرع سمعك الىّ . و استمع شرح قصة خضت منها فى فنون غريبة الألوان و حديث كالدر منه ألفت الياقوت و المرجان بين نظم.

استغاثة الأرمانيين بكيخسرو عدل

و الحكاية أن الملك كيخسرو و كان ذات يوم قاعدا بين خواصه و أصحابه فى مجلس الأنس إذ جاء الحاجب و ذكره أن على الباب جماعة من أهل أرمان يتظلمون. و أرمان ناحية بين مملكة إيران توران. فأذن لهم الملك فى الدخول فدخلوا و دعوا له و قالوا: أيها الملك! إن بلدنا على رأس ممالك توران، و نحن قوم ضعفاء. و كانت له غيضة شجراء كثيرة الثمار و الزروع، و كنا نعيش بما يحصل منها من الزرع و الثمر.

و الآن فقد ظهر فيها من ذكور الخنازير و فحولها ما أفسد معاشنا و أهلك دوابنا، و عاث فى الناحية جميعها حتى أتلف أشجارها و أهلك زروعها. فأغثنا يا صاحب التاج و التخت و مالك الأمر و النهى! فرقّ عليهم الملك و التفت إلى أصحابه، و قال: من يكفينا هذا المهم، و يستأصل شأفة هذه الخنازير، و يحسم مادة شرها عن هؤلاء المساكين؟

فأمر الخازن فجاء بطبق مملوء من ألوان الجواهر. و أمر بإحضار عشرة أفراس بآلات الذهب. ثم قال: إن هذا لمن ينتدب لهذا الأمر.

فقال بيجن بن جيو: أنا أقوم به.

فسر الملك بذلك، و أمره بالخروج الى تلك الناحية، و أمر جُرجين بن ميلاد أن يسير فى صحبته، بسبب أن بيجن لم يكن قد وطئ تلك الديار، و هو جاهل بمخارمها و طرقها و شعابها.

ذهاب بيجن لقتل الخنازير عدل

فركب بيجن و استصحب الفهود و البزاة و سار يصطاد فى الطريق الى تلك الغيضة. فقعد مع جُرجين يشربان ثم قال له: تشمر حتى نتوغل الغيضة و نقتل الخنازير. فقال له جُرجين : أنت الذى أخذت الجواهر و الذهب، و التزمت هذا الأمر. فانفرد بهذه الحرب. فاستشاط بيجن و وثب و تحج بسلامه و دخل الغيضة. فأحدقت به الخنازير، و هى كالفيلة الهائجة توسط بأنيابها الأشجار، و تقطعها. فوثب واحد منها عليه و مزق درعه. فرماه بمزراق كان معه فأصاب دماغه و خرّ ميتا كأنه خباء مقوّض . ففزع بذلك باقى الخنازير وقع بيجن فيها و قتل منها كثيرا، و قلع من أنيابهن جملة ليحملها الى الملك. فركب جرجين و دخل الغيضة خلفه حتى انتهى اليه.

خداع جرجين لبيجن عدل

فلما رأى ما أبلاه فى قتل تلك السباع عظم عليه صنيعه، و حسده على حتى حمله الحسد على قصد اغتياله. ثم إنه أخذ يستحسن فعله و يمدحه و يثنى عليه و يصفه و بالقوّة و الشجاعة و الجرأة و الشهامة. ثم خرجا من الغيضة و قعدا معا يتحدّثان و يتفاكهان، و الحسد فى قلب جُرجين يعمل عمله. فقال لبيجن: إن على مسافة يومين من هذا المكان مروجا و رياضا يناصى البهار بها الأقحوان، و يعانق فيها النرجس الضميرَان .

و من وصفها كيت كيت. و جعل يصفها و يذكر طيب هوائها و عذوبة مائها حتى جعلها فى عينه كبعض الجنان. ثم ذكر له أن ابنة أفراسياب التى تسمى منيجة تخرج فى كل سنة فى فصل الربيع الى تلك الرياض مع الجوارى الملاح و المغانى الصباح، و فتضرب خيمها فى أرجائها، و تقوم مستمتعة بطيبها. قال: و إنى وصلت اليها مرارا مع رستَم و طوس و كُستهَم و جِيو و غيرهم من الأكابر. و كم سبينا عنها من أقمار الترك و شموسها. فإن رأيت أن نصير اليها و سنبي منها صفايا نهديها الى حضرة الملك فافعل. فأخذ قوله بقلب بيجن و منعه الترف و غيرة الشاب عن التفطن لما أضمره جُرجين من الداء الدفين.

و كان مع ذلك شابا مولعا بالسناء شديد الميل الى مفاكهتهن. فأجابه الى ما دعاه اليه و أقام فى مكانه مشتغلا باللهو و الطرب و الصيد و الطرد الى أن علم جرجين بوصول انبة أفراسياب الى ذلك المكان. فأشار حينئذ عليه بالركوب.

ذهاب بيجن لرؤية منيجة ابنة أفراسياب عدل

فسارا يومين فلما قربا من المكان قال بيجن لجرجين: انا أتقدّمك و أبصر من نزل فى المكان ثم أرجع و أعملك. و لبس ثياب الوشى و تمنطق بمنطقة الذهب، و وضع على رأسه تاجا كان يلبسه فى مجالس الأنس، فتوجه نحو المكان كالقمر الأزهر.

فلما انتهى اليه رأى شجرة و سرو بقرب خيمة ابنة أفراسياب، فنزل فى ظلها. فلحظته من خيمها فرأت منه قمرا منيرا و شابا نضيرا و ملكا كبيرا فبهتت بجماله و بهائه و كماله.

فعشقته فى الوقت و قالت لدايتها: اذهبى و انظرى من ذلك القاعد تحت ظل تلك الشجرة، و سليه المجيء الى ضيافتنا و النزول فى خيمتنا، و قولى: إنك بحسنك فتنت القلوب، و ملكت العيون. فجاءته المرأة و خدمت و قبلت الأرض بين يديه، و سايلته عن اسمه و عن حاله، و بلغته الرسالة.

فقال لها: أنا بيجن بن جيو.

و قد خرجت الى هذه الناحية لصيد السباع، فسمعتُ بحضور الملكة فى هذا المكان فحضرت لأقر عينى بلقائها. و أنت اذا جمعت بينى و بينها و هبت لك هذا التاج و المنطقة.

فرجعت الى صاحبتها و أبلغتها مقالته و أطلعتها على ما أسره اليها. فكادت تطير و فرحا و سرورا، و ردّتها فى الحال اليه تسأله الحضور. فقام من تحت السرو يمشى ميال الأعطاف، و يتخايل فى ملابس الأفواف.

مجيء بيجن إلى خيمة منيجة عدل

فلما قرب من خيمتها تلقته و عانقته و جعلت تضمه اليها و تتشممه. ثم حلت منطقته و نزعت خفه و نفضت عنه غبار الطريق و غسلت أطرافه بالمسك و ماء الورد. و أحضر و الطعام ثم فرشوا المجلس بالديباج و الحرير و استحضرت الملاهى و المعارف و قعدت تشرب معه.

منيجة تحمل بيجن إلى قصرها عدل

و أقام معها و هى تزداد كل يوم له حبا، الى أن انقضت مدّة مقامها فى تلك الصحراء و همت بالارتحال. فأمرت بعض جواريها فطرحت فى الشراب دواء مرقدار، و سقته بيجن فنام نومة عبّود . فأمرت بحمله فى مهد. و أرخيت عليه الستور، و ضاجعته و ارتحلت به. و وصلت السير و السرى حتى وصلت الى مدينة أبيها أفراسياب.

فدخلتها ليلا، و أدخلت بيجن الى قصرها، و أمرت فأخلى له موضع، و جعلت على فراشه و تحته الكافور حتى انبته و أفاق من رقدته.

فأصاب نفسه فى حجر ابنة أفراسياب فى بيت أبيها. فانزعج من ذلك و اضطرب قلبه و قطع رجاءه عن الحياة، و علم أن جرجين كاده و مكره به، فأخذ يدعو اللّه عليه و يتظلم منه اليه.

فقالت له ابنة الملك: لا تشغلن قلبك و لا تضيقن صدرك، فإن الخطوب تنوب الرجال فيوما مع البيض النواعم و يوما مع البيض الصوارم. ثم أحضرت المغانى و الملاهى، و أخذت تشرب على وجهه. فاستراب البواب بعد يوم بحالها فتجسس عليها حتى تحقق حقيقة الأمر.

علم افراسياب عدل

ففزع على نفسه من أفراسياب إن لم يعلمه ذلك. فدخل عليه و قال: إن ابنتك قد جاءت بزوج من إيران. و حكى له الحكاية.

فغاظه ذلك و ارتعد غضبا و قال: إن أبا البنت المنحوس الطالع و البخت و إن كان صاحب التاج و التخت.

و استدعى السالار و المعروف بقراخان، و قال: أشر علىّ برأيك فى هذه الخبيثة. فقال: الرأى أن تستكشف حتى تطلع على حقيقة الحال ثم ترى رأيك. فالتفت الى أخيه كرسيوزَ و قال: انظر ما لقينا من إيران، و ما نلقاه من بعد. اذهب بجماعة من فرسانك و وكلهم بباب القصر. ثم فتش القصر و أمسك من تجد و قيده و أحمله الىّ .

كرسيوز و بيجن و افراسياب عدل

فمضى كرسيوزَ بأصحابه، و أحدقوا بالقصر، و دخل هو و وقف على باب الحجرة التى فيها بنت أخيه و تسمع فلم يسمع غير نقر الأوتار من وراء الأستار، و أصواب المسمعات، و قول اشرب و هات. فقلع الباب و دخل فرأى بيجن كالسرو الباسق حواليه ثلاثمائة و صيفة كالقمر الشارق.

فلما وقع عين بيجن على كرسيوزَ قال فى نفسه: كيف أقاتل بلا سلاح؟

فضرب يده الى خفه، و استل منه خنجرا كان لا يفارقه، و وثب و وقف على الباب، و قال: أنا بيجن بن جيو. و أنت تعلم رجوليتى، و تعرف أهل بيتي و عشيرتى.

و لا تقدر أن تصل الىّ إلا بعد أن اقتل منكم خلقا كثيرا. فاسلك معى طريق الفتوّة و احلف لى على أنك تحملنى الى حضرة الملك و تشفع فىّ اليه و تستوهبه دمى. فأجابه الى ذلك و حلف له.

فلما أمكنه من نفسه كتفه و حمله الى حضرة أفراسياب. فأمر بأن ينصب جذع على باب إيوانه و يصلب عليه. و هو يبكى و يتضرع الى اللّه عز و جل.

شفاعة بيران عدل

فلما خرجوا به من الإيوان الى الميدان و أخذوا فى نصب الجذع لصلبه طلع بيران قاصدا الى حضرة الملك. فلما دخل الميدان رأى الأتراك يلغطون و يموج بعضهم فى بعض، و رأى هناك جذعا منصوبا و عليه حبل متدل.

فسأل فأعلم بالحال، فأسرع الى بيجن و وقف عليه ورق لشبابه الناضر و جماله الباهر، فاستخبره عن حاله و عن السبب الذى أوقعه فى تلك المحنة.

فشرح له قصته من أوّلها الى آخرها. فدخل على الملك و خدم واقفا عند تخته حتى خلا المجلس فتقدّم اليه و لا لاطفه فى الكلام. ثم قال: أيها الملك! لا يخفى عليك ما أصابنا بسبب دم سياوش.

و نحن الى الآن فى عقابيله، و لم نتخلص من مكروهه. فلا تضاعف العداوة و الشحناء فى قلوب الايرانيين بقتل بيجن بل استبقه و احبسه فى قعر مظلمة لا يخرج منها الى الممات.» و لم يزل به حتى لانت عريكته، و أسمح لما أشار به قرونته.

بيجن في السجن عدل

و قال لأخيه كرسيوز: غله بأغلال ثقيلة و قيده بقيود وثيقة، و ألقه فى بئر مظلمة لا يسقط فيها ضوء شمس و لا قمر. ثم اجترّ بالفيلة الحجر الذى استخرجه أكوان الجنىّ من بحر الصين، و سدّ به رأس البئر، و اتركه فيها الى أن يموت. و اذا فرغت من ذلك فادخل على منيجة التى سوّدت وجهى بين الملوك و هتكت سترى بين الخلق، فانتهب خزائنها و أطلق أيدى أصحابك فيها، ثم جرها و أخرجها الى الصحراء فاتركها ذليلة مهينة.

فبادر كرسيوز الى امتثال ما أمره به الملك، و أثقل بيجن بالأغلال و القيود و السلاسل من الرأس الى القدم، و طرحه فى الجب، و غطى رأسه بذلك الحجر، و دخل على ابنه أخيه، و نهب جميع ما عندها و استلبها تاجها و زينتها، و جرّها بقرونها، و أخرجها من المدينة، كما أمره أخوه. فجاءت الى رأس البئر التى فيها بيجن. و كانت فى الحجر ثقبة تدخل فيها اليد. فكانت تدور طول نهارها تسأل على الأبواب و الدكاكين، و ترجع بما تجمعه من السكر الى رأس الجب، و ترميها الى بيجن، و تبيت عنده على رأس الجب تبكى.

و لم يزل ذلك دأبها الى أن فرج اللّه عنهما.

رجوع جرجين عدل

قال: و أما جُرجين فإنه لما أبطأ عليه بيجن ندم على ما فعل، و عض على يديه أسفا، و مضى خلفه يطلبه فجعل يدور فى تلك المروج و الغياض فرأى فرسه متقطع اللجام منكّس السرج يرعى فى بعض الأودية. فعلم أن بيجن قد وقع فى بلية لا ينجو منها. فرجع بالفرس قارعا سنّ الندم منكس الرأس من الهم و الأسف، و عاد الى خيمته.

ثم ارتجع عائدا نحو إيران. و حين علم الملك كيخسرو برجوعه أطلع جيواً على حال ولده. فتلقاه والها شبه المجنون. و حين وقع عينه على جُرجين و رأى فرس ابنه و لم يره عليه خرّ من فرسه مغشيا عليه، و جعل يمزق ثوبه و ينتف شعره و يندب ولده الذى لم يكن له غيره. ثم أقبل على جُرجين يسائله عن ابنه و عن حاله، و يسأله أين فقده، و ما الذى أصابه، و كيف حصل على فرسه؟

فتحمل و قال: إنا لما وصلنا الى غيضة أرمان قاتلنا الخنازير و أفنيناها و قطعنا رءوسها، و اقتلعنا بالمسامير أنيابها. و لما فرغنا من ذلك عطفنا الأعنة و رجعنا نصطاد فى الطريق.

فتصدّى لنا حمار وحش من صفته كيت و كيت فحلّق بيجن عليه الوهق و أعلقه به و عدى الفرس خلفه، و جعل يركض معه، فثار عجاج عظيم غيبهما عن عينى. فركضت خلفه أطلبه فلم أقف له على له أثر. و صادفت فرسه مقطوع العنان منكوس السرج. فانخلع فؤادى من الهم و الحزن، و بقيت أدور فى تلك الصحراء. فلما أيست منه أقبلت راجعا». فلما سمع مقالته علم أن كلامه غير مستقيم.

فتنفس الصعداء و همّ بقتله فراجع عقله و كف عنه يده فصاح عليه و شتمه و قال: ما بقى من حياتك إلا مقدار ما تدخل فيه على الملك ثم إنى قاطع رأسك بهذا الخنجر.

جرجين عند الملك عدل

و دخل على الملك و أخبره بحال ابنه و تظلم اليه من يد جُرجين . فعظم على الملك فقد بيجن حتى تغير لو نه حين حدّثه و ذرفت عينه. و قال لجيو: لا يضيق صدرك فان ابنك فى قيده الحياة. و كن على ثقة من نجاته و خلاصه. فإن الموابذة و العلماء أخبرونى أنى أقود العساكر الى توران طالبا بثار أبى سِياوخش ، و يكون معى بيجن يقاتل الترك بين يدى.» فسلّاه بذلك. و خرج و وصل جرجين و دخل على الملك فقبل الأرض ثم وضع عند التخت أنياب الخنازير، و دعا له. فساءله الملك عن طريقه و عن كيفية حال بيجن. ففزع جرجين و تتعتع فى كلامه، و جعل يسرد عليه ما تمحله.

فصاح عليه الملك و طرده و قال: لو لا خوفى من قبح الأحدوثه لأمرت بضرب رقبتك. و أمر بتقييده و حبسه. ثم قال لجيو. سأبث الخيل فى الأطراف، و أبحث عن حال بيجن. و اذا دخل شهرهرمز رفعت جام جم (الذى تُرى فيه الكائنات فى الأقاليم السبعة)، و أفتش فيه عن بيجن. فإنى إذا نظرت فيه لا يخفى علىّ شيء، فأعلمك بموضعه و حاله.» و كان هذا الجام قد وضع على شكل عجيب و فيه صور البروج الاثنى عشر و السيارات السبع. و كان الملك اذا نظر فيه اطلع على حوادث الوقت أجمع.

رؤية بيجن في جام جم عدل

قال: و لما دخل شهر هرمز جاء جيو الى خدمة الملك. فلبس ثياب البِذلة و دخل بيت العبادة و وقف يتضرع و يبتهل و يدعو اللّه عز و جل.

ثم خرج الى إيوانه و أخذ الجام ينظر فيه و يطالع أحوال الأقاليم. فلما انتهى فى نظره الى إقليم كركساران رأى بيجن مقيدا بالسلاسل و الأغلال محبوسا فى مطمورة، و رأى منيجة على رأسها تقوم بأمره. فالتفت الى جيو و ضحك و قال: طيب قلبك فان انك فى الحياة، و هو محبوس فى بئر فى أرض توران، لكنه فى ضيق و شدّة ، و هو يبكى طول الليل و النهار و يتمنى الموت متبرا بحالته تلك على ما هو فيه، و قد أيس من النجاة.

فمن ينهض الآن بكشف هذا الخطب الفادح فيسعى فى خلاصه و يتلافى حشاشته أثم قال: و من يطيق ذلك سوى رستم بين دستان؟ و الرأى أن أكتب اليه كتابا أسدعيه فيه، تحمله أنت اليه. و اذا حضر تشاورنا فى الأمر، و نظرنا فى كيفية التدبير فى خلاص الشاب.»

رسالة الملك كيخسرو إلى رستم عدل

فاستحضر الكاتب و أمره فكتب الى رستم كتابا يدعو له فيه و يمدحه و يذكر اعتضاده به و استظهاره، بمكانه و أنه المفزع و المستجار فى السراء و الضراء و الشدّة و الرخاء. ثم ذكر الجوذرزيين و ما ثبت لهم فى الدولة القاهرة من الحقوق المؤكدة و الوسائل الممهدة و أن الواجب الاهتمام بما يرجع بصالح أمورهم و حفظ قلوبهم. ثم ذكر حال بيجن و ما حل به ما فى بلاد توران، و أنه ليس بخاف ما نزل بجيو بسببه من الفجيعة و المصيبة. و قد جاءك ملتجئا اليك مستصرخا بك. فاذا قرأت كتابى هذا فتجشم الحضور بالحضرة لننظر فى هذا الأمر و نبحث عن وجه التدبير فى تخليصه.

فتناول جيو الكتاب و سار فى جماعة من أقاربه و إخوته، و توجه إلى زابلستان يسير ليله و نهاره حتى شارف حدود زابل. فأُعلم دستان بن سام بطلوع جماعة من ناحية إيران يحثون دوابهم جادين فى السير. فركب و تلقاهم، و رأى جيوا يركض أمام القوم لهفان حزينا. فقال فى نفسه: إنه قد تجدّد حادث أحوج الملك إلى إنفاذ جيو الى هذه البلاد. فلما تلاقيا سايله دستان عن الملك و الأكابر و الأمراء فبلغه سلام الكل، ثم شكا اليه بثه و ما أصيب به فى ولده، و بكى. و سايله عن رستم فقال: إنه ركب للصيد، و الساعة يعود.

فأنزله فى إيوانه، و وفاه شرائط خدمته. و لما أحس برجوع رستم تلقاه فى الطريق فترجل له و قبل الأرض و آثار اللهف و الحزن على وجهه ظاهرة. فارتاح رستم لذلك فنزل له و اعتنقه.

ثم سايله عن الملك و أحوال المملكة ثم عن جوذرز و طوس و كزدَهَم و سابور و بيجن و فرهاد و جميع الأكابر و السادة. و حين انتهى إلى ذكر بيجن وقع عليه البكاء و الرنين ثم قال: إن كل من سألت عنه مشمول بالصحة و العافية و هم يقرءون عليك السلام غير أنى فقدت بيجن و أصبت به مع كبر سنى بعد ما نال آل جوذرز من عين السوء. و قد بحثت عنه فلم أعثر له على خبر حتى دخل شهر هرمزد.

فإن الملك دخل بيت النار و تضرع إلى اللّه عز و جل فى أمره و نظر فى الجام فرآه فيه أسيرا فى أرض توران. فلما وقف على ذلك راسلنى الى حضرتك. و هأنا قد جئتك لهفان مملوء القلب بالرجاء لك، اذ لم أرد أحدا أرجوه لكشف هذا الملم سواك».

و كان يتكلم و عيناه تسيلان بالدموع، و سلم الكتاب الى رستم فاغرورقت عيناه بالبكاء فقال له: لا تهتم فانى لا أحط السرج عن الرخش حتى آخذ بيد بيجن و أضعها فى يدك، بقوّة اللّه تعالى و سعادة الملك. ثم دخل به إلى ايوانه ففتح الكتاب و قرأه ثم أقبل على جيو و قال: قد وقفت على الحال و فرحت بمقدمك علىّ و لكن لم أن أشتهى أن تكون على ما بك من الجزع و الحزن. و أنا أبذل و سعى فى هذا المعنى من أجل هذا الكتاب. ثم أقاموا ثلاثة أيام.

رستم عند الملك عدل

و لما كان اليوم الرابع اختار رستم مائة فارس من الأسود الزابلية، و ركب معه جيو الى حضرة الملك. فلما قربوا منها سبقه جيو إلى الملك و أعلمه بوصوله فسر و ابتهج بمسارعته الى امتثال أمره، و أشار على طوس و جوذرز و فرهاد و غيرهم عن الملوك و الأكابر بالركوب لاستقباله و توفية شرائط خدمته. فتلقوه بالكوسات و الأعلام و الإجلال و الإعظام.

فلما دخل رستم على الملك خر ساجدا فرفع رأسه و مثل بين يديه واقفا يدعو و يثنى. و الملك أيضا واقف يصغى الى كلام. فلما فرغ أخذ بيده و استدناه و أقبل عليه يشكره و يثنى عليه.

ثم سايله عن أخيه زواره و أيه دستان و ابنه فرامرز فقبل رستم الأرض و قال: مشمولون بالصحة و السلامة بسعادتك. و طوبى لمن يجرى ذكره على لسان الملك. ثم أمر باستحضار جوذرز و طوس.

مأدبة الملك عدل

و فتح باب البستان و قد هيئ الملك فيه مجلس يروق العيون، و قد فرش بالزرابى الخسروانية و الوشائع الأرجوانية، و نقل لايه تخت الملك و تاجه، و نصب فى المجلس شجرة تظل عليه أصلها من الفضة و أغصانها من الذهب، قد تهدّلت منها شماريخ من اللؤلؤ و الياقوت، و و لها أوراق من الزبرجد، و عليها بازات على شكل الأترج و السفرجل مجوّفة محشوّة بالمسك السحيق معجونا بسلاف الرحيق، و هى مثقوبة بثُقَب ينتثر منها المسك و العنبر إذا ضربها الهواء على رءوس الحاضرين.

فجاء الملك و لبس التاج و جلس على التخت مع رستم فى ظل الشجرة، و اصطفت الوصائف و السقاة على رءوسهم الأكاليل المرصعة و عليهم الملابس المذهبة، بالأطواق و الأقراط، كالأقمار الطالعة و الشموس المشرقة، فى حجورهم المزاهر، و فى أيديهم المعازف، تشرق فى أكفهم الأقداح و تقهقه فى أوجهم الراح.

قال: فأقبل الملك على رستم، و قال: أيها البهلوان! أنت لنا كالجُنة ، بك نتوقى كل شر، و بك نستجير فى كل خطب، و لم تبرح أنت فى تعب و عناء قياما بمصالح هذه الدولة و اهتماما بمناحج هذه المملكة. و قد علمتَ حسن بلاء الجوذرزيين فى طاعتنا، و بذلهم الأنفس فيما يسنح من مهماتنا، و لا سيما جيواً فإنه على انفراده هو الساعى فى الأمر الذى عرف و اشتهر، و أنهم لم يصابوا بمثل هذه المصيبة قط.

فدبر الآن هذا الأمر، و انظر كيف المخلص منه. فإنه لا يقدر على تخليص بيجن من توران غيرك. و هذه العساكر و الأموال بين يديك، فاحكم فيها بما ترى.»

فخدم رستم و قال: أيها الملك! إن أمى ما ولدتنى إلا لطاعتك، و تحمل المكاره فيما هو سبب راحتك، و ها أنا ذا أشدّ وسطى فى امتثال أمرك، و لا أسلك إلا سبيل خدمتك، و لو أمطر الهواء علىّ نارا، و تحوّلت الأشفار فى عينى شفارا.» فشكره عند ذلك الأمراء و الأكابر و دعوا له. ثم اندفعوا فيما جلسوا له من اللهو و الطرب.

شفاعة رستم لجرجين عدل

قال: و بلغ جُرجين قدوم رستم فأرسل اليه يتخضع له و يتضرع، و قال: قد جرى علىّ قلم القضاء فى هذه الواقعة بالمحنة و الشقاء. و أنا أضع نفسى على النار بين يدى الملك فلعلنى يشملنى عفوه و يسعنى لطفه و حلمه. و سأله أن يشفع فيه الى الملك حتى يصحبه الى بلاد توران ليتوسل به الى بيجن كى يقيله العثرة و يغفر له تلك الزلة. فأرسل اليه رستم يعنفه و يعيره على صنيعه، و يقول له:

بعد ما أبديته من الاعتذار و الاعتراف أنا أشفع فيك الى الملك، و أسعى فى خلاصك. و لكن ينبغى أن تعلم أنه خلص بيجن فقد خلصت، و إلا فأنا أوّل من يأخذه بثاره منك. فدخل على الملك و سأله الإفراج عنه، و لم يزل به حتى أجابه الى ذلك.

جيوش رستم عدل

ثم إن رستم تشمر للأمر و تجرّد له، و قال: إنه لا سبيل لنا الى خلاص بيجن بالقتل و القتال. و إنما الطريق فيه إعمال و المكر و الاحتيال. و دخل خزانة و الملك و أخرج من الجواهر و الثياب و الذهب و الفضة ما أوفر به مائة جمل و مائة بغل. و اختارمن العسكر ألف فارس من المفردين و سبعة من المقدّمين مثل جُرجين و زنكه و كُستَهم و زواره و فرهاد و رُهام و أشكس.

ذهاب رستم إلى ختن عدل

و ارتحل بهم رستم و سار حتى قرب من حدود توران. فأشار على العسكر بأن يلازموا ذلك المكان و استصحب منهم الأمراء السبعة فألقوا مناطقهم و خلعوا يلامقهم و تزيوا بزى التجار فلبسوا الجوخ و ملابس الصوف. و أمر بتعليق الأجراس على الدواب، و سار فى هيئة القوافل حتى وصل الى مدينة بيران. و أخذ جاما مرصعا بالجواهر و أهداه الى بيران مع فرسين مجللين بالديباج و الحرير، فدخل عليه فأكرمه و سأله عن مقدمه. فقال: قدمت الى بلدة الملك للتجارة، و قد صحبنى جواهر و ثياب أريد أن أبيعها فى ظل جاهك، و أتعوّض عنها بسعادتك بعوض أعود به. ثم رجع من عنده و نزل فى الخان و فتح دكانا. فكان كل يوم يقوم على باب دكانه سوق يجتمع فيها الخلائق و يبايعونه و يشاورونه.

مجيء منيجة إلى رستم عدل

فسمعت بخبره منيجة صاحبة بيجن فى فجاءت تعدو حتى وقفت على دكانه، و دعت له، و قالت: أخبرنى عن ايران و عن الملك و عن البهلوان، و هل بلغهم أن بيجن أسير فى قعر مطمورة مظلمة؟ ففزع رستم و طردها و صاح عليها و قال: تنحى فإنى لا أعرف أحدا ممن ذكرت و لا دخلت بلادهم قط.

فبكت المرأة و قالت: كيف يليق بمثلك هذا الجفاء؟

فأمر رستم غلامه فقدّم اليها طعاما. و قعدت تأكل، و جعل رستم يسايلها و يقول: مالك و للسؤال عن ملوك ايران؟

فبكت و قالت: و فى قصتى طول، و أنت ملول.

فحكمت له جميع ما جرى، و قصت عليه قصة بيجن، و وصف له حاله و ما هو فيه من الشدّة .

ثم قالت له: إن دخلت الى تلك البلاد فاطلب جيوَ بن جوذرز، و قل له: إن ابنك محبوس فى مكان سقفه حجر و أرضه حديد. فإن كنت تغيثه فعجّل فقد تفاقم الأمر. فأمر رستم لها بطعام، و أخذ دجاجة مشوية و دفن فى جوفها خاتمه، و عليه اسمه، فدفعها اليها.

علم بيجن بمجيء رستم عدل

فعادت بما أخذت من الطعام ملفوفا فى مئرز، و جاءت الى رأس البئر و ألقته الى بيجن. فلما رأى الخاتم و رأى عليه اسم رستم استبشر فضحك حتى سمعت منه قهقهته. فساءلته عن ذلك فكتمها الحال.

فجعلت تبكى و لم تزل به حتى أعلمها، و قال لها: راجعى اليه و قولى له: أنت صاحب الرخش أم لا؟ فعادت اليه و آثار الفرح عليها لائحة. فلما رآها رستم علم أن بيجن قد أفضى اليها بالسر.

فأبلغته رسالة بيجن فقال لها: قولى له: إنه صاحب الرخش، و فأبشِر بالفرج. ثم أمرها بأن تجمع حطبا عند رأس البئر فاذا دخل الليل و أظلم الجوّ أوقدت النار حتى يهتدى رستم بضوئها الى المكان. فرجعت و علمت ما أمرها به رستم.

إخراج رستم لبيجن من البئر عدل

فلبس سلاحه و ركب فى رفقائه السبعة الأمراء، و قصدوا النار حتى أتوها. فنزل السبعة على الحجر ليديروه من رأس البئر فلم يقدروا. فنزل رستم فنحّاه وحده.

ثم اطلع فى البئر. و قال لبيجن: إنى قد تحملت بسببك مشاق و كربا، و أنا أتشفع اليك فى جُرجين أن تصفح عنه. و إن لم تفعل تركتك على حالك و انصرفت. فشفعه فيه و عفا عنه. فدلى اليه الوهق و استخرجه من البئر فنحىّ عنه بيده القيود و السلاسل. و حلموه و صاحبته الى منزلهم الذى كانوا به نازلين. ثم حمّل الجمال و البغال و وجهها نحو الطريق مع اشكس، و نفذ منيجة معهم.

إيوان أفراسياب عدل

و لبس رستم سلاحه و تدجج مظاهرا بين جُنَنه ، و ركب معه بيجن و أصحابه الآخرون فاستلوا أسيافهم و هجموا على باب أفراسياب، و قتلوا كل لم من كان عليه من الحرس، و صالح البهلوان و قال: أنا رستم بن دستان، و قد أخرجت بيجن. و رفعوا الأصوات.

فهرب أفراسياب من ايوانه الذى كان فيه فدخلوا اليه و نهبوا ما وجدوا فيه. ثم ركبوا و ساروا خلف الجمال و الأثقال، و أغذّوا السير طردا و ركضا حتى اتصلوا بالفوارس الألف الذين أمرهم رستم بلازمة المكان الذى عينه لهم. فأمر رستم بأن يتأهبوا للقتال، و قال: إن أفراسياب لا شك يجمع عسكره و يتبع آثارنا. فكونوا على أهبة لئلا يهتبل مناغرة.

مجيء أفراسياب لحرب رستم عدل

قال: و لما أصبح أفراسياب اجتمع على بابه الأمراء و الملوك، و قالوا: كيف نغضى على هذه السبة، و نتقاعد عن هذه المكيدة التى كادنا بها الايرانيون؟ فركب أفراسياب فى عسكر عظيم خلفهم.

فبينا رستم فى منزله و منيجة قاعده فى خيمة ضربت لها إذ جاء النذير بظهور العسكر. فسير الأحمال و الأثقال فى صحبة منيجة، و ركب و أمر العسكر فتدججوا و ركبوا.

فلما قرب أفراسِياب و رأى العسكر أمر أصحابه فاصطفوا فوقف هومان فى الميمنة، و بيران فى المسيرة، و وقف شيذه و كرسيوزَ فى القلب، و بقى هو بنفسه يدور و يرتب.

هزيمة أفراسياب عدل

فتلاقوا و جرى بينهم قتال عظيم تدرج فيه كثير من رءوس أصحاب أفراسياب، و تتابعت عليهم حملات رستم حتى ولوا منهزمين و عادوا وراءهم مخذولين مفلولين، بعد أن أسر منهم ألف فارس، و نهب ما كان معهم من صامت و ناطق. و ارتحل رستم عائدا الى حضرة الملك.

رجوع رستم عدل

و لما أتاه البشير برجوعه سالما ظافرا أمر بضرب البشائر، و ركب طوس و جوذرز و جيو، و خرجوا بالدِّرَفش الكبير على أحد جانبيه النمور المسلسلة و أسود السباع، و على الجانب الآخر الفوارس المدحجة و أسود الرجال.

فلما بد الهم رستم ترجلوا و مشوا اليه، فنزل لهم رستم فتصافحوا و تعانقوا.

ثم قال له جوذرز: أيها البهلوان! إنك قد استعبدت عشيرتنا، و ملكت رقهم بصنيعك. و دعا له. ثم ركبوا جميعا.

و لما قربوا من دار الملك تلقاه الملك كيخسرو فنزل رستم و عقر له خدّه فى التراب، فاعتنقه الملك. فأخذ رستم بيجن و قدّمه الى الملك، و سلمه اليه محافظة منه على ما سبق من وعده لجيو بذلك. فشكره الملك و دعا له و أثنى عليه، و قال: ما أعلى جدّ الايرانيين و أرفع شأنهم و أحمى حريهم ما دمت بهلوانهم! و طوبى الزال إذ كان مثلك له خلفا ولدا! و أنا أعلاهم جدا و أوراهم زندا حيث أصبحت خادما لتختى و حاميا لخوزتى. ثم قال لجيو: إن أرم لمستقيم عند اللّه حيث يسر رجوع ولدك اليك. فدعا جيو له و لرستم ثم جلسوا فى ايوان الملك.

فمدّوا السماط فطعموا ثم اشتغلوا بالشرب. و لما كان من الغد دخل عليه رستم و استأذنه فى الرجوع الى بلاده فأمر له الملك بخلعة منسوجة بالجواهر و جام مملوء من اليواقيت و اللآلئ، و مائة فرس و مائة بغل، و مائة وصيف بالمناطق الذهبية، و مائة و صيفة بالأكاليل المرصعة.

فلبس الخلعة و قبّل الأرض بين يدى الملك، و ارتحل بتلك التحف الى سجستان. و خلع أيضا على الأكابر الذين خرجوا معه على اختلاف مقاديرهم. ثم استحضر بيجن فعجل يحدثّه بما جرى عليه و يصف ما ان كان فيه من الشدّة و الضيق.

فرق الملك لابنة أفراسياب، أمر الخازن فجاء بماء صوب منسوج بالذهب و عشر بِدَر و تاج من الذهب، و قال لبيجن: احملها الى ابنة أفراسياب: و عاشرها بالمعروف و لا تخاشنها و لا تجف عليها، و عيشا عما فى راحة و سرور، و غبطة و حبور، و وعظه و نصحه. و تمت.

  اقرأ عن بيجن في ويكيبيديا، الموسوعة الحرة