بيني وبين الحادثات خصام

بيني وبين الحادثات خصام

​بيني وبين الحادثات خصام​ المؤلف ابن الزقاق البلنسي



بيني وبين الحادثات خصام
 
فيما جَنَتْهُ على العلا الأيَّام
كسفت هلالَ سمائِها من بعدما
 
وافاه من كرم الجلال تمام
ورمتْ قضيبَ رياضها بتقصفٍ
 
غضّاً سقاه من الشباب غمام
فاليوم بستان المكارم ما حل
 
واليوم نور المعلومات ظلام
ما للمدامع لا يطل يها الثرى
 
والسادة الكبراء فيه نيام
أكذا يباد حلاحل ومهذّب
 
أكذا ينال مسوّد وهمام
تعس الزمان فإنما أيامه
 
ومقامنا في ظلِّها أحلام
لنرى الديارَ وهنّ بعد أنيسها
 
دُرُسُ المعالمِ والجسومُ رِمام
بأبي قتيلٌ قاتلٌ حُسْنَ العزا
 
مذ أقصدته من المنونِ سهام
غدرت به أم اللهيم وطالما
 
فلّ الخميس المجر وهو لهام
وأبى له إلا الشهادة ربُه
 
ومضاؤُهُ والبأسُ والإقدام
فتك الردى بأبي شجاع فتكة
 
زلّت لها رضوى وخرّ شمام
ندبته أبكارُ الحروبِ وعونها
 
وبكاه حزب الله والإسلام
أيُّ السيوفِ قضى عليه وبينه
 
قدماً وبين ظبا السيوف ذمام
 
ما قطّ أودع في الضريح حسام
يا حامليه قِفوا عليه وقفة ً
 
يشفى بها قبل الوداع هيام
رُدُّوا وليَّ اللَّه حتى يُشْتَفى
 
من أروع شفيت به الآلام
ردّوا الشهيد نسقه من أدمع
 
ان أخلفت مزن بهنّ رهام
لاتسلموه إلى الثرى فلسيفه
 
مذكان من أعدائه استسلام
ولتدفنوه في الجوانح والحشا
 
إن كان يُرضيه هناك مَقام
واستنشقوا لثنائه عرفاً به
 
ينحط عن نفس الصباح لثام
ما ضمّه بطن الثرى إلا وقد
 
ضمّته في دار النعيم خيام
صلى عليه ما ثنت الصبا
 
غصناً وما غنّت عليه حمام
يا عينُ شأنك والمدامعَ فاسمحي
 
ولتعلمي أن الهجوع حرام
اعزز علي يزهرة مطلولة
 
أمست ولا غير الضريح كمام
اعزز عليّ بمن يعز على العلا
 
إن غيل قَسْوَرُ غيلها الضرغام
إن كان أفنته الحروب فشدّ ما
 
فنيت بِمُنْصُلِهِ الطلى والهام
أو راح مهجور الفناء فطالما
 
هجرت به أرواحها الأجسام
أمضرَّجٌ بدمائه هي ميتة
 
وَقْفٌ عليها السيد القمقام
البأسُ والاقدام أوردكَ الردى
 
أن كان أنجى غيرَك الإحجام
قد كنتَ في ذاك المقام مخيَّراً
 
لكن ثبتّ وزلّت الأقدام
وأبتْ لك الذمَّ المكارمُ والعلا
 
والسمهري اللدن والصمصام
الليل بعدك سرمد لا ينقضي
 
فكأنما ساعاته أعوام
لمن اطّرحت المجد وهو كأنه
 
طلل تعفّيه صباً وغمام
ولمن تركتَ الصافناتِ كأنَّها
 
موسومة باللؤم وهي كرام
عمَّتْ رزيّتُهُ القلوبَ فكلُّها
 
كاس وأنواع المدام حمام
كَثُرَ العويلُ عليه بعد نعيِّه
 
حتى كأنَّ العالمين حمام
يا حاملينَ النعشَ أين جيادُهُ
 
يا ملبسيه التربَ أين اللام
أينَ السماحة ُ والفصاحة ُ والنهى
 
منه وأين الجود والإكرام
أضحى لعمرُ اللَّه دونَ جلاله
 
سترٌ من الأجداث ليس يرام
أأبا شجاعٍ إنْ حُجِبْتَ بربوة ٍ
 
فالزهر منبته ربى ً وأكام
ولقد عهدتك كوكباً أبراحه
 
جُرْدُ المذاكي والسماءُ قتام
وعهدت سيفك جدولاً في ورده
 
يوم الكريهة للنفوس هيام
فابشر فدار الخلد منك بموعد
 
واهنأ ففيها غبطة ٌ ودوام
مرّ الغمام على ثراك محيّياً
 
فعلى الغمام تحيّة وسلام