تخليت من صفراء لا بل تخلت

تَخَلَّيْتُ مِنْ صَفْرَاءَ لا بَلْ تَخلَّتِ

​تَخَلَّيْتُ مِنْ صَفْرَاءَ لا بَلْ تَخلَّتِ​ المؤلف بشار بن برد


تَخَلَّيْتُ مِنْ صَفْرَاءَ، لا بَلْ تَخلَّتِ
وَكُنَّا حَلِيفَيْ خُلَّةٍ فاضْمَحَلَّتِ
تغيبُ أعداء الهوى عن حبيبها
وَكَانَ لَهَا رَأيُ النّسَاءِ فَضَلَّت
رَأَتْنِي تَرَفَّعْتُ الشَّبَابَ فَأعْرَضَتْ
بِشِقٍّ فَمَا أَدْرِي: طَغْتْ أمْ أدَلَّتْ
وَمَا سُمْتُهَا هُوناً فَتَأبَى قَبُولَهُ
وَلَكِنَّمَا طَالَ الصَّفَاءُ فَمَلَّتِ
فَيَا عَجَبَا زَيَّنْتُ نَفْسِي بِحُبِّها
وزانت بهجري نفسها وتحلتِ
لَوَتْ حَاجَتِي عِنْدَ اللِّقَاءِ وَأَنْكَرَتْ
مواعيد قد صامت بهن وصلت
وَلَوْلا أَميرُ الْمُؤْمِنِينَ سَقَيْتُهَا
أوَاماً يُنَاجِينَا لهَا حَيْثُ حَلَّتِ
وما واهن البزلاء مثل مشيعٍ
إِذَا قَامَ بالْجُلَّى عَلَتْ وَتَجَلَّت
قعيدك أخْرَى لا تَبيعُ مَوَدَّتِي
بودٍّ ولا تخشى إذا ما تولت
فبيني كما بان الشباب إذا مضى
وكانت يد منه على فولت
فَقَدْ كُنْتُ في ظلِّ الْعَذَارَى مُرَفَّلاً
أحب وأعطي حاجتي حيث حلت
فَغَيَّرَ ذَاكَ الْعَيْشَ تَاجٌ لَبسْتُهُ
وطاعة والٍ أحرمت وأحلت
وَنُبِّئْتُ نسْوَاناً كَرِهْنَ تَحلُّمي
ولله أوبي أكثرت أم أقلت
إذا أنا لم أعط الخليفة طائعاً
يَمينِي فَلاَ قَامَتْ لكَأسٍ وَشَلَّت
لَقَدْ أرْسَلَتْ صَفْرَاءُ نَحْوي رَسُولَهَا
لتجعلني صفراء ممن أظلت
فمن مبلغٌ عني قريشاً رسالةً
وأفناء قيس حيث سارت وحلت
بأنَّا تَدَارَكْنَا ضُبَيْعَةَ بَعْدَمَا
أغارت على أهل الحمى ثم ولت
وَقَدْ نَزَلُوا يَوْماً بأوضَاحِ كَامِلِ
ولأياً بلاي من اضاخ استقلت
فَسَارَ إِلَيْهمْ من نُمَيْر بْن عَامِرٍ
فوارس قتل المقرفين استحلت
فما لحقت أهل اليمامة عامرٌ
على الخيل حتى أسأرت وأكلت
فَلَمَّا الْتَقَيْنَا زَلَّت النَّعْلُ زَلَّةً
بأقْدَامهمْ، تَعْساً لَهُمْ حَيْثُ زَلَّت
فشك نمير بالقنا صفحاتهم
وكم ثم من نذرٍ لها قد أحلت
وَتَرْمِي عُقَيْلٌ كُلَّ عَيْنٍ وَجَبْهَةٍ
وَتَنْتَظمُ الأَبْدَان حَيْثُ احْزَألَّت
وَلَمَّا لَحقْنَاهُمْ كَأنَّا سَحابَةٌ
منَ الْمُلمِعَات الْبرْقَ حينَ اسْتَهَلَّت
صففنا وصفوا مقبلين كأنهم
أسود الأشاري استتبلت وأدلت
تركنا على النشناش بكر بن وائل
وقد نهلت منها السيوف وعلت
غداة أرى ابن الوازع السيف حتفهُ
وقد ضربت يمنى يديه فشلت
وأفلت يمري ذات عقبٍ كأنها
حذاريةٌ من رأس نيقٍ تدلتِ
وبالفلج العادي قتلى إذا التقت
عليها ضباع الجر بانت وضلتِ