تذكر بالحمى رشأ أغنا

تذكر بالحمى رشأ أغنا

​تذكر بالحمى رشأ أغنا​ المؤلف ابن معصوم المدني


تذكر بالحمى رشأ أغنا
وهاجَ له الهوى طَرباً فغنَّى
وحنَّ فؤادُه شَوقاً لنجدٍ
وأين الهند من نجد وأنَّى
وغنت في فروع الأيك ورق
فجاوبها بزفرته وأنَّا
وطارحها الغرام فحين رنت
له بتنفُّس الصُّعداء رنَّا
وأورى لاعجَ الأشواق منه
بريق بالأبريق لاح وهنا
معنى كلما هبت شمال
تذكَّر ذلك العيش المهنَّا
إذا جنَّ الظلامُ عليه أبدى
من الوجدِ المبرِّح ما أجَنَّا
سقى وادي الغضا دمعي إذا ما
تهلل لا السحاب إذا أرجحنا
فكم لي في رباه قضيب حسن
تفرَّد بالملاحة إذْ تثنَّى
كَلِفتُ به وما كُلِّفت فرضاً
فأوجبَ طرفُه قَتلي وسنَّا
وأبدى حبَّه قلبي وأخفى
فصرَّح بالهوى شَوقاً وكنَّى
تفنَّنَ حسنُه في كلِّ معنىً
فصار العيش لي بهواه فنا
بدا بدراً ولاح لنا هلالاً
وأشرق كوكبا واهتز غصنا
وثنى قده الحسن ارتياحا
فهام القلبُ بالحَسَن المُثنَّى
ولو أنَّ الفؤاد على هواه
تمنَّى كان غايَة ما تمنَّى
بكيت دما وجن إليه قلبي
فخضب من دمي كفا وحنا
ألا يا صاحبي ترفقا بي
فإنَّ البينَ أنصبني وعنَّا
ولم تبق النوى لي غير عزم
إذا حفَّت به المحنُ اطمأنَّا
وأقسم ما الهوى غرضي ولكن
أعلل بالهوى قلبا معنى
وأصرف بالتأني صرف دهري
وأعلم أن سيظفر من تأنى
وأدفعُ فادحاتِ الخطب عنِّي
بتفويضي إذا ما الخطبُ عنَّا
ولا والله لا أرجو ليسري
وعُسري غيرَ من أغنى وأقْنَى
وما قَصدي بتحبيرِ القَوافي
سوى لفظٍ أُحبِّرُه ومَعنى
لأستجني ثمار القول مدحا
لمن أضحى بطيبةَ مُستجِنَّا
ومدح محمد شرفي وفخري
وهل شرف وفخر منه أسنى
إمامُ الأنبياء وخيرُ مولىً
به سعد الورى إنسا وجنا
رقى بكماله رتب المعالي
وحل من العلى سهلا وحزنا
هدى الله الأنامَ به وأهدى
لمن والاه إيمانا وأمنا
وكم قد نالَ من يُسراهُ يسراً
أخو عُسرٍ ومن يُمناه يُمنا
وكم وافاه ذو كرب وحزن
ففرَّج كربَه وأزال حُزنا
وأغنى بائسا وكفاه بؤسا
وأنجد صارخاً وأصحَّ مُضنى
ختامٌ جميع رسل الله حقَّا
ومبدأ كلِّ إحسانٍ وحُسنى
بمولده أضاء الكون نورا
وأشرق في البسيطة كل مغنى
وفاخرت السماء الأرض لما
غدت بقدومِه السامي تُهنَّى
فخار لا يساويه فخار
مناط النجم من أدناه أدنى
تَبيدُ له اللَّيالي وهو باقٍ
ويفنى الواصِفون وليس يَفْنَى
لمعجزِهِ أقرَّ الضدُّ عجزاً
وظلَّت عنده الفُصحاء لُكْنا
مثاني تقشعر له جلود
ويغدو كلُّ قلبٍ مطمئنَّا
فيولي كلَّ مَن والاهُ ربحاً
ويعقب كل من ناواه غبنا
وزالت معجزات الرسل معهم
ومعجزُ أحمد يزدادُ حُسنا
هو المختار من أزل نبيا
وما زالت له العلياء تبنى
براه واصطفاه الله قدما
وأعلاهُ وأسماهُ وأسَنى
وأرضعه ثدي المجد درا
وآواه من العلياء حضنا
وصيره حبيبا ثم أسرى
به ليلاً فقرَّبه وأدْنى
كذلك كلُّ محبوب يوافي
أحبَّته إذا ما الليلُ جَنَّا
سَما السبعَ الطِّباق وبات يسمو
إلى رتب هناك له تسنا
فراح يجرُّ أذيالَ المعالي
ويسحبُ فوق هام المجد رُدْنا
فمن كمحمد إن عد فخر
سَما بالفخر منفرداً وضِمنا
أجل المرسلين علا وقدرا
وأرجحهم لدى الترجيح وزنا
وأعظمهم لدى البأساء يسرا
وأسمحهم إذا ما جاد يمنى
وأشرفُ من تقلَّد سيفَ حقّ
وهزَّ مثقَّفَ الأعطاف لَدْنا
فجلى في رهان الفضل سبقا
وجلَّى عن سَماء الحقِّ دَجنا
وطهر بالمواضي رجس قوم
جفته قلوبهم حسدا وضغنا
وخير فيهم أسرا ومنا
فأطلق أسرَهم وعفا ومَنا
وراموا منه إحسانا وفضلا
فأوسعهم بنائله وأغنى
وكم للهاشمي جميل وصف
عليه خناصر الأشهاد تثنى
وماذا يبلغُ المُثْني على من
عليه إلڑهُهُ في الذكرِ أثنى
ألا يا سيد الكونين سمعا
لداعٍ سائلٍ أمناً ومنَّا
وغوثاً يا فدتكَ النفسُ غَوثاً
فقد شفَّ الأسى جِسمي وأضنى
فما في الخلقِ أسرعُ منك نَصْراً
لملهوفٍ وأسمعُ منكَ أذْنا
وها أنا فيك قد أحسنت ظني
فحاشا أن تخيِّب فيكَ ظنَّا
وكيف يخافُ ريبَ الدَّهر عبدٌ
تكونُ له من الحدثانِ حصنا
أرومُ فكاك أسري من زمانٍ
علقت بكفه الشلاء رهنا
وأرجو النصر منك على عدو
متى استقبلته قلب المجنا
ركنت إليك في أسري ونصري
وحسبي جاهك المأمول ركنا
وكم لي فيكَ من أملٍ فسيحٍ
ستنجحه إذا ما الدهر ضنا
وقد طال البعاد وزاد شوقي
إليكَ وعاقَني دهري وأوْنى
فأبدلني ببعد الدار قربا
وبوئني بتلك الدار سكنى
وجد لي بالشفاعة يوم حشري
وأسكني من الجنات عدنا
عليكَ صلاةُ ربِّك ما تغنَّى
حمامُ الأيك في فَنَنٍ وَحنَّا
وآلك والصحابة خير آل
وصحبٍ ما شدا شادٍ وغنَّى