تركتك يا زمان قلى فدعني

تركتك يا زمانُ قلى ً فدعني

​تركتك يا زمانُ قلى ً فدعني​ المؤلف مهيار الديلمي


تركتك يا زمانُ قلىً فدعني
إذا أنا لم أُردك فلا تردني
أأنفِر عنك ممتعضا أبيّاً
وتصحبني بقلبٍ مطمئنِّ
وكان الذلَّ أن ترضى وآبى
وأهدم في هواك وأنت تبني
رواؤك بالجمال لغير عيني
ووعدك بالجميل لغير أذني
وهبتك للحريص عليك لمّا
بلوتك في القساوة والتجنّي
وكنتَ الذئبَ مأكولا أخوه
على ما كان من حذرٍ وأمنِ
أقلني عثرتي في حسن ظني
بأهلك أو برعيك لي أقلني
كفرتَ صحابتي وخفرتَ سلمي
فنحرك والسِّنانَ وأنت قرني
تحُدُّ لي النيوبَ إن افترقنا
متى ما كنتُ مأكولا فكلني
ومنِّ بنيك بالأرحام قطعا
فأُمُّ بنيك أمٌّلم تلدني
بعاد بيننا أبدا وفوتٌ
بعادَ الفضل من خرقٍ وأفنِ
أذلَّهم الطِّلابُ وعزَّ وجهي
وضامهم الثَّراء ولم يضِمني
أحبُّوا المالَ فاعتبدوا ملوكا
وما كل العبيد عبيد قنِّ
تنفَّخت الحظوظ لهم فظنّوا
ورامَ البطنِ يسمنُ وهو يُضني
وما وأبي زخارفها ثناني
لها ذلٌّ يشوقُ ولا تثنِّي
ولا قدرت على نفسي ولحظي
على ما نمَّ من طيبٍ وحسنِ
ولو أني خُدعتُ بشارتيها
خُدعتُ بمقلة الرشإ الأغنِّ
ولاستلبت على إضم فؤادي
حماماتٌ تنوح كما تغنِّي
وبيضٌ في خيامِ بني سليم
تكنُّ خدورها بيضاتِ كِنِّ
حملن على القدود مخمَّراتٍ
هلالا طالعا في كلّ غصنِ
ولانسربتْ تغلغلُ في عظامي
سبيئةُ راهبٍ ماءٌ كدهنِ
منصَّرةُ القرى رأسٌ أبوها
يدين ضلالةً بأبٍ وإبنِ
إذا نصلت من الراووق بثت
نجوما والغداةُ غداةُ دجنِ
يساومني بها ثمنا فيُغلى
وأمنحه بلا سوم فأسني
ولم أغبنُكمن يُعطى سروري
ويأخذُ طائعا همّي وحزني
وقبلي شرَّدتْ حلمابنِ حجرٍ
لغير ضياعة ولغير رهنِ
حباها بكرة زقاً رويّاً
وقال لخيله روحي فشنِّي
فيوما بين غائرة ونقع
ويوما بين باطيةٍ ودنِّ
ولكنَّ المطاربَ لم ترقني
كما أنّ النوائب لم ترعني
ولما كان بعضُ النوم عارا
ملكت على النوى أهداب جفني
يلوم على العزوفأبو بغيض
لك الويلاتُ سلني ثم لمني
يظنّ بجلستي فشلا وبهرا
وقد أنضبتُ أفراسي وبدني
ودست الجمر لم أخفِ احتراقا
وراء الرزق وهو يشطُّ عنّي
ورُضتُ الآبيات العوصَ حتى
سهلن لكلّ جعدِ السمع حزنِ
موسمة بعمرو أوببكر
تصرِّح تارة بهمُ وتكني
تواصلهم وصالَ الغيثِ آلي
متى ما يبدِ عارفةً يُثنِّ
فلم تعلقَ على الحرمان منهم
يدي بسوى الملالةِ والتجنِّي
أدال الله منّى للقوافي
بما هانت عليّ ولم تهنِّي
أطرِّد سرحها في كلِّ يوم
شلالا بين رابيةٍ ورعنِ
على وادٍ ولمَّا يزكُ عشبٌ
إلى قلبٍ ولمّا يسنِ مسني
دعت برغائها أحرارَ كسرى
فلم يفصح لمعجمهم بلحنِ
أحبُّوها وما طلعوا بنوءٍ
يبلِّلها ولا سنحوا بيُمنِ
ولا قسموا لها الإنصاف يوما
بكيلٍ في السماح ولا بوزنِ
وجُرَّت في القياصر من معاها
إلى درِد عدمنَ اللَّسنَ حجنِ
تضاغى بينهم متعرياتٍ
وما نفعُ الصرائح بين هجنِ
وداخنها على ميسانَ مورٌ
فلم ينهض لقرَّتها بسُخنِ
حداها بالمطامع فاشرأبَّتْ
وما نزلت مفاقرها بمغني
وراقصها ببابلضوءُ نارٍ
لحيّ من بني أسدٍ مبنِّ
من الجذعات لم تُرفعْ لضيفٍ
ولم تلحمْ ولم تقترْ لسمنِ
وأطناب طوال خادعتها
فأمكنَ من صلائفها التظني
ولم يك ضبُّ عوف من قراها
ولا من حرشها لولا التعنّي
ولا القرويّ عرِّبَ بالتسمّي
وأُمِّرَ بالتلقُّبِ والتكنِّي
وعلج الجنبمن أنباطِ سورا
تمضَّر أو تنزَّر بالتمنِّي
أرادتهم لتحمي أو لتُحبى
على الحالين في مننٍ ومنِّ
فما دفعوا العدوَّ بمدِّ صوتٍ
ولا نقعوا الأوامَ برشح شنِّ
فإن يكُ في جعيلِ بني عفيفٍ
وجروِ الغاضريَّة خابَ ظني
فلستُ بأوّلِ الرُّوّاد جاشتْ
به خضراءُ نبتُ سفاً ودمنِ
وغرَّتها مخيِّلةُ لقاحا
فلم تنتجْ ولم تكُ أمَّ مزنِ
وناشدني الحقوقَ مزرّعيٌّ
ليأخذَ ذمّتي لهمُ وأمني
وقال هبِالجزيرةَ لي وإلا
فهذا السيف فاسمح لي وهبني
أأنت تردُ عنهم بسطَ كفِّي
وصفقك جرَّ يومَ البيع غبني
ولو لم يكفهم سيفي ورمحي
رأوا بالغيب ما ضربي وطعني
فآه عليهمُ يا كفُّ لولا
فتىً أعطيته بالودّ رهني
تخوّن من خزيمة عرضتيها
لنبلي فاحتمت بالأزد مني
وجنّ الدهرُ في وغلِ ضليع
به للخنزوانةِ طيفُ جنِّ
أتاه الحظ مختاراً وولَّى
نصولَ السهمِ عن ظهرِ المجنِّ
توسَّط من قرى الزيتونِ بيتا
أقيم على محاريثٍ وفدنِ
دفئُ الليل لم يسهر لرأي
ولم يتعبْ بليتي أو لو أنّي
فراودها وزاحم يبتغيها
بمنفوخين عثنونٍ وبطنِ
وقال لحقتُ وارتفعت وهادي
فمالك ترفع الأشعارَ عنّي
وهل أنا دون قومٍ سربلوها
فجرُّوا الفخرَ من ذيلٍ وردنِ
ورُضتُ لجاجه فإذا حرونٌ
متى أمنعه طوعا يقتسرني
ففاز بعذرها وأوتْ أيامي
إلى كنفين من بخلٍ وجبنِ
وما علمَ ابنُ عصرِ الزيتِ أني
إذا أثنيت أعلمُ كيف أُثني
وأنى يومَ أمدحه احتسابا
وإن أسميته فسواه أعني
سمحتُ بها وما حليتْ بسمح
فقدها الآنَ من كرمٍ وقدني
ولم أك قبلها لأذمَّ جودى
على أمرٍ وأحمدَ فيه ضنّي
فحتام المقام بعقرِ دارٍ
بساطٍ فسحتي فيها كسجني
على ترباء أرض لم تقلها
مدارجها الخباثُ ولم تلقني
ولو ذهبتْ وراءَ الشمس غربا
شفتْ أكبادها من كلِّ ضغنِ
وشعشع في ترائبها وميضٌ
على تلك الربا مُطْرٍ ومثني
ولو نُشرَ الكرامُ بنو عليّ
لها وفدتْ على المعطي المهنّي
إذن لحمى حماها كلُّ شختٍ
كصدر السمهريِّ أمقَّ لدنِ
قليلِ النوم في رعي المعالي
إذا خاط التواكلُ كلَّ جفنِ
ومدَّ لها الحسينُ فذبَّ عنها
براثنَ أصمعِ الكفَّين شثنِ
ولانهمرت سحابة راحتيه
بهطلٍ من سحائبها وهتنِ
ومرَّ على عوائده كريم
قليلاً ما دعوتُ فلم يجبني
رأى فضلي فقدَّمني وأولى
غرائسِ ما ترون اليومَ يجنى
ولكنَّ الحمامَ أغاض بحري
عشيَّة يومهِ وهوى بركني
وخلَّفني درئيةَ صرفِ دهرٍ
متى ما يرمِ عن عرض يصبني
فلا يرمالجزيرة مستطيرٌ
يقعقعُ في كثيفٍ مرجحنِّ
شفيقُ الحفر مأمون التذرِّي
على فقر الثرى يغني ويُقني
يروح ويغتدي سقيا قليبٍ
طوى ذاك التسرُّعَ والتأنّي
فتى لولاه لم أجزع لثاوٍ
ولم أقرعْ على ما فات سنّي