ترى من غاب عنا هل يعود
ترى مَن غابَ عنا هل يعودُ
ترى مَن غابَ عنا هل يعودُ
لعمرُكَ أنه أملٌ بعيدُ
فراقُ الحيِّ محدودٌ ولكن
فراق الميتِ ليسَ لهُ حدودُ
مضى عن أَرضنا بدرٌ فامست
ظلاماً والليالي البيضُ سودُ
شريفُ الأصلِ من أشراف دهرٍ
تسلسلَ والرُّواةُ لهُ شهودُ
شهابٌ كان يسطعُ في البرايا
ففاجأَهُ من البينِ الخمودُ
عجبنا للشهابِ يحلُّ أَرضاً
وكيفَ الشهبُ تحجبها اللحود
فَتِه عُجباً أَيا قبراً حواهُ
وقل أنا في الورى فَلَكٌ جديدُ
مضى من كان يفتكُ بالأعادي
وتخفقُ حولَ موكبهِ البنودُ
ترى أينَ القنا والبيضُ حتى
تقيهِ والمذاكي والجنودُ
أَلاَ يا راحلاً رحلت اليهِ
قلوبٌ بعدهُ ليست تعودُ
لقد ذَرَفت لكَ الأجفانُ دمعاً
كما ذابت لفرقتكَ الكبودُ
فريداً كنتَ ما بينَ البرايا
وأَنتَ اليومَ في قبرٍ فريدُ
وكنتَ تجودُ بالاموالِ دهراً
فصرتَ بجسمكَ الباهي تجودُ
بكت لفراقكَ الأبراجُ حزنا
ولأنّ لفقدكَ الحَجَرُ الصَّلُودُ
ولمَّا غبتَ عن لبنانَ كادت
رباهُ لفرطِ لوعتها تميدُ
لأَعينُ أَهلهِ سهدٌ طويلٌ
ومن عبراتهم بحرٌ مديدُ
أَيا غصنَ النقا قصفتكَ ظلماً
يدٌ في لفتك ساعِدُها شديدُ
لَئِن تكُ غبتَ عن دارٍ ستفنى
ففي الفردوسِ صارَ لكَ الخُلودُ
سقى الرحمنُ قبراً بتَّ فيهِ
سحاباً من مراحمهِ يجودُ
وأشرقَ نور تاريخٍ ينادي
بلطفِ اللهِ مغتبطٌ سعيدُ