تصابيت في أطلال مية بعدما

تَصَابَيْتُ فِي أَطْلاَلِ مَيَّة َ بَعْدَمَا

​تَصَابَيْتُ فِي أَطْلاَلِ مَيَّة َ بَعْدَمَا​ المؤلف ذو الرمة



تَصَابَيْتُ فِي أَطْلاَلِ مَيَّة َ بَعْدَمَا
 
نبا نبوة ً بالعينِ عنها دثورُها
بوهبينَ أجلى الحيُّ عنها وراوحتْ
 
بِهَا بَعْدَ شَرْقي الرِّيَاحِ دَبُورُهَا
وأنواءُ أحوالٍ تباعٍ ثلاثة ٍ
 
بها كان ممّا يستحيرُ مطيرُها
عفتْ عرصاتٌ حولها وهيَ سُفعة ٌ
 
لِتَهْيِيجِ أَشْوَاقٍ بَوَاقٍ سُطُورُهَا
ظَلِلْنَا نَعُوجُ الْعِيسَ فِي عَرَصَاتِهَا
 
وقُوفاً وتستنعي بنا فنصورُها
فما زالَ عن نفسي هلاعٌ مراجعٌ
 
منَ الشَّوقِ حتى كادَ يبدو ضميرُها
عشيَّة َ لولا لحيتي لتهتَّكتْ
 
مِنَ الْوَجْدِ عَنْ أَسْرَارِ قَلْبِي سُتُورُهَا
فما ثنيُ نفسي عنْ هواها فإنَّهُ
 
طَوِيلٌ عَلَى آَثَارِ مَيٍّ زَفِيرُهَا
خليليَّ أدَّى اللهُ خيراً إليكُما
 
إذا قُسمتْ بينَ العبادِ أجورُها
بميٍّ إذا أدلجتُما فاطرُدا الكرى
 
وَإِنْ كَانَ آلَى أَهْلُهَا لاَ أَطُورُهَا
يقرُّ بعيني أن أراني وصُحبتي
 
نُقِيمُ الْمَطَايَا نَحْوَهَا وَنُجِيرُهَا
أقولُ لردفي والهوى مشرفٌ بنا
 
غداة َ دعا أجمالَ ميّ مصيرُها
ألا هلْ ترى أظعانَ ميّ كأنَّها
 
ذُرَى أَثْأَبٍ رَاشَ الْغُصُونَ شَكِيرُهَا
تَوَارَى َ فَتَبْدُو لِي إِذَا مَاتَطَاوَلَتْ
 
شُخوصُ الضُّحَى وَانْشَقَّ عَنْهَا غَدِيرُهَا
فودَّعنَ أقواعَ الشَّماليلِ بعدما
 
ذَوَى بَقْلُهَا أَحْرَارُهَا وَذُكُورُهَا
وَلَمْ يَبْقَ بِالْخَلْصَاءِ مِمَّا عَنَتْ بِهِ
 
مِنَ الرَّطْبِ إِلاَّ يَبْسُهَا وَهَجِيرُهَا
فَمَا أَيْأسَتْنِي النَّفْسُ حّتَّى رَأَيْتُهَا
 
بِحَوْمَانَة ِ الزُّرْقِ احْزَأَلَّتْ خُدُورُهَا
فَلَمَّا عَرَفْتُ الْبَيْنَ لاَ شَكَّ أَنَّهُ
 
لِمُتْرِبَة ِ الأَخْفَافِ صُفْرٍ غُرُورُهَا
تعزَّيتُ عنْ ميّ وقد رشَّ رشَّة ً
 
مِنَ الْوَجْدِ جَفْنَا مُقْلَتِي وَحُدُورُهَا
وكائنْ طوتْ أنقاضُنا منْ عمارة ٍ
 
لنلقاكِ لمْ نهبطْ عليها نزورُها
وجاوزنَ منْ أرضٍ فلاة ٍ تعصَّبتْ
 
بأجسادِ أمواتِ البوارحِ قورُها
ومن عاقرٍ تنفي الألاَ سراتُها
 
عِذَارَيْنِ عَنْ جَرْدَآءَ وَعْثٍ خُصُورُهَا
إذا ما رآها راكبُ الصَّيفِ لم يزلْ
 
يَرَى نَعْجَة ً فِي مَرْتَعٍ فَيُثِيرُهَا
 
يُدمِّنُ أجوافَ المياهِ وقيرُها
ومن جُردة ٍ غفلٍ بساطٍ تحاسنتْ
 
بِهِ الْوَشْيَ قَرَّاتُ الرِّيَاحِ وَخُورُهَا
تَرَى رَكْبَهَا يَهْووُنَ فِي مُدْلَهِمَّة ٍ
 
رهاءٍ كمجرى الشَّمسِ درمٍ حدورُها
بِأَرْضٍ تَرَى فيها الْحُبَارَى كَأَنَّهَا
 
قلوصٌ اضلَّتها بعكمينِ عيرُها
وَحَوْمَانَة ٍ وَرْقَاءَ يَجْرِي سَرَابُهَا
 
بمنسحَّة ِ الآباطِ حدبٍ ظهورُها
تظلُّ الوحافُ الصُّدءُ فيها كأنَّها
 
قراقيرُ موجٍ غصَّ بالساجِ قيرُها
مُلَجَّجَة ٌ فِي الْمَآءِ يَعْدُو حَبَابُهُ
 
حيازيمها السُّفلى وتطفو شطورُها
تُجَاوِزْنَ وَالْعُصْفُورُ فِي الجْحرِ لاَجِىء ٌ
 
مَعَ الضَّبِ وَالشِـّقْذَانُ تَسْمُو صُدُورُهَا
بِمَسْفُوحَة ِ الآبَاطِ طَاحَ انْتِقَالُهَا
 
بِأَطْرَاقِهَا وَالْعِيسُ بَاقٍ ضَرِيرُهَا
تُهجَّرُ خوصاً مستعاراً رواحُها
 
فَمَا أَفْجَرَتْ حَتَى أَهَبَّ بِسُدْفَة ٍ
كأنَّي وأصحابي وقد قذفتْ بنا
 
هِلاَلَيْنِ أَعْجَازَ الْفَيَافِي نُحُورُهَا
على عانة ٍ حقبٍ سماحيجَ عارضتْ
 
رِيَاحَ الصَّبَا حَتَّى طَوَتْهَا حَرُورُهَا
مراويدُ تستقري النِّقاعَ وينتحي
 
بها حيثُ يهوي وهوَ لا يستشيرُها
خميصُ الحشا مخلولقُ الظَّهرِ أجمعتْ
 
لهُ لقحاً مرباعُها ونزورُها
تَرَى كُلَّ مَلْسَآءِ السَّرَاة ِ كَأَنَّهَا
 
كساها قميصاً من هراة َ طرورُها
تلوَّحنَ واستطلقنَ بالأمسِ والهوى
 
إِلى َ الْمَآءِ لَوْ تُلْقَى إِلَيْهَا أُمُورُهَا
فَظَلَّتْ بِمَلْقَى وَاحِفٍ جَرَعَ الْمِعَا
 
قِيَاماً يُفَالِي مُصْلَخِمّاً أَمِيرُهَا
بِيَوْمٍ كَأَيَّامٍ كَأَنَّ عُيُونَهَا
 
إَلى َ شَمْسِهِ حُوْصُ الأَنَاسِيِّ عُورُهَا
فما زالَ فوقَ الأكومِ الفردِ رابئاً
 
يراقبُ حتى فارقَ الأرضَ نورُها
فَرَاحَتْ لإِدْلاَجٍ عَلَيْهَا مُلآءَة ٌ
 
صُهَابِيَّة ٌ مِنْ كُلِ نَقْعٍ تُثِيرُهَا
 
عَلاَجِيمَ عَيْنِ ابْنَيْ صُبَاحٍ يُثِيرُهَا