النص الكامل لتقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن 1595 لعام 2005 تحت رئاسة المحقق الألماني ديتليف ميليس.

ملخص تنفيذي

1-­ قرر مجلس الأمن الدولي بقراره الرقم 1595 في 7 نيسان 2005 إنشاء لجنة تحقيق دولية مستقلة مقرّها لبنان، لمساعدة السلطات اللبنانية في تحقيقها بشأن كل جوانب الهجوم الإرهابي الذي حدث في 14 شباط/فبراير 2005 في بيروت وقتل فيه رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري وغيره، وتتضمن مهامها المساعدة في معرفة المنفذين والمشرفين والمنظمين والشركاء في الهجوم.

2- لقد أبلغ الأمين العام المجلس ان اللجنة بدأت عملها الكامل في 16 حزيران/يونيو 2005. ومُدّد انتداب اللجنة الأساسي الذي أصدره المجلس حتى 26 تشرين الأول/أكتوبر 2005.

3 ­ حظيت اللجنة في أثناء تحقيقها بدعم كثيف من حكومة لبنان واستفادت من إسهام خبراء من عدد من الهيئات الوطنية والدولية.

4- ركزت خطوط تحقيق اللجنة الأساسية على موقع الجريمة، وجوانب الجريمة التقنية، وتحليل الاتصالات الهاتفية المراقبة. وشهادة أكثر من 500 شاهد ومصدر، وكذلك من السياق المؤسسي الذي حدثت فيه الجريمة.

5- نقل ملف القضية كاملاً في هذا التحقيق إلى السلطات اللبنانية في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2005.

6- يضع هذا التقرير الخطوط الكبرى لمجرى التحقيق الذي أجرته اللجنة، وملاحظاتها فيه، واستنتاجاتها، لينظر فيها مجلس الأمن. وهو يعين أيضاً المسائل التي قد يكون ضرورياً متابعة التحقيق فيها.

7- ترى اللجنة ان الاغتيال في 14 شباط/فبراير 2005 ارتكبته مجموعة ذات تنظيم واسع وإمكانات وقُدرات كبيرة. وقد أُعدّ للجريمة أشهراً عديدة. ولهذا الغرض رصد توقيت تحرك السيد رفيق الحريري ومواقعه، وسُجّل مسار موكبه بالتفصيل.

8- بناء على ما توصلت إليه اللجنة والتحقيق اللبناني حتى الآن، وعلى أساس الأدلة المادية والوثائق المجموعة، والقرائن التي أمكن الحصول عليها حتى الآن، ثمّة أدلّة تتفق على أن ثمّة تورّط لبناني وسوري في هذا العمل الإرهابي. ومعروف جيداً ان للاستخبار العسكري السوري وجود منتشر في لبنان، على الأقل حتى انسحاب القوات السورية، بموجب القرار 1559. وكان كبار مسؤولي الأمن اللبنانيين السابقين قد عيّنهم جهاز الاستخبار السوري هذا. ولما كانت أجهزة الاستخبار السورية واللبنانية العاملة معاً متغلغلة في المؤسسات والمجتمع في لبنان، فإنه يصعب تخيّل أن يكون هذا الاغتيال المعقّد قد ارتُكب من دون معرفتها.

9- وتستنتج اللجنة ان التحقيق المستمر ينبغي أن تتولاه السلطات اللبنانية القضائية والأمنية الملائمة، التي أثبتت أثناء التحقيق أنها تستطيع، بالمساعدة والمساندة الدوليين، أن تسير قدماً، وأحياناً أن تقود التحقيق بطريقة فعالة ومهنية. وفي الوقت نفسه على السلطات اللبنانية أن تنظر في كل فروع القضية، ومن ذلك الحركة المصرفية. ولا بد من وضع انفجار 14 شباط/فبراير بوضوح في سياق تسلسل الانفجارات التي سبقته وأعقبته، ما دام يمكن أن تكون ثمة صلة بين بعضها، إن لم يكن بينها جميعاً.

10 ـ ولذا ترى اللجنة أن بذل المجتمع الدولي جهداً لإنشاء قاعدة دعم وتعاون مع السلطات اللبنانية في حقلي الأمن والقضاء أمر ضروري. وسيؤدي هذا إلى تعزيز ثقة الشعب اللبناني في نظام أمنهم، وفي ثقتهم بقدراتهم.

الفهرس

تسلسل الأحداث من منتصف 2004 ـ إلى أيلول/سبتمبر 2005 1 ـ مقدمة 2 ـ الخلفية 3 ـ الجريمة 4 ـ التحقيق اللبناني 5 ـ تحقيق اللجنة 6 ـ الاستنتاج

تسلسل الأحداث من منتصف 2004 إلى أيلول/سبتمبر 2005

2004

  • 26 آب/أغسطس 2004، التقى رفيق الحريري في دمشق الرئيس السوري بشار الأسد لمناقشة تمديد ولاية الرئيس لحود.
  • 2 أيلول/سبتمبر 2004، أصدر مجلس الأمن الدولي القرار 1559 الخاص بالوضع في الشرق الأوسط، ودعا إلى انسحاب جميع القوات الأجنبية من لبنان.
  • 3 أيلول/سبتمبر 2004، أيدت كتلة رفيق الحريري قانون تمديد ولاية الرئيس لحود.
  • 3 أيلول/سبتمبر 2004، أقر مجلس النواب اللبناني قانون تمديد ولاية الرئيس لحود وحوّله إلى الحكومة اللبنانية لتنفيذه.
  • 7 أيلول/سبتمبر 2004، استقال من الحكومة وزير الاقتصاد مروان حمادة ووزير الثقافة غازي العريضي ووزير شؤون المهجرين عبدالله فرحات ووزير البيئة فارس بويز، اعتراضاً على التعديل الدستوري.
  • 9 أيلول/سبتمبر 2004، أبلغ رئيس الوزراء رفيق الحريري الصحافيين انه سيستقيل.
  • 1 تشرين الأول/أكتوبر 2004، محاولة اغتيال مروان حمادة في بيروت، لبنان.
  • 4 تشرين الأول/أكتوبر 2004، رفيق الحريري يستقيل من رئاسة الحكومة.
  • 11 تشرين الأول/ أكتوبر 2004، الرئيس السوري بشار الأسد يلقي خطبة يدين فيها منتقديه في لبنان والأمم المتحدة.
  • 19 تشرين الأول/أكتوبر 2004، مجلس الأمن الدولي يعرب عن قلقه حيال عدم تنفيذ القرار 1559.
  • 20 تشرين الأول/أكتوبر 2004، الرئيس لحود يقبل استقالة الحريري ويكلف عمر كرامي تأليف الحكومة الجديدة.

2005

  • 14 شباط / فبراير 2005 مقتل رفيق الحريري و22 آخرين في انفجار ضخم عند ساحل البحر في وسط بيروت.
  • 25 شباط / فبراير 2005، وصول لجنة تقصي الحقائق الدولية إلى لبنان.
  • 8 آذار / مارس 2005، حزب الله ينظم تظاهرة تضم مليون شخص "مؤيدة لسوريا".
  • 14 آذار / مارس 2005، تطالب تظاهرة مضادة يقودها المسيحيون والسنّة بانسحاب القوات السورية وباعتقال رؤساء أجهزة الأمن والاستخبار.
  • 19 آذار / مارس 2005، انفجار قنبلة في الجديدة، وهي حي شمال بيروت، وجرح 11 شخصاً.
  • 23 آذار / مارس 2005، مقتل ثلاثة وجرح ثلاثة آخرين في انفجار في مركز تجاري في الكسليك، شمال بيروت.
  • 25 آذار / مارس 2005، تصدر لجنة تقصي الحقائق الدولية تقريراً في نيويورك.
  • 26 آذار / مارس 2005، قنبلة في حقيبة تنفجر في منطقة صناعية شمال شرق بيروت، وتجرح ستة.
  • 1 نيسان / ابريل 2005، جرح 9 أشخاص في مرأب تحت الأرض في مبنى تجاري وسكني خال في برمانا.
  • 7 نيسان / ابريل 2005، مجلس الأمن الدولي ينشئ لجنة تحقيق دولية مستقلة في قضية اغتيال رفيق الحريري و22 آخرين في 14 شباط / فبراير 2005.
  • 19 نيسان / ابريل 2005، رئيس وزراء لبنان نجيب ميقاتي يعلن عقد انتخابات نيابية في 30 أيار / مايو 2005.
  • 22 نيسان / ابريل 2005، يقرر اللواء جميل السيّد مدير قوى الأمن الداخلي، واللواء علي الحاج، المدير العام في الأمن العام(*) وضع نفسيهما في تصرف رئيس الوزراء نجيب ميقاتي.
  • 26 نيسان / ابريل 2005، آخر القوات السورية تغادر لبنان وتنهي وجوداً عسكرياً استمر 29 عاماً.
  • 26 نيسان / ابريل 2005، لجنة التحقيق الدولية تبدأ عملها لتأكيد انسحاب القوات السورية وجهاز الاستخبار السوري تماماً من لبنان، والتزام سوريا الكامل للقرار 1559.
  • 6 أيار / مايو 2005، انفجار قنبلة في جونية، شمال بيروت وجرح 29 شخصاً.
  • 7 أيار / مايو 2005، عقد مجلس النواب لاعتماد تعديل قانون سنة 2000 الانتخابي.
  • 30 أيار / مايو 2005، عقد الجولة الأولى من الانتخابات، وحصول لائحة الشهيد رفيق الحريري وتحالف حركة المستقبل التي يرأسها سعد الحريري، والحزب التقدمي الاشتراكي وتجمع قرنة شهوان على كثرة المقاعد في مجلس النواب.
  • 2 حزيران / يونيو 2005، مقتل الصحافي سمير قصير بانفجار سيارته في شرق بيروت.
  • 21 حزيران / يونيو 2005، مقتل زعيم الحزب الشيوعي السابق جورج حاوي بانفجار سيارته قرب منزله في وطى المصيطبة.
  • 30 حزيران / يونيو 2005، فؤاد السنيورة، وزير المال السابق في حكومات رفيق الحريري يؤلف الحكومة الجديدة من 23 وزيراً.
  • 12 تموز / يوليو 2005، جرح وزير الدفاع الياس المر، ومقتل اثنين آخرين في هجوم بسيارة ملغومة في بيروت.
  • 22 تموز / يوليو 2005، جرح 3 أشخاص على الأقل قرب شارع مونو بانفجار قنبلة في حي الأشرفية.
  • 22 آب / أغسطس 2005، جرح ثلاثة أشخاص بانفجار في مرأب قرب فندق "برومناد" في منطقة الزلقا، شمال بيروت.
  • 16 أيلول / سبتمبر 2005، مقتل شخص وجرح عشرة آخرين بانفجار قنبلة قرب مصرف في الأشرفية.
  • 19 أيلول / سبتمبر 2005، مقتل شخص وجرح اثنين آخرين بانفجار صغير في مكتب الاعلام الكويتي في بيروت.
  • 25 أيلول / سبتمبر 2005، انفجار سيارة مفخخة يجرح مذيعة التلفزة الشهيرة مي شدياق، شمال بيروت.

مقدمة

  • 1ـ التقرير الحالي يفصل التقدم الذي تحقق في تطبيق قرار مجلس الأمن 1595. في هذا القرار، الذي اعتمد في 7 نيسان 2005، دان مجلس الأمن الهجوم الإرهابي في بيروت، لبنان، في الرابع عشر من شباط 2005، الذي أدى إلى مقتل رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري و22 شخصاً آخر، مجدداً تأكيد دعوته لاحترام استقلال لبنان وسيادته وسلامة أراضيه ووحدتها، وملاحظاً أن الاستنتاجات التي وصلت اليها لجنة تقصي الحقائق الدولية المستقلة لمساعدة السلطات اللبنانية في تحقيقاتها في كل أوجه هذا العمل الأرهابي، لكي تساعد بين أشياء أخرى في تحديد المنفذين والراعين والمنظمين والمتدخلين.
  • 2 ـ قبل اعتماد القرار 1595، تفحص مجلس الأمن تقرير لجنة تقصي الحقائق إلى لبنان حول الموضوع نفسه، الذي أرسل في 24 آذار 2005. التقرير عكس نتيجة ثلاثة أسابيع من التحقيق، بما في ذلك مجموعة من التوصيات. وكان رأي لجنة تقصي الحقائق أنه وطالما أن مصداقية السلطات اللبنانية التي أجرت التحقيقات كانت موضع تساؤل، فيجب إجراء تحقيق دولي مستقل لإقامة الحقيقة. ولهذا الغرض، هناك حاجة لإنشاء فريق له سلطات تنفيذية، يغطي كل حقول الخبرات الضرورية لتحقيق من هذا النوع، وعلى الرغم من الوقت المحدود وقلة العدد الذي عملت في ظله لجنة تقصي الحقائق فإن استنتاجاتها وتوصياتها كانت ذات قيمة معتبرة للجنة.
  • 3 ـ في رسالة مؤرخة في 29 آذار 2005 (س/2005/208). عبرت الحكومة اللبنانية عن موافقتها على قرار مجلس الأمن بإنشاء لجنة دولية للتحقيق وكذلك استعدادها للتعاون مع اللجنة ضمن آلية سيادة لبنان ونظامه القضائي.
  • 4 ـ بعد اعتماد القرار 1559، حصلت مشاورات مكثفة في ما يتعلق بإنشاء لجنة التحقيق الدولية المستقلة، وأعضائها ودعمها اللوجستي. وفي 26 أيار 2005، وصل فريق متقدم صغير من اللجنة يرأسه ديتليف ميليس إلى بيروت. ولعلمه بالطابع العاجل للمهمة فإن الفريق ومن مقر موقت، سعى لايجاد منصة دعم لعمله المستقبلي.
  • 5 ـ في 13 حزيران 2005، بعد مناقشات مكثفة مع السلطات القضائية اللبنانية، وقعت مذكرة تفاهم بين حكومة لبنان واللجنة. وفصلت المذكرة أشكال التعاون بين الفريقين. وكانت هناك أهمية خاصة بالنسبة للجنة للاتفاق حول "ان حكومة لبنان سوف تضمن أن اللجنة ستكون حرة من أي تدخل في ممارسة تحقيقها، وأن تزود بكل المساعدة الضرورية لإنجاز مهمتها". كان على اللجنة أن تحدد إجراءاتها الخاصة، وجمع الأدلة، الوثائقية والمادية، وأن تلتقي وتستجوب أي مدني و/أو مسؤول تعتبره ضرورياً وأن يكون لها وصول غير مقيد إلى كل المباني في كل الأراضي اللبنانية، آخذة في الاعتبار القانون والإجراءات القضائية اللبنانية. وكان على السلطات اللبنانية من جانبها أن تساعد اللجنة في عملها عن طريق تقديم كل الوثائق والأدلة المادية التي تملكها وعن طريق تحديد موقع الشهود كما تطلب اللجنة.
  • 6 ـ في 16 حزيران 2005. أعلن الأمين العام بدء عمل لجنة التحقيق. وفي 17 حزيران 2005، عقد رئيس اللجنة مؤتمراً صحافياً ليلتمس علناً مساعدة السلطات اللبنانية ويدعو الشعب اللبناني لتقديم المساعدة للجنة عن طريق تسليم أي معلومات قد تكون ذات أهمية للتحقيق. وتمت إقامة خطين ساخنين لهذا الغرض، شغلتهما السلطات اللبنانية.
  • 7 ـ بعد وقت قصير من توقيع مذكرة التفاهم، أرسلت السلطات اللبنانية إلى اللجنة 8000 صفحة من ملف القضية احتوت على كل المعلومات والأدلة التي جمعت منذ 14 شباط 2005. ثم قامت اللجنة بإجراء تحقيق جنائي وقضائي شامل بالتعاون الوثيق مع السلطات القضائية اللبنانية المعنية (مدعي عام التمييز في الجمهورية اللبنانية) والشرطة (قوى الأمن الداخلي)، لتجنب ازدواجية وتداخل وتعارض الإجراءات.
  • 8 ـ أقامت اللجنة روابط وثيقة مع السلطات الأمنية والقضائية اللبنانية. عقدت مناقشات منتظمة، وخصوصاً مع السلطات القضائية، لتبادل المعلومات والملفات المحدثة، وتشارك النتائج والتخطيط لمراحل جديدة من التحقيق. معظم الشهود الذين استجوبوا من قبل اللجنة، استدعوا من قبل السلطات القضائية والأمنية اللبنانية. وكانت عملية 30 آب إشارة بارزة على ذلك، قامت خلالها القوات الأمنية اللبنانية ومحققو لجنة التحقيق بتنسيق مداهمات وعمليات تفتيش لمنازل مسوولين أمنيين بارزين سابقين، قبل نقلهم بمرافقة وثيقة إلى قاعدة عمليات اللجنة الرئيسية للاستجواب.
  • 9ـ وكانت السلطات اللبنانية مساعدة بشكل كبير في إقامة قاعدة العمليات الرئيسية وكذلك قاعدة عمليات أمامية لعمل اللجنة. وعملت فرق الأمن اللبنانية (الشرطة والجيش) يداً بيد مع الفريق الأمني التابع للجنة التحقيق لضمان سلامة وأمن أفراد اللجنة ومبانيها.
  • 10 ـ على الرغم من أن القرار 1595 أعطى اللجنة سلطات تنفيذية، فإن اللجنة كانت إلى حد كبير تتلقى دعم السلطات الأمنية والقضائية اللبنانية خلال عمليات المداهمة والتفتيش. أكثر من ذلك، وعلى الرغم من أن اللجنة كانت مؤهلة لتقديم الاقتراحات إلى السلطات الأمنية اللبنانية في ما يتعلق بتوقيف الأشخاص الذين يشتبه بتورطهم في الاغتيال، إلا أنها أبقت القرار المستقل للسلطات اللبنانية للتقدم في مثل هذه الأعمال.
  • 11 ـ من مسارين للتحقيق، واحد لبناني وآخر للأمم المتحدة، برز تحقيق موحد ومكمل نفذ بشكل مشترك من جانب اللجنة والسلطات اللبنانية. أظهرت السلطات اللبنانية بثبات القدرة على أخذ مسؤوليات متزايدة في متابعة القضية. وهذا ظهر بحقيقة أنها أخذت المبادرة لتوقيف مشتبه بهم وتنظيم مداهمات وعمليات تفتيش.
  • 12 ـ بالنظر إلى انعدام الثقة العميق الذي ساد في أوساط الشعب اللبناني نحو أجهزته الأمنية والقضائية ، أصبحت لجنة التحقيق الدولية مصدر توقعات وآمال كبيرة من أجل التغيير، وكذلك "صلة وصل" بين الشعب اللبناني وسلطاته. المؤتمران الصحافيان وخصوصاً الاول، بالإضافة إلى استجواب أول مشتبه به، وتوقيف المسؤولين الأمنيين البارزين السابقين وفقاً لاقتراح من اللجنة، كانت لها آثار مساعدة. كل ذلك كان دليلاً أن لا أحد فوق القانون في نظر اللجنة. أدى ذلك إلى تعزيز الثقة اللبنانية. تقدم مزيد من الشهود بينما كان عمل اللجنة يسير إلى الأمام. لكن عدداً من الناس أصروا على عدم كشف هوياتهم للسلطات اللبنانية.
  • 13 ـ هناك نقاط أخرى تستحق التركيز عليها. أولاً، إن هناك شهوداً كانوا خائفين من أنهم سيتعرضون للأذى إذا تم إعلان أنهم تعاونوا مع اللجنة. لهذا السبب، أعطت اللجنة اهتماماً كبيراً لضمان أن مقابلات الشهود تعقد بطريقة سرية. ولأن اللجنة تعطي مصداقية لمخاوف هؤلاء الأفراد على سلامتهم، فإن هذا التقرير لن يكشف هوية أولئك الذين جرت معهم مقابلات. ثانياً، كما يصح في أي تحقيق، فإن بعض الشهود قد يوفرون معلومات تتجاوز مدى التحقيق الذي يجري. قامت اللجنة وستواصل القيام بتزويد السلطات اللبنانية بكل المعلومات التي تتعلق بأي قضية جنائية خارج مدى تحقيق اللجنة. أخيراً، قابلت اللجنة أشخاصاً كانت أجندتهم توجيه اللجنة إلى غير الاتجاه الذي يأخذها اليه الدليل، ولكن في الاتجاه الذي يريد هؤلاء الأشخاص للجنة أن تذهب اليه. تعاملت اللجنة مع هؤلاء الأفراد وتلك الأوضاع بأنها ظلت على مهمتها الواحدة، وهي متابعة الدليل حيثما يقود وعدم متابعة أجندة أي شخص أو كيان محدد.
  • 14 ـ عكس الرأي العام اللبناني نظرة واسعة بأنه، عندما تسلم اللجنة تقريرها وتنهي عملها، فإن لبنان "سيترك لوحده". وهناك خوف سائد من أنه بعد أن تنهي اللجنة عملها، وعاجلاً وليس آجلاً، فإن أجهزة الاستخبارات والأمن السورية ستعود، وتنظم "حملة انتقام" في مجتمع ما زال "مخترقاً" من عناصر مؤيدة لسوريا. وحصلت تفجيرات واغتيالات ومحاولات اغتيال مؤخراً من دون عقاب. وساهمت شائعات متعمدة وتحليلات تنبؤية إعلامية في إبقاء هذه الحالة وردعت شهوداً محتملين عن الاتصال باللجنة.
  • 15 ـ على الرغم من المخاوف والامتناع عن التقدم للادلاء بمعلومات في الوقت الذي بدا اتمام عمل اللجنة وشيكاً (في 25 كانون الاول)، فإنه من العادل القول إن الشعب اللبناني بصفة عامة كان تواقاً للتقدم لمساعدة اللجنة على تنفيذ عملها.
  • 16 ـ اللجنة لم يكن بامكانها العمل في فراغ إعلامي، تحديداً في لبنان. بعض وسائل الإعلام اللبنانية كان لديها ميل دائم ولسوء الحظ نحو نشر الاشاعات، وإذكاء التكهنات، وتقديم معلومات على أنها حقائق من دون تفحصها مسبقاً، وفي بعض الأحيان استخدام مواد تم الحصول عليها في ظروف مشكوك بها، من مصادر اطلعتها اللجنة على ايجازات، ومن ثم خلق حالة قلق بين الناس وإعاقة عمل اللجنة عندما كان التركيز يجب أن يكون في الغالب على قضايا أمنية. كانت سياسة اللجنة الثابتة هي عدم الإنجرار إلى حوار مباشر مع وسائل الإعلام اللبنانية، وتجنب أي تصعيد والبقاء فوق أي بيانات تتخذ طابع التحدي أو الاستفزاز. المؤتمران الصحافيان كلاهما كان هدفهما الرد على تكهنات كهذه وتوضيح وضع التحقيق. وفي النهاية كان تأثير هذه الأمور قصير الأجل.
  • 17 ـ لتعزيز الشفافية وتوسيع التعاون، فإن العمل مع السلطات القضائية شمل إبقاء السلطات السياسية العليا مطلعة على تطورات التحقيق، بحدود أن عملاً كهذا لا يطرح تساؤلات حول استقلالية اللجنة ولا يكون له تأثير مباشر على مسار التحقيق. ولكن عدداً من الشخصيات السياسية اللبنانية أضافت إلى مناخ انعدام الأمن والشك، عن طريق تسريب معلومات للصحافة أو كشف معلومات حساسة من دون موافقة مسبقة من اللجنة.
  • 18 ـ خلال مسار التحقيق، كان على اللجنة مواجهة تحديات لوجستية رئيسية. في هذا المجال، كان الدعم والمساعدة المكثفان من جانب المنظمات الشقيقة في نظام الأمم المتحدة والانتربول لا يقدران بثمن في عمل اللجنة اليومي.
  • 19 ـ المجتمع الدولي، من جانبه، كان دائماً يقدم الخبرات عندما يطلب منه. هذه المساعدة سهلت بشكل كبير عمل اللجنة وأعطت قيمة مضافة لعملها. لكن على الرغم من أن القرار 1595 دعا كل الدول لتزويد اللجنة بأي معلومات ذات صلة تتعلق بقضية الحريري، كان من المؤسف أن أي دولة عضو لم تنقل معلومات مفيدة كثيراً إلى اللجنة. قاد عدد من الاتصالات إلى تبادل آراء و/أو بيانات حقائق. إن قراءة اللجنة للقرار هي أن المعلومات الدقيقة التي تحدث عنها مجلس الأمن كان يجب ان تتضمن بين أشياء أخرى معلومات استخبارات كان يمكن أن ترسل من دون طلب مسبق من اللجنة.
  • 20 ـ على الرغم من القدرات البشرية والتقنية والمالية التي جرى تحريكها لغرض التحقيق، وعلى الرغم من التقدم المعتبر الذي جرى تحقيقه والنتائج التي تم التوصل اليها في الوقت المخصص، فإن التحقيق في عمل إرهابي كهذا له أبعاد دولية متعددة الأوجه وتشعبات يحتاج عادة إلى أشهر (إذا لم يكن سنوات) لإنهائه بحيث يمكن إقامة أرضية صلبة لأي محاكمة محتملة لأي أشخاص متهمين. إن من الأهمية القصوى الاستمرار في متابعة المحاكمة داخل لبنان وخارجه. عمل اللجنة هو فقط جزء من عملية أوسع. حتى أثناء كتابة هذا التقرير جرت عملية توقيف مهمة قبل أيام قليلة، ومقابلات الشهود مستمرة وتجري مواصلة تفحص الأدلة المعقدة.
  • 21 ـ اللجنة أقامت حقائق وحددت مشتبهاً بهم على أساس الدليل المجموع والمتوافر لها. اللجنة تفحصت واختبرت هذا الدليل بأفضل المعرفة التي لديها. وقبل اكتمال التحقيق، وتحليل كل المفاتيح والأدلة بالكامل، وإنشاء ادعاء مستقل وغير متحيز، فإن المرء لا يمكنه معرفة القصة الكاملة لما حصل، وكيف حصل ومن المسؤول عن اغتيال رفيق الحريري وقتل 22 شخصاً بريئاً آخر. لذلك فإن افتراض البراءة يبقى قائماً.
  • 22 ـ في انتاج هذا التقرير، سعت اللجنة لضمان أن لا شيء تفعله أو تقوله يؤذي التحقيق الجنائي أو أي محاكمات يمكن أن تتلوه. اللجنة لا تستطيع في هذا الظرف الكشف عن كل العناصر المفصلة والحقائق التي بحوزتها، خارج تشاركها مع السلطات اللبنانية. اللجنة حاولت وضع الحقائق وتقديم التحليلات لهذه الحقائق بطريقة تشرح بشكل دقيق ما حصل وكيف حصل ومن المسؤول.

الخلفية

23 ـ ان سوريا كان لها دائما دور كبير في لبنان، وخلال العهد العثماني، كان جزء من الاراضي الادارية التي تحكم من دمشق، وعندما تمّ انشاء الدولة بعد الحرب العالمية الاولى مما يعتبره الكثير من القوميين العرب انه جزء من سوريا، ومنذ ان اصبحت الدولة مستقلة فانه لم تقم بين الدولتين علاقات ديبلوماسية.

24 ـ دعيت القوات السورية إلى لبنان من قبل الرئيس اللبناني الراحل سليمان فرنجية في العام 1976، في المراحل الاولى للحرب الاهلية. وفي اتفاق الطائف الذي تمّ التوصل اليه بين الاطراف اللبنانية التي انهت الحرب في العام 1989، شكر لبنان سوريا على مساعدته بنشر قواتها في لبنان، ودعت بنود الاتفاق سوريا ولبنان إلى تحديد اعادة انتشار تلك القوات، وتوصل البلدان إلى الانتشار اللاحق في العام 1991. وفيما يتعلق بالتعاون اعادا التذكير بهذه البنود، وانسحبت القوات السورية عام 2005 وفقا لقرار مجلس الامن 1559. العلاقات بين الحريري وسوريا

25 ـ ان تحقيقات اللجنة اكدت ما يقوله الكثير في لبنان ان كبار ضباط الاستخبارات السورية كان لهم تأثير كبير واستراتيجي على حكم لبنان، والصراع الكبير الواضح بين الحريري المسؤولين السوريين الكبار، بمن فيهم الرئيس بشار الاسد، كان جزءا محوريا في المعلومات التي قدمت إلى اللجنة من خلال الوثائق والشهادات. وفي لقاء في دمشق بين الحريري والرئيس الاسد في 22 من اغسطس/ آب 2004 ظهر الخلاف، وفي هذا اللقاء الذي دام بين عشرة إلى خمسة عشر دقيقة، أعلم الرئيس الاسد الحريري الذي كان في وقتها لا يزال رئيسا للوزراء، بضرورة ان يمدد لبنان ولاية الرئيس لحود، وهو امر كان الحريري يعارضه.

26 ـ الشهود اللبنانيون والسوريون، ووفقا لمدونات اللقاء بين الحريري ونائب وزير الخارجية السوري وليد المعلم، قدموا إلى اللجنة نسخة مغايرة لما قيل في هذا اللقاء، والكثير من الشهود اللبنانيين بمن فيهم الوزيرين مروان حمادة وغازي العريضي والزعيم وليد جنبلاط ونجل الحريري سعد قالوا ان الرئيس الحريري قال لهم ان الرئيس الاسد أعلمه بقراره بتمديد ولاية الرئيس لحود وهدد بتكسير لبنان على رأس الحريري وجنبلاط اذا لم يوافقا على دعم تمديد ولاية الرئيس لحود. ان المسؤولين السوريين وصفوا هذا اللقاء بشكل مغاير. فوزير الخارجية السوري فاروق الشرع والجنرال رستم غزالي المسؤول عن الاستخبارات السورية في لبنان، وصفا اللقاء بشكل ايجابي. اللواء غزالي قال للجنة ان الحريري قال له ان الرئيس الاسد اخبره بأنه صديقه، ووصف اللقاء بانه يتمتع بالاحترام، وان الرئيس الاسد استشار الحريري في موضوع التمديد.

27 ـ الآتي مقتطفات من مقابلات أجريت من قبل اللجنة في ما يتعلق باجتماع 26 آب / اغسطس 2005، وأجزاء من رسالة السيد الشرع إلى اللجنة، وجزء من نسخة عن حوار مسجل بين السيد الحريري والمعلم.

رسالة وزير خارجية الجمهورية العربية السورية إلى اللجنة في 17 آب / اغسطس 2005:

"حصل لقاء بين الرئيس بشار الأسد ورئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري في دمشق في 26 آب / اغسطس 2004 في اطار التشاور السياسي المتواصل بين القادة السوريين واللبنانيين.. وجرت مراجعة عامة للتطورات المحلية والاقليمية بما في ذلك احتمال التمديد لاميل لحود، رئيس لبنان، في ضوء الظروف الاقليمية المضطربة واستناداً إلى المصلحة المشتركة في الحفاظ على الاستقرار في لبنان. وقد طلب السيد الحريري في حال وجود إجماع على التمديد للحود في مجلس الوزراء أن تقوم سوريا بمساع لدفع الرئيس لحود إلى تعاون أفضل خلال الفترة الآتية، وقد طلب الرئيس من السيد الحريري ان يتشاور مع جماعته ومع مَن يراهم مناسبين واتخاذ الموقف المناسب.

إفادة رستم غزالة المكتوبة غير المؤرخة التي قدمت إلى لجنة التحقيق في 17 (آب) اغسطس 2005:

"كان لي في ذلك التاريخ لقاءان (26 آب (أغسطس) 2004) مع الحريري، الاول كان في صباح 26 آب (اغسطس 2004) وهو في طريقه إلى دمشق لمقابلة الرئيس الاسد، والثاني بعد عودته من دمشق إلى بيروت بعد لقائه الرئيس الاسد. واللقاء الاخير تم ايضاً في مكتبي في عنجر. وقد ناقشنا لقاءه مع الرئيس الاسد، وبدا (الحريري) مرتاحاً وقال إن اللقاء كان ودياً وموجزاً، وإن الرئيس الأسد قال له: أبو بهاء نحن في سوريا كنا دائماً معك كأصدقاء، واليوم أنا اتحدث معك كصديق وكرئيس وزراء للبنان، ووفقاً للظروف الصعبة التي تشهدها المنطقة ولبنان في وسطها، فإن رأينا أنه من أجل مصلحة لبنان هو استمرارية النظام الحالي من خلال تمديد ولاية الرئيس لحود، وكصديق نود منكم ان توضحوا موقفكم في ما يتعلق بهذه القضية. نحن لسنا مستعجلين لمعرفة الجواب، ويمكن أن تفكروا بالأمر إذا أردتم.

شهادة مروان حمادة المكتوبة في 27 حزيران (يونيو) 2005:

"في 24 او 25 من آب/ اغسطس تمت دعوة السيد الحريري والسيد جنبلاط والسيد نبيه بري إلى دمشق من أجل أن يتم إعلامهم بقرار تمديد ولاية الرئيس لحود، السيد جنبلاط أعلم غزالي بأنه يجب أن يناقش الأمر مع الرئيس الاسد، ولكن غزالي أصرّ على أن الجواب يجب أن يكون "نعم" قبل تحديد أي موعد، ونصح جنبلاط أن يتعامل بايجابية مع الموضوع لأن هذا الموضوع قضية استراتيجية بالنسبة للرئيس الأسد، لكن جواب جنبلاط كان سلبياً، وبعد ساعة اتصل جنبلاط بي (أي بحمادة) وقال إن المخابرات السورية ألغت لقاءه مع الرئيس الأسد. وفي المساء ذهبت أنا وجنبلاط لزيارة الحريري، الذي قال لنا إن غزالي أصرّ على أنه طالما أن الجواب لن يكون ايجابياً فإنه لن يؤكد لقاءه أيضاً مع الأسد، وطلب منه أن يذهب إلى دمشق وأن يبقى في بيته حتى إشعار آخر، وفي اليوم التالي دُعي إلى لقاء صغير، وفي اليوم الذي التقى فيه الحريري بالرئيس الأسد كنت أقابله في منزل جنبلاط مع السيد باسم السبع وغازي العريضي، ورأينا موكب الحريري تدعمه سيارة (بي أم) ما يعني أن اللقاء في دمشق كان قصيراً للغاية، لقد رأينا يومها الحريري متعباً ويتصبب عرقاً، وقال لنا، نحن الأربعة، بأن التمديد للحود سيتم وإلا سأدفع ثمناً غالياً، وقال بأن الأسد قال له بأني سأكسر لبنان على رأسك وعلى رأس جنبلاط.

شهادة غازي العريضي في الأول من تموز (يوليو) 2005:

"السيد الحريري قال لنا، إن الرئيس الأسد قال له، إذا أخرجني جاك شيراك من لبنان، فإنني سأتخذ خيارات أخرى وسأعلمكم بها، إما أنكم معنا أو ضدنا، وخياري هو اميل لحود للرئاسة، وسأحرص على أن يكون هو الرئيس، وسأنتظر جواب جنبلاط، وقل لوليد جنبلاط بأنه إذا كان عنده دروز في لبنان فإن لديّ أيضاً دروز في سوريا وأنا مستعد لعمل أي شيء".

شهادة وليد جنبلاط المكتوبة في 28 حزيران (يونيو) 2005:

"وفقاً للرئيس الحريري فإن الرئيس الأسد قال له: لحود هو أنا، وأنا أريد أن أجدد له، وإذا أراد شيراك أن يخرجني من لبنان، فإني سأكسر لبنان، وخلال زيارته إلى منزلي كان الحريري خائب الظن وكان في وضع سيئ للغاية".

شهادة جبران تويني في 25 حزيران (يونيو) 2005:

"لاحقاً في العام 2004 عندما كانت قضية التمديد للحود، الرئيس الحريري قال لي إن الرئيس الأسد هدده مباشرة وقال له: إن التصويت ضد التمديد يعتبر بأنه مباشرة ضد سوريا، ووفقاً للحريري فإن الرئيس الأسد قال إنه في هذه الحالة فإن السوريين سيفجرونه وأياً من أعضاء اسرته، وبأنهم لن يجدوا الهدوء في أي مكان في العالم".

شهادة باسم السبع في 30 حزيران (يونيو) 2005:

"عندما عاد الحريري من لقائه مع الأسد قابلته في منزل وليد جنبلاط، وقال لنا بأن الرئيس الأسد قال له ببساطة، أنا شخصياً مهتم بهذه القضية، التمديد لاميل لحود، والقضية ليست قضية لحود بقدر ما هي قضية بشار الأسد. وسألناه ما إذا استطاع أن يناقش القضية مع الرئيس الأسد فقال بأن الرئيس الأسد قال له بأن القضية ليست موضع نقاش وإنها يجب أن تتم وإلا فإنه سيكسر لبنان، وقال (الأسد) من مصلحة لبنان، فإن عليه أن يفكر بما سيفعله، وبأننا نتعامل مع مجموعة من المجانين الذين قد يقدمون على أي شيء".

شهادة سعد الحريري في 9 تموز (يوليو) 2005:

"ناقشت مع والدي الراحل رفيق الحريري تمديد ولاية اميل لحود، وقال لي بأن الرئيس بشار الأسد هدده وقال له، "هذا ما أريده، إذا كنت تظن أن الرئيس شيراك أو أنت تستطيعون أن تحكموا لبنان فأنتم مخطئون، فذلك لن يحدث. لحود هو أنا وما أقوله له ينفذه، وهذا التمديد سيتم وإلا فإني سأحطم لبنان على رأسك وعلى رأس وليد جنبلاط، وإما أن تفعل ما نقوله لك وإلا فسنتعامل معك ومع أسرتك أينما كنت".

حوار مسجل لرفيق الحريري مع وليد المعلم

في الأول من شباط (فبراير) 2005:

"في ما يتعلق بقضية التمديد فإن الرئيس الأسد أرسل لي وقابلني لمدة 10 إلى 15 دقيقة، وأرسل في طلبي وقال لي: انت دائماً تقول إنك دائماً مع سوريا، الآن حان الوقت لتثبت بأنك كنت تقصد ما تقوله، أو شيء آخر. ولم يطلب مني رأيي، وقال: لقد قررت. ولم يتعامل معي كرئيس وزراء أو كرفيق الحريري أو أي شخص آخر، وقال: أنا قررت، وهذا ما أثار دهشتي، كان ذلك أسوأ يوم في حياتي، ولم يقل لي إنه يرغب بتمديد ولاية لحود، وكل ما قاله "أنا قررت أنا افعل ذلك، ولا تجبني.. فكّر وعد إليّ". لم يتم التعامل معي كصديق أو كشخص معروف وإنما طلبت، وقيل لي: أنت معنا أو ضدنا! هذا كل ما في الأمر، وعندما انتهى لقائي معه، أقسم لك، ان حارسي الشخصي نظر اليَّ وسألني لماذا انا شاحب الوجه؟!.

28 ـ وفي اللقاء مع السيد المعلم اشتكى أنه يعتقد أن الرئيس الأسد، لم يتم إخباره بشكل دقيق من أجهزة الاستخبارات ومن الوزير الشرع عن السيد الحريري، وكان هناك الجملة التالية من الحريري في هذا اللقاء: "لا استطيع ان اعيش في نظام امني متخصص في التدخل بعمل الحريري ويقوم بنشر اشاعات عن رفيق الحريري وبعد ذلك ينقلها إلى الرئيس الأسد، لكن لبنان لن يبتعد عن سوريا وهذا لن يحدث ابدا".

29 ـ وخلال هذا اللقاء قال المعلم للحريري باننا نحن واجهزة الامن وضعناك في الزاوية، وتابع: رجاء لا تأخذ الامر بسهولة.

30 ـ هذا اللقاء المسجل يناقض شهادة السيد المعلم في 20 أيلول (سبتمبر) 2005، الذي وصف هذا اللقاء بأنه ودي وايجابي، ورفض إعطاء الأجوبة اللازمة.

التعاون السوري مع اللجنة

31 ـ المعلومات المذكورة آنفاً والأدلة التي تمّ جمعها من قبل اللجنة، كما شرحناها، والتي تشير إلى التخطيط للاغتيال، تشير إلى احتمال أن المسؤولين السوريين كان لهم علاقة باغتيال السيد الحريري، وعندما حاولت اللجنة الحصول على تعاون الحكومة السورية في متابعة هذه الأدلة، فإن اللجنة ووجهت بتعاون شكلي فقط.

32 ـ إن الاتصال الاساسي بين اللجنة والسلطات السورية حدث في 11 تموز (يوليو) 2005، عندما أرسل السيد ميليس رسالة إلى وزير الخارجية السوري فاروق الشرع، طالباً اللقاء مع ممثلين عن الحكومة السورية، الشرع أجاب في 11 تموز (يوليو) 2005، مؤكداً دعم الحكومة السورية للتحقيق بعبارات عامة، وفي 19تموز/ يوليو طلبت اللجنة مقابلة عدد من الشهود، بمن فيهم رئيس الجمهورية العربية السورية، وفي 26 آب/ أغسطس وبطلب من الحكومة السورية حدث لقاء بين رئيس اللجنة وممثلين عن وزارة الخارجية السورية في جنيف في سويسرا، وفي ذلك اللقاء أعطيت لرئيس اللجنة رسائل من أربعة شهود، وأشاروا إلى أن الرئيس الأسد لن يكون مستعداً لأي شهادة، وأكد رئيس اللجنة على مقابلة هؤلاء الشهود وقيل له إن هذا الطلب لا يزال تحت الدراسة والنقاش، ولكن الرئيس الأسد لن يكون متاحاً للشهادة.

33 ـ في 13 آب (أغسطس) طلبت اللجنة مرة أخرى من وزير الخارجية السورية مقابلة عدد من الشهود الإضافيين الآخرين، المشتبه فيهم في سوريا، والرسالة طلبت دعم الحكومة السورية من أجل تفتيش منازل المشتبه فيهم، وفي 7 ايلول/ سبتمبر أعلم الوزير الشرع اللجنة خطياً، بأنه رغم أن أدلة اللجنة كانت مبنية على شهادات كاذبة، فإن حكومته وافقت على طلب اللجنة مقابلة الأشخاص الواردة أسماؤهم في الطلب باستثناء الرئيس الأسد.

34 ـ في 12 أيلول (سبتمبر) تمت مناقشة تفاصيل هذه اللقاءات بين اللجنة وبين ممثلين عن وزارة الخارجية السورية واللجنة عبرت عن أملها أن تتم اللقاءات في دولة أخرى، لا في لبنان ولا في سوريا، وتم رفض ذلك، وأصرت سوريا على أن تتم اللقاءات في سوريا وبمشاركة مسؤولين سوريين، والمقابلات حدثت بين 20 و23 أيلول/ سبتمبر، وكل لقاء وشهادة تمت بحضور مستشار قانوني من وزارة الخارجية السورية أو ممثل آخر من وزارة الخارجية ومترجم وكاتبي عدل وأشخاص آخرين لم يكن يعرف مع من يعملون. وفي نهاية اللقاءات كان واضحاً أن المستجوبين قد أعطوا إجابات متشابهة، والكثير من هذه الإجابات كانت تتناقض مع الأدلة التي جمعتها لجنة التحقيق من مصادر منوعة أخرى، واللجنة لم تتح لها الفرصة لمتابعة هذه اللقاءات في ما يتعلق بضلوع سوري ما في الجريمة.

35 ـ توصلت اللجنة إلى خلاصة بأن عدم تعاون الحكومة السورية معها قد أعاق التحقيق، وجعل من الصعب متابعته وفقاً للأدلة التي تمّ جمعها من مصادر شتى. واذا كان للتحقيق ان يستمر، فإن من المهم ان تتعاون الحكومة السورية بالكامل مع سلطات التحقيق بما في ذلك السماح بإجراء المقابلات خارج سوريا، وبالنسبة إلى الشهود الا يرافقهم مسؤولون سوريون.

الجريمة

36 ـ في 14 شباط (فبراير)، حوالي الثانية عشر وخمسين دقيقة. غادر رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري ساحة النجمة في بيروت عائداً إلى قصر قريطم في موكب من 6 سيارات ومعه النائب باسل فليحان ومرافقيه.

37 ـ عندما وصل الموكب إلى فندق سان جورج وقع انفجار كبير أدى إلى مقتل السيد الحريري وآخرين. وبعد فترة وجيزة من الانفجار تلقى مدير مكتب "الجزيرة" في بيروت مكالمة هاتفية من شخص في سوريا يدّعي انه مسؤول عن مقتل الحريري وجرى بثّه على الهواء مباشرة.

4 ـ التحقيق اللبناني

الإجراءات الأولية

39 ـ لكشف جريمة بهذا الحجم كانت تتطلب اجراءات ادارية كبيرة وتنسيقا كبيرا وتوفير المختصين والمعدات والدعم اللازم. وفي ما يلي الاجراءات التي اتخذتها السلطات اللبنانية في الفترة الواقعة بين حصول الانفجار وتاريخ تشكيل اللجنة الدولية.

40 ـ كان قاضي التحقيق العسكري رشيد مزهر مسؤولاً عن التحقيق خلال الفترة من 14 شباط 2005 إلى 21 منه، وأخيراً اتخذت الحكومة اللبنانية قراراً اعتبرت بموجبه الجريمة عملاً ارهابياً يستهدف الجمهورية وإحالتها على المجلس العدلي. ونتيجة لهذا القرار تم تعيين قاضي تحقيق جديد هو القاضي ميشال أبو عراج وممثل للمدعي العام.

41 ـ وصل القاضي مزهر إلى موقع الجريمة بعد أقل من ساعة من حصول الانفجار ومعه القاضي جان فهد من مكتب المدعي العام، ووصف موقع الجريمة بأنه عشوائي وكان قراره الأول تعيين مساعد قائد شرطة بيروت العميد ناجي ملاعب مسؤولاً عن موقع الجريمة وكلفه بمهمة رفع الجثث والجرحى واخماد النيران وبعد ذلك سحب كافة الأشخاص من الموقع وإغلاقه بالكامل. (افادة شاهد).

42 ـ في الساعة الخامسة مساء دعا القاضي مزهر إلى اجتماع مع كل الأجهزة المعنية من الأجهزة الأمنية والعسكرية بمن فيهم نحو 10 ضباط ووزع المهمات خلال الاجتماع وحدد طريقة عمل التحقيق. (افادة شاهد).

43 ـ شارك في الاجتماع قائد الشرطة القضائية بالوكالة العميد اعور وقائد شرطة بيروت بالوكالة العميد ملاعب وصلاح عيد المسؤول عن موقع الجريمة والعقيد فؤاد عثمان رئيس قسم المعلومات.

44 ـ بعد اللقاء، حوالى الساعة السابعة مساء، عاد القاضي مزهر إلى موقع الجريمة للمرة الثانية، ولم يكن راضياً عن ظروف موقع الجريمة، ولكنه كان يأمل ان تكون أفضل في اليوم التالي لأن المسؤوليات قد تم توزيعها خلال الاجتماع، وكان ثمة قصور تمثل في عدم توفير المعدات والخبرات اللازمة، وسوء التواصل بين الأجهزة المعنية وعدم الالتزام بتعليمات قاضي التحقيق وتزويده بالمعلومات حول تقدم سير التحقيق.

45 ـ استدعى القاضي مزهر خلال فترة توليه التحقيق عشرة أشخاص للاستجواب بمن فيهم موظفو فندق "سان جورج" ووالد ووالدة أبو عدس وبعض الشهود العيان، واتخذ بالتشاور مع القاضي جان فهد قرار طلب المساعدة من سويسرا لتأمين خبراء في الطب الشرعي لمساعدة السلطات اللبنانية في التحقيق. وعندما ترك القاضي مزهر منصبه في 21 شباط (فبراير) 2005 لم يكن قد تم التوصل إلى أي نتيجة في هذا التحقيق.

46 ـ جرى نقل الملف إلى قاضي التحقيق الجديد القاضي ميشال أبو عرّاج الذي تولى التحقيق في الفترة الممتدة من 22 شباط/ فراير لغاية 23 آذار/ مارس 2005، وقد عيّنه القاضي الأول طانيوس خوري وسجل الملف في مكتب أبو عرّاج في 22 شباط (فبراير) 2005، وكان رأيه الأول عندما نظر في الملف هو أن الجريمة كانت هجوماً إرهابياً يتطلب فترة طويلة من الوقت وإجراءات التحقيق اضافة إلى الكثير من الإمكانات الاخرى. ان الإجراءات الأولية جرى تنفيذها في شكل مهني ودقيق، وفوجئ بعزل سيارات الموكب واتصل بالقاضي مزهر طالباً توضيح الأمر.

47 ـ اتخذ السيد أبو عراج خلال توليه التحقيق الاجراءات التالية: ـ في 22 شباط/ فبراير: تسجيل القضية في سجلات بيروت الثانية. ـ في 24 شباط/ فبراير تفتيش فندق سان جورج والتشاور مع قوى الأمن الداخلي وأمن الدولة والمخابرات العسكرية. ـ في 25 شباط/ فبراير التحقيق في حفريات فندق "سان جورج" واستجواب تيسير أبو عدس وماهر الداعوق. ـ في 26 شباط/ فبراير: جرى الحصول على تقارير عدة حول التفتيش والبحث ونقل سيارات الموكب إلى ثكنة الحلو والتحقيق مع الحرس. ـ 28 شباط/ فبراير: تم الاستماع إلى تيسير أبو عدس وماهر الداعوق وحسن محمد العجوز وعامر خالد شحادة. ـ 28 شباط/ فبراير: لقاء آخر مع رشيد حمود في المستشفى، ومحمد تويني الحارس الشخصي للرئيس رفيق الحريري وتامر لهيب، وطلب قسم الطب الشرعي مساعدة أجنبية. ـ 1 آذار/ مارس: وصل رئيس لجنة تقصي الحقائق السيد بيتر فيتزجيرالد إلى لبنان للنظر في التحقيق. ـ 2 آذار/ مارس: التحقيق مع تامر لهيب ومحمد تويني وشهود آخرين. ـ 3 آذار/ مارس: تقرير شركة ميتسوبيشي ودفتر مواصفات (كاتالوغ) بيك آب ميتسوبيشي، وقائمة أسماء والقطع التي وجدت في موقع الانفجار وخارطة تظهر تقرير السيد قواس بنتيجة الفحوص التي أجريت لجثة عبدالحميد غلاييني، وتم الحصول على تقرير من الاستخبارات العسكرية عن التحقيق مع حسام علي محسن وأحمد عمورة ونبيل غصوب حول علاقتهم بالمشتبة فيه أحمد أبو عدس ولم يتم اعتقالهم. تقرير السيد حسين شحرور بنتيجة فحوص جثة عبد الحميد غلاييني. ـ 5 آذار/ مارس: استدعاء أول ثلاثة شهود للتحقيق معهم في 8 آذار/ مارس، والآخرين للتحقيق معهم في 9 آذار/ مارس 2005. المهندس مكرم أعور وحمد ملاعب وحسام علي محسن ومحمود بيضون الضابط في الأمن العام، وعفيفة عبدالله الحرشي وغسان بن جدو من قناة "الجزيرة". ـ 7 آذار/ مارس: تفتيش بقايا السيارات، دلال ضرغام، حضر العميد عماد القعقور وأخبرنا بالتحقيق وأخذ نسخة من تقرير التحقيق وكان معه زياد رمضان. ـ 8 آذار/ مارس: تلقينا نتائج فحوص الـ(D.N.A) وخارطة موقع الجريمة. ـ 10 آذار/ مارس: تقرير مخفر البرج بشأن فحص جثة عبد الحميد غلاييني. ـ 11 آذار/ مارس: النقاش مع الجنرال زياد نصر والنقيب متري نمر واستدعاء حسام محسن والفلسطيني مروان عبدالوهاب قطان. ـ 14 آذار/مارس: الطلب من قيادة الأجهزة الأمنية عدم رفع الأنقاض، واستدعاء جاك شليطا وعلي أمهز ومروان قبطان، رسالة من اللجنة الدولية تتعلق بانتهاء مهمتها.

48 ـ 23 آذار(مارس) 2005: القاضي أبو عراج يستقيل من مهمته بسبب الجو السياسي الضاغط في ذلك الوقت والكثير من عدم الثقة بالجهات القضائية اللبنانية والانتقادات الموجهة لطريقة التحقيق، اضافة إلى ذلك عندما كان مسؤولاً عن التحقيق في مقتل الحريري كان عليه ان يقوم بعمله الطبيعي وكانت القضية فيها الكثير من الجوانب السياسية، وسمع خلال التظاهرات في بيروت في 14 آذار/مارس أشخاصاً يذكرون اسمه بشكل مسيء.

49 ـ في ذلك الوقت ترك منصب قاضي التحقيق، والانجاز الوحيد الذي تحقق كان الأدلة التي تشير إلى السيد أبو عدس، على الرغم من محاولة التركيز على طريقة التفجير ومن خلال التركيز على كل الخبراء الذين توصلوا إلى نتيجة واحدة.

50 ـ وقد تم استبدال السيد أبو عراج بالسيد الياس عيد الذي لا يزال يتولى التحقيق حتى الآن.

قوى الأمن الداخلي

51 ـ في 14 آذار(مارس) 2005 كان اللواء علي الحاج قائداً لقوى الأمن الداخلي، وتمت ترقيته إلى هذا المنصب في العام 2004 من قبل السوريين كما يُقال، واستقال من منصبه خلال ربيع العام 2005 بعد الانفجار الذي قتل السيد الحريري. ووفقاً لشهادته، كان الحاج في مكتبه عندما أعلم بنبأ الانفجار، حيث ذهب إلى موقع الجريمة بالسيارة وخلال توجهه إلى الموقع تحادث مع السيد شهيد خوري من الأمن الداخلي الذي ابلغه بأنه كان هناك انفجار كبير. وطلب اللواء الحاج من السيد خوري أيضاً إرسال كل التعزيزات اللازمة إلى موقع التفجير. وكانت الوحدات تتضمن فرقا مخبرية بإمرة السيد هشام أعور وخبراء متفجرات بإمرة عبد البديع السوسي ووحدة التحقيق بإمرة العقيد فؤاد عثمان، وكانت مسؤوليته الوحيدة ان يقدم الامكانات اللازمة، بعد وصول قاضي التحقيق اصبحت كل قوات الأمر بإمرة القاضي، ولم يكن باستطاعة اللواء الحاج ان يتدخل في التحقيق(إفادة شاهد).

52 ـ وحسب رأيه ان المشكلة في تلك المنطقة كان لها علاقة بوجود الكثير من الأجهزة مثل أجهزة الجيش والأمن الداخلي وأمن الدولة والأمن العام.

53 ـ بعد ظهر ذلك اليوم، انضم اللواء الحاج إلى اجتماع مجلس الدفاع الأعلى في قصر الرئاسة في بعبدا ترأسه الرئيس (إميل لحود) وكان من بين المشاركين وزراء الداخلية والدفاع والخارجية والعدل والاقتصاد والأشغال العامة ونائب رئيس الوزراء ومحافظ بيروت وقادة عدد من الأجهزة الأمنية. وناقش الاجتماع الجريمة وتداعياتها وبحث مع الجهاز القضائي.

54 ـ عاد اللواء الحاج إلى مكتبه بعد الاجتماع وبعد ذلك قامت قناة "الجزيرة" ببث شريط يدعي فيه أحمد أبو عدس مسؤوليته عن الانفجار وقتل السيد الحريري. ومنذ ذلك الحين سألنا كل مصادر الأمن الداخلي، بما فيها تلك التي كانت موجودة في مسرح الجريمة، وكانت تركز على ملاحقة أبو عدس.

المخابرات العسكرية

في 14 شباط (فبراير) 2005 كان مسؤول المخابرات العسكرية العميد ريمون عازار، وقد تم تعيينه في هذا المنصب في كانون الأول (ديسمبر) 1998، واستقال في نيسان (أبريل) 2005 بعد الانفجار الذي قتل السيد الحريري. ووفقاً لشهادته، فقد أبلغه العقيد في المخابرات محمد فهمي بالانفجار، ولم يذهب إلى موقع الجريمة لكنه تابع القضية بتفاصيلها من مكتبه مع العقيد البير كرم قائد مخابرات بيروت وأبلغ الرئيس لحود والعميد (رستم) غزالي بالانفجار عند حصوله.

56 ـ زار أشخاص من المخابرات العسكرية، وخصوصاً خبراء المتفجرات، موقع الجريمة وقاموا بعمليات بحث وتدقيق، وأكدوا ان المواد التي استخدمت في الانفجار كانت تزن نحو 300 كيلوغرام من مادة الـ ت.ن.ت.، وسلمت كل الأدلة الموجودة في الموقع إلى الأمن الداخلي والجنرال هشام أعور، وعلى حد علم العميد عازار فقد كان هناك بعض المخلفات المعدنية، وفي رأيه ان الأمن الداخلي ومكتب المدعي العام وقاضي التحقيق كانت لهم المسؤولية الكاملة عن التحقيق.

57 ـ 14 شباط (فبراير) عصراً، حضر العميد عازار اجتماع مجلس الدفاع الأعلى، وجرى عرض اغتيال السيد الحريري وكل التفاصيل التي كانت متوفرة في ذلك الوقت، وقدم كل مشارك في الاجتماع وجهة نظره.

58 ـ وفي مرحلة لاحقة جرى التركيز على ثلاثة عناصر، شريط أحمد أبو عدس، الاتصالات الخلوية التي جرت في المنطقة، وطبيعة التفجير وحجم المتفجرات المستخدمة.

الأمن العام

59 ـ في 14 شباط (فبراير) 2005، كان اللواء جميل السيّد قائد الأمن العام، رقي إلى هذا المنصب في العام 1998، واستقال في ربيع عام 2005 بعد الانفجار الذي أودى بحياة السيد الحريري. ووفقاً لشهادته، فقد أفاد اللواء السيد انه كان في مكتبه عندما سمع الانفجار، لكنه اعتقد ان ذلك ناجم من مقاتلات إسرائيلية تخترق جدار الصوت. وبين الواحدة والربع والواحدة والنصف أخبره المقدم أحمد الأسير بحصول الانفجار وبأن موكب السيد الحريري كان مستهدفاً، وبقي في مكتبه من دون أن يرسل أحداً من الأمن العام إلى موقع الانفجار، واتصل بالسيد الرئيس ووزير الداخلية والعميد غزالة.

60 ـ بعد ظهر ذلك اليوم، حضر اللواء السيد اجتماع مجلس الدفاع الأعلى الذي ركّز على النتائج المستقبلية لما حدث، وقدمت اقتراحات للحكومة التي اجتمعت لاحقاً مساء ذلك اليوم.

61 ـ في صباح 15 شباط (فبراير) تلقى السيد اتصالاً من صحافي في قناة "الجزيرة" يبلغه ان أحداً لم يأت لتسلم شريط أبو عدس، وسلم له الشريط في 16 شباط (فبراير) وقام بنسخه وأرسل النسخة الأصلية إلى قاضي التحقيق السيد أبو عراج. التحقيقات في موقع الجريمة

تقرير الأمن الداخلي

62 ـ كما هي العادة في أي حالة اجرامية، فإن عملية فحص موقع الجريمة ومحيطه مهمة للغاية بالنسبة إلى نتيجة التحقيق. وصل الضابط المسؤول عن موقع الجريمة الجنرال في قوى الأمن الداخلي ناجي ملاعب بعد الساعة الواحدة من يوم 14 شباط 2005، ووضع لاحقاً تقريراً حول فحص موقع الجريمة الذي أجرته السلطات اللبنانية، قوى الأمن الداخلي وشرطة بيروت، وتحمل الوثيقة الرقم 95 وتقول انه خلال التحقيق وتنفيذاً لأوامر قاضي التحقيق العسكري في بيروت في ما يتعلق بالتحقيق وكل ما يمكن أن يلقي الضوء على الانفجار الذي حصل وأدى إلى وفاة رئيس الوزراء السابق السيد رفيق الحريري وآخرين، فقد أصدر قاضي التحقيق الأول للغرفة العسكرية في بيروت مذكرة رقم 23/2005 تاريخ 14 شباط (فبراير) 2005، الأمر رقم 207 تاريخ 15 شباط (فبراير) 2005 أيضاً.

في 14 شباط (فبراير) عام 2005 حوالى الثانية عشر ظهراً حصل انفجار كبير في بيروت سجلت غرفة العمليات انه قريب من فندق السان جورج، أرسلت كافة الدوريات إلى الموقع وذهبت إلى هناك ووصلت بعد دقائق، السيارات على جانبي الطريق كانت تحترق، وكان هناك الكثير من الدخان. قوات الدفاع المدني والاطفاء والصليب الأحمر كانت تحاول الوصول إلى المنطقة وتتخذ الاجراءات من أجل إخماد الحريق وتجمع الجثث وتنقل الجرحى إلى المستشفيات، كان المنظر فوضوياً، وكان هناك الكثير من العسكريين والشرطة والمدنيين مختلطين والصحافيين ووسائل الاعلام وكلهم يريدون الوصول إلى موقع الجريمة، وأمرت كل الضباط ورجال الشرطة والدوريات أن يفعلوا ما في وسعهم من أجل الحفاظ على المنطقة آمنة، وأن يتخذوا الاجراءات من أجل الحفاظ على موقع الجريمة، وأن يبعدوا الفضوليين، وجعلت المكتب الثاني من شرطة بيروت هم المسؤولون عن التحقيق في اغتيال الحريري ولكن النتيجة لم تكن معروفة بعد، المتخصصون في جمع الادلة وخبراء المتفجرات بدأوا عملهم، واضافة إلى المسؤولين السياسيين والعسكريين جاء بعض العسكريين من الضباط والقاضي رشيد مزهر، قاضي التحقيق الاول العسكري، وهو طلب مني كضابط شرطة وبسبب غياب مدير الامن في الخارج، ان اتخذ الاجراءات اللازمة من اجل التحقيق واي شيء يمكن ان يلقي الضوء على ذلك الانفجار وان اعلمه، وان هذه التعليمات الشفوية ستكون مكتوبة لاحقاً.

وعندما وصل قائد الامن إلى المنطقة أعلمته بما حدث، ووفقا للسلطات المحلية طلبت من السيد صلاح عيد ان يتخذ الاجراءات اللازمة للتحقيق بصفته كقائد للمنطقة الثانية لبيروت، والتي حدث فيها الانفجار وان يطلعني على ما حدث. ان عمل العثور على الجثث وأخذ الجرحى إلى المستشفيات استمر وايضا عمل فرق الحوادث وفرق المتفجرات، وتمّ اجراء مسح كامل لمنطقة الجريمة ومحيطه ومهندسين من الجيش جاؤوا وأخذوا عينات من الموقع من اجل ان يجروا اختبارات عليها، وفرقة من الجيش قامت بعملية مسح على الموقع والمباني المجاورة وساعدوا في الحفاظ على أمن تلك المنطقة، وبسبب أهمية هذا الدعم أرسل تلغراف 205 بتاريخ 15 فبراير 2005 إلى قيادة المنطقة، وطلبنا منهم اتخاذ كل الاجراءات المناسبة من اجل التحقيق وفقا لما يتعلق بالجثث التي تم اخذها إلى المستشفيات في كل المناطق وان يسمحوا لعائلاتهم بالتعرف عليهم وان يعلموني وان يمكنني الحصول على التفويض اللازم من اجل اعادة هذه الجثث إلى ذويها، وان تؤخذ افادات من الجرحى وان توضع نسخ من هذه التقاصي في الملفات.

وبعد التلغراف رقم 2007 في 14 فبراير 2005 الذي ارسل إلى الدائرة فيما يتعلق بعزل موقع الجريمة واقامة المنطقة الآمنة حولها، طلبنا من قائد منطقة بيروت الثانية ان يستقدم كل الافراد اللازمين من اجل القيام بهذه المهمة، وان يضع حواجز معدنية واشرطة صفراء حول المنطقة بالتنسيق مع شرطة السير من اجل تنظيم السير هناك.

المقدم عيد عبّر لي عن تقدم التحقيق ونتائجه، وأعلمت قاضي التحقيق العسكري وسلمت الجثث إلى ذويها وفقا للاصول المرعية، ووفقا لتعليمات قاضي التحقيق وبموافقة المدير العام للامن الداخلي علي الحاج فان السيارات التابعة لموكب الحريري نقلت إلى ثكنة الحلو لتصويرها في المنطقة وتمّ تسجيل فيلم فيديو في حضور قائد منطقة بيروت الثانية وقائد شرطة السير ومسؤول منطقة البرج وفرقة التحقيق الجنائي واستخدام الخطوط التي قدمت من الدفاع المدني وفقا للاصول المرعية، ووضعت في تقرير خاص، اما السيارات فوضعت في ثكنة الحلو.

وفي برقيتنا رقم 2001 في 15 فبراير المرسلة إلى الطوارئ، والتي طلب منها المحافظة على مكان الجريمة ومنع اي كان من لمس اي شيء، وفي الساعة الثالثة بعد الظهر في 15 فبراير ، الرائد عمر مكاوي قائد شرطة بيروت قام بتولي المسؤولية وأعلمني بكل الاجراءات التي تمّ اتخاذها وكل الحوادث التي حدثت، وتابعنا عملية التحقيق التي ستتم من قبل المقدم صلاح عيد، وقمنا باعلام قاضي التحقيق العسكري بذلك، وبعد المذكرة 6ف2 في 17 شباط فان قائد الوحدة قدم لنا السلطة اللازمة التي صدرت من قاضي التحقيق العسكري بتاريخ 14 فبراير 2005 فيما يتعلق بالانفجار والتي ارسلت لنا من اجل التنفيذ من قبل المدير العام ذا الرقم 07118 س آتش 2 بتاريخ 15 فبراير 2005، وبنفس الطريقة فان قائد الوحدة قدم لنا في المذكرة 206 /1/107 بتاريخ 18 فبراير 2005، حاصل السلطة المكتوبة من اجل القيام بهذه التحقيقات وهذه الاجراءات والتي كانت تتضمن امرا بالمحافظة على سيارات موكب الحريري داخل الثكنة وان نضعهم تحت الحراسة، وهذا تمّ بالفعل.

ووفقا للمذكرة رقم 206 ف 2 على 1763 بتاريخ 18 فبراير 2005، فان قاضي التحقيق العسكري حصل على التفويض المكتوب بالاشارة بتاريخ 18 فبراير 2005 والتي كانت تتضمن امرا بالاتصال بمحافظ بيروت الذي كان عليه ان يزودنا بأولئك الذين كانوا يعملون بورشة قرب منطقة الانفجار، وهذه السلطات تمّ الحصول عليها بوثيقة من 14 صفحة ملحقة بهذا التقرير.

ووفقا للصلاحيات الممنوحة لنا وفقا للأمر، امر منطقة بيروت الثانية من اجل التحقيق وكنتيجة للتقرير الاول رقم 1/30143 بتاريخ 14 فبراير 2005، وكل التحقيقات التي جرت من قبل وحدات الشرطة الاقليمية فاننا نقدم ما يلي:

الجدول رقم واحد تمّ اعداده فيما يتعلق بالجثث التي اعيدت إلى ذويها، وجدول رقم اثنان ويتعلق بالاشخاص الذين اصيبوا بجروح في هذا الانفجار، وجدول رقم ثلاثة الافادات التي تمّ الحصول عليها فيما يتعلق بالانفجار وتمّ اعداد جدول يظهر الاجراءت التي تمّ اتخاذها وفحص منطقة الجريمة والسيارات المدمرة وكل ما وجد في موقع الانفجار. كل هذه الاجراءات تم التحقق منها في التقرير رقم 302/ 1 بتاريخ 14 شباط (فبراير) 2005.

تقرير المخبر الجنائي السويسري

63 ـ الخبراء اللبنانيون الذين فحصوا موقع الجريمة كانوا يمثلون عدة جهات، وجاؤا برأي مختلف فيما يتعلق بما تمّ العثور عليه، ونتيجة لذلك كان هناك لقاء في المحكمة العسكرية بحضور المدعي العام، وهذا الاجتماع أوصى السلطات اللبنانية بطلب المساعدة الخارجية بفحص موقع الجريمة، والذي ارسل إلى حكومة سويسرا، وخبراء من سويسرا زاروا لبنان في شهر مارس 2005 وقاموا بعملية مسح للموقع وقال التقرير النهائي: "ان خلاصتنا فيما يتعلق بالانفجار كان مبنيا على الفحوصات التالية:

­التفسير المبني على ما تمّ العثور عليه في موقع الجريمة، وعلى الفجوة التي احدثها الانفجار ايضا، وتفسير فيما يتعلق بالتدمير الذي لحق بالمباني المجاورة.

وبعد التحليل للشظايا لا نستطيع ان نقول بوضوح اذا كان الانفجار حصل فوق الارض او تحت الارض، وتحليلنا المبني على البحث يتعلق بشكل الفجوة التي حدثت والتي لا تشير ايضا اذا كان هناك انفجار فوق الارض او تحتها، ومن جهة اخرى فان شكل الفجوة يعطي انطباع عن حجم المتفجرة فوق او تحت الارض، وكما ذكرنا في تقريرنا فانه من المتوقع نحو ألف كيلو غرام فوق الارض ستؤدي إلى حفرة كتلك الموجودة في موقع الجريمة. وفيما يتعلق بحقيقة ان الشحنة كانت موجودة في سيارة، فيجب ان يكون حجمها كبير للغاية، واذا كان مثل هذه السيارة قد استخدم، فنحن نعتقد ان بعض الاجزاء والشظايا الكثيرة وخاصة فيما يتعلق باللهيب الذي ظهر، وحجم الشرار والشظايا التي أُظهرت لنا من قبل الشرطة، والذين قالوا بانه من سيارة ميتسويشي، تتوافق مع الشظايا التي نتوقع منها ان هذه السيارة كانت موجودة في مركز الانفجار.

وبعد ان قمنا بكل التحليلات التي جمعناها، وصلنا إلى خلاصات بان الانفجار كان فوق الارض ووفقا هذه الادلة فان هناك ما يقارب الالف كيلو من المتفجرات الشديدة، والنتائج الاولية لتحليل التربة في منطقة الحفرة تشير إلى ان التفجير كان بواسطة "روتانيديوم".

تقرير ريفي

64 ـ في آذار (مارس) 2005 فان قائد الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي أعدّ تقريرا حول الاجراءات الاولية التي اتخذتها السلطات اللبنانية في موقع الجريمة، والتي ارسلت إلى فريق تقصي الحقائق التابع للامم المتحدة، واظهر التقرير ان هناك اجراءات قد تمّ اتخاذها، وأهمية هذا الحادث المأسوي الذي أدىّ إلى اغتيال رئيس الوزراء السابق الحريري، وكان لها تأثير على كل الاجراءآت التي تم اتخاذها.

أ ـ عمليات الإنقاذ والإجلاء والعثور على الجثث

في الطريق كان هناك عمليات انقاذ في موقع الجريمة في البداية، وبعد الانفجار مباشرة فان قوى الامن والدفاع المدني والصليب الاحمر هرعت إلى مكان الانفجار لاداء واجبها، ورغم كل الاجراءات التي اتخذت فان هذه لم تكن على المستوى المطلوب، وهذه الاجراءآت شابتها عيوب، ولذلك فان وزارة الداخلية أصدرت المذكرة 139 بتاريخ 25 شباط (فبراير) 2005 والتي تدعو قوى الامن الداخلي إلى التحقيق في الاجراءات المرعية، وقالت ان قائد الامن الداخلي وقائد شرطة بيروت وقائد الشرطة العسكرية هم المسؤولون عن هذه الاجراءات.

ب ـ الحفاظ على موقع الجريمة

و بعد الانفجار مباشرة، فان قاضي التحقيق العسكري كان هو المسؤول عن ذلك، وقوات الامن والشرطة والجيش كانوا تحت امرته، وهو اعطى اللجنة صلاحياتها، وحسب الاجراءات التي يجب ان تتم ، وخاصة في المحافظة على موقع الجريمة، لكن الاجراءات التي اتخذت كانت تحت المستوى المطلوب، ومناقضة للقواعد الاساسية التي تتعلق بالجرائم الخطيرة كتلك، وحتى لو كانت اقل من ذلك، ولذلك فيجب اتخاذ الاجراءات اللازمة من اجل منع اي تلاعب في موقع الجريمة او اية ادلة من الممكن ان تستخدم لاحقا من اجل المساعدة في التحقيق ومعرفة الحقيقة.

ويمكن ان يتم ذلك دون ان نهمل القضايا الانسانية، ويمكن اعطاءها الاولوية من اجل الوصول إلى الجرحى وانقاذهم وتقديم الاسعافات والمساعدات لانقاذ حياة الناس. لقد كانت هناك اخطاء خطيرة في هذا العمل، وكان هناك حالة من الفوضى في موقع الجريمة، ليس فقط خلال الساعات الاولى بعد الانفجار، والتي كان هناك تركيز كبير على اطفاء الحريق وانقاذ الجرحى والبحث عن المفقودين، ولكن للاسف، تمّ ذلك لفترة طويلة جدا، ولم يكن هناك تنسيق بين الاجهزة الامنية الموجودة في الموقع.

والبحث عن المفقودين كان يتم بشكل غير مهني وغير مسؤول، والبعض تم العثور عليهم من قبل أسرهم، وكانت هناك بعض العناصر السلبية في ذلك، فجثة زاهي أبو رجيلي، وهو مواطن لبناني عثر عليه في 15 فبراير، ووفقا لتشريح الجثة فانه بقي على قيد الحياة 12 ساعة بعد الانفجار، وجثة أحد الضحايا وجدت بعد ثمانية ايام بعد الانفجار، وجثة عبد الحميد غلاييني وجدت بعد ستة عشر يوما من الانفجار من قبل اسرته وليس من قبل الدفاع المدني، ومصير فرحان احمد العيسى ما زال غير معروف، فهو ما زال مفقودا، ويخشى بان العثور على جثته سيشكل فضيحة اخرى. وبعد ساعات من الانفجار، كانت هناك ادلة ازيلت من موقع الجريمة، وسيارات موكب الحريري قد نقلت إلى ثكنة الحلو بحجة المحافظة عليها، مع ان ما تبقى من السيارات لم يكن مبررا المحافظة عليها، باستثناء قيمتها كادلة جنائية، لانها كانت هدف هذا الانفجار. وليكن ذلك هو الحالة الوحيدة التي تثبت التلاعب بموقع الجريمة، فسيارة "بي. ام. دبليو" التي لم تكن جزءا من الموكب نقلت ايضا، ويجب التركيز على عدم نقل اية سيارة وابقائها بالطريقة التي بقيت فيها بعد الانفجار، من اجل تحديد كيف نفذت الجريمة. كما تمّ ادخال جرافة إلى موقع الجريمة في 14 فبراير ليلا دون اي سبب وجيه، وبعد ان تدخلت وزارة الداخلية واعطت امرا بعدم ادخال الجرافة والمحافظة على موقع الجريمة.

اجراء التحقيق وظروفه وتحديد كيف ارتكبت الجريمة:

من المعروف ان اخطاء رئيسية ارتكبت في مسار اجراء التحقيق، من بينها تسريب معلومات ادت إلى ارتباك. هذا بدوره عرض قيمة التحقيق المحلي. المسؤوليات المسؤولية في جريمة كالتي نحقق بها لا يمكن حصرها بوجه واحد. كما ذكر انفا، انها تشمل أوجها سياسية وقضائية وامنية. القرار بازالة سيارات الموكب

65­ القرار بردم الحفرة في مسرح الجريمة، وازالة سيارات الموكب واعادة فتح الطريق في اليوم التالي للتفجير، مثير للتشويش، على افتراض ان هناك ارادة جماعية باجراء مسح محترف لمسرح الجريمة. التشويش المنعكس في مجموعة متنوعة من البيانات من جانب المسؤولين المعنيين بشكل وثيق، تتحدث عن نفسها.

قاضي التحقيق مزهر

66­ في العاشرة والنصف مساء 14 شباط، كان القاضي مزهر في منزله، عندما تلقى اتصالا هاتفيا من العميد ناجي ملاعب، الذي اطلعه على ان ممثلي الاجهزة المختلفة في ساحة الجريمة بدأت بتجميع اجزاء معدنية من سيارات الموكب لاجراء الفحوص المخبرية عليها. لم يكن هناك شيء يمكن لملاعب القيام بهم لوقفهم. اقترح ان يتم نقل سيارات الموكب إلى مكان آمن واقترح ثكنة الحلو في بيروت. القاضي مزهر وافق على الاقتراح تحت الشروط التالية. *السيارات يجب تصويرها في الموقع وان يتم تعليمها وترقيمها وان يتم تصويرها اثناء نقلها ومن ثم بعد وصولها إلى ثكنة الحلو، حيث يجب تغطيتها وحراستها على مدار الساعة لتجنب اي تلاعب بالدليل. ولم يكن لدى مزهر معلومات عن قرار لردم الحفرة واعادة فتح الطريق. السيارات نقلت من مسرح الجريمة خلال ليل 14 شباط.

اللواء جميل السيد

67­ في صباح 15 شباط 2005، قرأ اللواء السيد في الصحيفة حول ازالة السيارات. في الثامنة صباحا اتصل باللواء علي الحاج مدير عام قوى الامن الداخلي وسأل ماذا يجري. اللواء الحاج رد بأن فريقين يعملان على فتح الطريق الذي سيعاد فتحه في الساعة العاشرة صباحا. وردا على سؤال مباشر افاد الحاج بان الاوامر جاءت من مصطفى حمدان، رئيس الحرس الجمهوري.

اللواء علي الحاج

68­ في 14 شباط 2005 العاشرة والنصف ليلا، تلقى السيد الصديق اتصالا في مكتبه (حيث كان مع العميد هشام الاعور) من المدير العام لوزارة الاشغال السيد فادي النمار. النمار ابلغه بان قرارا اتخذ لاعادة فتح الطريق في اليوم التالي وان فريقه سيبدأ العمل عند طلوع الشمس في اليوم التالي. كانت المكالمة على الخط الارضي وسمعها العميد الاعور. ادعى انه فوجئ بالمكالمة لان النمار ليس لديه سلطة في القضية. وكان من المعروف ان النمار قريب جدا من القصر الجمهوري الذي يعني انه كان يأخذ اوامره من هناك. النمار قال بانه سوّى المسألة مع قاضي التحقيق. اتصل الصديق بقائد شرطة بيروت بالوكالة ملاعب وابلغه بالمكالمة من النمار وطلب منه التأكد مما اذا كان القاضي مزهر على علم بالامر، فاتصل ملاعب بالقاضي مزهر الذي كان على علم بالامر ولم يكن لديه اعتراض. عندها سأل ملاعب عما سيتم فعله بالسيارات. رد القاضي مزهر بانه يجب اخذها إلى مكان آمن واقترح ثكنة الحلو. 69­ في الصباح التالي، 15 شباط 2005، التقى النمار بمحافظ بيروت يعقوب الصراف، لترتيب اعادة فتح الطريق في ميناد الحصن. الصراف قريب جدا من القصر الجمهوري وكان ايضاً على علم بالقرار.

العميد هاشم الاعور

70 ­ في ما يتعلق بازالة سيارات الموكب، اشار العميد الاعور إلى انه لم يعلم من اعطى الامر. طلب منه المساعدة في تصوير ازالة السيارات في 14 شباط 2005 خلال اجتماع مع قاضي التحقيق، لكن شيئا آخر لم تتم الاشارة اليه بشأن ازالة السيارات من مسرح الجريمة. في المساء نفسه، بين العاشرة والنصف والحادية عشرة، كان في مكتب اللواء علي الحاج وابلغه بان السيارات ستتم ازالتها. ابلغه ايضا بان قوى الامن الداخلي عليها تأمين المساعدة بتعليم امكنة السيارات وتصويرها.

المدير العام فادي النمار

71­ فادي النمار لم يتذكر ما اذا كان الحاج قد اتصل في 14 شباط 2005، لكنه يتذكر انه اتصل بالحاج في اليوم التالي كما يفعل دائما في اوضاع مشابهة. في وقت المكالمة كان النمار في مكتب محافظ بيروت. قال للواء الحاج انهم مستعدون اذا دعت الحاجة للمساعدة. الحاج احاله على ضابط في قوي الامن الذي قال له ان مسحا يجري لمسرح الجريمة. الضابط قال انه سيعود للنمار في الوقت المحدد. النمار لا يتذكر اسم الضابط ولكنه كان مع الحاج. لم تكن لديه سلطة لاتخاذ قرار باعادة فتح الطريق في بيروت ولم يعط اي اوامر بازالة سيارات الموكب. نفى ايضا ان تكون له اتصالات بالقصر الجمهوري.

72­ بعد ذلك، تأكد (من خلال لائحة مكالمات هاتفية) ان الحاج اجرى اتصالا من هاتفه الارضي بالنمار على هاتفه الخلوي مساء 14 شباط. تأكد ايضا ان النمار اجرى اتصالا بالحاج في اليوم التالي.

محافظ بيروت يعقوب الصراف

74­ بين الثامنة والنصف والعاشرة ليلا في 14 شباط 2005 تلقى ملاعب اتصالا هاتفيا من مكتب الحاج الذي امره بنقل سيارات الموكب من مسرح الجريمة إلى مكان آمن، وفق تفاهم على انه في غضون يومين سيعاد فتح الطريق. واذا كانت هناك حاجة ليأتي خبراء لتفحص السيارات، فانهم متاحون. العميد ملاعب فوجئ بالامر ولم يقبله. قال للواء الحاج ان ليس له علاقة بمسرح الجريمة بما ان الموقع تحت سلطة القاضي مزهر. طلب الحاج من ملاعب الاتصال بمزهر ففعل. القاضي فوجئ وسأل عن سبب العجلة، فقال له ملاعب انه تلقى اوامر من الحاج وانه ايضا فوجئ بالامر. قال له القاضي ان يعطيه بعض الوقت وانه سيتصل به مجددا. بعد وقت قصير، بين عشر دقائق ونصف ساعة، اتصل القاضي وقال ان السيارات يمكن نقلها.

العميد مصطفى حمدان

75­ بعد التفجير في 14 شباط 2005، اتخذ حمدان كل الاجراءات الضرورية لحماية الرئيس والمناطق الرئاسية. لا يتذكر اي تفاصيل، لكنه لم يذهب إلى موقع التفجير. لم يصدر اي اوامر او توجيهات في ما يتعلق بالنشاطات في مسرح الجريمة، بما انها لا تقع تحت مسؤولياته. وهكذا، فان ليس له علاقة بأي اوامر لتنظيف الطريق، بردم الحفرة او بنقل سيارات الموكب.

مدير قوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي

76­ في اجتماع مع لجنة التحقيق الدولية في الأول من حزيران 2005، افاد اللواء ريفي بان الشخص الذي اعطي الاوامر بجلب الجرافة او الجرافات إلى ساحة الجريمة هو مصطفى حمدان، الذي كان في وقت الحادث رئيسا لحرس الرئيس لحود وبموجب القانون اللبناني ليس له اي علاقة بتحقيق يجري في مسرح جريمة.

التحقيق اللبناني

أحمد أبو عدس

77­ في حوالى الثانية و11 دقيقة بعد ظهر 14 شباط 2005، اي بعد نحو ساعة فقط على التفجير، تلقت ليلى بسام من "رويترز" اتصالا هاتفيا من مجهول لهجته ليست لبنانية ولكنها لم تتمكن من تحديدها. بحسب بسام، فور اجابتها على الهاتف قال لها الرجل اكتبي ذلك وطلب منها ان تبقى هادئة ثم قرأ البيان التالي بعربية فصحى: "نحن، النصرة والجهاد في بلاد الشام، نعلن اننا انزلنا العقاب المستحق بالكافر رفيق الحريري بحيث يصبح أمثولة للآخرين". وختم المتحدث كلامه بحديث ديني اسلامي واغلق الخط.

78­ السيد غسان بن جدو، رئيس مكتب بيروت في قناة "الجزيرة"، يتذكر انه تلقى اربعة اتصالات هاتفية تتعلق باعلان المسؤولية نفسه. في الاول ادعى رجل قال بن جدو انه يتحدث عربية ركيكة بلكنة افريقية او افغانية او باكستانية، ادعي مسؤولية النصرة والجهاد عن اعدام الحريري بتفجير انتحاري. بعد ذلك بوقت قصير، اذاعت "الجزيرة" اعلان المسؤولية. ثم تلقت القناة اتصالا من شخص آخر مجهول، يدعي انه من المجموعة نفسها، وتحدث هذه المرة بعربية جيدة، وشرح لبن جدو اين يمكن ان يجدوا شريط فيديو يتضمن معلومات اضافية عن الاغتيال، مشيرا إلى شجرة قرب مبنى الاسكوا في وسط بيروت. ارسل بن جدو زميلا إلى المنطقة وجد مغلفا ابيض يحتوي على بيان مكتوب وشريط الفيديو. بعد مزيد من الاتصالات من المجموعة نفسها تطلب بث الشريط، وبثته الجزيرة بعد الظهر.

79ـ وجاء في جزء من الرسالة المصاحبة للشريط التي أفيد بانها من مجموعة النصرة والجهاد في بلاد الشام: "الحمد لله على انتصار راية النصرة والجهد في بلاد الشام، وبرضى الله نال عميل الكفار في مكة والمدينة رفيق الحريري عقابه في عملية انتحارية نفذها المجاهد احمد أبو عدس حامل راية النصرة والجهاد في بلاد الشام، الاثنين في 14 شباط 2005، الموافق الخامس من محرم 1426 للهجرة في بيروت .. مرفق مع هذا فيلم يصور الشهيد احمد أبو عدس، منفذ العملية". وفي الشريط، شخص يعرف نفسه على انه السيد أبو عدس يستخدم هذه العبارات.

80.ـ وبعد بث الشريط على الهواء بقليل، جمعت السلطات اللبنانية معلومات واسعة عن خلفية أبو عدس وبدأت تستجوب عائلته والمرتبطين به. وجاءت معظم هذه المعلومات من الشيخ احمد عبد العال من الاحباش، وهي مجموعة اسلامية ناشطة في منطقة المخيمات الفلسطينية التي أفيد بان السيد بو عدس كان يعيش فيها. وذكر الشيخ عبد العال للجنة التحقيق الدولي المستقلة انه تلقى اتصالا هاتفيا من القصر الجمهوري بعد قليل على بث شريط فيديو أبو عدس، للتحقق من اي معلومات لدى عبد العال عن السيد أبو عدس. ووفقا لما ادلى به، قال عبد العال انه حصل على المعلومات حول خلفية السيد أبو عدس، بما فيها عنوان سكنه حقيقة انه كان يذهب دائما إلى عين الحلوة، وانه كان وهابيا، وانه كان متعلما جدا يدرس علوم الكمبيوتر، وانه زار أبو عبيدة (مساعد قائد جند الشام). وحصل الشيخ عبد العال ايضا على اسماء عائلة واصدقاء السيد أبو عدس: لقد ارسل المعلومات في صورة الاصل إلى الرئيس لحود وعلي الحاج والبير كرم وجامع جامع وماهر الطفيلي. وافيد بان الشيخ عبد العال التقى ايضا المسؤول في الاستخبارات السورية جامع جامع في مساء 14 شباط 2005 واعطاه المعلومات حول أبو عدس، التي سلمها جامع جامع لاحقا إلى قوى الامن الداخلي.

81. وزارت قوى الامن الداخلي منزل أبو عدس، بصحبة عضو في الاحباش، وفتشت جهاز كمبيوتر فضلا عن عدد من الاسطوانات الممغنطة التي كانت اولا وقبل كل شيء ذات طبيعة اسلامية اصولية. وعلى الرغم من ان التقرير بشأن البحث ذكر ان معظم الوثائق المخزنة في الكمبيوتر نقلت من الانترنت، لم يكن هناك ما يدل على ان منزل السيد أبو عدس فيه خط انترنت. واستجوبت السلطات (بما فيها قوى الامن الداخلي والاستخبارات العسكرية) العديد من اصدقاء واقرباء السيد أبو عدس، وبشكل مستفيض، في الايام التي تلت الانفجار مباشرة. الا انه لم يتم تحديد موقع السيد أبو عدس. واستجوب 10 اشخاص في يوم التفجير وفي غضون الشهرين التاليين، تم استجواب نحو 40 شخصا. وكشف التحقيق اللبناني ايضا ان السيد أبو عدس عمل موظفا خلال صيف 2004 في محل للكومبيتر، يملكه الشيخ احمد الصاني الذي كان عضوا في شبكة احمد ميقاتي واسماعيل الخطيب. وفي تقرير تاريخه 17 شباط 2005، من اللواء السيد إلى القاضي مزهر، استنتج اللواء السيد ان شريط الفيديو كان اصليا وان "احمد أبو عدس الذي ظهر في الشريط كان .. مشاركا معروفا، بشكل واضح في الاغتيال". والقاعدة الوحيدة التي كانت متوفرة في هذا الاستنتاج هي بالقول ان "الطريقة التي قدم فيها البيان واظهر نفسه من دون اخفاء وجهه هي الطريقة المعتمدة لدى المفجرين الانتحاريين في حالات مشابهة. الحقيقة انه لم يخف وجهه عندما كان يقول خطابه، ما يشير إلى انه كان مسؤولا شخصيا عن تنفيذ الانفجار". (معلومات بشأن حقائق متعلقة ببث "الجزيرة" لشريط يدّعي المسؤولية، رقم 606 أ أ، 17 شباط 2005).

التحقيق الاسترالي

83 ـ في 15 شباط 2005، جاء في طلب تقدم به المدعي العام للشرطة الفدرالية الاسترالية، ان 6 اشخاص اوقفوا كمشبته بهم في المشاركة باغتيال الحريري. وابلغ المسؤول عن قوى الامن الداخلي في مطار بيروت الدولي مدير قوى الامن الداخلي، الحاج، بشأن الاشخاص الستة. ونقل الحاج هذه المعلومات مباشرة إلى المدعي العام القاضي ربيعة قدورة التي اتصلت بالسلطات الاسترالية. وبرأ التحقيق الاسترالي المشتبه بهم الستة من اي تورط في هذه الجريمة، وهو موقف وافقت عليه السلطات اللبنانية المكلفة اجراء التحقيق.

84 ـ وتشير التسجيلات إلى ان السلطات اللبنانية اسندت اشتباهها إلى العوامل التالية: أ) ان الاشخاص الستة المعنيين غادروا انطلقوا من مطار بيروت بعد ساعة ونصف الساعة على حصول التفجير. ب) لم يكن بحوزة الاشخاص الستة امتعة. ج) واحد من الاشخاص الستة يشبه السيد أبو عدس، الذي ظهر في شريط فيديو لمجموعة متطرفة زعمت انها مسؤولة عن التفجير.

85. وقامت السلطات الاسترالية بتحقيق واسع لمساعدة السلطات اللبنانية. وشمل التحقيق رفع حال التأهب في المطارات، واستجوابات للاشخاص الستة واعضاء آخرين في المجموعة، مسح للبقايا متفجرات (بما فيها الاشخاص، ومقاعدهم في الطائرة، وامتعتهم)، والتأكد من خلو الطائرة من المتفجرات. وعلى الرغم من انه أفيد بان الاشخاص الستة الذين اعتبروا "مشتبه بهم" كانوا من دون امتعة، الا انهم كانوا يحملون امتعة. وخضع 3 من ستة مشبوهين إلى فحص الطب الشرعي.

86.ـ واظهرت اكتشافات التحقيق الاسترالي: (1) المجموعة كانت مسافرة إلى جدة كجزء من الحج. (2) ولم يتم ضبط اي مواد متفجرة مشتركة عضوية اوغير عضوية او حتى بقايا مواد انفجرت، في اي من العينات التي اخذت. (3) لم يكن اي شخص استجوبته السلطات الاسترالية في اطار هذا التحقيق، متورطا او على علم باي تورط في اغتيال الحريري.

تحقيق اللجنة

نظرة عامة

87 ـ اعلن الامين العام للامم المتحدة عن بدء عمل لجنة تحقيق الامم التحدة الدولية المستقلة في 16 حزيران (يونيو) 2005. من 16 حزيران (يونيو) إلى 6 تشرين الاول (اكتوبر) 2005 تم اصدار بيانات 244 شاهدا وملاحظات 293 محققا وبيانات 22 مشتبها. عدد من الابحاث اجريت واقيم 453 عرضا لمشاهد الجريمة. ما مجموعة 16711 صفحة من الوثائق انتجت. 30 محققا من 17 بلدا مختلفا شاركوا في تحقيقات اللجنة، فضلا عن خبراء آخرين.

88 ـ ان عامل الوقت الذي اتيح للجنة يجب التأكيد عليه. لقد وضعت اللجنة في العمل بعد 4 أشهر من اقتراف الجريمة. ما يعني ان اجهزة الامن وشركاءها كان لديهم الوقت الكافي لتدمير الادلة و/او يتواطأوا مع بعضهم البعض، والقدرة على اعادة استدعاء الشهود المحتملين تلاشت، والاهمال السابق والاغفال او فقدان التبصر وتدمير الادلة قد لا يمكن اعتبار انها لم تحصل.

89 ـ بعد شهر على اعلان الامين العام بدء العمل ركزت اللجنة على وضع المحققين في الوضع الحاضر للتحقيق، بما في ذلك تقييم المعايير المتخذة من قبل السلطات اللبنانية. وقت طويل انقضى في الاطلاع على تحليل المواد التي تسلمتها اللجنة من المدعي العام، وتبع ذلك مقابلات توضيحية مع شهود اساسيين، بناء على مواد من المواضيع التالية:

  • اعادة بناء تحركات واعمال السيد الحريري قبل الانفجار.
  • مكتشفات ونتائج نشاطات السلطات اللبنانية التي تمت في مسرح الجريمة والمناطق المجاورة.
  • الادلة التي تم التلاعب بها.
  • اعمال الطرقات قبل الانفجار.
  • شريط أبو عدس.
  • شاحنة المتسوبيشي.
  • جمع وتحليل قوائم الهواتف.
  • جمع وتحليل المواد الاعلامية، اشرطة الفيديو والصور المجموعة من مواقع مختلفة لمسرح الجريمة قبل وبعد الانفجار.
  • التحويلات المالية.

90 ـ هذه المعايير قادت إلى شهود جدد. وتم وضع خط ساخن للاستعلامات للعموم بحيث كان بإمكان اي كان الوصول إلى اللجنة بشأن القضية: هذا الاجراء قاد إلى مقابلات جديدة وخيوط جديدة للمتابعة.

91 ـ تصنيف وتنظيم الملفات والادلة وتوفير عامل الوقت، وتعزيز وتطوير نظام تخزين وتسجيل الادلة، التي تضمنت آلاف الصفحات من الوثائق والشهادات المكتوبة، وايضا عدد كبير من اشرطة الفيديو والصور الفوتوغرافية. المسائل القانونية والابحاث في القانون الجنائي اللبناني والاجراءات لضمان وضع البروتوكول المناسب للابحاث، الاعتقالات، مقابلة المشتبهين، ووثائق الاتهام. قدمت السلطات اللبنانية مساعدة في هذه المسائل تستوجب الثناء عليها.

92 ـ الشهر الثاني تميز بتغيير اتجاهات التحقيق والاولويات، بشكل تبع فيه المحققون خيوطا جديدة واستدعوا شهودا جدداً بناء على استخلاصاتهم ومعايير سابقة وتحليلات مهنية. لقد اقتربت مصادر مختلفة من اللجنة ومدت المحققين بمعلومات مفيدة. الغالبية العظمى من مسؤولي السلطات اللبنانية الكبار المتورطون تم الاستماع اليهم لتوضيح ما هي مهماتهم في مواقعهم، سلسلة القيادة ودرجة تورطهم، كما القرارات المتخدة (او التي تم تجاهلها). خلال هذه الفترة من الوقت تم تدعيم قاعدة اللجنة وتم مدها ببرامج كومبيوتر، ما جعل قاعدة المعلومات أكثر عملانية.

93 ـ في الشهر الثالث، اجريت سلسلة من اختبارات مسرح الجريمة بمشاركة فريق خبراء مشترك الماني وبريطاني وياباني في موقع الجريمة وفي مناطق موازية، بما في ذالك قعر البحر الموازي لمسرح الجريمة. والهدف من هذه العملية كان ايجاد دلائل حسية في مسرح الجريمة، بغية اعادة بناء اداة التفجير المستخدمة وللتعرف على شاحنة المتسوبيشي. انجزت المهمة خلال شهر ايلول (سبتمبر).

التخطيط للاغتيال

94ـ خلال كل التدابير والجهود التي بذلتها لجنة التحقيق الدولية المستقلة، لم تظهر اي توجيهات جديدة صارمة او خطوط في ما يتعلق بدافع او سبب اغتيال السيد الحريري، للاضافة إلى الذين يمكن ان يكونوا ساهموا في الاحداث خلال النصف الاول من العام 2004 والتي بلغت ذروتها في قرار السيد الحريري التنحي عن رئاسة الوزراء والتنبؤ بنتائج الانتخابات العامة في لبنان. المؤشرات القوية حول القضية الاخيرة هي الحملة الانتخابية الضخمة لكتلة المستقبل، ردة فعل السلطات اللبنانية على قضية الزيت، في شباط (فبراير) 2005، حيث تم توقيف الموزعين (من قبل السلطات اللبنانية اثناء توزيع الزيت تلبية لطلب السيد الحريري): واخيرا وليس اخرا، النتائج العملية للانتخابات. وابلغ شهود جدد اللجنة، والذين كانوا حذرين في اجراء الاتصالات بالسلطات اللبنانية لعدم الثقة بها، بان عملية اغتيال رئيس الوزراء السابق لم تكن لتتم من دون معرفة السلطات اللبنانية وموافقة سوريا.

95ـ ان بنية وتنظيم اجهزة الاستخبارات اللبنانية والسورية في سوريا الوقت نفسه لحصول الانفجار، بما فيه ذلك بروتوكولات الإخبار، تظهر تأثيرا منتشرا في الحياة اليومية في لبنان. وخير الامثلة على ذلك هي الملفات التي جمعت من قبل مركز الاستخبارات السوري، فيلا جبر، في غابة بولونيا، لبنان ومن خلال المحادثات الهاتفية الملتقطة بين الجنرال رستم غزالة ومسؤول لبناني بارز في 19 تموز (يوليو) 2004 عند الساعة 9.45 (نبذة):

  • غزالة: اعلم ان الوقت مبكر ولكني فكرت بانه يجب علينا ان نبقيك على اطلاع. ابلغني رئيس الجمهورية في الصباح بان هناك اثنين يحكمان البلد رئيس الوزراء وهو. وقال ان الامور لا يمكنها ان تستمر هكذا. ان رئيس الوزراء يغضبه دائما ونحن نسكته دائما ونصرخ عليه. وقال بوضوح انه لا يمكنه الاستمرار بهذه الطريقة".
  • (...)
  • هون عليك. هل يمكن ان تشكل حكومة جديدة في هذا الوقت؟
  • غزالة: نعم يمكن ان نشكل واحدة. ما هي المشكلة؟ يمكن ان نسمي بطرس حرب.
  • (...)
  • غزالة: دعني اقول لك امرا واحدا. دع حركة العمال تخرج إلى الشارع في العشرين في سوليدير وقريطم.
    دعنا ننهي الحديث. هون عليك. يجب ان آخذ في الاعتبار أفضل المصالح بالنسبة لسوريا ولبنان.
  • غزالة: نحن حريصون على مصالح سوريا ولكني الان اتكلم عن رفيق الحريري.
    اذاً، القرار اتخذ.
  • غزالة: آمل ان اقول لك امرا واحدا. كلما احتجنا للتكلم مع الحريري يجب ان نتزلف له وهو لا يرد علينا دائما.
    فليذهب إلى الجحيم. ولماذا تكترث به؟
  • غزالة: لماذا اكترث به؟ الرئيس لا يطيقه فلماذا انا؟
    حسنا، فليعفن في الجحيم.

(...)

  • غزالة: كلا. فليكن هو جذع الشجرة الاضحوكة ويظهر على انه الشخص الذي دمر وارهق البلد بالديون. فلينزل العالم إلى الشارع في قريطم وسوليدير، فلتستمر التظاهرات إلى ان يرغم بالقوة على التنحي كالكلب.
    وماذا عن خيار آخر. أرسل له رسالة قائلا: استقل لعنك الله.
  • غزالة: كلا، لا ترسل له رسالة والا سيقول انهم جبروني على الاستقالة. دع الشارع... تعرف ماذا اقول. والا سيستخدم هذا كورقة صفقة مع الرؤساء الاميركيين والفرنسيين.
  • اذاً هل نترك الامور للشارع؟
  • غزالة: هذا افضل.
    فلننفذ ذلك.

مَن هو المسؤول اللبناني X الذي قال لغزالة: ليذهب الحريري إلى الجحيم؟

96ـ قال شاهد سوري الاصل لكنه يعيش في لبنان، والذي زعم بانه عمل لمصلحة اجهزة الاستخبارات السورية في لبنان، انه بعد نحو اسبوعين على تبني مجلس الامن للقرار 1559، قرر مسؤولون لبنانيون وسوريون اغتيال رفيق الحريري. وزعم ان مسؤولا امنيا رفيع المستوى ذهب مرات عدة إلى سوريا للتخطيط للجريمة، واجرى لقاءات مرة في فندق الميرديان في دمشق ومرات عدة في القصر الجمهوري وفي مكتب مسؤول امني سوري رفيع المستوى، نحو 7 إلى عشرة ايام قبل الاغتيال وضمت مسؤولا امنيا لبنانيا مهما. وكان لدى الشاهد اتصال قريب جدا بالمسؤولين السوريين رفيعي المستوى الموجودين في لبنان.

97 ـ في بداية كانون الثاني (يناير) 2005، ابلغ واحد من المسؤولين رفيعي المستوى الشاهد بأن رفيق الحريري هو مشكلة كبيرة لسوريا. وبعد نحو شهر، ابلغ المسؤول الشاهد بأنه سيحدث قريبا "زلزال" من شأنه ان يعيد كتابة تاريخ لبنان.

98ـ زار الشاهد قواعد عسكرية سورية عدة في لبنان. وفي احدى القواعد، في حمانا، لاحظ سيارة فان ميتسوبيشي بيضاء اللون، يغطيه قماش ابيض سميك على سطحه. وتمت هذه الملاحظات في 11 و12 و13 شباط (فبراير) 2005. غادرت الميتسوبيشي القاعدة العسكرية في حمانا في صباح 14 شباط (فبراير) 2005. لقد دخل فان الميتسوبيشي الذي استخدم كحامل متفجرات، لبنان من سوريا عبر الحدود البقاعية من ممر عسكري في 21 كانون الثاني (يناير) 2005 عند الساعة 20:13 كان يقودها ضابط سوري من وحدة الجيش العاشرة.

99 ـ في 13 شباط 2005، الشاهد قال انه قام بجولة في منطقة سان جورج برفقة ضابط سوري كبير، على سبيل المراجعة النهائية لمنطقة العملية التي جرت فيها الاغتيال.

100 ـ ويقول الشاهد: إن أبو عدس قد صور شريط الفيديو قبل أن يتم قتله فيما بعد في سوريا. وشريط الفيديو أُرسل إلى بيروت في صبيحة 14 شباط 2005 وسُلّم إلي جميل السيد. ولكن عناصر مدنيين وآخرين من الأمن العام قاموا بوضعه في مكان في منطقة الحمرا والاتصال بمدير مكتب "الجزيرة" في بيروت السيد غسان بن جدو.

101 ـ اللواء جميل السيد، كان على اتصال دائم بكل من مصطفى حمدان وريمون عازار للتحضير للاغتيال وخصوصاً مع رستم غزالة (ومع السيد أحمد جبريل في لبنان). والعميد حمدان وعازار قدموا تجهيزات لوجستية لدعم العملية، وخصوصاً المال ووسائل الاتصال، السيارات وأجهزة التنصت، الأسلحة، وبطاقات مزوّرة... وكانوا يعلمون بالجريمة، كما كان على علم بها كل من اللواء علي الحاج وناصر قنديل.

102 ـ قبل 15 دقيقة من الاغتيال، الشاهد كان في مكان قريب من منطقة سان جورج، وتلقى اتصالاً هاتفياً من مسؤول المخابرات السورية، سأل فيه أين أنت الآن، فقال له: في مكان كذا.. فأمره بترك الموقع مباشرة.

103 ـ الشاهد الآخر قال انه التقى مصطفى حمدان في منتصف شهر اكتوبر2004، وحمدان قال أمامه كلاماً سلبياً جداً وسيئاً بحق الحريري. وقال تحديداً ان الحريري عميل لإسرائيل. وأضاف: "سنرسله في رحلة طويلة.. باي باي حريري". وبعد الاغتيال تذكر الشاهد هذا الحوار مع من كان.

104 ـ الشاهد الآخر، الذي أصبح مشتبهاً به، زهير ابن محمد سعيد الصديق، أعطى تفاصيل ومعلومات عن المهمة المتعلقة بالجريمة. وتفاصيل عن مهمات كل واحد.

105 ـ ثمة نقطة مهمة، قالها الصديق، وهي أن التقارير التي كتبها قنديل ضد الحريري تضمنت اتهامه ومروان حمادة بالإعداد لصدور القرار 1559 في سردينيا. اقترح قنديل في نهايتها التخلص من الحريري. وقد كلف قنديل بالقيام بحملة إعلامية وفي الأوساط الدينية لتشويه صورة الحريري. كما شارك حزب "البعث" في لبنان بهذه الحملة بهدف التخلص من الحريري نهائياً ومحوه من الحياة السياسية مقابل إظهار لحود بصورة وطنية.

106 ـ السيد صديق صرح ان قرار اغتيال السيد الحريري اتخذ في سوريا، بعد اجتماع سري في لبنان بين مسؤولين لبنانيين كبار وضباط سوريين، الذين اوكلت اليهم مهمة التخطيط وتمهيد الطريق امام تنفيذ الاعتداء. هذه الاجتماعات بدأت في تموز (يوليو) 2004 واستمرت حتى كانون الاول (ديسمبر) 2004. المسؤولون السوريون السبعة والضباط اللبنانيون الكبار الاربعة ادعي عليهم على انهم متورطون في الجريمة.

107 ـ اجتماعات التخطيط بدأت في شقة السيد الصديق في خلدة وجرى نقلها إلى شقة في الضاحية، احدى ضواحي بيروت. بعض هؤلاء الاشخاص زاروا المنطقة حول فندق السان جورج تحت ستارات متعددة وفي اوقات مختلفة للتخطيط والتحضير للاغتيال.

108 ـ السيد الصديق اعطى معلومات عن المتسوبيشي ذاتها وان السائق المكلف كان عراقيا والذي اوحي اليه ان المستهدف هو رئيس الوزراء العراقي اياد علاوي (الذي صودف وجوده في بيروت قبل الاغتيال).

109 ـ السيد الصديق ابلغ ان الـTNT وبعض المتفجرات الخاصة استخدمت بهدف توجيه الشبهة نحو مجموعات اسلامية، كون هذه المتفجرات استخدمت بالعادة في عمليات في العراق.

110 ـ ذهب الصديق مع عبد الكريم عباس إلى معسكر في الزبداني، وصرح الصديق انه رأى شاحنة المتسوبيشي في هذا المعسكر. كان الميكانيكيون يعملون عليها ويفرغون جوانبها. نزعت الجوانب وكذلك الابواب حيث تم توسيعها وحشو المتفجرات، وكذلك تحت مقعد السائق. لقد رأى في المعسكر شابا كان قادرا على تعريفه بأنه السيد أبو عدس بعد ان شاهد شريط الفيديو على التلفزيون في 14 شباط (فبراير) 2005.

111 ـ في 30 اب (اغسطس) 2005، بعثت اللجنة رسالة رسمية إلى سوريا فيها سؤال عن معسكر الزبداني. ارسل الجواب بشكل شخصي إلى المفوض في نيويورك، حيث تم تأكيد وجود المعسكر لكن مع نفي ان يكون استخدم لاي سبب اخر غير نشاطات تعليم الاحداث. لكن من خلال معلومات اخرى اعطيت للجنة، كانت دلائل قوية على وجود نشاطات اخرى في المعسكر في الفترة من 5 إلى 9 ايلول (سبتمبر) 2005، لتغيير المعالم والاستخدامات داخل الموقع. وبينت صور الاقمار الصناعية وجود جدران عالية وابراج مراقبة في المنطقة.

112 ـ في 26 ايلول (سبتمبر) 2005، اجتمع محققو اللجنة مع السيد صديق. في 27 ايلول (سبتمبر)، السيد صديق اعترف في وثيقة بخط اليد انه شارك في مرحلة التخطيط قبل الاغتيال (في كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير) 2005) وانه كان يعمل سائقا لعدد من المشتبهين المذكورين اعلاه طيلة يوم 14 شباط (فبراير).

113 ـ نتيجة ذلك وفي 13 تشرين الأول (اكتوبر) وبناء على توصية من اللجنة، أصدر المدعي العام اللبناني مذكرة توقيف بحق السيد صديق فكان ان أوقف في 16 تشرين الأول (اكتوبر).

114 ـ في المرحلة الحالية من التحقيق، فإن كمية معينة من المعلومات المعطاة من السيد صديق لا يمكن تثبيتها من خلال دليل آخر.

115 ـ أكدت زوجة السيد صديق ان زوجها التقى خلال الفترة من تموز (يوليو) إلى كانون الأول 2004، مجموعة هائلة من الأشخاص في مناسبات عدة في منزلهم في خلدة، كما في أماكن أخرى، وهو لم يرد ان تكون حاضرة، بما ان هؤلاء الأشخاص لم يرغبوا بأن يتم التعرّف إليهم، كما انها أكدت أيضاً قيام جعفر اليوسف بزيارات إلى منزلهم وبرفقته رجال آخرون لا تعرفهم.

116 ـ حقيقة ان السيد صديق ورط نفسه في الاغتيال، ما أدى في النهاية إلى توقيفه، تضيف إلى مصداقيته.

117 ـ شهود آخرون أبلغوا اللجنة بأنه في اليوم السابق على اغتيال السيد الحريري، فإن الحارس القريب للسيد الحريري (السيد يحيى العرب الملقب أبو طارق) عقد اجتماعاً مع اللواء غزالة، وبدا ان السيد العرب اضطرب للغاية بسبب هذا الاجتماع، وبدلاً من ان يبلغ فوراً السيد الحريري، كما هي العادة، فإنه ذهب إلى منزله وأطفأ هاتفه وبقي هناك لساعات عدة، ان الرواية المعطاة من اللواء غزالة عن هذا الاجتماع لا تتطابق مع المعلومات المعطاة من قبل شهود آخرين إلى اللجنة.

عناصر أخرى يجب أخذها بالاعتبار

118 ـ ثمة ظروف أخرى يجب عدم إغفالها في ما يتعلق بمرحلة التخطيط للجريمة، هي اجراءات الرصد المستهدفة السيد الحريري والمتخذة من قبل قوى الأمن الداخلي والتنصت على هواتف السيد الحريري من قبل الاستخبارات العسكرية (راجع جزء الرصد والتنصت على هواتف السيد الحريري).

119 ـ أحد الاجراءات الأولى التي قام بها اللواء الحاج بعد تعيينه قائداً لقوى الأمن الداخلي كان تقليص عدد رجال الأمن الرسميين حول السيد الحريري من مستوى 40 عنصراً إلى ثمانية في تشرين الثاني 2004، والسبب الذي أعلن كان رسالة من الرئيس اللبناني ورئيس الوزراء بأن القانون اللبناني يجب أن يطبق على كل المستويات وفي كل المسائل. ووفقاً لمرسوم (3509 للعام 1993) فإن عدد المرافقين الأمنيين لشخص من فئة الحريري يجب أن يكون ثمانية. ولم تكن اللجنة قادرة على التأكد مما إذا تأثر آخرون بالمرسوم نفسه.

120 ـ ما زالت هناك بعض النشاطات التي حصلت في شارع ميناء الحصن في بيروت قبل الانفجار، تحتاج إلى المزيد من التحقيق مما قد يؤدي إلى جلاء تفاصيل من مرحلة التخطيط وبالتالي الوصول إلى الجناة.

121 ـ يظهر التحقيق ان 8 خطوط هاتفية و60 جهاز هاتف استعملت لتنظيم رصد السيد الحريري ولتنفيذ الاغتيال. وقد وضعت هذه الخطوط في التداول في 4 كانون الثاني 2005 في الجزء الشمالي من لبنان، بين تربل والمنية. وقد استخدمت الخطوط من قبل أشخاص لأيام لرصد عادات السيد الحريري في منطقة مدينة بيروت غالباً.

122 ـ في 14 شباط (فبراير) 2005 استخدمت 6 من الهواتف في المنطقة الممتدة من ساحة البرلمان إلى فندق السان جورج وزقاق البلاط والباشورة، المكالمات حصلت في الساعة الحادية عشرة. لقد غطوا كل الطرقات التي تربط البرلمان بقصر قريطم، ومن الهاتف الذي كان في البرلمان أجريت أربع مكالمات إلى هواتف أخرى عن الساعة الثانية عشرة وثلاث وخمسين دقيقة، وقت مغادرة موكب الحريري ساحة النجمة، وقد أوقف الهاتف منذ الانفجار في الساعة الثانية عشرة وست وخمسين دقيقة. لقد استخدمت الخطوط فقط لإجراء مكالمات في ما بين حامليها خلال كل الفترة من مطلع كانون الثاني (يناير) إلى 14 شباط (فبراير) 2005.

123 ـ آخذاً بالاعتبار كل هذه الظروف، بما في ذلك الحوار الموصوف الذي جرى في 26 آب (أغسطس) 2004، فإن هناك احتمالاً صغيراً بأن طرفاً ثالثاً بإمكانه القيام بإجراءات الرصد والمتابعة ضد السيد الحريري لأكثر من شهر قبل التفجير ويمتلك الموارد والقدرة اللازمة للتفكير والتخطيط وتنفيذ جريمة بهذا الحجم من دون دراية السلطات اللبنانية المختصة. وهذا يشمل تدبير كمية كبيرة من المتفجرات العالية الفعالية والتعامل معها والحفاظ عليها وتدبير شاحنة ميتسوبيتشي (فان) وتجنيد مصادر بشرية مرتبطة بالإضافة إلى قاعدة للتحضيرات اللازمة. استنتاج: هناك سبب مرجح للاعتقاد ان قرار اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري ما كان ليؤخذ من دون موافقة أعلى مسؤول أمني سوري وما كان ليمضي في تنظيمه أكثر من دون تواطؤ نظرائهم أجهزة الأمن اللبنانية.

التنصت على هاتف الحريري

124 ـ استناداً إلى شاهد فإن عناصر قوى الأمن الداخلي أمرت بإبقاء السيد الحريري تحت المراقبة (إفادة شاهد) منذ نهاية كانون الثاني (يناير) وبداية شباط 2005. لم يعثر على توثيق لهذا الأمر خلال إجراءات تحقيق لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة.

125 ـ العقيد غسان طفيلي كان مسؤولاً عن الدائرة التقنية في جهاز الاستخبارات العسكرية اللبنانية. وتشمل هذه الدائرة الاتصالات والتنصت على الهاتف. وكانت هذه الدائرة تتنصت على سياسيين وعسكريين وأشخاص مشبوهين. وكان رئيسه رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية اللواء ريمون عازار وكان طفيلي يتلقى أوامره من رئيسه شفوياً بدلاً من الشكل المكتوب. والعديد من الأشخاص المهمين، مثل رؤساء سابقين ورؤساء وزراء ونواب عرضة للتنصت بشكل دائم. وعلى الرغم من ان السيد الحريري لم يعد رئيساً للوزراء في مطلع 2005 إلا انه كان شخصية سياسية واقتصادية مهمة للغاية في لبنان والشرق الأوسط. ولذا كان عرضة للتنصت دائماً. الدائرة التقنية كانت ترصد المكالمات وتسجلها. وكانت عناصر من الأمن العام اللبناني تدعم وحدة طفيلي. وكانت المحاضر ترفع يومياً إلى اللواء ريمون عازار وقائد الجيش العماد ميشال سليمان كما كان المدير العام للأمن العام جميل السيد يزوّد بالنتائج. وبحسب إفادة طفيلي فإن اللواء عازار كان يرسل المحاضر إلى الرئيس اللبناني وإلى اللواء غزالة رئيس الاستخبارات العسكرية السورية في لبنان.

126 ـ ذكر العقيد طفيلي ان لواء الحرس الجمهوري لديه جهاز للتنصت الداخلي.

استنتاج

من خلال التنصت الدائم على الخطوط الهاتفية للسيد الحريري فإن أجهزة الأمن والاستخبارات السورية واللبنانية كانت على اطلاع على تحركاته واتصالاته. أعمال على الطريق

127 ـ حققت اللجنة ايضاً في ما إذا كانت هناك أعمال حفر في الطريق المواجه لفندق السان جورج في الفترة التي سبقت الاغتيال. كانت هناك ايحاءات بأن أعمال طرق غير مألوفة ـ بما في ذلك مد خطوط وفتحات مجارير ـ حصلت في الطريق المواجه لفندق السان جورج قبل وقت قصير من الاغتيال، ما يدل ضمناً إلى أن أشخاصاً متورطين في الاغتيال يحتمل ان يكونوا امتلكوا فرصة لوضع قنبلة أو جهاز تفجير عن بعد تحت الأرض وبالتالي التسبب بالانفجار.

128 ـ تظهر سجلات البلدية ان الإجازات الأخيرة المنوهة للعمل في المنطقة قرب مسرح الجريمة مُنحت قبل الانفجار، في كانون الثاني (يناير) 2005، على سبيل المثال من 3 إلى 8 كانون الثاني (يناير) 2005 منحت مصلحة مياه بيروت إجازة للحفر لمد أنبوب مياه ولحفر الطرق الرئيسية حول فندق السان جورج، ومنحت أوجيرو، شركة الاتصالات، إجازة لمد كابل اتصالات في الفترة 13 إلى 20 كانون الثاني (يناير) 2005. مع ذلك فإن بعض الشهود أفاد بأن من الممكن أن أعمال طرق أجريت في المنطقة قرب السان جورج في يوم أقرب إلى التفجير، بما في ذلك الليلة التي سبقت التفجير. على سبيل المثال، أفاد سائق تاكسي بأنه أنزل راكبين عند فندق فينيسيا في 12 شباط (فبراير) نحو الساعة السادسة والربع صباحاً. وعندما انعطف باتجاه ميناء الحصن لاحظ أن الشارع كان مغلقاً في مواجهة فندق السان جورج مقابل بنك HSBC، وأن بعض أعمال الطرق كان جارياً بما في ذلك فتحتا مجرورين في مواجهة السان جورج حيث كان عمال وعناصر عسكرية موجودين في المكان. شاهد آهر، عامل في المرفأ، أشار إلى أنه لدى بدء مد خطوط الهاتف عند المرفأ لم تكن هذه الخطوط قيد الاستعمال كما لم تكن موصولة بسلك خارجي ولم تكن هناك كابلات موصولة للتلفزيون أو الكومبيرات، شخص آخر أفاد أنه بعد ظهر الأحد، اليوم السابق على الاغتيال، اقترب وزوجته من مكان الانفجار، ورأيا ثلاثة أشخاص يعملون وسط الشارع وينزلون في حفرة في الأرض قرب السان جورج ما بدا أنه فراش قش كما لاحظا شريطين أسودين قطر كل منهما نصف انش يمتدان من الحفرة إلى فندق السان جورج. على النقيض، فإن شهوداً آخرين كانوا على يقين من أنه لم تكن هناك أعمال طرق على مدى أيام قبل التفجير.

استنتاج:

ان مسألة ما إذا كان هناك حفر في مواجهة فندق السان جورج تبقى سؤالاً مفتوحاً لم تتمكن اللجنة من حله بما يتجاوز ذكريات شهود معينين وهي ذكريات لم يكن ممكناً التثبت منها بشكل مستقل. إن سجلات البلدية تظهر بوضوح أن أعمال حفر في وقت قريب من الجريمة لم تنفذ بموجب إجازات من المدينة.

تنفيذ التفجير:

129 ـ هناك فرع لبنك HSBC قريب من موقع الانفجار، ويشغل البنك نظام مراقبة تلفزيونية أمنية سجل تحركات موكب الحريري قبيل الانفجار لكنه لم يسجل موقع الانفجار نفسه. وفي تدقيق عميق أظهرت التغطية المسجلة شاحنة متسوبيشي (فان) تدخل منطقة الانفجار قبل وقت وجيز من موكب السيد الحريري. 130 ـ أظهر التسجيل بوضوح أن المتسوبيشي كانت تتحرّك أبطأ بنحو ست مرات مما كانت المركبات الأخرى تتحرك على المساحة نفسها في الطريق. إن تحليلاً للتسلسل الزمني أظهر أنه بالنسبة لنحو 50 متراً من الطريق تغطيها الكاميرا، فإن سيارة عادية تحتاج إلى 3 ـ 4 ثواني لقطع المسافة، في حين أن شاحنة كبيرة تحتاج إلى 5ـ6 ثواني لقطع المسافة. وقد أخذت المتسوبيشي 22 ثانية لقطع المسافة ودخلت المنطقة قبل دقيقة و49 ثانية من موكب الحريري،

131 ـ النماذج التي تم جمعها من مسرح الجريمة والفحوصات الشرعية التي أجريت نجحت في تحديد شاحنة المتسوبيشي (الفان). من خلال جزء من كتلة المحرّك وجدت ورفعت من مسرح الجريمة، استنتج أن المحرّك عائد لمركبة متسوبيشي سرقت في 12 تشرين الأول (أكتوبر) 2004 في مدينة ساغاميهارا، اليابان.

132 ـ قابلت اللجنة كل الناجين الذين كانوا في موكب الحريري، شهود العيان في الموقع وفي المناطق المجاورة وكذلك اصحاب المحال، الموظفون، الباعة، السكان ... الخ. في المنطقة المجاورة لمسرح الجريمة.

133 ـ لم يدل اي من الاشخاص الذين تمت مقابلتهم اي مشاهدات غير عادية عن 14 شباط (فبراير) 2005، في ميناء الحصن الشارع المجاور او المناطق المجاورة لم يكن الوضع غير عادي عما يجري في هذه المواقع.

134 ـ أحد المواضيع الرئيسية للجنة كان تقدير كيف تمت معرفة طريق السيد الحريري وهو عائد إلى قصر قريطم من الاجتماع في البرلمان.

135 ـ كان معروفاً جيدا ان السيد الحريري سيشارك في اجتماع ما قبل الانتخابات في البرلمان في ذلك الصباح المحدد. كان معروفا ايضا جيدا انه سيعود إلى قصر قريطم بعد الاجتماع، حيث كان دعا أكثر من 20 شخصا على الغداء في القصر.

136 ـ من ساحة النجمة عودة إلى قريطم كان هناك 3 خيارات للطريق. والقرار في الاختيار يعود إلى رئيس الحرس الخاص للسيد الحريري الذي يطلع سيارة مطلع الموكب على التفاصيل، لكن كان وضع التصور صباحا انه اذا كان الموكب سيعود إلى القصر قبل الساعة 14، سيختار الطريق البحري. ولو كان الامر غير ذلك، كان سيتم اختيار طريق اخر. غادر الموكب منطقة ساحة النجمة وسار خلال شارع الاحدب وشارع فوش. وعند تقاطق شارع فوش وشارع الميناء تأخر الموكب دقائق عدة بسبب الزحمة. عند التقاطع المذكور استدار الموكب يسارا نحو الطريق البحري باتجاه عين المريسة وفندق السان جورج.

137 ـ كان الموكب مشكلا من 6 سيارات. السيارة الاولى، تويوتا لاند كروزر، فيها 4 ضباط من قوى الامن الداخلي، السيارة الثانية مرسيدس 500 اس فيها 3 اشخاص من فريق حماية الحريري الخاص، السيارة الثالثة كانت سيارة مرسيدس مصفحة يقودها السيد الحريري ومعه السيد فليحان. السيارة الرابعة والسيارة الخامسة كانتا من طراز مرسيدس 500 اس، كل واحدة منها فيها 3 اشخاص من فريق حماية الحريري الخاص، السيارة الاخيرة في الموكب كانت شيفروليه مجهزة كسيارة اسعاف وفيها 3 من افراد طاقم الحريري، اثنان منهم ممرضان. السيارات الثانية الرابعة والخامسة كانت مزودة بأجهزة تشويش التي كانت مشغلة وتعمل.

138 ـ عندما كان الموكب يعبر طريق فندق السان جورج في ميناء الحصن، عند الساعة 12.56 حدث انفجار هائل، الذي تسبب بمقتل السيد الحريري و21 آخرين. بالاضافة إلى 220 شخصا اصيبوا بجروح وتسبب بدمار وخراب في الابنية والسيارات. السيد الحريري نقل إلى مستشفى الجامعة الاميركية، حيث تم التعرف على جثمانه وسبب وفاته الذي اعلن انه كان فوريا ونتج عن جرح في الدماغ تسبب في سكتة قلبية.

139 ـ لم يتم التعرف إلى سيارة اوبل لاحقت الموكب من ساحة النجمة إلى تقاطع شارع فوش والاوتوستراد البحري. يجب ملاحظة ان الموكب تأخر على تقاطع ولوقت قصير سار بعكس اتجاه السير على طريق ذي اتجاه واحد. لم تستطع اللجنة معرفة سبب التأخير على التقاطع.

140 ـ خلص تقرير فيتزجيرالد إلى ان السيد الحريري خلال الاشهر الثلاثة السابقة للتفجير كان يأخذ الطريق البحري في مناسبات مختلفة ولكن يجب التذكر انه لم يكن يظهر علنا في بيروت في الفترة نفسها سوى لأقل من عشر دقائق.

141 ـ اللجنة لم تجد اي مؤشر على انه كان هناك تسريبات او متآمرين من داخل فريق الحريري، لكن اللجنة حددت ان الحريري كان تحت المراقبة على الاقل قبل شهر من التفجير، من جانب اشخاص يخططون للجريمة (انظر التحليل في القسم الوارد انفا).

142 ـ الضعف في الاجراءات التي اتخذت في البداية من جانب السلطات اللبنانية والتلاعب بالادلة خلال الكشوف الاولى على مسرح الجريمة عملت ضد تحديد نوع المتفجرات المستخدمة. العينات الاولى التي جمعت من الرواسب اعطت اختباراتها التي جرت بشكل بسيط مؤشرات على انها "تي ان تي" ولكن لم تجر فحوصات مخبرية اوسع للعينات. ذلك اعاق التحقيق، بما انه من المستحيل تقفي مصدر المتفجرات، الامر الذي يمكن ان يقود في النهاية إلى المنفذين.

143 ـ بالاضافة إلى ذلك، ضبطت افلام من اجهزة تصوير امنية للمصرف البريطاني، هذا الاهمال كان يمكن ان يكون قد قاد إلى فقدان دليل مهم. استنتاج:كان من الصعب على الافراد خارج الدائرة الضيقة حول الحريري ان يتوقعوا الطريق التي سيسلكها موكبه في 1 شباط 2005. شاحنة "الميتسوبيشي كانتر" التي ظهرت في شريط البنك البريطاني هي التي كانت تحمل المتفجرات. اهمال السلطات اللبنانية في اتخاذ اجراءات التحقيق الملائمة ومسح احترافي كامل لمسرح الجريمة بعد التفجير مباشرة جعل من الصعب حل مسائل رئيسية تتعلق بتنفيذ التفجير، مثل نوع المتفجرات المستخدمة، او قد يكون قد تسبب في فقدان دليل مهم مثل اشرطة فيديو امنية مفيدة. استخدام بطاقات الهاتف المدفوعة سلفا

144 ـ التحقيقات من جانب قوى الامن الداخلي والاستخبارات العسكرية قادت إلى ست بطاقات مدفوعة سلفا، والتي اثبتت السجلات الهاتفية انها كانت محورية في التخطيط للاغتيال. بدءا من الساعة 11 قبل الظهر في 14 شباط 2005، اظهرت سجلات مواقع الهاتف الخلوي ان هواتف خلوية تستخدم هذه البطاقات الست حدد موقعها المنطقة الممتدة من ساحة النجمة إلى شارع فندق سان جورج، على شعاع بضع بنايات، وقد اجري عدد كبير من الاتصالات بين هذه الهواتف فقط. وكانت هذه الهواتف موضوعة في مناطق بحيث تغطي كل الطرق التي تربط البرلمان بقصر قريطم. واظهرت سجلات المواقع الخلوية ان هذه الهواتف وضعت لتغطي اي طريق كان يمكن ان يسلكه الحريري في ذلك اليوم. واحد من هذه الهواتف الذي حدد موقعه قرب البرلمان اجريت عبره اربع مكالمات مع الهواتف الاخرى في الساعة 12.53 الوقت المحدد الذي غادر فيه موكب الحريري ساحة النجمة في 14 شباط، قبل دقائق قليلة من التفجير. وقد عطلت هذه الخطوط الستة بعد التفجير.

145 ـ اظهر تحقيق اضافي ان هذه الخطوط الستة ـ ـ مع اثنين اخرين ـ ـ وضعت في التداول في الرابع من كانون الثاني 2005 بعد ان شغلها طلب الرقم 1456. شغلت الخطوط هذه كلها في وقت واحد. وكلها تم تشغيلها في المكان نفسه في الشمال بين تربل والمنية. ومنذ ان تم شراؤها في مطلع كانون الثاني (ينير) 2005، وحتى وقت التفجير، لم تجر هذه الخطوط اتصالات سوى ببعضها البعض. في تلك الفترة ، حتى الاغتيال، بدا ان العلاقة بين مواقعها وحركة الحريري، ما يفترض انها قد تكون استخدمت لتتبع حركة الحريري في تلك الفترة.

146 ـ اللجنة، بالتنسيق مع السلطات اللبنانية، واصلت التحقيق في مصدر تلك الخطوط. الخطوط الستة جاءت مع اربعة اخرى، من شركة "باور غروب"، وهو مخزن يملكه عضو نشط في الاحباش تربطه علاقات طيبة بالشيخ احمد عبد العال. وبحسب سجلات الشركة الخطوط سلمت إلى فرع طرابلس التابع للمخزن. وافاد أحد الموظفين في فرع طرابلس انه 30 كانون الاول 2004، تلقى اتصالا من رائد فخر الدين، وهو رجل اعمال ومستشار لرئيس الوزراء السابق عمر كرامي. اراد رائد فخر الدين شراء عشرة خطوط هاتفية مدفوعة سلفا بصورة عاجلة. ولاحظ الموظف ان الطلب نفسه كان غير معتاد لان رائد لا يشتري عادة خطوطا من مخزن طرابلس وليس لديه علاقة تجارية مع مخزن طرابلس بخلاف شراء اجهزة. لكن عشر بطاقات تحمل هذه الخطوط المحددة تم تحديد موقعها وارسل رائد فخر الدين أحد الاشخاص لاخذ البطاقات التي تحمل هذه الخطوط من مخزن طرابلس. وافاد هذا الشخص اللجنة انه دفع 700 دولار نقدا في مخزن طرابلس لشراء هذه البطاقات وسلمها إلى فخر الدين. ولم تلب الشروط القانونية لشراء الخطوط في ذلك اليوم، الا بعد اسبوعين من شراء الخطوط في 12 كانون الثاني 2005. وتبين ان البطاقات التعريفية التي قدمها رائد كانت مزيفة. وفي 14ايلول 2005، اوقفت قوى الامن الداخلي رائد فخر الدين مع اخرين متورطين في نقل وبيع هذه البطاقات. رائد فخر الدين استجوب من قبل اللجنة. وفي ذلك الاستجواب، بينما اعترف بشراء الخطوط، نفى فخر الدين اي معرفة باستخدام هذه الخطوط في عملية اغتيال الحريري.

147 ـ من بين الخطوط العشرة التي استخدمت بهذه البطاقات الخلوية العشر، ثم تم تقفي خمسة بطاقات إلى مخزن في طرابلس. استنتاج التحقيق حول خطوط الخلوي المدفوعة مسبقا أحد أهم الدلائل في هذا التحقيق لجهة من كان في الواقع على الارض ينفذ الاغتيال. هذا خط في التحقيق يحتاج إلى متابعة حثيثة. اجهزة التشويش

148: موكب الحريري يتضمن 3 سيارات مجهزة باجهزة تشويش، مصممة للتشويش على اشارات التحكم عن بعد (روموت كونترول) للمتفجرات المحضرة.

149: على الرغم من ان لجنة التحقيق تلقت معلومات من مصدر مفادها ان اجهزة التشويش في موكب الحريري كان متلاعب بها قبل الانفجار، فإن اللجنة لم تكن قادرة على التعاطي مع هذه المعلومات. في الحقيقة، كل الدلائل المتوافرة تشير إلى ان اجهزة التشويش كانت تعمل وفي وضع مناسب للعمل في وقت الاغتيال. والمسؤولون عن إدارة اجهزة التشويش صرحوا بأنهم كانوا يقومون بفحص تفصيلي للاجهزة كل 3 اشهر، وان اخر فحص جرى في كانون الثاني 2005 ولم تلاحظ اي مشاكل. وكذلك فإن اجهزة التشويش تم فحصها من قبل اعضاء فريق الحريري الامني بشكل تفصيلي قبل يومين من الانفجار حيث كانت في وضع جيد. من اجهزة التشويش الثلاث كان واحد منها مدمرا بالكامل بالانفجار، الاخر كان محترقا لكن جرى إصلاحه واحتفظ به كدليل، والثالث كان لا يزال يعمل، وبعد اخضاعه للفحص وجد انه يعمل بشكل مناسب. كذلك فإن تقرير فريق اخصائيي المتفجرات الالماني حول الجهازين اللذين احتفظ بهما كدليلين اكد انهما كانا يعملان. اخيرا فإن شركتي الخلوي MTC TOUCH وALFA افادتا انه جرى التشويش على شبكتيهما في 14 شباط من نحو الساعة 12 حتى الساعة 13 بين ساحة النجمة وفندق السان جورج. اعادت لجنة التحقيق بناء الحدث في 19 اب (اغسطس) بالتعاون مع MTC وALFA، من خلال تسيير 3 مركبات مشابهة للتي كانت في موكب الحريري ومجهزة بأجهزة التشويش نفسها، على الطريق ذاته التي سار فيها الموكب من ساحة النجمة إلى فندق السان جورج. اعادة بناء الحدث هذه انتجت نتائج مشابهة للتشويش المؤقت للاتصالات الذي حدث في 14 شباط (فبراير)، حتى اخذ بالاعتبار العناصر الاخرى التي قد تؤثر على الاتصالات في المنطقة. لذلك، يمكن التصور انه على الاقل واحد من اجهزة التشويش الثلاث كان جاهزا للعمل ويعمل وقت الانفجار.

150 ـ على الرغم من ان واحدا من اجهزة التشويش كان يعمل، فإن المحققين اقتنعوا انه هناك اساليب للتغلب على اجهزة التشويش. هناك احتمالات مختلفة تتضمن التفجير الانتحاري، تفجير لاسلكي باستخدام ترددات مختلفة، تفجير لاسلكي باستخدام اجهزة التشويش نفسها، تفجير لاسلكي باستخدام هاتف الثريا الذي يعمل بالقمر الصناعي، وهي الشركة الوحيدة المسموح لها بالعمل على الاراضي اللبنانية باستخدام موصلات الاقمار الصناعية، تفجير سلكي باستخدام سلك TNT او تفجير سلكي باستخدام نوع اخر من توصيلات الاسلاك مثل خطوط الهاتف كسلك توصيل. مع من ان اللجنة بناء على تحقيقها حتى الان، بالتحديد، نتائج فحوصات الفريق الالماني في مسرح الجريمة، انه محتمل ان مفجرا انتحاريا تسبب بالانفجار، فإن الاحتمالات الاخرى تحتاج إلى تحقيق ابعد، لمعرفة ما اذا كانت كافية وحدها او بالارتباط مع التفجير الانتحاري. استنتاج:يبدو ان اجهزة التشويش في موكب الحريري كانت جاهزة للعمل وتعمل في 14 شباط (فبراير) وقت الانفجار. تحقيق اضافي يمكن ان يقدم معلومات عن وحدات التفجير المستخدمة. التدخل في الاتصالات في وسط بيروت

151 ـ تلقت لجنة تحقيق الامم المتحدة المستقلة معلومات عن انه كان هناك تدخل في 14 شباط (فبراير) 2005 من الساعة 9 إلى الساعة 14 من هوائي اتصالات يغطي منطقة رياض الصلح، التي تتضمن منطقة مسرح الجريمة. هذه المعلومات جرى التحقق منها مع وزارة الاتصالات. تم التأكد من هذه المعلومات من خلال معلومات قدمتها شركة MTC TOUCH. بناء على ذلك فإن مستخدمي الهواتف الخلوية في منطقة مسرح الجريمة قد لا يكونون اسخدموا هذا الهوائي المحدد وجرى تحويلهم إلى هوائي اخر. لم يتم العثور على دليل إلى الان يمكن ان يشير بوضوح إلى تلاعب داخلي في MTC TOUCH، علما ان هذا التلاعب لم يجر استبعاده كليا إلى الان. يبقى احتمال مواز ان شخصا من الخارج، منظمة اجرامية، شركة او سلطة قد تكون قادرة على تدخل كهذا، على سبيل المثال من خلال تجهيزات هاتفية. اضافة إلى ذلك، فإن ارتباطا مباشرا بين هذه التدخلات والاغتيال لا يمكن استبعاده. استنتاج:يظهر انه كان هناك تداخل مع هوائي اتصالات في منطقة مسرح الجريمة خلال وقت الجريمة. هذا خط في التحقيق يجب ان يتابع بشكل حثيث. مسرح الجريمة

152 ـ استنتاج لجنة التحقيق، ان السلطات اللبنانية لم تجر فحصا جديا لمسرح الجريمة. وبما ان هذا يعبتر اساسا لاي تحقيق جرمي، فإن اللجنة تعتقد انه من الضروري البحث عن مساعدة من الدول الاعضاء في الامم المتحدة لخبراء اخرين ليحددوا مبدئيا، بين اشياء اخرى، ما اذا كان الانفجار حدث تحت الارض او فوقها. الفريق القضائي الالماني

153 ـ في 6 تموز (يوليو) 2005، الفريق القضائي الالماني، يتضمن 4 خبراء في الطب الشرعي، قدم تقريره للجنة تحقيق الامم المتحدة المستقلة(2). الخبراء، وفي أكثر الفقرات اهمية، استخلصوا: "ان النتائج التي توصل اليها فريق الخبراء السويسريين والاستخلاصات يمكن اسنادها بشكل كامل. عبر توزع اجزاء شاحنة المتسوبيشي، يمكن افتراض ان الشاحنة لعبت دورا اساسيا في العملية ويمكن ان تكون استخدمت كحامل للقنبلة. بعد تقييم كل الحقائق والتقديرات فإن الانفجار فوق الارض هو الامكانية الاكثر ملاءمة. اذا افترضنا ان انفجارا كهذا، فإن كمية المتفجرات يجب ان تكون نحو 1000 كلغ. متفجرات عالية الشدة استخدمت. فحص عينة من جدار الشاحنة اظهر ان مادة TNT هي المستخدمة. لكن هذه النتيجة لم يتم التوصل اليها بحضور خبراء لجنة تقصي الحقائق التابع للامم المتحدة، ولذلك يجب النظر اليها كنتيجة اولية وليس نهائية. خلال عملنا في موقع الحادث لم يكن باستطاعتنا تحري اي اشارات بالنسبة لنوع جهاز التفجير الذي استخدم. فريق الأدلّة الجنائية الهولندي

154 ـ بين 12 آب/اغسطس و25 أيلول/سبتمبر 2005 تفحّص فريق أدلة جنائية هولندي موقع الجريمة ومحيطها ذي الصلة. تضمن الفريق سبعة خبراء متخصصين في الأدلة الجنائية الخاصة بالتحقيق بعد الانفجار. وكان غرض التحقيق الجنائي في موقع الانفجار هو العثور على أدلة مادية لتكوين القنبلة المعدّة محلياً، التي سبّبت الانفجار. وتفحص موقع الجريمة بعد مرور نحو نصف سنة على حدوثها امر غير مألوف. وفوق هذا، كان معلوماً ان موقع الجريمة عُبث به عدة مرات. وهذا يضعف كثيراً قوة الاستنتاج الذي يمكن استخلاصه من الموقع الذي وجدت فيه الأدلة. ولا يمكن ان نستبعد أبداً ان المواد في موقع الجريمة، قد عبث بها أحدهم، أو وُضعت عمداً هناك. وبغض النظر، كان ثمة احساس بضرورة اجراء مسح جنائي شامل للموقع، لا سيما لاحتمال ان بعض الأمكنة في موقع الجريمة لم تتلوّث، مثل الطوابق العليا في بيبلوس وفندق "سان جورج". وقد ضرب النطاق من حول موقع الجريمة في 15/شباط/فبراير 2005، حسبما تقول قوى الأمن الداخلي، وأقيمت عليه الحراسة 24 ساعة في اليوم سبعة أيام في الأسبوع منذ ذلك اليوم.

1 ـ ساعد كثير من الناس الفريق الهولندي في التحقيق في موقع الجريمة، منهم ضباط الأدلة الجنائية في قوى الأمن الداخلي، وفريق غطاسين بريطانيين، وخبير متفجرات فرنسي، وعالم أدلة جنائية من شمال ايرلندا، ومهندس كهربائي ألماني متخصص في اجهزة التشويش، وفريق خبراء يابانيين في التحقيق في مواقع الجرائم، وخبير سيارات ألماني، وخبير سيارات هولندي وعدد من الخبراء اللبنانيين. 156 ـ سُلّم إلى اللجنة تقرير متماسك وشامل عن الخلاصة والنتائج المستقاة من التحقيق في موقع الجريمة. والتقرير في 87 صفحة وقد تضمن في خلاصته

اربع نقاط أساسية

1 ـ انفجار مواد شديدة الانفجار

يثبت الضرر الذي لحق بالمباني والسيارات وأْعمدة الانارة المحيطة بالمكان والأشياء الأخرى القريبة من الانفجار ان مقداراً كبيراً من المفتجرات استخدم في التفجير عند الجانب الأيسر امام المدخل الاساسي في فندق "سان جورج"، في شارع ميناء الحصن. وأشعل الانفجار النار في عدد من السيارات على مسافة بين 20 و30 متراً من مركز الانفجار. ومن خربطة الانفجار يبدو واضحاً انه كان ناتجاً من مواد شديدة الانفجار.

2 ـ شاحنة متسوبيشي الصغيرة

طبقاً للأدلة المادية التي جُمعت والبقايا البشرية التي تعرّف اليها خبير الأدلة الجنائية اللبناني، وشريط مصرف "اتش.اس.بي.سي" والضرر اللاحق بالسيارات التي كانت متوقفة في الشارع، يرجح ان التفجير حدث بواسطة شاحنة متسوبيشي صغيرة كانت محملة القنبلة المصنوعة محلياً، ففجّرت لدى مرور سيارات موكب الحريري الست. وقد وجد رقم محرك هذه الشاحنة بين الركام في ساحة الجريمة. وأرشد رقم المحرك هذا إلى رقم تسجيل السيارة وسنة صنعها. ولم يُعثر على بقايا من القنبلة المصنوعة محلياً بين الركام، سوى قطع شاحنة متسوبيشي الصغيرة التي وضعت فيها القنبلة المصنوعة محلياً. وكان هذا متوقعاً بسبب قوة الانفجار وحجم المتفجرات المستخدمة. ووُجدت بعض قطع متضررة من دارة كهربائية قد تكون استخدمت في التفجير. لكن لا بد اولاً من ان يتفحض خبراء الكترون بقايا هذه الدارة، التي قد تنم عن وجه استخدامها.

3 ـ موضع سيارات الموكب والسيارة المفخخة

حين فُجّرت الشحنة الناسفة كانت شاحنة متسوبيشي الصغيرة متوقفة تقريباً في صف السيارات الأخرى المتوقفة على الشارع امام فندق "سان جورج"، ومقدمها مواجه للغرب. ولم تكن متوقفة باصطفاف تام مع بقية السيارات، استناداً إلى اتجاه قوة الانفجار إلى سيارة فورد الحمراء التي كانت على الأرجح الغالب متوقفة مباشرة أمام الشاحنة متسوبيتشي. وقد أصيبت سيارة فورد هذه بأشد الضرر من يسار الخلف. وهذا يعني أن الشاحنة الصغيرة لم تكن متوقفة باصطفاف تام مع السيارة الحمراء فورد. وبين سيارات الموكب الست كانت السيارة السوداء مرسيدس، ورقمها 404 هي الأقرب إلى مركز الانفجار، حين فجّرت الشحنة الناسفة، وكانت اتجاه قوة الانفجار نحو هذه السيارة من الجانب الأيمن. وهذا يعني على الأرجح انها كانت بجانب الشاحنة ميسوبيتشي. ومن ملامح الضرر يمكن القول إن السيارات حاملة الأرقام 401 و402 و403، وكان في الأخيرة السيدان الحريري وفليحان، كانت قد مرت لتوّها بجانب الشاحنة ميتسوبيشي حين حدث الانفجار. ووقع أشد الضرر بالسيارتين 405 و406 في الجانب الأمامي الأيمن، أي انهما لم تكونا قد تجاوزتا الشاحنة ميتسوبيشي بعد، حين حدث الانفجار.

4 ـ جهاز تفجير القنبلة المصنوعة محلياً

تدل الأدلة المادية في هذا التقرير والعثور على أشلاء بشرية صغيرة لشخص غير معروف، وعدم العثور على أشلاء كبيرة مثل السيقان أو الأرجل أو الكف أن تشغيل العبوة الناسفة تولاه انتحاري. وثمة احتمال آخر أضعف بقليل، وهو التفجير من بعد. إلا أن أي أثر لجهاز التفجير من بعد، لم يعثر عليه في موقع الجريمة. فريق الأدلة الجنائية البريطاني

157 ـ في 5 أيلول/سبتمبر 2005، سلم فريق الأدلة الجنائية البريطاني تقريره إلى اللجنة. وكان الفريق مؤلفاً من سبعة أشخاص. وكان غرضه فحص قاع البحر ومرفأ السفن السياحية المجاور لموقع الجريمة. وفيما كان الفريق يقوم بمهمته، عاونه غطاسون لبنانيون من فريق الإطفاء والإنقاذ في الدفاع المدني. وجمعت 40 قطعة في هذا المسح البحري، ومعظمها ركام سيارات. فريق الأدلة الجنائية الياباني

158 ـ في 27 أيلول/سبتمبر 2005، سلم فريق الأدلة الجنائية الياباني تقريره، وكان مؤلفاً من ثلاثة خبراء أدلة جنائية يرافقهم مترجم. وكان غرض الفريق التعرف على شاحنة ميتسوبيشي الصغيرة.

159 ـ تفحص الفريق الياباني كل الأدلة المجموعة من موقع الجريمة وأحصى 69 قطعة يشتبه في أنها قطع من الشاحنة المذكورة، من هذه 44 قطعة تأكد انها قطع شاحنة ميتسوبيتشي صغيرة، من صنع شركة "ميتسوبيتشي فيزو" في اليابان.

160 ـ عرفت أخيراً الشاحنة الصغيرة ميتسوبيشي. فقد سُرقت من مدينة ساغاميهارا في اليابان، في 12 تشرين الأول/اكتوبر 2004. خبراء القنابل المصنوعة محلياً الايرلنديون والفرنسيون

161 ـ وافق الخبراء على ما جاء في تقرير خبراء الأدلة الجنائية الهولنديين.

الخلاصة:

حدث الانفجار الذي قتل السيد الحريري و22 آخرين فوق سطح الأرض، ولهذا الغرض استُخدم ما لا يقل عن 1000 كيلوغرام من المتفجرات العسكرية.

بعد الجريمة: التحليل والتقييم

162 ـ بذلت اللجنة جهوداً مكثفة لوضع خريطة تحرك السيد الحريري وما فعل قبل الانفجار، وكذلك التحركات والأفعال الأخرى، من أجل اكتشاف الحافز والأسباب التي أدت إلى هذه الجريمة.
163 ـ عُقدت لقاءات مع أقاربه ومعاونيه وأصدقائه والعاملين معه وزملائه، ولم يفض أي من هذه الجهود إلا إلى الوقائع التي مهدت لاستقالة السيد الحريري من رئاسة الحكومة.
164 ـ لقد عززت هذه المعلومات صورة علاقة التوتر بين السيد الحريري من جهة والرئيس لحود والسلطات السورية من جهة أخرى. وأضيف دليل من محادثة الهاتف بين اللواء غزالة ومسؤول لبناني كبير في 19 تموز 2004؛ الحوار بين الرئيس الأسد والسيد الحريري في 26 آب 2004، في سوريا، التوجه إلى السيد الحريري عن طريق يحيى العرب، وسام الحسن وسليم دياب في تشرين الأول ـ تشرين الثاني 2004 لزيادة الأمن حوله بسبب التوتر وردّ الحريري "بأنهم لا يجرؤون على المسّ بي"؛ اللقاء بين الجنرال غزالة ويحيى العرب في 13 شباط 2005، وردّ السلطات اللبنانية على توزيع زيت زيتون خلال شباط 2005.
165 ـ كل اللاعبين الرئيسيين بين السلطات اللبنانية المتنافسة جرى استجوابهم، وكذلك الخبراء المنخرطين في الاجراءات الأولية للتحقيق، التحقيق المبكر أظهر ان أحداً لم يقل انه كان لديه أي مؤشر مهما كان صغيراً عن ان شيئاً ما يجري حول السيد الحريري يمكن ان يهدد حياته. الجهود التي قامت بها اللجنة خلال فترة محدودة من الوقت وصلت إلى استنتاج على طرف نقيض من ذلك. كانت هناك اشارات تحذير عديدة تتعلق بالسيد الحريري في محيطه المباشر بعد ما حصل في النصف الثاني من العام 2004، خصوصاً عندما يأتي الأمر إلى سياق تجارب لبنانية سابقة لهجمات تستهدف أفراداً من خلال متفجرات.
166 ـ في 30 آب 2005، أوقفت السلطات اللبنانية واحتجزت أربعة مسؤولين رفيعي المستوى في الجهاز الأمني والاستخباري اللبناني، بعد مذكرات اعتقال أصدرها المدعي العام اللبناني بالاستناد إلى توصيات من لجنة التحقيق الدولية بأن هناك سبباً يستدعي توقيفهم واحتجازهم بالتآمر على القتل في ما يتعلق باغتيال الحريري. الأشخاص الموقوفون هم المدير العام السابق للأمن العام اللواء الركن جميل السيّد والمدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء علي الحاج والمدير السابق للاستخبارات العسكرية العميد ريمون عازار ورئيس الحرس الجمهوري العميد مصطفى حمدان. 167 ـ الأربعة استجوبوا من قبل لجنة التحقيق بحضور محامين، واصل كل منهم نفي أي تورط في تخطيط أو تنفيذ اغتيال الحريري، أو أي علم مسبق بمثل هذه المؤامرة، أو القيام أو إصدار الأمر بالقيام بأعمال مخصصة لاعاقة التحقيق بعد ذلك.
168 ـ كما في أي تحقيق، كانت نقاط الانطلاق بالنسبة للجنة التحقيق هي ضحايا الجريمة، مسرح الجريمة والشهود، بالاضافة إلى ذلك ركزت اللجنة على خمسة تحقيقات فرعية.

1 - أحمد أبو عدس

169ـ ان تحقيق لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة بشأن السيد أحمد أبو عدس أوصل إلى التركيز على السعي إلى تحديد أماكن وجود السيد أبو عدس وتقويم إمكان ان يكون السيد أبو عدس هو فعلا المفجر الانتحاري مثلما زُعم.
170ـ لم تتمكن لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة من مقابلة والد السيد أبو عدس، الذي كان قد خضع لاستجواب من قبل السلطات اللبنانية في 14 شباط (فبراير) 2005، لأنه كان قد توفى في 7 آذار (مارس) بعد فترة قصيرة من استدعائه للمثول امام قاضي التحقيق. 171ـ والدة السيد أبو عدس، نهاد موسى، خضعت للاستجواب من قبل لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة في 7 تموز (يوليو) 2005، وهي كانت قد خضعت قبلا للاستجواب اربع مرات على الاقل من قبل السلطات اللبنانية، المرة الاولى في 14 شباط (فبراير) 2005. لقد احتجزت هي ووالد السيد أبو عدس، تيسيرموسى ، بشكل غير شرعي لنحو 10 ايام. وهي أفادت بانها أبلغت السلطات اللبنانية التالي: اختفى السيد أبو عدس في 16 كانون الثاني (يناير) 2005 ولم تسمع عنه شيئا منذ ذاك الحين. ووفقا لما قالته، فان السيد أبو عدس أوضح لها في مطلع كانون الثاني (يناير) انه التقى شخصا تعرفه هي فقط باسم "محمد" وهو يريد التحول من المسيحية إلى الاسلام، وان السيد أبو عدس كان يساعده في ذلك. وأشار السيد أبو عدس إلى محمد كان يبدو غنيا وانه قد يغيب احيانا لمدة اسبوع او ما يقارب ذلك. وبعد إحدى غيباته، عشية السبت في 15 كانون الثاني (يناير) 2005، اتصل محمد على رقم المنزل. أخبر محمد السيد أبو عدس بانه سيأتي لاصطحاب السيد أبو عدس في الصباح التالي وبانه يحضّر له مفاجأة. غادر السيد أبو عدس مع محمد في الصباح التالي واعدا أمه بانه قد يغيب لساعات قليلة، بما انها كانت قد طلبت منه مساعدتها في تنظيف سجادة كبيرة. لم يعد السيد أبو عدس أبدا. صباح الاثنين تلقت والدة السيد أبو عدس اتصالا من شخص قال لها بالا تقلق بشأن أحمد باعتبار انه في طرابلس حيث تعطلت سيارتهم وهم في انتظار تصليحها. خمنت السيدة موسى ان هذا الشخص هو ذاته المدعو "محمد" الذي تحدثت معه عبر الهاتف قبل يومين. طلبت التحدث إلى ابنها، لكن قيل لها ان ابنها ينتظر في منزل حيث لا هاتف وان المتصل يتحدث من كاراج تصليح السيارة. قال المتصل للسيدة موسى ان ابنها سيعود في الوقت لمساعدتها في تنظيف السجادة. وعند الساعة التاسعة، في اليوم نفسه، تلقت اتصالا آخر من الشخص المدعو "محمد" الذي قال انهم لم يتعرضوا لحادث وان السيارة لم تتعطل. ومضى المتصل للقول ان السيد أبو عدس اراد الذهاب إلى العراق وانه لن يعود. وعندما أعربت السيدة موسى عن دهشتها وقالت ان السيد أبو عدس لم يذكر لها ابدا أي اهتمام كهذا من قبل، قال المتصل انه سيحاول الحصول لها على رقم هاتف السيد أبو عدس بحيث يمكنها محاولة تغيير رأيه. وانهى المتصل المكالمة ولم يتصل بعد ذلك ابدا. قامت العائلة بالابلاغ عن مفقود لدى قوى الأمن الداخلي في 19 كانون الثاني (يناير) 2005.
172ـ في مقابلة تالية مع لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة، أضافت السيدة موسى ان أفضل صديق للسيد أبو عدس رجل اسمه زياد رمضان وكانت قد التقته باعتباره موظفا في شركة كومبيوتر قبل نحو سنتين. الاتصال الاخير لها بالسيد رمضان كان بعد ايام عدة من اختفاء ابنها وهو سألها ما اذا كان لديها أي خبر عن ابنها. في المقابلات مع السلطات اللبنانية أكدت السيدة موسى بان ابنها لا يمتلك رخصة سواقة وبانهم لا يمتلكون خط انترنت في منزلهم.
173ـ ان لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة لم تتمكن من تحديد مكان زياد رمضان لاستجوابه. فبعد استجوابه من قبل السلطات اللبنانية في 14 شباط (فبراير) 2005، يبدو ان السيد رمضان عاد إلى سوريا مع عائلته. وفي المقابلة مع السلطات اللبنانية صرح السيد رمضان بانه عرف السيد أبو عدس لنحو سنتين باعتبار انهما عملا في الشركة نفسها لمدة شهرين. والمرة الاخيرة التي رأى فيها السيد رمضان أبو عدس كانت يوم الخميس او الجمعة السابق على اختفائه عندما ناقشه أبو عدس بشأن تصاميم أغلفة كتب في عمله الجديد.
174ـ هناك شخص لم تتمكن لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة ولا السلطات اللبنانية من مقابلته حتى الآن يدعى خالد مدحت طه، وهو زميل متدين آخر، وله أهمية مميزة استنادا إلى سجلات السفر المسنودة اليه والى بعض الصدف غير العادية. السيد طه التقى السيد أبو عدس عندما كانا طالبين في الجامعة العربية حيث كانا يلتقيان عادة في مسجد الجامعة. ووفقا لسجلات السفر، فان السيد طه غادر عبر مطار بيروت الدولي إلى الإمارات العربية المتحدة في 21 تموز (يوليو) 2003 وعاد إلى بيروت في 17 تشرين الاول (اكتوبر) 2003. السجل التالي له يظهر انه دخل إلى لبنان آتيا من سوريا برا في 15 كانون الثاني (يناير) 2005، في اليوم السابق على اختفاء أبو عدس. في اليوم التالي غادر السيد طه لبنان إلى سوريا برا. لا تظهر السجلات مغادرة لبنان قبل 15 كانون الثاني (يناير) 2005 ما يشير إلى انه دخل سوريا قبل ذلك التاريخ بشكل غير شرعي. إن تحقيقا أبعد كشف ان ثلاثة من عناوين الـ E-MAIL للسيد طه كانت تمر عبر سوريا والرابع عبر لبنان نفسه فيما كان يزعم انه في تركيا. أكثر من ذلك، فان موعد مغادرته إلى سوريا من لبنان ـ في 16 كانون الثاني (يناير) 2005 ـ هو نفسه موعد اختفاء السيد أبو عدس. أكثر من ذلك، اشارت السلطات اللبنانية في تقريرها إلى انه لم يعتقل ابدا لدخوله غير الشرعي الواضح إلى سوريا قبل 15 كانون الثاني (يناير) 2005 حتى لدى عودته إلى سوريا في 16 كانون الثاني (يناير)، وهذا حدث غير عادي، ما يشير إلى مغادرته ودخوله في اليوم التالي قد سهلا من قبل شخص ما. لقد اتصلت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة أخيرا بالسلطات السورية لتزويد اللجنة بمعلومات مفصلة عن خالد طه، خصوصا سجلات سفره إلى سوريا ومنها.

175ـ كما أشير قبلا، فان الاستجوابات اللبنانية شملت، في سياق التحقيق، أصدقاء السيد أبو عدس وجيرانه القدامى ومعارفه من المسجد وزملائه في وظائف سابقة. ان عددا من هؤلاء قد أعيد استجوابهم من قبل لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة. إن أحدا منهم لم يسمع ابدا بـ"النصرة والجهاد"، المجموعة التي زُعم ان أبو عدس عضو فيها وفقا لرسالة الفيديو عن التفجير الانتحاري. لقد سرد العديد منهم قصصا متشابهة عن أخذهم من قبل قوى الأمن الداخلي وهم مكبلي الايدي ومعصوبي الاعين وعراة، وانهم احتجزوا لفترة من الوقت واستجوبوا حول السيد أبو عدس وارتباطاته بجماعات اسلامية، وقد اشار معظمهم إلى انهم شاركوا مستجوبيهم بوجهة نظرهم حول ان أبو عدس مستوحد وانطوائي ولا يمتلك الفطنة التي تمكنه من ارتكاب جريمة كهذه.
176ـ جوابا على طلب رفع عبر السلطات اللبنانية، ابلغت السلطات السورية لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة ان سجلات الكومبيوتر لديها لا تظهر اي إشارة إلى ان السيد أبو عدس قد دخل سوريا او غادرها. وابلغت السلطات العراقية السلطات اللبنانية، عبر السفارة العراقية في بيروت، بان السيد أبو عدس لم يحصل على تأشيرة دخول إلى العراق.
177ـ ان لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة ايضا طلبا للحصول على تفاصيل من اي منظمة داخل لبنان قد تكون قد اخضعت السيد أبو عدس للمراقبة بين ايلول (سبتمبر) 2004 وكانون الثاني (يناير) 2005. وأكدت الملفات التي تم الحصول عليها ردا على هذا الطلب ان ما من دائرة في لبنان أخضعت السيد أبو عدس لأي نوع من الرقابة خلال الفترة المشار اليها.
178ـ، ان عددا من المصادر، موثوق فيها وغيرها، قدمت معلومات عن دور السيد أبو عدس وأماكن وجوده. وعلى الرغم من ان المعلومات المقدمةلم تكن مثبتة بشكل مستقل، فان ايا من معلومات المصدر لم يدعم نظرية انه كان مفجرا انتحاريا وحيدا يعمل لمنظمة اسلامية متطرفة. في الواقع، كل معلومات المصدر اشارت إلى ترجيح ان أبو عدس استخدم من قبل السلطات اللبنانية والسورية ككبش فداء، ولم يكن مرتكبا للجريمة بنفسه. مثلا، أحد الشهود ادعى انه رأى أبو عدس في الممر خارج مكتب رستم غزالة في عنجر في كانون الاول 2004. شاهد آخر ادعى ان أبو عدس كان محتجز حاليا في سجن في سوريا وسيقتل عندما ينتهي التحقيق. وبحسب هذا الشاهد، فان أبو عدس لم يكن له دور في الاغتيال الا كفخ، وشريط الفيديو سجل تحت التهديد بمسدس قبل 45 يوما من الجريمة. وافاد لاحقا بان الجنرال آصف شوكت اجبر أبو عدس على تسجيل الشريط قبل 15 يوما من الجريمة في دمشق. وافاد ايضا بان الشريط اعطي للجزيرة بواسطة امرأة تدعى "ام علاء". شاهد اخر افاد انه في اليوم الذي تلا يوم الاغتيال، أصر العميد فيصل رشيد على ان القضية حلت وان منفذ الاغتيال هو أبو عدس في عملية انتحارية وان جثة أبو عدس ما زالت في مسرح الجريمة. افاد زهير الصديق انه في مطلع شباط 2005، رأى أبو عدس في مخيم تدريب في الزبداني في سوريا، وان معلوماته هي ان أبو عدس خطط في الاساس لتنفيذ الاغتيال لكن غير رأيه في اللحظة الاخيرة. وقال ان أبو عدس قتل بعد ذلك بواسطة السوريين وان جثته وضعت في عربة تحتوي على القنبلة وهكذا فجرت في مسرح الجريمة. 179­ حتى الان، لم يتم العثور على دليل حمض نووي في ساحة الجريمة يمكن ربطه بابو عدس.
180­ على الرغم من مرور أشهر من التحقيقات من جانب لجنة التحقيق والسلطات اللبنانية، يبقى أبو عدس شخصية غامضة. بعض النقاط المهمة ما زال يمكن القيام بها، في ما يتعلق بتحقيق أبو عدس.
181­ بخلاف شريط الفيديو نفسه الذي يعود بالقطع لأبو عدس، ليس هناك اي دليل يدعم فكرة انه نفذ الجريمة من خلال تفجير انتحاري. ليس هناك دليل، بخلاف ادعاء الشريط نفسه، على وجود مجموعة تسمى النصرة والجهاد في سوريا الكبرى. ليس هناك معلومات عن مجموعة كهذه من اي مصادر علنية قبل الرابع عشر من شباط 2005، وعلى سبيل المثال، لا السلطات اللبنانية ولا اصدقاء ومعارف أبو عدس يبدو انهم سمعوا عن هذه الجماعة قبل يوم الاغتيال. ولم يكن لدى اي من السلطات الامنية في الدول المجاورة التي طلبت منها اللجنة معلومات عن الاغتيال اي معرفة بهذه الجماعة. أكثر من ذلك، فان اختفاء أبو عدس في 16 كانون الثاني 2005 لم يفسر بطريقة متناسبة مع نظرية انه سيكون مفجرا انتحاريا بعد شهر. ويلاحظ ان أيا من الذين عرفوا أبو عدس اعتبر ان من المرجح ان يرتكب أبو جريمة من هذا النوع، في ضوء طبيعته ومستوى ذكائه. في النهاية، على الرغم من انه هناك دائما احتمال لعدم العثور على اثر للحمض النووي لمفجر انتحاري يفجر عبوة ناسفة ضخمة، فمن الملاحظ انه ليس هناك اثر للحمض النووي لابو عدس في مسرح الجريمة ولا اي دليل اخر، شاهد مثلا على انه كان موجود في مسرح الجريمة في وقت الجريمة.
182­ لكن أحد أوجه التحقيق حتى تاريخه واضح: الكثير من المعلومات حول أبو عدس واختفائه تشير إلى سوريا. فسجل السفر الغريب لخالد طه، الذي يشير إلى دخول إلى لبنان من سوريا قبل يوم من اختفاء أبو عدس، وكذلك محاولته للتغطية على وجوده في سوريا عن طريق القول ان الرسائل الالكترونية جاءت من تركيا بينما في الحقيقة جاءت من سوريا، هي مؤشرات من نوع الادلة على ان سوريا متورطة في اختفاء أبو عدس والذي لا يمكن اعتباره مجرد مصادفة. أكثر من ذلك، المعلومات الغامضة الموحدة حول "محمد" تشير إلى انه على الارجح سوري، والعودة المفاجئة من سوريا لصديق أبو عدس المفضل السوري زياد رمضان بعد قليل من استجوابه من قبل السلطات اللبنانية، كلها امور تشير إلى علاقة لسوريا في اختفاء أبو عدس. اخيرا، الكثير من معلومات المصدر المتعلقة بمصير أبو عدس تشير إلى سوريا والمسؤولين السوريين وكذلك لبعض المسؤولين اللبنانيين. وبينما من الصحيح ان القليل من معلومات هذا المصدر تم تأكيدها بشكل مستقل، فانه من المهم ان لا معلومات تشير إلى اي كائن آخر بكونه متورطا في اختفاء أبو عدس او انه كان انتحاريا. على الرغم من ان ذلك ليس قاطعا، فان تلك الارتباطات المتكررة لسوريا تحتمل تحقيقات اضافية.
استنتاج: ليس هناك دليل على ان أبو عدس ينتمي إلى جماعة "النصرة والجهاد في بلاد الشام" كما ادعى شريط "الجزيرة"، ولا حتى ان جماعة كهذه موجودة الان. لا مؤشرات (غير الشريط) على انه قاد شاحنة مليئة بالمتفجرات قتلت الحريري. الدليل يظهر ان من المرجح ان أبو عدس غادر منزله في 16 كانون الثاني 2005، وأُخذ، طوعا او كرها، إلى سوريا، حيث اختفى منذ ذلك التاريخ.

2 - تحليل الاتصالات الهاتفية

183 ـ أحد أهم وجوه التحقيق كان في تحليل الاتصالات الهاتفية، ثم استخدام برنامج خاص لتحليل والتحقيق في الاتصالات الهاتفية مع أمور تم التعرّف عليها بأنها الأهم للتحقيق ما سمح للجنة التحقيق بالوصول إلى نتائج منظورة مع عدد محدود من العاملين وبوقت محدود. المساعدة من قبل شركات الهاتف والسلطات كان مهماً لجعل التحليل مؤثراً. المعلومات نفسها حول الخطوط الأرضية تم توفيرها للجنة من خلال وزارة الاتصالات، هذا التعاون كان ذا قيمة بحيث سمح للمحققين بتحليل اتصالات محددة لمشتركين ومعرفة كيفية القيام باتصالات بين مجموعات محددة من المشتركين. اللجنة طلبت معلومات حول ما مجموعه 2235 مشترك وحصلت على معلومات بشأن اتصالات لحوالى 70195 مخابرة هاتفية. تحليل الاتصالات الهاتفية التي كانت مهمة في تحقيق تقدم واجراء ربط مع العناصر الأساسية سيتواصل ليكن جزءاً رئيسياً من مجريات التحقيق.
184 ـ بحسب غسان بن جدو، مدير مكتب الجزيرة، تلقت الجزيرة اربع اتصالات بعد ظهر 14 شباط قبل بث شريط أبو عدس، وبينت التسجيلات ورود ثلاث اتصالات فقط للجزيرة بعد ظهر ذلك اليوم الساعة 11:14 و27:15 و04:17. 185 ـ لم يكن ممكناً تحديد وقت ومصدر الاتصال الرابع للجزيرة.
186 ـ ليلى البسام التي تعمل لرويترز أفادت بأنهم (رويترز) تلقوا اتصالاً هاتفياً واحداً في 14 شباط حول ادعاء أبو عدس مسؤوليته في التفجير وبينت التسجيلات انها حصلت الساعة 11:14.
187 ـ بينت السجلات الهاتفية بأنه تم استخدام نفس البطاقة المدفوعة سلفاً للاتصال برويترز والجزيرة في كل الاتصالات الواردة أعلاه، تم اصدارها في بيروت، نجار، في العاشر من شباط 2005.
الاتصالات بالجزيرة ورويترز تم استخدامها من أربع أكشاك هاتف في بيروت تقع معظمها قرب الاسكوا في وسط بيروت وعلى بعد نحو كيلومترين من ساحة الجريمة، هذه البطاقات استخدمت فقط للاتصال بالجزيرة ورويترز ولا يوجد سجلات عما إذا تم استخدام البطاقات في اتصالات أخرى.
188 ـ شريط اعتراف أبو عدس بارتكاب الجريمة، وضع مباشرة أمام مبنى الاسكوا، حصلت لجنة التحقيق وشاهدت شرائط المراقبة التلفزيونية من الاسكوا بتاريخ 14 شباط في محاولة للتعرف على الافراد والآليات التي تم استخدامها لوضع الشريط في مكانه وللاتصالات الهاتفية بالجزيرة. بعد مشاهدة الصور لم يكن هناك إمكانية للتعرف بوضوح لأي آلية أو شخص يقترب من الشجرة التي وضع عليها الشريط. أعضاء من لجنة التحقيق استجوبوا حراسا من شركة"PROTECTION" للأمن المسؤولة عن تأمين الحماية والأمن لموقف السيارات المجاور للاسكوا ومبنى الجزيرة الواقعين في وسط بيروت. بكل الأحوال لم يلاحظ حراس الأمن المستجوبين والذني كانوا في الخدمخة في ذلك اليوم أية حركة غير اعتيادية بشأن وضع الشريط على الشجرة أمام الاسكوا.
استنتاج: لم يكن ممكناً حتى اللحظة التعرف على الشخص أو الأشخاص المسؤولين عن الاتصال بالجزيرة، ورويترز في الرابع عشر من شباط أو الشخص أو الأشخاص المسؤولين عن شريط السيد أبو عدس.

3 ـ استخدام بطاقات الهاتف المدفوعة سلفا

189. حصل قاضي التحقيق الياس عيد على تسجيلات الاتصالات الهاتفية كافة مع الجزيرة في 14 شباط (فبراير) 2005، واطلع عليها. واعتبر القاضي عيد ان اتصالا واحدا من هاتف خلوي مع "الجزيرة"، مهم على وجه الخصوص: اتصال بـ"الجزيرة" من بطاقة مدفوعة سلفا في تمام الساعة 70:10 ليل 14 شباط 2005. وتلقى خط البطاقة المدفوعة سلفا هذا اتصالا هاتفيا بعد دقيقة من التفجير في 57:12 ظهرا، من غرفة هاتف في طرابلس قرب مبنى توجد فيها الاستخبارات السورية. وفي 30 كانون الثاني، حصل اتصال هاتفي على الخط الثابت في منزل السيد أبو عدس، من نفس غرفة الهاتف في طرابلس.
190. حصلت لجنة التحقيق الدولية المستقلة على تسجيلات المكالمات الهاتفية لرقم البطاقة المدفوعة سلفا (03925152) استنادا إلى هذه المعلومات من القاضي عيد، واطلعت عليها. وكشف تحقيق اللجنة حتى الان، انه عندما لا يكون هناك مشترك معروف، تحمل البطاقة الاتصالات المهمة. وفي 8 شباط 2005، مثلا، اجرى هذا الخط الهاتفي اتصالا مع رقم يملكه طارق عصمت فخر الدين. والسيد فخر الدين، وهو رجل اعمال معروف، مرتبط وقريب من رئيس الوزراء حينها، عمر كرامي. واجرى طارق فخر الدين ايضا، بعد ساعات على التفجير، مع الجنرال مصطفى حمدان والجنرال ريمون عازار والجنرال علي الحاج والضابط في الاستخبارات السورية جامع جامع. وكذلك، اجرى اتصالا هاتفيا مع ابن اخيه رائد فخر الدين في الساعة 37:13 في 14 شباط 2005. ورائد فخر الدين هو مشتبه في انه اشترى البطاقات الهاتفية المدفوعة سلفا التي استخدمت لتنظيم الاغتيال. واجرى الخط الهاتفي ايضا اتصالات مع خط هاتفي آخر، كان يتصل بهاتف رائد فخر الدين الخلوي في كانون الاول 2004، وكانون الثاني وشباط واذار 2005.
191.ـ واجرى هذا الخط الهاتفي ايضا اتصالات مع عدد من المسؤولين اللبنانيين والسوريين. مثلا، كانت البطاقة على اتصال مع 3 ارقام مختلفة، كان بدورها تتصل بهاتف مصطفى حمدان في كانون الثاني واذار وتموز 2005. وقبل يومين من الانفجار، في 12 شباط 2005، اتصل هذا الخط ايضا مع هاتف خلوي يخص الوزير السابق عبد الرحيم يوسف مراد. واجرى هاتف السيد مراد اتصالا بدوره مع علي الحاج بعد الانفجار. وبشكل ملفت، جرى اتصال بين هاتفي السيد مراد وطارق عصمت فخر الدين في 17 كانون الثاني 2005، بعد يوم على اختفاء احمد أبو عدس. كما اجرى هذا الخط الهاتفي اتصالات مع رقم هاتفي، كان بدوره على اتصال بشكل معتاد مع رقم هاتف خلوي يخص السياسي ناصر قنديل، واجرى الخط اتصالات مع رقمي هاتف خلوي في شباط واذار 2005، كانا بدورهما على اتصال في 14 و17 شباط 2005 مع رقم الهاتف الخلوي الذي يستخدمه الضابط في الاستخبارات السورية جامع جامع.
192.ـ واجرى خط الهاتف اتصالات في 5 كانون الثاني 2005 مع رقم هاتف، كان على اتصال في 26 كانون الثاني 2005 مع رقم هاتف يونس عبد العال من الاحباش، وهو اخ المذكور اعلاه احمد عبد العال. وكان الخط البطاقة المدفوعة سلفا على اتصال في 5 كانون الثاني مع رقم هاتف مختلف، كان على اتصال مرتين في 10 كانون الثاني 2005 مع رقم هاتف يملكه وليد عبد العال، وهو اخ ليونس واحمد عبد العال وعضو في كتيبة الحرس الجمهوري التابعة لمصطفى حمدان.
استنتاج: ان مستخدم او مستخدمي بطاقة الهاتف المدفوعة سلفا في 14 شباط 2005 على قدر من الاهمية، وكشف هوية هذا الشخص او هؤلاء الاشخاص، اذا كان ممكنا، هو اولوية لهذا التحقيق.

5 - التحقيق الاسترالي

193.ـ في مقابلة مع لجنة التحقيق الدولية المستقلة، ذكر عدنان عضوم، وزير العدل في وقت التفجير، انه كان يعتقد ان محققي اللجنة يجب ان يقتنعوا بهذا التحقيق وان يستجوبوا الاستراليين الستة المشتبه بهم عن هدفهم من السفر. واشار ايضا إلى انه مقتنع بانه في ضوء حقيقة ان السيارة المشتبه التي استخدمت في التفجير كانت بمقود على اليمين (كما تستخدم في استراليا)، يجب ان تزيد الشبهات حول هؤلاء الستة المشتبه بهم. اضاف انه يعتقد بانه "نتيجة للاعلام والضغوط الدينية، لم يعط قاضي التحقيق هذه المسألة اهمية كافية".
194.ـ وقام محققو لجنة التحقيق الدولية المستقلة بمراجعة نتائج التحقيقين اللبناني والاسترالي بشأن المشتبه بهم الستة، وكما هو محدد في ما يلي، واستنتجوا انه لا وجود لقاعدة مقنعة بانهم كانوا متورطين في اغتيال الحريري. وبعد الاقتناع بهذه المراجعة، كان محققو اللجنة مدركين انه كان هناك 6 بطاقات هاتفية استخدمت في اطار متصل بالاغتيال، وانتهى هذا الاستخدام في وقت التفجير. ويلاحظ بانه كان هناك 6 مشتبه بهم استراليين، و6 بطاقات هاتفية مشبوهة، وهي صدفة غير معهودة، واعتقدت اللجنة ان مراجعة التحقيقين اللبناني والاسترالي في هذه المسألة ربما تكون حكيمة.
195.ـ وبعد التدقيق في الملف عن قرب، يمكن للجنة ان تحدد النقاط التالية:

  • قدمت السلطات اللبنانية تقريرا طلبت فيه مساعدة الانتربول لتحديد واستجواب المشتبه بهم المعروفين، بما يتلاءم مع البروتوكول القائم.
  • وكان البروتوكول الذي اتبعه الانتربول صحيحا.
  • وتم الاتصال بالسلطات الاسترالية عبر الانتربول لمتابعة هذا الموضوع.
  • وقامت السلطات الاسترالية باجراء تحقيق دقيق في هذه المسألة، وقدمت تقريرا بشأن الاكتشافات للسلطات اللبنانية.
  • وعلقت السلطات اللبنانية بشكل كليّ هذا الخيط الحالي من التحقيق بالاستناد إلى التقرير المقدم من السلطات الاسترالية.

استنتاج: استنادا إلى ما ورد، يجب اعتبار التحقيق الذي قامت به السلطات الاسترالية والاكتشافات التي حصلت عليها، استنتاجا. لم تكن شبهات السيد عضوم موجودة ولم يكن هناك ادلة لدعم هذه الشبهات. ان متابعة هذا الخيط من التحقيق شغل السلطات اللبنانية عن ملاحقة خيوط اخرى من التحقيق.

5 ـ احمد عبد العال

196. كان الشيخ احمد عبد العال، وهو شخصية مهمة في الاحباش، مسؤولا عن العلاقات العامة والعسكرية والاستخباراتية للاحباش، جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية، وهي مجموعة لبنانية لها علاقات تاريخية قوية بالسلطات السورية. من المؤكد ان عبد العال شخصية مهمة في ضوء ارتباطاته باوجه عدة من هذا التحقيق، وبالاخص من خلال هاتفه الخلوي الذي قام باتصالات عدة مع الشخصيات المهمة كافة في هذا التحقيق. كذلك، لم يظهر ان هناك اي شخصية اخرى على اتصال باوجه التحقيق المختلفة، مثل عبد العال.
197. استجوب عبد العال كشاهد ولاحقا كمشتبه به من قبل اللجنة. وتدل بعض تصرفاته واقواله خلال الاستجواب على انه كان يخفي معلومات في التحقيق. مثلا، حاول ان يخفي مصدر رقم هاتفه الخلوي من خلال اعطاء بطاقة خطه المدفوعة سلفا في 12 اذار 2005 إلى صديقه في الاحباش محمد حلواني، طالبا ان تسجل البطاقة باسم حلواني. وخلال استجواب اللجنة حلواني، اقر بعد ساعات عدة ان رقم الهاتف المذكور كان يستخدمه فعليا احمد عبد العال. اضف إلى ذلك، ذكر عبد العال انه ترك منزله وتوجه إلى مركز الاحباش، في 14 شباط 2005. وتظهر تسجيلات هاتفه الخلوي انه في الساعة 47:11 اجرى اتصالا برقم، اتصل برقم هاتف منزله مرات عدة مباشرة قبل التفجير: 26:12 و46:12 و47:12. وعندما قال عبد العال للجنة انه اتصل بمنزله بعد قليل من الانفجار في الساعة 56:12، اظهرت تسجيلات الهاتف ان الاتصال جرى في تمام الساعة 54:12 اي قبل دقيقتين من التفجير. وذكر عبد العال انه لم يترك مكتب الاحباش يوم التفجير لاسباب امنية. واظهرت تسجيلات الهاتف 4 اتصالات هاتفية بالضابط في الاستخبارات السورية جامع جامع في تمام الساعة 42:11 و14:18 و23:20 و26:20. وبالنسبة إلى شاهد، زار عبد العال مكتب جامع جامع مساء يوم التفجير في الساعة 30:19 وبحث معه موضوع أبو عدس. ايضا، وسجل هاتف عبد العال الخلوي مكالمة مع العميد رستم غزالة بعد زيارته مكتب جامع جامع بقليل، في تمام الساعة 56:19. وحاول عبد العال ايضا تضليل التحقيق من خلال مسألة السيد أبو عدس، ليس فقط من خلال اعطاء السلطات اللبنانية معلومات وافية حول السيد أبو عدس بعد وقت قليل على التفجير، انما ايضا من خلال افادته للّجنة بان جهاز امن الاحباش رأى السيد أبو عدس قبل التفجير في مخيم عين الحلوة الفلسطيني مع أبو عبيدة، مساعد قائد مجموعة عصبة الأنصار الارهابية.
198.ـ هناك ايضا اتصالات عديدة بين احمد عبد العال وجهاز امن الدولة اللبناني في يوم التفجير. مثلا، كان عبد العال يقوم باتصال شبه يومي بالعميد فيصل الرشيد، رئيس امن الدولة في منطقة بيروت، وفي 14 شباط 2005، جرت اتصالات هاتفية بينهما عند الساعة 35:10 و08:20 و13:21 و40:21 و16:22. وقام احمد عبد العال باتصال هاتفي مع المشتبه به ريمون عازار من الجيش اللبناني، في 14 شباط 2005، كما اتصل به في 16 و17 شباط 2005. وكان هناك اتصال بين هاتف خلوي خاص بالبير كرم، وهو عضو في استخبارات الجيش اللبناني، واحمد عبد العال في 14 شباط ايضا، في تمام الساعة 12:12، اي قبل 44 دقيقة على التفجير.
199.ـ وهناك اتصالات هاتفية كثيرة جرت من خلال هاتف عبد العال، مع هاتف مصطفى حمدان، اذ ان جرت بين الاثنين 97 اتصالا من شهر كانون الثاني وحتى شهر اذار 2005. وحصلت 4 اتصالات من بين هذه، في 14 شباط 2005، بعد الانفجار. واجرى احمد اتصالين هاتفيين مع اخيه وليد عبد العال، العضو في الحرس الجمهوري، يوم التفجير عند الساعة 15:16 و29:17. كذلك، تلقى عبد العال اتصالا في 11 شباط 2005 عند الساعة 17:22 من غرفة الهاتف نفسها التي استخدمت للاتصال بـ"الجزيرة"، بعد قليل من التفجير في 14 شباط. وتلقى ايضا اتصالا في 4 شباط 2005 عند الساعة 34:19 وفي 26 شباط 2005 عند الساعة 33:9 من غرفة استخدمت للاتصال بوكالة "رويترز" بعد قليل من التفجير.
200.ـ وكان عبد العال متصلا دائما بمحمود عبد العال، شقيقه الذي هو ايضا ناشط في الاحباش. واتصالات محمود عبد العال الهاتفية في 14 شباط هي ايضا مثيرة للاهتمام: اجرى اتصالا هاتفيا قبل التفجير في تمام الساعة 47:12 ظهرا مع الرئيس اللبناني اميل لحود، وعند الساعة 49:12 بهاتف ريمون عازار الخلوي.
201ـ ولعبد العال ايضا علاقات ملحوظة بمخزن سلاح مهم اكتشف في جنوب بيروت في تموز 2005. ودهمت قوى الامن الداخلي مخزن السلاح هذا في 26 تموز 2005، واوقف 5 اشخاص على علاقة قوية بميليشيا المرابطون السابقة. وافيد بان أحد الموقوفين سائق ومرافق ماجد حمدان، شقيق مصطفى حمدان، الذي يدير شركة كانت تقوم بضمان امن فندق سان جورج. وافيد بان عبد العال دبر لموقوف ثان وظيفة كهربائي في القصر الجمهوري.ايضا، وبعد الاعتقالات فورا، اختفى شخص آخر واتصل بشكل مفاجئ باحمد عبد العال. استنتاج: ويجعل الدليل احمد عبد العال، ضمنا علاقاته بشخصيات مهمة وخصوصا مصطفى حمدان والحرس الجمهوري فضلا عن اتصالاته الهاتفية وتورطه في التحقيق اللبناني، شخصية اساسية في اي تحقيق جار.

6 - استنتاجات

202ـ ان وجهة نظر اللجنة هي ان الاغتيال الذي حصل في 14 شباط 2005 قامت به مجموعة منظمة بشكل جيد، فضلا عن موارد مهمة وامكانات. وتم التحضير للجريمة على مدى أشهر عدة. ولهذه الغاية، تمت مراقبة اوقات ومواقع تحركات السيد رفيق الحريري وتم تسجيل خطوط تحركت موكبه بشكل مفصل.
203ـ وبناء على اكتشافات اللجنة والتحقيق اللبناني حتى الان، وعلى قاعدة الادلة الحسية والوثائقية التي جمعت، والدلائل التي تم التوصل اليها حتى الان، هناك دليل متجمع يشير إلى التورط السوري واللبناني في هذا العمل الارهابي. انها حقيقة معروفة جدا انه للاستخبارات العسكرية السورية وجود متغلغل في لبنان على الاقل حتى انسحاب القوات السورية تنفيذا للقرار 1559. وكان كبار المسؤولين الامنيين السابقين في لبنان معينين من قبلهم. ومع تدخل الاستخبارات السورية واللبنانية بشكل منسق في المؤسسات اللبنانية والمجتمع، سيكون من الصعب تصور سيناريو جرت فيه مؤامرة معقدة لاغتيال أحد من دون علمهم.
204ـ من وجهة نظر اللجنة ان قضية اغتيال السيد الحريري كانت قضية استقطاب سياسي شديد وتوتر. الاتهامات والاتهامات المضادة استهدفت على وجه الخصوص السيد الحريري خلال الفترة التي سبقت اغتياله، وعززت استخلاص اللجنة من ان الدافع وراء الاغتيال كان سياسيا. ان الاغتيال ليس عمل افراد، بل عمل مجموعة، ويبدو انها مسألة غش وفساد وتبييض اموال، وهذا يمكن ان يكون دافعا لافراد للاشتراك في العملية.
205ـ تعتبر اللجنة ان التحقيق يجب ان يتواصل في الفترة المقبلة. في فترة الاربعة أشهر أكثر من 400 شخص تم الاستماع اليهم، وتمت مراجعة 60000 الف وثيقة، وتم التعرف على عدد من المشتبهين، وتم بناء خيوط رئيسية. لكن لم ينتهي التحقيق إلى الان.
206ـ ان اللجنة تستخلص ان مواصل التحقيق يجب ان يتواصل من خلال السلطات القضائية والامنية اللبنانية، التي اثبتت خلال التحقيق، انها بمساعدة ودعم دوليين، تستطيع ان تتقدم ومع الوقت ان تعمل بشكل مهني ومؤثر. في الوقت ذاته، يجب ان تنظر السلطات اللبنانية في كل القضايا المتشعبة بما فيها التحويلات المالية في بنك المدينة. ان تفجير 14 شباط (فبراير) يحتاج إلى تقويم الظروف التي حدثت في تفجيرات قبلها بعدها، لاحتمال وجود ارتباطات بين بعضها، ان لم يكن بينها كلها.
207ـ لذلك فإن اللجنة ترى ان جهدا مدعوما من قبل المجتمع الدولي لتأسيس ارضية للتعاون والمساعدة مع السلطات اللبنانية في حقلي الامن والقضاء، امر ضروري. هذا يعزز بشكل كبير ثقة الشعب اللبناني بنظامهم الامني، فيما يقوم ببناء ثقته الداتية في قدراته.
208ـ ان قرار اجراء تعيينات امنية جديدة دعمته كل الفئات اللبنانية، كان ذلك خطورة مهمة نحو تعزيز نزاهة ومصداقية اجهزة الامن. على الرغم من ان ذلك حدث بعد أشهر من الفراغ الامني الانقسام الطائفي الشديد. ان هناك الكثير مما يجب عمله للتغلب على الانقسام الطائفي، وفصل الامن عن السياسة، واعادة هيكلة اجهزة الامن لتلافي اعطاء التقارير المتوازية والاستنساخ ولتطوير عملية المحاسبة.
209ـ تستخلص اللجنة، انه وبعد مقابلة الشهود والمشتبهين في الجمهورية العربية السورية وتبينان ان خيوط عدة تتجه مباشرة إلى مسؤولي الامن السوريين في كونهم متورطون في الاغتيال، انه مطلوب من سوريا ايضاح جزء كبير من المسائل غير المحلولة. وفيما ان السلطات السورية، وبعد تردد، تعاونت بدرجة محدودة مع اللجنة، فإن بعض الذين تم الاستماع اليهم حاولوا تضليل التحقيق من خلال اعطاء تصريحات خاطئة او غير صحيحة. ان الرسالة التي بعث بها وزير الخارجية في الجمهورية العربية السورية فاروق الشرع ثبت انها تتضمن معلومات خاطئة. ان الصورة الكاملة حول الاغتيال يمكن الوصول اليها فقط من خلال تحقيق مكثف وذي مصداقية بشفافية وانفتاح وفق معايير الامن الدولية.
210ـ كنتيجة لتحقيق اللجنة حتى الان، تم اعتقال عدد من الاشخاص واتهموا بالتآمر في ارتكاب جريمة وجرائم ذات صلة باغتيال السيد الحريري و22 شخصا آخرا. ان اللجنة ترى ان جميع الاشخاص، بمن فيهم اولئك الذين اتهموا بجرائم يجب ان يعتبروا ابرياء إلى ان تثبت ادانتهم في محاكمة عادلة.