تلك الديار برامتين همود
تلكَ الدِّيارُ برامَتينِ هُمودُ
تلكَ الدِّيارُ برامَتينِ هُمودُ
دَرَسَتْ ولم تدْرُسْ لهنَّ عُهودُ
حيث التوى ذاك اللوى ثمّ استوى
والتفَّ من شملِ الأراكِ بَديدُ
أوَ ما رأيت وقوفنا بمحجرٍ
والدَّمعُ مِنْ جَفْني عليه يجودُ؟
مُتَرنِّحينَ منَ الغرامِ كأنَّنا
قُضُبٌ تميلُ معَ الصِّبا وتميدُ
والرَّكبُ إمّا سادِرٌ مُتَهالكٌ
أو راكبٌ ثبجَ السلوِ جليدُ
وعلى أهاضيبِ المُشقَّرِ غادةٌ
للرِّيمِ منها طَرفُهُ والجيدُ
صدتْ ولم تردِ الصدودَ وربما
جاءَ العناءُ ولم يُرِدْهُ مُريدُ
ولقد طَرقتَ وما طَرَقْتَ صبابةً
" عيني " ونحن إلى الرحالِ " هجود "
في ظلِّ خُوصٍ كالقسيِّ طَلائح
أخَذَتْ عَوارِيَهُنَّ منها البِيدُ
أني اهتديتَ وكيف زرتَ وبيننا
دون الزيارةِ مربخٌ وزرودُ ؟
و مفاوزٌ منْ دونهنّ مفاوزُ
و تهائمٌ منْ فوقهنّ نجودُ
" وغرائرٍ " أنكرنَ شيبَ ذوائبي
و البيضُ مني " عندهنّ " السودُ
أنكرنَ داءً ليسَ فيهِ حِيلةٌ
وذَمَمْنَ مَفْضًى ليس عنهُ مَحيدُ
يهوى الشبابُ وإنْ تقادم عهدهُ
ويُمَلُّ هذا الشَّيبُ وهْوَ جديدُ
لا تَبْعُدَنْ عهدَ الشَّبابِ، ومِنْ جوًى
أدعو له بالقربِ وهو بعيدُ
أيّامَ أُرمَى باللحاظِ وأرتمي
و أصادُ في شركِ الهوى وأصيدُ
قد قلتُ للركب السراعِ يحثهمْ
مُترنِّمٌ بحُدائه غِرِّيدُ
في سَبْسَبٍ خافي المعالمِ والصُّوَى
فكأنَّما موجودُهُ مفقودُ:
منْ مبلغٌ فخرَ الملوكِ رسالةً
أعيَتْ عليَّ يقولُها المجهودُ؟
أتَرى لياليَّ اللواتي طِبنَ لي
في ظلِّكَ الوافي عليَّ تعودُ؟
ومتى أزورُ ربيعَ أرضِك زَوْرَةً
و عليَّ من نسجِ الربيعِ " برودُ "
ومتى أراكَ وأنتَ تُسجِلُ مُعلِناً
بفضيلتي بكَ والأنامُ شهودُ؟
و أنا الذي من بعد نأيكَ نازحٌ
عن كلَّ ما فيه الهوى مطرودُ
أضحى أرى ما غيرهُ عندي الرضا
وأُريدُ كُرهاً ما سِواهُ أُريدُ
للهِ حِلْمُك والرِّواقُ يُرى بهِ
" للسائلين من الوفود " وفودُ
و القول يرزقهُ الشجاعُ " ويمترى "
منه ويُحرَمُ نُطقَه الرِّعديدُ
في موقفٍ ينتابُ تامورَ الفتى
للرُّعبِ إقرارٌ بهِ وجُحودُ
وعلى الأسرَّةِ من ضيائك بارقٌ
أو كوكبٌ جَهَرالنُّجومَ فَريدُ
وكأَنَّ وجهَك قُدَّ من شمسِ الضُّحَى
أو منْ سنا قمرِ الدجى " مقدودُ "
لاذوا بمن ثَمَرُ المروءَة يانعٌ
منه وأمُّ المكرماتِ ولودُ
والمنهلُ العِدُّ النَّميرُ، وحيثما
يدنى المذودُ ويمنحُ المحدودُ
يا فخرَ مُلكِ بني بُويهِ ومَنْ له
ظلٌ على هذا الورى ممدودُ
و المعتلي قمم " العلاءِ " بهمةٍ
قامتْ وهمَّاتُ الرِّجالِ قُعودُ
والمُنشىءَ الغُرِّ الغرائبِ في النَّدى
حتى تعلمَ منه كيف الجودُ
هي دولةٌ ما زلتَ ترأبُ شعبها
و تذبُّ عنها كالئاً وتذودُ
تُنْمَى إذا انتسبتْ إليكَ ومالها
" إلاكَ آباءٌ " لها وجدودُ
ورَدَدْتها بالأَمْسِ ثَلَّةَ قَفْرةٍ
شطتْ فأحرزها علينا السيدُ
أوقدتها بعد الخبوَّ فما لها
أبَدَ الزَّمانِ تطامُنٌ وخُمودُ
منْ ذا الذي يرنو إليها طالباً
و لها ببابك عدةٌ وعديدُ؟
لولا دفاعُك ما استقرَّ بمَفْرَقَيْ
ذاك المتوجِ تاجهُ المعقودُ
ولَزالَ هذا الملكُ بعدَ مماتِهِ
ولمالَ عنهُ دِعامُه المعمودُ
كم ذا صَلِيتَ وقايةً لنعيمهِ
يوماً يذوبُ بحَرِّهِ الجلمودُ
في ظهر " مستلبِ الفتورِ " كأنه
هَيْقٌ بأجوازِ الفلاةِ شَرُودُ
وكأنَّه ينسابُ في خَلَلِ القَنا
يومَ الكريهةِ أرقمٌ مزءودُ
في " غلمةٍ " سلكوا طريقك في الوغى
و البيضُ منهمْ ركعٌ وسجودُ
مُتسرِّعين إلى القِراعِ كأنَّهمْ
و عليهمُ زبرُ الحديد حديدُ
يردون منْ شاءوا بغير " منيةٍ "
فهمُ وإنْ غلبوا الأسودَ أسودُ
لا يأخذون المالَ إلاّ بالقنا
تحمرّ منه " ترائبٌ " ووريدُ
أو منْ ظبا لم تعرَ يومَ كريهةٍ
إلاّ وهاماتُ " الكماةِ " غمودُ
لا تحقرنَّ من العدوَّ صغيرةً
وارْدُدْ مكيدَةَ مَنْ تراهُ يكيدُ
وإذا اسْتَرَبْتَ بمنْ خَبَرْتَ فلا تَنَمْ
فالداءُ يعدى والقليلُ يزيدُ
إنّ الحسودَ هو العدوُّ وإنما
سَتَروا قبائحَهُ فقيلَ: حسودُ
والضِّغنُ تَطْمُرُهُ الأناةُ فتَعْتَزي
حزقاً إليه ضغائنٌ وحقودُ
و العودُ إنْ طرحَ التقادمُ قادحاً
فيهِ ولم تَدْلكْهُ ظلَّ العودُ
لولا الصَّلاحُ بأنْ يُعاقَبَ مجرمٌ
ما كان وَعدٌ مُطمِعٌ وَوَعيدُ
ضمنتْ لك الأقدارُ كلّ " محبةٍ "
وَأحَلَّكَ الرَّحمانُ حيثُ تريدُ
وَ نعمتَ بالنيروزِ نعمةَ ناشدٍ
أضحى وَ حشوُ يمينهِ المنشودُ
وَعَرتْكَ فيهِ جلالةٌ وإدالةٌ
وأتَتْكَ منه مَيامنٌ وسُعودُ
حتى يقولَ المستزيدُ: لك العلا
ما فوقَ هذا في العَلاءِ مَزيدُ