ثنى الصعدة السمراء من لين قده

ثنى الصعدة السمراء من لين قده

​ثنى الصعدة السمراء من لين قده​ المؤلف لسان الدين الخطيب


ثنى الصعدة السمراء من لين قده
وجرد من أجفانه سيف جده
وأقبل في جيش من الحسن رائع
ترى العرب العرباء من دون بنده
فمن ثعل الزوراء لمحة طرفه
ومن مضر الحمراء صفحة خده
ولاحت له في حومة القلب فتكة
تعجل نصر الله فيها لوعده
فحكم سيف اللحظ في عسكر الهوى
فكم مهجة مطلولة فوق حده
وكم من فؤاد ضاع في مأزق الهوى
فقيدا وقد أبلى بمبلغ جهده
وأشكل فها موته من حياته
فعمر في حكم الغرام لفقده
بنفسي حجازي الجمال إذا انتمى
تطأطأت العليا لعزة مجده
تبسم عن در من السمط رائق
تأنق صنع الله في نظم عقده
ثناياه قد أبدت معالم بارق
وأنفاسه أبدت نواسم نجده
وأعطافه تبدو عليها إذا انثنى
شمائل من بان الحجاز ورنده
تفجر من عين الجمال بمورد
تحوم القلوب إليهم من دون ورده
يلوح على أزراره قمر الدجى
ويمرح غصن البان في طي برده
ويختال أثناء الذؤابة هازئا
كما اختال سيف في خمائل غمده
لئن قلقت أعطافه في وشاحه
فكم أقلقت قلب المشوق بوجده
وإن كحل السحر المبين جفونه
فكم كحلت طرف المعنى بسهده
وقالوا عذار قلت لا بل صحيفة
عقدت له فيها وثيقة وده
فقبلت في ليل الذؤابة وجهه
وعدت بذاك النور من ليل صده
وعاطيته حمراء في لون أدمعي
إذا سكبت ذوب العقيق لبعده
وقلت لساقيها وللأنس طاعة
تحكم في هزل الحديث وجده
أدرها فرض الخد أخضله الحيا
وحف طراز الأنس من حول ورده
فناولها ممزوجة برضابه
ولو أنني أنصفت قلت بشهده
فلما بدت للراح فيه ارتياحة
ومالت شمال للشمول بقده
توسد أضغاث الرياحين وانثنى
يغط غطيط الطفل من فوق مهده
فبايعت سلطان العفاف ولم أجز
على فكرتي إلا الوفاء بعهده
أبا الشرف الأرضى تلطف بأنفس
غزاها غرام أصبحت نهب جنده
ترفق وعللها بأيسر نائل
يحوط دماها كالشمال ورده
وإن أنت لم تغفل فما أنت في الورى
بأول مولى جار في حكم عبده