ثوب السماء مطرز بالعسجد
(حولت الصفحة من ثوب السماءِ مطرزٌ بالعسجدِ)
ثوب السماءِ مطرزٌ بالعسجدِ
ثوب السماءِ مطرزٌ بالعسجدِ
وكأنها لبستْ قميص زبرجدِ
والشمسُ عاصبةُ الجبينِ مريضةٌ
تصفرُ في منديلها المتورَّدِ
حسدتْ نظيرتها فأسقمها الأسى
إن السقامَ علامةٌ في الحسَّدِ
ورأت غبارَ الليلِ ينفضِ فوقها
في الأفقِ فانطبقتْ كعينِ الأرمدِ
ومضى النهارُ يشقُّ في أثوابهِ
حزناً وأقبلَ في رداءٍ أسودِ
فتهللتْ غررُ النجومِ كأنما
كانت لضاحيةِ السماءِ بمرصدِ
وكأنها عقدٌ تناثرَ درُّهُ
من جيدِ غانيةٍ ولم تتعمدِ
أو حلي رباتِ الدلالِ أذلنهُ
شتَّى يروحُ على النهودِ ويغتدي
والأفق بينَ مفضضٍ ومذهبٍ
كالجيدِ بينَ معطَّلٍ ومقلَّدِ
وكأن صفحةَ بدرهِ إذ أشرفتْ
مصقولةَ الخدينِ صفحةَ أمردِ
وكأنَّ ضوءَ الفجرِ رونقُ صارمٍ
نضيتْ صفيحتهُ ولما تغمدِ
والأرضُ في حللِ كُستْ أطرافها
إلا معاصمَ نهرها المتجردِ
حفتْ جوانبهُ الرياضُ كأنها
وشيُ الفرندِ على غرارِ مهندِ
وكأنهُ صدرُ المليحةِ عارياً
ما بينَ لبتها وبينَ المعقدِ
وكأنَّ أثواب الرياض من الصبا
عبقتْ بأنفاس الحسانِ الخُرَّدِ
يمشي النسيمُ خلالها مترنحاً
بينَ الغديرِ وبينَ ظلٍّ أبردِ
والطيرُ مائلةٌ على أوكارها
منها مغردةٌ وغيرُ مغرِّدِ
باتتْ تناغي لا تحاذرُ فاجعاً
مما نكابدُ في الزمانِ الأنكدِ
يا طيرُ ما في العيشِ إلا حسرةً
إن خلتها نقصتْ قليلاً تزددِ
لم يمنعِ القصرُ المشيدُ ملوكهُ
منها فكيفَ وفاكها الغصنُ الندي
تأبى على الأحرارِ إلا ذلَّةً
ولو أنهم صعدوا ومدارَ الفرقَدِ
فانعم بوكركَ إنه لكَ جنةٌ
كالخلدِ لولا أنت غيرُ مخلدِ
كم واجدٍ منها تقاذفَ قلبهُ
ذاتُ الدلالِ فإن دنا هو تبعدِ
فتاكةُ الألحاظِ أنى يممتْ
سمعتَ زفيرَ متيَّمٍ متنهدِ
كالبدرِ لولا أنها أنسيةٌ
والشمسِ لولا أنها لم تعبدِ
قالتْ عشقتَ وما قضيتَ كمن قضوا
هذا الطريقُ إلى الردى فتزودِ
دعْ عنكَ أمرَ غدٍ إذا ما خفتهُ
يوماً لعلكَ لا تعيش إلى غدِ
فلقد أراك اليومَ من أثرِ الهوى
كالشمسِ إن لم تحتجبْ فكأنّ قدِ