جاءت كموج البحر تخطر بالكفل

جاءت كموج البحر تخطر بالكفَل

​جاءت كموج البحر تخطر بالكفَل​ المؤلف ابن شيخان السالمي


جاءت كموج البحر تخطر بالكفَل
وقوامها بالطعن في الأحشا كَفَلْ
بيضاء ما لمحت أسرّةُ وجههَا
بدرَ الدجى متعرّضاً إلا أفَلْ
أهلُ الهوى هاموا بحسن صفاتها
سمعاً فكيف ولو رأوها بالمقلْ
وَقْعُ العيون على قلوب أولي الهوى
يوم اللقاء أشدُّ من وقْع الأسَلْ
إنَّ التعرضَ للحتوف مُحبَّبٌ
إن كان غايته الوصولَ إلى الأملْ
لولا مقارفة الفتى لذنوبه
لوجدته متهافتاً لِسَنا الأجلْ
والمرءُ أيامَ الأمان بغفلة
يُمسِي ويُصبح في البطالة والكسلْ
فإذا أتاه الخطب أحرقَ قلبَه
أسفَا على التفريط في زاكي العملْ
هلا أعدَّ إلى الخطوب حماية
فإذا أتته لها تجلد وابتهلْ
من يدرِ أنّ لقاءه لحبيبه
حتمٌ ايحسن أن يلاقي بالزللْ
أسفي على حق الحبيب أضعته
جهراً فوجهي منه في فرط الخجلْ
أنعامه في كل يوم جمّةٌ
ولو المعاصي قابلتها لم تزلْ
الله ربي إن هذا الناس ما
عرفوا الإله حقيقة وهو الأجلّ
لم يخُلَقوا عبثاً فأمسوا رُتَّعاً
في غَيّهم تِيهاً كأنهمُ هَمَلْ
والناس منهم في البرايا من إذا
طرقته داهيةُ الخطوب لها استذلّ
إن الصبور الجَلْد من إن أقبلت
بجهاته زمر البلا كان البَطَلْ
كمقام سيدنا المعظم فيصل
في البحر إذ هو من ظفار قد قفلْ
ركبوا ب نور البحر والسلطان في
كرسيّه كالشمس في برج الحملْ
والبحرُ أوطأ ظهَره متذللاً
بسكينة للركب يعرف من حمَلْ
بَيْنا يسير عليه وهو برقْدة
حتى تنبه بالأشاخر واختبلْ
فكأنما عرف الشريكَ فهزَّهُ
غيظ كذلك من يشارك في العملْ
أوَقد درى هذا عليه مُستَوٍ
بسرير هامته وهذا قد سفَلْ
ولعلَّ ذلك منه رفض إذ رأى ال
ملكَ المعظمَ فاستخف به الجذلْ
أم ذاك خوف منه حين علا على
صهواته ارتعدت فرائصُه وَجَلْ
بل ذاك أمر ساقه المولى على
من لم يخفه فصار وعظا كالمثلْ
ولقد أبان الله قدرته على
كل الخلائق إنه الملك الأجلْ
الله أكبر كم شجاعٍ في الوغى
إذ شاهد البحر المَهُول قد انخذلْ
فتوقدت فَحماته جمْراً فجا
ء الموجُ يعلو فوقهم مثل الجبلْ
غشيتهم الظلمات فوقهم وتح
تهمُ فكانت فيهم سودَ الحُلَلْ
فإذا أتتهم موجة من وجهةٍ
ولوا وجوههم إليها كالقِبَلْ
لم يلتفت أحد إلى أحد ففي
كُلّ له عن غيره أمرٌ شغَلْ
رجعوا بأردية السرّور مليئةً
من طيبات ظفار لكن قد رَحَلْ
كم مُترفٍ مترفّهٍ أنساه ما
يعتاده من نعمة خوفُ الأجلْ
يا نعم نور البحر كم من صدمة
في البحر زاحمها بصَدْرٍ لا يُفَلّ
كم ظلمة فيه استقلت فانجلت
عن راكبيه بنوره يوم استقل
يهوى فيُوشِك أن يقبّل قعَره
طوراً ويعلو تارة يبغى زُحَلْ
والأمر ضاق وشمرت أحوالهم
عن ساقها بالرعب وانقطع الأملْ
والمال أن يتلف يُرى بدلٌ له
والنفس أن تتلف فليس لها بدلْ
وعلا الصريخُ وآل أمرهمُ إلى
ملك الورى رب الأواخر والأوَلْ
يا سامعاً ذا النون في الظلمات إذ
ناداهُ فاكشف عن عبيدك ما نزلْ
وتروّعوا فتورّعُوا وتقربوا
بنذورهم لله إن طال الأجلْ
يتداركون تخلّصاً والموت بَيْ
نَ عيونهم هلاّ ارعَوَوْا زمنَ المهلْ
وتخالفت آرائهم حتى بدا
تدبير نور البحر بالخور احتملْ
علم الإله العجز منهم ظاهراً
والأمر مرجعه إليه إذْ عضَلْ
فتداركتْهم رحمة منه عَلى
إنقاذهم لمَّا تقطعت الحِيلْ
بركاتُ سيدنا المعظم فيصل
طارت بهم في ساحل الأمن الأدلّ
يا خور خور كرامة ما أنت خورُ ج
رامةٍ بل أنت متَّسع الأجلْ
حصّنتَ أعماراً ومنها عمر من
لو توزن الدنيا بقيمته عَدَلْ
زهرت به الدنيا كعارض مُجْدِبٍ
بكر النعيم به فأشرق واستهلّ
سفَرَت مكارمه بأجياد الورى
دُررا فهل لنوال راحته خَوَل
والشهم تيمور بصحبته أتى
صعبَ الشكيمة واردَ الأمر الجلل
ما همَّ في أمر ليدرك شأوَهُ
إلاَّ تزحزحت المهامِهُ والقُلَلْ
ما أبرقت كفَّاهُ في سحب الندى
إلاَّ وأشرق بالعَطَا وجهُ الأملْ
رجعوا بتاج سَلامة فاهتزتِ
الدُّنيا بمقدِمهِم وأشرقت الدُوَلْ
وتَلبّست أرجاؤنا فَرحاً بهم
لم لا وسلطان الرعايا قد وصَلْ