جاءت لتنظر ما أبقت من المهج

جاءَتْ لتَنظُرَ ما أبقَتْ من المُهَجِ

​جاءَتْ لتَنظُرَ ما أبقَتْ من المُهَجِ​ المؤلف صفي الدين الحلي


جاءَتْ لتَنظُرَ ما أبقَتْ من المُهَجِ،
فعطرتْ سائرَ الأرجاءِ بالأرجِ
جَلَتْ عَلَينا مُحَيّاً لو جلَتهُ لَنا
في ظُلمَةِ اللّيلِ أغنانا عن السُّرُجِ
جميلةُ الوجهِ، لو أنّ الجمالَ بها
يولي الجميلَ لأشجتْ فودَ كلّ شجِ
جوريةُ الخدّ يحمى وردُ وجنتها
بحارسٍ من نبالِ الغنجِ والدعجِ
جازتْ إساءةَ أفعالي بمغفورةٍ،
فكانَ غُفرانُها يُغني عنِ الحِجَجِ
جارَتْ لعِرفانِها أنّي المَريضُ بها،
فما عليّ إذا أذنبتُ من حرجٍ
جستْ يدي لترى ما بي فقلتُ لها:
كُفّي، فذاكَ جوًى لولاكِ لم يَهجِ
جفَوتنِي، فرأيتُ الصّبرَ أجملَ بي،
والصمتُ بالحبّ أولى بي من اللهجِ
جارَتْ لِحاظُكَ فينا غيرَ راحمةٍ،
ولذّةُ الحبّ جَورُ النّاظرِ الغَنِجِ
جوري فلا فرجاً لي من عذابكِ لي،
إلاّ يدَ الملكِ المنصورِ بالفرجِ
جوادُ كفٍّ تروعُ الدهرِ سطوتهُ،
فلا تصاحبُ عضواً غيرَ مختلجِ
جَدّتْ لِما تَرتَضي العَلياءُ هِمّتُه،
فالمُلكُ في رَقدَةٍ، والحربُ في رَهَجِ
جنَتْ على مالِهِ أيدي مكارِمِه،
فَلا يَبيتُ بطَرفٍ غَيرِ مُنزَعِجِ
جهدُ المواهبِ أن تغنى خزائنهُ،
حتى كأنّ بها ضرباً من اللججِ
جَدّتْ إلَيهِ بَنُو الآمالِ مسرِعَةً،
فأكثروا نحوهُ بالسعي والحججِ
جَونٌ إذا شِمتَ برقَ السيّفِ من يدِهِ
تَراهُ مُنبَلِجاً في كفّ مُنبلِجِ
جنَى ثمارَ المعالي حينَ حاولها،
بصارِمٍ ما خَلا في الحَربِ من هَرَجِ
حالتْ قناةُ المنايا في مضاربهِ،
فظلّ ينقصُ أبكاراً من المهجِ
جَزياً أبا الفَتحِ، غاياتِ الفَخارِ، فقد
أمسكتْ طلابهُ في مسلكٍ حرجِ
جَلَلَتَ حتى لوَ أن الصّبحَ لُحتَ بهِ
وقلتَ: قِفْ لا تَلجْ في اللّيلِ لم يَلجِ
جَرّدتَ أسيافَ نَصرٍ أنتَ جَوهرُها،
في حالكٍ من ظلامِ النقعِ منتسجِ
جَبَرتَ كسرَ المَعالي يا ابنَ بَجدَتِها
بها وقومتَ ما بالدينِ من عوجِ
جمارُ نارٍ، ولكن من عوائدها
اطفاءُ ما في صدورِ القومِ من وهَجِ
جوازِمٌ إن أرَدتَ البَطشَ كُنّ يَداً،
وإن رَقيتَ المَعالي كنّ كالدّرَجِ
جلَوتَ كَربَ الوَرى بالمكرُماتِ، كما
جلَوتَ تلكَ الرّدى بالمَنظَرِ البَهجِ
جعَلتَ جودَكَ دونَ الوَعدِ مُعترِضاً،
ووَعدُ غَيرِكَ ضِيقٌ غيرُ مُنْفَرِجِ
جئناكَ، يا ملكَ الدنيا، وواحدها،
نؤمّ بالدرّ نهديهِ إلى اللججِ
جُزنا البِلادَ، ولم نَقصِد سواك فتًى،
مَن يَحظَ بالدُّرّ يَستَغنِ عن السّبَجِ
جمعتَ فضلاً، فلا فرقتهُ أبداً،
أنتَ الفريدُ وجلّ الناسِ كالمهجِ