جاء الكتاب وأصدق

جاء الكتاب وأصدق

​جاء الكتاب وأصدق​ المؤلف جبران خليل جبران


جاء الكتاب وأصدق
به رسولا أمينا
أدى البلاغ وأبدى
من الحديث شجونا
لكن شجاني خطب
وصفته لي مبينا
وصفا تناهيت فيه
براعة وفنونا
فيا له من مصاب
أجرى الفؤاد شؤونا
وكان لعقل تاج
يزين منها الجبينا
وللحياء شعاع
يغض عنها الجفونا
وكان كل ابتسام
منها عطاء ثمينا
وكل لفظ كدر
يصيده السامعونا
ماتت قتيل هواها
لم تبلغ العشرينا
ولم تزف عروسا
مرجوة للبنينا
ولم تخضب ولم يشد
حولها الشادونا
ولم تنل ملك يوم
به تقر عيونا
جل المصاب ملما
بمثلها أن يهونا
دب الفساد إليها
خفيف وطء كمينا
وعالج الروح حتى
أباح عرضا مصونا
فكان افدح رزءا
وكان شرا منونا
وهون العمر خسرا
وعظم العرض دينا
يا ليتها في سبيل العفاف
ماتت طعينا
إذن لزفت عزيزا
على الورى أن تبينا
في مشهد يستدر الصفا
عليه عيونا
تبكي الصاحب فيه
ويندب المنشدونا
ويرفع الصوت كل
بذكرها تأبينا
لكنها اليوم ليست
بميتة تبكينا
ولا مرجاة بعل
وعيلة صالحينا
أمست ضريحا وأمسى
فيها العفاف دفينا
باعت جمالا بمال
وكان بيعا غبينا
والمال ما زال ربا
ي ستعبد العالمينا
أضلها وقديم
إضلاله الراشدينا
فانظر لما هو ناج
من حسنهامستبينا
فإنما هو ما لا
نوده أن يكونا
ورد تحول جرا
بملمس الفاسقينا
طيب يحلب سما
في انفس الناشقينا
نور يمد جرابا
في أعين المبصرينا
مرآة خلق عفيف
تمثل المجرمينا
كأس تريب فنظمي
بخمرها الشاربينا
ذكرى أسى لجمال
حوى الفضائل حينا
ثم اغتدى وهو خال
منها لدى الناظرينا
كجنة كان فيها
أحبة آهلونا
ففارقوها وظلت
تستوقف الآسفينا