جد في وجده بكم فعلاما

جدَّ في وجده بكم فعلاما

​جدَّ في وجده بكم فعلاما​ المؤلف عبد الغفار الأخرس


جدَّ في وجده بكم فعلاما
عذلَ العاذلُ المحبَّ ولاما
ما درى لا درى بصبوة عانٍ
وجدَ الوجدَ في هواكم فهاما
يستلذُّ العذابَ من جهة الحبّ
ويحتار في الشفاء السقاما
أيها النازحون عنّا بقلبٍ
أَخْلقَ الصَّبرَ وکستجد الهياما
علّلونا منكم ولو بنسيمٍ
يحملُ الشيّحَ عنكم والخزامى
وائذنوا للخيال يطرقُ ليلاً
أنْ يزور الخيالُ منكم مناما
لست أدري ولا المفنِّدُ يدري
أملاً ما يزيدني أمْ غراما
أَينَ عهدُ الهوى بآرام نجدٍ
وبلوغِ المشوق فيها المراما
ذكّراني بها مَسَرَّات عيشٍ
ليتَه عادَ بعد ذاك وداما
وابكياها معي وإنْ كنتُ أولى
عبرةً منكما عليها انسجاما
ربما يَنْفَعُ البكاى غليلاً
أَو تَبُلُّ الدموعُ منّا أواما
وبنفسي أحبَّةً أوقدوها
لوعةً في الحشا فشبَّتْ ضراما
حرموا عيني الكرى يوم بانوا
واستباحوا دمي وكان حراما
يا لقومي وكلّ آية عذر
تعذر المستهام من أنْ يلاما
كيف ينجو من الصبابة صبٌّ
فَوَّقَتْ نحوه العيونُ سهاما
ورَمَتْه بسهمها فأَصابت
حين أصمتْ فؤاده المستهاما
ـلم ظهوراً وترفع الإيهاما
بعدَ أنْ أصبحتْ طلولاً رماما
ليت شعري وأينَ أيام فَروى
أفكانت أيّامها أحلاما
يُنْبِتُ الحُسْنُ في ثراها غصوناً
كلُّ غصن يُقِلُّ بدراً تماما
من لصادٍ ظامي الحَشا يَتَلظّى
غلةً في فؤاده واضطراما
لو رشفنا الحياة من ريق ألمى
ما شكونا من الجوى آلاما
لا تنوب المدام عن رشفاتٍ
من شِفاهٍ تَعافُ فيها المداما
حبّذا العيش والمدامُ مدامٌ
ذلك العصر والندامى ندامى
فسقاها الغمام أَرْبُعَ لهوٍ
كلَّما استسقتِ الديارُ الغماما
كان صحبي بها وكنّا جميعاً
نُشْبِهُ العِقْدَ بهجةً وانتظاما
فإذا عنَّ ذكرهم لفؤادي
قعدَ الوجدُ بالفؤاد وقاما
أترى في الأنجاب كکبن عليٍّ
وهو عبد الرحمن شهماً هماما
ناشئٌ في الشباب في طاعة اللـ
ـه فكان الصَّوام والقواما
لا ينال الشيطانُ منه مراماً
ثقةً منه بالتقى وکعتصاما
يرتقي في الكمال يوماً فيوماً
ويسودُ الرجال عاماً فعاماً
فطنة تكشف الغوامض في العلم
ظهوراً وترفع الإبهاما
فتراه إذا تَأَمَّلْتَ فيه
ألهمَ العلمَ والحجى إلهاما
زانه الله بالتقى وحَباه
عفَّةً في طباعه واحتشاما
طاهرٌ لا يَمَسُّه دَنَسُ السُّـ
ـوءِ عَفافاً ولا يُداني أثاما
فيه من جَدِّه مناقِبُ شتّى
مُدهشاتُ الأفكارَ والأفهاما
من أراه الترياق من ضرر السُّمِّ
ـمِّ أراه على العدوِّ سماما
فرع آل البيت الذي شرَّف الله
ـهُ وأعلاهمُ لديه مقاما
فتمسَّكْ بهم ولذ بحماهم
فهمُ العروة التي لا انفصاما
يبعث الله منهم كلَّ عصرٍ
علماءَ أفاضلاً أعلاما
يمحقون الضَّلال من ظلمة الكفر
ـر كما يمحق الضياءُ الظلاما
ينفقون الأوالَ حبّاً لوجه الله
منهم ويطعمون الطعاما
دَحَضوا الغيَّ بالرشاد فما
زالوا إلى الله يرشدون الأناما
كلَّما استبشروا بميلاد طفلٍ
بشّرٍ المسلمينَ والإسلاما
وينال الوليدُ منهم علاءً
قبلَ أنْ يبلغَ الوليدُ الفطاما
نَوَّلُوا وابِلاً وجادوا غيوثاً
وکستَهلُّوا بشاشة وابتساما
لو سألتَ العلى أجابتكَ عنهم
أو سألتَ السيوفَ والأقلاما
لا يضام النزيلُ فيهم بحالٍ
وأبى الله جارهم أنْ يضاما
بلغوا غاية المعالي قعوداً
تعجز الراغبين فيها قياما
بأَبي سيداً تهلَّلَ طفلاً
وزكا عنصراً وساد غلاما
وكأنّي به وقد وَلِيَ الأَمْرَ
وأضحى للعارفين إماما
هكذا تُخْبِرُ السعادة عَنْه
ويطيلُ العرفانُ فيه الكلاما
يتَحلَّى من فضله بِحُلِيٍّ
نَظَمَتْه غرُّ القوافي نظاما