جرير يرثي الفرزدق

لَعَمرِي لَقَدْ أشْجَي تَمِيماً وَهَـدَّهَا * * * عَلَى نَكَبَاتِ الدَّهْرِ مَوْتُ الفَـرَزْدَقِ

عَشِـيَّةَ رَاحُـوا لِلفِـرَاقِ بِنَعْشِـهِ * * * إلَى جَدَثٍ فِي هُوَّةِ الأَرْضِ مَعْمَـقِ

لَقَدْ غَادَرُوا فِي اللَّحْدِ مَنْ كَانَ يَنْتَمِي * * * إِلَى كُلِّ نَجْـمٍ فِي السَّمَاءِ مُحَـلَّقِ

ثَوَى حَامِلُ الأثْقَالِ عَنْ كُلِّ مُغْـرَمٍ * * * وَدَامِغُ شَيْطَانِ الغَشُـوْمِ السَّمَـلَّقِ

عِمَـادُ تَمِـيْمٍ كُـلُّهَا وَلِسَانُـهَا * * * وَنَاطِقُهَا البَذَّاخُ فِي كُـلِّ مَنْطِـقِ

فَمَنْ لِذَوِي الأَرْحَامِ بَعْدَ ابْنِ غَالِبٍ * * * لِجَارِ وَعَانٍ فِي السَّلاَسِـلِ مُـوَّثِقِ

وَمَنْ لِيَتِـيْمٍ بِعْدَ مَـوْتِ ابْنِ غَالِبِ * * * وَاُمّ عِـيَـالٍ سَـاغِبِيـنَ وَدَرْدَقِ

وَمَنْ يُطْلِقُ الأَسْرَىَ وَمَنْ يَحْقِنُ الدِّمَا * * * يَدَاهُ وَيَشْفِي صَدْرَ حَـرَّانَ مُحْـنَقِ

وَكَـمْ مِنْ دَمٍ غَالٍ تَحَـمَّلَ ثِقْـلَهُ * * * وَكَانَ حَمُوْلاً فِي وَفَـاءٍ وَمَصْـدَقِ

وَكَمْ حِصْنِ جَبَّارِ هُمَـامٍ وَسُوقَـةٍ * * * إِذَا مَـا أَتَـى أَبْـوَابَهُ لَمْ تُغَـلَّقِ

تَفَـتَّحُ أَبْـوَابُ المُـلُوكِ لِوَجْـهِهِ * * * بِغَيـرِ حِجَـابٍ دُونَـهُ أَوْ تَمَـلُّقِ

لِتَـبْكِ عَلَيْهِ الإنْسُ وَالجِـنُّ إِذْ ثَوَى * * * فَتَى مُضّرٍ فِي كُلِّ غَرْبٍ وَمَشْـرِقِ

فَتَىً عَاشَ يَبْنِي المَجْدَ تِسْعِينَ حِجَّـهً * * * وَكَانَ إلَى الخَيْرَاتِ وَالمَجْدِ يَرْتَقِـي

فَمَـا مَاتَ حَتَّى لَمْ يُخَـلِّفْ وَرَاءَهُ * * * بِحَـيَّةِ وَادٍ صَـوْلَةً غَيْـرَ مُصْـعَقِ .