جمعت من فرع ذات الدل أوتاري
جَمَعْتُ مِنْ فَرْعِ ذَاتِ الدَّلِّ أوْتَارِي
جَمَعْتُ مِنْ فَرْعِ ذَاتِ الدَّلِّ أوْتَارِي
وصُغْتُ مِنْ بَسَمَاتِ الغيدِ أَشْعَاري
وَعِشْتُ لِلْفَنِّ أَحْيَا فيِ بَدَائِعِهِ
بَيْنَ الظِّلاَلِ وَبَيْنَ السَّلْسَلِ الْجَارِي
أَشْدُو فَإِنْ شِئْتَ أَن تُصْغِي لِسَاجِعَةٍ
مِنَ الْخُلُودِ فأَنْصِتْ تَحْتَ أَوْكَارِي
كَادَتْ تَزُقُّ يَرَاعِي الطَّيْرُ تَحْسَبُهُ
وَقَدْ تَغَنَّى بِشِعْرِي سِنَّ مِنْقَارِ
قَدْ عَلَّمَتْهُ التَّغَنِّي فَوْقَ أَيْكَتِهِ
فَفَاقَهَا فِي التَّغَنِّي فَوْقَ أَسْطَار
كَأنَّ دَاوُدَ أَلْقَى عِنْدَ بَرْيَتِهِ
أَثَارَةً مِنْ تَرَانِيمٍ وَأسْرَارِ
أعْدَدْتُه قَبَساً يُذْكى تَوَقُّدُهُ
عَزْمَ الشَّبَابِ وَيَهْدِي لَيْلَةَ السَّارِي
وَيَكْشِفُ الأَمَلَ الْمَحْجُوبَ سَاطِعُهُ
وَالْيَأْسُ تَغْشَى بأَسْدَافٍ وَأسْتَارِ
الشِّعْرُ عَاطِفَةٌ تَقْتَادُ عَاطِفَةً
وَفِكْرَةٌ تَتَجَلَّى بَيْنَ أَفْكارِ
الشِّعْرُ إنْ لاَمَسَ الأَرْوَاحَ أَلْهَبَهَا
كمَا تَقَابَلَ تَيَّارٌ بِتَيَّارِ
الشِّعْرُ مِصْبَاحُ أَقْوامٍ إِذَا الْتَمَسُوا
نُورَ الْحَيَاةِ وَزَنْدُ الأُمَّةِ الْوَارِي
الشِّعْرُ أُنْشُودَةُ الْفَنَّانِ يُرْسِلُهَا
إِلَى الْقُلُوبِ فَتَحْيَا بَعْدَ إِقْفَارِ
الشِّعْرُ هَمْسُ غُصُونِ الدَّوْحِ مَائِسَةً
وَدَمْعةُ الطَّلِّ في أجْفَانِ أَزْهِارِ
الشِّعْرُ لِلْمُلْكِ جَيْشٌ لاَ يُصَاوِلُهُ
جِلاَدُ مُرْهَفَةٍ أَوْ فَتْكُ بَتَّارِ
يَغْزُو ويُنْصَرُ لاَ أَشْلاَءُ مَعْرَكَةٍ
تُرَى وَلاَ وَثَبَاتٌ حَوْلَ أَسْوَارِ
إِذَا تَخَطَّرَ فِي الأَفْوَاهِ تُنْشِدُهُ
غَضَّ الْجُفُونَ حَيَاءً كُلُّ خَطَّارِ
وَإِنْ أَغَارَ تَنَادَى كُلُّ ذِي هَلَعٍ
إِلَى الْفِرَارِ وَأَوْدَى كُلُّ مِغْوَار
قَدْ كَانَ حَسَّانُ جَيْشاً فِي قَصَائِدِهِ
أَشَدَّ مِنْ كُلِّ زَحَّافٍ وَجَرَّارِ
وَكَانَ مُلْكُ بَنِي مَرْوَانَ فِي أُطُمٍ
عَالٍ مِنَ الشِّعْرِ يَرْمِي الشُّهْبَ بِالنَّارِ
وَهَل زَهَتْ بِبَنِي الْعَبَّاسِ دَوْلَتُهُمْ
إِلاَّ بِأَمْثَالِ حَمَّادٍ وَبَشَّارِ
فَقُلْ لِمَنْ رَاحَ لِلأَهْرَامِ يَرْفَعُهَا
الْخُلْدُ فِي الشِّعْرِ لاَفىِ رَصْفِ أَحْجَار
كَمْ حِكْمَةٍ فيهِ لاَ تَفْنَى بَشَاشَتُهَا
وَمِنْ حَدِيثٍ عَلَى الأيَّام سَيَّارِ
الشِّعْرُ لِلْمُلْكِ مِرْآةٌ مُخلَّدَةٌ
عَلَى تَعَاقُبِ أَجْيَالٍ وَأَدْهَارِ
صَوَّرْتُ فِيهِ سَنَا الْفَارُوقِ مُؤْتَلِقاً
يَزْدَانُ بِاثْنَيْنِ إِجْلاَلٍ وَإِكْبَارٍ
وَصُغْتُهُ فَاتِنَ الأَلْوَانِ مُزْدَهِراً
كَأَنَّمَا نَقَشَتْهُ كَفُّ آذَارِ
مُلْكٌ مِنَ النُّورِ قَدْ ضَاءَتْ دَعَائِمُهُ
كَأَنَّمَا شِيدَ مِنْ هَالاَت أَقْمَار
وَدَوْلَةٌ رَكَّزَ الإِسْلاَمُ رَايَتَهُ
فِيهَا عَلَى طَوْدِ تَارِيخٍ وَآثارِ
وَعَاهِلٌ مِنْ صَمِيمِ النِّيل نَبْعَتُهُ
أَمَا تَرَى لِيَدَيْهِ وَكْفَ أمْطَارِ
أَحْيَا النفُّوسَ بِآمَالٍ تُضَاحِكُهَا
فَالْيَأْسُ فِيهَا غرِيبُ الأَهْلِ وَالدَّارِ
كَأَنَّ أيَّامُهُ وَالْبِرُّ يَغْمُرُهَا
صَحَائِفُ الطُّهْرِ فيِ أَيْمَانِ أَبْرَارِ
كَأَنَّمَا عَهْدُهُ وَالْبِشْرُ يَمْلؤُهُ
تَبَسُّمُ الشَّرْقِ عَنْ أَنْفَاسِ أَسْحَارِ
كَأَنَّ ذِكْرَاهُ لَمَّا سَارَ سَائِرُهَا
عَبِيرُ دَانِيَة الظِّلَّيْنِ مِعْطَارِ
كَأَنَّ أَمْدَاحَهُ فِي أُذْنِ سَامِعِهَا
مَسَاقِطُ الشَّهْدِ مِنْ أَعْوَادِ مُشْتَارِ
كأَنَّ طَلْعَتَهُ وَالشَّوْقُ يَرْقُبُهَا
وَجْهُ الصَّباحِ يُحَيِّي نِضْوَ أَسْفَارِ
فَارُوقُ يَا زِينَةَ الدُّنْيَا وَبَهْجَتَهَا
وَأَسْعَدَ النَّاسِ في وِرْدٍ وَإِصْدَارِ
وَابْنَ الْمُلُوكِ الأُلَى فَلَّتْ عَزَائِمُهُمْ
مِنْ حَدِّ كُلِّ صَلِيبِ الْحَدِّ جَبَّارِ
أَقْمَارُ مَمْلَكَةٍ آسَادُ مَلْحَمَةٍ
أَملاَكُ مَرْحَمَةٍ صُنَّاعُ أَقْطَارِ
مِنْ كُلِّ ندْبٍ بَعِيدِ الرَّأْيِ مُسْتَبِقٍ
إِلى الْجِهَادِ مُغَارِ الْفَتْلِ صَبَّارِ
الْمَجْدُ أَبْقَى لَهُمْ ذِكْرَى مُخَلَّدَةً
أَعْمارُهُمْ وُصِلَتْ مِنْهَا بِأَعْمَارِ
الشَّعْبُ شَعْبُكَ وَالأَيَّامُ بَاسِمَةٌ
وَالدَّهْرُ كَالزَّهْرِ فيِ صَفْوٍ وَإِنْضَارِ
أَحَبَّكَ الشّعْبُ فَانْعَمْ فِي مَحَبَّتِهِ
فَأَنْتَ مِلْءُ قُلُوبٍ مِلْءُ أَبْصَار
مُرْ وَانْهَ فِي الْحَقِّ فَالأَسْمَاعُ مُصْغِيَةٌ
فِدَاؤُكَ النَّفْسُ مِنْ نَاهٍ وَأمَّار
وَارْفَعْ لِوَاءَكَ فَوْقَ الشَّرْقِ تَلْثِمُهُ
أَفْوَاهُ أَوْدِيَةٍ فِيهِ وَأمْصَارِ
ذِكْرَاكَ فِي الدَّهْرِ آيَاتٌ مُطَهَّرَةٌ
تَحْلُو بِغَنٍّ وَتَرْتِيلٍ وَتَكْرَارِ
شدَوْتُ بِاسْمِكَ حَتَّى كدْتُ مِنْ طَرَبٍ
أَظُنُّنِي ذَا جَنَاحٍ بَيْنَ أَطْيَارِ
فَإِنْ سَمِعْتَ رَنِيناً كُلُّهُ عَجَبٌ
فَالْعُودُ عَودِي وَالأَوْتَار أْوْتَارِي
جُلُوسُكَ الْيَوْمَ أَثْمَارُ الْمُنَى يَنَعَتْ
يَا حُسْنَها مِنْ مُنىً خُضْرٍ وَأَثْمَارِ
عِيدٌ بِهِ الأَرْضُ وَالآفَاقُ مُشْرِقَةٌ
تَمَازَجَتْ فِيه أَنْوَارٌ بِأَنْوَارِ
عِيدٌ كَأَنَّ اللَّيَالي قَدْ وَهَبْنَ لَهُ
مَا في الْخَلِيقَةِ مِنْ يُمْنٍ وَإِيسَار
النِّيلُ فِيهِ جَرَى يُمْلى بَشَائرَهُ
وَيَنَثنِي بَيْنَ أَدْوَاحٍ وَأَشْجَارِ
إِذَا الرَّبِيعُ رَمَى فِيهِ أَزَاهِرَهُ
جَزَاهُ بِالتِّبْرِ دِينَاراً بِدِينَارِ
أوِ الْحَمَائِمُ غَنَّتْ فَوْقَ مَائِجَةٍ
حَبَا الْحَمائِمَ تَهْدَاراً بِتَهْدَارِ
يَا كَالِىءَ الدِّينِ وَالدُّسْتُورِ مِنْ جَنَفٍ
وَحَارِسَ النِّيلِ مِنْ أَوْضَارِ أَكْدَارِ
وَحَافِزَ الشَّعْبِ يَدْعُوهُ فَيَتْبَعُهُ
إِلَى النُّجُومِ جَرِيئاً غَيْرَ خَوَّارِ
الْعِلْمُ لِلشَّعْبِ رُكْنٌ غَيْرُ مُنْصَدِعٍ
وَالشَّعْبُ بِالْعِلْمِ صَفٌّ غَيْرُ مُنْهَارِ
اخْتَارَكَ اللّهُ للإِسْلاَمِ تَنْصُرُهُ
فَكُنْتَ مَوْئِلَهُ يَا خَيْرَ مُخْتَارِ
عِشْ فِي الْقُلُوبِ فَقَدْ أَعْطَتْ مَقَالِدَهَا
وَفِي نَعِيمٍ عَمِيمِ الْغَيْثِ مِدْرَارِ