حبذا الراح فى أوان البهار

حَبَّذا الراحُ فى أوانِ البَهارِ

​حَبَّذا الراحُ فى أوانِ البَهارِ​ المؤلف محمود سامي البارودي


حَبَّذا الراحُ فى أوانِ البَهارِ
وَاقْتِرانُ الْكُئُوسِ بِالنُّوَّارِ
وَرَنِينُ الأَوْتَارِ في فَلَقِ الصُّبْـ
حِ، وسَجعُ الطُيورِ فى الأوكارِ
بَيْنَ جَوٍّ معَ الْغَمَائِمِ سَارٍ
وَفَضَاءٍ مَعَ الْجَدَاوِلِ جَاري
مَنْظَرٌ يَفْتِنُ الْعُقُولَ، وَيَجْلُو
صَفحاتِ القلوبِ والأبصارِ
إِنَّ عَصْرَ الشَّبَابِ فِينَا مُعَارٌ
وَاللَّيَالِي تَرُدُّ كُلَّ مُعَارِ
فَاسْرَحَا وَامْرَحَا، فَقَدْ آذَنَتْنَا
نَسماتُ الصبا بِخلعِ العِذارِ
واغنَما صَفوةَ الرَبيعِ بِداراً
فالأمانى مَعقودةٌ بالبدارِ
هُوَ فصلٌ تَختالُ فيهِ غُصونُ الـ
ـرَّوْضِ في حِلْيَةٍ مِنَ الأَزْهَارِ
مَائِساتٍ مِثْلَ الْعَذَارَى عَلَيْهِنَّ
نَّ ثِيابٌ دُرِّيَّةُ الأزرارِ
غَمزتها يدُ الصَّبا، فَتلوَّت
راقِصاتٍ على غِناءِ القَمارِى
رَشَفَتْ خَمْرَةَ النَّدَى مِنْ كُئُوسِ الـ
ـزَّهْرِ حَتَّى تَمَايَلَتْ مِنْ خُمَارِ
فانتبِه يا نديمُ، واستَصبِحِ السَّا
قِى بِكأسٍ تَفيضُ بالأنوارِ
وَاسْقِيَانِي، وَغَنِّيَانِي بِلَحْنٍ
يَبعثُ النَّفسَ مِن إسارِ الوقارِ
فَلَقَدْ آذَنَ الشِّتَاءُ بِسَيْرٍ
واسْتَهَلَّتْ طَلاَئِعُ النُّوبَهارِ
وَاسْتَدَارَ النَّهَارُ حَتَّى تَساوَتْ
كِفَّتاهُ بينَ الدُّجى والنَّهارِ