حتى متى الرجعى إلى الغفار

حتى متى الرجعى إلى الغفار

​حتى متى الرجعى إلى الغفار​ المؤلف ابن شهاب


حتى متى الرجعى إلى الغفار
وإلى متى التسويف بالأعذار
وعلام تحجم أن تتوب فينمحي
درن الذنوب بماء الاستغفار
يا هل لنفس السوء عن إيغالها
في مهمة العصيان من زجار
حادت عن السنن القويم وقصرت
عن واجبات أوامر الجبار
فتنت بجمع الفانيات وحبها
ولهت بزخرف وشيها الغرار
تنساب في شهواتها من غير ما
نظر إلى النفاع والضرار
واستبدلت بتلاوة القرآن نقر
الطار والأوتار في الأسمار
لم يثنها عن سوء عاداتها مشيب
الرأس بل ركنت إلى الإصرار
وإذا استقامت للفروض تكاسلت
عمّا يناط بها من الأذكار
وإذا أتت عملاً حميداً مرة
بالعجب تفسده والاستكبار
أين التضرّع والتذلّل والخضوع
وأين دمع الخاشعين الجاري
كيف الخلاص وما الوسيلة للنجاة
سوى الحبيب المصطفى المختار
نور الإله نجيه في عرشه
غوث الخليقة غيثها المدرار
نعم الملاذ بسيد الكون العريض
الجاه ثم بحضرة المحضار
عمر الذي بجنابه يستنجد الغرقى
فينقذهم بإذن الباري
ان يستجر بحماه من عصفت به
ريح الخطوب وزعزع الأخطار
يدركه أسرع ما يكون ممزقا
سحب الكروب وعاصف الأعصار
أوتاه حيران ولاذ به اهتدى
بضياء ذاك الكوكب السيّار
مبدي العجائب في جهاد النفس
من صمت ومن جوع ومن إيثار
صوم الهواجر دابه والجد في
سهر الدجى وتبتّل الأسحار
الواسع العلم اللدني المحيط
بمضمرات الأطلس الدوار
الراسخ القدمين وهو القائد الحزبين
أهل القرب والأبرار
وعليه برد جلالة ومهابة
يعنو لها متمرد الكفار
وله الخوارق والكرامات التي
فصمت عرى الرهبان والأحبار
ظهرت ظهور الشمس رابعة النهار
منيرة في شاسع الأقطار
أنّى تعد وكيف تحصى كثرة
أيعد طش هواطل الأمطار
فله التصرف في الوجود منفذا
ما شاءه بمشية القهّار
أله نواميس الطبيعة سخرت
أم طاوعته سوابق الأقدار
وبلا يزال العبد أعدل شاهد
بالحق يخرس ألسن الانكار
وبرب أشعث تضمحل وتنمحي
شبه الجحود ووقفة المحتار
والحس يشهد أن للمحضار آيات
يراها الناس بالأبصار
الوارث القطبية الكبرى عن
المختار ثم وصيّه الكرّار
وعن الشهيدين اللذين تكفل الباري
لجدّهما بأخذ الثار
وعن الأئمة فالأئمة والنجوم
الزهر من آبائه الأطهار
من كل طود أو خضم زاخر
أو كوكب في الأفق سام ساري
حتى انتهت أحوالهم وعلومهم
وجميع ما حملوا من الأسرار
كسباً وإرثاً للخليفة بعدهم
عمر الشْجاع الفارس المغوار
حمّال أثقال الأمانة كافل
بوظيفة التبشير والإنذار
فاضت على الجم الغفير هباته
ومن البحار مشارع الأنهار
وبسرّه المكنون أسرى في جبين
العيدروس سواطع الأنوار
ورقى به الشيخ العليّ ذرى العلا
وبأوجها ألقى عصا التسيار
ولنا به آل الشهاب تعلق
ورعاية محمودة الآثار
وعناية الآباء يالأبناء لا
تنفك عند تقلب الأطوار
يا رافع الأعلام يا من جاهه
عند المهيمن شامخ المقدار
أدرك حماك مدينة الأجداد من
مرض سرى في الدار والديار
فتريم أضحت غير ما غادرتها
بتكاثر الأغرار والأغيار
وطريقة الأسلاف فيها أصبحت
مهجورة الإيراد والإصدار
وتكاد تعزب عن ربها دولة
العلم الشريف بصولة الدينار
طمعت بمنصبها الضرائر إذ رأت
ما نابها والنور غير النار
وإلى اجتماع سراتها لصلاحها
لم يلف من داع ولا أمّار
فاضرع لربك أن يعيد لها الذي
فقدت فتصبح مطمح الأنظار
قم يا شجاع الدين واجبر صدعها
عار عليك وقوعها في العار
حرمتها وضمنت أمن ربوعها
يا كعبة الحجاج والزوار
فرض حمايتها عليك كما وعدت
وأنت سلطان الحماة الجار
فاهزم بخيل الله خيل من اعتدى
واحم الذمار بمجرك الجرار
وارفع أذى متمردي جيرانها
الغاوين واقطع شأفة الأشرار
وعليك بعد المصطفى وأخيه
والزهراء والحسنين صلّى الباري
والعترة الأطهار أقمار السرى
ومهاجري الأصحاب والأنصار