حتى متى بين اللوى فالأجرع

حتى متى بين اللوى فالأجرعِ

​حتى متى بين اللوى فالأجرعِ​ المؤلف عبد الجبار بن حمديس


حتى متى بين اللوى فالأجرعِ
لَوْماً، فما أمرّه في مسمعي
ويحكَ لو كنتَ وفياً لم تقلْ:
"ويحكَ لا تبكِ برسمٍ بلقعِ"
وهو الحمى سَقْياً لأيّامِ الحِمَى
فإنها ولّتْ ولمّا ترجعِ
مالك لا تبكي بكاءً بالأسى
بين رسومٍ وبَوَالي أربعُ
بأدمعٍ بين الجفونِ حوّمٍ
وأدمعٍ على الخدمد وقّعِ
وزفرةٍ موصولةٍ بزفرةٍ
تَصْعَدُ عن نارِ حشىً مُلَذَّع
وقفتَ في الدار بعينٍ لا تَرَى
تغيُّرَ الربعِ وأذنٍ لا تعي
ولوعةٍ بالشوق غيرِ لوعتي
وأضلعٍ في الوجد غيرِ أضلعي
وإنَّما يبكي بكائي شجناً
ووجعٌ يعرفُ فيه وجعي
لو أنطقَ المربعَ وهو أخرسٌ
تضرُّعٌ، أنطقهُ تضرعي
ووقعةٍ ردّتْ قيانِ وُرقهِ
نوائحاً بالحزن يبكين معي
كأنها وما لها من أدمعٍ
أعارها القطرُ سجالَ أدمعي
يا منزلاً تَنْشُرُه يدُ البُلى
نشرَ يمانٍ خلقٍ لم يُرقعِ
بالله خبرني أأنت رَبْعُهُمْ
أم أنْتَ مَرْعىً للظباءِ الرّتّع
فقال: بل ربعُهُمُ وإنَّما
تحمّلتْ عني شموسُ مطلعي
أدرئة الغوط سترن ظبية
تدير عَيْنَيْ فتنةٍ في البُرقع
سيفٌ وسهمٌ لحظها ولهذمٌ
يا عجبا لفتكها المُنَوَّع
كأنما تبسمُ إن مازحتها
عن بَرَدٍ بين بروقٍ لُمّع
كأُقْحوانِ روضَةٍ يَصْقُلهُ
مِدْوَسُ شمسٍ في النّدى المميَّع
كأن في فيها سلافَ قهوةٍ
صرفٍ بماءِ ظَلْمها مُشَعْشَع
إذا رضيع الكاس أصغى سحراً
إلى صفيرِ الطّائِرِ المُرَجِّع
خُصّتْ من الصوتِ بمعنى مؤيسٍ
من لغة الوصل ولفظ مُطْمع
ومهمهٍ متصلٍ بمهمةٍ
مَرْتٍ بموّاج السراب مُتْرع
كأنَّ منشورَ المُلاء فوقه
متى تملْ ذكاء عنها تُرفعِ
كأنَّما جُنْدُبُه مُرَجِّعٌ
نغمةَ شادٍ ذي لحون مسمع
يذيب صمَّ الصخر حرٌّ لاذعٌ
يقبضُ فيه روحَ كلّ زعزع
لكلّ غارٍ فيها ماء، وشوى
فيه أُوَارُ الشمس كلّ ضفدع
لا نارَ تُذكى في الدجى لسفرهِ
إلا بريقَ مقلة السمعمعِ
تَعْسِلُ منه جانباه إنْ عَدا
مثل اضطراب السمهريِّ المشرع
يقفو راذيا جُنّحاً في السير لا
لا تُوضَعُ عنهنّ سياطُ المُزْمع
يصكّ منها دَأياتٍ دملت
فهي بشمّ الأنفِ فيها ترتعي
وذاتِ أخفافٍ سَرَتْ أربعها
منتعلاتٍ بالرياحِ الأربع
كأنها وللنجاة ما نجت
منهوشةٌ بين أفاعٍ لُسّع
تُحْدَى بسحرِ ساهر في نِغْضَةٍ
شهمِ الجنانِ لوذعيّ ألمعي
والشهبُ كالشهبِ لسبْقٍ أُرْسِلَتْ
لمغربٍ فيه أفولُ المطلعِ
كأنها واضعةٌ خدودها
لهجعةٍ فيه وإنْ لم تَهْجَعْ