حملت للنزال سيفك الصديء

حملت للنزال سيفك الصديء

​حملت للنزال سيفك الصديء​ المؤلف بدر شاكر السياب


حملت للنزال سيفك الصديء

يهتز في يد تكاد تحرق السماء

من دمها المتقد المضيء

تريد أن تمزق الهواء

وتجمع النساء

في امرأة شفاهها دم على جليد

و جسمها المخاتل البليد

أفعى إذا مشت وسادة على الفراش

لا تريد

أن تفتح الكوى ليدخل الضيّاء

كي لا تحسّ أنها خواء

و يرفع الشّرق أمام عينك الستور

توشك أن تعانق الجمال عند سدّة الإله

تكاد أن تراه

يهفّ وسط غيمة من عبق و نور

تراه في حلمه نهد توقد النجوم

بحمرة لها

أريته يقوم

من قبره تحمله سحابة الدّخان

ينام تحت ظلّها الفقير و الشريد

فهو أمير حوله الكؤوس و القيان

و بيته العتيد

جزيرة من جزر المرجان

كأن بحرا غاسلا لسبوس بالأجاج

تشربه روحك من صدى إلى القرار

كأن سافو أورثتك من العروق نار

و أنت لا تضم غير حلمك الأبيد

كمن يضم طيفه المطلّ من زجاج

حرقة نرسيس و تنتلوس و الثمار

كأن أفريقية الفاترة الكسول

(أنهارها العراض و الطبول

وغابها الثقيل بالظلال و المطر

وقيظها الندى و القمر)

تكورت في امرأة خليعة العذار

رضعت منها السمّ و اللهيب

قطرت فيها سمّك الغريب

كأنّها سحابة الدخان و الخدر

أقمت منها بين عالم تشده نوابض النضار

و بين عالم من الخيال و الفكر

من نشوة جدار

تقبع خلف ظله فلا ينالك البشر

دخلت من كتابك الأثيم

حديقة الدم التي تؤج بالزّهر

شربت من حروفه سلافة الجحيم

كأنّها أثداء ذئبة على القفار

حليبها سعار

وفيئها نعيم

غرقت فيه صكّني العباب

يقذفني من شاطئ لشاطئ قديم

حملت من قراره محارة العذاب

حملتها إليك

فمدّ لي يديك

وزحزح الصخور و التراب.