حيا ربوعك من ربى ومنازل

حيا ربوعك من ربى ومنازل

​حيا ربوعك من ربى ومنازل​ المؤلف أسامة بن منقذ


حيا ربوعك من ربى ومنازل
سَارِي الغَمامِ بكلِّ هامٍ هَامِل
وسقتك يا دار الهوى بعد النوى
وطَفاء تَسفَحُ باهتُون الهاطل
حتَّى تُروِّضَ كلَّ ماحٍ مَاحِلٍ
عاف وتروي كل ذاو ذابل
أبكِيك، أم أبِكى زماني فِيك، أم
أهلِيكِ، أم شَرخَ الشبابِ الرَّاحِل
ما قدرُ دَمعي أن يقسِّمَه الأسَى
والوجدُ بين أحبّةٍ ومنازِل
أنفقته سرفاً وها أنا ماثل
في ماحلٍ، أبكي بجفَنٍ مَاحِل
وإذا فَزعتُ إلى العَزاءِ دعوتُ مَن
لا يستجيب ورمت نصرة خاذل
أين الظِّباءُ عهدتُهُنَّ كوَانِساً
بك في ظلال السمهري الذابل
النافرات من الأنيس تكرماً
والآنسات بكل ليث باسل
من كل مكروه اللقاء منازل
رحب الفناء لطارق أو نازل
متمنِّعٍ صعبٍ على أعدائه
سهل المقادة للخليل الواصل
عزوا على الدنيا وخالف فعلهم
أفعالَها، فبَغَتْهمُ بغَوائِلِ
حتَّى إذا اغتالَتْهُم بخطوبِها
ورمتهمُ بحوادِثٍ وزَلازِلِ
دَرَست منازِلُهم وأوْحَش مِنهُم
مأنوس أندية وعز محافل
واهاً لهم من عالم ومعالم
وَمُمنَّعاتِ عَقائِلٍ ومَعاقِل
كانوا شجىً في صدر كل معاند
وقذىً يجول بعين كل محاول
غوثاً لملهوف وملجا لاجيء
وجوارَ رَبّ جَرائرٍ وطَوائِل
ذهبُوا ذهابَ الأمسِ ما من مُخبرٍ
عنهم وزالوا كالظلال الزائل
وبقيتُ بعدهُمُ حليفَ كآبةٍ
مستورة بتجمل وتحامل
سعدُوا براحَتِهم، وها أنَا بعدهم
في شَقوةٍ تُضنِي، وهمٍّ دَاخِل
فاعجب لشقوة متعب بمقامه
من بعد أسرته وراحة راحل
دع ذا فأنت على الحوادث مروة
تلقَى الرّزايا عالماً كالجاهل
واصبر فما فيما أصابك وصمة
كل الورى غرض لسهم النابل