حيوا الهلال وحيوا أمة النيل
حيوا الهلال وحيوا أمة النيل
حيوا الهلال وحيوا أمة النيل
واستقبلوا العيد عيد العصر والجيل
يا أيها العام يزجي كل مرتقبٍ
من الرجاء ويدني كل مأمول
بشر بأصدق أنباء المنى أمماً
أنحى الزمان عليها بالأباطيل
طال الرجاء فعافت كل تسليةٍ
من الأساة وملت كل تعليل
إكشف لنا من خفايا الغيب ما كتمت
حجب الحوادث من مرخًى ومسدول
إني أرى الأمر قد لاحت مخايله
في صادقٍ من عهود الله مسؤول
يمشي النبي به والآل هاتفةٌ
والروح ما بين تكبير وتهليل
سارٍ من الوحي من ينكر جلالته
يكشف له الله عن روعات جبريل
من يمنع الأمر يقضي الله واقعه
ويدفع الحق من وحيٍ وتنزيل
يا داعي اليأس يرجو أن يروعنا
أنظر إلى الآي هل ريعت بتبديل
ماذا يريبك إذ تبغي بنا شططاً
من موعدٍ في ذمام الله مكفول
يا أيها العام أطلق من مواقفنا
في مصر كل أسير الساح مكبول
واسأل منابرها العليا أما رجفت
لما هوى الدهر بالغر البهاليل
كانوا المصاقع يهدي كل معتسفٍ
ما ينطقون ويشفي كل مخبول
إذا استهلوا بها ارتجت جوانبها
وارتجت الأرض ذات العرض والطول
لا يعرف الناس هل جاءوا ببينةٍ
من رائع القول أم جاءوا بإنجيل
الأنبياء ورسل الله نعرفهم
أوفى الهداة وأولاهم بتفضيل
أوتوا اليقين فلم تخذل لهم هممٌ
لم تبق في الأرض جيشاً غير مخذول
تساقطت لهم التيجان من رهبٍ
عن المعاقد من واهٍ ومحلول
مراتب الفضل لم تقدر لذي خورٍ
ولم تتح لضعيف البأس إجفيل
والحق لولا الأنوف الشم ترفعه
علاه كل وضيع النفس مرذول
لولا العزائم لم تظفر بمنقبةٍ
يدٌ ولم تغتبط نفسٌ بتبجيل
إن السيوف ليمضى كل ذي شطبٍ
في الروع منها وينبو كل مفلول
سن النبي لنا أيام هجرته
من صادق العزم شرعاً غير مجهول
مضى على الحق لم تعصف بهمته
ريح الضلال ولم يحفل بتهويل
غيظت قريش فهاجت كل منصلتٍ
ذي ساعدٍ يقطع الهندي مفتول
يبغون بالقتل مقداماً يصول على
دينٍ لهم في حمى الأصنام مقتول
لا يرهب الناس إن قلوا وإن كثروا
في مطلبٍ جللٍ لله أو سول
رام المدينة جم العزم يبعثه
قضاء أمرٍ لرب الناس مفعول
فاستعصم الغار واستعلت جوانبه
بعصمة الليث والأشبال والغيل
لما رأى غمرة الصديق كشفها
بمشرقٍ من بيان الله مصقول
فثابت النفس وارتد اليقين بها
وانجاب ما كان من ظن وتخييل
واسترسلت برسول الله همته
ترمي الصعاب وتلوي بالعراقيل
يزجي الضلال سراياه فيضربه
بصارمٍ في يمين الله مسلول
حتى علا الحق في الآفاق واطردت
بيض الشرائع تهدي كل ضليل
واستجمع الخير يمشي بعد مصرعه
على دمٍ من دعاة الشر مطلول
مدوا من الغي حبلاً رده بيدٍ
غالت قواه فأمسى غير موصول
رمى الملوك فلم تترك نوافذه
منهم لدى الكر شلواً غير مأكول
يهد عرشاً بعرشٍ طار قيصره
عنه ويقذف إكليلاً بإكليل
النفس تغلب إن صحت عزيمتها
فتك الجيوش وتدمير الأساطيل
ولن ينال مصون المجد طالبه
إلا بغالٍ من الأعلاق مبذول
ما أبعد النجع عمن لا مضاء له
وأضيع الأمر بين القال والقيل
الناس شعبان شعبٌ كله عملٌ
يبغي الحياة وشعبٌ كالتماثيل
يا حجةً وقفت مصر تودعها
خذي مكانك خلف الدهر أو زولي
كم فادحٍ فيك لولا ما يؤيدنا
من قوة الله أضحى غير محمول
لم تتركي منزلاً آمناً ولم تدعي
لمدمن الخوف عيشاً غير مملول
ما تبصر العين من شيءٍ يلوح لها
إلا رأت عنده تمثال عزريل
إذا المنايا ارتمت حيرى أهاب لها
تهدار حادٍ على الآجال مدلول
ما أطلق الحتف إلا انساب في أجلٍ
مصفدٍ في يد الأقدار مغلول
نفسٌ تطير وأخرى لا قرار لها
إلا على عدةٍ ترجى وتأميل
يدعو اللهيف لحقٍ لا مجير له
نائي الحماة إلى الديان موكول
لا يبصر الرشد في أمرٍ يدبره
ولا يفيء إلى رأيٍ ومعقول
عادٍ من الخطب لم تسكن روائعه
عن ذاهلٍ من بني مصرٍ ومشغول
لم ننس مصر ولم يخدع عزائمنا
ما حدثونا عن العنقاء والغول
سرنا على النهج نبغي خطةً رشداً
تمحو الظنون وتنفي كل تأويل
لا مطلب المجد بدعاً في الشعوب ولا
ذو الحق في سعيه يوماً بمعذول
من علم القوم أن الحق يدفعه
زور الأقاويل أو سوء الأفاعيل
قالوا أقاطيع يغشى الذل جانبها
فاهتاجت الأسد تحمي عزة النيل
وأقبلت مصر يمشي أهلها زمراً
من حاشدين ومن شتى أبابيل
تهذي الرياحين من غضٍ ومن خضلٍ
مضمخٍ بدموع الغيد مطلول
لم تبق في خدرها بيضاء ناعمةٌ
من العذارى ولا العوذ المطافيل
تلهب البأس إذ خفت عقائلها
بين الأساور منها والخلاخيل
ينشدن من رائعات الآي مطربةً
يزدنها حسن ترديدٍ وترتيل
يهتفن مصر ومصر كل منجبةٍ
ومنجبٍ من بنيها غير مفضول
وما الممالك إلا العاملون لها
من ناضلٍ في مراضيها ومنضول
من كان يحذر تنكيل الخطوب به
لا يبرح الدهر مفجوعاً بتنكيل
قالوا السلام فهز الكون صارخهم
عن منهلٍ بدم الأبطال معلول
واسترسلت ترفع النجوى وتنفثها
أيدي اليتامى وأفواه المراميل
وبشرونا بما سن الرئيس لنا
من شرعةٍ ذات تبيانٍ وتفصيل
وغالطوا الدهر فيما حدثوه به
حتى انقضى بين تفويضٍ وتوكيل
لا يصعب الأمر يوهي الشعب جانبه
بمنكبيه ويرميه بتذليل
اليوم يعطف أحرار الشعوب على
وعدٍ لمصر بعيد العهد ممطول
لو قيل يوم يقوم الناس موعدنا
قالوا مساريع راعونا بتعجيل
الله يمنع ما شاءت عنايته
ألا يباح ويأبى كل مدخول
أنظر إلى البيت هل ضاعت محارمه
لما أغار عليه صاحب الفيل
رماه بالطير ملء الجو مسرعةً
تهوي إليه وترميه بسجيل
إنا لعمر الألى ظنوا الظنون بنا
لا بالضعاف ولا القوم التنابيل
نسمو إلى الشرف الأعلى ويرفعنا
مجدٌ لنا لم نزده غير تأثيل
راسٍ على الدهر إن جاشت زلازله
تطوي الجبال وترميها بتحويل
نصون مصر ونحميها بما علمت
من الدروع الغوالي والسرابيل
تلك القلوب التي ترعى ودائعها
من كل صبٍ بها حران متبول
يرتد أمضى الظبي عنها وإن عبثت
بها الهموم فأمست كالغرابيل
لم يبرح الوجد يطغى في جوانبها
حتى رماها بداءٍ ذي عقابيل
يا مصر عامك عام الخير فارتقبي
فيه المنى وثقي منه بتنويل
الله خولك النعمى التي عظمت
هل يسلب الله نعمى بعد تخويل
ما أخلف الله من وعدٍ ولا كذبت
آمال شعبٍ بلطف الله مشمول