حي الخليل وطف بتلك الدار

حي الخليل وطف بتلك الدار

​حي الخليل وطف بتلك الدار​ المؤلف أحمد محرم


حي الخليل وطف بتلك الدار
حياة رب البيت ذي الأستار
إن التحية والسلام لمؤمنٍ
عالي المواقف راجح المقدار
لا ريع سربك من كمي باسلٍ
يرجي ليوم كريهةٍ ومغار
خضت الخطوب لأجل مصر مخوفةً
من كل أرعن هائل التيار
وقضيت في برلين حق شهيدها
فقضيت حق الله والمختار
سد القضاء عليه أقطار الدنى
ففتحت عنه مغالق الأقطار
ونهضت عن شعب الكنانة كله
بالأمر فرداً غير ذي أنصار
نصرتك همة ماجدٍ لولا التقى
لظننتها قدراً من الأقدار
والمرء إن طلب الأمور بهمةٍ
لم يعيه وطرٌ من الأوطار
ويح التي أكل النسور وليدها
ومضت محلقةً بكل مطار
قذفت به دار الجهاد إلى التي
ما بعدها لمجاهدٍ من دار
تهب الحياة لمن يجيء بشلوه
وتراه عين الفارس المغوار
أو ما رأت صنع الخليل فأكبرت
في العالمين جليل صنع الباري
جعل العناية والقضاء بأسره
عون الكرام ونجدة الأحرار
فإذا سعوا جرت الحوادث طوعهم
وإذا مشوا وقف القضاء الجاري
هزي لنصرتك الخليل وهيجي
فيه مضاء الصارم البتار
من ليس للجلى سواه وما له
في الصالحات الباقيات مبار
يحمي الحقيقة والذمار وما الفتى
إلا رهين حقيقةٍ وذمار
فإذا هما ذهبا تهدم حوضه
وأقام رهن مذلةٍ وصغار
والمرء تأخذه الخطوب بظلمها
فيموت أو يحيا حياة العار
والناس بين محقرين أصاغرٍ
ومعظمين من الرجال كبار
لولا الحمية في النفوس تثيرها
هتك الكلاب حمى الهزبر الضاري
وعفت من الدنيا الفضائل وانمحت
أعقابها وبقية الآثار
ولما رأيت العرض إلا سلعةً
تزجي وتدفعها يمين الشاري
فإذا الحياة غياهبٌ مسودةٌ
يشقى الدليل بها ويعيا الساري
وإذا النفوس لما تذوق من الأذى
حرى الشكاة على الحياة زواري
قل للخليل صدقت قومك عهدهم
ورعيت مصر رعاية الأبرار
وشفيت وجد شهيدها وحبوته
فيها بدار إقامةٍ وقرار
شغفت به واهتاج من برحائه
شوقٌ إليها في الجوانح وار
فطويت ما يشكو المشوق من النوى
وجمعت بين الصب والمزدار
مصر الحياة لكل ذي شغفٍ جرى
في العاشقين فطاح في المضمار
إني لأعلم والمحبة محنةٌ
أن النفوس لمن تحب عواري
تبقى وتؤخذ ما أراد وما أبى
لا شيء غير تحكمٍ وخيار
قالوا أخٌ لأبي الشهيد وأمه
أم من ذوي القربى أم الأصهار
ما كنت إلا الحر يحفظ قومه
والحر صاحب ذمةٍ وجوار
والحق إن ترك المليء قضاءه
ضاقت عليه منادح الأعذار
إن الفقير إلى الحياة لمن يرى
أن الحياة بثروةٍ وعقار
المال للرجل الكريم ذرائعٌ
يبغي بهن جلائل الأخطار
والناس شتى في الخلال وخيرهم
من كان ذا فضلٍ وذا إيثار
بوركت أنت كتبت أبلغ آيةٍ
للمسلمين بسائر الأمصار
ونسخت ما كتب الذين تقدموا
من ترهات الكتب والأسفار
كانوا إذا لوت النفوس عن الندى
سعة الغنى قالوا نفوس تجار
أوتيت ملك الحمد غير مدافعٍ
ولبست تاجي سؤددٍ وفخار
ورزقت ميراث النوابغ كلهم
فيما ورثت اليوم من أشعاري
أطريت أبلج من غطارف يعرب
ومدحت أروع من شيوخ نزار
أطلبت من حاجات نفسك مأرباً
أم كنت في برلين طالب ثار
هممٌ مضت في الغابرين وأمةٌ
ما بيننا منها سوى الأخبار
المسلمون الأولون بغيطةٍ
والشرق في فرحٍ وفي استبشار
جددت من ذكر الصحابة ما انطوى
ورفعت ذكرك في بني النجار
وأعدت من عصر النبوة ما مضى
لما أعدت لنا حديث الغار
ثقة الممالك بالرجال وحبها
وقفٌ على أبنائها الأخيار
والمرء في الدنيا العريضة سعيه
فبدار للسعي الجميل بدار