حي الربيع تحية المستقبل

حَيِّ الرّبيعَ تحيّة َ المستقبلِ

​حَيِّ الرّبيعَ تحيّة َ المستقبلِ​ المؤلف كشاجم


حَيِّ الرّبيعَ تحيّةَ المستقبلِ
أهدى لنا غيماً بغيثٍ مُسْبَلِ
متكاثفُ الأَنواء مغتدقُ الحَيَا
هَطِلُ النّدى هَزِجُ الرعودِ بجلجلِ
جاءَتْ بعزلِ الجَدْبِ فيهِ وبشّرَتْ
بالخصبِ أنواءُ السّماكِ الأَعَزلِ
في ليلةٍ حجَبَ السماءَ نجومَهَا
وكأَنَّما أفَلَتْ ولّما تأفُلِ
والبدرُ في خَلَلِ الغمامِ كأَنَّهُ
قبسٌ يُضِيءُ وراءَ سترٍ مُسْبَلِ
وكأنَّ لَمْعَ البرقِ في جنبَاتِهِ
كَفُّ الشّجاعِ تهزُّ مَتْنَ المُنْصلِ
يَدْنُو فيسحَبُ للرّياضِ معانقاً
طوراً ويقطعُهُ هُبابُ الشّمأَلِ
كالصَبِّ هَمّ بقبلةٍ حتّى إذا
لَحَظَتْهُ عينُ رقيبهِ لم يفعَلِ
فامنَحْ أخاكَ الغيثَ وَجْهَ طلاقةٍ
والقَ الرّبيعَ بأُنسِهِ وتَهَلّلِ
واعرفْ لهْ حَقَّ القدومِ بقَهْوةٍ
عذراءَ تُمْزَج بالزّلالِ السَّلْسَلِ
صهباءُ تُمْزَجُ بالهلالِ ويُتَّقَى
منها أليمُ القتلِ إن لم تَقْتُلِ
كالخدِّ لاَقَتْهُ العيونُ فَعَصْفَرَتْ
مُبيَضَّ وجنَتِهِ بلحظةِ مُخجِلِ
من كفَّ مَيّاسِ القوامِ كأَنَّه
ريحانَةٌ ريّانَةٌ المُتَقَبّلِ
كَمُلَتْ تَرائِبُهُ فَبَانَ كلامُهُ
للسمعِ من جسدٍ خفيفٍ المحمَلِ
خلخالهُ في نحرِ هِوَ لِسانُهُ
في أذنِهِ وجَبِينُهُ من أسفَلِ
هزج يخفُّ على الأكفّ ولفظُهُ
يعلوا بتليفِ الثّقيلِ الأَوَّلِ
فكأَنَّما شخصً الغريضِ ممّثلٌ
في العودِ أو سَلَكَتْهُ روحُ الموصِلي
لا سيّما إنّ حَثَّ من أصواتِهِ
صوتاً يُصَابُ بهِ مكانُ المَقْتَلِ
يا أختَ ناجيةَ السلامُ عليكُمُ
قبلَ الرّحيلِ وقبلَ لومِ العُذَّلِ
فاشرَبْ على نَغَمَاتِهِ من كَفّهِ
وَاجْلُ الصّبَابَةَ بالمُدامَةِ تنجلِي