حي العزيمة والشبابا

​حي العزيمة والشبابا​ المؤلف جبران خليل جبران


حي العزيمة والشبابا
والفتية النضر الصلابا
التاركين لغيرهم
نزق الطفولة والدعاب

الجاعلي بيروت وهي الثغر للعلياء بابا


الطالبين من المظنات
الحقيقة والصوابا
البالغين زهى القشور
المشترين به لبابا

آدابهم تأبى بغير التم فيها أن تعابا


أخلاقهم من جوهر
صاف تنزه أن يشابا
نياتهم نيات صدق
تأنف المجد الكذابا
آراؤهم آراء أشيا
خ وإن كانوا شبابا
مهما يلوا من منصب الأعمال
يوفوه النصابا
والمتقن المجواد يرضى
الله عنه والصحابا
انظر إلى تمثيلهم
أفما ترى عجبا عجابا
فاقوا به المتْفوقي
ن وأدركوا منه الحبابا
أسمعت حسن أدائهم
إما سؤالا أو جوابا
أشهدت من إيمائهم
ما يجعل البعد اقترابا
أشجتك رنات بها
نبروا وقد فصلوا الخطابا
قد أبدعوا حتى أرونا
جابرة العثرات آبا

حيا كما لقي النعيم بعزة لقي العذابا


لا تستبين به سرورا
إن نظرت ولا اكتئابا
ما إن يبالي حادثا
من حادثات الدهر نابا
يقضي الرغائب باذلا
فيها نفائسه الرغابا

يخفي مبرته ويجبر أن يبوح بها فيأبى


لا ينثني يوما عن الإحسان
لو ساء انقلابا
وتحولت يده إلى
أحشائه ظفرا ونابا
هن الخلائق قد يكن
بطون خبت أو هضابا
والنفس حيث جعلتها
فابلغ إذا شئت السحابا
أو جار في أمن خشاش
الأرض تنسحب انسحابا

كن جوهرا مما يمحص باللظى أو كن ترابا


ليسا سواء هابط
وهيا ومنقض شهابا
البين محتوم وآلمه
إذا ما المرء هابا
والطبع إن روضته
ذللت بالطبع الصعابا
لا تؤخذ الدنيا اجتدا
تؤخذ الدنيا غلابا

راجع ضميرك ما استطعت ولا تهادنه عتابا


طوبى لمن لم يمض في
غي تبينه فتابا
الوزر مغفور وقد
صدق المفرط إذ أنابا
يا منشئا هذي الرواية
إن رأيك قد أصابا
باللفظ والمعنى لقد
سالت مواردها عذابا

حقا أجدت وأنت أحرى من أجاد بأن تثابا

وأفدت فالمحمول فيها طاب والموضوع طابا

يكفيك فضلا أن عمرت بها من الذكرى خرابا


يا حسن ما يروى إذا
أروى معينا لا سرابا
أذكرت مجدا لم تزل
تحدو به السير الركابا
وعظائما للشرق قد
أعنت من الغرب الرقابا
خفض الجناح لها العدى
وعلا الولاة بها جنابا

مشت على الأسناد في الروم المطهمة العرابا

وبمسرجيها الفاتحين أضاقت الدنيا رحابا

آيات عز خلدت صحف الزمان لها كتابا


يا قومي التاريخ لا
بألو الذين مضوا حسابا
ويظل قبل النشر يوسعهم
ثوابا أو عقابا

من رابه بعث فهذا البعث لم يدع ارتيابا


فإذا عنينا بالحياة
خلا ألطعام أو الشرابا

وإذا تبينا المسيرة لا طريقا بل عبابا


فلنقض من حق الحمى
ما ليس يألوه ارتقاب
ويح امرئ رجاه موطنه
لمحمدة فخابا
أعلى احتساب بذل من
لبى ولم يبغ احتسابا

إنا ومطلبنا أقل الحق لا تغلو طلابا


تدعو الوفي إلى الحفاظ
وتكبر التقصير عابا
ونقول كن نصلا به
تسطو الحية لا قرابا
ونقول دع فخرا يكاد
صداه يوسعنا سبابا
آباؤنا كانوا . . . وإنا
أشرف الأمم انتسابا
هل ذاك مغنينا إذا
لم نكمل المجد اكتسابا

يا نخبة ملكوا التجلة في فؤادي والحبابا

ورأو كرأيي أمثل الخطط التآلف والربابا


لله فيكم من دعا
للصالحات ومن أجابا