الفرق بين المراجعتين لصفحة: «موافقات الشاطبي - الجزء الأول»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
OKBOT (نقاش | مساهمات)
ط تدقيق إملائي. 37 كلمة مستهدفة حالياً.
OKBOT (نقاش | مساهمات)
ط تدقيق إملائي. 64 كلمة مستهدفة حالياً.
سطر 14:
23 العقل ويقصر عن بث معشارة اللسان ايرادا يميز المشهور من الشاذ ويحقق مراتب العوام والخواص والجماهير والأفذاذ ويوفي حق المقلد والمجتهد والسالك والمربي والتلميذ والأستاذ على مقاديرهم في الغباوة والذكاء والتواني والإجتهاد والقصور والنفاذ وينزل كلا منهم منزلته حيث حل ويبصره في مقامه الخاص به بما دق وجل ويحمله فيه على الوسط الذي هو مجال العدل والإعتدال ويأخذ بالمختلفين على طريق مستقيم بين الإستصعاد والإستنزال ليخرجوا من انحرافي التشدد والإنحلال وطرفي التناقض والمحال فله الحمد كما يجب لجلاله وله الشكر على جميل إنعامه وجزيل إفضاله ولما بدأ من مكنون السر ما بدا ووفق الله الكريم لما شاء منه وهدى لم ازل اقيد من اوابده واضم من شوارده تفاصيل وجملا واسواق من شواهده في مصادر الحكم وموارده مبينا لا مجملا معتمدا على الاستقراآت الكلية غير مقتصر على الافراد الجزئية ومبينا اصولها النقلية بأطراف من القضايا العقلية حسبما اعطته الاستطاعة والمنة في بيان مقاصد الكتاب والسنة ثم استخرت الله تعالى في نظم تلك الفرائد وجمع تلك الفوائد إلى تراجم تردها إلى اصوالها وتكون عونا على تعقلها وتحصيلها فانضمت إلى تراجم الاصول الفقهية وانتظمت في اسلاكها السنية البهية فصار كتابا منحصرا في خمسة اقسام الاول في المقدمات العلمية المحتاج اليها في تمهيد المقصود والثاني في الأحكام وما يتعلق بها من حيث تصورها والحكم بها أو عليها كانت من خطاب الوضع أو من خطاب التكليف والثالث في المقاصد الشرعية في الشريعة وما يتعلق بها من الأحكام والرابع في حصر الأدلة الشرعية وبيان ما ينضاف إلى ذلك فيها على الجملة وعلى التفصيل وذكر مآخذها وعلى أي
24 وجه يحكم بها على أفعال المكلفين والخامس في أحكام الإجتهاد والتقليد والمتصفين بكل واحد منهما وما يتعلق بذلك من التعارض والترجيح والسؤال والجواب وفي كل قسم من هذه الأقسام مسائل وتمهيدات وأطراف وتفصيلات يتقرر بها الغرض المطلوب ويقرب بسببها تحصيله للقلوب ولأجل ما أودع فيه من الأسرار التكليفية المتعلقة بهذه الشريعة الحنيفية سميته بعنوان التعريف بأسرار التكليف ثم انتقلت عن هذه السيماء لسند غريب يقضي العجب منه الفطن الأريب وحاصله أني لقيت يوما بعض الشيوخ الذين أحللتهم مني محل الإفادة وجعلت مجالسهم العلمية محطا للرحل ومناخا للوفادة وقد شرعت في ترتيب الكتاب وتصنيفه ونابذت الشواغل دون تهذيبه وتأليفه فقال لي رأيتك البارحة في النوم وفي يدك كتاب ألفته فسألتك عنه فأخبرتني أنه كتاب الموافقات قال فكنت أسألك عن معنى هذه التسمية الظريفة فتخبرني أنك وفقت به بين مذهبي ابن القاسم وأبي حنيفة فقلت له لقد أصبتم الغرض بسهم من الرؤيا الصالحة مصيب وأخذتم من المبشرات النبوية بجزء صالح ونصيب فإني شرعت في تأليف هذه المعاني عازما على تأسيس تلك المباني فإنها الأصول المعتبرة عند العلماء والقواعد المبني عليها عند القدماء فعجب الشيخ من غرابة هذا الإتفاق كما عجبت أنا من ركوب هذه المفازة وصحبة هذه الرفاق ليكون أيها الخل الصفي والصديق الوفي هذا الكتاب عونا لك في سلوك الطريق وشارحا لمعاني الوفاق والتوفيق لا ليكون عمدتك في كل تحقق وتحقيق ومرجعك في جميع ما يعن لك من تصور وتصديق إذ قد صار علما من جملة العلوم ورسما كسائر الرسوم وموردا لاختلاف العقول وتعارض الفهوم لا جرم أنه قرب عليك في المسير وأعلمك كيف ترقى في علوم الشريعة وإلى أين تسير ووقف بك من الطريق السابلة على
25 الظهر وخطب لك عرائس الحكمة ثم وهب لك المهر فقدم قدم عزمك فإذا أنت بحول الله قد وصلت وأقبل على ما قبلك منه فها أنت إن شاء الله قد فزت بما حصلت وإياك وإقدام الجبان والوقوف مع الطرق الحسان والإخلاد إلى مجرد التصميم من غير بيان وفارق وهد التقليد راقيا إلى يفاع الإستبصار وتمسك من هديك بهمة تتمكن بها من المدافعة والإستنصار إذا تطلعت الأسئلة الضعيفة والشبه القصار وألبس التقوى شعارا والإتصاف بالإنصاف دثارا واجعل طلب الحق لك نحلة والإعتراف به لأهله ملة لا تملك قلبك عوارض الأغراض ولا تغر جوهرة قصدك طوارق الإعراض وقف وقفة المتخيرين لا وقفة المتحيرين إلا إذا اشتبهت المطالب ولم يلح وجه المطلوب للطالب فلا عليك من الإحجام وإن لج الخصوم فالواقع في حمى المشتبهات هو المخصوم والواقف دونها هو الراسخ المعصوم وإنما العار والشنار على من اقتحم المناهي فأوردته النار لا ترد مشرع العصبية ولا تأنف من الإذعان إذا لاح وجه القضية أنفة ذوي النفوس العصية فذلك مرعى لسوامها وبيل وصدود عن سواء السبيل فإن عارضك دون هذا الكتاب عارض الإنكار وعمي عنك وجه الإختراع فيه والإبتكار وغر الظان أنه شىء ما سمع بمثله ولا ألف في العلوم الشرعية الأصلية أو الفرعية ما نسج على منواله أو شكل بشكله وحسبك من شر سماعه ومن كل بدع في الشريعة ابتداعه فلا تلتفت إلى الأشكال دون إختباراختبار ولا ترم بمظنة الفائدة على غير اعتبار فإنه بحمد الله أمر قررته الآيات والأخبار وشد معاقده السلف الأخيار ورسم معالمه العلماء الأحبار وشيد أركانه أنظار النظار وإذا وضح السبيل لم يجب الإنكار ووجب قبول ما حواه والإعتبار بصحة ما أبداه والإقرار حاشا ما يطرأ على البشر من الخطأ والزلل
26 ويطرق صحة أفكارهم من العلل فالسعيد من عدت سقطاته والعالم من قلت غلطاته وعند ذلك فحق على الناظر المتأمل إذا وجد فيه نقصا أن يكمل وليحسن الظن بمن حالف الليالي والأيام واستبدل التعب بالراحة والسهر بالمنام حتى أهدى إليه نتيجة عمره ووهب له يتيمة دهره فقد ألقى إليه مقاليد ما لديه وطوقه طوق الأمانة التي في يديه وخرج عن عهدة البيان فيما وجب عليه وإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرىء ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه جعلنا الله من العاملين بما علمنا وأعاننا على تفهيم ما فهمنا ووهب لنا علما نافعا يبلعنا رضاه وعملا زاكيا يكون عدة لنا يوم نلقاه إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير وها أنا أشرع في بيان الغرض المقصود وآخذ في انجاز ذلك الموعود والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
27 مقدمات المؤلف